أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - الإستراتيجيات الدولية في الشرق الأوسط وصراع الدول العظمى سوريا والولايات المتحدة الأمريكية















المزيد.....



الإستراتيجيات الدولية في الشرق الأوسط وصراع الدول العظمى سوريا والولايات المتحدة الأمريكية


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 4977 - 2015 / 11 / 6 - 20:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



1-
الاستراتيجية الروسية الجديدة في العالم وانعكاساتها على الشرق الأوسط

استعادة النفوذ:
يتفق جل المحللين والمراقبين الدوليين على أن محاولات واشنطن ومن ورائها حلف شمال الأطلسي لاستعادة السيطرة والهيمنة على شؤون الكوكب، منذ انتهاء الحرب الباردة، كانت وراء أغلب بؤر التوتر والحروب المحلية التي باتت تتكاثر كنبات الفطر في أغلب بقاع العالم لا سيما في أخطرها وأكثرها سخونة ألا وهي منطقة الشرق الأوسط.
ومن الواضح أن واشنطن تتعمد اختلاق أزمة علاقات حادة بين الغرب و روسيا التي باتت تعتبرها اليوم عدوها الأول كما قال المحلل السياسي الشهير جون ميرشايمر في مقابلة معه في مجلة السياسة الدولية الذائعة الصيت.
الهدف المعلن لكل السياسيين الأمريكيين لتبرير القوة الأمريكية الأعظم في العالم، وتمرير ميزانيتها العسكرية المهولة، هو ضمان الأمن والازدهار الاقتصادي والحريات للشعب الأمريكي، بيد أن الوسائل لتحقيق ذلك هي التي تثير التساؤل والاختلاف لدى معظم المراقبين الدوليين . فبعد الحرب الباردة، وبعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، اعتقدت النخبة الحاكمة في واشنطن أن أفضل وسيلة للدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها الحيوية هي استعادة الهيمنة على العالم برمته وعدم السماح بظهور أي قطب أو قوة منافسة لأمريكا. واستندوا في ذلك على القوة العسكرية ودبلوماسية العصا لإطاحة أنظمة وصفوها بالمارقة والشقية لأنها لاتريد الخضوع بسهولة لنزعة الهيمنة الأمريكية المباشرة عليها بذريعة تحرير تلك الدول من حكم الدكتاتوريات ونشر الديموقراطية فيها حتى لو كان بالقوة والقسر. والحال بتنا نشهد حدوث سلسلة من التطورات الدراماتيكية الخطيرة التي تعصف بكل مناطق العالم على نحو مباشر أو غير مباشر كنتيجة لهذه الإستراتيجية الكارثية التي أسماها البعض بالفوضى الخلاقة. وكلنا يعلم ما أثمرته هذا الإستراتيجية من تداعيات على الصعيد الدولي منذ أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بشن حربين فاشلتين على أفغانستان والعراق في 2002 و 2003 تمخضت عن موت مئات الآلاف من الضحايا المدنيين وتدمير هذين البلدين كلياً دون إيجاد البديل المزعوم الذي ينشر الرخاء والحرية والديموقراطية. وكان من تبعات هذه الإستراتيجية خلخلة التوازنات الإقليمية مما خلق المناخ المناسب لظهور وتقدم ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة باسم داعش. وبالرغم من ذلك تستمر الولايات المتحدة في هذه الإستراتيجية التي طبقتها في ليبيا وسوريا واليمن وأسقطت هذه الدول ككيانات ولم تكتفي بإسقاط أنظمتها، وحدت من تداعياتها الدراماتيكية في تونس ومصر، مما دفع الآلاف من سكان تلك البلدان إلى الهجرة نحو الغرب الأوروبي وسلك طرق خطرة تقودهم إلى الموت المحتم في أغلب الأحيان. وتواصل إدارة أوباما هذه النزعة التدميرية ضد دمشق حتى لو كان الثمن تهيئة الظروف لوصول تنظيمات إرهابية متشددة كالقاعدة وداعش إلى قمة السلطة في سوريا. وفي نفس الوقت تدعي أنها شكلت تحالفاً دوليا لمحاربة داعش في كل من العراق وسوريا لكنها لم تفلح في ذلك لأنها ليست جادة بما فيه الكفاية لتحقيق هذا الهدف. كما تجرأت واشنطن وحلفاؤها الغربيين في حلف شمال الأطلسي على إشعال أزمة خطيرة قد تقود إلى مواجهة دولية لاتحمد عقباها، فهم يلعبون بالنار ويستفزون مارداً يبدو في حالة سبات، فروسيا لديها الآن حلفاء دوليين لايستهان بهم يشكلون ما يعرف بمجموعة البريكس وهم الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وإيران. وكانت محاولتهم البائسة انتزاع أوكرانيا من فلك روسيا الذي كانت تدور فيه وتحويلها إلى منطقة نفوذ عدائية ضد روسيا تابعة للغرب وعلى الحدود الروسية، قد باءت بالفشل، وكانت مناورتهم تلك قد مرت من خلال تقليعة سياسية عرفت بتوسيع نطاق الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي لنشر الديموقراطية الغربية في أوكرانيا ودول أوروبا الشرقية سابقاً عبر تنصيب حكام تابعين وموالين للغرب مما أدخل أوكرانيا في أديم الحرب الأهلية ودفعت روسيا للمقاومة الشرسة لهذه الإستراتيجية العدوانية التي يشنها الغرب عليها اليوم.

