أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الاوراق الجافة (1)














المزيد.....

الاوراق الجافة (1)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 15:27
المحور: الادب والفن
    


الاوراق الجافة
أسفار من سيرة حياتي
اخرجت بطاقتي الشخصية ذلك اليوم ، ولا اتذكره اي يوم كان ذلك ، على وجه الدقة واليقين ، فدققت فيها النظر، فاذا بتلك الصورة البائسة بالاسود والابيض ، لطفل مرسومة على محياه علامات البؤس والعوز والحرمان ، رسمتها انامل القدر بريشة بائسة وبمداد باهت . ذلك الطفل هو أنا ، فتهجيت الاسم ، فأذا مكتوب تحت الصورة مباشرة (الاسم :داود . اسم الاب والجد سلمان عامر . اللقب الكعبي . التولد: بغداد 1/7/1967) . وتفاصيل اخرى اعرضت عن قراءتها ، لماذا ؟ لا اتذكر . اسرتي عربية موغلة في العروبة وهي تعود الى قبيلة بني كعب العريقة المعروفة في التاريخ ؛ الا أن هذا لايعنيني بالمرة ، انما الذي يعنيني هو أنني ولدت لأسرة فقيرة جدا لا تكاد أن تجد قوت يومها ، وكم من مرة اتذكر أننا ننام ونصحو صباحاً فلا نجد ما نأكله من خبز أو من سواه ، أو احايين كثيرة لا يوجد عندنا الا فتُات من الخبز والشاي نفطر عليه ، ومرات لا نجد حتى الشاي . وكنت أحسد الذين يأكلون صباحا الجبن والقيمر أو البيض المقلي بالزيت ، واعتبر أن هؤلاء اثرياء وبرجوازيون . واتذكر ايضا أن امي ابتاعت لنا دجاجة من الجيران ، قالت لها ام محمد أمرأة سيد خلف ابو رغيف رحمه الله أن هذه الدجاجة تبيض كل يوم فحافظي عليها !، وكانت دجاجة جميلة وذات ريش زاهي براق؛ وكانت فعلاً تبيض كل يوم بيض واحدة ، كما قالت تلك السيدة ، فتقليها لي امي صباحاً فأتناولها ثم اذهب الى المدرسة فاجد اترابي بانتظاري لنذهب الى المدرسة التي تبعد عننا حوالي خمسمائة متر أو اقل بقليل .
وفي يوم من الايام ؛ وبينا أمي قد خبأت البيضة في مكان آمن خوفاً أن لا تحضى بها احدى شقيقاتي الاربعة فتأكلها . وفي الصباح الباكر ذهبت أمي الى ذلك المخبأ واذا تجد البيضة قد تدحرجت فأنكسرت ، وكان سبب الكسر هي أن قطتي التي كنت احبها واقضي معها اوقاتاً ممتعة ، بينما هي تجري خلف فأر لعين فأصدمت أرجلها بتلك البيضة فوقع الحادث المؤسف الذي حرمني من تناول تلك البيضة الثمينة بالنسبة لي ، فحزنت حينها حزنا لا يدرك مداه الا من كان على حالي تلك . ولا زلت اتذكر تلك الحادثة المؤسفة الى يومنا هذا؛ وأنا بهذا العمر في عقدي الخامس .
كان والدي فلاحا بسيطا لا يعرف غير هذه المهنة التي كانت حقيرة وذليلة في ذلك الوقت ، اذ كان الاقطاعي صاحب الاراضي هو المسيطر على كل شيء ، صحيح أنه يوفر الارض والبذور والسماد (المواد الكيمياوية ) ، وأن عمل الفلاح حرث الارض والقاء البذور فيها ثم سقيها بالماء ومراقبتها من الحيوانات والطيور ، ودائما ما يضع (فزاعة) لغرض ايهام الطيور بأن انسانا واقفاً على تلك الارض فلا توكر في ذلك المكان وتعبث بالبذور . عندما يحين موسم الحصاد يستولي الملاك(الاقطاعي) على ثلاثة ارباع المحصول ويترك له ربعاً منه ، ثم يعود فيشاركه في ذلك الربع ! . وبقيت هذه القسمة الضيزى سنوات طويلة ، وظلت معها معاناة الفلاح مستديمة ، الى حين صدور قانون يعيد الحيف الى الفلاح ويكسر هيبة وشوكة الاقطاعي ، وهو قانون فيه انصاف للفلاح كبير؛ وكان شعار ذلك القانون (الارض لمن يزرعها) وبموجب ذلك القانون وزعت الدولة الاراضي الزراعية على المزارعين وزودتهم وأعطتهم معها كافة المواد الزراعية الاخرى ، من مكننة وتسهيلات مهمة تصب في خدمة المزارع .
وكان ابي قد ورث مهنة الفلاحة من جدي ، فهو الآخر كان فلاحا بسيطا ومعدما . ويبدو أن ابي قد ورث كل ذلك من جدي ، ليس المهنة حسب ، بل والفقر والحرمان ايضا ، بل وحتى المرض الذي مات فيه . لكنني حينما فتحت عيني على الدنيا وجدت جدي كان قد غادر الحياة مبكرا ، لأنه مات وهو في مقتبل العمر . كذلك ابي ولا ادري هل أن الموت هو ايضا وراثة ، فقد مات ابي كذلك ولا يتجاوز عمره خمسة وخمسون سنة ، ليتركني أنا المسؤول الاول عن الاسرة كوني كبير ابي ورجل الاسرة الاوحد أن صح تعبيري .
10/11/2015



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمرُ شفتيكِ
- نصوص قصيرة
- ملفات أحمد الحلبي السرية
- نصّانْ
- ثلاثُ علاماتٍ لجنونيْ
- الكذب والزور في الاسلام
- ثلاثة نصوص
- موسى النبي يفقأ عين ملك الموت !
- أمي
- خرافة اسمها جحا العربي
- أبي
- النملة التي حيرت عقول المفسرين
- سبي النساء في الاسلام
- الجلود التي تتبدل وتتعذب في النار
- سلمُ الخاسرْ*
- القول المبير .. بمن يرى قدسية التطبير
- آدم وابليس يكتبان الشعر !
- دمعة على المومس
- مسخرة .. رضاع الكبير
- الشاعر والعصفور


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الاوراق الجافة (1)