أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - نحن وهم















المزيد.....

نحن وهم


محمد أحمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 21:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نحن وهم ، الإخوة الأعداء !
12.09.2015
د. محمد الزعبي
بداية لابد من توضيح مضمون الضميرين المنفصلين "نحن " و" هم " الواردين في عنوان هذه المقالة . إننا نشير بالضمير المنفصل " نحن " إلى البلدان النامية عموماً ( الجنوب ) والوطن العربي منها على وجه الخصوص ، أمّا الضمير المنفصل " هم " فنشير به إلى البلدان الصناعية الكبرى عموماً ، وإلى أوروباوأمريكا على وجه الخصوص ، والتي عادة مايطلق عليها بلدان ( الشمال ) ، وإذا مانتقلنا من العام إلى الخاص ، فإن الضمير " نحن " سيشير إلى ماسبق أن أطلقنا عليها " التغريبة السورية " ( على غرار تسمية التغريبة الهلالية ) بينما سيشير الضمير المنفصل " هم " إلى أوروبا بصورة عامة ،
اعرف أن كتاب القرن الماضي ، ولا سيما اليساريين الحقيقيين منهم ، قد أراقوا كثيراً من الحبر حول هذا الموضوع ( الشمال والجنوب ) ، ولكني أعرف أيضاً أن الكثيرين منهم قد كسروا أقلامهم وأغلقوا دفاترهم بعد سقوط موسكو ، وأصبحت الأفكار والتعابير اليسارية في كتبهم وكتاباتهم , أقرب إلى ملح الطعام الذي لايزيد دوره عن دور " المقبلات " الأخرى ليس أكثر . ومع احترامي لهؤلاء الكتاب ، وإدانتي لتغيبهم عن الساحة الفكرية اليسارية هذه الأيام ،بل وتركها لأدعياء اليسار ، ولأنصاف التقدميين من أنصار بوتن وبشار الأسد وَعَبَد الفتاح السيسي ، بل و أنصار كل الديكتاتوريين في العالم . نعم وبالفم المليان : لم تعد الإمبريالية بنظر هؤلاء اليساريين الجدد ( الليبراليين ) " أعلى مراحل الرأسمالية " !! ، وإنما أصبحت مجرد معبر تاريخي ضروري نحو " الاشتراكية " !! .

أنا هنا لا أدعو إلى العودة إلى الوراء ، إلى القرن الماضي ، ولكني سأتوقف عند موضوعين اثنين ، يمثلان الصورة الحقيقية للعلاقة الراهنة ( في هذا القرن ) بين " نحن " و" هم " . أو بين ثورات الربيع العربي ، والدول الغربية الموصوفة بالدول الديموقراطية ، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ، هذان الموضوعان هما : الإشكالية المتعلقة بالموقف مما بات معروفاً ب " ثورات الربيع العربي " التي انطلقت عام ٢-;-٠-;-١-;-١-;- ، والإشكالية المتعلقة بما سبق أن أطلقت عليها في مقالة سابقة " التغريبة السورية " ( على غرار التغريبة الهلالية ) والتي تمثلت و تتمثل اليوم بوصول حوالي مليوني مهاجر ( بل مهجّر ) سوري ، إلى أوربا عامة وإلى ألمانيا خاصة حيث تحولت هجرتهم إلى إشكالية وطنية حقيقية تؤرق كلاً من منطقتي الجبذ والنبذ على حد سواء .