روسيا والغرب : لعبة القط والفار:
تصور الغرب أنه أنتصر على أخطر عدو له خلال القرن العشرين ألا وهو الإتحاد السوفيتي، وإنه أنهى إلى الأبد الخطر الشيوعي، وانتهى من الحرب الباردة التي كانت تستنزف أمريكا وحلفاؤها الأوربيين الغربيين . لكن روسيا المعاصرة بقيادة فلاديمير بوتين، التي تسلمت تركة الإتحاد السوفيتي، لا تقبل أن تكون فاعلاً هامشياً على المسرح الدولي، ولن تسمح بأن تستفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالقرار الدولي والمؤسسات الدولية وتملي أوامرها على الجميع. لذلك سعت روسيا، بعد أن تعافت نسبياً من الناحية الاقتصادية، إلى خلق قطب منافس للقطب الغربي الأطلسي، من خلال التنسيق بين مجموعة دول البريكس، أي الصين والهند وجنوب أفريقيا، وإلى حد ما إيران وربما مصر لاحقاً. يحاول الغرب أن يطوق روسيا ويحاصرها اقتصادياً وعسكرياً، بل تجرأ على الاقتراب منها ومن حدودها الأمر الذي لم يكن يحلم به أحد إبان مرحلة الاتحاد السوفياتي والحرب الباردة. وكانت أوكرانيا هي السلاح الذي تلاعبت به الدول الغربية للضغط على روسيا وابتزازها، بيد أن هذه الأخيرة كانت واعية ومستيقظة جداً للمناورات الغربية فردت الصاع صاعين وقامت بضم جزيرة القرم الروسية الأصل وفصلها عن أوكرانيا، وقطع المعونات عن كييف ومطالبتها بتسديد ديونها من مشتريات الغاز الروسي التي لم تدفع ثمنها بعد، كما حثت المجموعات الانفصالية الأوكرانية الناطقة بالروسية على خلق بؤر توتر ومواجهات مسلحة لكي تطالب هي الأخرى بانفصالها عن أوكرانيا وانضمامها لروسيا البلد الأم.
تأججت الحرب الباردة من جديدة ولكن بالوكالة هذه المرة في منطقة الشرق الأوسط وفي الملفين الإيراني والسوري وتوابعهما، أي ما يحدث في العراق ولبنان واليمن ، وبالطبع تداعيات الملف الليبي الذي يتحمل الغرب تبعاته وتدهور الأوضاع الخطيرة هناك، لأن روسيا تعتقد أنها خدعت من قبل حلف الناتو الأطلسي فيما يتعلق بطبيعة ونوعية ومستوى التدخل في ليبيا، وإلا ما كان لها أن تقبل بهذا التدخل السافر المخالف للقانون الدولي. فبحجة حماية المدنيين من الإبادة قامت قوات الحلف الأطلسي بتدمير ليبيا كلياً وإطاحة نظامه وتركه فريسة لأمراء الحرب والميليشيات المسلحة والقوى التكفيرية والإرهابية التي تعبث بمقدرات ومستقبل هذا البلد الذي بات بؤرة لتصدير الإرهاب وإيواء الإرهابيين. انصاعت الولايات المتحدة الأمريكية لفكرة التفاوض والتباحث والتنسيق بينها وبين روسيا لحل الملفات العالقة والخطيرة التي تهدد أمن واستقرار المجتمع الدولي. وقام وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري بعدة لقاءات بوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وبالرئيس فلادمير بوتين كان آخرها في مدينة سوشي مما أعطى انطباعاً بأننا عدنا إلى الأيام الخوالي حيث كانت نغمة الانفراج والتعاون هي السائدة . فهناك نفس جديد يطفو ظاهرياً على المحادثات، وتوافق بشأن الملف النووي الإيراني، ومناقشة التداعيات الخطيرة للأزمة الليبية، والقلق المتبادل فيما يحدث في اليمن من حرب أهلية وإقليمية بعد التدخل السعودي عسكريا في اليمن، والتفاهم بشأن انتقال سلمي وسياسي وليس عسكري للمسألة السورية ، في حين تعرف الولايات المتحدة الأمريكية أن النظام السوري نجح في تصديه لإرهابيي داعش والنصرة والجبهة الإسلامية بفضل دعم وإسناد روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، كما أعلن الجانب الأمريكي موافقته على سيرورة واتفاقيات مينسك التي بدأتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في محاولة لوقف تفاقم الأزمة الأوكرانية. وأتفق الطرفان على أهمية التحدث والتفاهم والتنسيق باستمرار بينهما لحل كافة الملفات المشتعلة في العالم. هذا ما يحدث على الصعيد العلني والإعلامي، ولكن واقع الحال يعكس لنا أمراً آخر مختلف تماماً. وبعيداً عن التفاؤل المبالغ به، كانت روسيا قبل لقاء كيري وبوتين، تحتفل بيوم النصر على النازية وكانت مناسبة للكرملين للعودة الى التاريخ والى الاتفاق الألماني ـ السوفياتي حيث علقت عليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في زيارتها لموسكو مذكرة الرئيس الروسي بالاتفاق السري الذي أبرم بين ستالين وهتلر قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بشأن اقتسام بولونيا ودول البلطيق بينهما. وقبل زيارة كيري لموسكو اتهم وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تعمل على تطويق وخنق روسيا وإنها هي المسئولة عن الأزمة الأوكرانية التي افتعلتها وأشعلتها لضرب روسيا في خاصرتها والقيام بمناورات عسكرية مع الحلف الأطلسي تثير القلق والتهديد لروسيا. والحال إن المحادثات بين الأمريكيين والروس لم تؤد إلى تقدم ملموس في الملفات المطروحة للنقاش. ففيما يتعلق بالملف السوري ماتزال الموجهات العسكرية الدامية مستمرة بين قوات النظام والمعارضة الإسلاموية التكفيرية التي تقودها داعش وجبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة الإرهابي، والجبهة الإسلامية المكونة من عدة مجموعات إسلاموية مسلحة تنضوي تحت هذه التسمية، وتتلقى كلها الدعم والإسناد والتسليح والتمويل من أطراف دولية وإقليمية معروفة بمباركة وتشجيع ودفع من الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد بأي ثمن إطاحة النظام السورية وتدمير الدولة السورية على غرار ما حدث في ليبيا، وهو الأمر الذي لن ينطلي مرة أخرى على روسيا ولن تقبل به مهما كلفها ذلك. أما فيما يخص الأزمة الأوكرانية، فهناك تجاذب حاد بين مختلف الآراء والأطروحات بهذا الشأن، فهناك من يعتقد بأن روسيا تحضر لهجوم جديد رغم اللهجة التصالحية المستخدمة إعلامياً. والبعض الآخر يعتقد أن مجرد لقاء كيري وبوتين لهو دليل على البحث عن تسوية مقبولة من قبل جميع الأطراف المعنية بالملف الأوكراني والعمل على تطبيق اتفاقيات مينسك. حقيقة ما يجري هو أن الرئيس بوتين يناور بحذاقة لكي لايعطي للغربيين الفرصة لإدانته ومنحهم الذريعة لتقوية وتعزيز إجراءاتهم العقابية الاقتصادية ضد روسيا حيث أن الدول الأوروبية ستجتمع في شهر حزيران القادم لمناقشة تجديد العقوبات على روسيا أو رفعها، بالرغم من استمرار المواجهات العسكرية على مجمل الساحات التي يوجد لروسيا والغرب يد فيها، سواء في أوكرانيا أو الشرق الأوسط ، فإن المقصود هنا ليس الخروج من الأزمات بل إدارة الأزمات في مناخ من الهدوء وعدم التوتر الدولي ، إنها حقاً لعبة القط والفأر بين روسيا والغرب.
