أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - المُطلق فى أحاديث البخارى















المزيد.....

المُطلق فى أحاديث البخارى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4992 - 2015 / 11 / 21 - 22:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المُـطلق فى صحيح البخارى (8)
طلعت رضوان
من بين الآفات والكوارث فى الثقافة العربية/ الإسلامية (وفى كل الأديان التى تعتمد ثقافتها على المرجعية الدينية) الإيمان بالمُـطلق ، وهذا الإيمان يؤدى – بالضرورة الحتمية - إلى نبذ ومعاداة (النسبى) ومع ملاحظة أنّ (النسبى) هو الذى أسّس (التعددية) وبالتالى فإنّ (المُـطلق) هو الذى كرّس ل (الأحادية) التى جعلتْ عقول المؤمنين بها مثل البازلتْ ، بخاصيته المُــتميّـزة بالصلابة، ومن هنا كانت عقول المؤمنين بالأحادية يصعب التعامل معهم، أو حتى مجرد التفاهم نظرًا لإيمانهم بأنهم يملكون (الصواب المُـطلق) وأنّ المُـختلفين معهم على (خطأ مُـطلق)
ومن خلال قراءاتى فى كتب التراث العربى/ الإسلامى، اكتشفتُ أنّ آفة (المُـطلق) سائدة وطاغية فى تلك الكتب ، سواء فى النثر أو فى الشعر، كما أنه (المُـطلق) تأكــّـد فى الأحاديث المنسوبة لنبى الإسلام ، ومع التأكيد على أننى لا أهتم باسم قائل الحديث ، لأنّ العبرة بمضمون الحديث ، الذى هو ترجمة للعقلية العربية، مثل الأحاديث التى وردتْ فى صحيح البخارى.
ولأنّ الثقافة العربية/ الإسلامية نظرتْ للمرأة نظرة احتقار، بالتأكيد على أنها أقل من الرجل ، لذلك جاء الحديث الذى قال فيه النبى ((لا تــُـسافر المرأة يوميْن إلاّ مع زوجها أو ذو محرم ، ولا صوم فى يومىْ الفطر والأضحى ، ولا صلاة بعد صلاتيْن بعد الصبح حتى تطلع الشمس ، وبعد العصر حتى تغرب ، ولا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد : مسجد الحرام ومسجد الأقصى ومسجدى)) (حديث رقم 1197) فإذا تمّ التغاضى عن مسألة الصلاة والصيام ، وتحديد المساجد على سبيل الحصر، فإنّ عدم سفرها إلاّ مع زوجها أو (محرم) يضع أمام العقل الحر، صورة مُـجسّدة عن الفارق الحضارى بين المجتمع العربى ، وبين مُـجتمعات أخرى (وخاصة فى الحضارة المصرية) لم تعرف مثل تلك القيود على حركة المرأة ، والدرس المُـستفاد من ذلك هو أنّ تلك المجتمعات كانت تنظر للمرأة على أنها (إنسان) قبل النظر إليها على أنها (أنثى) وبالأدق على أنها (مصدر الغواية للرجل) فى تأكيد لما ورد فى الديانة العبرية بشعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام)
وماذا يعنى قول الرسول ((التسبيح للرجال والتصفيق للنساء)) ؟ (حديث رقم 1203 وحديث رقم 1204) ألا يعنى هذا أنه (أطلق) حرية التسبيح للرجال فقط ؟ أما قوله (التصفيق للنساء) التى وردتْ فى الحديث الأول ، ثم وردتْ (التصفيح) فى الحديث الثانى فهو تأكيد على المُـطلق.
والمُـطلق يشمل دخول الجنة بشهادة البعض أنّ فلانــًـا كان يعمل الخير، وهو ما ورد فى حديث قاله النبى ((أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة)) فسأله البعض ((وثلاثة)) ؟ قال (وثلاثة)) فسأل البعض ((واثنان)) ؟ قال ((واثنان)) (حديث رقم 1368) أى أنّ شهادة البعض لفلان (بالخير) تــُـدخله الجنة ، دون تحديد مفهوم (الخير) أليس القتال ((فى سبيل الله)) من أعمال الخير؟ وأليس غزو الشعوب الزراعية لنهب مواردها (من أعمال الخير) ؟ وهكذا كانت آلية المُـطلق لتثبيت أركان مشروع الدولة العربية/ الإسلامية التى تأسّستْ على الغزو والقبول بواحد من ثلاثة : الإسلام ، أو الجزية أو القتال.
ويرتبط بالحديث السابق الحديث اللاحق الذى قال النبى فيه ((كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يـُـهوّدانه أو يـُـنصّـرانه أو يـُـمجـّـسانه (نسبة إلى المجوسية) كمثل البهيمة تــُـنتج بهيمة)) (حديث رقم 1385) والمُـطلق فى هذا الحديث ، ركــّـز على الترويج لكراهية غير المسلمين (اليهود والمسيحيين والمجوس) ولم يكتف بذلك وإنما شبـّـههم بالبهائم وذلك فى قوله ((البهيمة تــُـنتج بهيمة))
والمُـطلق يأخذ شكلا آخر حول تجنب نار جهنم بأقل الأشياء وهو ما عبّر عنه نبى الإسلام فى حديث قال فيه ((اتقوا النار ولو بشق تمرة)) (حديث رقم 1416) ومعنى (شق تمرة) أى نصف تمرة أو نصف بلحة كما يقول شعبنا (المصرى) وهكذا كان الدخول إلى عقول العرب من خلال ذلك الساحر (المُـطلق) وأنّ نصف بلحة (على سبيل الصدقة) سوف تــُـجنــّــب (المسلم) نار جهنم بغض النظر عن أفعاله. والحديث السابق تأكــّـد فى الحديث رقم 1418.
أما حديث النبى الذى قال فيه ((اليد العليا خير من اليد السفلى)) (حديث رقم 1427) فهو أحد الأحاديث المهمة فى تأكيد خطورة الترويج للمُـطلق ، خاصة وأنّ (المُـطلق) فى هذا الحديث لم يُـحـدّد المقصود ب (اليد العليا ولا المقصود باليد السفلى) ولكن يسهل على العقل الحر استنباط المعنى المقصود من خلال قراءة القرآن ومجمل سيرة نبى الإسلام ، أى أنّ صاحب (اليد العليا) هو (المؤمن) بنظرة القرآن للمرأة التى هى (أدنى) من الرجل ، وبضرورة أخذ (الجزية) من المسيحيين واليهود ((وهم صاغرون)) (التوبة/ 29) وهى التى تبدأ ب ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله.. إلخ)) أى أنّ الآية صريحة فى أنّ مصير من يرفضون الإيمان ب (الله) يكون بقتالهم . أو قتل كل المُـختلفين مع نبى الإسلام بالتطبيق لآية (تقاتلونهم أو يُسلمون)) (الفتح/ 16) أو تطبيق متوالية القتل (أى دون تحديد فترة زمنية كما يزعم أصحاب العاطفة الدينية) وهى المتوالية التى نصّـتْ عليها آية ((يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة)) (التوبة/ 123) وهى الآية التى تمسّـك بها الإسلاميون المعاصرون لنا فى القرن الحادى والعشرين ، ويتــّـهمون كل مختلف مع رؤاهم (من الكفار) مثلما قتلوا المفكر فرج فودة رغم أنه فى كل كتاباته كان يـُـدافع عن الإسلام ويعترف بوحدانية (إله الإسلام) وكما قتلوا فضيلة د. محمد حسين الذهبى (وزير الأوقاف الأسبق) لأنه ((لا يفهم صحيح الإسلام)) وكما قتلوا الرئيس (المؤمن) أنور السادات ، والأمثلة عديدة. وإذن فإنّ من سلــّـموا عقولهم للتراث العربى/ الإسلامى ، ويحرصون على العمل بأحاديث نبى الإسلام ، فإنهم – لكى تكون (يدهم هى اليد العليا) فإنّ عليهم تطبيق ما ورد فى القرآن ، أما المقصود باليد (السفلى) فهى – بمفهوم المُـخالفة – عكس (اليد العليا) أى التى لا تعمل بالقرآن ولا بأحاديث النبى الذى قال ((أمرتُ أنْ أقاتل الناس حتى يشهدوا أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله.. فإنْ فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم.. إلخ)) (حديث رقم 25)
