أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي - ريما كتانة نزال - انعكاس أزمة اليسار الفلسطيني على الأطر النسائية الديمقراطية ودورها















المزيد.....


انعكاس أزمة اليسار الفلسطيني على الأطر النسائية الديمقراطية ودورها


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1352 - 2005 / 10 / 19 - 11:50
المحور: ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
    


• ريما كتانة نزال

ليس سراً القول إن قوى اليسار الفلسطيني عامة تعيش أزمة مستعصية، سواء على صعيد دورها او على صعيد العلاقة مع الجمهور،وهو ما جعلها على هامش الفعل السياسي،في ظل حالة التجاذب القائمة على الساحة بين القوتين الرئيسيتين الفتحاوية والحمساوية في المشهد، العام بالرغم من المحاولات الاستنهاضية العديدة التي جربتها.

هذه الحالة اليسارية المتراجعة، انعكست بشكل مباشر على المنظمات النسائية الخارجة من رحم التنظيمات اليسارية، والتي لا أحد ينكر لها مبادرتها التأسيسية التي شكلت انعطافة هامة للعمل النسائي الفلسطيني، نقلته من واقع العمل الفوقي والخيري ومن أوساط النخب، إلى العمل مع القاعدة النسائية بالجملة مهما كان واقعها وأينما تواجدت .
مؤشرات التراجع لا يحتاج إلى جهد كبير لاكتشافها، فمجرد إمعان النظر بنتائج إنتخابات الهيئات المحلية في الضفة والقطاع في مرحلتيها الأولى والثانية على الصعيد النسائي ، والنتائج الهزيلة المتحققة على الرغم من خوضها في ظل تنافس القوى النسائية مع بعضها البعض في إطار كوتا إنتخابية بالقانون، يتبين مدى أزمة وضعف هذه الأطر، وترجمة الأزمة نراه في ضمور حجمها، ومأزق شعبيتها ودوائر نفوذها وحدود انتشارها الجغرافي، ففي مواقع عديدة ’هزمت مرشحات اليسار، وفي مواقع أخرى لم تستطع أن تقدم هذه القوى مرشحة واحدة.

الوضع لم يعد وضعا طارئا ، وليس حالة مؤقتة ، بل أصبح أشبه بالحالة المرضية المزمنة ، على الرغم من أن الأطر النسائية ذات البرامج الديمقراطية والمنبثقة عن أحزاب اليسار كانت سيدة الساحة النسائية في مراحل سابقة، وأصبحت منذ فترة ليست بسيطة، تعيش على أمجاد الماضي ورصيد التاريخ الشاهد على مجد وعلى قوة جماهيرية منافسة لا يستهان بها، وعلى قدرة في طرح المبادرات المناسبة وإنتاج الرؤى الجديدة المتطورة المتولدة من واقع الانخراط المنظّم في المجتمع ومع الناس، فما هو واقع هذه الأطر التي لا يمكن بكل النواحي ان توضع في سلة واحدة من حيث الحجم والإنتشار والتأثير والإنخراط والدور، بل إن هناك تفاوتا ملحوظا بين مفرداتها، وكذلك على الصعيد القيادي والكادري وتمايزه من إطار لآخر؟ وكذلك ما هي أهم الأسباب الكامنة وراء هذا التدهور؟ وهل من آفاق أمامها للخروج من مأزقها؟ هذا ما سأحاول المساهمة في الإجابة عليه...

الواقع والأسباب:

