أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -2-














المزيد.....

حدث في قطار آخن -2-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4965 - 2015 / 10 / 24 - 01:06
المحور: الادب والفن
    


قالت: "دقائق وأعود إليك"، واختفت في غرفةٍ جانبية، خرجت مرتديةً فستاناً مريحاً لنزهةٍ ليلية وفي كتفها حقيبةٌ يدويةٌ أنيقة، تنزّها في شوارع المدينة، اقتربا من الأنوار، سألته: "أجائعٌ أنت؟" كانا قد اقتربا في ذاك الحين من أحد المطاعم اليونانية التي تقدم وجباتٍ مسائيةً خفيفة، دخلا إلى المطعم، طلبا شيئاً سريعاً، لحقهما الجرسون بكأسين من الشاي، وتمنى لهما أمسيةً لطيفة...

في ظُلمة الشارع تحت غطاء الأشجار على الرصيف أشعلا سيجارتين وراحا يدخنانهما ويمشيان بهدوء، أخرجت من جزدانها قطعتي شوكولا وقدمت إحداهما له والأخرى لها، ثمّ أخرجت من حقيبتها علبتين زجاجيتين صغيرتين، قدمت له إحداهما والأخرى لها، لم يسأل، فعل مثلما فعلت، فتح العلبة الصغيرة وشربها دفعةً واحدة، لم يخطط لهدفهما، لعلّ اللاوعي قادهما باتجاه سكنه الطلابي، دخلا إلى السكن...

وضع المفتاح في قفل الباب، مرت طالبةٌ نصف عارية خرجت لتوها من حمام الشقة المشترك، حيّتهما الصبية ومضت إلى غرفتها، فتح الباب ودخل إلى غرفته الصغيرة مثل مؤخرة عقرب، غرفةٌ مستطيلة الشكل ضيّقة، تتسع لمكتبةٍ وطاولة للدراسة وسرير فردي وخزانة صغيرة وكرسي للجلوس، غرفة تتسع لينبوعٍ من الجنة...

وضعت حقيبتها جانباً على الطاولة، وجلست في كرسي هزّاز، أما هو فقد وقف دون هزّاز، جلس على طرف السرير، نظر إلى الزهور في حديقة جسدها، نظر إلى شفتيها المنتبجتين، عينيها المسافرتين، لم يقوَ على الكلام، لم يعرف ماذا ينبغي عليه فعله، لم يعرف ماذا يفعل بها، لم يسألها بعد عما إذا كانت ستعود إلى شركتها أو بيتها أو إلى غرفة في فندقٍ ما، لم يسألها شيئاً لكنه سألها: "هل تشربين الشاي الأسود؟"...

أجابته بطيبة خاطر: "تستطيع إعداده ريثما أذهب إلى دورة المياه". كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة مساءً. تناولت حقيبتها اليدوية وغادرت الغرفة، أصبح الشاي جاهزاً، اسودّ لونه أكثر، برُدَ قليلاً، عادت المرأة، عادت بفستان نوم لم يرَ مثيله حتى آنذاك، عادت بخدّين متورّدين، عادت مثل تفاحةٍ شهيّة، همست: "لا تؤاخذني، فأنا مُنهكة". جلست إلى الكرسي من جديد، باعدت بين ساقيها، همست ثانيةً: "أتطفئ الضوء؟ يكفينا النور القادم من الشارع. ألديك شموع؟"...

وهو الأحمق ما زال واقفاً يبحث عن مكانٍ للجلوس. قال: "لقد بَرُد الشاي. هل أُعدّ لكِ كأساً جديداً؟" قالت له: "غير ملابسك واجلس هنا، قبالتي" وأشارت إلى السرير. فعل ما ائتُمر به، وزاد عليه أن ذهب إلى دورة المياه، بل قام بتنظيف أسنانه بالفرشاة والمعجون، غيّر ملابسه الداخلية، رشّ عطراً خفيفاً رخيصاً بعيداً عن جسده، كان قد قرأ في روايةٍ ما أنّ العطر لا ينبغي أن يلامس الجسد، لعلها روايته التي يحلم بكتابتها، مشت سحابة العطر في حركة دائرية، وهو في المركز يدور، ابتسم وغنّى "ليالي الأنس في فيينا"...

دخلَ إلى الغرفة وأقفل الباب، جلس قبالتها، رفعت ساقيها، أرختهما فوق فخذيه، مدّت يديها إلى حقيبتها، أخرجت منها علبة تبغٍ هي الأكثر أناقةً في العالم، وأخرجت "بايباً" أنثوياً وقالت: "أتأذن لي أن أدخن في غرفتك؟ الحياة قاسية، علينا أن نسترخي في المساء. في المساء لا يعمل الإنسان الطبيعي، بل يتمتع، يكافئ نفسه على عملٍ قام به"...

كان كمن فقد النطق والقدرة على قول كلماتٍ بلغةٍ أجنبية، كان حائراً، لم يفهم سؤالها، فهو يدخّن في الغرفة منذ بزوغ الشعر تحت إبطه، ارتبك قائلاً: "بالطبع تستطيعين أن تدخني، فأنا أدخن في مكتبك". فتحت غطاء العلبة الأنيق، أخرجت شيئاً أبيضَ اللون من العلبة، وضعته في البايب، حرقته، أخذته، فتحت ساقيها أكثر، نظرت إليه، سألت: "أترغب أن تجربه؟ إنه قرارك وحريتك. لا أنصحك به الليلة، فلديك على الطاولة علبة سجائر بولمول، تستطيع أن تمد يدك وتأخذ منها"...

تحرك الشرقي العنيد فيه، كبّر رأسه وقال: "بل سأفعل مثلك، أتسمحين أن أجرّب دخانك؟" مدت يدها: "تفضل، لكن لا تسحب بشدة. اسحب نَفَسَاً خفيفاً". غضب الشرقي في رأسه، تحداها، سحبه بكل طاقته إلى الوراء إلى جوفه، انتفض الشيطان من جوفه، سقط في الجنة...

ابتسمت، نهضت، همست: "لست سهلاً أيّها الشرقيّ الخبيث". دفعته إلى السرير، ودخلت فيه، معه إلى الجنة.

يُتبع في الجزء الثالث



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث في قطار آخن
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -52-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -51-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -50-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -49-
- المرسم
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -48-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -47-
- يانصيب الفرح
- قصة فيسبوكية قصيرة 2
- قصة فيسبوكية قصيرة 1
- السرسكية
- حَسْنَاءُ بِسْنَادا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -46-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -45-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -44-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -43-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -42-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -41-
- جراح أدونيس


المزيد.....




- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -2-