وتأكــّـد المُطلق فى حديث قال النبى فيه ((من حجّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) (حديث قم 1521، وحديث رقم 1819، وحديث رقم 1820) أى أنّ الحج وعدم (الرفث) وعدم (الفسوق) سوف يجعل من قام بتلك الشعيرة الدينية مثل الطفل المولود حديثــًـا ، أى الذى لم يرتكب أية (ذنوب) وبغض النظر عن تلك الذنوب ، حتى لو كانت القتل والسرقة وتخريب المدن والآثار، كما يفعل الإسلاميون المعاصرون لنا فى القرن الحادى والعشرين من كافة التنظيمات الإسلامية الإرهابية.
وتجسّـد المُـطلق فى حديث خصّ به مكة والمدينة واستثناهما من باقى دول العالم ، حيث قال نبى الإسلام ((ليس من بلدٍ إلاّ سيطؤه (الدجال) إلاّ مكة والمدينة ، ليس له من نقابها نقب ، إلاّ عليه الملائكة صافين يحرسونها ، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات ، فيـُـخرج الله كل كافر ومنافق)) (حديث رقم 1881، وحديث رقم 1882) فإذا كان الأمر كذلك (وبغض النظر عن لغة المـُـطلق) فكيف كفــّــر محمد بن عبد الوهاب أهالى المدينة ومكة ؟ بل إنه تجرّأ على هدم مقابر صحابة الرسول ، والتى كانت مزارًا للتقديس والتبرك ، بل وتدمير مسجد حمزة عم الرسول ، ووصف معارضى المذهب الوهابى بأنهم ((أعداء للإسلام)) ويجب قتالهم والاستيلاء على ممتكاتهم ، ثم تمكــّــن بين (عامىْ 1805، 1806) من إخضاع مكة والمدينة والاستيلاء عليهما ، بل إنّ ابن عبد الوهاب تمادى لدرجة أنه اعتبر أنّ مجرد إعتناق الإنسان للإسلام ((ليس كافيـًـا فى ذاته)) بل إنّ الشخص الذى ينطق الشهادتيْن ، ويظل يُـمارس الشرك (من وجهة نظره مثل زيارة المقابر.. إلخ) ينبغى إدانته واعتباره كافرًا ويجب قتاله. واستشهد ابن عبد الوهاب بآية ((إنّ المُـنافقين فى الدرك الأسفل من النار)) (النساء/145) ولذلك كان من رأيه أنه ((واجب على كل مؤمن قتال المسلمين (المنافقين) مثلهم مثل المشركين والكفار. وقد برّر آل سعود (الذين أيـّـدوا ابن عبد الوهاب) هجماتهم على الإمارات المُجاورة والاستيلاء عليها بالاستناد إلى آليه (التكفير) وأنّ التكفير موجب للقتال . ورغم تأييد رجال الدين بمنطقة (نجد) لآل سعود ودفاعهم عن حكمهم ، فإنّ المؤرخ (ابن غنــّـام) سجـّـل مناظرة بين رجال الدين من نجد ورجال الدين من الحجاز، أثناء فترة حكم الشريف غالب (1788- 1813) حيث انتقد رجال الدين أتباع مكة نظرائهم أتباع نجد وأعلنوا أنّ ((المسلم غير الوهابى مُـشرك وكافر)) واكتفى رجال الفريق الآخر بأنْ ردوا عليهم بأنّ قتال غير المسلمين أمر غير شرعى ، ولكنهم أضافوا ((ينبغى قتال الحكام غير المسلمين)) (الإسلام والعرش- الدين والدولة فى السعودية- تأليف د. أيمن الياسينى – كتاب الأهالى- رقم 26- يونيو1990- ص71) وبالتالى فإنّ حديث نبى الإسلام الذى استثنى فيه مكة والمدينة من (سيطرة الدجال) وخروج ((كل كافر ومنافق) من هاتيْن المدينتيْن ، لم يتحقق لسبب بسيط ، وهو أنّ (المُـطلق) يتنافى مع الواقع المادى ، الذى تؤيّـده وقائع التاريخ .
