أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الله بين العلم والدين















المزيد.....

الله بين العلم والدين


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 5035 - 2016 / 1 / 5 - 23:29
المحور: الطب , والعلوم
    


الله بين العلم والدين
خاص بالحوار المتمدن

باريس
هو عنوان المحاضرة العلمية التي ألقاها الدكتور جواد بشارة في الندوة التي نظمها المنتدى العراقي في باريس يوم الجمعة المصادف 16 كانون الثاني/ يناير 2015 بمناسبة صدور كتاب الدكتور جواد بشارة الجديد الذي حمل عنوان :" الكون المطلق من اللامتناهي في الصغر إلى اللامتناهي في الكبر" في نهاية ديسمبر 2014، افتتح الباحث الدكتور جواد بشارة محاضرته بمقولة عزيت إلى العالم الفيزيائي العبقري الشهير ألبرت آينشتين في بدايات القرن العشرين تقول: الدين بدون علم أعمى والعلم بدون دين كسيح، وهو ما يبرر اختياره لعنوان هذه المحاضرة الله والكون جدل العلم والدين، ومن ثم أضاف شهادة من تاريخ الصراع الكنسي مع العلم من مشاهد محاكمة العالم الكبير غاليلية غاليله على يد محاكم التفتيش من خلال اعلان غاليلو غاليله الأليم وتراجعه تحت تهديده بالموت عن موقفه أما طغيان وجبروت الكنيسة وهو يقول: أُمرتُ من قبل هذا المجلس المقدس ـ المجلس الكنسي البابوي ـ بالتخلي كلية عن الرأي " الكاذب" الذي يؤكد مركزية الشمس وثباتها، كما أمتنع أيضاً عن التمسك والدفاع عن تعليم ونشر أو بث تلك النظرية الكاذبة أو الزائفة باي شكل من الأشكال وأنكر وألعن وأبغض كافة الهرطقات والأقوال الخاطئة، إن كانت أقوال أخرى، أو دعوات أو طائفة تخالف قول الكنيسة المقدس". لكنه ردد مع نفسه بحزن شديد وهو يعود لزنزاته :" ومع ذلك إنها تدور" أي الأرض التي رفضت الكنيسة حركتها واعتبرتها ساكنة في مركز الكون.
ولقد تناول المحاضر النظريات العلمية المتعددة ، من فجر القرن العشرين إلى اليوم، لتفسير الكون والخلق والنشوء وأصل الحياة والكون، من خلال محاور مركزة بدأها بمقدمة تاريخية عامة عن خلفية الصراع الفكري بين الدين والعلم بخصوص عملية الخلق. ثم تناول الباحث موضوعاً حساساً وممتعاً لخصه بعنوان:" الكون بين الأطروحة العلمية والأطروحة الدينية، تطرق فيه لرؤية الأديان كما وردت في الكتب المقدسة المساوية والوضعية لمسألة أصل الوجود ونشأة الكون منذ الحضارات القديمة في سومر وبابل مروراً بظهور الأديان المنزلة وأطروحتها عن الخلق الإلهي المباشر كما عرضتها التواراة والأناجيل والقرآن، وما يقابلها من طرح علمي مادي بحت حيث تبلورت الرؤية العلمية بهذا الصدد منذ أواخر القرن السادس عشر إلى أوائل القرن الحادي والعشرين ، منذ نظرية كوبرنيكوس وكبلر وغاليليو الى آينشتين وستيفن هاوكينغ مروراً بنيوتن . وكان محور الندوة الثاني قد حمل عنوان:" الإنسان بين إله العلم وإله الدين والخوف من المجهول" والذي استعرض فيه الباحث كافة نظرية أصل الحياة وتطورها على الأرض وفي أرجاء الكون المترامية الأطراف منذ فجر الإنسانية إلى يوم الناس هذا. كما ركز الباحث الدكتور بشارة على مفهومي المطلق والنسبي وأشار لى أن كل شيء نسبي و لا وجود للمطلق إلا في الفكر الثيولوجي وهو الله هي نفس الرؤية تقريباً في الساحة العلمية حيث كل شيء نسبي إلا الكون المطلق فهو المطلق الوحيد. وذلك من خلال سلسلة من المفاهيم والمقولات المتصارعة من قبيل هل الكون أبدي أزلي وغير مخلوق أم العكس وهل هو ثابت وساكن أم متغير ومتحرك وهل الكون مخلوق من أجل الإنسان أم العكس ومن هو الأسمى بينهما وفي هذا تتعارض الرؤيتان الدينية والعلمية ايضاً. فالدين يتناول أسئلة تقع خارج نطاق العلم كما يقول الباحث الدكتور بشارة، ويشير إلى أن الدين يسأل عن السباب ــ أي عن لماذا ــ وذلك بافتراض وجود هدف خفي لايعرفه أحد سوى السماء ومن يسكنون فيها، في حين يسأل العلم عن الكيفية ــ الكيف ــ ولا يعتمد العلم على فكرة وجود هدف خفي في الطبيعة لذلك ترك هذه المهمة للدين والفلسفة.
