أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد البوزيدي - أضغاث أحلام نائب















المزيد.....

أضغاث أحلام نائب


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5046 - 2016 / 1 / 16 - 11:24
المحور: كتابات ساخرة
    


عتبات الزمن الهارب 2-2016
أضغاث أحلام نائب
مع المغيب تشتد حرارة الهواتف، الشد والجذب والتكهنات ..هنا وهناك حول نتائج التعيين في المنصب السامي ..الجميع يترقب المهدي المنتظر.. لقد سئم الجميع الانتظار
هكذا كان النائب المنتظَر يمني نفسه بالتعيين، وينتظر كل هاتف أنه خلاص من غرفة وعلبة انتظار أغلقت طويلا وبإحكام عجيب.
فجأة رن الهاتف الذي لا يفارق اليد اليسرى..
كان المتصل أحد أصدقائه القدامى من الرباط الذي فاجأه بالقول:
- مبروك عليك التعيين، لقد أصبحت نائبا ونصف
- كيف ونصف ؟
- طبعا كما تعرف النواب درجات، هناك أقل من النائب، والنائب، والنائب ونصف
وحين أعاد السؤال في زحمة التوتر والوقت كان الجواب : لا تذهب بعيدا انت محظوظ جدا ،ومرتب في الدرجة الأولى، مدينة شاطئية وبمركز الولاية والسكن بفيلااا تذل على البحر الابيض المتوسط. وقريب من الطريق السيار الذي يوصل لطنجة.
خرس الرجل وعجز عن شكر رفيقه ونديمه القديم بكلمة تليق بمقام البشرى السعيدة.
حين أنهى المكالمة، كانت الزوجة تقف عند رأسه، لقد فاجأته. فبدورها كانت تنتظر هاتفه وتنتبه لرنينه أكثر من هاتفها التي فضلت وضعه في صمت ابتعادا عن سؤال ماكر من جاراتها حول تعيين زوجها من عدمه.
وضع الهاتف حائرا.. مالعمل ؟ هل الخبر صحيح ؟أم أنه تنبؤات وتوقعات وتكهنات الأبراج التي نشطت وتنشط منذ شهر ونيف وقرب موعد حسمها .
أسرع إلى الموقع الإلكتروني للوزارة ....لا شيء هناك
هرع إلى مواقع النت و الصحافة التي تقرع الأجراس وتحول اليوم غدا .. لا شيء
الصمت الصلد لغة اللحظة .
فكر في الاتصال بأحد.. لم يعرف بمن سيتصل.. حتى صديقه مدير الأكاديمية لم يخبره بشئ وتجنب سؤاله تفاديا للإحراج..
واصلت الهواجس غزوها الرهيب ،
فكر في التحليل قليلا وتدبر الأمر ،صاحبه لن يخبره إلا إذا كان الخبر يقينيا وقريبا من الحقيقة ، وهو المعروف بعلاقاته الواسعة التي تضمن له تقصي أخبار من كل حدب وصوب...لذلك فكر في المرحلة الموالية
إذن الخبر يقين ، من سيخبر أولا؟ وما لخطوات المقبلة ل*تنزيل * الخبر ؟
في نفس الوقت كانت زوجته تفكر في أدوارها المستقبلية ،وهي تهيئ له لباسا يليق باستقباله للمهنئين والكؤوس التي ستفرغ فيها الشاي وأطباق الحلوى الذي اشترتها قبل يومين تحسبا للمفاجأة السارة .
توقعت الزوجة إذن وصول أولى المباركين ،أسرعت إلى المطبخ... سحبت الأواني الجديدة التي لم تستعمل منذ مدة ،وأطباق الحلوى ولم تنس الفواكه وفي نفس الوقت كانت تفكر في اللباس الذي يجب أن ترتديه أمام المهنئين نساء ورجالا ..
دارت بها الأفكار بعيدا.. ستصبح زوجة النائب ،وطبعا ستوب عنه في أشياء عدة ليس أقلها الجواب عن الهاتف حين يكون في الحمام ليجدد حلاقة ذقنه كل صباح ليبدو بحلة أنيقة وجديدة كل مطلع شمس تجعل الواقف أو الجالس أمامه يتأمل خلق الله والأناقة التي يظهر بها.
السيد *النائب* احتار وشرع يضع سيناريوهات عدة ،هل سيخبر أحدا ،لا داعي للتسرع ،هل يسربها إلى صديقه لينشرها في الفايس بوك مهنئا ومغيظا لخصومه الذين سيفرحون لمغادرته المكان وإن كانوا حزينين على الترقي المهني ، وحينذاك ستتهاطل التهاني من كل حدب وصوب ،هل سيخبر أمه العزيزة التي كان يتصل بها كل يوم لتدعو له بالنجاح في المباراة على أساس أن دعاء الوالدين مستجاب وليس بينه وبين الله حجاب إسوة بدعوة المظلوم
هل سيخبر رفيقه الحميم في العمل ؟؟
هل سيخبر السلطة ؟ أم هي التي ستخبره ؟