وعن الواقع المادى لأحداث التاريخ ، فإنّ شهر رمضان لم يختلف عن أى شهر شهد الكثير من جرائم السرقة والقتل.. إلخ ، وهى وقائع تتناقض تمامًا مع حديث نبى الإسلام ((إذا دخل شهر رمضان فــُـتحتْ أبواب السماء ، وغــُـلقتْ أبواب جهنم ، وسُـلسلتْ الشياطين .. وفــُـتحتْ أبواب الجنة)) (حديث رقم 1898، حديث رقم 1899) بينما الواقع المادى أثبتَ أنّ (الشياطين) لم تكن مُـسلسلة (أى مُـقيـّـدة بالسلاسل) وإنما كانت تــُـمارس عملها فى شهر رمضان كباقى شهور السنة.
وتستمر متوالية المُطلق فى حديث قال النبى فيه ((من قام ليلة القدر إيمانــًـا واحتسابــًـا غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن صام رمضان إيمانــًـا واحتسابــًـا غفر له ما تقدم من ذنبه)) (حديث رقم 1901) وتكرّر فى الحديث رقم 2009. أى أنّ (قيام ليلة القدر) وكذلك صيام شهر رمضان ، سوف يضمنان ل (المسلم) مسح (كل) ذنوبه السابقة ، بغض النظر عن (نوعية) تلك (الذنوب) حتى ولو كانت القتل والتخريب ، كما يفعل الإسلاميون فى عصرنا البائس .
وفى حديث عبارة عن حوار بين نبى الإسلام وجبريل قال الأخير ((من مات من أمتك لا يُـشرك بالله شيئــًـا دخل الجنة)) (حديث رقم 2388) وهذا الحديث هو ترديد لما ورد فى القرآن ونصـّـتْ عليه آية ((إنّ الله لا يغفر أنْ يُـشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) (النساء/48) وتكرّر فى نفس السورة آية 116، وبنفس الألفاظ . فإذا كان هذا المعنى قد ورد فى القرآن وتكرّر مرتيْن فى سورة واحدة ، فما جدوى النص عليه فى حديث قاله محمد وما مغزى ذلك ؟ وهل هناك مغزى غير تثبيت أهمية عدم (الشرك) ب (الله) بغض النظر عما يرتكبه المسلمون من جرائم ؟ ومع ملاحظة أنّ الأمر – فى النهاية – مرتبط ومتوقف على (مشيئة الله)
وهذا المعنى الذى تكرّر كثيرًا حول عدم (الشرك بالله) صاغه نبى الإسلام فى حديث آخر له دلالة خاصة حيث قال ((أتانى آتٍ من ربى فأخبرنى أنه من مات من أمتى لا يـُـشرك بالله شيئــًـا دخل الجنة)) فسأله سائل : وإنْ زنى وإنْ سرق ؟ فقال النبى ((وإنْ زنى وإنْ سرق)) (حديث رقم 1237) وهكذا فإنّ الإيمان بوحدانية الإله وعدم الشرك به ، أهم من السرقـة والزنى .