لقد أوضح بوتين بجلاء رأيه في هذا الصراع الدولي والإقليمي الدائر اليوم وقالها صراحة وبدون مواربة في خطابه في 22 أكتوبر 2015 أمام الأمم المتحدة وقال فيه:" قبل خمسون عاماً في لينينغراد علمني الشارع قاعدة مهمة وهي إنه لو تبين أن هناك معركة ستقع ولايمكن تجنبها فعليك أن تكون أول من يضرب، وبالتالي فإن تهديدات الإرهابيين بضرب روسيا لم تصبح أهم أو أقل أهمية بسبب عملياتنا العسكرية ضدهم في سوريا وأحب أن أطمئنك بذلك وأِؤكده لكم" . وأضاف بوتين قائلاً :" وكما تعرفون أن القوة العسكرية ما تزال هي البوم ولوقت طويل قادم الأداة الأساسية في السياسة الدولية. لنكن واقعيين القوة العسكرية ستكون بديهياً ولوقت طويل أداة فاعلة في السياسة الدولية يمكننا أن نأسف على ذلك أو نتقبله بسعادة لكننه أمر واقع ، إنها حقيقة. وهذه ليست هي المسألة ، فهل ستستخدم القوة العسكرية فقط عندما تستنفذ كافة السبل الأخرى؟ و عندما ينبغي مواجهة خطر داهم وتهديدات مميتة كالإرهاب على سبيل المثال ووفق القواعد المتبعة في القانون الدولي؟ أم أننا نشهر قبضتنا في كل مناسبة لنذكر العالم وببساطة بمن هو الزعيم والقائد للعالم دون أي اعتبار لشرعية استخدام القوة ولا ما سيترتب على ذلك من تبعات وبدون حل للمشاكل بل بالعكس مضاعفة تلك المشاكل؟
واصل فلاديمير بوتين خطابه قائلاً :" ها أنتم ترون ماذا يحدث اليوم في الشرق الأوسط فالمنظمة الإرهابية التي تسمي نفسها بالدولة الإسلامية سيطرت على مناطق واسعة فكيف حدث ذلك؟ فكروا وتأملوا بعمق فقط لو كانت قد احتلت دمشق وبغداد لكان بإمكان هذه العصابات الإرهابية أن تحصل تقريباً على صفة السلطة الرسمية والشرعية وتخلق منطقة مدججة بالسلاح والرجال لتوسعها العالمي هل فكر أحكم بذلك؟ آن الأوان الذي يتوجب على المجموعة الدولية أن تعي وتدرك مالذي يواجهها فنحن في مواجهة عدو للحضارة والمدنية وعدو للإنسانية وللثقافة العالمية وهو عدو يحمل آيديولوجية الحقد والبربرية والتدمير ويسحق بأقدامه الأخلاق والقيم وخاصة قيم الأديان العالمية وبضمنها الإسلام الذي يورطه بممارسته الوحشية والتدميرية فلا يوجد هناك إرهابيون معتدلون وآخرون متشددون أو راديكاليون فلا يجب الفصل بين الإرهابيين وتصنيفهم بين متشدد ومعتدل. كما أنه لاينبغي اللعب على الكلمات فمثل هذا التمييز والفصل غير مفهوم وغير موجود في الواقع، فنحن نريد أن نفهم بالضبط ماذا يقصدون بذلك. ربما في نظر بعض المختصين في هذا المجال يكمن الاختلاف في أن العصابات الإرهابية التي تصنف بالمعتدلة لا تقطع رؤوس الأطفال إلا بأعداد معتدلة أو بطرق أقل وحشية . فلن نتمكن التخلص من هؤلاء الإرهابيين بالطرق السلمية ومن الوهم الاعتقاد بأننا يمكن أن ننهيهم بإبعادهم عن السلطة أو التفاهم معهم بطريقة ما. لذا أقول لكم أن العملية العسكرية الروسية في سوريا شرعية والذي نفهمه أن الإرهابيون الذين يقاتلون في الشرق الأوسط يشكلون تهديداً للجميع وبضمنهم نحن في روسيا وبلدنا يعرف بالضبط ماذا يعني الاعتداء الإرهابي ونعرف ما فعلته العصابات الإرهابية في شمال القوقاز ونتذكر جيداً التفجيرات الإرهابية في موسكو وباقي المدن الروسية فروسا حاربت دائماً وما تزال تحارب الإرهاب بكل أشكاله وتجلياته. وبخصوص الأزمة السورية عرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلاً:" بعد أن تقدمت السلطات السورية الرسمية لنا بطلب رسمي بتقديم يد المساعدة قررنا إطلاق العملية العسكرية في هذا البلد وأشدد على أن هذه العملية العسكرية مشروعة وشرعية تماماً وهدفها الوحيد هو إقامة السلام في المنطقة وإننا على ثقة بأن عمل الجنود الروس سيؤثر إيجابياً على الوضع وسيساعد السلطات الرسمية هناك على خلق الظروف الضرورية للتوجه نحو حل سياسي والضرب بطريقة وقائية على الإرهابيين الذين يهددون أيضاً بلادنا روسيا وبذلك نساعد كل الدول والشعوب التي تواجه خطر داعش والإرهابيين في حالة دخولهم في تلك البلدان.
ثم شن الرئيس الروسي هجوماً قوياً على الولايات المتحدة الأمريكية في خطابه هذا متهماً
المجمع الصناعي الأمني والعسكري والأمريكي الذي يعرف جيداً أن عملهم يهدد القدرة العسكرية الروسية الكامنة وإن أنظمتهم وجدت لتحجيم وتدمير الإمكانيات الكامنة لكافة الدول الأخرى التي تمتلك السلاح النووي عدا الولايات المتحدة الأمريكية . وبهذا الصدد صرح بوتين قائلاً :" هاهم يرددون نفس المعزوفة ونفس التبريرات عن التهديد النووي الإيراني وهم يعرفون جيداً وكل المجموعة الدولية تعرف ذلك بأنه لاوجود لأي تهديد نووي إيراني. فلماذا يبتكرون أنظمة للدفاعات المضادة للصواريخ؟ لقد بادرت أمريكا لخوض مفاوضات ومعها الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن زائد ألمانيا أي 5 زائد 1 وتوصل الجميع للتوقيع على الاتفاق النووي مع الإيرانيين ولقد ساهمنا وأيدنا ذلك ودخل الاتفاق حيز التطبيق ووافقت إيران على نقل ما تمتلك من اليورانيوم المنقى وبذلك لم تعد هناك مشكلة نووية إيرانية ولذلك فما الحاجة لخلق نظام مضاد للصواريخ بعيدة المدى؟ لم تتوقف الولايات المتحدة وماتزال تجري المزيد من التجارب والاختبارات والمناورات وسوف ينصب هذا النظام في هنغاريا قبل نهاية هذا العام وفي بولونيا من الآن ولغاية عام 2018 أو 2020 . فما هي الغاية من ذلك؟
أستطيع أن أقول لكم ، وهذا يعرفه الأخصائيون والخبراء العسكريون جيداً، أن قاعدة لأنظمة مضادات الصواريخ البالستيكية تصلح ايضاً لاستخدام نصب أنظمة الصواريخ العابرة للقارات فهل لا يشكل ذلك تهديداً لنا؟ من البديهي الرد بالإيجاب وأن ذلك يعدل فلسفة الأمن الدولي برمتها. وهذا يعد خرقاً للتوازن الاستراتيجي الدولي عندما تقرر الولايات المتحدة الأمريكية من طرف واحد لوحده أن من حقها حماية نفسها من أية ضربات صاروخية ويمكنها الرد بفضل المظلة الحامية المضادة للصواريخ التي نصبتها فوق أراضيها مما سيطلق يدها باستخدام أي نوع من الأسلحة التي في حوزتها فهل لا يحق للآخرين أن يقوموا بالمثل؟
كيف تريدون منا أن نقبل حدوث انقلابات عسكرية؟ أنتم تقومون الآن بإعادة عمل سيناريوهات العراق وليبيا في سوريا واليمن، ولا تخجل السلطات الأمريكية من القول والتصريح بأنها كرست مليارات الدولارات علناً وعلى الملأ وبأنها أنفقت ما يزيد على 5 مليار لدعم المعارضة السورية المسلحة فهل هذا خيار جيد وهل تعرفون من هي هذه المعارضة السورية المسلحة؟ إنها بالأساس وحصراً داعش وجبهة النصرة الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة الإرهابي والجبهة الإسلامية .
لا شيء فعال تم في سوريا من قبل قوات التحالف الغربي فمنذ ستة أشهر وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومعها 11 بلدا قاموا بـ 500 ضربة جوية ضد مختلف المواقع ولم ينتج عن ذلك أية نتيجة فعالة وذلك واضح للجميع بل بالعكس تقدم الإرهابيون وعززوا مواقعهم منذ بدء علميات قوات التحالف الدولي الغربية في سوريا والعراق ووسعوا مناطق نفوذهم في حين نأمل أن تؤدي قواتنا الجوية إلى حدوث نتائج إيجابية بالتنسيق مع هجمات الجيش السوري ضد مواقع الإرهابيين البرية لكن ذلك وحده لا يكفي ويجب أن يحدث عمل مهم وجماعي تشارك فيه المجموعة الدولية برمتها لدحر الإرهاب والإرهابيين.
أما مسألة مغادرة الرئيس الأسد للسلطة فهذه يحدده ويقررها الشعب السوري بنفسه زواعتبر أن أي تقسيم لسوريا سيكون أسوء الخيارات وهو حل غير مقبول ولن يساهم في حل الصراع الدائر بل بالعكس سيخلق بأنه سيستمر وسيتفاقم وستصبح هذه المعركة دائمية ومستمرة فلو تم تقسيم سوريا إلى مناطق منعزلة عن بعضها فإن تلك المناطق ستخوض فيما بينها معارك وحروب دائمية ولن يخرج من ذلك أي شيء جيد. أما موضوع أن يغادر الرئيس السد أو يبقى فأنا أقول وأكرر كما فعلت في عدة مناسبات، إن ذلك غير صحيح فلا يمكننا من خارج سوريا أن نطرح هذا التساؤل ونقرر ما إذا كان هذا الرئيس أو ذاك يجب أن يغادر السلطة فالشعب السوري له الحق وحده من يقرر ذلك وإن السلطة يجب أن تتم وفق القواعد والإجراءات الديموقراطية المعروفة وبوجود إشراف موضوعي محايد وهذا هو الأهم وألا يكون تابعاً لهذه القوة العظمى أو تلك المجموعة من الدول.
عندما أشهد تسجيلات الفيديو للضربات الجوية أرى أمراً مدهشاً حيث تم تدمير كم هائل من الذخائر والأسلحة كما لو أن أسلحة الشرق الأوسط كلها مكدسة هنا والسؤال هو من أين لهم كل ذلك ومن أين يأتيهم التمويل؟ إنها قوة هائلة باتت تضمحل تدريجيا بفعل النجاحات والانتصارات التي حققتها القوات النظامية السورية وبمساعدة ضرباتنا الجوية حتى لو كانت انتصارات متواضعة ومحدودة في الوقت الحاضر لكنها موجودة وسيتحقق المزيد منها. ولقد أقمنا مركزاً للتنسيق والتبادل الاستخباري في بغداد يضم روسيا وسوريا والعراق وإيران لتبادل المعلومات وتحديد التوجهات الأساسية في محاربة الإرهاب وعلى نحو خاص إرهاب داعش ولم يتقرر بعد توسيع العمليات العسكرية وتعزيز القدرات الدفاعية ومشاركة القوات الجوية الروسية في العراق. صحيح أن لدينا علاقات ممتازة مع دول ذات أغلبية سكان شيعية إلا أن هدف العمليات العسكرية الروسية والجهود الدبلوماسية المبذولة هي لمحاربة الإرهاب وليس لوساطة بين ممثلي التوجهات المختلفة للإسلام لدينا تقدير عالي لأتباع الطائفة الشيعية وبنفس القدر لأتباع وممثلي الطائفة السنية والعلوية فلا يوجد لدينا أي تمييز بينهم. كما توجد ليدنا علاقات طيبة وممتازة مع دول أغلبية سكانها من الطائفة السنية ونفس الشيء مع دول ذات الغالبية الشيعية هدفنا الوحيد هو مكافحة ومحاربة الإرهاب ونحن نعرف الواقع الذي نتعاطى ونتفاعل معه وأن أكثر من نصف أعضاء الحكومة السورية من السنة ونفس النسبة أو أكثر توجد في الجيش السوري ولا ننسى أن سوريا بلد علماني.


