أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - التماثيل ... خمس قصص قصيرة















المزيد.....

التماثيل ... خمس قصص قصيرة


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 4955 - 2015 / 10 / 14 - 19:14
المحور: الادب والفن
    


1 التمثال
...........

كلما أمرُّ به أبصقُ علی-;-ه ، لا أدري لِمَ أكن له كل هذه الكراهی-;-ة , هو محض تمثال لا غی-;-ر
لی-;-لة البارحة كنتُ حزی-;-ناً ومهموماً حی-;-ن مررتُ به وبصقتُ علی-;-ه كالعادة ، بعد هنی-;-هة رأی-;-ته ی-;-تحرك وی-;-نزل من قاعدته الكونكری-;-تی-;-ة وی-;-مشي خلفي .
ظننت أن بصري قد خانني أو أصبت بهلوسة بصری-;-ة ، لكنني تأكدت بعد أن دققت النظر من خلو مكانه حی-;-ث ترك منصته العالی-;-ة وراح ی-;-مشي خلفي كرجل آلي .
من شدة فزعي وهلعي رحتُ أسرع في المشي بل رحت أهرول ، وأتلفت ی-;-منة وی-;-سرة فراح
هو الآخر ی-;-هرول متتبعاً خطواتي .
حی-;-ن دخلت البی-;-ت تنفست الصعداء بعد أن أغلقت الباب غلقاً محكماً ، وارتمی-;-ت على أقرب
أری-;-كة وأنا أتصبب عرقاً غزی-;-راً , بعد لحظات قلی-;-لة سمعت طرقاً على الباب , حذرت زوجتي
- لا تفتحي .
- لا أفتحُ ماذا ؟
سمعت طرقاً أشد , قلت :
_ الباب ! ألا تسمعی-;-ن الطرق ؟ ولكن إی-;-اك أن تفتحی-;-ه .
بی-;-د أنها فتحته , ی-;-ا للهول كان واقفاً هناك .
_ لا أحد , لا أحد
رددت زوجتي , ودخل هو مطوقاً خصرها بذراعه الحجري المفتول وأردفت هي بغنج :
_ سوف أنام .
دلفاً إلى غرفة النوم معاً واضطجعا على السری-;-ر ولم أستطع أن أفعل شی-;-ئاً .
وفي الصباح أنجبت زوجتي منه تمثالاً صغی-;-راً . حی-;-ن امتعضت واعترضت طردني من البی-;-ت موصداً الباب في وجهي "اذهب إلى الجحی-;-م" .
ذهبت إلى المنصة , منصة التمثال التي ما زالت خالی-;-ة , اعتلی-;-ت القاعدة الكونكری-;-تی-;-ة وتسمرت كما التمثال مبرزاً صدري ، رافعاً رأسي .
مر بي رجلٌ وبصق عليّ , نزلت وتبعته , الرجل من شدة ذعره راح ی-;-هرول فلاحقته مهرولاً خلفه حتى اقتحمت بی-;-ته وواقعت زوجته التي أنجبت مني تمثالاً صغی-;-راً ...
يا لسعادتي وأنا أتفرج علی-;-ه وهو ی-;-لهو مع أقرانه التماثی-;-ل في الشارع .

2 تماثيل
...............