لاأريد أن أتوقف فيما يتعلّق بآهداف هذه المقالة ، عند كامل مفاصل المرحلة الاستعمارية في القرنين الماضيين ،ولكني سأشير بالضرورة إلى أهم مفصلين من مفاصل هذه المرحلة ألا وهما اتفاقية سايكس- بيكو ، ووعدبلفور ، اللذين ما نزال نعيش نتائجهما المأساوية ( التجزئة وإسرائيل ) حتى يومنا هذا .
يشير كثير من الكتاب العرب في هذه المرحلة ، إلى أن موقف الدول الصناعية الكبرى من قضايانا القطرية والقومية ، ومنها ثورات الربيع العربي ، إنما تحدده مصالح هذه الدول ، وليس قيمها الديموقراطية المعلنة . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ترى ماهي هذه المصالح التي تجعل هذه الدول الصناعية العظمى تتجاوز قيمها الديموقراطية والأخلاقية إلى عنصر المصلحة ؟؟.
من المعروف أن الصناعات الكبيرة ( الشركات عابرة القارات ) عادة ماتحتاج الى ثلاثة أشياء يغلب تواجدها في البلدان النامية ( آسيا ، أفريقيا ، أمريكا اللاتينية ) ، ألا وهي : الخام ولاسيما النفط و السوق الاستهلاكية ولا سيما المعد( بكسر الميم وفتح العين ) والأبدان والبنية التحتية ، ولكي تبقى الطرقات لتحقيق هذه " المصالح " المشار إليها سالكة ، كان لابد من أن ترتبط المصالح السابقة بمصلحة بنيوية غير معلنة وغير ظاهرة و هي ،أن تبقى البلدان النامية متخلفة في المجال الصناعي ، كي لاتصلالمواد إلى مرحلة متقدمة تستغني فيها عن الصناعات المستوردة ، وتصبح هي بحاجة إلى خيرات بلادها الموجودة فوق الأرض أو تحتها .
إن المصلحة غير المعلنة وغير الظاهرة الثالثة هي التي أطاحت ( حسب تقديرنا ) ، بصدام حسين في العراق ومحمد مرسي في مصر ، وهي التي تجعل الدول الصناعية المعنية تضع اليوم وزنها السياسي والاقتصادي والعسكري كاملاً لوقف دومينو ثورات الربيع العربي الديموقراطية ، والإبقاء على عملائها في الوطن العربي ولاسيما بشار الأسد وَعَبَد الفتاح السيسي وآخرين على عروشهم إلى ماشاء الله .
لقد سمعت الرئيس المنتخب محمد مرسي يقول في آخر خطبة له : إن دولة لاتصنع بنفسها ولنفسها الغذاء والدواء ووسائل الدفاع ، لايمكن اعتبارها دولة مستقلة . وعندها التفت إلى صديق كان يستمع إلى خطاب مرسي معي وقلت له : لقد انتهى الرجل ! نعم لقد كان وما يزال للدول الصناعية العالمية الكبرى ، الدور الأكبر ، في انقلاب السيسي على مرسي في مصر ، وأيضاً في منع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا على يد ثورات الربيع العربي ، رغم كل مجازره ورغم كل براميله المدمرة ، ورغم ملايين النساء والأطفال التي قتلها ، والتي دمر بيوتها ، والتي هجّرها ، ورغم لعبة القط والفأر التي ظل يلعبها مايسمون أنفسهم زوراً " أصدقاء الشعب السوري " على مدى سنوات الثورة التي بدأت في ١-;-٨-;-آذار ٢-;-٠-;-١-;-١-;- وما تزال مستمرة إلى اليوم !! .
لقد قال أبو الطيب المتنبي ذات يوم : إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألّا تفارقهم فالرَّاحلون هم
ونحن نقول هنا واليوم ، إن من يستطيع وقف قتل وتهجير نساءنا و أطفالنا ، ولا يفعل ، إنما هو شريك في قتل وتهجير هؤلاء المواطنين السوريين ، وليس بشار الأسد وحده . والسؤال الملحّ الذي يطرح نفسه هنا : ترى من هو ذلك الفارس القادر على منع بشار الأسد من ممارسة هوايته القذرة ، في قتل أطفال ونساء وشيوخ الشعب السوري ولا يفعل ؟؟ ، وبالتالي الذي ينطبق عليه مضمون بيت شعر المتنبي ، أي أنه شريك في قتل أطفالنا ؟؟ . أترك للقارئ الكريم الإجابة على هذا السؤال .

بينما كنت أنظر إلى آلاف السوريين من أبناء جلدتي من النساء والأطفال والشباب ، هذا المساء عبر التلفاز ، وهم يصارعون الجوع والعطش والموت والخوف والتعب ، كيما يصلوا إلى بلد أوربي غربي ، يعتقدون أنهم بوصولهم إليه سوف يودعون ذلك الجوع والعطش والخوف والتعب والموت تحت الأنقاض وبراميل بشار الأسد المتفجرة والعمياء ، وصواريخه الفراغية ، ومشاهدتهم أطفالهم وهم يلفظون أنفاسهم في أحضانهم . أو بين فكي سمك القرش ، سواء في البحر الأبيض المتوسط ، أو في بحر إيجه ، تساءلت عن السبب الجوهري لهذه الظاهرة الانسانية المؤلمة ، ؟ وجاأني الجواب : إنها براميل بشار الأسد ، وصواريخه ، وطائراته ، وخبراؤه الروس ، وقوات حلفائه الإيرانيين ، وقوات حسن نصر الله ، وأسلحة عبد الفتاح السيسي ، وصمت المجتمع الدولي .
نعم لقد سكت الجميع عن قتل أطفالنا واغتصاب نسائنا وتدمير مدننا وقرانا من قبل نظام بشار الأسد الطائفي وشبيحته الداخليين والخارجيين ، ولكن طائر العنقاء سوف يظل يصيح في آذان وفي ضمائر هؤلاء الساكتين صباح مساء قائلاً : الساكت عن الحق شيطان أخرس
أمّا " التغريبة السورية " الراهنة ، تغريبة صيف 2015 فيمكن حصر الضمير المنفصل " نحن " هنا بالمليوني سوري ، الذين غامروا بأنفسهم وأولادهم ، في الانتقال بزوارق المهربين المطاطية ، وقواربهم الخشبية المهترئة ، ليوصلهم عبر بحر إيجه ، من مدينة أزمير التركية إلى اليونان ، كنقطة عبور وانطلاق إلى أوروبا الغربية الغنية ، ولا سيما ألمانيا والسويد . وأيضاً حصر الضمير المنفصل " هم " بدول الاتحاد الأوروبي بقسميها : الشرقي والغربي ، ولا سيما دول العبور بين اليونان وأوروبا الغربية .
لاأريد أن أتوقف كثيراًعند المعاناة ومحاولة الإهانة والإذلال التي لقيها هؤلاء الإخوة الهاربون من ألموت ( براميل بشار الأسد وصواريخه الموجهة وطائراته ) الى بلاد تحميهم من هذا الموت وتمنح أطفالهم ونساءهم فرصة ممكنة لحياة كريمة ، خالية من البراميل ومن أزيز الطائرات ودوي الصواريخ . ولكن ذلك لايمنعنا من الإشارة إلى الدور السلبي والمدان وغير الأخلاقي الذي لعبته بعض دول أوروبا الشرقية ، ولا سيما هنغاريا في هذا المجال . كما لايمنعنا أيضاً من الإشارة إلى صمت الدول الغربية كلها ، عن السبب الحقيقي لهجرة هذه الملايين من السوريين من بلدهم ومن قراهم ومدنهم إلى أوروبا ، ونعني بهذا السبب - بطبيعة الحال - نظام بشار الأسد الديكتاتوري والفاشي والطائفي والوراثي .

