أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة . الجزء الخامس : مصادرات ساذجة ومقدمات خاطئة















المزيد.....

خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة . الجزء الخامس : مصادرات ساذجة ومقدمات خاطئة


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 373 - 2003 / 1 / 20 - 04:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

ثالثاً: مصادرة الحق الطبيعي في ميدان الفكر والثقافة والعلوم في الاعتراض والتساؤل من خلال قسر وقمع غير مباشرين بحيث يغدو المعترض وحامل التساؤل كالخارج على الجماعة (الناس) أو على الناطق باسمهم (صاحب الكتاب / باقر ياسين ) ناسياً بأن ضحيته (الشعب العراقي) جزء من هذا (الناس) ولا بد لهذا الشعب أن يرفض وصفه بالشعب العنيف والدموي وصفات أخرى كررها الكاتب عشرات المرات من مثل: (الغدر والتقلب والنفاق وخيانة العهود والعصيان والخذلان وبقية الأحكام الاتهامية البغيضة ص102 من الكتاب) وكما في قوله ـ لا فض فوه ـ  بأن الشعب العراقي صاحب نفسية (مفعمة بالتشفي واللؤم والحقد والشماتة. ص321) غير أن الكاتب كان قد اتخذ كافة الاحتياطات بحيث يجهز على الضحية نفسها ويجعلها تقر وتعترف بأنها كذلك قولاً وفعلاً، من خلال عملية غسيل مخ ساذجة وصبيانية. ففي الأسطر التالية لتلك الحاوية على المصادرات الثلاث يعلن الكاتب وبشيء من الهدوء والمرح المريبين ونلفت الانتباه إلى إننا قبسنا وسنقبس أقوال الكاتب كما هي ودون التدخل فيها من الناحية اللغوية: (والأمر الغريب والمثير إن العراقيين لم يعودوا يجدون في وصفهم ووصف بلادهم بالعنف والقسوة والدموية أية غضاضة أو منقصة أو إحراج مخجل بل ربما وجد البعض منهم تلك الأوصاف مدعاة للقوة والعنجيهة والمباهاة ص15). وهكذا استنطق الكاتب ضحيته وجعلها تعترف، (بعظمة) لسانها، إنها مجرمة ومدانة. ولم يبق أمام الكاتب سوى القيام بدور الجلاد (العشماوي)( ) وبدلاً من حبل المشنقة سيستعمل الجلاد قلمه وركام الحوادث والأحداث التاريخية والمنتزعة من سياق تأريخي وتاريخي مديد  طوله خمسة آلاف سنة والمرصوفة – تلك الحوادث – مجدداً بشكل منحاز ومعروضة بطريقة خاصة لتقع عليها العين الخاصة من زاوية، ومعذرة للتكرار، خاصة جداً، وبحيث تخدم أغراضه ونواياه المعلنة ومنذ السطر الأول.

لنتفحص موضوعة (أحاديث الناس) التي احتج بها صاحب الكتاب ومن وجهة نظر تاريخية علمية هذه المرة وليس من وجهة نظر شتائمية ساذجة. إن النماذج الثلاثة التي يمكننا النظر إليها بشيء من الثقة بسبب الذيوع والانتشار هي تلك الخاصة بمصر والشام والعراق ولكننا لسنا في صدد تقديم دراسة تشريحية شاملة للحالات الثلاث ولكننا نكتفي بالإشارات التحليلية التي يتسع لها المقام. فنسجل في البداية ـ مكرراً ـ إن اقتران ذكر العراق مثلاً بظاهرة العنف والميل إلى استعماله لها جذر حقيقي وواقعي ولكن هذا الجذر التاريخي سببه سلسلة الحوادث العنيفة والتي تصنف إلى الأشكال التاريخية الشائعة: حروب، ثورات، اضطرابات وقد تضاف إليها الكوارث الطبيعية كالفيضانات في حالة العراق والأوبئة والطاعون على جهة الحصر.