فجأة رن الهاتف، وكان بعيدا عنه، ازدادت دقات القلب بسرعة، وحين وصل له هو والزوجة في نفس الوقت كان الرقم مجهولا ، وكان من طبيعته ألا يجيب على الأرقام المجهولة لكن بدايته ب 0661 جعلته لا يتردد ، وحين قال: آلو بالصيغة الجديدة التي تدرب عليها قبل أيام – فليس آلو المرؤوس ك *آلو* الرئيس – كان الجواب مدهشا حين أكتشف أن المتصل شخص يبحث عن سيدة اسمها الضاوية ..لم يرد بل أغلق الهاتف على الفور خشية أن يتصل أحد في الوقت الذي قد يضيعه مع الشخص ليوبخه على الاتصال بشخص يجهله.
لم ينس الملابس ،فلباس التنصيب جاهز وربطة العنق التي اشتراها حين كان ذاهبا للمباراة كلفته 150 درهما للواحدة خلاف 10 دراهم التي ألفها زمان الوظيفة الأولى .
اطمأن مؤقتا، فهناك لباس احتياطي يذهب به للاستقبالات الرسمية كفيل بالدور القادم ولو لأيام ،ريثما يتم الحسم في النتيجة ليطلب من الخياط في مدينة أخرى إعداد لباس آخر بألوان غير المتواجدة بمدينة التعيين فالتميز في اللباس .
رن الهاتف من جديد وكان صديقا حميما له من البيضاء ،أعاد التأكيد له أن الأخبار المسربة من دوائر القرار تشير إلى تعيينه بمدينة شاطئية صغيرة جميلة على البحر المتوسط.
تأكد الخبر من مصدر آخر...ابتسم ملء شدقيه مثلما ابتسمت الزوجة .
ازدادت الابتسامة حين التوصل بميساج جديد يبارك المنصب ،
غريب... ثلاثة ولا خبر في النت....
فكرت الزوجة في إخبار أمها وأنها أصبحت زوجة النائب، لكنه منعها خشية أن يتسرب الخبر غير المؤكد منه .
ومن ناحية أخرى شرع في التخطيط لما بعد التعيين عبر تساؤلات مفتوحة :
من سيتكلف بجمع الأمتعة؟ ولمن سيسلم الاثاث القديم ؟
ومن سيتكلف بتهيئة المنزل الجديد وفق آخر المواصفات؟ وأين ستدبر الأموال اللازمة لذلك؟
وعلى حين غرة فتح النت فصادف خبر في موقع يؤكد الخبار التي وصلته ، وأنه عين نائبا فعلا بمدينة متوسطية حسب مصادر مطلعة..
هنا ازدادت الاسئلة إحراجا وتفتح ذهنه عن التوقعات المقبلة وشرع في استشراف المستقبل بصيغة المخاطب الغائب وإن كان المخاطب والمتكلم واحد.
• سيدخل النيابة الجديدة دخول الأبطال وسيتودد له الجميع .
• سيستقبله العامل ويقدمه لعلية القوم هناك، وستدوم الفرحة أياما يعرفه فيها القاصي والداني ويأخذون الصور التذكارية معه.
• ستكون تحت إمرته حظيرة سيارات ،وسيحتار في من يتحرك بها بعد الرابعة والنصف مساء ،ومن ستكون المفضلة لديه ليحمل عليها الزوجة في جولة بالمدينة وقضاء العيد عند الأصهار إيذانا بالتسلق الطبقي الواقعي
• قد يكون النائب السابق عين الكاتبة في الكتابة الخاصة، وسيكون مضطرا لتغييرها بالكاتب خوفا من غضب الزوجة .
• ستكون له أجندة مزدحمة مما سيفرض عليه البحث عن يد يمنى ورجل ثقة له ليكلفه بالملفات الكبرى بعيدا عن عمل رؤساء المصالح الذي هو تقني بينما عمله سياسي وتدبيري بالدرجة الأولى، ومن مهامه العلاقات الخاصة والعامة التي تدبر قضاياها في الكواليس بعيدا عن العفوية والعلنية المعروفة .
• سيكون له حاجب خاص يتدبر أمر المشاريع والعلاقات مع المقاولات..
• سيجتمع مع وفود ومكاتب نقابات وجمعيات ومنتخبين ومدراء و.. وسيحتاج لمذكرة ضبط اللقاءات وبمقرر ليذكره بوعود قد يتناساها من كثرة إغداقها على الزائرين .
• سيستدعى من طرف العامل لحضور اللقاءات المختلفة ،حيث يجب عليه ضبط البروتوكول واللباس المناسب لكل يوم، والسيارة وموقعها بين السيارات في زيارات المشاريع التنموية ،ومتى يتكلم؟ لأن الصمت هو القانون العام والفم المطبق لا يدخله ..... .
• سيستدعى للرباط للاجتماع مع الوزير، وكيف يجب أن يسلم عليه ؟ ومتى ؟وماذا سيحمل من هدايا لأهل الرباط الذين سيغدقون عليه كواليس الوزارة من الأخبار والمشاريع ؟؟
• سيستدعى لحفلات عديدة ويجب عليه تعلم أنه أصبح إنسانا عموميا يفترض فيه التحفظ وعدم حضور جميع الدعوات ولو كانت تبدو بسيطة.
• سيصبح رقمه الهاتفي محط الجميع من هنا وهناك، وكيف يجب عليه أن يكون له رقم خاص لا يزعجه فيه أحد حين يغلق الهاتف إذا كان في لقاء عام .
• سيصبح له سائق خاص وسيتحمل أكله وشربه في الطريق،وسيدربه على حمل الهاتف وترتيب اللباس وسط السيارة والرفع من سرعة السيارة لضغط الوقت
• س......
• سسس.......


