أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - ليكن انتقام العراقيين تسامحا !














المزيد.....

ليكن انتقام العراقيين تسامحا !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 345 - 2002 / 12 / 22 - 02:36
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                       
                                                              

   حين دخلت قوات  الحركة الساندينية  العاصمة النيكاراغوية "ماناغوا" ظافرة ألقى قائد الحركة دانيال أورتيغا والذي أعدم الدكتاتور المطاح به سوموزا عددا  من أشقائه وأقاربه خطابا في الثوار المنتصرين ،وفي جماهير الناس التي ذاقت الويل بسبب قمع سوموزا ومضاعفات الحرب الأهلية فقال ضمن ما قال جملة ظلت تردد طويلا في مسامع الجميع ، منتصرين ومهزومين ،أسياد الأمس وأسياد اليوم ،قال: ليكن انتقامنا الغفران !
  لقد كان بوسع هذا القائد وفي اقتداره أن ينظم حمام دماء رهيب وسهل لبقايا ورموز النظام المنهار ،وكان بوسعه وفي اقتداره أن يفكر بعقلية ثأرية فينتقم لأشقائه وأقاربه وأبناء شعبه الذين قتلوا ظلما وعدوانا على يد الدكتاتور وزبانيته  فيقتص من عدوه المهزوم و يروي غليل المهضومين وهو في صدارتهم ! لكنه اختار الطريق الأصعب والذي لا يلجه سوى ذوي الأرواح العظيمة والحساسية العالية تجاه الحياة ونسغها السري ألا وهو طريق العفو والغفران عمن ظلم واستبد من قبل  المنتصر المقتدر .
  شيء كهذا حدث على ما يروي الرواة حين دخلت قوات الثوار العاصمة الكوبية بقيادة تشي جيفارا و  راؤول كاسترو بعد اندحار قوات  الطاغية باتيستا و يومها  قدم قائد الجهاز الأمني للحركة الثورية قائمة طويلة بأسماء رجال العهد المباد وعناصره القمعية التي تم اعتقالها الى تشي جيفارا مقترحا محاكمة هؤلاء علنا أمام الجماهير وإعدامهم ، فما كان من جيفارا إلا أن جَعْلَكَ ورقة القائمة ورماها جانبا وهو يقول لرفيقه عبارته الذهبية :
- يكفي ما في كوبا من آرامل وأيتام !
  أمثلة كثيرة تزين تاريخ الشعوب كالمجوهرات التي تخطف الأبصار والألباب و التي تحيلنا الى الجانب المضيء في تاريخ البشر بعامة فتجعل اجتراح البطولات الحقيقية ليس في كسر قوى الخصم أو إبادته عن طريق إلقاء قنبلة نووية – كما فعل الأمريكي ترومان - على مئات الآلاف من الناس الأبرياء ، دون تفريق بين عسكري ومدني أو بين رجل كهل و طفل رضيع لا يعرف للحياة والوجود معنى ، بل جعل ميدان البطولة الأنبل والأسمى في ميدان التسامح وثقافة اللاعنف والحوار العقلاني وجعل الرحمة فوق العدل إن لم تكن صنوه وشرطه المندغم به   .
  غير أن الغريب في الموضوع هو أن أمثلة هذه البطولات تغيب عن أذهان الناس ، ولا يمكث في الذاكرة الجمعية غير مشاهد الدمار والألم والدماء  ، فهم  ينسون بسرعة معجزة تفكيك النظام العنصري الدموي في جنوب أفريقيا الذي دام عدة قرون وكان مسلحا بالقنابل النووية والاقتصاد المتين  فتم تفكيكه بشكل سلمي وسلس وإنساني . و هم ينسون الثورة "القرنفلية" في البرتغال أو الثورة "المخملية " في جمهورية جيكوسلوفاكيا وفي العديد من دول أوربا الشرقية ذات الأنظمة الستالينة . وأسمح لنفسي هنا بأن أفتح قوسا وأسجل احترامي ،على الرغم من مواقفي الشديدة النقدية للتجربة الستالينية ، لقادة تلك الأنظمة و للطريقة التي  تصرفوا بها  بمنتهى النبل والتحضر والإنسانية وبشهادة حتى أعدائهم الرأسماليين وفي اليمين المتطرف خصوصا  ، ربما باستثناء الحالة الملتبسة والدموية  في رومانيا ، فانسحبوا من السلطة بهدوء و ذهب من ذهب منهم الى المنفى ، وانتحر البعض ، وبدأ البعض الآخر يؤسس لتجربة جديدة عادت به الى السلطة قبل أن ينصرم عقد واحد على هزيمته  المدوية . لقد كان بمقدور هؤلاء -كما قال أحدهم وهو  هونيكر رئيس ألمانيا الشرقية – ارتكاب حمام من دم في قلب أوروبا ولكنهم رفضوا ذلك الخيار رفضا قاطعا وسلموا المفاتيح  لخصومهم بشجاعة ! وقد استمعت قبل عدة أيام الى الدبلوماسي العربي في الأمم المتحدة  الأخضر الإبراهيمي وهو يدلي بمداخلة في برنامج  تلفزي  حول أفغانستان، فروى أنه تحادث ذات مرة مع بعض رموز المعارضة التشيلية خلال فترة تنحي الدكتاتور بينوشيت عن السلطة ، وناقشهم حول قرارهم بالدخول في مفاوضات مع النظام الاستبدادي  و التخلي عن طريق التغيير بواسطة العنف المسلح . يقول الإبراهيمي سألتهم عن الدافع الأساسي لاتخاذهم هذا القرار  فقالوا :
- كنا نناضل في الماضي من أجل العدالة والسلام ثم وصلنا ،وبعد عشرين عاما من القتال ضد نظام بينوشيت، الى درجة  اقتنعنا فيها بأننا من الممكن أن نربح السلام أما العدالة  فليس الآن  على الأقل !
لعمري تلك هي طريقة تفكير الأحرار إذا ما اتفقنا على أن الإنسان الحر ليس هو من يرفض أن يقع عليه ظلم الآخر بل هو أيضا ، و في الآن ذاته ،  من يرفض أن يوقع الظلم على الآخر.