هذا الحشد من الحوادث العنفية ستكون له آثار على جبهتين: الأولى هي الجيل المعاصر للحادثة والذي يليه وبشكل شعوري وأيضاً كامن في لا شعور الأجيال اللاحقة، والجبهة الثانية هي الثقافة العامة وذكريات الناس في المنطقة المحيطة بالإقليم المعني بالظاهرة. بمعنى ما، لا نستطيع تكذيب عربي من الشام عاصر ثورات العراقيين ضد الخلافة الأموية، إن هو حدثنا عن روح الاندفاع والميل إلى العنف عند العراقيين ولكن هل يعني هذا أن ثورات وانتفاضات أخرى لم تحدث في الحجاز أو في مصر أو في خراسان وباقي أقاليم الدولة العربية الإسلامية آنذاك؟ وهل يعني ذلك إن أهل الشام وهم الطرف المقابل في الحادثة العنفية لا علاقة لهم بظاهرة العنف بل هم شعب مسالم أو كحد أدنى أنهم أقل ميلاً إلى العنف؟ أسئلة كهذه لابد من التصدي لها والبحث عن أجوبة رصينة لها وليس الاكتفاء بتسليط اللعنات وشامل صور الويل والثبور والعار والشنار على الطرف الآخر، لا لسبب، إلا لأن السيد فلان شاء أن يجعله ـ الطرف الآخر وهو هنا العراق وشعبه ـ موضوعاً لكتاب سمين ذي غلاف صقيل أنيق!

ونلخص فنقول: إن امتداد وكثافة سلسلة الحوادث العنفية والتي كان الشعب (الذي نسميه اليوم الشعب العراقي) ضحيتها، إن هذا الامتداد وتلك الكثافة هو ما يعطي خصوصية معينة، معنى معيناً، لهذه الظاهرة في العراق. هذا أولاً، وثانياً ينبغي البحث أيضاً عن نوع آخر من الخصوصيات البيئية الحاثة والمؤثرة سلباً أو إيجاباً على ضمور أو ظهور هذه الظاهرة. وكمثال على هذا النوع ينبغي أخذ غنى وخصوبة ووفرة خيرات إقليم العراق بالاعتبار البحثي وكذلك الخصوصية المناخية المتمثلة في التطرف القاري المعروف (حار جداً صيفاً بارد جداً شتاء) وسلسلة مكملة من الدراسات التفكيكية والتحليلية مختلفة المنهجيات.

وبالمثل، يسعنا النظر بشيء من التفهم إلى المثال المصري والذي قام بدور المعلن عنه فاتح مصر وداهية العرب والقائد التكتيكي الفذ عمرو بن العاص صاحب قولة (الدف والعصا) المشهورة، فماذا ننتظر من قائد بدوي (والكلمة الأخيرة تصنيف مجتمعي لا سبة كما سيفهم بعض المتربصين) يفتح إقليما ذا حضارة ضاربة في أعماق التاريخ لها علومها وفنونها وآدابها كإقليم مصر؟ ماذا نتوقع أن يقال عن شعب محب للحياة ولتجليات الحياة الأكثر رهافة وحضوراً ألا هو الفن بمختلف أشكاله من رقص وغناء ورسم.. الخ كالشعب المصري؟ ولن نبتعد كثيراً فيما يخص المثال الشامي عن النتائج التي يحيل إليها منطق التحليل المادي التاريخي أو التاريخي النقدي المعتمد على تفسير الأساس المادي للحياة وكلاهما واحد. فالشام إقليم بحري، غني، عريق، وفير الخيرات. عرف صناعة السفن منذ آلاف السنين وأنشأ البحار والتاجر الشامي الممالك والمدن التجارية بعيداً عن موطنه بآلاف الأميال، ماذا نصنف أو كيف سننظر إلى شعب يعيش في إقليم كهذا، وما الخصوصيات والظاهرات التاريخية التي يحيل إليها؟ وهل نعتبر حديث (المتاجرة بالسمك وهو في الماء) أكذوبة قادمة من كوكب آخر؟

ليكن ما تقدم من كلام جرعة أولى من مياهات المنطق التفسيري الذي نعتمده ليعطي القارئ تصوراً أولياً بهذه الدرجة أو تلك من الوضوح. ولكننا سنعود إلى مقدمة الكتاب مرة أخرى وأخيرة بعد أن أطلنا الوقوف عند أسطرها الأولى لما انطوت عليه من مصادرات ساذجة ومقدمات خاطئة.

