أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة الجزء الثالث : الجذور التاريخية للعنف منذ حنى بعل















المزيد.....

خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة الجزء الثالث : الجذور التاريخية للعنف منذ حنى بعل


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 370 - 2003 / 1 / 17 - 05:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


              
       
        خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة /3.
            الجزء الثالث :  الجذور التاريخية للعنف منذ حنى بعل .

                                                            

إن خرافة العنف العربي أو العنف بوصفه ثيمة عربية ليست بنت زماننا الحاضر فلقد سعى الغربيون خلال احتكاكاتهم (عدواناتهم) في غابر الأزمان لتنميط هذه الصورة لأسلاف العرب الساميين منذ الانتفاضة ضد الهيمنة الرومانية ذات السمات الاستقلالية التي قادتها زنوبيا ملكة تدمر المثقفة الحسناء فجيشت روما الجيوش ضد رمز العنف والإرهاب العربي آنذاك فكان أن دفع أحرار تدمر ثمن حلمهم الاستقلالي ونزوعهم نحو الحرية وسيقت زنوبيا مقيدة بأصفاد صنعت خصيصاً لها من الذهب الخالص أسيرة إلى روما لتموت في الطريق هناك أو بعد سنة واحدة أو سنتين من وصولها حسب بعض الروايات.

إنه الثمن ذاته الذي دفعته المملكة الفينيقية الكنعانية (قرت حدشت ـ القرية الحديثة) والتي اشتهرت باسمها قرطاجنة فيما بعد. ولكن حني بعل بن حمل قار لم ينتظر أن تأتي فيالق الرومان القاسية لتهدم عاصمته الجميلة على رأسه بل بادر هو وقاد حملة عسكرية أسطورية في بطولتها هادفاً إلى تدمير روما رمز العدوان والتخريب الغربي وبعد سلسلة انتصارات حققها حني بعل وأهمها انتصاره على جبال الألب المرعبة وتمكنه من عبورها بجيشه الضخم المزود بالفيلة وكذلك انتصاره على جيوش الرومان في معركة كوناي التي انتهت بمقتل ألف جندي روماني، بعد تلك الانتصارات تحصنت روما خلف أسوارها ورفع قائدها فابيوس شعاره القتالي (دعه يتعفن)( )وطفقت تنسج الخطط لدفع المهيمنين في طرقاجنة إلى خذلان القائد الكنعاني الشاب وهذا ما حدث وبدا جيشه بالتعفن والتشظي وانتهى الأمر بحنى بعل نفسه مشرداً في بلاد الأناضول حيث مات منتحرا. لقد ثأرت روما من قرطاجنة فيما بعد ثأراً لا سابقة له في تاريخ البشرية حيث صدر ولأول مرة في التاريخ حكم بإعدام مدينة بمن وبما فيها فلم يقتصر الانتقام الروماني على البشر بل تعداه إلى الحيوان بل وحتى الجمادات فبعد تدمير المدينة وقتل كل حي فيها خرج الجنود الرومان كما يروي المؤرخون وهم يحملون أكياس الملح لينثروه في حقول ومزارع قرطاجنة لكي لا تنبت شيئاً فيما بعد وهو نفس التكتيك الانتقامي الذي استعمله الأمريكان مع حقول ومزارع فيتنام ولكن بدلاً من الملح تطورت الهمجية الأمريكية تكنولوجيا واستعملت السموم الكيمياوية المسماة العامل البرتقالي! قررت روما إذن أن لا يعاد بناء المدينة مرة أخرى أبداً وظل هذا القرار ساريا حتى رحيل أحفاد فابيوس (المستعمرين الفرنسيين) في القرن العشرين فبادر الحبيب بورقيبة إلى بناء القصر الجمهوري فيها مطلقاً عليه اسم (قصر قرطاج) أما الرئيس الذي تلاه فقد أمر بطبع صورة متخيلة للقائد حني بعل على ورقة نقدية. غير أن اسم حني بعل واسم أبيه حمل قار مازالد يكتبان ويلفظان حتى اليوم على الطريقة الرومانية، في تونس الحالية: هانيبال وإميلكار أما في ليبيا فقد أراد العقيد القذافي تخليد حنى بعل بأن أطلق اسم حنى بعل (هاني بال) على أحد أشهر السنة! وعلى أحد أبنائه الذكور. ولن يكون خالياً من الطرافة والمتعة البحث مستقبلاً في دور اللاشعور في صنع بعض تفاصيل التاريخ!