أولا - تبعية العلاقة بين الأطر والأحزاب:
لا بد من التنويه أولا أن حالة التراجع التنظيمي والجماهيري التي تعيشها الفصائل السياسية، تشكل عاملا أساسيا لحالة التراجع لأطرها الديمقراطية النسائية، كأحد مكوناتها الرئيسية وكجزء عضوي أصيل من أجسامها الحزبية، وما يتم الحديث عنه في البرامج واللوائح المنظمة لهذه الأطر عن استقلاليتها عن أحزابها، ما هو إلا مبدأ إفتراضي غير واقعي، وحقيقة الأمر ان جميع الأطر النسائية تؤطرها علاقة تبعية شبه كاملة للحزب السياسي، تتناسب عكسيا مع نفوذه على الصعيد السياسي، وحجمه على الصعيد التنظيمي، أما على الصعيد البرنامجي المختص فهي تترجم توجهات الحزب البرنامجية على صعيد القطاع، وعليه فإن الحزب السياسي يقوم بعملية رسم التوجهات، سواء المباشرة أو غير المباشرة، عبر عضواته المحزبات والمنخرطات في عضوية الإطار والممسكات بقيادة الإطار النسوي ، الذي نادرا ما تكون في عضويه هيئاتها القيادية عضوات غير محزبات، من اللواتي يكتسبن عضويتهن على أساس التوافق والموافقة على برنامج الإطار النسائي ،وليس شرطا على برنامج الحزب الأم ، وفي معظم الأطر نجد ان تطابقا أكيدا ما بين عضوية الحزب السياسي وإطاره النسائي، مما يجعل التبعية التنظيمية أمرا محتوما ، ويحول الإطار الى واجهة سياسية للفصيل،الامر الذي ادى اثارة اكثر من سؤال لدى الرأي العام حول مبرر وجود الإطار.

ثانيا-عدم توازن العلاقة التبادلية
إن الأصل في العلاقة ما بين الإطار النسائي والحزب السياسي أن تكون تبادلية، يتم خلالها ضخ الدماء من الإطار وإليه على شكل رؤى وبرامج وتكتيكات، أي علاقة متكافئة بين الطرفين دون سيطرة لطرف على حساب الآخر، ودون اسقاطات بقوة القرار الحزبي ، لكن واقع الحال ليس هكذا، بل إن الواقع يؤكد ان العلاقة يشوبها الخلل وعدم التوازن لصالح الحزب السياسي . ففي الفترة التي تلت تشكيل هذه الأطر في نهاية السبعينات من القرن الماضي، طغى البرنامج السياسي للحزب على البرامج الخاصة لهذه الاطر، فالبرنامج النسوي الاجتماعي الذي كان حاضرا في الوثائق ، كان عمليا منطويا على نفسه في إطار الممارسة السياسية، فلم يشكل الحزب وعاء وحاضنا لبرنامج الإطار في شقه الديمقراطي إلا بالحدود النظرية، ولم يتبنى أو بشكل أدق لم يدفع قدما برنامج الإطار الحقوقي، هذا الحال ساد في الفترة التي تلت تشكيل الأطر وحتى الإنتفاضة الأولى ، والنقاشات الحقوقية التي بدأت بالتبلور، واتضحت بقوة في المرحلة التي تلت توقيع اتفاق أوسلو بحكم الجديد السياسي الذي حملته المرحلة، والذي فتح المجال أمام استراتيجيات جديدة تمكن من الربط ما بين مهام التحرر الوطني و التحررالإجتماعي، ليس على الصعيد النظري كما كان الواقع ، وإنما بالربط الواضح بين قضايا التحرر الوطني من جانب وتكريس حقوق النساء الديمقراطية من جانب آخر.
واقع الحال عمليا في هذه الحقبة والتي مضى على دخولنا بها عقد من الزمن، يشير إلى أن الخطاب اليساري في قضايا حقوق المرأة الاجتماعية بقي خطابا خجولا ومترددا، وشكل العلاقة ما بين الحزب وإطاره النسائي بقيت علاقة أحادية الجانب ، وإذا ما أردنا الاستشهاد بتجربة توضح التردد وعدم التوازن التبادلي الذي أشرت إليهما، فليس أفضل من الإستشهاد بتجربة "البرلمان الفلسطيني الصوري" كمثال ساطع على الموقف الخجول والمتردد مع تفاوت بالطبع ما بين الوان الطيف اليساري ، فبعض هذه القوى لم يدفع اعضاؤه للإنخراط في التجربة وبقي متفرجا ، وبعض من انخرط من الأحزاب كان بموقف خاص وقناعة ذاتية ،وليس ضمن خطة وسياسة الحزب المتبع ، وهذا ما أقر به أحد قيادات اليسار البارزين( وفي معرض نقاش الاستحقاقات الاسنادية والداعمة التي ستقدمها الفصائل في معرض نقاش مطالب الحركة النسائية في قانون الأحوال الشخصية على ضوء تجربة البرلمان الصوري) الى التقدم فيما بعد بما يشبه الاعتراف بقصور تنظيمه الذي وقع اثناء الحملة التي نظمها "البرلمان الفلسطيني الصوري"، الذي تشكل بالتنسيق ما بين مؤسسات المجتمع المدني والفعاليات المجتمعية، لإثارة الجدل حول تشريعات تضمن المساواة وحقوق الإنسان للمرأة الفلسطينية، وهو عبارة عن اجتماعات تثير حوارا ونقاشات على شكل برلمانات صورية توفر منبرا ديمقراطيا حرا تشارك فيه قطاعات من المجتمع من الرجال والنساء على المستويين الحكومي وغير الحكومي على امتداد المناطق الفلسطينية ، لنقاش المقترحات المعدّلة لقوانين تمس حقوق المرأة ، بديلة للقوانين المعمول بها في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة المتعددة والمتقادمة والإلحاقية والتمييزية ، وذلك بهدف رفع التمييز والظلم القانوني الواقع على المرأة.