2 -
إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط؟

في كتاب مهم صدر عام 1991 بقلم المحلل الاستراتيجي الفرنسي آلان جوكس ، وهو شقيق وزير داخلية فرنسا بيير جوكس في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، وعنوانه:" أمريكا المرتزقة" جاءت فقرة ذات مغزى عميق تختزل الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط مفادها، أن هنري كسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير خارجية الولايات المتحدة فيما بعد ، ومهندس السياسة الخارجية الأمريكية على مدى عقود طويلة، كان نائماً في أكتوبر سنة 1973 ، عندما اندلعت الحرب بين إسرائيل وبعض الدول العربية، فتم إيقاظه لإخباره بما يحدث فرد غاضباً :" ألهذا أزعجتموني وأيقظتموني من نومي ؟ دعوا الأطفال يلعبون قليلاً "، وهكذا فإن حرباً مدمرة تزهق فيها آلاف الأرواح وتحدث الخراب والدمار والمآسي هي في نظر هذا المسؤول الأمريكي ليست أكثر من لعبة أطفال.
ولقد أورد بيير جوكس واقعة أخرى تقول أن والد الجنرال شفارتزكوف الذي قاد الجيوش الأمريكية لتحرير الكويت ، كان قد وضع خطة سنة 1973 عنوانها غزو العراق للكويت وماذا يمكن أن يحدث لو تحقق هذا السيناريو. ولا أريد باقتباسي لهذه الفقرات أن أسقط في براثن نظرية المؤامرة ولكن يجب أن ندرك أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم بمصير ومستقبل الشرق الأوسط منذ عشرات السنين باسم المصالح الحيوية العليا للولايات المتحدة الأمريكية . وما نزال نرى الشرق الأوسط اليوم في حالة غليان وحروب وصراعات دموية داخلية ناجم عن الاستراتيجية اللامنطقية التي اتبعتها الولايات المتحدة في هذه المنطقة دون أن تأخذ في الاعتبار احتياجات ومعاناة الشعوب التي تعيش في هذه المنطقة الحيوية . فالمراقبون يتوقعون المزيد من الفوضى والاتجاه نحو الهاوية في هذه المنطقة الاستراتيجية إذا لم يتم تصحيح المسار الاستراتجي الغربي والأمريكي على وجه الخصوص . فالإدارة الأمريكية الحالية ، أي إدارة باراك أوباما ليست هي وحدها المسؤولة عما آلت إليه الأوضاع المأساوية، فكافة الإدارات الأمريكية السابقة ، ومنذ عقود طويلة تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية بيد أن سياسة أوباما الخارجية كانت فاشلة بامتياز بعد ما عقد عليها من آمال في بدايات فترته الرئاسية الأولى .
يكفي أن ننظر لأوضاع العراق وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان وإيران ولبنان وفلسطين لندرك أنها بلغت مستوى لم يسبق له مثيل من التدهور والتأزم منذ فترة ما بين الحربين العالميتين ، خلقت متاهة حقيقية ليس من السهل فك طلاسمها من ناحية التحالفات والتكتلات وتراكب شبكة الصراعات وواجهاتها. فهناك صراعات عرقية وقومية ومذهبية وطائفية ودينية. ففي سوريا تتآمر الولايات المتحدة وتحيك خيوط المؤامرة الإقليمية ضد النظام السوري القائم وفي نفس الوقت تعلن أنها ستحارب وتهاجم جزء من المعارضة ، خاصة الإسلامية في سوريا أي الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش وتدعم وتدرب وتسلح وتمول جبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة الإرهابي، والجبهة الإسلامية، و تمد لهذين التنظيمين يد المساعدة بشكل سري أحياناً وعلى نحو علني أحياناً أخرى وتدعمهم عن طريق غض النظر عن الدعم اللوجستيكي والمادي والتسليحي الذي يقدمه حلفاؤها في المنطقة إلى جانب حليفتها الإقليمية وعضو حلف الناتو الأطلسي أي تركيا وذلك بذريعة محاربة النفوذ والتمدد الإيراني في المنطقة. وفي العراق تحارب الولايات المتحدة الأمريكية ولو شكلياً ولكن على نحو علني تنظيم داعش الإرهابي إلى جانب إيران وحلفاؤهما في الداخل العراقي في حين أنها في اليمن تحارب الحوثيين حلفاء إيران ومعها التحالف العربي أي السعودية ودول الخليج والباكستان ومصر وتتعاون بشكل غير مباشر مع داعش وتنظيم القاعدة هناك ولنفس الذرائع السابقة أي الحد من التمدد الإيراني.