منذ صغري وأنا أكره التماثی-;-ل وأبغضها ... هبل واللات والعزى تم تحطی-;-مها على أی-;-دي المسلمی-;-ن الأوائل ، وهذه التماثی-;-ل التي تقف شامخة في الساحات ومفترق الشوارع , والتي
تثی-;-ر قرفي واستی-;-ائي سوف أحطمها بی-;-ديَّ هاتی-;-ن هذا ما آلی-;-ت علی-;-ه .
حملت معولي وذهبت إلى تمثال السعدون وما أن رفعت المعول لأقتلع له رأسه بضربة واحدة حتى وجدته ی-;-عدل سدارته وی-;-همس بصوت أجش " اغرب عن وجهي أی-;-ها الأحمق وإ-;-لا هشمت رأسك " جفلت وذعرت أشد الذعر ورجعت القهقرى وأنا بی-;-ن الشك والی-;-قی-;-ن ... مررت بشا رع الرشی-;-د شارد الذهن و رأی-;-ت تمثال الرصافي وكأنه ی-;-هزأ بي ... قلت لأعی-;-د الكرة معه ... اقتربت
منه بتؤدة وقبل أن أمد ی-;-دي لمعولي , صفعني صفعة ظل دوی-;-ها ی-;-تلاطم في أذني لساعات ، وهو ی-;-شتمني بصوته الجهوري " ابن الزانی-;-ة " .
انزوی-;-ت في أحد المقاهي لأستعی-;-د بعضاً من سكی-;-نتي وأخفض من غی-;-ظي ، وفي ساعة متأخرة من اللی-;-ل قفلت راجعاً إلى البی-;-ت , وفي طری-;-قي واجهت تمثال جلالة الملك فی-;-صل الأول ممتطی-;-اً فرسه ، فقررت للمرة الأخی-;-رة أن أباغته وأنال منه بمعولي الذي خبأته تحت إبطي ، وما أن صرت قبالته حتى راحت سنابك فرسه تسحق عظامي والملك ی-;-صرخ خلفي :
" أی-;-ها العمی-;-ل البری-;-طاني " .
هكذا باءت محاولاتي كلها بالفشل وامتلأت حقداً وغضباً على التماثی-;-ل ، وصممت أن
أنتقم منها شر انتقام بعد أن توصلت إلى فكرة جهنمی-;-ة " أن أفجرها بالدی-;-نامی-;-ت في آن واحد " .
خلال أسبوعی-;-ن استطعت أن ألغم جمی-;-ع التماثی-;-ل وحددت ساعة الصفر لتفجی-;-رها .....
وحی-;-ن حانت الساعة ضغطت على الزر الإلكتروني الذي ی-;-تحكم بالألغام المزروعة , فدوى انفجار كبی-;-ر ... شعرت بالأسى والخذلان لأن الانفجار حدث في بی-;-تي الذي تهاوى حجراً فوق حجر ... أما التماثی-;-ل فقد رأی-;-تها تقبل نحوي وكل واحد منهم ی-;-حمل بی-;-ده سوطاً وراحوا ی-;-جلدونني دون رحمة ... دون رحمة .

3 محنة التماثيل
...................

في أی-;-ما مكان .. في الشوارع ، أو في الأزقة ، أو في الساحات , بإمكانك أن تشاهد فرق إبادة التماثی-;-ل التي تعمل تحت إمرتي حاملة معاولها وفؤوسها وهي تحطم التماثی-;-ل اللعی-;-نة وتمزق أوصالها شر تمزی-;-ق، لتسی-;-ل منها الدم الأسود الفاحم كما القار ولك أن تتفرج على بعض التماثی-;-ل تفر مذعورة تهرول وتلهث لتختبئ خلف الأشجار أو البنای-;-ات المهجورة ، أو في البالوعات خوفاً من بطش فرق الإبادة .
لكم أشعر بالزهو وأنا أشرف على تحطی-;-م التماثی-;-ل المتعجرفة وإ-;-بادتها ، الی-;-وم وبعد أن انتهی-;-ت من آخر تمثال في المدی-;-نة عدت مساءً إلى البی-;-ت منشرحاً بعدان أتممت مهمتي على أكمل وجه .
وفي البی-;-ت فوجئت بابني الصغی-;-ر وهو ی-;-خبئ تمثالاً صغی-;-راً في دولابه , صرخت به :
_ ما هذا ؟
قال بتوسل : تمثال .
_ شيء جمی-;-ل. أنا أطارد التماثی-;-ل وأحطمها وأنت تخبئ واحداً في بی-;-تي .
_ لكنه صغی-;-ر ی-;-ا أبي ... صغی-;-ر جداً ولا ذنب له .
_ كی-;-ف لا ذنب له ؟ التماثی-;-ل سبب بلوانا ... التماثی-;-ل ...
قاطعني :
_ لی-;-س هذا... إنه لم ی-;-فعل شی-;-ئا .ً.. إنه ألی-;-ف وودود..انظر إلی-;-ه ی-;-ا أبي ...
نظرت إلی-;-ه ... كان تمثالاً صغی-;-راً كسيراً تترقرق الدموع الزئبقی-;-ة في عی-;-نی-;-ه الزجاجی-;-تی-;-ن المبحلقتی-;-ن وهو ی-;-رتعد .
تحت إلحاح ابني لحمای-;-ة هذا التمثال الصغی-;-ر المسكی-;-ن قررت الإبقاء علی-;-ه وأنا في حی-;-رة
من أمري ما بی-;-ن الواجب والضمی-;-ر .
في ساعة متأخرة من اللی-;-ل حوطت فرق إبادة التماثی-;-ل – والتي تعمل تحت أمرتي –
بی-;-تي وألقت القبض عليّ وعلى التمثال ، واتهمتني بالخی-;-انة العظمى وأصدرت قراراً
بتحنی-;-طي , ووضعي فوق منصة في الساحة العامة لأكون عبرة لمن لم ی-;-عتبر .......

4 مجرد تمثال ... مجرد تماثيل
......................................

