أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - التغريبة السورية بين ىرأيين















المزيد.....

التغريبة السورية بين ىرأيين


محمد أحمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 18:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشهد هذه الأيام رحيل / هجرة / نزوح / هروب ،. عشرات الألوف ، لا بل مئات الألوف من وطنهم سوريا ( الجمهورية العربية السورية ) إلى أوروبا . وبينما يرى البعض أن السبب الحقيقي لهذه " التغريبة السورية " هو أولاً ، الرفاه ، وتعليم الأطفال ، وفرص العمل ، والدخل المادي المعقول ، وثانياً تأتي مسألة الحرية والكرامة والأمن ، والتي يعتبر نظام الأسدين ( الأب والإبن ) مسؤولاً عنها بصورة أو بأخرى . يرى البعض الآخر ، على العكس من ذلك ، أن القتل والذبح والتدمير الذي تحدثه براميل النظام وطائراته وصواريخه وشبيحته والحشود الطائفية القادمة من إيران ولبنان وأخيراً من موسكو ، هي السبب. الأساسي وراء هذه التغريبة السورية ، وفي محاولة تفحّص كل من هذين الرأيين ، توقف الكاتب عند مسألتين لهما صلة مباشرة في موضوع هذه التغريبة ، ووجد أنه من المناسب ، أن يشرك القارئ الكريم معه في الاطلاع عليهما :
المسألة الأولى : رِن ذات مساء ، جرس الهاتف في بيتي بمدينة لايبزغ في ألمانيا ، وقد كان على الهاتف شخص ما ، ادعى أنه أحد أقربائي ، ومن نفس قريتي بل و " حارتي " ولما سألته من أين تتكلم الآن ؟ أجاب من غازي عينتاب ، وماذاتريد مني ؟ أجاب أنا موظف في مكتب أحدى الوزارات ، وأملك عشرة آلاف دولار ، وأريد أن " أهاجر " إلى ألمانيا عبر البحر ( !! ) . أي أريد أن أشتري بها رحلة من أحد المهربين (!!) .ولكن مثل هذه الرحلات قد تكون نتيجتها الموت غرباً في البحر ، ولذلك لجأت إليك لعلك تساعدني في الوصول ءلى ألمانيا عن غير طريق البحر . بعد أن أفرغ " قريبي " كل مافي جعبته ، أجبته بود ومحبة : ليس المسؤول بأعرف من السائل بصدد الطرق الآمنة المؤدية إلى ألمانيا ياابن العم . فتش عن شخص آخر غيري .