ثالثا- هجر النخب النسائية للأطر:
تميزت الإطر النسائية الديمقراطية بقدرتها على استقطاب شرائح مثقفة من المجتمع، من شخصيات أكاديمية ومهنية متنورة، أتيحت لها فرص الحصول على التعليم العالي والتدريب والاطلاع على تجارب وخبرات عالمية ، وامتلكت القدرة على اشتقاق الاستراتيجيات وطرح التصورات والبرامج العملية القادرة على التشغيل والاستقطاب، كما امتلكت الامكانية على التأثير في السياسات النسوية، ولا شك بأن كادرات اليسار النسوية تميزن بالديناميكية والوعي السياسي والحقوقي المتقدم، وتبوأن مواقع متقدمة في أحزابهن وفي قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية عن طريق النضال، ولعل تجربة الاسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، سواء على صعيد العدد أو النوعية اللواتي أسسن المدارس النضالية والتثقيفية في المعتقلات، في وقت مبكر من الاحتلال يعود الفضل فيها إلى حد بعيد، لمناضلات قوى اليسار الفلسطيني. إلا أن اليسار الفلسطيني الذي استقطب هذة الكوادر النوعية، هو ذاته الذي ساهم في تطفّيشها ودفعها لخيارات أخرى خارجه، حيث اقدمت اعداد واسعة من هذه الكادرات على ترك الحزب السياسي لأسباب متنوعة، منهن من هجرالحزب إلى منظمات المجتمع المدني بحثا عن تجربة أكثر حرية ورحابة من محددات وقيود الاحزاب ذات الاعتبارات الفئوية.. ومنهن من رحل عن الحزب إلى المؤسسات الحكومية بحثا عن عمل يقدمن من خلاله الخدمات الى كل الشعب، او للمساهمة بتجربة بناء مؤسسات الدولة المستقبلية ضمن مفهوم العمل على تطويرها من الداخل عبر الانخراط بوظائفها، وبعضهن أدار ظهره إلى كل التجربة دون أسف يجرون أذيال الخيبة، والبعض أيضا اختار الحلول الفردية والبحث عن الذات، وبالخلاصة فإن قيادات نسائية هامة ذات خبرة وتجربة هجرن أحزابهن لإعتبارات عامة وخاصة، يقف على رأسها الانشقاقات المتوالية التي عانت منها قوى اليسار وانعكست بشكل اوتوماتيكي على منظماتها النسائية، فلم يكن قدرها ان تنشق تبعا لإنشقاق الحزب على أثر خلافات ليس لها يد فيها، وليست خلافات الاطار النسائي، بل استخدمت الاطر في حسم الخلاف لتبعيتها التنظيمية، أو بسبب تسلط الحزب على الإطار النسائي واستخدامه في حسم الخلاف.. وغيرها من الاسباب والاشكالات الحزبية.. كل هذا أثر في زخم التجربة وبترها وقاد إلى ضعف القدرة على تجديد البنية والبرامج، لأن الأزمات العاصفة ما كان لها إلا ان تؤدي الى خلق حالة من الشلل أو المراوحة التنظيمية والبرامجية، والى التشظي والتفتت.

