محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4745 - 2015 / 3 / 11 - 14:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخاطرة ١-;- : بين قمر فيروز وأقمار ناسا ،
لابد من التوضيح بداية ، أن العلاقة آلتي ينطوي عليها عنوان هذه االخاطرة، ذات شقين ، فهي تشير من جهة إلى علاقة القلب بالدماغ ، من حيث انتماء الطرفين إلى نفس الجسد ( الإنسان )، ومن حيث تأثر كل منهما بالآخر وتأثيره عليه ( عبر الحواس الخمس ) ، ولكنها تشير من جهة أخرى ، الى الفارق النوعي بين قمر فيروز ( إحنا والأمر جيران ...) وأقمار ناسا ( هوت بيرد ، عربسات وأخواتهما ) ، من حيث ارتباط قمر فيروز بالقلب بصورة أساسية ، وارتباط أقمار ناسا بالأرض ، أرض المخابر والتجارب على الكلاب والفئران ، وصولا إلى أسلحة الدمار الشامل التي استخدمت وتستخدم وستستخدم ضد الرأي المختلف ، والبلد المختلف ، والشعب المختلف ، واللون المختلف . إن اشارتنا الى هذا الفارق النوعي ، بين قمر فيروز الرباني ، وأقمار ناسا الصناعية ، لايعني بحال أننا ندعو الى نصب سور صيني بين هذين القمرين ، أي بين القلب والعقل ، لا بل اننا ندعو الى التقارب والتداخل والتفاعل بينهما ، بحيث لايطغى أحد هما على الآخر ، تماماً كما هي الحال بين القلب والدماغ في الجسم .
وإذا ما نقلنا هذه الإشكالية من عالم الفن الى عالم السياسة ، وبالذات في مجتمعات الربيع العربي عامة ، وفي المجتمع السوري خاصة ، فسنجد أنفسنا وجها لوجه أمام إشكالية العلاقة بين الدين والعلم ، بين العقل والنقل ، بين التيار الديني والتيار العلماني، بين قوانين السماء وقوانين الأرض . ومرة أخرى نقول إن حل هذه الإشكالية المعقدة ، والمزمنة ، لايكون الا بالجمع بين القلب والعقل وبالتالي بين القديم والجديد ، بين الماضي والحاضر ، بين السماء والأرض ، بين قمر فيروز وأقمار ناسا وهو ما فعله ابن خلدون مع من سبقه من المؤرخين ، وما ماركس مع هيغل ، و الفارابي مع ( أفلاطون وأرسطو ) ، و ابن رشد في محاولته الجمع بين الحكمة و الشريعة ( الفلسفة والدين ) ، بل ما فعله نبينا محمد ( ص ) عندما أعلن أنه إنما جاء ليتمم مكارم الأخلاق .
إننا نقول لمن هم شبهنا في الخلق ، وإخوتنا في الإنسانية ، والذين هم من يملك اليوم ناصية العلم والتقانة (المصنع والمدفع ) والقنبلة الذرية والطّائرات البدون طيار ، اتقوا الله في سلوككم ومواقفكم مع من يختلف معكم وعنكم في الرأي والدين ، امنحوا أنفسكم بعض الوقت ، للاستماع إلى قلوبكم ،
فالكرة الأرضية تتسع لنا ولكم ،وخيراتها تغطي حاجاتنا وحاجاتكم ، ولتذهب أسلحة الدمار الشامل إلى الجحيم .فلا قلوبنا وعقولنا ، ولا قلوبكم وعقولكم ، بحاجة إليها ،
الخاطرة 2 : السلفيون المصريون و السيسي ،
سألني أحدهم : لماذا يقف السلفيون في مصر مع السيسي وضد مرسي ، فأجبته :
السلفيون : أجسادهم في الحاضر وعقولهم وقلوبهم في الماضي ، ولا علاقة لهم بالمستقبل . إنهم بصورة أو بأخرى نوع من أنواع الدواعش ، الذين يصعب على المرء أن يعرف في مواقفهم وأفكارهم الحق من الباطل .