لقد ركز المحاضر الباحث الدكتور جواد بشارة على حقيقة وهي أن الأبحاث والتجارب التي تجرى والأسئلة التي تطرح في مجال الفيزياء النظرية وعلم الكونيات، تملك القدرة على تغيير فهمنا ونظرتنا للعالم من حيث بنيته وتطوره والقوى الأساسية أو الجوهرية التي تسيره وتحركه وتقودنا إلى معرفة طبيعة المادة والطاقة المكونة له، سواء أكانت مرئية أم مظلمة أو سوداء، إذ أن التفكير بالعلم وبالطريقة العلمية من شأنه، كما يقول الباحث، أن يقدم تصوراً علمياً وليس خرافياً للكون وما فيه، فالعلم يؤثر هنا، باعتباره انعكاساً موثوقاً به للعالم الخارجي والقواعد التي تحكم العالم المادي، بعبارة أخرى، يأتي العلم هنا كآلية منهجية للبحث وتقصي الحقائق وكشف قوانين الطبيعة عن طريق التجربة والملاحظة أو المشاهدة والرصد والتحليل وإعمال العقل والوعي للتأمل والمقارنة والشك بغية الوصول إلى اليقين. وعلى النقيض من ذلك فإن كافة الأديان تؤمن بوجود قوة غيبية ما ورائية تستدعي الإيمان بها بلا قيد أو شرط وهي القوة الإلهية الخارقة والفائقة للبشر يلزم طاعتها وعبادتها باعتبارها الخالقة والحاكمة للكون وما فيه . ولذلك فالدين من وجهة النظر الميثولوجية هذه، هو عبارة عن مجموعة من المعتقدات المتعلقة بمسببات الكون وطبيعته والهدف منه والغاية من خلقه، على يد قوة سامية متعالية فائقة للبشر ، وبالتالي ينطوي ذلك على الطاعة والإذعان للشرائع والطقوس التعبدية، ووضع قواعد أخلاقية تحكم العلاقات الإنسانية يلزم الخضوع لها وتطبيقها لاعتبارها شرائع منزلة لاخيار للبشر في التعامل معها سوى تقبلها على علاتها وتنفيذها حرفياً من هنا يمكننا القول على حد تعبير المحاضر، أن الأساليب والأهداف والمناهج الخاصة بكل من العلم والدين مختلفة جوهرياً، فالعلم يتناول الحقيقة المادية في حين يتناول الدين الحاجات والرغبات البشرية الاجتماعية والنفسية .
ومنذ بداية المحاضرة تحددت الخطوط العامة للمقاربة من خلال سؤال ما هو الله؟ وما هو الكون؟ ومن الذي سيقودنا باتجاه حقيقة كل منهما، العلم أم الدين؟
وبعد التعاريف التي قدمها الباحث لكل من العلم والدين قاموسياً، قال : ومنذ أن بدأ الإنساني البدائي يعي ويفكر ويتساءل، نشأت في عقله الفكرة الميثولوجية الغيبية أو الماورائية التي تبلورت إلى صيغ وعقائد أو معتقدات دينية، ولم يكن العلم قد ولد بعد للتعامل مع التساؤلات الوجودية التي طرحها الإنسان على نفسه وما يزال يطرحها إلى يوم الناس هذا. وأردف قائلاً " تقول الأسطورة الدينية، نقلاً عن أحاديث نبوية، توراتية وإنجيلية وقرآنية، أن الله مجد العقل واعتبره أثمن وأفضل ما خلق من الخلق أجمعين، ولكن ماهو العقل؟ إنه ملكة التفكير الموجودة في الدماغ البشري، وهي القادرة على الإدراك والاستدراك، الفهم والاستجابة، التحليل واتخاذ القرار. وتقول الدراسات العلمية أن العقل البشري الأولي أو البدائي راقب الطبيعة وظواهرها وتأمل فيها، واهتدى إلى اختلاق الأساطير، وصدقها، وأخضع نفسه لقدرات مكوناتها الخارقة.
