أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - صورة المرأة في (أنتِ صباحي ) للشاعر فوزي الاتروشي














المزيد.....

صورة المرأة في (أنتِ صباحي ) للشاعر فوزي الاتروشي


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5000 - 2015 / 11 / 29 - 12:35
المحور: الادب والفن
    


رسم الشاعر فوزي الاتروشي في مجموعته التي اسماها (انت صباحي) ، صورة ذهبية ، بريشته الشعرية ، للمرأة ، على اعتبارها المعشوقة والحبيبة والانسانة ، وملهمة الشعراء ، والتي وصفوها على انها وراء كل رجل عظيم . الم يهيم الشاعر العربي قيس بن الملوح (مجنون ليلى) ، بمحبوبته ليلى ، لأنه عشقها وتمالكه الهيام ، فُجن ، وكذلك فعل جميل بثينة ، وقيس ولبنى . فهؤلاء الشعراء الكبار لم يكتبوا قصائدهم العصماء لولا الحب والعشق والهيام الذي سيطر على شغاف قلوبهم ، فكان هذا الهيام بمثابة الشعلة التي اججت نار ابداعهم ، فأفضت بقصائد لاتزال تُكتب فيها الدراسات والبحوث الى يومنا هذا .
والشاعر الاتروشي في مجموعته هذه ، كأنه يريد اكمال الدرب الذي قطعه الشاعر نزار قباني ، والذي كان يقول بأنه دافع عن المرأة ثلاثين عاما . فالقباني له مجموعة شعرية اسماها (أنت لي ) وهي قريبة من (أنت صباحي) ، يقول القباني:
((لو أنتِ لي ..
أرْوِقَةُ الفجر مدايَ الأفْسَحَ
لي أنتِ ..
مهما صنَّفَ الواشونَ ، مهما جَرَّحُوا
وحدي .. أَجَلْ وحدي ..
ولنْ يَرْقى إليكِ مَطْمَح)) .
بينما الاتروشي يقول من قصيدة بعنوان (أنت لي وطن) ص99من ديوانه:
((أنت يومي وغدي وكل ايام حياتي
واليكِ أن دعوتُ دعائي
واليكِ بعد الله صلاتي
وكل خطوط الكحل في عينيك منزلي
وفيه قررت اقضي عمري الآتي
قبل أن احبك كان قلبي هشيما ورمادا)) .
فالصورة الشعرية بين منطق الشاعرين تعبر عن نفس الفكرة ، ونفس الشجن واللوعة ، وان كانت المعاني والمفردات مختلفة ، لكن الغرض واحد والهدف ىنفسه . فهناك امرأة ، حبيبة ، وهناك قلب واله ، متيم بالغرام ، ينشد الوصال والتقارب ما بين القلبين . فالشاعر الاول – القباني - جعل حبيبته مثل الفجر ، والفجر يعني الكثير في قواميس الشعراء ، كالحياة ، والامل ، والمستقبل ، والفرح ، وغير ذلك . واما الشاعر الثاني - الاتروشي – فقد جعل حبيبته بمثابة الوطن ، والكل يعلم أن الوطن هو اغلى من كل شيء ، اغلى من الانفس ومن الاموال ومن الاولاد ، و كل شيء ، مهما كان ثمنه يرخص من اجله ، ولأجله . فالوطن اذا تعرض للاعتداء الخارجي فالشعوب تناضل وتضحي بكل ما تمتلك من اجل كرامة هذا الوطن ، ومن اجل صون حرمته ، واعزازه ، والحيلولة عن عدم تدنيسه من قبل الغزاة والطامعين .
وهنا الاتروشي قد انتصر على القباني ، وغلبه في المعنى والتعبير ، وفي البعد الفلسفي والمنطقي للحالة مابينه وبين القباني .
وفي قصيدة اخرى للاتروشي بعنوان(شكرا لأنك الآن امامي) يقول:
((شكرا لأنك الآن امامي
تجلسين مثل الحمام
ففي النهار انت جليستي
وفي الليل حلم في المنام
لك في كل مسامات جلدي حضور
لك في كل قطعة من كياني مقام)) .
ففي هذه الصورة الشعرية ، يشعر الشاعر أن حبيبته دائما هي معه ، يتحسسها في كل شيء ، حتى في مسامات جلده ، ولو ذهبنا الى مدرسة التحليل النفسي لفرويد ، لوجدنا أن مثل هذا الاحساس هو جزء من الشعور العلاجي لمثل حال الذي يتعرض لكذا صدمات نفسية من تأثير سيطرة الحبيب على كل مسامة في الانسان وهي عبارة عن نبض ينبض بذكره بصورة مستمرة ودائمة.