رابعا- عدم استخلاص الدروس والاعتراف بالمسؤولية:

بالتأكيد أن الاطر النسائية الديمقراطية تعي أزمتها وتقوقعها، لكن الاقرار بالضعف ومحدودية الدور شيء..والوقوف أمام مراجعة التجربة وقراءتها انطلاقا من الاعتراف بالاخطاء لاستخلاص الدروس والعبر شيء آخر. أفليس اليسار هو الذي يكرر مقولة "ان الاحداث جاءت لتثبت صحة خطنا وسياساتنا.." ؟ إن المنهج الذي تعالج الاطر به أزمتها، تنطلق من تحميل المسؤولية للغير ولا تقف أمام التجربة الذاتية كشرط مبدئي لمعالجة الخلل، فتارة نجد ان سبب الاشكال يعود للانقسام السياسي الناشىء بعد "أوسلو" ، وفي أحيان أخرى يكون السبب الانشقاقات التي يقف خلفها الانحراف السياسي والتخريب المصدّر من القوى الاخرى المنافسة، وأحيانا يعود لإحباط الشارع أو لنقص التمويل والموازنات الجافة، او بسبب المدّ الاصولي وتراجع ثقافة التحرر والمساواة والإنفتاح، دون البحث عن العامل الذاتي لأسباب التراجع، وللمنهج الذي ’تدار به الاطر وكيفية التعاطي مع الواقع الذي ينطلق من اشكاليات الوضع الذاتي ومسؤوليته الواضحة، والبحث عن إمكانية ووسائل كبح مسلسل ترك وهجرة الكادرات النسائية وعدم القدرة على تعويضها وإعادة البناء.

خامسا- استبدال التجربةالجماهيرية بتجربة الجمعيات:

اهتمت الاطر النسائية والرئيسية منها على وجه الخصوص بتثقيف عضواتها، وزودتهن بمعارف متنوعة من اسس العمل وطرائقه، واتاحت لهن فرص التدريب والتعليم الاكاديمي، مما كان له الفضل بتجانس الفكر والمعتقد وحقق الانسجام ووحدة الإرادة والعمل، هذا النهج لم يستمر العمل به، فقد تغيرت بيئة العمل وظروفه وكان لا بد للجميع أن يتواءم مع الظروف الجديدة وإجراء المقاربات اللازمة، وعليه فقد وافق عدد من الأطر على تصويب اوضاعها القانونية مع قانون الجمعيات والمنظمات الاهلية، فيما حولت بعض الاطر منظماتها الى جمعيات لتسهيل تمويلها، وللمنافسة وبدأت تستعين وتوظف كادرات من ذوات الكفاءة المهنية والتقنية وفق الاحتياجات الجديدة (مهارات اعداد المشاريع والعلاقة مع الممولين) واستبدلت مهام التثقيف التنظيمى والبرنامجي، بمهام إكساب الكادر المعرفة التخصصية المتلائمة مع ادارة المشاريع المموّلة، واعتقد وبموضوعية أن التدوير الذي أحدثته الاطر في فهمها وطريقة عملها له ما يبرره، فحالة المراوحة تستدعي ان يتم إحداث تغيير على المهام والآليات في خدمة الهدف الأساس المتمثل بتجديد الذات وإعادة البناء ،وإحداث اختراقات جماهيرية تساعد في استنهاض المنظمة وترميم البنية ، إلا أن التجديد وعلى الرغم من صوابيته كاتجاه تجديدي إضافي، أصبح الاتجاه الاساس وساهم في تبهيت هوية الاطار كمنظمة جماهيرية ذات هوية ديمقراطية، انتشرت وامتدت على هذا الأساس اضافة الى انه أضاع سماتها المميزة، لان عملية التحول إلى جمعيات متخصصة بمحاور خاصة تقدم خدمة معينة سواء اكانت تعليمية أو تنموية أو حقوقية، مسّت وحدة الاطار البرنامجية والتنظيمية ، وجعل كل منطقة تستقل بتجربتها الخاصة عمليا بغض النظر عن مسمياتها ، وربطت المنتسبات أو المستفيدات من الخدمة مؤقتا بالنساء اللواتي يقدمن الخدمة او يشرفن على تنفيذ المشروع وليس بالإطار،خاصة في ظل غياب التثقيف الذي هو أساس صلابة الاطار وهويته وتمايزه ، أصبحت القاعدة المستقطبة على اساس المشروع الى قاعدة مفترضة تتأثر بالخطاب الأقوى المحيط الصادر عن القوى الاصولية والتقليدية، وما زاد الطين بلّة أن خطاب الأطر الديمقراطية الذي أصابها أيضا رهاب القوى الأصولية انخفض صوته ووتيرته .