وهكذا مر زمان وكثرت التخمينات المختلفة.
كان صوت لسانه يعيد حرف السين..مثل وعود قادمة يقدمها لنفسه
فجأة سمع طرق الباب ،تاه مع زوجته، فقد قدروا أن المهنئين بدؤوا بالوصول ولو لم يخبروا عبر الهاتف لتكون المفاجأة؟
مالعمل إذن ؟
انطلق في كنس المكان بسرعة ، وتغيير بدلته المنزلية المعتادة خاصة أن المهنئ قد يكون رقما كبيرا أو صغيرا في البورصات الاجتماعية ، مما يفترض فيه أن يكون في الموعد، فالزيارة كما يدرك جيدا في القاموس الاجتماعي الخاص لا موقع لحسن النية فيها إلا ما ندر ،وغالبا ما تكون حب استطلاع واستكناه وجس نبض الشخص ووسطه الخاص الذي يعيش فيه ليصبح جدول اعمال في اللقاءات المجتمعية الخاصة والعامة بعد ذلك.
أحضرت الزوجة الماء، شرب النائب مبللا حلقه ليكون لسانه جاهزا للكلام والرد على المجاملات المختلفة ،وحين أرادت إحضار الشاي، تذكرت أن الطارق قد تكون زوجة الجيران الذين قد يكون بلغهم الخبر عبر النت، تركت كل شيء وسارعت لارتداء ثوب وحلي تليق بالمناسبة ،وأمرت السيد النائب أن يتحول ويحول ضيوفه المحتملين إلى مكان آخر.
رفض الاقتراح على غير عادته في طلبات الزوجة ، فالأفضل كما قالت أن يجلس الرجال هنا والصالة الأخرى النساء .
تجادل الزوجان في لحظة ازداد فيها الطرق.
ذهب الزوج ليطل من وراء النافذة لحسم الخلاف.
حين قال :شكون . كان الجواب من متسول يطلب صدقة في مساء يومه الجمعة .
حينها أرعد النائب وأزبد، وقبل أن يذهب إلى زوجته ليطمئنها ألا ضيف ثقيل بالباب وأن تأخذ وقتها الكافي في التحضير ، هم بالخروج لينتقم من الطارق الذي أزعجه وكان السبب في أول خلاف مع زوجته بعد الاعلان عن نيابته .
حين هم بالحركة للتوجه نحو المتسول حاملا كل ألفاظ السب والشتم التي سيواجه بها الطارق .تذكر قوله تعالى :وأما السائل فلا تنهر.. اغرورقت عيناه وتخشع كثيرا ، لقد تذكر كيف كان مثل سائر المترشحين وبشكل شفاف يتوسلون بدورهم بين الشخصيات المختلفة والمكاتب والأحزاب والمنتخبين ومسؤولو الوزارة والسلطات لضمان المنصب الذي تحقق له أخيرا...ولم ينهره أحد ...
فكر أن يمنح المتسول الطارق صدقة سمينة لكونه اشترك معه في الصفة أولا وثانيا لأنه أول شخص يطرق الباب بعد إعلانه نائبا.
حاول القيام لإحضار الزرقة الزرقاء من جيبه... تفتحت عيناه واستيقظ من حلم القيلولة على صوت زوجته التي تنبهه للذهاب من أجل إحضار الأطفال من المدرسة.



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلام سنة مضت
- من النائب ؟؟ أنا النائب..
- من دورس *الربيع* العربي
- من وحي الاحلام
- الثقافة والفنادق :أية علاقة ؟؟؟
- نصف يوم في القيروان
- بهاء الحزن
- حين ينهمر المطر
- قراءة في كتاب :بركة الأولياء بحث في المقدس الضرائحي للدكتور ...
- قراءة في كتاب *أضواء على الثقافة العربية في إفريقيا في العصر ...
- قراءة في كتاب *ثقافة الصحراء للدكتورعباس الجراري*
- قراءة في كتاب ثقافة الصحراء : مدارات الهوية والمعنى
- ورحل الفارس المغوار أحمد فؤاد نجم
- هنا عين ذئاب البيضاء
- حكايات من واقع مدهش كلب في المطار
- قراءة في كتاب *قبيلة آيت لحسن القبيلة –التاريخ-المواقف* للدك ...
- قراءة في ديوان* نخيل بابل* للشاعر اسماعيل هموني
- دروس مصر
- حياة قاتمة
- رحيل


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد البوزيدي - أضغاث أحلام نائب