الشاعر هنا كان موفق في رسم صورة المرأة – الحبيبة التي تملكت شغاف قلبه ، فصار يتحسسها في شعوره ووجداته اكثر ما يتحسسها بيده او يرمقها بناظريه.
ومن قصيدة اخرى للشاعر ، ومن نفس المجموعة يقول من قصيدة له بعنوان(حمامة السلام)ص35 :
يداي تنفتحان على عالم
من الخير اذ يداك..
تلوحان لي وتنفتحْ
ذاك يوم اطل الحزن علي
وود عني رسول السرور والمرحْ)).
وهذا العالم الذي يشعر به الشاعر هو عبارة عن وجود تلك المرأة – الحبيبة التي لا تنفك ان تبرح مخيلته ليلا ونهارا ؛ فأن برحت تلك الصورة سيشعر الشاعر- الحبيب بموجة من الحزن التي تجتاح كل شيء في داخله . والشاعر يكتفي هنا فقط بتلويحة واحدة من يد الحبيبة ، فهي بمثابة تدفق السرور الذي هو عبارة عن قشعريرة تدخل كيان الانسان ، فكأنها رسول السرور والمرح ، كما عبر عنها الشاعر.
ومن قصيدة اخرى للشاعر بعنوان(قرطك الذهبي) ص51 ، ينحى الشاعر منحى آخر في رسم صورة حبيبته ، اذ يقول :
((كلما تطايرت خصلات شعرك الاسود الفاحم
اركض نحو دفتري لأكتب شيئا
فتحضرني دمعة حرى وحال بكاء
وتأتيني القصيدة .. لكن مجللة بالسواد
تجمع حوالي مجالس العزاء
واهرع نحو اقرب مصحة)).
هذه الصورة تختلف عن مثيلاتها من الصور التي سبقتها ، لكن هنا ثمة مواخذة بسيطة على الشاعر في الشطر الاول ، فقد استعمل الاسود والفاحم ، ويفترض منه أن يختار كلمة واحد ، اما الفاحم واما الاسود ، وهي كافية بالتعبير عن الاخرى .
فالصورة هذه حزينة جدا ، وقلقة ، والشاعر هنا يعبرمناطق اخرى في رسم الصورة ، وهو ايضا قلق ويشعر بالتوتر ، والاضطراب النفسي ، وفي الوقت نفسه تستحضره ملكة الشعر ، فيريد ان يكتب ، لكن طابع الكتابة يشعره بالسواد ، وهو عبارة عن الحزن الجميل الذي عادة ما يفجر القصيدة ، لكن الشاعر لا يريدها هكذا . وبين القلق النفسي والشعور بالحزن ، تتمالكه رغبة الجنون ؛ والجون هو قمة النشوة والشعور بالعظمة . ومن هنا تقول العبارة الشائعة: (خذوا الحكمة من افواه المجانين) .
واخيرا اقول : المجموعة جميلة وتستحق القراءة واتمنى لشاعرها الاتروشي مزيدا من العطاء والابداع ، واشكره على اهدائها اياي.

[email protected]



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابو ظبي هل لعبت صح ؟
- الاتفاق الروسي – الفرنسي هل سيصيب الهدف ؟
- هل أردوغان يريد اشعال حربا في المنطقة ؟
- مدينتي يغتالها الارهاب
- الغداء مع النبي والعشاء مع علي
- ماذا بعد حادث باريس ؟
- الكونجرس ... قرار التقسيم والرفض العراقي
- حادث سقوط الطائرة هل سيوتر العلاقة الروسية – التركية ؟
- نصوص قصيرة - 3
- لماذا الولايات المتحدة قللت ضرباتها الجوية على اوكار داعش؟
- داعش : قطع الرؤوس و-قرآن الدراسة-
- هل كان مجلس الامن الدولي نائماً ؟ !
- داود الكعبي .. كن انسانا أفضل
- (دموع الندم) اقصوصة
- نصوص قصيرة (2)
- ابن تيمية في (السياسة الشرعية ) (5)
- استمرار إحراق القرآن
- ابن تيمية في (السياسة الشرعية)(4)
- أحلام الخباز
- ابن تيمية في (السياسة الشرعية) (3)


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - صورة المرأة في (أنتِ صباحي ) للشاعر فوزي الاتروشي