استعرض الباحث الجذر التاريخي لنشوء التفكير الديني عند البشر حيث كان أجدادنا في حقبة ما قبل التاريخ البشري، في العصر الحجري وما قبله، في فترة ما عرف بالإنسان النياندرتال، أول من صدم بظاهرة الموت، وأول من بادر إلى دفن الأموات بصحبة طقوس ابتكروها، وكانوا مرعوبين من الموت وفقدان الأحبة دون أن يدركوا لماذا يموت الإنسان خارج دائرة الصراع من أجل البقاء حيث يمكن أن يسقط بين أنياب وحش مفترس، أو ضحية لكارثة طبيعية أو حادث ما. ما نعرفه اليوم عن تلك الحقب هو أن البشر كانوا يضعون في قبور ذويهم من الأموات، عدداً من الأدوات والأسلحة البدائية والملابس والأطعمة الضرورية للاستمرار في " رحلة ما بعد الموت" لمساعدتهم على اجتياز مغامراتهم الغامضة والخوض في اللغز الكبير الذي ينتظرهم فيما وراء جدار الحياة. وكان ذلك بمثابة تجسيد لأمل ميتافيزيقي. وقد تم اكتشاف آثار تدل على ذلك في مغارات منتشرة في ربوع أوروبا وآسيا ولكن علماء الانثروبولوجيا لا يعرفون الكثير عن أساطير إنسان النياندرتال. من الواضح أن هؤلاء البشر الأوائل صمموا أو ابتكروا نظاماً معيناً من المعتقدات يوفر لهم نوعاً من الاطمئنان والسكينة بأنهم يمكن أن يقهروا الموت أو يتغلبوا عليه دون أن يفلتوا منه، وذلك بالذهاب إلى ما وراء الموت. وهذا يعني أنهم توصلوا إلى أن عالمهم ليس عبثي أو فوضوي بل هو عالم محكوم بقوى غيبية غير مرئية، ومنظمة، وحيث يمكنه، بطريقة ما، وببعض الممارسات، التعرف عليها، وربما تطويعها لخدمته. واعتقد أنه يمكن أن يناشد تلك القوى عن طريق ممارسات تدل على خضوعه وانصياعه لها كتقديم القرابين، حيث تم العثور على آثار لتلك الطقوس في الكهوف والمغارات المكتشفة مؤخراً ويعود تاريخها إلى 250 ألف سنة قبل الميلاد. إن خوف البشر من ظواهر الطبيعة الغامضة جعلهم يبحثون عن حلول لتلك الألغاز في قصص نسجوها وصرنا نسميها اليوم أساطير.
فالأساطير قديمة بقدم الإنسان نفسه كما يقول خبير الأساطير جوزيف كمبل. والأساطير حية في الأذهان والعقول إلى يوم الناس هذا، وتشكل الأسس والدعائم التي تستند إليها جميع الأديان المعاصرة، السماوية منها والأرضية، وتمنحها قوتها وتأثيرها على عقول البشر، منذ آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وبوذا إلى أنبياء العصر الالكتروني اليوم. الأسطورة كما نوردها هنا ليست مرادفاً للفنتازيا أو الحكاية الخرافية، أو تتضمن أكاذيب وقصص مختلقة، بل على العكس، هي تعني هنا، بتعريفها الكلاسيكي المستمد من جذرها الإغريقي، "الكلام"،legende لكنه كلام يتم التعبير عنه بسلطة وقناعة لا تقبل الجدل أو الدحض. الأسطورة حسب كمبل تكشف لنا كيف نكون بشراً، وتكشف لنا أهم ما في أعماقنا من حقيقة. وإن قوة الأسطورة تكمن في التفسيرات غير المحدودة التي يمكن أن تعطى لها، وفي قوة رموزها وكناياتها ومجازاتها وامتداداتها الشمولية التي تربطنا بجوهرنا وبأهم ما في أعماقنا بطريقة يعجز معها المنطق والعقل وحدهما القيام بذلك. وحسب هذا التعريف، يتعين على الأديان أن تقوم أو تبنى على الأساطير إذا أرادات أن تقول للإنسان شيئاً جوهرياً. وبهذا المعنى يمكننا أن نقول أن قصة المسيح أسطورة حتى لو كانت موجودة كحقيقة تاريخية لكنها اتخذت أبعاد الأسطورة. الموت هو الذي دفع الإنسان للتفكير، والخوف منه هو الذي حثه على البحث عن حماية منه عبر الآلهة والأديان والقوى الخفية.