والإيمان بالمُـطلق لدرجة الولع جعل نبى الإسلام يقول ((خير الناس قرنى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ، ثم يجيىء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ، ويمينه شهادته)) (حديث رقم 2652) ودلالة هذا الحديث أنّ الناس (أى المسلمين) هم خير البشر طوال قرن بكامله ، أى على مدار مائة سنة ، فى حين أنه عقب وفاة نبى الإسلام الذى قال هذا الحديث ، انقلب العرب المسلمون ضد بعضهم البعض ، وتمّ قتل عمر بن الخطاب وعثمان وعلى بن أبى طالب ثم ابنىْ على (الحسن والحسين) إلخ ، بخلاف أنّ صحابة نبى الإسلام حاربوا بعضهم البعض ، وبخلاف أنّ ثلاثة من الذين أخذوا تأشيرة دوخل الجنة (ضمن العشرة المُـبشـّـرين بالجنة) قاتلوا بعضهم البعض (على وطلحة والزبير) بالاضافة إلى عائشة (زوجة نبى الإسلام) كما تمّ ضرب كعبة (المُسلمين) بالمنجنيق مرتيْن . حدث كل هذا قبل اكتمال دورة (القرن) أما ما حدث بعد ذلك (طوال عهود الخلافة الإسلامية) فإنّ كتب التراث العربى/ الإسلامى رصدتْ المذابح التى تسبـّـب فيها المسلمون ضد بعضهم البعض ، وهى المذابح المُـستمرة حتى لحظتنا البائسة وأنا أكتب فى عام 2015. كما أنّ (خير الناس قرنى) ترديد لما ورد فى آية ((كنتم خير أمة أخرجتْ للناس.. إلخ)) (آل عمران/ 110) ومع مراعاة أنّ تلك الآية ترديد لما ورد فى العهد القديم عن ((شعب الله المختار)) حيث ورد النص التالى على لسان الرب العبرى ((فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض)) (خروج : إصحاح 33- الآيتيْن 16، 17) ثم جاء القرآن وتبنى وجهة نظر بنى إسرائيل فقال ((يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمتُ عليكم وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم.. إلخ)) (البقرة/40) وكرّرها فى نفس السورة – الآية رقم 47، مع إضافة ((وإنى فضلتكم على العالمين)) وكرّرها فى نفس السورة الآية رقم 122 بنفس الألفاظ ، وكرّرها فى سورة أخرى مع المزيد من المديح فقال ((ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب والحـُـكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين)) (الجاثية/ 16) وبدون المزيد من الاستطراد وضرب الأمثلة ، يتبيـّـن أنّ حديث محمد ((خير الناس قرنى)) ترديد لما ورد فى العهد القديم وما ورد فى القرآن عن تفضيل بنى إسرائيل على كل البشر، وكما فضــّــلهم الرب العبرى فى التوراة ، كذلك وقف القرآن معهم وقال لهم ((وإنى فضلتكم على العالمين))
والمُطلق فى أحاديث البخارى يشمل حديث قاله نبى الإسلام ((إنّ لله تسعة وتسعون اسمًـا ، مائة إلاّ واحدًا ، من أحصاها دخل الجنة)) (حديث رقم 2736) وهذا الحديث به خطأ أسلوبى وفق قواعد أية لغة حية ، لأنّ تعبير (مائة إلاّ واحدًا) تزيـُـد لا معنى له بعد جملة ((تسعة وتسعون اسمًا)) أما من حيث المضمون ، فهو تكريس للمُـطلق ، بمرعاة (مغزاه) الذى يمنح (المسلم) دخول الجنة لمجرد أنه أحصى أسماء الله الحسنى ، وهذا الفعل أمر يسير على كثيرين ، ولا يُـشكــّـل مشكلة ولا هو بمثابة التوصل إلى مُـعادلة رياضية تحل بعض مشكلات البشر الصحية أو الحياتية بشكل عام . ولكن الأخطر فى (المُـطلق) أنه يتغافل عن أعمال ذلك الإنسان (المسلم) الذى حفظ أسماء الله الحسنى ، وارتكب العديد من الجرائم ضد البشرية.
