أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (92)














المزيد.....

منزلنا الريفي (92)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4933 - 2015 / 9 / 22 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


مضاجعات في أقبية النسيان !

قدرنا هو ألا نكون، فإذا بنا تعالينا على هذا الواقع و أردنا أن نكون، فكنا دون أن نكون نقبع في الحضيض، ونتجرع التهميش.
****
في الخريف القاحل، الشمس تسطع سطوعا مخيفا، وأشواك الصبار المرعبة تفتح ثغرا يوشك على الافتراس، الأشجار أرسلت نذير الشؤم وقذفت أوراقها نحو مزبلة الحياة، في الأفق الأزرق لاحت أشجار ترقص ببهلوانية دامعة، وتحتها يهجع قطيع من الكلاب يلتهم ثمار الدوم (الغاز)، ويحوم حول كلبة جرداء في موسم التزاوج الكلبي، لا أحد يستطيع أن يقترب من هذه الزمرة، جموع الحطابين غيروا مسارهم خوفاً من هجوم وشيك، الكلبة فضلت الانعزال، يسكنها حقد جهنمي حيال القرويين، كم هم بخلاء وكم هم حاقدون على الكلاب، لا يتورعون في قتلهم والتمثيل بهم، آه لو شاطرها الكلاب ما يدور في غريزتها المتجهمة ! بلاشك سوف تقطع الحطابين وأطفالهم إربا إربا ! لكن على ماذا ستحصل في النهاية ؟ الحطابون لا يملكون سوى قنينة ماء ساخنة و كسرة خبز التهمها أطفالهم قبل انطلاق الرحلة !! لو كان القرويون يملكون بصيص ثروة لما باعوا أنفسهم في سوق النخاسة الانتخابي، الضاوية الطفلة الصغيرة ذات السروال المثقوب جرت حافية خلف موزعي الأوراق الانتخابية تطلب مصاصة، فإذا بها تسقط لاعقة التراب، نهضت وراحت تمسح دموعها بالأوراق المقذوفة، تأخذ قطيعها كل صباح، تتركه خلفها وتبحث عن ثمار الدوم، ذات مرة عضتها وزغة وسط الدومة، غير أن هذا لم يثنيها عن البحث، تفطر بالدوم وتتغدى بحليب الماعز، وفي المساء تتعشى ببراد الشاي، المرعى شاسع، نبات الدوم متناثر في كل مكان، الوادي يقبع تحت السفح العالي، نبات السدر اتشحت أوراقه بالنبق، فصيل الكلاب يهيم باحثا عن الماء، تتبعه الضاوية .
****
كان الوقت زوالا، الشمس انحدرت نحو الجنوب، الرعد يرعد في السماء، والبرق شكل خيوطا كهربائية تنذر بالمطر الوشيك، في أعلى السفح جلست الضاوية منهمكة بالنظر إلى الكلاب المتزاوجة، كانت تخرش بعضها، الكل يريد أن يقترب من الكلبة الجرداء، كم تمنت أن تكون كلبة بين الكلاب لا طفلة بين القطعان، لماذا يتهافت هؤلاء الكلاب حول كلبة جرداء ؟؟ فرقع هذا السؤال مخيلتها، وغدت تتابع بذهول صراع الكلاب حول الكلبة، فإذا بكلب أسود متين العضلات ينهش الكلاب الأخرى، ويفوز بالمعركة ويلتصق بالكلبة الجرداء، يا ترى كيف التصقا ؟؟ تساءلت الضاوية باندهاش كبير !! جموع الكلاب لم تستسلم، فغدت تعض الكلب الأسود وانفصلا بعد جهد مرير، فلاح قضيبه السهامي، أحمر فاتح اللون، يبرق كضوء منير، تحسست الضاوية أسفل بطنها، فلم تعثر على شيء، فشعرت بفراغ مهول اللهم ثقب غائر يشبه كهفا يمتقع اللاشيء المتلفح بالسراب.
****
كانت الشمس تمضي نحو الأفول، والزمن ينحو نحو الغروب، القطيع رحل بلا عودة، السواد بات يخيم على المكان تخترقه أشعة منفلتة خلف الأفق، منذ ساعة كانت الضاوية قد عثرت على قضيب حديدي، نست كل شيء، نست صدأه ولونه، ماعزها، أمها، عائلتها، تريد أن تتيه في الليل البهيم، وتعلق أملها على استكمال لوحة ترسمها على جذع الشجرة، إنه ذاك الذي يعيش في الكهف، يخرج من الثقب السحري، ويتوق إلى العودة إليها، إنه القضيب مفتاح الوجود، رسمت عينين لتنظر إليهما، ورسمت فما لتقبله، ورسمت ثديين لتقبلهما، وغرزت قضيبا في الشجرة لتبتلعه . أخذت معها لوحتها وهامت بلا رجوع ...

عبد الله عنتار/ بني كرزاز-بنسليمان- المغرب/ 14 شتنبر 2015



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي (89)
- منزلنا الريفي (90)
- خواطر على الشاطئ
- منزلنا الريفي (88)
- منزلنا الريفي (87 )
- أفياء كرزاز
- سفيرة عزرائيل
- إعتراض على إنشاء منتجع سياحي خاص للقنص السياحي بأراضي القناص ...
- قتلتك يا جلادي
- حنين إلى جسد عاهرة
- منزلنا الريفي (85)
- اختفت كلماتي
- منزلنا الريفي (84)
- منزلنا الريفي (83)
- متى تعودين يا عشتروت ؟
- منزلنا الريفي (82)
- أنت أنا وأنا أنت
- تحت الصفر
- هوامات الحضيض
- أظمأ إلى وردة


المزيد.....




- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (92)