عندما أعلن الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه سنة 1885 عبارته الشهيرة" لقد مات الله " فهو يعني أن الله لم يكن موجوداً في الواقع، وليس أنه وجد ومات، بل يقصد موت فكرة الله أو الوجود الإلهي في أذهان البشر، في فترة ساد فيها الفكر العقلاني وبزغ فيها عمالقة الفكر العالمي في القرنين التاسع عشر والعشرين كماركس وفرويد وجيمس فرازير ولودفيغ فيورباخ وبرتراند رسل وسبينوزا وديكارت وروسو وجان بول سارتر وبالطبع نيتشه. فهذا الأخير اعتبر فكرة الله قديمة مستهلكة من قبل الأديان السماوية وليست سوى أثر من الماضي، وهو ماضي ليس علمياً قطعاً، تجاوزته الإنسانية في عصر الثورة الفكرية والصناعية التي بدأت منذ أواخر القرن السابع عشر. وبعد أن دخل العالم مرحلة التحولات الجوهرية والثورات الفكرية والعلمية والتكنولوجية، ارتفع مستوى التعليم والتربية وترسخ مفهوم حرية التعبير والمعتقد وتوفرت شروحات وتفسيرات مادية لألغاز الوجود بالطرق العلمية وفقدت الأديان بريقها وقدرتها على الإقناع، واختفى تألقها، ومعها خفتت صورة الله في رؤوس البشر، وعادت نغمة الصراع بين الدين والعلم
والحال أننا نعيش اليوم في مطلع القرن الواحد والعشرين حالة معاكسة فلم يتقهقر الإله أمام تلك الهجمة المادية ـ العلمية. فبالرغم من الانجازات التكنولوجية والعلمية في الألفية الجديدة التي خلفت عصر الأنوار ما يزال الدين، والنزعة الروحانية، يعيشان حالة من الازدهار والعودة المظفرة التي عرفت إعلامياُ بالصحوة الدينية. ولو كان نيتشه وأترابه يعيشون هذه الظاهرة لقالوا أن عودة الله للحياة هي انتصار للجهل على العقل لأنهم مقتنعون أن الوعي الديني والإيمان الروحي والعقيدة الإلهية مبنية على الشعوذات والأوهام والغيبيات والماوراءيات، وإن البشر يتعلقون بفكرة الإله لأنهم يفتقدون الشجاعة والقوة لمواجهة هذا العالم اللامتناهي بدون الله. ولا أحد من العقلانيين يمكن أن يشكك بصدقية هذه البديهية. الحقائق تدفعنا للتفكير بأن الجذور العميقة للأديان تكمن في التجربة الصوفية والصيغة التواصلية الرهبانية مع العالم اللامادي وغير المرئي والذي هو ليس بالضرورة غير علمي. فكل الأديان السماوية والوضعية تشترك بما يسمى باليقظة الروحية لدى مؤسسيها تجاه المطلق. فالنفس البشرية لم تفتأ تبحث عن المطلق وتسعى للإجابة على تساؤلات وجودية وفلسفية جوهرية عميقة من قبيل" أين ولماذا وكيف ومتى"، وذلك منذ أن ظهر الإنسان على وجه الطبيعة وسيستمر إلى نهاية الدهر. تقول نظرية ذكرها دوغلاس آدمز في كتابه الممتع " مطعم في تخوم الكون":" لو حدث أن اكتشف أحد ما بماذا يفيدنا الكون ولماذا هو موجود وماهو سره الحقيقي فإن هذا الكون سيختفي على الفور وسيحل محله كون آخر أكثر تعقيداً وغموضاً واستحالة في كشف أسراره. وتقول نظرية أخرى أن هذا الأمر سبق أن حصل بالفعل في تاريخ الوجود. والفكر الصوفي يبحث دوماً عن " سر الأسرار" ولو كشف هذا السر فسيختفي موجده". فالكون غامض وعصي على الفهم والكشف، حتى مع كل التقدم العلمي والتقني والتكنولوجي الذي حققه الإنسان على الأرض. ولا يوجد مفهوم أكثر غرابة وعسراً وعدم قابلية للتفسير من تأكيدات المتصوفة على "وجود آخر" أكثر واقعية من واقعنا المادي لكنه