يعترف الكاتب إن كتابه جاء نتيجة لمجموعة من (الخواطر والأفكار والمخاوف) والتي ذكر بعضها من قبيل التصاق العراق والعراقيين بالعنف الدموي والموجات القادمة المرعبة من العنف.. الخ، ولكننا نسجل له مجموعة من النوايا الطيبة المعلنة كقوله (وبإخلاص صادق نقول إن المفكرين والمثقفين والسياسيين في العالم أجمع وفي مقدمتهم العراقيين مدعوون لأسباب إنسانية وحضارية وثقافية للمساهمة والمساعدة في إخراج العراق من دوامة العنف الدموي وأخطاره المدمرة وطنياً وقومياً وإقليمياً وعالمياً ص16) إن هذا الكلام الإنشائي والسطحي رغم اللهجة العطوفة التي يتبرقع بها لا تشير إلى شيء ذي جدوى، خصوصاً بعد أن قرر الكاتب أن يمسخ الضحية العراقية جلاداً دموياً وألصق به كل النعوت السلبية الجارحة والتي قد يتحرج بعض إعلاميي العدو الصهيوني أو الأمريكي من إطلاقها على شعب الرافدين العظيم.
أما قول الكاتب في مطرح قريب آخر بأن (بحثنا في هذا الموضوع المأساوي المؤلم لا يعني الإساءة للعراق أو التنكر لحضارته العظيمة في التاريخ وليس على حساب إسهاماته الخالدة في الحضارة الإنسانية ص17) فهو قول لن نعلق نحن عليه بل نترك ذلك للقارئ حين ينتهي من قراءة هذا البحث أو حين يعود إلى الكتاب المريب نفسه.

وللحديث صلة في الجزء القادم وسيكون السادس  .




#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة / الجزء ا ...
- العراق لن يكون - سعودية - ثانية في المشرق العربي !
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة الجزء الث ...
- إتلاف الإتلاف : نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء ال ...
- خرافة العنف الدموي في العراق في ضوء العلوم الحديثة - الجزء ...
- الابتزاز والقمع لا يشرفان المواقع العراقية على الإنترنيت !
- مؤتمر لندن ليس المرجعية الصحيحة للمعارضة العراقية !
- المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- ال ...
- ملاحظات سريعة أخرى حول النسب القومية والطائفية
- إيضاحات الى السيد راضي سمسم
- دفاعا عن العراق والحقيقة وليس عن المجلس الأعلى
- إيضاحات إضافية مهمة :حول النسب القومية والطائفية في العراق
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا و دلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب الع ...
- المعجم الماسي في التنكيت العباسي - الجزء الثاني
- ليكن انتقام العراقيين تسامحا !
- الشحاذ السياسي والتحليل النفسي !
- سلاح الصمت بين الركابي والنعمان


المزيد.....




- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل
- جهود عربية لوقف حرب إسرائيل على غزة
- -عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم- مر ...
- شاهد.. سيارة طائرة تنفذ أول رحلة ركاب لها
- -حماس-: لم نصدر أي تصريح لا باسمنا ولا منسوبٍ لمصادر في الحر ...
- متحف -مرآب المهام الخاصة- يعرض سيارات قادة روسيا في مختلف مر ...
- البيت الأبيض: رصيف غزة العائم سيكون جاهزا خلال 3 أسابيع
- مباحثات قطرية أميركية بشأن إنهاء حرب غزة وتعزيز استقرار أفغا ...
- قصف إسرائيلي يدمر منزلا شرقي رفح ويحيله إلى كومة ركام
- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة . الجزء الخامس : مصادرات ساذجة ومقدمات خاطئة