تقف بعض دول الخليج وإسرائيل على نفس الموجة في موقفهما تجاه إيران ويتذرعان بنفس المخاوف من ظهور إيران كدولة نووية ولكن هناك سبب آخر غير معلن لدى بعض الدول العربية وهو منع تفاقم قوة الخصم الشيعي المتمثل بإيران باعتبارها قائدة للعالم السني كما تعتقد وتفرض نفسها بهذه الصيغة. وفي سوريا تساند إيران بكل قوتها النظام السوري بقيادة بشار الأسد في حين تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيين والإقليميين على إطاحته بأي ثمن كان، حتى لو كان ذلك بالتحالف والتنسيق مع المنظمات الإرهابية كداعش والنصرة والجبهة الإسلامية. وفي ليبيا الجميع يعرف أنها أزيلت من الخارطة كدولة حقيقية وحولت إلى دولة فاشلة تقودها الميليشيات بعد أن فككتها أوروبا والسعودية وقطر وتركوها تواجه مصيرها المأساوي لوحدها فريسة للعنف والفوضى والتدمير الذاتي. واليوم يراد لنفس هذا السيناريو الجهنمي أن يعاد في اليمن . فكل ما يجري من حروب محلية إن هي حروب بالوكالة للحرب غير المعلنة بين إيران والعربية السعودية ومن خلفهما من الدول العالمية كالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية من جهة ، ومجموعة دول البريكس من جهة أخرى، أي الصين وروسيا والهند وجنوب أفريقيا. نحن إذا إزاء مجموعة من الحالات والعمليات ذات التبعات التدميرية المعقدة والمتداخلة التي تهدد المنظومة الدولية برمتها. لذا نلاحظ أن هناك عدداً كبيراً من الأمريكيين يطالبون بالانسحاب والابتعاد عن مخاطر ومطبات هذه المنطقة وتركها تبيد نفسها بنفسها دون تدخل خارجي فالحريق الذي نشب في الشرق الأوسط لا قدرة لأحد على إخماده وهو يفوق قدرة وطاقة الولايات المتحدة الأمريكية وحدها على وقفه وإطفائه وإن تبعات وانعكاسات ما يجري هناك تؤثر سلباً على حياتهم اليومية وسلامة اقتصادهم ومواردهم بل وحتى أمنهم. وهم يشعرون أن بلدهم يلعب بنار الطائفية القديم منذ حوالي الألف وخمسمائة سنة حيث الخلاف الديني والعقائدي والسياسي الذي حدث في جسد الإسلام بين الشيعة والسنة وما يزال يلعب دوراً جوهرياً في سيرورة الصراع الإقليمي القائم اليوم بين العربية السعودية وإيران ومن حولهما. ولقد لمس الأمريكيون نتائج هذا الصراع المذهبي أو الطائفي في تفكك الدولة العراقية ودمار سوريا وتخريب اليمن وهشاشة لبنان وهيمنة الدولة الإسلامية في العراق والشام على مساحات واسعة في سوريا والعراق ، إلى جانب سوء الأنظمة القائمة وتفشي الفساد والتعسف والعنف الذي مارسه الحكام في المنطقة والتي نصبتها الأمبراطورية البريطانية في عهدها الاستعماري للمنطقة عندما خلقت مثل هذه الكيانات الكارتونية الهشة والممزقة بعد توقيع اتفاقيات سايكس بيكو السيئة الذكر. ومما زاد الطين بلة هو غزو جورج دبليو بوش للعراق سنة 2003 وما ترتب عليه من تبعات دامية . دون أن ننسى معضلة فلسطين وزرع الكيان الإسرائيلي وقادته المجرمين من أمثال مناحيم بيغن وآرييل شارون وإسحق شامير واليوم بينيامين نيتانياهو. ويطالب الأمريكيون اليوم حكومتهم بالبحث عن بدائل للطاقة المتجددة تغنيهم عن الاعتماد على نفط الشرق الأوسط والتورط بمشاكله العويصة، خاصة وأنهم يملكون مايكفيهم من النفط لعقود طويلة قادمة.
لقد تم اختيار باراك أوباما من قبل الناخب الأمريكي على أساس وعوده بوقف الحرب في العراق وأفغانستان وسحب كافة القوات الأمريكية من هذين البلدين بيد أن أمن الولايات المتحدة يبقى من مسؤوليته الاستراتيجية كرئيس للبلاد وهو يعرف أن هذه المنطقة هي مصدر أساسي للمخاطر وانعدام الأمن الدوليين. وبالتالي على الرئيس أوباما أن يعمل على ضمان أمن الولايات المتحدة الأمريكية وتفوقها العسكري والاستراتيجي والاقتصادي وبالتالي عليه أن يمتلك الخطط الاستراتيجية في كل مكان من العالم . من هنا تعتقد إدارة باراك أوباما أن من واجبها أن تكون متواجدة وحاضرة بقوة في كافة الشؤون والملفات الدولية ، العادية منها والمحتدمة، لا سيما ملف الطاقة. فأي تغيير أو أية تقلبات تمس هذا الملف الحساس سوف تنعكس سلباً على حياة المواطن الأمريكي حتماً. وتواصل إدارة الرئيس الأمريكي الحالي التحجج أمام الرأي العام الأمريكي بالقول إن أي صراعات إقليمية ، خاصة إذا تلبست الزي المذهبي أو الطائفي أو الديني، وتفاقمت فسوف تنعكس على حياة الناس في كل مكان من الكرة الأرضية وسوف تتيح الفرصة للقوى الظلامية والتكفيرية والإرهابية الإسلاموية كداعش والنصرة والقاعدة وغيرها أن تتمدد وتتغلغل وتتحكم بمصائر شعوب المنطقة وتوجهها لمحاربة الغرب ومحاولة تدميره ، وما يحدث في اليمن لهو أنصع مثال على ذلك مما دفع دول الجوار وحليفاتها للتدخل العسكري المباشر في اليمن بذريعة حمايتهم من الأخطار التي تتهددهم من جراء الصراع المسلح المندلع في اليمن حالياً. فتفكيك دول كبيرة مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا من شأنه أن يخلخل المعادلة الإقليمية ويخلق دولاً فاشلة تغرق شعوبها في بحر الحاجة والمعاناة مما سيدفعها للثورة والانتفاضة ومحاولة الانتقام من الغرب الذي تسبب في معاناتها.
ما تخفيه وما تعلنه الولايات المتحدة الأمريكية في الملفين العراقي والسوري:
بات من المتفق عليه برأي معظم المراقبين والمحللين السياسيين والباحثين في مراكز الدراسات الإستراتيجية الدولية ، أنه لا يمكن الفصل بين الملفين السوري والعراقي لأنهما طرفين في نفس المعادلة الجيوستراتيجية والجيوسياسية الدولية والإقليمية و بسبب تداخل المصالح الدولية والإقليمية فيهما. والعامل المشترك الأهم لديهما هو أنهما يواجهان عدواً شرساً واحداً في الوقت الحاضر هو تنظيم داعش الإرهابي الذي يسيطر على أراضي واسعة من البلدين، حوالي ثلثي الأراضي السورية وثلث الأراضي العراقية، وخلق داخلهما دولة الخلافة المزعومة.
