أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - دين النص ودين التأويل _ ح2















المزيد.....

دين النص ودين التأويل _ ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 14:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المشكلة تدور إذا بين ما نفهم وما يفهمه النص ويريده , صحيح أن النص في الكثير من الحالات صامت في حدود بناءه اللغوي ولكن على القارئ الحصيف أن لا يترك أي رابط به دون أن يطلع عليه , ولا أن يترك أي أحتمال دال على فكرة دون أن يستعرضها ولا يتبنى رؤية نتيجة ما لم يختبر كل العلاقات والروابط التي تتصل بالنص ويجمعها على قاعدة البحث عن قاسم مشترك بينهما , لأن من عادة النص الديني إنه يحيلك إلى ما هو أبعد من اللغة إلى المقاصد العامة لفكرة الدين , النص الديني فكرته الخاصة جزء من فكرة الدين العامة وليس من فكرة القراءة والتأويل والتفسير العامة , النص الديني ابن الدين وفكرة الدين وهدف الدين وليس ابن المجتمع وقيمه وفهمه , صحيح أنه مسخر له ولكن ضمن دائرة واحدة غير مجزأة ,النص عندما يقول أن الدين عند الله الإسلام لم يترك المفهوم عائما ولا مركزا بجهة واحدة بل أتاح للعقل والمعرفة أن تستوضح معنى الإسلام من مجموعة نصوص لا من فهم المجتمع للإسلام بأنه دين محمد لأن إبراهيم عليه السلام هو من سمى كل مؤمن بالله ومسلم وجهه له بالمسلم .
هنا يفترق دين النص عن دين التأويل بمقدار ما يبتعد ويقترب التأويل والتفسير من روحية العلاقة بين النص وروح الهدف الذي يتبناه الدين عموما ,كل الاختلافات الفكرية التي نشأت عن اللجوء لتحكيم النص في قضية ما نشأت من إهمال أو التقصير في ربط النص بالمنظومة الفكرية للدين عموما , البعض يتخذ من النص ناطقا فرديا باسم الرب ولا يمكنه أن يقبل بأن النص هو بالتالي جزء صغير من حكم عام كلي مترابط ومتكامل , السارق والسارقة فاقطعوا أيديهم , يصر على قطع اليد بالشكل الذي يفهم بموجب ما يعرف من عنوان لليد وأختلف المفسرون عموما في المقدار من القطع , ولكن لا أحد منهم فهم معنى القطع كما تتردد الكلمة في النصوص الباقية ولا تقطعوا ما أمر الله به أن يوصل ولا تقطعوا أرحامكم , هنا القطع ليس البتر الذي يفهمه من بنى الحكم بالبتر , بل القطع وقف عمل الشيء المقطوع عن أن السيالية الطبيعية له , لا تقطعوا أرحامكم أي لا تجعلوا صلة الوصل بينكم أصحاب الأرحام تتوقف عن التراحم والاتصال .
قد يقول قائل أن هناك نصوص تدل على أن النتيجة التي تتحدث عنها تتناقض مع نص صريح ( ما بال النسوة التي قطعن أيديهن) هنا الإشارة واضحة جدا على القطع البتر من خلال وجود السكين والفعل المدهش الذي شغلهن عن تقطيع ما أعتد لهن من فاكهة ,الواقع أن لا دليل على أن النساء قطعن أيديهن أو حتى إحداث جرح بها نتيجة وجود السكين الأمر كله محصور بالتوقف عن فعل ما يجب أن يفعل من وجود السكين وما أعتد لهن من فواكه نتيجة دخول يوسف المفاجئ عليهن وانشغالهن به , لا دليل على جرح وهو أقل درجة من البتر ولو حدث هذا لذكره النص والدليل قولهن سبحان الله ما هذا بشر ,المفاجأة هنا قطعت عليهن الاستمرار بالحال المطلوب ولا يستبعد حدوث شيء مما أنكرناه ولكن لا تأكيد حاسم ,وهذا ما نجده في كثير من النصوص حين يستبدل النص بكلمة أخرى ما يفهمه العرب من قطع , فمثلا يقول ضربا بالرقاب بدل قطعا للرقاب وهي المفردة المستعملة عربيا ليبعد مفهوم القطع عن معنى البتر والتجزئة .