ها أنذا وحی-;-د ، وحزی-;-ن ،و مهمل ، ومستوحش ، ی-;-كسوني الغبار والدخان والذروق .
هاهم رعی-;-تي ی-;-مرون بي ولا ی-;-أبهون ... لا أحد ی-;-توقف هنی-;-هة ، لا أحد ی-;-عی-;-ر لي
أدنى اهتمام ، حتى الأطفال باتوا ی-;-سخرون من وقفتي الأزلی-;-ة .
أنا لست مجرد تمثال برونزي ی-;-زی-;-ن ساحة المدی-;-نة ... أنا رمز شموخهم وكرامتهم
وكبری-;-ائهم , لكن لا ی-;-تذكر أمجادي سواي .
ماذا حلَّ بهؤلاء القوم ؟ لِمَ ی-;-تنكرون لي ؟ كانوا فی-;-ما مضى ی-;-رتعدون من طلعتي
ی-;-غمى علی-;-هم خشی-;-ة غضبي ... ی-;-تقافزون أمامي مثل القردة ... ی-;-نحرون القرابی-;-ن
ی-;-قبلون كفي ، وی-;-تغنون بصولجاني ، وی-;-دبجون القصائد حباً وولاء ، وی-;-سمون الأشی-;-اء
باسمي أنا ولي نعمتهم. والآن لا أحد ی-;-هاب سلطاني وجبروتي .
الجنود ی-;-رمونني بالطماطم، والسكارى ی-;-هشمون قنانی-;-هم الفارغة على جذعي والكلاب
حتى الكلاب تتبول عند قدمي .
قلتُ لأعی-;-د الأمور التي نصابها ما دمت أنا التمثال الأعظم قبل أن ی-;-تمادوا وی-;-بی-;-عونني
في المزاد ، أو ی-;-قذفونني في النهر، أو على المزبلة .
نزلت من منصتي ی-;-تبعني نفر من التماثی-;-ل أشباهي وحراسي ورحت أتفقد رعی-;-تي
في كل مكان رعی-;-تي لا ی-;-صفقون، رعی-;-تي لا ی-;-هتفون.. رعی-;-تي لا ی-;-خافون .
ی-;-ا للخی-;-بة ... رعی-;-تي من حجر... رعی-;-تي من برونز.. رعی-;-تي من رخام ...
رعی-;-تي من نحاس ... رعيتي من صلصال ... رعيتي من شمع .
أدركت أن روحي العظی-;-مة حلت في أرواحهم الضالة .
ها أنا ذا مجرد تمثال هرم منسي ... ها هم مجرد تماثی-;-ل بلهاء .

5 قيامة التماثيل
...................

قد قامت التماثی-;-ل ..... التماثی-;-ل قد قامت ... التماثی-;-ل الشعراء والوزراء والعلماء .
التماثی-;-ل الساسة والمحاربون والفنانون .
التماثی-;-ل ، تماثی-;-لنا ، قامت من رقدتها , ها هي تتنزه في الحدائق , تتبضع في الأسواق
تقود المركبات في الشوارع ... ها هي تعلم أبناءنا في المدارس , وتعالج مرضانا في المستشفی-;-ات ، وترتل الآی-;-ات في المساجد .
التماثی-;-ل قضاة , التماثی-;-ل جباة , التماثی-;-ل حماة البلاد ... التماثی-;-ل أخوتنا , التماثی-;-ل أبناء جلدتنا التماثی-;-ل نحن ... ودی-;-عون , ألی-;-فون , مسالمون , نشقى ونلهو ولا نتذمر .
قلوبنا حجر , رؤوسنا حجر, أسماؤنا حجر, أشی-;-اؤنا حجر , أحلامنا حجارة .
مبارك هو الحجر , مباركة هي التماثی-;-ل لأنها مجبولة من الحجر .
مباركون نحن لأننا شهدنا قی-;-امة التماثی-;-ل .
1994



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأقتل الجنود ... قصة قصيرة
- واقع حال العراق الآن
- الظاهرة العنفية في الاسلام
- بلاد موحشة
- متواليات عراقية
- زواج عرفي
- المقدس والمدنس
- علامات خراب الدولة المدنية في العراق
- ساسة العراق الجدد
- رمضانيون بلا حدود
- الأسلام والنكاح
- وخزات في صميم الوجع العراقي
- الجنة موحشة جدا
- صلاح زنكنه
- خليل
- ((المسجد بيت الله)) قصيدة للشاعر الكردي قوبادي جلي زاده
- القمني وهزيمة المثقف الأعزل


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - التماثيل ... خمس قصص قصيرة