فالبلدين حكمهما حزب البعث وأخضعهما لحكم شمولي وتحيط بهما مجموعة دول تضمر لهما العداء والأذى كلما سنحت الفرص لهم مثل تركيا وإيران وبعض الدول العربية، إلى جانب كون سوريا دولة مواجهة مع إسرائيل البنت المدللة للغرب، وكليهما يحتوي على فسيفساء إثني وطائفي وديني متنوع ومتشابه تقريباً . وكلنا يعرف أن الولايات المتحدة الأمريكية على علم بكافة الأمور المتعلقة بهذين البلدين وتتصرف معهما بما تمليه عليها مصالحها الحيوية ومخططاتها الإستراتيجية بعيدة المدى. لقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية، بعد مناورات عديدة، منذ ثمانينات القرن الماضي، وبمساعدة مباشرة من دول الجوار ، العربية السعودية والخليج وتركيا والأردن، من احتواء العراق، وما تزال تناور لتنفيذ نفس السيناريو على سوريا. هناك مؤسسات أمريكية تقوم بتهيئة الظروف والمناخ النفسي والإعلامي اللازم والتمهيد للخطط الميدانية التي تنفذها الإدارة الأمريكية ومؤسساتها العسكرية والسياسية، خاصة مراكز الأبحاث والدراسات، أو ما يعرف بالدبابات المفكرة، التي تمولها الشركات العملاقة والمتعددة الجنسيات، وخاصة مجمع الصناعات العسكرية، وهي التي تستطلع المزاج النفسي للرأي العام وتنتج الوثائق التي تستخدم كذرائع وأسس لتشريعات من قبل المشرعين لإضفاء الشرعية على سلوكيات السلطات التنفيذية بمساندة ومباركة جوقة وسائل الإعلام بكل أصنافها. حصل هذا مع العراق على مدى سنوات وبتنسيق وتنظيم وإعداد دقيق ومدروس على مدى سنوات طويلة للوصول إلى لحظة الحسم التي تتوجت بالغزو الأمريكي المباشر للعراق سنة 2003 وتداعياته المأساوية التي نعيش نتائجها وانعكاساتها التراجيدية على الأرض العراقية. واليوم تنتج مجموعة أمريكية سيئة الصيت هي US Brookings Institution, ، وثيقة تنذر بالخطر الأمريكي القادم المتمثل بالخطوة التالية ألا وهي إمكانية التدخل العسكري الأمريكي المباشر في سوريا وعنوانهاDeconstructing Syria: Towards a regionalized strategy for a confederal country وترجمتها بالفرنسية Déconstruction de la Syrie : vers une stratégie régionale pour la création d’un pays confédéré وتعني تفكيك أو تحطيم سوريا: نحو إستراتيجية من أجل خلق بلد مفكك وموحد كونفدرالياً، أي على نحو مصطنع وهش ودائم الأزمات كما هو حال العراق اليوم. ولقد تم العثور على هذه الوثيقة السياسية السرية المؤرخة والموقعة الصادرة عن مركز الأبحاث المذكور أعلاه والتي تهدف تدريجياً إلى تقسيم وتدمير واحتلال بلد ذا سيادة ومعترف به دولياً ويبعد آلاف الكيلومترات عن الحدود الأمريكية مما يكشف عن مدى خطورة الإمبريالية الأمريكية المعاصرة التي بقيت كما هي خلال القرن العشرين والعقدين الأولين من القرن الواحد والعشرين، أي مصدراً للمخاطر الدولية وخطراً على الأمن والاستقرار الدوليين لأنها لا يمكن أن تعيش بدون أن يكون لها عدو ظاهر أو مستتر وإن لم يوجد مثل هذا العدو فسوف تختلقه من العدم.
وجاء في الوثيقة أنه يجب استغلال الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش" كذريعة، بعد تهويل خطرها،. والمعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية أنفقت مليارات الدولارات والأسلحة إلى جهات مسلحة سورية ادعت أنها معتدلة لكنها لا وجود لها في ساحة الصراع السورية ، ما يعني أن الأموال والأسلحة ذهبت قصدا وبعلم السلطات الأمريكية إلى تنظيمات متطرفة تكفيرية إرهابية معروفة مثل داعش وجبهة النصرة الواجهة السورية لتنظيم القاعدة الإرهابي الذي نفذ حوادث الحادي عشر من أيلول في نيويورك عام 2001 . اعترف كتاب هذه الوثيقة علناً وبصراحة أن الحكومة الأمريكية قدمت مليارات الدولارات لتجهيز وتسليح وتدريب عناصر مسلحة ناشطة في الساحة السورية ومعارضة لنظام الأسد لتغذية الحرب الأهلية المدمرة الدائرة في سوريا رغم مخاطر امتدادها و انتشارها إقليمياً، وهناك قوات خاصة أمريكية سرية تشرف على عمليات تدريب في الأراضي التركية والأردنية ، إلى جانب حث الدوليتين، لا سيما تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، والأردن، على حشد قواتهما العسكرية على طول الحدود السورية تمهيداً لتدخلهما عسكرياً في الأزمة السورية بحجة الدفاع عن نفسيها من تداعيات الحرب الدائرة هناك. وهي بذلك تعلن مواجهة صريحة مع روسيا السند الدولي الرئيسي لسوريا إلى جانب إيران، على الأرض السورية، وتدعو لتوسيع العمليات العسكرية مهما كانت نتائجها الكارثية على الشعب السوري. وتطرقت الوثيقة إلى نشوء داعش دون الخوض في تفاصيل تمويلها وتسليحها ورفد صفوفها بالمتطوعين القادمين إليها من جميع أنحاء العالم حتى من الغرب نفسه عبر الأراضي التركية التي تسهل لهم مهمة وتهريب الرجال والسلاح والمال الأمريكي والغربي والعربي والذي يهرب قسم منه إلى داعش العراق لمواصلة نشاطها الإرهابي العدواني داخل الأراضي العراقية. المطلع على فحوى الوثيقة يدرك تماماً أن الولايات المتحدة الأمريكية تمارس سياستين متناقضتين في هذين البلدين فهي من جهة تدعي محاربة داعش في العراق وسوريا من خلال التحالف الدولي، ومن جهة أخرى تضخ المليارات المالية والمعدات العسكرية وتقدم الدعم والتدريب والتوجيه لعدد من الجهات المسلحة التي تصفها بالمعتدلة وهي وهمية في حقيقة الأمر، ولا وجود حقيقي لها على أرض الصراع المسلح، إذ أن الكل يعلم أن داعش وجبهة النصرة ، أي القاعدة، المتنافستان على كسب هذه المساعدات والحصول على الدعم الأمريكي، هما اللتان تقودان جبهات القتال ضد النظام السوري، أما الجيش الحر فهو مجرد وهم وحضور سياسي في الخارج ليس إلا.

غزو سوريا:
تكشف الوثيقة حقيقة أن خطوط الإمداد اللوجستية ألأمريكية لداعش والنصرة تمر عبر تركيا والأردن لأن الغرب كان قد خطط حتى قبل اندلاع الأزمة السورية سنة 2011 لاستخدام هذين التنظيمين الإرهابيين اللذين تستند عليهما الحملة الأمريكية المنتظرة.
