أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - خالد الكيلاني - خالد الكيلاني يكتب : زي النهاردة من 5 سنوات














المزيد.....

خالد الكيلاني يكتب : زي النهاردة من 5 سنوات


خالد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 5060 - 2016 / 1 / 30 - 17:25
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


صباح يوم الأحد 30 يناير2011 كان ميدان التحرير وبقية الميادين قد استولت عليها تقريباً جماعات الإخوان والسلفيين وكل أصحاب اللحي الطويلة ، ولكننا لم نكن كنا قد استوعبنا حتى تلك اللحظة حجم المؤامرة التي تتعرض لها مصر ، وحجم الصفقة الأمريكية الصهيونية التي تم الإتفاق عليها مع قادة وأمراء ومقاولي أنفار هؤلاء الذين يملئون الميدان ، والذين تم شحنهم في عدد كبير من الأوتوبيسات من كل حدب وصوب ... كان صباحاً دافئاً مشمساً عندما دلفت إلى ميدان التحرير حوالي الحادية عشرة صباحاً ، جماعات قليلة لا يزيد عددها عن 300 أو 400 فرد تتحلق حول مجموعات صغيرة ممسكة بمايكروفون كان هو حال ميدان التحرير ذلك الوقت المبكر ، بعض تلك المايكروفونات يذيع أغاني عبد الحليم وشادية الوطنية ، وبعضها يذيع أغاني الشيخ إمام ، والقليل جداً كان يبث خطب كشك أو بعض الهتافات .
لفت نظري مجموعة كانت في شارع ميريت بالقرب من المتحف المصري ، من الجانب الذي به المتحف ، كانت تتحلق حول ثلاثة يعتلون إحدى الطاولات ، ويمسك أحدهم بالمايكروفون ويخطب بحماس شديد ، اقتربت منهم لأستمع لما يقولون ، فوجدت الشخص الذي يقف في المنتصف فوق الطاولة يحشد المتواجدين في الميدان للتوجه يساراً لاقتحام ماسبيرو ، ويميناً لاقتحام قصر عابدين ، وبعد لحظات وصراخ ومقاطعات من الجماهير كان يبدو عليهم أنهم قد استقروا على أولوية اقتحام ماسبيرو ... ولأول مرة أشعر بالخطر الحقيقي منذ انطلاق الثورة يوم 25 يناير ، فأنا أعلم أن قوات الحرس الجمهوري والصاعقة والمظلات التي تقوم بحراسة مبنى الإذاعة والتليفزيون لن تسمح باقتحام المبنى مهما كانت النتائج ، ومهما كانت أعداد الضحايا ، كما لن تسلم قوات الحرس الجمهوري أيضا باقتحام قصر عابدين ، الذي هو واحد من أهم رموز الدولة ورئاسة الجمهورية ، وفي كل ذلك كان ماثلاً في أذهاني الضحايا الذين راحوا أول أمس ( في 28 يناير ) في محاولة اقتحام وزارة الداخلية ، على بعد خطوات من ميدان التحرير .
شعرت أن هناك الكثير من الدماء سوف تسيل لو استجابت الجماهير المعتصمة في التحرير لهذا التحريض الأخرق الصادر من مجموعة من الحمقى أو المغرضين .
بصعوبة شديدة اخترقت الحشود المتراصة حول هذه المنصة إلى أن وصلت إلى أسفل تلك الطاولة التي يعتليها هؤلاء الثلاثة ذوي اللحي التي تشبه المقشات ، وطلبت منهم بصوت عالي مبحوح - من كثرة الزعيق - الحديث في المايكروفون ، فنظر لي الثلاثة ببلاهة واندهاش ، بينما حالت مجموعة من أصاب اللحي يقفون متشابكي الأيدي حول تلك المنصة من الاقتراب منها ، لكنني لم أيأس من محاولات إقناعهم بالحديث ، إلى أن التفت لي أحد الثلاثة الواقفين على المنصة ومال إلى الأسفل وأشار لي ، فأفسح الرجال متشابكي الأيدي لي الطريق حتى يستطيع رجل المنصة أن يحادثني ، سألني هل أنت فلان . قلت له نعم ، قال أنا أقرأ لك وأشاهدك في التليفزيون ، وانتصب واقفاً وهمس في أذن الرجل الكبير الذي أشار لي بالصعود مبرراً للحشد الكبير إعطائي المايكروفون بجملة واحدة استغل فيها جهلهم بشخصي وأفكاري ، وبالطبع جهله هو أيضاً بذلك : ده معانا يا جماعة ، ده معانا يا جماعة ... والحقيقة أنني لم أكن معهم منذ وعيت للعالم في يوم من الأيام .
صعدت إلى المنصة وأمسكت بالمايكروفون ، وكنت أعلم أن أمامي مهمة صعبة هي محاولة إقناع مجموعات من المشحونين الغوغاء المختلفين معي أيديولوجياً بعكس ما أقنعهم به زعيم من بينهم .
كان لابد من مخاطبتهم بهدوء وحكمة وبنفس الطريقة التي يفكرون بها ، والأهم بشكل مختلف عن زعيق زعماؤهم في المايكروفونات بقال الله وقال الرسول ( بما لم يقله الرسول صلى الله عليه وسلم ) ... وعندما أمسكت بالمايكروفون وعرفتهم بنفسي سمعت همهمات بأصوات خفيضة بأنني أعمل في صحافة السلطة ، فاضطررت لتعريفهم بنفسي وبمواقفي أكثر فأصابهم الخجل واستمعوا لي .
بدأت حديثي لهم بتساؤل مهم ، لماذا تريدون اقتحام قصر عابدين ؟ وسكت منتظراً الإجابة التي لم تأت منهم ، فأجبت أنا : هل مبارك في عابدين ؟ ، بالطبع لا فمبارك ليس في عابدين ، ولكنه في قصر العروبة ، اذهبوا إليه هناك إن استطعتم ، سكتوا جميعاً وكأن على رؤوسهم الطير ، فقد كان معظم المتحملقين حول هذه المنصة من جماعات الإخوان والمتأسلمين ، وهم أجبن بكثير من محاولة اقتحام قصر يقيم به مبارك ... عندما لمحت تراجعهم عن فكرة اقتحام قصر عابدين ، كان لابد من استمالتهم واستخدام أكبر قدر من الخداع حتى لا ينفروا من كلامي ، قلت لهم أنا متفق معكم تماماً في فكرة اقتحام ماسبيرو ، ولكنكم تعرفون أن القوات المسلحة تحيط بالتليفزيون ولن تسمح أبداً باقتحامه ، وسيكون هناك المئات من الضحايا وتفشل المحاولة . سكت البعض ، بينما ارتفعت أصوات البعض الأخر تتهمني باتهامات كثيرة أقلها أنني واحد من رجال النظام ، ابتسمت متغاضياً عن اتهامات بعضهم لي ودفاع البعض الأخر عن شخصي ، وقلت لهم لكن هناك مشكلة كبيرة ، توقفوا عن الهمهمة وسألني بعضهم بصوت عالي ، وما هي ، قلت لهم أن هناك خُطة لإخلاء الميدان عن طريق دفعكم من بعض الطيبين حسني النية بالخروج من الميدان والذهاب لقصر عابدين ومبنى الإذاعة والتليفزيون لاقتحامهما ، ولن تستطيعون - مهما كان عددكم - اقتحامهما ، وسوف تعودون بعد سقوط المئات من الضحايا ، لتجدوا الميدان وقد تم احتلاله من قوات الشرطة وأعضاء الحزب الوطني ، ثم أردفت مؤكداً أن هذه معلومات وليست توقعات ... وختمت كلامي بأن الضمانة الوحيدة لاستمرار الثورة هي استمرار بقاءكم في الميدان لا تبرحونه لمكان أخر .
بدا وكأنهم اقتنعوا بوجهة نظري ، خاصة بعدما عززتها بما قلت لهم أنه " معلومات " ، وذهب تحريض زعماؤهم على اقتحام ماسبيرو أدراج الرياح ... وتركتهم مرتاح الضمير بعد أن منعت بكلمات قليلة مذبحة كانت على وشك الوقوع .