السؤال الذي يطرح دائما هو علاقة النص القرآني بالمجتمع هل يمر عبر فهم المجتمع للنص أم عبر فهم الدين له ,إن كان الهدف الثاني هو المعتمد فمن يتولى التصدي لهذا الفهم كي لا يتحول الدين إلى عامل تفريق وتمزق للمجتمع نتيجة تعدد الأحكام الناتجة عن نص واحد وبالتالي ظهور التناقضات التي لا تحسم بغياب الحكم اللازم المطاع ,نعم هذه النتيجة هي الواقع والسبب يعود إلى أساسيات مهمة لم يغفلها النص الديني ولكن تجاوزها الإنسان تحت عناوين كثيرة منها ما متعلق بالنص نفسه ومنها ما متعلق باللغة ذاتها ومنها ما هو اعتباطي خارج ذاتية الدين والنص ,اللغة التي نزل بها القرآن الكريم وكما هو معروف وثابت لغة مكة وليست لغة أخرى أو لغة مكتملة البناء وناضجة بما يكفي لأن تكون محمية من الاختراق , لغة أهل مكة مع ملاحظة أن هذا المكان كان ملتقى العرب الديني ومجتمع خليط من تجار وكهنة وأصحاب مصالح نشأ تحت مفهوم التجمع وليس نتيجة التبلور التأريخي لمجتمع متجانس .
لو نظرنا إلى التشكيلة التي دخلت الإسلام من الأولين وبالذات ممن كان في مكة لأدركنا أنهم ينحدرون من ثقافات ذات لهجات مختلفة ومفردات بنائية قد لا يفهم بعضهم بعضا إلا إذا أعيدت لمشترك واحد , كما أن دارسي علم اللغات والمجتمعات المتخصصين يركزون أن اللغة العربية والتي يسميها القرآن الكريم اللسان العربي لم تكن قد وصلت إلى منظومة تحكمية كاملة ,بل أن الإسلام هو صاحب الفضل الأكبر في إنضاجها وبلورتها وقد أضاف لها الكثير دون أن يتبنى لهجة مكة على أنها الأساس , لقد أختط القرآن منهج لغوي مرتبط بالقصد في تحديد الدلالة لذا لا يمكنا أن نجد فيه معنى واحد لكلمتين متطابقتين تماما ولم نجد معنيين متطابقين لكلمة واحدة تماما , هذه الفرادة في النظام اللغوي للقرآن الكريم هي التي أهملها المفسر والمتأول وبالتالي وصل لنتيجة إعتباطية ذاتية متعلقة به وغير متعلقة بالنص ودلالاته وقصدياته الخاصة .
الفكرة التي يسوقها الكثيرون أن القرآن الكريم نزل بلغة قريش وبالتالي فأن قريش هم أولى الناس بفهم المفردة واعتبار النص وتدبير المقاصد الحكمية , ولو دققنا في صفحات التأريخ الأجتماعي لمكة نجد أن قريش المكية لم تنفرد بلهجة خاصة ومميزة بحكم كونها أقلية وثانيا إنها من القبائل التي كان حضورها الميداني في مكة حضور نخبوي ولاحق على الغالبية التي تسيدت وسكنت قبلها , وبالتالي لا يمكن أن تفرض لغتها أو لسانها أو لهجتها على أنها لسان العرب كما ورد في القرآن الكريم , التركيز في النص الدين على اللسان (المفهوم اللفظي) الذي يعني الكيفية ولا يعني النظام ,نعم العرب لهجات ضمن لغة واللسان العربي كيفيات متنوعة تختلف حسب البيئة وحسب المأخوذ الجذري للمفردة متأثرا بثقافات ولغات أخرى , عربية الصحراء غير عربية الحواضر وعربية أهل اليمن غير عربية البحرين وشمال الجزيرة , هذه التفاوتات نجح القرآن الكريم بطرح مفهوم جامع لها وصهرها جميعا باللسان العربي المبين القائم على مفهوم الفرادة القصدية .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين النص ودين التأويل _ ح1
- من حكايات الصباح وتراث الجدة
- هل تنجح الديمقراطية في رشدنة العقل العربي
- الديمقراطية والعقل العربي _ ح2
- الديمقراطية والعقل العربي _ ح1
- أخبار جدتي الحكيمة والرب
- الدين والدنيا ح3
- الدين والدنيا ح2
- الدين والدنيا ح1
- العراق بين مطرقة الفوضى السياسية وسندان التخبط الأقتصادي _ ح ...
- العراق بين مطرقة الفوضى السياسية وسندان التخبط الأقتصادي _ ح ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- رسالة إلى من يهمه الأمر 1
- رسالة إلى من يهمه الأمر 2
- أغاني الضياع ..... والغربة
- من بيان التجمع المدني الديمقراطي للتغيير والإصلاح
- كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح1
- أحلام جدتي وفلسفة الفقر _ مقدمة ديوان فقراء حالمون


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - دين النص ودين التأويل _ ح2