وهذا المُـطلق الذى يؤدى إلى دخول الجنة تكرّر كثيرًا فى الأحاديث ، مثل الحديث الذى قاله نبى الإسلام ((من حفر (رومة) أو جهـّـز جيش العـُـسْرة فله الجنة)) (حديث رقم 2778) وطبعًـا تجهيز الجيش كان بهدف غزو بعض القبائل العربية لاحتلالها والحصول على (غنائمها) ثم توزيعها على جيش محمد تطبيقــًا لما ورد فى سورة الأنفال ، وبهذا يحصلون على (غنائم) الدنيا ، مع كل المُــتع فى الآخرة مثل (حور العين)
وإذا كانت الأحاديث العديدة أكــّـدتْ على خاصية المُـطلق النقيض للنسبى ، فإنّ القرآن – أيضـًا – كان مع المُـطلق وذلك مثل آية ((قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء)) (البقرة/26) وقال ((وترزق من تشاء بغير حساب)) (البقرة/27) وقال ((يغفر لمن يشاء ويـُـعذب من يشاء)) (المائدة/18) وكرّرها فى نفس السورة – آية رقم 40. وقال ((إنّ الله يـُـضل من يشاء ويهدى إليه من أناب)) (الرعد/27) وتلك الآية لم يتوقف أمامها أى إنسان من أعضاء الكهنوت الدينى الإسلامى ليسأل : هل وظيفة (الله) أنْ ((يـُـضل من يشاء)) ؟ وإذا كان هو السبب فيما حدث من (ضلال) لبعض البشر، فلماذا يُـحاسبهم فى الآخرة التى وصفها فى القرآن ؟ كما أنّ تلك الآية تكرّرت فى سورة إبراهيم الآية رقم 4.
وإذا كانت الأحاديث مُــتطابقة مع القرآن فى مواضع كثيرة ، وإذا كان اسم (الله) يتبعه اسم (الرسول) فى آيات كثيرة مثل ((وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول)) (البقرة/92) أى الالتحام التام بين (الله) ونبيه ، وهذا الالتحام تأكد كثيرًا ، وممكن التأكد منه من مراجعة (ضمير المُـتكلــّـم) فى بعض الآيات مثل آية ((قل إنْ كنتم تــُـحبون الله فاتبعونى.. إلخ)) (آل عمران/31) وإذا كان القرآن ردّ على أسئلة (واقعية) أفرزها (الواقع المادى للعرب) وكذلك أحاديث نبى الإسلام ، فإنّ كل ذلك يؤكد أنّ القرآن والأحاديث ترجمة حقيقية لهذا الواقع العربى/ البدوى/ الرعوى.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب النزول فى صحيح البخارى (7)
- البداوة فى صحيح البخارى (6)
- الميتافيزيقا فى صحيح البخارى (5)
- العبودية فى صحيح البخارى (4)
- البخارى وأحاديثه عن الغزو (3)
- قراءة فى صحيح البخارى (2)
- قراءة فى صحيح البخارى (1)
- بورتريه عن شخصية خالتى
- كروان (وحيد) بين الغربان
- كيف نشأ الجيش فى مصر القديمة
- محمود درويش وأمل دنقل
- هل يمكن قتل (الرغبة فى القتل) ؟
- لماذا العرب ضد العرب
- لماذا تعدد الإسلام بتعدد الشعوب ؟
- هل السياسيون كارثة على شعوبهم ؟
- هل يجرؤ أى حاكم الاعتداء على اسم وطنه؟
- القبائل العربية فى مصر
- العرب قبل وبعد الإسلام (19)
- العرب قبل وبعد الإسلام (18)
- العرب قبل وبعد الإسلام (17)


المزيد.....




- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...
- “وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور ...
- “أهلا أهلا بالعيد” كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024 .. أهم ال ...
- المفكر الفرنسي أوليفييه روا: علمانية فرنسا سيئة وأوروبا لم ت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - المُطلق فى أحاديث البخارى