موجود على صعيد آخر، غير مرئي من قبلنا، وهو عالم متسامي، ومصنوع من مادة غير المادة التي نعرفها. فالكشف العلمي البشري المحدود والقاصر سمح لنيتشة بالقول بموت الله على يد العلم وهو يقصد به الله الخالق للعالم والكون الذي جاء ذكره في التوراة والإنجيل والقرآن، ولكن لا يوجد في نصوص العلم أو في منجزات العقل البشري ما يدحض وجود واقع آخر موازي لواقعنا يشبه الواقع الافتراضي كما توحي به نظرية الكوانتا " نظرية الكم" البالغة التعقيد والغرابة. والذي يعرف بلغة العلم والفيزياء الكونية بالكون الموازي. أما عن أصل الحياة فقد تقدمت الأديان بنظرية الخلق الإلهي الجاهز من خلال قصة آدم ورد عليها العلم بنظرية التطور والانتخاب الطبيعي لشارل داروين، التي أثارت الكثير من الجدل والسجال والردود والاعتراضات والطعون. وتقول نظرية فنتازية ثالثة أن الحياة بكل أشكالها وألوانها وتنوعها هي من صنع كائنات بشرية لكنها لا أرضية، أو تشبه البشر وأقدم منا بـ 60 مليون سنة، ومتقدمة علينا بملايين السنين، تعيش في كوكب بعيد جداً، الحياة فيه تشبه إلى حد بعيد الحياة في الجنة التي وصفتها الكتب السماوية المقدسة. جاءوا إلى الأرض في بعثات استكشافية عدة مرات، ويمتلكون تكنولوجيا مذهلة تجعلهم بمثابة الإلهة في نظر البشر، ولديهم قدرات لا محدودة، متمكنين إلى حد الكمال من تقنية الاستنساخ البشري الفوري وتقنية الحامض النووي الـ ADN أي الجينات الوراثية والهندسة الوراثية، ويجوبون أرجاء الكون بسفن فضائية متطورة جداً لا يتصورها بشر، تطوي المسافات التي تحتاج لملايين السنين الضوئية، وبرمشة عين، نجحوا في تغيير الظروف المناخية على الأرض القديمة الجدباء، وأوجدوا النباتات والمياه والأوكسجين ووفروا شروط وظروف نشوء الحياة وتطورها بعد تجارب عديدة استغرت آلاف السنين، وتسمى تلك الكائنات "الإيلوهيم" ، وقد ورد هذا الإسم في التوراة، ورئيسهم يدعى يهوه، أي الله باللغة العبرية، ومعارضه الرئيسي، ولكن بصورة حضارية جداً، كائن يسمى إبليس لم يكن موافقاً على تلك التجارب التي قادت إلى خلق البشرية على الأرض . وقد اختار الإلوهيم من بين البشر نخبة من العقلاء والمتميزين أي الصفوة التي يمكنها قيادة بني البشر العاديين وفرض القيم الدنيوية والاجتماعية والأخلاقية التي من شأنها خلق تماسك المجتمعات وتوازنها وسميت تلك النخبة بالأنبياء والأولياء والعلماء والأقطاب، الذين أنيط بهم مهمة قيادة وتنظيم مجتمعاتهم وأقوامهم وفق جملة من القيم الاجتماعية والأخلاقية المحددة بدقة. بيد أن هناك حضارات وكائنات كونية أخرى زارت الأرض وأجرت اتصالات مع بني البشر، وساعدتهم على تطوير أنفسهم وتعليمهم تدريجياً أسرار التكنولوجيا الحديثة، ونحن مدينون لهم بما أنجزناه نحن البشر من تطور تقني وعلمي منذ أربعينات القرن الماضي. وكان علماء مشهورين على اتصال بشكل مباشر أو غير مباشر بتلك الحضارات الكونية كآينشتين وزاخاروف، وجون بيير بتي، وبفضلهم نجح الإنسان في تطويع الذرة وفلقها والحصول على طاقتها والتمكن من تكنولوجيا الرقائق الالكترونية والكومبيوترات والألياف الضوئية أو البصرية والتقنيات السمعية البصرية كالراديو والتلفزيون والسينما والفيديو والانترنت والهواتف المحمولة ورحلات الفضاء