حكومة الخدمات والسبيل إلى تحقيقها

زيد كامل الكوار

الحوار المتمدن-العدد: 4982 - 2015 / 11 / 11 - 22:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ليس جديدا أن نتكلم عن الخدمات السيئة التي تقدمها الدوائر الحكومية في بلدنا الذي بات يعاني الأمرين في هذه الظروف الصعبة التي تلف العراق بأجمعه غير مستثنية ولا مجاملة أحدا ، فالإمطار الغزيرة التي هطلت على أراضي العراق العطشى ، أتت وبلا شك بخير عميم ، لكنها في الوقت عينه أضرت بالمواطن العراقي ضررا كبيرا ولا ذنب لها في ذلك فالمقصر الأول في هذا هي الجهات المسؤولة إداريا على هذا الملف ، فهي المقصر الأول الذي لم يتعامل مع الحالة المتكررة منذ ثلاث سنوات ، بطريقة عملية وعلمية فالإجراءات جميعها وقتية ترقيعية ، تحاول التعامل مع حالة الفيضانات الناجمة عن تساقط الأمطار آنيا ، عن طريق تكثيف الجهود في مناطق الاختناق والانسداد كخلية طوارئ ، ولم تتصرف بصدد تجديد أو تعمير الخطوط الناقلة لمياه الأمطار ، أو شبكات المجاري التي يقوم المسؤولون فيها أحيان بمعالجة الانسداد فيها معالجة آنية عن طريق فتح الانسداد بالمضخات الصاروخية وسحب المياه عن طريق الصهاريج الحوضية . ولم تشرع بلديات المدن العراقية بمعالجات حقيقية لهذه المشكلة طيلة الأعوام الثلاثة التالية لفيضان بغداد ومدن عراقية عديدة مطلع عام 2013 ، وكان من الأجدر بالحكومة العراقية في ذلك الحين عندما كانت تعبث و تنثر الدولارات نثرا بفضل ارتفاع أسعار النفط العالمية في حينها ، كان من الأجدر بالحكومة مع توافر الإمكانات المالية استغلال تلك الكارثة إعلاميا واستغلال تذمر الشارع العراقي واتخاذه ذريعة للضغط على البرلمان لتمرير صفقة تجديد شبكات الصرف الصحي في مدينة بغداد جذريا .
شاع في مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية وبعد نوبة الأمطار التي أغرقت بغداد في سويعات ، شاعت في المواقع صور ومقاطع فيديو لانجازات باهرة في مجال إنشاء شبكات تصريف مياه الأمطار والفيضانات ومجاري المياه الثقيلة ، في اليابان وقد صممت تلك الشبكة تحسبا لفيضانات وموجات تسونامي عاتية وقد صممت ليكون عمرها الافتراضي ثلاث مائة عام ، علما أن سعة المجاري الرئيسة فيها تتسع لشاحنتين كبيرتين كما يظهر في الصور المنشورة ، وليست المواصفات العالية والإنشاء الياباني المبدع هما السبب الوحيد الذي يدعو إلى الإعجاب والأسف في آن واحد ، إنما كلفة المشروع الجبار التي لم تتجاوز مليار دولار أمريكي فقط ، وعندها اعتراني أسف وحزن كبيرين على مليارات عديدة نهبت وضيعت تحت ذريعة إعمار وصيانة شبكات المجاري البغدادية ، والنتيجة غرق بغداد المستمر أمام أبسط موجة تسونامي تهطل من السماء ، حتى كرهنا أكثر شيء كنا نحبه ألا وهو الغيث الذي تنتظره الخلق بل تصلي لرب السماء توسلا لنزوله . ومما نشر في تلك المواقع أيضا تلك الشبكة الحديثة التي أنشئت في دولة الإمارات العربية الشقيقة ، والتي ولا أخفي القارئ سرا حين أقول أن مقطع الفيديو الذي يوضح تقنيات عملها أدهشني إلى درجة أنني أعدته أكثر من مرة كي افهم كيفية عمل تلك الأنابيب اللولبية العجيبة التي تشفط كل ما في الأنابيب لتطرحه إلى الخارج كأنها محرك توربيني كبير . إنها النزاهة والإخلاص في العمل واحترام العلم والتكنولوجيا وتقدير الكفاءات وجذبها ، لا طردها والتضييق عليها من أجل تهجيرها ليخلو للفاسدين الجو فيصنعوا ما يشاؤون. لا بد من محاربة الفساد والمفسدين وفضحهم وتعريتهم أمام الرأي العام حتى لا تبقى لهم أدنى فرصة في خداع المواطنين في الانتخابات ويجب أن تعرى الوجوه الكالحة وتنال ما تستحق من العقوبة والتنكيل والفضيحة ، فإن ما فعلوه بشعب العراق أمر يندى له جبين الإنسانية ، وهذا هو السبيل الوحيد لغلق الطريق أمام عودة الفاسدين وأعوانهم إلى قمة الهرم مرة ثانية .

#زيد_كامل_الكوار (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل