محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1357 - 2005 / 10 / 24 - 10:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
2) و قد كان الشعب المغربي قبل الاستقلال و بعده يعقد آمالا كبيرة على المدرسة المغربية في مختلف مستوياتها التربوية و التعليمية.
فقبل الاستقلال كان يريد منها أن تحقق أهداف الديمقراطية و إعداد الوطنيين و المقاومين الذين يسعون إلى مقاومة الاحتلال الأجنبي الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية و العسكرية. و هو ما قامت بجانب كبير منه المدارس الأهلية التي كان يمولها الشعب المغربي حتى تقوم بدورها كاملا لصالحه ، و إلى جانب المدارس الأهلية كان هناك التعليم الأصيل الذي قام بنفس الدور، كما يدل على ذلك كون قادة المقاومة و جيش التحرير و الزعماء الوطنيين من خريجي المدارس الأهلية و التعليم الأصيل . و قلما نجد من بينهم من تخرج من مدارس الاحتلال الأجنبي التي أنشأها لإعداد أجيال تخدم مصالحه أثناء الاحتلال و بعده . و قد أدت ذلك الدور فعلا، كما تجلى من خلال إعداد الكوادر المساعدة للاحتلال الأجنبي قبل الاستقلال، و التي خلفته من بعد خروج جنود الاحتلال في الإمساك بدواليب الدولة المغربية، و تسخيرها لخدمة مصالح استمرار الاحتلال الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي لتصير مهمة المدرسة المغربية بعد ذلك متجسدة في إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية المتلائمة مع التحول الحاصل في طبيعة تعليمات المؤسسات المالية الدولية التي تسير في اتجاه تحويل الاقتصاد الوطني إلى جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الرأسمالي العالمي. و بهذه الصيرورة تتبخر الطموحات التقليدية للشعب المغربي في الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية، و التي لازالت فئات عريضة من المجتمع المغربي تتمسك بها . و بدلها تصير فئات الشباب المستهدفة بتعليمات المؤسسات المالية الدولية، و باستغلال الشركات العابرة للقارات تحمل طموحات أخرى، لا شعبية و لا وطنية، و لا ديمقراطية و لا تحررية، إنها طموحات تتجسد في الرغبة الجارفة في الهجرة إلى البلدان ذات الأنظمة الرأسمالية العالمية هروبا من الفقر و الجوع و المرض الذي صار يستهدف الفئات العريضة من الشباب الذي صار متعلما، و حاملا للشهادات، و لمختلف المؤهلات العلمية و المعرفية و التكنولوجية و غيرها مما يزخر به الشباب العاطل عن العمل، و الذي يحرم من وجود اختيارات شعبية و ديمقراطية و تقدمية و إنسانية تستطيع أن تستوعب مختلف الكفاءات التي تذهب سدى، و تعمل على الهجرة إلى أوربا، حتى تكون تلك الاختيارات مشجعة على عودة الكفاءات المهاجرة إلى المغرب.
و النضال من أجل تحقيق الاختيارات الشعبية و الديمقراطية يجب أن يتخذ مسار العمل الجبهوي انطلاقا من برنامج حد أدنى يأتي من بين بنوده إيجاد مدرسة وطنية تسعى الى تحقيق طموحات الشعب المغربي، و بمساهمة الأحزاب التقدمية و الديمقراطية، و النقابات و المنظمات الحقوقية و الجمعيات الثقافية و التربوية من اجل قيام تكتل فاعل يستطيع فرض تلك الاختيارات على المسؤولين حتى تصير منطلقا لتحقيق طموحات الشعب المغربي من قيام مدرسة وطنية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