المسألة الثانية : رِن جرس هاتفي ذات صباح ، حيث أقيم في مدينة كذا الألمانية ، وإذ بإحدى قريباتي على الهاتف ، من أين تهاتفينني يافلانة ؟ من درعا ، وماذا تريدين ؟ إن إبني فلان قد هاجر هو وزوجته إلى بيروت ، ولما كان السوريون غير مقبولين في بيروت ، فإن ابني يريد مغادرة بيروت إلى ألمانيا . وخاصة أن رفاقه السوريين قد أبلغوه أن من له قريب في ألمانيا فإن أبواب السماء ستكون مفتوحة أمامه للوصول إلى هناك (!!) . قلت لقريبتي دعي ابنك يرسل لي صورة عن جواز سفره وجواز سفر زوجته ، وصلتني صورة الجوازين ، وهنا كانت المفاجأة حيث أن زوجته فتاة " قاصر " ، وهو أمر غير مقبول قانوناً في ألمانيا بعض النظر عن إمكانية وصوله من عدمها . غضضت النظر هذاالموضوع المرفوض أصلا لدي نهائياً . ولم أعد أرد على الهاتف ، وفقط منذ بضعة أيام ، هتف لي ابنها فلان ليبلغني أنه الآن في هنغاريا وهو لايملك شورى نقير . ويريد المساعدة ، مسكينة سوريا التي بلاها الله بعائلة الأسد المجرمة التي حرمت الناس من بيوتهم وأهلهم ووطنهم وحولتهم إلى " شحاذين " . أعتقد من جهتي أن هذا الفلان الذي هو قريبي ، قد يصل مع التغريبة السورية إلى ألمانيا ، بعد أن يكون قد ذاق الأمرين في الطريق بين هنغاريا وألمانيا ، وسيكون على ألمانيا حل لغز زواجه من فتاة قاصر ، وهو مايتعارض مع القوانين الألمانية التي يحترمها ويلتزم بها الجميع . مسكينة ألمانيا التي بلاها الله كما بلانا بنظام عائلة الأسد ، الذي يقوم على التطهير الطائفي ، والذي يجعل الناس يغادرون بيوتهم ويهجرون أهلهم وبلدهم ، ويلجؤون إلى ديار الغربة حيث أن " الفتى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان " !! .
والآن لماذا تحولت هذه التغريبة من هجهرة فردية إلى هجرة جماعية ثم إلى " تغريبة سورية " مليونية ، دونها " التغريبة الهلالية " إلى تونس الخضراء في القرن الخامس الهجري ؟. في رؤيتنا الخاصة لهذا الموضوع ( التغريبة السورية ) ، نرى أن لها سببين رئيسيين : سبب بعيد يعود إلى القرن التاسع عشر ، وسبب قريب يعود إلى القرن العشرين :
أما السبب الأول فيمكن ربطه بسياسة التتريك التي مارستها جمعية " الاتحاد والترقي " التركية على العنصر العربي المندرج في إطار الخلافة الإسلامية آنذاك . حيث أيقضت القومية التركية القومية العربية ، التي وضعت حجر الأساس للثورة العربية الكبرى في القرن ١-;-٩-;- ( ثورة الشريف حسين ) . ولكنها ربطت هذه الثورة بالحالة الاستعمارية ( حسين - ماكماهون ) التي ترتبت على اتفاقية سايكس بيكو ، وبحالة الحداثة الأوروبية التي أعطت لأوروبا قصب السبق في العلوم والتكنولوجيا ، وبالتالي في كل من " المصنع والمدفع " . وتحولت أوربا ( إنجلترا وفرنسا خاصة ) في إطار الحرب العالمية الأولى ، من عدوة للخلافة الإسلامية إلى صديقة للقومية التركية العلمانية ( كمال أتاتورك ) ، وعدوة للقومية العربية .
وأما السبب الثاني القريب ( القرن العشرين ) ، فيعود إلى أواسط الخمسينات ، حيث انقلاب الجيش المصري على النظام الملكي في مصر ، وظهور جمال عبد الناصر والناصرية ، ولاحقاً حزب البعث العربي الإشتراكي ، وحركة القوميين العرب ، كمظهر من مظاهر اليقظة العربية الحديثة ، وكرد على هزيمة الجيوش العربية عام ١-;-٩-;-٤-;-٨-;- في فلسطين .

لقد انطوى تنظيم حزب البعث العربي الءشتراكي ، منذ نشأته الأولى ( أواسط الأربعينات ) ، على خلل بنيوي ، من حيث أن تركيبته الاجتماعية لم تكن تعكس البنية الواقعية للشعب السوري ، بل إن اللون الغالب على مسيرة الحزب ، كان لون " الأقليات " الدينية والطائفية ، من جهة ، ولون الأقلية المثقفة ( طلبة ومثقفين ) ، من جهة أخرى ، و غلبة الطابع الريفي على الطابع المديني الحضري ، من جهة ثالثة . لقد رافق هذا الخلل البنيوي مسيرة الحزب كلها ، ولعب دوراً أساسياً في أبرز محطاتها ، ولا سيما محطات : الوحدة السورية المصرية ( ج ع م ١-;-٩-;-٥-;-٨-;- - ١-;-٩-;-٦-;-١-;- ) ، ومرحلة الإنفصال ( ١-;-٩-;-٦-;-١-;- - ١-;-٩-;-٦-;-٣-;- ) ومرحلة حكم الحزب الواحد ( ١-;-٩-;-٦-;-٣-;- - ١-;-٩-;-٧-;-٠-;- ) ومرحلة حكم الطائفة الواحدة / الطائفة العلوية ( ١-;-٩-;-٧-;-٠-;- - ٢-;-٠-;-١-;-١-;- ) ، ومرحلة الثورة الديموقراطية ( ٢-;-٠-;-١-;-١-;- - وحتى اليوم ) . وتعتبر " التغريبة السورية " باتجاه أوروبا و آلتي نشاهدها يومياً على شاشات التلفزيون ، واحدة من مخرجات هذه المرحلة الأخيرة .