مع الحروب الصليبية جرى استكمال تفاصيل صورة العربي بالريشة الرومانية [العنيف، القاسي، الغادر، الكاذب، الشبق، الذي لا عهد ولا أمان له زير النساء والطاعن من الخلف]. ولعل تدقيقاً موثقاً ومدروساً  بعناية على ضوء علم النفس المجتمعي سينتهي إلى خلاصات مثيرة منها إن الغربيين في فترتهم الصليبية كانوا ينمذجون صفاتهم هم ويلقونها على [عربي..هم] أو على العربي كما يرون إليه.

ومع الأخذ باعتبار أن الرومان كانوا هم من غزا أرض العربي وليس العكس، وأنهم ما زالوا إلى يومنا هذا يحتفظون بجل تلك الصفات وبشكل مفرط في التناول: فالحرب أصبحت اغتيالاً جماعياً ومن ارتفاع آلاف الأمتار والطعن من الخلف صار بالصواريخ عابرة القارات حيث حول صاروخ واحد منها مئات النساء والأطفال العراقيين إلى كتل متفحمة في ملجأ العامرية ببغداد سنة 1990، أما الجنس فقد صار عندهم تجارة نافقة وممارسة بهيمة لا محل فيها لكرامة المرأة أو الرجل، لا بل إنها عدمت حتى الأبعاد الاهتيامية والجوانب الشاعرية بل والإحساسات الذائقية البسيطة والتي لا تخلو منها حتى بعض أنواع الحيوانات والطيور الراقية، نقول مع الأخذ بنظر الاعتبار ما سبق يتضح لنا بأن البعض من صناع ومقرري الإعلام والثقافة الغربيين يعانون مما يعاني منه بعض المراهقين المصابين بعارض التحويل وإلصاق سلبياتهم بالغير.

ثمة مثال تطبيقي نادر على الملاحظة التقريرية السابقة ففي أيام الحروب الصليبية كان ضمن من تصدى للغزاة الفرنجة من العرب وعامة المسلمين فرقة تسمى الحشاشين ـ ربما جاء اسمهم من تناولهم للحشيشة قبل القيام بعملياتهم ـ وهي، تلك الفرقة، كما يعرفها بعض المؤرخين فرع من فروع الإسماعيلية ذات الصيت الثوري الذائع. وكان الحشاشون يقاتلون على جبهتين: ضد الغزاة الصليبيين الفرنجة وضد بعض الولاة المسلمين المخالفين لهم طائفياً وسياسياً، إن كل ما كان يعرفه الغزاة الغربيين عن هؤلاء المدافعين عن أرضهم وناسهم وعقائدهم هو أنهم قساة ودمويون يميلون لتفضيل الاغتيال في تصفية أعدائهم وما زالت كلمة حشاشين أو (أساسان) [ASSASSIN]        كما يلفظونها باللغة الفرنسية تعني في القاموس الفرنسي: القاتل، السفاح، المغتال( ).
هكذا تجري عملية كتابة التاريخ أو الانتقاء في التعاطي التاريخي بين الأمم حيث يتحول في أيامنا هذه المناضل من أجل حرية شعبه واستقلال بلده في نظر الغزاة المحتلين إلى سفاح وإرهابي وأحياناً تحتسب جرائم وحروب فريقين من الغزاة على أرض شعب ثالث كوصمة عار على هذا الشعب الضحية وهذا ما سنتطرق إليه بشيء من التفصيل في نقدنا لكتاب صدر حديثاً له علاقة معينة بموضوعنا.