وبعد تمكين الإرهابيين الإسلامويين في داعش والقاعدة من احتلال مناطق شاسعة من الأراضي السورية فإن الولايات المتحدة تنوي لاحقاً استغلال حالة الفوضى والاضطراب السائدة داخل سوريا لتبرير ما تخطط له منذ بداية الأزمة خاصة بعد أن تأكد لها أن النظام مستمر ويقاوم بشراسة كل محاولات الإطاحة به ولن يستسلم بسهولة ولن ينهار في الوقت الحاضر ، والسعي إلى إقامة مناطق عازلة ومحمية محاذية للحدود التركية السورية والأردنية السورية، سميت بالمناطق الآمنة على غرار ما حصل في العراق إبان مرحلة الصراع ضد نظام صدام حسين. وبعد تثبيت أركان هذه المناطق ومدها بموجبات الحياة والاستمرار وحمايتها بغطاء جوي وبقرار أممي لتعيش مستقلة عن السلطة المركزية السورية، سوف تحول إلى مناطق معدة لاستقبال القوات الأمريكية والقوات الموالية لها أي التركية والأردنية مع ترك الجماعات الكردية السورية تحكم سيطرتها على المناطق ذات الأغلبية الكردية ومنحها استقلالها وحمايتها بالتنسيق مع كردستان العراق. وفصل الشمال والجنوب السوري عن الوسط والغرب حيث تتواجد قوات النظام. والسماح للمتطوعين الأجانب والمرتزقة للتسلل إلى الداخل السوري عبر هذه المناطق " المحررة" والآمنة الموضوعة تحت الحماية الأمريكية والغربية، حتى لوكانت تسيطر عليها عناصر تكفيرية متطرفة ومتشددة دينياً وتمارس الإرهاب والقمع الوحشي ضد السكان والمعارضين لها. وتفترض الولايات المتحدة الأمريكية أن قوات النظام السوري لن تتجرأ على مهاجمة القوات الأمريكية المتمركزة في تلك المناطق بحجة حمايتها تفادياً لردة فعل أمريكية عسكرية كبيرة مباشرة متوقعة ضد النظام السوري كما حصل سابقاً في العراق.
وتتلخص الفكرة بمساعدة عناصر وصفت بأنها معتدلة قد تنسلخ من جلد هذين التنظيمين ظاهرياً لإدارة المناطق المحمية ومن ثم يتم نقل قوات عربية وتركية وبريطانية ضمن تشكيل تحالف دولي بطلب من الأمم المتحدة، كي تقوم بتقديم المساعدة والدعم، ليس فقط جواً بل وفي البر كذلك من خلال قوات النخبة والقوات الخاصة، وتتم مراقبة خطوط الهجمات المتوقعة من جانب النظام السوري وبأحدث الأجهزة التكنولوجية المتطورة ومنع اقترابها من خلال الضربات الجوية المكثفة، وعمليات القوات الخاصة الأجنبية المدربة على الأرض . وإذا ما تصرف الأسد بحماقة وهدد المناطق الآمنة المزعومة فسوف يخسر المعركة ويخسر قوته الجوية بفعل الغارات والضربات الجوية التي ستشنها القوات الجوية الأمريكية والأطلسية والعربية المتواجدة هناك، وهو ليس مجنوناً لكي يخاطر بالقوة الوحيدة التي تجعله متفوقاً على قوات داعش وجبهة النصرة ألا وهي القوة الجوية والطيران. وتعترف الوثيقة الأمريكية أن النظام السوري لا يحارب شعبه بل يواجه هجمات داعش والقاعدة، وبالتالي يمكن للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية استغلال هذا الواقع كذريعة لغزو سوريا عسكرياً بحجة تخليصها من خطر داعش والقاعدة في حين أن الغربيين يتعاونون مع هذين التنظيمين الإرهابيين على أرض الواقع من أجل إسقاط نظام الأسد واحتلال سوريا في نهاية المطاف، بيد أن هذه الخطة الإستراتيجية فوجئت بحجم ومستوى ونوع التجخل الروسي العسكري المباشر في سوريا ومغازلته للعراق لتشكيل مركز التنسيق الاستبخاراتي الرباعي في بغداد الذي يضم غيران والعراق وسوريا وروسيا، مما وضع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية أمام أمر واقع جديد، سيرغم الجميع على الجلوس حول طاولة مفاوضات دولية تضم الجميع في فيينا للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية وبالتالي حتماً للخروج من الطريق المسدود الذي وصل إليه العراق اليوم. وفسح المجال لمصر لكي تستعيد أنفاسها وترميم بيتها الداخلي وكلك تونس وفرض حل سلمي توافقي على اليمن وتعزيز حماية الأردن والمغرب وعمان من تداعيات الفوضى العارمة التي تضرب منطقة الشرق الأوسط برمتها.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرخ كبير في نسيج العلاقات بين الجالية العراقية والسفارة العر ...
- حتى لا يدعي العالم بالقول أنه لم يكن يعلم الحقيقة عن داعش
- السينما عندما كانت فن ورسالة
- هنا حوارية اليوم مع الأستاذ د. جواد بشارة حول ( الانسان بين ...
- الحقيقة الظاهرة والحقيقة الخفية لداعش 2-1
- كون واحد أم عدد لامتناهي من الأكوان؟
- فرنسا بين نارين
- الله والكون جدل العلم والدين
- كمبيوتر المستقبل : هل هو الحاسوب الكمومي أو الكوانتي ؟
- الكون المرئي في سطور خلال قرن
- هل سيتعرى الكون أمام أعين البشر يوما ما ويكشف عن نفسه؟
- دورة الحروب الحديثة التي لا تنتهي في العراق
- حرب التحالف الدولي على داعش تبدأ بالمخابرات
- الواقع الظاهر والوقع الخفي في الكون المرئي 2
- الواقع الظاهر والوقع الخفي في الكون المرئي 1
- داعش بين صورتها الحقيقية وقصور الإعلام 1
- الغرب ينظر إلينا بعين واحدة
- نقاط القوة والضعف في كينونة القوة القائدة للعالم
- داعش الآلة الجهنمية التي خرجت من رحم الإخوان المسلمين
- الولايات المتحدة الأمريكية منجم المشاكل الدولية؟


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - الإستراتيجيات الدولية في الشرق الأوسط وصراع الدول العظمى سوريا والولايات المتحدة الأمريكية