#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد الكيلاني يكتب : رسالة مفتوحة لرئيس البرلمان ... الدستور ...
- خالد الكيلاني يكتب : الفن للوطن
- خالد الكيلاني يكتب : ممدوح البلتاجي ضحية صفوت الشريف ورجل مب ...
- خالد الكيلاني يكتب : تحيا مصر العربية
- خالد الكيلاني يكتب : أرجوكم ... لا تغرنكم المظاهر
- خالد الكيلاني يكتب : قصة حوار مع الأمير سعود الفيصل
- هل المطلوب أن يحمي القانون الكذب المتعمد ؟!!!
- بيان صحفي حول ما ورد بتصريحات منسوبة للمستشار زكريا عبد العز ...
- يا ترى إنت فين يا أوباما ( قصة قصيرة لكنها حقيقية )
- خالد الكيلاني يكتب : المجمع العلمي ... الجريمة والعقاب
- الأناضول وما أدراك ما الأناضول
- خالد الكيلاني يكتب : الدفاع عن الله ... والغيرة على الدين
- أكيد فيه حاجة غلط ... بس ليها حل
- خالد الكيلاني يكتب : شهادات استثمار القناة والأمن القومي الم ...
- خالد الكيلاني يكتب : س وج في تمثيلية نتانياهو وحركة - المقاو ...
- تعالى ... بِالْعَجَلْ
- أرجوكم ... كفى مزايدات فقلبي الرقيق لا يحتمل
- عن عبد الحليم قنديل ... أتحدث
- طوبى لمن أهدى إلىَّ عيوبى
- عدلي منصور ... أخر القصيدة كُفر


المزيد.....




- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - خالد الكيلاني - خالد الكيلاني يكتب : زي النهاردة من 5 سنوات