غير أن الخلاف في نظرة الطرفين (صانعي الحادثة العنفية) ليس هو كل شيء لتأطير الظاهرة وإبراز قسماتها التاريخية بشكل جلي، ولكن تلك النظرة قد تساعدنا مساعدة ثمينة في مسعانا. بتحديد واختصار ينبغي ـ من وجهة نظرنا ـ بحثيا تفسير ظاهرة العنف في حياة أي شعب من الشعوب على أساس ما سميناه تناول وتفسير الحادثة العنفية بوصفها حادثة تاريخية لها أساسها الحياتي المادي وظرفها التاريخي و(الزمكاني) العام أي كل ما يتعلق ببيئة ومحيط الظاهرة بوصفها عنقوداً هائلاً من الحوادث العنفية وكل حبة في هذا العنقود ستكون مشروطة بتاريخها الحقيقي والظروف الملموسة المحيطة، إضافة إلى جملة العوامل التي سيهتم بدراستها وتفكيكها علم النفس المجتمعي على أسس نظرية بحثية أو مختبرية. ونوضح مزيداً من التوضيح فنقول: وحتى بصدد تلك الشعوب التي عرفت بتقاليد وإرث عسكري وعنفي ذائع كالشعب المغولي والشعب التركي وشعوب أوربا الغربية، مع منح نوع من الاستثناء والخصوصية لظاهرة الانغماس في العنف إلى درجة الحالة الوبائية لظاهرة العنف لدى المستوطنين الآريين البيض في العالم الجديد "أمريكا" والذين أقاموا دولة دموية ومدنية (ولا نقول حضارة) قائمة على العنف والبهيمية الجنسية والاضطهاد الطبقي والتطرف العنصري والديني على أرض الهنود الحمر الذين أبيدوا بسيوف وبنادق البيض الآريين أنفسهم، لا بد من استثناء هذه الحالة ـ مع إن من الصعب إطلاق اسم أو صفة الأمة على ملايين الناس في دولة الولايات المتحدة الأمريكية فهم إلى التجمع و(اللملوم)( ) السكاني البشري المتنوع أقرب ـ من المنهجية التي نحاولها ونحاول بها التفسير ولكن وفيما يخص الشعوب الأخرى فلا ينبغي اللجوء إلى التفسيرات العنصرية واللاعلمية الحاطة من قدر وكرامة تلك الشعوب وإنما، كما نرى، تنبغي دراسة ظاهرة العنف بدراسة أجزائها المكونة والتي سميناها الحوادث العنفية على أسس منهجية تاريخية نقدية ونفسية مجتمعية. غير أن هذا لا يعني قطعاً عدم وجود تأثيرات وآثار للظاهرة نفسها – ظاهرة العنف – على طبائع الناس وحالاتهم النفسية لفترات قد تطول أو تقصر بوصفها الجزئيات التي ستشكل الصورة الكيلة والعامة لشعب ما، أو للدقة: لشعب عانى أكثر من سواه من ظاهرة العنف وشكلها الأكثر هولاً: الحروب.

إن من التسرع والشطط طبعاً توقع وانتظار إننا سنفعل كل ما تقدم، أو إننا في سبيلنا لإنجاز وتقديم قراءة تاريخية ونفسانية لظاهرة العنف في التاريخ البشري فتلك مهمة أقرب إلى الاستحالة في التحقيق، ولكننا أردنا أن نرسم مخططاً عاماً ومبسطاً للمنهجية التي سنعتمدها في تفسير الظاهرة عن طريق قراءة نقدية لمحاولة اعتباطية اتخذت شكل كتاب. أما من ناحية الإطار التاريخي والتأريخي وأرضه الجغرافية فسوف نخص بالدراسة والتحليل هذه الظاهرة في تاريخ العراق تحديداً ودون تعيين أو تأطير تأريخي داخلي إنما سنسمح للدراسة بأن تكون شاملة ومتحركة. وإن كان لا بد لنا من الإشارة المحددة إلى الباعث على هذا الاهتمام أو مناسبته فهو باختصار صدور كتاب جديد قبل فترة قصيرة يحمل العنوان المعبر التالي: (تاريخ العنف الدموي في العراق. الوقائع، الدوافع، الحلول) لصاحبه باقر ياسين وقبل الشروع في دراسة متن وجزئيات الكتاب والمنهجية العجيبة التي اتبعها صاحبه، سوف نقدم وصفا عاما  لذلك الكتاب :

وللحديث صلة في الجزء القادم وسيكون الرابع .




#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إتلاف الإتلاف : نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء ال ...
- خرافة العنف الدموي في العراق في ضوء العلوم الحديثة - الجزء ...
- الابتزاز والقمع لا يشرفان المواقع العراقية على الإنترنيت !
- مؤتمر لندن ليس المرجعية الصحيحة للمعارضة العراقية !
- المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- ال ...
- ملاحظات سريعة أخرى حول النسب القومية والطائفية
- إيضاحات الى السيد راضي سمسم
- دفاعا عن العراق والحقيقة وليس عن المجلس الأعلى
- إيضاحات إضافية مهمة :حول النسب القومية والطائفية في العراق
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا و دلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب الع ...
- المعجم الماسي في التنكيت العباسي - الجزء الثاني
- ليكن انتقام العراقيين تسامحا !
- الشحاذ السياسي والتحليل النفسي !
- سلاح الصمت بين الركابي والنعمان
- الآداب الممنوعة وحصة العراق
- الشاعر العراقي سعدي يوسف يفضح عرس بنات آوى !
- اعتذار النظام للكويتيين يعكس هشاشته ، ويعطي الصدقية للخيار ا ...


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة الجزء الثالث : الجذور التاريخية للعنف منذ حنى بعل