أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - القروية والديمقراطية في السياسة العراقية ح1














المزيد.....

القروية والديمقراطية في السياسة العراقية ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5042 - 2016 / 1 / 12 - 00:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القروية والديمقراطية في السياسة العراقية ح1

منذ أن خرج العراق من إرث الدولة العثمانية باشرت الدولة الجديدة وسلطتها المصنعة بريطانيا أن تنقل تجربة سياسية أو لنقل استنساخ تجربة سابقة لها من موقع أخر للموقع العراقي الجديد , متشجعة في أن شكل البناء السياسي الجديد سيكون رصيدا لها على تحقيق أهدافها البعيدة والقصيرة وبتكلفة أقل من جهة , ومن جهة أخرى أرادت أن يكون النموذج العراقي هو الرائد أيضا مع تجارب مصر والهند لكل المستعمرات البريطانية وبذلك تحافظ على مركزها السياسي والدولي العالمي وتحقيق الهدف الأقتصادي والعسكري الذي خاضت من أجله غمار الحرب العالمية الأولى , فرسمت أولى الخطوات الأساسية لبناء مجتمع مدني ديمقراطي في العراق على أنقاض سنين طويلة من حكم العثمانيين الديني السلفي الذي لم يترك أجزاء الإمبراطورية إلا نثار متهالك وهي تعرف تماما أنها سوف تلاقي الكثير من الصعوبة خاصة من المؤسسة الدينية المتخلفة أيضا والمنساقة مع الأتراك بعنوان الخلافة الإسلامية .
كانت المحاولة البريطانية ناضجة بحكم الخبرة وبحك العقلية السياسية المعروفة عن الإنكليز في بنائهم الدقيق والمتقن وقد سارت الأمور جيدة لولا الخطأ الإستراتيجي الذي وقعت فيه التجربة البريطانية باعتماد ركني الإقطاع والبرجوازية القديمة والجديدة كأساس لهذه المدنية الوافدة , والحقيقة أن البرجوازية المدنية الجديدة لها عوامل وصفات مشتركة مع البرجوازية البريطانية التي قادت الديمقراطية الإنكليزية الحديثة وأسستها على قواعد مادية وعملية واقعية أعتمدت فيه التصنيع وعلاقات العمل والمبدأ القومي , أما الإقطاعية البريطانية فوجدت نفسها منساقة جبرا لهذا الوضع نتيجة قوة الثورة الصناعية وجناحيها المال والصناعة في الوقت الذي خسرت فيها نفوذها الأجتماعي وتأثيرها الديني .
في الوضع العراقي البرجوازية كانت أضعف من أن تقود المجتمع بغياب الصناعة والرأسمالية الوطنية مع اشتداد نفوذ رجال القبائل ورجال الدين الذين كانوا يسيطرون على أكثر من 90% من الشعب العراقي وغياب مؤسسات مدنية وأحزاب ديمقراطية عريقة وحقيقية , وضعف الإدارة الحكومية التي غالبا ما تشكل تحت تأثيرات القوى الرجعية المدعومة إقطاعيا وقبليا ودينيا أجتماعيا , لذا لم تنضج الديمقراطية المدنية في العراق كما في التجربتين الهندية والمصرية لهذه الأسباب الأساسية وأسباب أخرى منها تفكير الملك الذي جلبته بريطانيا ليحكم العراقيين إرضاء للشيعة بأعتباره علويا بالنسب وللسنة بأعتباره سنيا في تعبده لكنه لم يكن بمستوى الأختيار وبقى يتصرف بروح شيخ القبيلة الذي يحاول التوفيق وإرضاء الجميع دون أن يتمكن من إرساء قواعد العمل الديمقراطي المبني على إرادة الشعب .
المشكلة الأساسية التي لم تستطيع الإقطاعية العراقية ورجال القبائل من تجاوزها هو الإحساس والتصرف السلوكي الذي ينبع من قوة علاقة القرية كمكان أجتماعي متصل بقوة التأثير أولا بين أفراد القرية كون العراق أساسا قرية كبيرة لم تتبلور فيه ملامح المدينة العصرية القائمة علاقاتها على أساس واقع قوى العمل وبما تفرضه من قيم تتعدى مسألة سلطة القبيلة والأرض على أفرادها , لقد تحكمت القرية كقيم وعلاقات بالواقع السياسي العراقي ولم تتحكم الديمقراطية وقوانينها المدنية بنفس القدر لا في التأثير ولا في فرض واقع يشير لها كونها قوة رائدة وصانعة للرؤية السياسية الوطنية إلا بالقدر المحدود تحت تأثير أشخاص محددين وليس تيارا كاملا , ولم تنجح التجربة البريطانية في تخليص المجتمع من قوة هذا الواقع وسطوته على العقل الجمعي تسيره وفقا للقواعد المفترضة في نظرية التجربة , ساند ذلك تحالف مقدس بين القبلية وبين المرجعيات الدينية التي تعتمد مكل منهما على الإخرى في تمتين قوتها الأجتماعية , وبذلك تحول التحالف الطبقي بين الإقطاع والمؤسسة الدينية إلى تحالف أجتماعي مقدس وقف كثيرا في وجه المدنية والديمقراطية , ولم يغادر هذا التحالف موقعه برغم بعض الخسائر المرحلية على مدة أكثر من قرن من تجربة العراق السياسية .
اليوم ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ما زالت نفس تلك القوى تخوض نضالا ضاريا طرفيه المؤسسة الدينية المسنودة بالقبلية القروية التي لا تفهم إلا أعراف القبيلة والقرية , وبين المؤسسة الدينية التي لا تريد أن تترك الشعب يمارس حرية الإيمان خارج سطوتها وقدرتها على التأثير , ومما يعزز هذا القول أن أكثر من 90% من قادة وسياسي العراق وحتى رجالاته الذين انخرطوا في العمل السياسي تحت مضلة الديمقراطية هم قرويون متدينون بشكل أو بأخر ولائهم الأساس للقبلية والقرية والمرجعية الدينية التي ينتمي لها , وبذلك فإن وجودهم في قيادة العمل السياسي هو تعميق لأزمة الديمقراطية وإقبار للخيار المدني في الممارسة الإدارية لمفاصل الدولة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة النص بين الناص والمنصوص
- خطوة جريئة
- هل يمكنا أن نكون أمة كاملة وحضارية .
- لماذا علينا أن نكون الضحية في كل مرة
- النظام القضائي العراق والبناء الجمعي
- قانونية ودستورية إشغال السيد مدحت المعصوم لمنصبي رئيس مجلس ا ...
- كانوا أشد قوة
- هل الإسلام يكره الجمال ويحتقر الحياة ؟.
- الإرهاب الاليكتروني نمط جديد من الإرهاب العابر.
- محاولات في تجاوز العقل والمنطق
- قصتي أنا ...كما ....... أرويها بنفسي
- حضور الرمز والرمزية في صوريات التعبد
- الليبرالية المعاصرة ونظرتها للدين والمعرفة الروحية ح2
- عودة خليف وتطويع النص الشعري
- الليبرالية المعاصرة ونظرتها للدين والمعرفة الروحية ح1
- السيد القمني ومفهوم اليقين الغرائزي واليقين النقدي
- هل يسمع رجال الدين صوت العقل
- هل تنجح المعرفة لتكون بديلا عن الدين ؟ ح2
- هل تنجح المعرفة لتكون بديلا عن الدين ؟. ح1
- التحالف السعودي الجديد ومحاربة الإرهاب


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - القروية والديمقراطية في السياسة العراقية ح1