وكشف شيفرة الـ ADN والهندسة الوراثية وعملية الاستنساخ الحيواني والنباتي والبشري وغيرها من التقنيات المعاصرة والمستقبلية التي أحدثت طفرة في التفكير والفهم الإنساني ورؤيته للعالم والكون. وفي نهاية محاضرته أجاب الدكتور جواد بشارة على أسئلة الحضور فكان رده على سؤال حول هل خلق الله أشياء أخرى قبل خلقه للكون، فاستشهد المحاضر بمقولة للقديس أوغسطين عندما وجه إليه سؤال مماثل حو ماذا كان يفعل الله قبل خلقه للخلق فرد القديس أن الله كان يحضر جهنم لأمثالك ممن يطرحون مثل هذه الأسئلة. وشرح لأحد الحضور الفرق بين علم الفلك وعلم الكون، وعلى سؤال أين المسلمين من علم الكون؟ أجاب المحاضر أن المسلمين برعوا في السابق، لا سيما في العهد العباسي، بعلوم الفلك والطب والرياضيات والكيمياء وذكر أسماء إبن رشد وإبن سينا وإبن الهيثم والرازي والخاورزمي وإبن حيان، وما قدموه من مساهمات علمية جبارة عندما كان الغرب الأوروبي في حالة سبات ولكن انعكست المعادلة اليوم للأسف. كما تطرق المحاضر بناءا على طلب لأحد الحضور لموضوع احتمال وجود كائنات وحارات كونية أخرى ذكية ومتطورة وربما أكثر تطوراً منا نحن سكان الأرض من الناحية العلمية والتكنولوجية.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنشودة الكون الأنيق
- الكون المرئي من كافة جوانبه
- تيار السينما الذاتية عند شاعر السينما الراحل اندريه تاركوفسك ...
- وقفة مع شاعر السينما الراحل كريستوف كيسلوفسكي:
- الإستراتيجيات الدولية في الشرق الأوسط وصراع الدول العظمى سور ...
- شرخ كبير في نسيج العلاقات بين الجالية العراقية والسفارة العر ...
- حتى لا يدعي العالم بالقول أنه لم يكن يعلم الحقيقة عن داعش
- السينما عندما كانت فن ورسالة
- هنا حوارية اليوم مع الأستاذ د. جواد بشارة حول ( الانسان بين ...
- الحقيقة الظاهرة والحقيقة الخفية لداعش 2-1
- كون واحد أم عدد لامتناهي من الأكوان؟
- فرنسا بين نارين
- الله والكون جدل العلم والدين
- كمبيوتر المستقبل : هل هو الحاسوب الكمومي أو الكوانتي ؟
- الكون المرئي في سطور خلال قرن
- هل سيتعرى الكون أمام أعين البشر يوما ما ويكشف عن نفسه؟
- دورة الحروب الحديثة التي لا تنتهي في العراق
- حرب التحالف الدولي على داعش تبدأ بالمخابرات
- الواقع الظاهر والوقع الخفي في الكون المرئي 2
- الواقع الظاهر والوقع الخفي في الكون المرئي 1


المزيد.....




- قيامة عثمان على تلفزيونك.. استقبل تردد قناة الفجر على القمر ...
- سامسونغ تكشف عن هاتفها الجديد وتقنياته الممتازة
- واتساب أعمال بميزة جديدة!.. تنزيل وتساب أعمال whatsapp busin ...
- اكتشاف مذهل: السرطان قد ينشأ دون حدوث طفرات جينية
- ماذا كشفت صور الأقمار الاصطناعية عن المقابر الجماعية في مستش ...
- غزة: ماذا نعرف عن المقابر الجماعية عند مجمع ناصر الطبي؟
- حتى يقبل جسمها كلية خنزير.. شاهد ما فعله جراحون لمريضة كلى
- تشكل بحيرات في مناطق دبي تظهرها صور الأقمار الصناعية (صور)
- استطلاع: الأهل يعانون من الإرهاق الشديد والعزلة والوحدة.. ما ...
- الصين تتهم الولايات المتحدة بتشديد العقوبات وفرض حصار تكنولو ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الله بين العلم والدين