أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - أفسحي قليلاً يا مزبلة التاريخ؛ ثمة -شاعر- قادم!














المزيد.....

أفسحي قليلاً يا مزبلة التاريخ؛ ثمة -شاعر- قادم!


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 4979 - 2015 / 11 / 8 - 22:34
المحور: الادب والفن
    


أفسحي قليلاً يا مزبلة التاريخ؛ ثمة "شاعر" قادم!
ماجد الحيدر

قيل إن "الشاعر الكبير" قد مات.
بعضهم تأسف له، وبعضهم تشفى منه. . بعضهم أكد النبأ وبعضهم نفاه، ولكن سواء عليّ أصدق الخبر أم كذب.
فهذا الرجل-الجثة مات في نظري من زمان بعيد بعيد؛ من أواخر السبعينات بالتحديد.
كنت كلما أبصرت وجهه المجبول من الطين الاصطناعي الذي يملأ الشاشة على إيقاع أهازيج الموت والخراب أرى بعين قلبي أخوي الشهيدين وأصدقائي ورفاقي وأبناء جيلي وهم يعذَبون ويقتَلون ويدفَنون أحياء ويختنقون بالأسلحة الكيميائية وتتطاير أشلاؤهم في الحروب المجنونة ويحشرون في سجون كعلب السردين.
من منا لا يتذكر هذا "الشيء" وهو يفتح عينيه الجاحظتين ويحرك يديه بحركات تهريجية مادحاً سيده وحبيبه وتاج رأسه لاعقاً أحذيته الملطخة بدمائنا رافعا عقيرته: أمان أمان.. عندي أمر من صدام يا بابا يا بابا، أصير اطنعش عام يا بابا يا بابا، واتطوع بالجندية!
من منا لا يتذكره وهو يذرف دموع "قصائده" على ذاك الصبي المدمن الشاذ مستعطفاً أباه القائد الضرورة كي يطلق سراحه بعد أن تغاضب عليه بسبب قتله خادمه الأمين في تمثيلية صارت مضرب الأمثال في الاستهتار بأرواح الناس والاستخفاف بعقولهم وهبوط "الأغراض الشعرية الكلاسيكية" الى حضيض جديد لم نسمع به من قبل؟!
لا تقولوا إنه شاعر كبير؛ربما كان ناظما محترفاً لكنه أبداً لن يكون شاعراً، لا كبيرا ولا صغيراً، لأنه وببساطة شديدة يفتقر الى ذرة من "شعور" تسمح له على الأقل بالتنازل عن صلافته والاعتذار ولو بكلمة لدموع الأمهات اللواتي كان يرقص على وقع نحيبهن.
ولا تقولوا إنه نظم قصيدة عن الحسين فهذا عذر لا ينطلي إلا على من يهوى الحصول على لقب "المغفل التاريخي" السيء الصيت!
ولا تقولوا إن آخرين مدحوا الطغاة فمن قال إنهم (أو أعمالهم تلك على أقل تقدير) محل اعتزاز وفخر، رغم ظني بأن الكثير منهم ومما قدموه من أعذار وتبريرات تتصل بالضعف والخوف واليأس وقلة ذات اليد وعطل المجمدة (نعم أعني ما أقول فهذا تبرير ساقه أمامي أحد الزملاء عندما عاتبته على نشر قصيدة مدح سخيفة!) محل رثاء قبل كل شيء! لكنهم اعتذروا على أقل تقدير، تحركت فيهم تلك "النحلة" التي تخز ضمائرهم وتجعلهم يصيحون: أخ، هاي إشسويت؟! أما هذا فقد "تدبغ" جلده وتقرّن فلا نحلة توقظه ولا يحزنون!
ولا تقولوا اذكروا محاسن موتاكم فهذا لم ولن يكون من موتانا.
لا الموهبة ولا التميز في ميدان ما، لا بل وحتى العبقرية والنبوغ يمنحان جواز المرور الى الذكر الطيب والخلود في ذاكرة الناس وفي سفر العظماء ما لم تكونا مقرونتين بشرف الموقف: تيمورلنك كان حافظا معروفاً للقرآن وهتلر كان رساما موهوبا ونيرون كان يظن نفسه بارعا في الغناء والتمثيل وصدام حسين تصور في نوبة من جنون العظمة أنه روائي كبير، ويروي لنا التاريخ الآلاف من هذه النماذج: فأين هم الآن من حكمه الذي لا يعرف المجاملة؟
نعم، أحترم كل مؤمن بدين أو مذهب أو اتجاه سياسي حتى إذا كنت وإياه على طرفي نقيض، لكن هذا الشيء لم يكن له شيء من ذلك.. لم يكن حتى شاعراً بعثياً كي نقول إنه حر في الدفاع عن معتقداته.. لم يكن غير شاعر الطاغية.. والطاغية فقط!
لا تفهموني صح! لست داعية انتقام ولم أدعُ يوماً الى محاكمة أحد من هؤلاء، رغم أن العالم "المتحضر" لم يتوانَ في أعقاب الحرب العالمية الثانية عن محاكمة بعض من الأدباء والمفكرين والعلماء الذين ارتضوا أن يكونوا تروساً في ماكنة النازية الوحشية، ولي طبعاً أسبابي "الوجيهة" لذلك:
فعدد هؤلاء خلال خمسة وثلاثين عاماً من الفاشية البعثية أكثر من أن يعد ويحصى ولا يستبعد أن تصبح مؤسساتنا الصحفية والإعلامية والأكاديمية صروحا خاويات تنعق فيها الغربان إذا أفرغت من كل من مدح صدام أو "تلوگ" له في يوم من الأيام! ثم من سيحاكمهم "أخلاقيا" على الأقل إذا كان اللاحقون من الحكام "أطگع" من السابقين وكان "القاضي منهم وبيهم"؟! وهل ستمنع محاكمة من هذا القبيل القادمين من "شعراء ومبدعين" من تكرار هذا "التقليد الحضاري" الضارب جذوره في أعماق تاريخنا الأدبي، والاجتماعي أيضا؟!
ولا أطالب الناس أيضا بأن يكونوا كلهم سوبرمانات أو كراندايزرات أو حتى كابتنماجدات كي يجهروا بمعارضتهم ويخاطروا برؤوسهم العزيزة أمام طغاة مجانين، لكنني أؤمن أن الفن والعلم والثقافة والدين لا جامع بينها وبين السمسرة أو إراقة ماء الوجه وبأنها مواقف أخلاقية وإنسانية قبل كل شيء.
لهذا أكرر ما قلته سابقا:
لا أحترم مهندساً يؤجر خبرته لبناء الزنازين التي يعلم علم اليقين أن إخوته سيتعفنون فيها.
لا أحترم عالماً يوظف علمه في صنع الأسلحة الفتاكة.
لا أحترم طبيبا يتاجر بأعضاء الأطفال.
لا أحترم أما تترك رضيعها على باب ماخور وتدوس على رأسه وهي تجتاز عتبته صحبة زبون عامر الجيب.
لا أحترم موظفاً يبيع نزاهته بحفنة دولارات.
لا أحترم رجل دين يتحرش بالأطفال.
لا أحترم جندياً يوجه مدفعاً صوب بيوت بلاده حتى لو كان يكره حكامها.
ولا .. لا أحترم "شاعراً" لاعقاً لأحذية الطغاة .. وليغضب من يشاء!