جريدة " الزمان " الجمعة 20/12/2002

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشحاذ السياسي والتحليل النفسي !
- سلاح الصمت بين الركابي والنعمان
- الآداب الممنوعة وحصة العراق
- الشاعر العراقي سعدي يوسف يفضح عرس بنات آوى !
- اعتذار النظام للكويتيين يعكس هشاشته ، ويعطي الصدقية للخيار ا ...
- الحوار المتمدن تجربة رائدة وفي صعود دائم
- تصبح على خير يا رفيق !
- الإسلام السياسي والديموقراطية : خصوصيات المجتمع العراقي . ...
- الإسلام السياسي والديموقراطية :الحزب الديني والحزب السياسي ...
- الإسلام السياسي والديموقراطية : التطرف العلماني والتطرف الإس ...
- توضيحات الى الأخ كريم النجار : الشخص المعني كان البادئ و و ...
- صح النوم يا رفاق ! الحزب الشيوعي العراقي وجماعة-التحالف الكب ...
- زلمة النظام حين ينقلب ثورجيا !
- ملاحظات سريعة حول : التغيير السلمي والعدوان النووي الوشيك !
- مئة وخمسة بالمئة انتهازية 105% :بمناسبة اقتحام الكبيسي ومجمو ...
- التصريحات الأخيرة للزعيم الكردي العراقي مسعود البرزاني : موا ...
- دفاعا عن مبدأ المواطَنة وليس عن فخري كريم !
- المعجم الماسي للتنكيت العباسي - طرائف من التراث العربي – الج ...
- لا أمان لصهاينة المعارضة العراقية !
- تعقيبا على مقالة - مبادرة للانفتاح الديموقراطي - للأستاذ باق ...


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يخضع -ميتا- للتحقيق.. ويوضح السبب
- مدينة طنجة المغربية تستضيف يوم الجاز العالمي
- ?? مباشر: آمال التوصل إلى هدنة في غزة تنتعش بعد نحو سبعة أشه ...
- -خدعة- تكشف -خيانة- أمريكي حاول بيع أسرار لروسيا
- بريطانيا تعلن تفاصيل أول زيارة -ملكية- لأوكرانيا منذ الغزو ا ...
- محققون من الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية في ...
- مقتل 6 جنود وإصابة 11 في هجوم جديد للقاعدة بجنوب اليمن
- لقاء بكين.. حماس وفتح تؤكدان على الوحدة ومواجهة العدوان
- زيارة إلى ديربورن أول مدينة ذات أغلبية عربية في الولايات الم ...
- الرئيس الصيني يزور فرنسا في أول جولة أوروبية منذ جائحة كورون ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - ليكن انتقام العراقيين تسامحا !