لقد زارني قبل قليل أحد الأصدقاء وقرأ على مسامعي من الفيسبوك القصة المؤلمة التالية ، والتي سأوردها بسبب علاقتها بموضوع هذه المقالة :
شاهد بعض من يقفون على شاطئ إحدى المدن المتوسطية ، شخصاً قادماً من بعيد سباحة إلى الشاطئ ، وعندما وصل وكان منهكاً ، استلقى على الرمل لاهثاً ، وسأل من يحيط به : هل هذه هي اليونان ؟ ، فأجابه المحيطين به ، بل هذه هي طرطوس ! ، فما كان من هذا الشخص بعد أن سمع كلمة طرطوس ، والتي يعرف على مايبدو أنها مدينة موالية لنظام بشار ، حتى عاد مسرعاً إلى البحر ، مسلماً أمره لله ولأسماك القرش ( !!) ولكن ليس لشبيحة بشار .

إن ماأريد أن أقوله هنا لأصدقائنا الأوروبيين : إن السكوت عن دور بشار الأسد في هذه الهجرة الملايينية ، يجعل الاستقبال الجيد للاجئين السوريين من قبل بعض دولكم ، يفتقر إلى المضمون الحقيقي للتعاطف الإنساني ، حيث يتم وضع الباحث عن المساعدة الإجتماعيّة ، والباحث عن الحرية في سلة واحدة ، وهذا مالا نرضاه لا لنا ولا لكم .



#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغريبة السورية بين ىرأيين
- التغريبة السورية بين رأيين
- بين بشار وأوباما شعرة معاوية
- العراق ، هوامش من التاريخ والمقاومة
- الطفل والبرميل
- الربيع العربي : المتهم البريء
- التدليس في خطاب الرئيس
- كلمة في مخرجات مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة
- خواطر شاهد عيان ، عودة إلى حرب حزيران 1967
- رؤية خاصة لمعارض سوري لنظام عائلة الأسد
- الذاتي والموضوعي في الصراع بين علي ومعاوية
- بشار الأسد وإشكالية الهوية
- إعرف نفسك تعرف عدوّك
- بين الخديعة والخطيئة خيط رفيع
- بشار الأسد والمليون إرهابي سوري
- خواطر تجمع بين اليأس والأمل
- بين جاسم ومنبج كما بين الباب والموصل خواطر تراثية
- الثورة السورية بين اليأس والأمل
- بين الخلاف والاختلاف شعرة معاوية
- البعد القومي لثورة آذار 2011 السورية


المزيد.....




- بعد -الكروكس- الأصفر..بروك شيلدز تطل بهذه الحقيبة على السجاد ...
- بيونسيه تشكر بول مكارتني وابنته لإلهامهما بأغنية -Blackbiird ...
- كيناز حكيم ومحمد خاشقجي يحتفلان بزفاف أسطوري في قلب إسطنبول ...
- دعوات قلب نظام إيران.. أمريكا فعلتها سابقا ولكن هذا ما حصل و ...
- مجزرة المساعدات.. مقتل عشرات الفلسطينيين أثناء انتظار الغذاء ...
- كابوس إغلاق مضيق هُرمز وما سيحصل مع احتدام صراع إيران وإسرائ ...
- إيران.. الحرس الثوري يعلق على إطلاق صواريخ -فتاح- على إسرائي ...
- تحليل.. ما أهمية -فوردو- وما مخاطر تدميرها من قبل الولايات ا ...
- القوات المسلحة الروسية تغيّر تكتيكاتها الإنسانية
- تقرير الفجوة العالمية 2025: مصر ضمن أسوأ عشر دول عالميًا في ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - نحن وهم