تعريف الاصلاح

محمد رياض حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 4955 - 2015 / 10 / 14 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من جمعة لأخرى تتواصل التظاهرات التي تخرج في بغداد والمحافظات مطالبة ب" الإصلاح " . وكُتِبَ وقيل الكثير عن الإصلاح في الصحف العراقية والمقابلات في الفضائيات العراقية المغرضة منها والموالية وغيرها من الفضائيات العربية ومعظمها مغرض موالٍ لداعش . وكان من بين من كتب أومن تحدث عن الإصلاح من الحاقدين و المتشفيين برزء وهوان العراق و العراقيين و يتوارى خلف شعارات التظاهرات ليس سندا لبراءة وعفوية الشعارات المطالبة من ملايين المتظاهرين بالإصلاح وإنما لإيقاع الفتنة والتحريض من قبل مندسين لحرف أهداف التظاهر السلمي المشروع نحو أعمال عنف وتخريب لتصورها الفضائيات المعادية للعراق قبل وبعد 2003 نكاية وتنكيلا بكل ما هو عراقي.
العملية السياسية وأقطابها الرئاسات الثلاث ومجلس النواب ( البرلمان ) والسلطة القضائية وقيادات الأحزاب و التكتلات والتيارات والمجالس .... وأي مسمى آخر ، كل رموزها من رجال ونساء . الصالح الخيّر المكبوت منهم والطالح المفسد الفاسد ، مسؤولون جميعا ، عن كل ما حدث ويحدث وسيحدث ، إنْ بقوا، عن تفاقم الفساد الموروث والجهل بإدارة شؤون البلاد و انعدام الخبرة والكفاءة في بناء مؤسسات الدولة التي تهاوت بمعول الإحتلال . ذلك كله سهل أن تحتل أجزاء من العراق من قبل شراذم إسلامية . والحال أودى بملايين العراقيين إلى الفقر والتشرد مهاجرين ومهجرين وحرمهم من مقومات الحياة في الأمن والخدمات.
ففي الوقت الذي تتعالى أصوات رموز المحاصصة و يتهاترون حفاظا على مصالحهم ومواقعهم خوفا من أن يأخذ الإصلاح مداه يسقط يوميا العديد من الشهداء من القوات المسلحة العراقية لتطهير المدن من شراذم وقطعان "دولة الإسلام في العراق والشام " . فما هو تعريف الإصلاح ، أوجزها بنقاط :
ـــــ يبدو أن رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يعلن تمسكه بالإصلاحات " حتى وإنْ كلفته حياته " كما قال ، متناسيا أنه عضو صغير في حزب الدعوة وعضو أصغر في إئتلاف دولة القانون وعضو أصغر في التحالف الوطني. وبالضرورة والعدل إن تم تنفيذ الإصلاحات فإنها لابد أن تطال رؤوسا كبيرة في مكونات العملية السياسية التي تقول إنها صيرته رئيسا للوزراء . فإن لم ينل كل مفسد جزاءه فلا معنى للإصلاح.
ـــــــ من موازنة مالية لأخرى ، مضافا لماليتها ما جاءت من دول مؤيدة للعراق الجديد ومنذ 2003 نُهبت مليارات الدولارات بأساليب لا حصر لها فهل أن الإصلاح قادر أن يعلن للشعب العراقي بجلاء مآل تلك المليارات ومن هم اللصوص؟. فإن لم يحدث فلا معنى للإصلاح.
ــــــ معروف أن ممتلكات رموز نظام الحكم السابق وبحكم الشرع الإسلامي أو القوانين الوضعية يجب أن تؤول ملكيتها إلى الدولة . وفي ضوء تدابير الفساد جيرها بقوة رموز في العملية السياسية وصادروها لأنفسهم بذرائع شتى . فهل أن الإصلاح قادر على إسترجاعها؟ . وإن لم يحدث فلا معنى للإصلاح.
ـــــــ يتمتع رموز العملية السياسية وحماياتهم في الرئاسات الثلاث وفي البرلمان وعدد غير قليل من المتنفذين في العملية السياسية برواتب وامتيازات تصل مبلغها إلى مئات الملايين من الدولارات شهريا وأن عددهم وحماياتهم يقدر بالآلاف . فهل يمكن تجريدهم من ثرائهم ونمط حياة فارهة غنموها بحكم المنصب وهم جميعا مسلحون؟ وإن لم يحدث فلا معنى للإصلاح.
ــــــــ الدستور الذي يتذرع بشرعيته كل مفسد يفسر بنوده حسب ما يضمن له مصالحه في البقاء في المنصب ونيل المزيد من الإمتيازات . فهل يمكن الإستجابة لمطالب جماهير المتظاهرين بتعديله أو إستبداله ؟ وإن لم يحدث فلا معنى للإصلاح..
ــــــــ مجلس النواب الذي كان ولا يزال أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تعطيل مشاريع قرارات مهمة بسبب تناقضات مكوناته وتشرذمها من تكتلات وأحزاب وتيارات . هل يمكن إعادة النظر بوجوده كممثل لنظام الحكم حسب الدستور أن العراق دولة برلمانية إتحادية . وأن كل عضو فيه متناقض يأتمر أما بما يحفظ مصالحه أو بما يمليه عليه حزبه ؟. وإن لم يحدث فلا معنى للإصلاح.
أختتم المقال ببيتين للشاعر ( أبو الحسن علي التهامي ) فيهما تعريف للمستحيل:
ومكلف الأيام غير طباعها مُتطلّب من ماء جذوة نارِ
وإذا رجوت المستحيل فإنما تبني الرجاء على شفير هارِ

#محمد_رياض_حمزة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل