أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - صمت














المزيد.....

صمت


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 5045 - 2016 / 1 / 15 - 19:14
المحور: الادب والفن
    



صباح الأحد يعود الجميع إلى الجامعة بعد نهاية أسبوع في كنف العائلة. كان الباص ممتلئا أكثر من أيام أحد كثيرة أخرى. جلستُ في أحد المقاعد الأمامية قرب النافذة وإلى جانبي جلستْ حقيبتي السوداء.
عندما وقف الباص على المحطة الأخيرة في المدينة، هي محطته، لوهلة، سايرني القلق أن لا يكون هناك، ولكن ذلك تبدّد بسرعة كبيرة إذ لمحته بين الجمع يتهيّأ للصعود. تأمّلته كثيرا. تسلّلتْ فرحةٌ لذيذة في أنحاء جسدي كضوء الصباح الجديد وقلبي رفرف كفراشة بين الزهور. بعد قليل يعودُ كل شيءٍ إلى ما كان عليه من قبل.
منذ صبيحة الخميس لم أسمع منه شيئا. لا رنّة ولا رسالة. مرّ عليّ يومان كألف عام، أنتظر أن أسمع منه شيئا ما، ولكن... لا شيء.
وسط هذا الصمت المشحون بالتوتر، أحسستُ كأنني في امتحان. كم مرة غاص في هذا الصمت المريع، تجاهل، ابتعد، أشعرني بالذنب، تألّمتُ، استسلمتُ، توسّلتُ... تراضينا، عُدنا... وعاد الصّمتُ من جديد؟
هذه المرة، وعدتُ نفسي أن لا أفشل في امتحان الصمت. لم أبعث له أية رسائل، لا تبرير، لا سؤال، لا ترضية، لا غفران.
وها هو الآن، واقفٌ هناك، قرب السائق. أخرج محفظته، دفع، أعاد المحفظة وخطى إلى الداخل. عاودني القلق. تقدّم نحوي. رفعتُ إليه نظري وحاولة أن أخمّن ماذا سيفعل. إنه يعرف تماما أين أجلس. يعرف ذلك دائما.
فجأة، وقبل هُنيهة من وصوله، سمعتُ أحدهم ينادي باسمه، فنظر إلى الجهة الأخرى، ابتسم وجلس إلى جانب فتاة.
غاص قلبي في صدري، كأنّ أنهارا من الحزن تغمره، وتبلّلت عيناي بالدموع.
ألم يرَني؟ أم أنه لا يريد أن يراني؟ هل نسيَ وجودي؟ أم أنه يريد نسياني؟
ماذا يريد بهذا الصّمت؟ إلى ماذا يرمي؟
هاج الغضبُ في قلبي. هذه المرة، لن أنكسر مهما حصل. سأنتصر، على الأقل أمام نفسي، فإن لم أحترم نفسي لن يحترمني أحد.
يريد صمتا؟ سيلقى صمتا.
عندما وصل الباص إلى الجامعة وتوقّف على المحطة، بقيتُ جالسة في مكاني أتأمّل في اللا شيء، وسمحتُ للجميع بالهبوط قبلي. لم تكن بي رغبةٌ في رؤية ولا محادثة أحد.
هبطتُ أخيرة وسلكتُ طريقي إلى داخل البناية. لم أكن أرى شيئا أمامي. تجاهلتُ كل الوجوه المارة أمامي. هبطتُ في سلم الدرجات على عجل، وهناك، في آخر الدرجات، اصطدمتُ بأحد.
توقّفتُ متفاجِئة. رفعتُ نظري إلى وجه الذي اصطدمتُ به. إنه كان هو، بقامته الرفيعة الممشوقة، وقف يحدّق في عينيّ، ملامحه توحي بالأسف، وبيده وردةٌ حمراء.
«إنها لك.» قال وهو يمدّها إليّ كتحية جندي.
تسمّرتُ في مكاني. نظرتُ إلى الوردة وأحسستُ أن وجهي قد فقد كل لون. ثم نظرتُ إلى عينيه فتجمّد قلبي واختنقتْ أنفاسي. عدتُ، والحيرة تنتابني، لأنظر إلى الوردة الحمراء التي وقفتْ بيننا.
من حولنا كان الناس ما يزالون يسيرون، ينظرون، يتعجّبون، يحدّقون ويبتسمون. وقف يرمّقني بنظرة طويلة وأنا تأمّلتُ في الوردة، يعتريني الأسى، لحظات طويلة. وفجأة، أحسستُ أن شيئا ما أهمّ من وردة يقف بيننا كجدار حجري هائل... ثم، دون أن أنظر إلى وجهه مرة أخرى، عاقدة على الصمت، أشحتُ بوجهي... وذهبت.
كفر كما
9.1.16



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدي، التستر والثقة بالآخرين
- مزاج، رجال وفشة خلق
- الزوج المثالي
- خواطر عن العنصرية، العلمانية والتعاطف الإنساني
- أنا شركسي... أنا شركسية
- اختفاء رباب ماردين 28 (الأخيرة)
- شوق مؤجل
- الضمبازا
- اختفاء رباب ماردين 27
- اختفاء رباب ماردين 26
- اختفاء رباب ماردين 25
- اختفاء رباب ماردين 24
- العائد
- انفجار السكوت
- انما للصبر حدود
- مفاجآت على الطريق
- حبيبتي الفيسبوكية
- اختفاء رباب ماردين 23
- اختفاء رباب ماردين 22
- فرحة الولد


المزيد.....




- فيلم -Inside Out 2- يتصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية مح ...
- أحدث المسلسلات والأفلام على المنصات الإلكترونية في العيد
- السعودية: الوصول لـ20 مليون مستفيد ومستمع لترجمة خطبة عيد ال ...
- ولاد رزق 3 وقاضية أفشة يتصدر إرادات شباك التذاكر وعصابة الما ...
- -معطف الريح لم يعمل-!.. إعلام عبري يقدم رواية جديدة عن مقتل ...
- طرد مشاركين من ملتقى تجاري في أوديسا بعد أن طالبوا المحاضر ب ...
- المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها ...
- أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ ...
- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
- كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - صمت