وفي عودة إلى تباين الرؤى والرأي حول هذه " التغريبة " ، والذي أوردناه في مطلع هذه المقالة نرغب أن نشير بل ونؤكد هنا مايلي :
1) إن حالة الفوضى في سوريا ، والتي كانت الثمرة المرّة ، لمسك الأطراف الدولية الفاعلة ، ولا سيما أوباما عصا الثورة السورية ضد بشار الأسد من منتصفها ، بحيث لايسمح لاتدخلهم العسكري ، ولا تدخلهم المدني ( استخدام حق الفيتو ) بجعل هذه العصا تميل لصالح هذا الطرف السوري أوذاك ( المعارضة أو النظام ) .
2)لأن المطلوب بالنسبة لهذه الدول الكبرى ، والمتخمة عسكرياً ، هو أن يستمر الصراع في سوريا بين النظام والمعارضة ، أطول مدة ممكنة ، بحيث يصبح لجوء هذين الطرفين إلى الدول الكبري ( جنيف ٣-;- ) هو الطريق الوحيد الممكن لهما سلوكه . أي أن حل الأزمة السورية لم تعد بيد أصحابها ( السوريين ) ، ولكنها باتت بيد الدول الصناعية الكبرى ، مالكة المصنع والمدفع ..
3.إن التغريبة السورية إذن ، إن هي إِلَّا نوع من الهروب إلى الأمام ، نوع من هروب الناس بأرواحهم ، وبأرواح نسائهم وأطفالهم ، من براميل بشار الأسد العمياء ، وصواريخ وطائرات وسكاكين من يشد على يده من العرب والعجم ، ومن الشرق والغرب ، ومن الدول الكبرى والصغرى ، إنني لاأنكر إمكانية اندساس بعض ( المحبكجية ) بل وبعض غير السوريين في صفوف هذه التغريبة ، ولكن ذلك لا يعطي احد الحق ، بمن في ذلك الأوروبيين ، في ألّا يرى ، أن السبب الحقيقي وراء هجرة هذه الملايين ، هو وحشية وهمجية وبراميل وصواريخ وطائرات نظام بشار الأسد ، والبحث عن الحرية والأمن بعيداً عن هذه البراميل والصواريخ والطائرات ، وليس البحث عن كسرة خبز أو شربة ماء ، رغم أن ذلك من أبسط حقوقهم على إخوتهم في الإنسانية ، سواء في الشرق أم في الغرب ، في الشمال أم في الجنوب ..



#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغريبة السورية بين رأيين
- بين بشار وأوباما شعرة معاوية
- العراق ، هوامش من التاريخ والمقاومة
- الطفل والبرميل
- الربيع العربي : المتهم البريء
- التدليس في خطاب الرئيس
- كلمة في مخرجات مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة
- خواطر شاهد عيان ، عودة إلى حرب حزيران 1967
- رؤية خاصة لمعارض سوري لنظام عائلة الأسد
- الذاتي والموضوعي في الصراع بين علي ومعاوية
- بشار الأسد وإشكالية الهوية
- إعرف نفسك تعرف عدوّك
- بين الخديعة والخطيئة خيط رفيع
- بشار الأسد والمليون إرهابي سوري
- خواطر تجمع بين اليأس والأمل
- بين جاسم ومنبج كما بين الباب والموصل خواطر تراثية
- الثورة السورية بين اليأس والأمل
- بين الخلاف والاختلاف شعرة معاوية
- البعد القومي لثورة آذار 2011 السورية
- من محمد الزعبي إلى الأخوين عبد الرزاق عيد وميشيل كيلو


المزيد.....




- بتكليف من بوتين.. شويغو في بيونغ يانغ للقاء الزعيم الكوري ال ...
- نتنياهو وإيران: تلويحٌ بالتغيير من الداخل واستدعاء واشنطن إل ...
- -واينت-: مقتل جندي من جولاني في خان يونس وإصابة 4 آخرين بجرو ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أشخاصا أحضروا كاميرات لبث مباشر لضر ...
- هل بدء العد النازلي نحو -القنبلة النووية الإيرانية-.. من يص ...
- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - التغريبة السورية بين ىرأيين