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الأدب الكردي المعاصر - ثوبوا لرشدكم - شعر محمد عبد الله
- جون هيث-ستبس - تعويذة لوجع الأسنان - شعر
- من الشعر الكردي المعاصر - الى مسؤولينَ لصوص - بدرخان السندي
- يهودا عميخاي - قصيدة مؤقتة لزماني
- ثعلب الفكرة
- تيد هيوز- أغنية حب
- من شعر تيد هيوز : مصاص الدماء
- شذوذ - شعر
- المدرسة التيستوستيرونية في النقد العراقي المعاصر
- فرصة - للشاعر الأمريكي إدورد سل
- أمة تضحك الأمم - مشهد وطني جدا
- روبرت فروست - الثلج والنار
- روبرت فروست - الطريق الذي لم أسلك
- تيد هيوز - سقوط الغراب
- ماركس الفتى العاشق وقصيدته حب في جنح الليل
- داء المحاضرين مصطلح جديد لمرض قديم
- من قال إن مزبلة التاريخ ليس فيها مكان للشعراء
- من الأدب الكردي المعاصر-مرحى ولعنات- قصيدة للشاعر هزرفان
- بانتظار آلة الزمن التي ستعري كل شيء
- أمة أضحكت الأمم-بين شعارات تظاهراتنا وشعارات المقامة الساسان ...


المزيد.....




- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - أفسحي قليلاً يا مزبلة التاريخ؛ ثمة -شاعر- قادم!