|
سأقتل الجنود ... قصة قصيرة
صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 4954 - 2015 / 10 / 13 - 13:58
المحور:
الادب والفن
فوجئت بالحاج سالار حاملا بندقية كلاشنكوف على كتفه المتهدل ، حاثا الخطى مسرعا نحو مدرسة كفري الابتدائية التي تأوى الجنود الذين سلموا انفسهم لمفارز البيشمركة خلاصا من قصف الطائرات الامريكية التي أمطرت مواقعهم و مواضعهم بالقنابل .
سألت الحاج عن وجهته ، فأشار بسبابته نحو المدرسة و هو يردد بعصبية
- عندي حساب قديم و أريد ان اصفيه الان
تساءلت مستغربا
- أي حساب تقصد يا حاج ؟ !
اجاب محتدا
- حساب عائلتي الذين دفنوا احياء على ايدي هؤلاء ، سأقتل الجنود ، سأقتل بقدر ما قتلوا من عائلتي .
و وجدته يرتعش و فمه يزبد و الشرر يتطاير من عينيه غضبا ، حاولت تهدئته فقلت - لكن هؤلاء جنود مساكين ، و لا ذنب لهم في مأساة عائلتك يا حاج .
اجابني حانقا
- انهم جنود الحكومة ، و الحكومة ابادت عائلتي ، انت تعرف ذلك جيدا . - اعرف ، اعرف
وكنت اعرف كما يعرف الجميع اهالي قصبة كفري ما جرى للحاج سالار قبل ثلاث سنوات في عمليات الانفال حين جرجروه مع زوجته و ابنائه و احفاده الى صحراء السماوة ليلقوا حتفهم مع مئات الالاف من سكنة قرى (( كرميان )) فيما اطلق سراح الحاج لكبر سنه الذي تجاوز الثمانين و ها هو يذكرني بهم .
- أ تذكر خاور زوجتي ، ما كان ذنبها ؟ و ما ذنب اولادي سامان و سوران و سردار و سرتيب و سيامند ، هل كانوا بيشمركة ؟ هل كانت بناتي شيرين و شيلان و شاناز مقاتلات ؟ و ما ذنب احفادي الصغار لكي يقتلوهم بدم بارد ؟ - اهدأ يا حاج سينتقم الله منهم
صرخ بوجهي
- لا ، انا سأنتقن لهم ، و دأب الله ان يتفرج على مأساتنا ، لقد توسلتهم ان يدعوا لي حفيدتي ميديا ، ميديا الصغيرة ذات السنوات الخمس ، الاوباش رفضوا كانت تبكي و تصرخ جدو لا تتركني يا جدو . و راح يمسح الدموع من عينيه الكليلتين بباطن كفه و هو يتمتم - دعني أكمل مشواري . حاولت مجارته - حسنا سأرافقك ، الى المدرسة ، كوني المسؤول عن الجنود المتميزين . اجاب ساخرا - مسؤول غير مسؤول هذا لا يهمني ، سأقتل عشرين جنديا منهم بقدر افراد عائلتي د لفنا المدرسة فأستقبلنا عدد من رجال البيشمركة الذين تساءلوا عن سر زيارة الحاج سالار ، فأخبرتهم بالامر و اوصيتهم بالحذر خشية ان يقترف الحاج فعلته ، و ذهبنا سوية الى ساحة المدرسة و وجدنا مئات الجنود يجلسون مقرفصين جنبا الى جنب ، صامتين واجمين غير آبهين بشيء ، برؤوس مطأطئة و عيون زائغة حائرة ، و رأيت الحاج سالار يرنو لهم بأسى و ثمة حزن كبير يرتسم على محياه و شيئا فشيئا اغرورقت عيناه بالدموع ثم راح يجهش بالبكاء ، بكاء مر اشبه بالنحيب .
سألت بأستغراب
- ماذا دهاك يا حاج ؟ لماذا تبكي ؟
اجابني بحرقة و اسى .
- ابكي على هؤلاء المساكين ، لقد ذكرونا بأهلنا في نقرة السلمان ، لقد كنا مثلهم حزانى حائرين و عيوننا زائغة ننتظر الفرج من صاحب الفرج .
ثم اردف قائلا ..
- اطلقوا سراحهم بالله عليكم ، فهم مثلنا لهم اهل و احبة و لا ذنب لهم .
قلت له مؤكدا
- سنطلق سراحهم خلال اليومين القادمين نحن بأنتظار الاوامر فقط
رد غاضبا
- اللعنة على الاومر و الامرين ، اطلقوا سراحهم و ليذهبوا الى بيتوهم
نزع بندقيته من كتفه و رماها ارضا
- لست بحاجة لها بعد اليوم
كفكف دموعه بمنديله ثم استل سيكارة من جيبه و اشعلها و راح ينفث دخانها بعصبية و يقول
- لا تكونوا ظالمين مثلهم
ولم يدرك الجنود ابدا بكاء ذلك الرجل الطاعن في السن .. و لماذا اطلق سراحهم بعد ان ذهب الى حال سبيله .
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واقع حال العراق الآن
-
الظاهرة العنفية في الاسلام
-
بلاد موحشة
-
متواليات عراقية
-
زواج عرفي
-
المقدس والمدنس
-
علامات خراب الدولة المدنية في العراق
-
ساسة العراق الجدد
-
رمضانيون بلا حدود
-
الأسلام والنكاح
-
وخزات في صميم الوجع العراقي
-
الجنة موحشة جدا
-
صلاح زنكنه
-
خليل
-
((المسجد بيت الله)) قصيدة للشاعر الكردي قوبادي جلي زاده
-
القمني وهزيمة المثقف الأعزل
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|