أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- الى حرب تدمير العراق !














المزيد.....

المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- الى حرب تدمير العراق !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 358 - 2003 / 1 / 4 - 02:18
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


               

                                                                       
   لو طرحنا السؤال التالي ( أيهما أكثر فائدة وإيجابية في حياة البشر الحب أم الخوف ؟) لوجدنا أن أغلبية كاسحة من الأجوبة ستميل الى جانب الحب . الأسباب وراء ذلك ليست عويصة تماما، وبعضها يتعلق بآراء مسبقة ونتاج تربية واعتياد وتقاليد مجتمعية متراكمة جعلت من الحب هو الجذر المشترك لكل ما هو إيجابي ونبيل ومقدس وجميل  .. الخ . وأصارح القارئ بأنني كنت سأميل مع الأغلبية المصوتة لصالح الحب لو لم أطلع على وجهة نظر مخالفة أقنعتني بصوابها جزئيا  .
  وجهة النظر هذه تعود للكاتب والفنان الأمريكي المتمرد  بول بولز  الذي قضى شطرا مهما من حياته في مدينة طنجة المغربية . وقد كتب عنه الروائي المغربي محمد شكري صاحب " الخبز الحافي " كتابا صغيرا وكثيفا وممتعا رغم لغته الشبيهة بلغة الترجمات الفقيرة الى  السلاسة  بعنوان " بول بولز وعزلة طنجة " .بالعودة الى وجهة نظر بول بولز حول الحب والخوف وتأثيرهما على الحياة الإنسانية يقول هذا الأخير ما معناه أن التأثير المباشر للحب هو تكاثري فقط ، فبه يضمن الجنس البشري وجودة وانتشاره وتناسله  العددي لا أكثر ولا أقل ، أما الخوف فهو السبب المباشر والقوي خلف جميع الإنجازات العظيمة التي حققها البشر على امتداد تاريخهم .
   يمكننا أن نمدد هذه الفكرة الثاقبة ونكسوها بلحم الأمثلة فنقول أن خوف الإنسان مثلا من الفيضانات هو ما دعاه لبناء السدود والخزانات والقلاع الشاهقة فولدت الهندسة وخوفه من الأمراض ومعاناة آلامها هو ما جعله يبحث عن الأدوية وأساليب العلاج فولد الطب  . الخوف، إذن ،شعور فطري وطبيعي يعتري الإنسان فيدفعه الى البحث عن وسائل دفاعية يتجنب بواسطتها المعاناة والألم ، فيتفادى الموت مؤقتا وتتنصر الحياة لديه  وبهذا فهو يرتقي الى درجة أعلى في سلم التطور الإنساني ويكتسب منعة أشد قوة .
للوهلة الأولى تبدو فكرة بولز سديدة لا سبيل الى إنكار  منطقيتها وعقلانيتها على ما فيها من قسوة جعلته يعطي الأفضلية للخوف والرعب وليس للحب ،ولكن هذه الفكرة تصطدم بأسئلة محرجة تجعلها أكثر نسبية ،فإذا كان بوسع المرء المتفق معها الإتيان بالأمثلة المؤيدة والمتعلقة بالدواء والسدود .. الخ ، فليس بوسعه تفسير إنجازات أخرى لم يكن الدافع إليها الخوف . وفي هذا السياق  يمكننا  الكلام عن اختراع الكتابة مثلا  فمن الصعب الاعتقاد أن الخوف هو السبب الرئيس خلف الوصول إليها .
غير أن بولز وفي مطرح آخر من كتاب شكري عنه ، يتكلم عن موضوع قريب من هذا وهو عن علاقة الخوف بالمعرفة . فهو ينظر الى الخوف هنا كموضوع سلبي أو كمعطى معيق ينبغي تجاوزه والانتصار عليه بواسطة المعرفة. ونضرب لذلك المثال التالي : كان بولز يعيش في طنجة خلال ما يسميه الإعلام "حرب الخليج الثانية" أي العدوان الشامل لتدمير العراق سنة 1991، وقد راقب بولز عن كثب تصرفات السكان المحليين المغاربة الذين تضامنوا مع العراقيين وتعاطفوا معهم ضد العدوان الغربي الذي رأوا فيه حربا دينية . يقول بولز ( لقد أثارت الحرب حفيظتهم لأنهم مسلمون فهناك مسيحيون يقتلون مسلمين وبالطبع فإن مثل هذا الأمر لم يكن يعجبهم ، لكنهم نسوا أن ملكهم قد أرسل جنودا من أجل قتل المسلمين ،وفي النهاية نسي الجميع كل هذا ، وأنه لأمر طيب . إنني أكره الحرب ، وأعتقد أن هناك قليلا جدا من أناس يحبونها ، فالحرب تعطيهم الشعور بالقوة والعظمة وفي العمق فهذا هو ما يبحثون عنه . نحن لا نخاف الذين نعرفهم ولا نشعر بالتهديد سوى من الأشخاص أو الأشياء التي نخاف منها . "المعرفة" فقط هي التي يمكنها الانتصار على الخوف ..)
لنحاول الآن تسجيل الخلاصات المهمة لهذا التحليل الخارج من ذهن فنان وأديب متمرد ولكنه عالي الحساسية الوجدانية  وليس من عقل عالم متخصص أو سياسي محترف ..
نلاحظ أن بولز نظر الى الخوف ليس كباعث أو محفز إيجابي بل كطريق نحو الجهل المسبب للخراب الذي تقنع بقناع الحرب .. و وضع  الكاتب يده على العلاج فكانت  "المعرفة"   هي الماء الدافق الذي يطفئ الحرائق التي يشعلها الجلادون وأهل الحرب . لقد فعل بولز كل ذلك بحركة انسيابية راقية ودون حذلقات فرسم خطا على رمال الوجود بين :
الخوف الإيجابي المثمر و المحفز  أي كفعل عمودي صاعد.
والخوف السلبي المسبب للعمى السياسي والأخلاقي والمؤدي الى الحروب  أي كفعل عمودي نازل .
و الحب  كعامل تكاثر وتناسل أي كفعل أفقي مديد تبرق فيه الإنجازات الفنية والجمالية .
ثم جعل المعرفة بمثابة النقيض المقاتل ضد جيوش القتلة من دعاة الحروب والعنف .

 

نشرت تحت عنوان آخر في يومية "الزمان" عدد 3/1/2003
 

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات سريعة أخرى حول النسب القومية والطائفية
- إيضاحات الى السيد راضي سمسم
- دفاعا عن العراق والحقيقة وليس عن المجلس الأعلى
- إيضاحات إضافية مهمة :حول النسب القومية والطائفية في العراق
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا و دلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب الع ...
- المعجم الماسي في التنكيت العباسي - الجزء الثاني
- ليكن انتقام العراقيين تسامحا !
- الشحاذ السياسي والتحليل النفسي !
- سلاح الصمت بين الركابي والنعمان
- الآداب الممنوعة وحصة العراق
- الشاعر العراقي سعدي يوسف يفضح عرس بنات آوى !
- اعتذار النظام للكويتيين يعكس هشاشته ، ويعطي الصدقية للخيار ا ...
- الحوار المتمدن تجربة رائدة وفي صعود دائم
- تصبح على خير يا رفيق !
- الإسلام السياسي والديموقراطية : خصوصيات المجتمع العراقي . ...
- الإسلام السياسي والديموقراطية :الحزب الديني والحزب السياسي ...
- الإسلام السياسي والديموقراطية : التطرف العلماني والتطرف الإس ...
- توضيحات الى الأخ كريم النجار : الشخص المعني كان البادئ و و ...


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- الى حرب تدمير العراق !