أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - إحنا آسفين يا خروف!














المزيد.....

إحنا آسفين يا خروف!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 16:10
المحور: حقوق الانسان
    


هل نحن مُتحضرون بقدر ما يُجبرنا القانونُ على التحضّر، وهمجيون بقدر ما يسمح لنا القانونُ بمساحة من همجية؟ الإجابة، للأسف: "نعم.”
وأخيرااااا: "تجريم ذبح الأضاحي في الشوارع. وحظر الذبح خارج المذبح، وتغريم المخالف خمسة آلاف جنيه مصري، وفق القانون.”
قرارٌ محترم وراق ومتحضّر نادينا به كثيرًا حتى بُحَّ صوتُنا، وحتى أغلقوا علينا غرف التفتيش في الضمائر، وأوسعونا ضربًا بالسياط، وحتى كُفّرنا، وشُوِّهنا، وخيض في أعراضنا، وحتى قادنا الأدعياءُ الخاملون البُلهاءُ المرتزقة إلى المحاكم بقضايا الحِسبة بزعم أننا نحارب الطقوس المقدسة ونزدري الأديان!
نشكر المحترمَ صانعَ القرارِ المحترمِ. شكرًا للمتحضّر المثقف الذي قرر أخيرًا احترام عيوننا وعيون أطفالنا واحترام الدين واحترام الطقس الديني واحترام الدم، ومن قبل ومن بعد احترام الحيوان المسكين الذي يجود بروحه دون مقاومة حتى نأكل ونشبع ونسمن ويشتدُّ عودُنا ونقوى ونستقوى فنمارسُ ساديتنا على الأضعف من بني الإنسان ومن بني الحيوان ومن بني الطير ومن بني النبات. من العيب المخجل أن نُهين الكائن المستضعَف الذي يمنحنا حياته، ويجود بروحه ويبذل دمه من أجلنا راضيًا مرضيًّا دون مقابل. ليس أقل من احترامه وتوقيره وعدم تعذيبه في لحظاته الأخيرة على مرأى من السابلة ومسمعهم.
قال الله في كتابِه: “فصَلِّ لربّك وانحرْ.” هنا أمرٌ بالصلاة، في الأوقات المحددة للصلاة، وهنا أمرٌ بنحر الذبيحة كي نُطعم الفقراءَ، في غير وقت، وفي أي وقت. وقت الحجّ أو في غير وقت الحج. لكنه لم يقل إن من حقّنا أن نعذّب الذبيحة فنجرحها بنصل بارد حتى يتصفى دمُها ببطء ونُشقيها بالوجع والألم قبل التهامِها. لم يقل لنا اذبحوا ذبيحتكم على مرأى ومسمع من رفيقها الحيوان حتى يتعذّب رعبًا وهو يشاهد مصيره المُساقَ إليه بعد برهة، ولا سمح لنا بذبح حيوان وليد أمام أمّه حتى ينفطرَ قلبُها على وليدها المنحور. ولم يقل لنا إن من حقّنا أن نجرح عيون أطفالنا بأن نسوقهم معنا إلى حيث موقع المذبحة لكي تنشأ قلوبهم جامدة قاسية أمام مرأى الدم، فلا يتأذى حين يكبر ويشاهدُ من يذبح إنسانًا بقلب بارد. وبالفعل، حدث السنة الماضية أن انتزع طفلٌ في الخامسة من عمره سكينًا من مطبخ أمه وذبح شقيقته الرضيعة بعد مشاهدته أبيه ينحر خروفًا في العيد. فعلى مَن يقع دمُ الوليدة المغدوره؟ على شقيقها الطفل، أم على أبيها الجهول؟
قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “إن ذبحتم، فأحسنوا الذِبحة.” فهل نُحسنُها؟ وهل نحن على نهج الرسول في ممارسة طقسنا الديني وشعائرنا العقدية؟! وقال أجدادُنا الفراعنة في لحظة حساب الموتى، ضمن الاعترافات السلبية الاثنين والأربعين: “لم أعذّب حيوانًا، لم أعذب نباتًا بأن نسيتُ أن أسقيَه، لم أتسبب في دموع إنسان.” فهل بوسعنا قول ما قالوا ونحن صادقون؟! هل نحن على نهج أجدادنا العظماء، ونفعل ما كانوا يفعلون؟!
أعضاء نادي الجزيرة الشباب الذين قاموا بسلخ القطط وهي حيّة، وعيونها تدمع ألمًا وتقطرُ دمًا وجعًا بينما جسدها ينسلخ من فرائها، هل كانوا مصريين يستحقون مصريتهم؟ هل كانوا مسلمين يستحقون إسلامهم أو مسيحيين يستحقون مسيحيتهم؟ هل كانوا بشرًا يستحقون إنسانيتهم؟ أم كانوا دواعشَ في الغد يفعلون بالبشر ما فعلوه اليوم بالحيوان؟ هل قُدّموا للمحاكمة؟ نعم، رُفعت ضدهم قضايا وقُدّمت بلاغات. وهل حوكموا؟ لا، بل أُلقت البلاغاتُ المقدمةُ ضدهم في صندوق النفايات! لماذا؟ لأن دستورنا المصري السعيد لا يضمُّ مادةً تجرّم تعذيب الحيوان! فالحيوان رخيصٌ لا أهلية له ولا قيمة، لأنه لا يملك ما يدافع به عن نفسه. لا قانون يحميه من بطشنا، فيحقُّ لنا أن نفعل به ما يروق لنا. نخنق قطةً، ندهسُ كلبًا، نعذّب جملا، نؤلم خروفًا، "براحتنا بقا"، فالقانون لا يحمي الحيوانات. وكأننا راقون بقدر ما يُجبرنا القانونُ على الرقي، وهمجيون بقدر ما يُبيح لنا القانونُ من همجية!
سخرَ منّي الساخرون حين طالبتُ بقانون يمنع تعذيب الحيوان وإهانته. قالوا هل تدافعين عن حقوق الحيوان وتنسين حقوق الإنسان؟! مَن قال هذا بالتأكيد لم يقرأ مقالاتي وكتبي ولا يعرف شيئًا عن أفكاري. ومَن قال هذا ينسى أن الرحمة لا تتجزأ وأن احترام الحيوان صُنوُ احترام الإنسان، والاثنان صُنوٌ للإيمان بالله. أفخرُ بأن يدي لم تُدنّس بدم، أيّ دم. وليسخرْ مني الساخرون.
كل عام وأنتم بخير، وعيد أضحى مبارك على المصريين وعلى الإنسانية، اذبحوا ذبائحكم، ولا تنتظروني معكم، وكونوا رحماء بالحيوان؛ لأنه يشكو ولا يكاد يُبين.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة واحد فكّر، طق مات ( حوار تليفزيوني مع كاتب)
- شهداءُ من أبناءِ زايد
- موت أمي
- طفلُ البحر... لا أحدَ يريده!
- دموع مريم، قضية أمن قومي
- لماذا يكرهون هذا الرجل؟
- هل تعرف طاعن نجيب محفوظ؟
- صفر مريم النبيل
- حزب النور، حاوي الحواة
- طاووس حزين
- هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر
- مَن يذكر -فرج فودة-؟
- قلب ابتهال سالم... عصفورة الجنة
- رسالة إلى نقابة المحامين.. نقابة العظماء
- الفارس -بدر عبد العاطي-
- جمال الغيطاني، ستعيشُ ألفَ عام
- سجّلْ يا زمان
- رئيس الغلابة
- قالت المحروسة
- قبطانةٌ على صفحة مياه القناة


المزيد.....




- انعكاسات الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسؤولين أمميين حو ...
- اقتحام رام الله والبيرة واعتقال 3 فلسطينيين بالخليل وبيت أمر ...
- عودة النازحين.. جدل سياسي واتهامات متبادلة
- الخارجية الأردنية تدين الاعتداء على مقر وكالة -الأونروا- في ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من شلل جهود الإغاثة في لبنان
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسئولين أمميين حو ...
- الأونروا: استمرار غلق المعابر ومنع دخول الوقود سيصيب العمليا ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: السلام يبدأ بعضوي ...
- رسالة تهديد من مشرعين أمريكيين للمدعي العام بالمحكمة الجنائي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - إحنا آسفين يا خروف!