الاخوان المسلمون: أجسادهم وعقولهم تجمع بين الحاضروالمستقبل أما قلوبهم ففي الماضي
العلمانيون الليبراليون : عقولهم وقلوبهم في الحاضر، ولكن حاضر الآخر( الغرب ) ، الذي ينبغي أن يمثل بالنسبة لهم المستقبل المنشود .للبلدان المتخلفة ، ويرون بالتالي ضرورة القطع مع الماضي ولا سيما الماضي الإسلامي ، بوصفه بنظرهم سبب هذا التخلف .
العلمانيون القوميون : رجل في الحاضر ، ورجل في الماضي ، وعين على المستقبل .
الموقف المقترح من الكاتب : الجمع الجدلي بين الماضي والحاضر والمستقبل ،علماً أن الأخذ بهذا المثلث الجدلي يقتضي من عالم السياسة وعالم الاقتصاد وعالم الاجتماع ،الجمع العلمي والمعرفي ، بين كل من ابن خلدون وكارل ماركس وماكس فيبر وفرويد ، ولكن بصورة خلاّقة وموضوعية وأخلاقية .
الخاطرة 3 : اليوم العالمي للمرأة ( ٨-;- / ٣-;- / ٢-;-٠-;-١-;-٥-;- ) ،
سوف أكتفي هنا بنقل المعلومات المتعلقة بالمرأة السورية ، والتي أوردتها إحدى الجهات المهتمة ، تحت عنوان " انتهاكات نظام الأسد بحق المرأة " ( والمعني بطبيعة الحال
خلال الفترة الزمنية منذ اندلاع ثورة آذار عام 2011، وحتى اليوم ) . ألا ,هي :
١-;-٥-;-٣-;-٤-;-٧-;- شهيدة ،
٦-;-٥-;-٠-;-٠-;- معتقلة ، منهن ٢-;-٠-;-٠-;- تحت سن ال ١-;-٨-;- ،
٧-;-٥-;-٠-;-٠-;- معنّفة جنسيا ، منهن ٤-;-٠-;-٠-;- تحت سن ال ١-;-٨-;- ،
٢-;-.١-;- مليون لاجئة ، وهو مايمثل ٣-;-٥-;-٪-;- من عدد اللاجئين
وبطبيعة الحال ، فإنه يمكن أن يضاف إلى هذه الأرقام ، ملايين مهجرات ونازحات الداخل السوري ، والمئات ممن ابتلعتهن اسماك القرش وأمواج البحر ، وهن يحاولن الوصول الى البر الأوروبي الآمن إنقاذاً لأسرهن من جحيم براميل بشار الأسد المتفجرة والعمياء ، ورصاص القناصة ، وسكاكين الشبيكة . هذه المعلومات والأرقام الموجعة والمؤلمة والتي تقطر دما ، نحيلها إلى من بقي عنده وفيه بقايا ضمير ممن يدعون أنهم عرب ومسلمون من كافة الملل والنحل التي ترى وتسمع وتسكت عن كل هذه الجرائم والمجازر ، وعلى رأسهم كبار مجرميهم من الملطخة ايديهم وقلوبهموعقولهم بدماء هؤلاء النسوة السوريات البريئات : بشار حافظ الأسد ، وقاسم سليماني ، وحسن نصر الله ،
الخاطرة 4 : خدعة الرفاق ،
بعد أن نفّذ حافظ الأسد يوم 16/11/1970 انقلابه العسكري الطائفي تحت اسم " الحركة التصحيحية " وكنت يومها في منزلي بمدينة درعا ( حيث كنت قد أدرت ظهري لخدعة اليمين واليسار ، التي انطلت عليّ وعلى العديد من الحزبيين غيري ، لفترة من الزمن ) ،زارني عدد من ضباط حافظ الأسد المعروفين لدي وذلك ليروّجوا لحركتهم التصحيحية ( !! ) ، وقد لفت نظري يومها أن السؤال الأساسي الذي طرحه هؤلاء الضباط علي : كيف ترى حل القضية الفلسطينية ؟ ، وهنا أدركت على الفور ، من جهة أن هؤلاء مرسلون من قبل حافظ الأسد نفسه ، لكي يطرحوا علي هذا السؤال ، ومن جهة أخرى ، أن حركة حافظ الأسد التصحيحية ، وزج رفاقه في السجن ، وعلى رأسهم نورالدين الأتاسي وصلاح جديد ويوسف زعين ، إنما جاءت لتنفيذ مخطط مشبوه ، هدفه النهائي والبعيد ،التخلي عن الشعب الفلسطيني ، والاعتراف بإسرائيل وبالتالي إنهاء الصراع العربي الصهيوني ، وفق مخطط الدول العظمى (!) التي أوجدت ودعمت وتدعم الكيان الهجين ، منذ القرن التاسع عشر وحتى هذه اللحظة ، مروراً بوعد بلفور ، وبقرار التقسيم ، وبإلغاء قرار الأمم المتحدة المتعلق بعنصرية الحركة الصهيونية . ولقد عبر حافظ الأسد ، عن طريق وزير إعلامه المرحوم السيد أحمد اسكندر الأحمد ، عن هذا التوجه الاستراتيجي لنظام الحركة التصحيحية ، حيث أشار الوزير في مقال له ، نشرته باللغة الفرنسية مجلة " أسيا أفريقيا " في أوائل ثمانينات القرن الماضي ، و أشار فيه إلى ضرورة وقف سفك الدماء في هذا الصراع العبثي بين العرب وإسرائيل (!!) إن ماجرى ويجري في سورية منذ 1970 وحتى اليوم ، إنما هو توكيد لالبس فيه لدور عائلة الأسد في تنفيذ ذلك الوعد المشبوه الذي أوصلها إلى كرسي الرئاسة في سوريا .
+
الخاطرة 5 : رحم الله أمي ،
في إحدى سنوات دكتاتورية أديب الشيشكلي ( أظنها 1952 ) ، داهم رجال أمن قائد شرطة دمشق (ابراهيم الحسيني ) غرفة سكني بدمشق حيث كنت طالباً في صف الثقافة العامة في جامعة دمشق ، ليجدوا لدي كمية من مناشير حزب البعث العربي الاشتراكي التي كانت موجهة ضد ديكتاتورية اديب الشيشكلي ، وكانت توزع في شوارع دمشق بصورة سرية
وبطبيعة الحال تم اعتقالي ، وفي إطار إجراءات التحقيق المعروفة في مراكز الأمن ، وضعت " الفلقة " في قدمي ، وانهال شخصان يرتديان الزي المدني على قدمي بالخيزران ، من أجل أن أخبرهم عمن أعطاني هذه المناشير الحزبية . ساعتني تربية أمي وابي لي على الصبر والصمت والتحمل ، إلى ان زاد عدد الضربات على المائة ، فامر ابراهيم الحسيني الذي كان يرعى هذا المشهد الدرامي بنفسه ، ليسالني : قل من أين اتيت بهذه " المناشير " ؟ . لم اغير إفادتي : وجدتها ملقاة أمام باب غرفتي ولا أعرف من وضعها ، وهنا انهال على جسدي الملقى أمامه على الأرض بخيزرانة تناولها من أحد رجلي أمنه بضرب عشوائي ، دفعني إلى الابتسام ، ودفعه إلى المزيد من الضرب وإلى التلفظ ضدي بكلمات نابية ( بتضحك كمان ياأخو ... ) . سجنت ثم خرجت بعد مدة قصيرة من السجن أسيرعلى قدمي ، بعد أن التأمت جراحهما ، وحين وضعت رأسي في حضن أ مي في قريتي ( المسيفرة ) قبلتني وأبلغتني رضاها علي ، واعتزازها بصمودي .
رحم الله أمي التي واتتها المنيّة قبل أن تعرف ، انه لوتم اعتقال ابنها بعد عام 2011 لما خرج من سجن بشار الأسد حيّاً، وإنما كان سيصلها جثة هامدة في تابوت خشبي . ويبدو لي الآن ـ ياأمّاه ـ أن سجن أديب الشيشكلي كان على مايبدو ـ وباللغة الدارجة ـ سجن خمس نجوم قياساً على سجون بشار بن حافظ الأسد ، التي تشهد يومياً موت العديد من الرجال والنساء والأطفال تحت التعذيب الوحشي الذي يمارسه مرتزقته وشبيحته في هذه السجون .
فلا نامت أعين الجبناء .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