وحدة الاطر الديمقراطية

ماذا ينبغي على الأطر أن تفعل على الرغم من أن أحدا لا يمتلك الحقيقة وحده، فانني وانطلاقا من القاعدة الفقهية القائلة بأن" للمجتهد أجر إن أخطأ" وافتراضي بأن اليسار لا يكفّر منتقديه والحريصين عليه أقول ما يلي :
تكاثرت الدعوات مؤخرا المطالبة بوحدة قوى اليسارمن مريديه والحريصين عليه وعلى بقائه كأحد المكونات الفكرية للمجتمع الفلسطيني، على الرغم من التباينات السياسية المعروفة فيما بينها، الكفيلة ببقاء الفرقة، ولكن ناقوس الخطر المدّوي في الانتخابات الاخيرة أعطى الانذار اللازم لأن يهب الحريصين على التعددية برفع أصواتهم، بأن لا تبقى الثنائية الاستقطابية قدر محتوم وممر إجباري لا ثالث له، وشق طريق ثالث أمام من يريد لهذا التيار الاستمرار بلعب دوره التاريخي.
على صعيد الاطر النسائية الديمقراطية، لم يتحرك أحدا وراء مطلب وحدتها لا من داخل التيار ولا من خارجه، هل لأن لا أحد يبالي بهذا الهدف؟ أم لأن التوحيد يحصل اوتوماتيكيا بين الأبناء فور توحد الآباء؟ لا شك ان الصعوبات والتعقيدات أقل على صعيد وحدة الأطر النسائية الديمقراطية لأن برامجها بجوهرها متتطابقة وأهدافها واحدة، وما يحول دون التوحيد هو ارتهان الإطار لموقف الحزب، الذي لم يجر محاولات ’تذكر لإنجاز التوحيد بدءا من وحدة المنظمة الجماهيرية، على الرغم من أن عملية التوحيد ستكون أكثر سلاسة إذا ما انطلقت من الاطار الجماهيري أولا ومنطلقاتها البرنامجية ثانيا، مع تجنب الوقوف أمام الحجوم لكل إطار كعقبة تبرز دائما أمام الحوارات الشبيهة في كل المحطات المعروفة، فقد شهدناها لدى نقاش القطب الديمقراطي، أو في تشكيل التيار الديمقراطي أو التجمع الديمقراطي، إن التباينات في الحجوم ما بين اطار نسوي وآخر على الرغم من وجودها إلا انها بسيطة ولا تستحق ان تعطل او تخرب الجهد قياسا بالهدف والمنفعة المتحققة للجميع .
قوائم مرشحات الاطر الديمقراطية:
عقبات انجاز وحدة الاطر النسائية ذات التوجه الديمقراطي واقعية مهما كانت دوافعها والقناعة بها سواء كانت حزبية أو بسبب خلافات بين الاطر ذاتها، ولكن حاجة الوصول إلى مقاربة ما بين هذه القوى تعيد الامل وتثير الحوافز تستحق التفكير بكل السبل والمنافذ، فالوقت يلتهم الجميع ولا ينتظر.. وفي ضوء الانتخابات المنتظرة على الأبواب في المرحلتين الثالثة والرابعة المتعلقة بإنتخاب الهيئات المحلية المتبقية لاستكمالها بشكلها النهائي وعددها يتجاوز المئة والثمانون هيئة في عموم الضفة والقطاع، ومن بينها انتخاب بلديات المدن جميعها، فإن مهمة التوصل الى الإتفاق علىمرشحات عن الاطر الديمقراطية مجتمعة وتقديمهن باسم كل هذه الاطر للانتخابات المحلية، عبر آلية ممكنة لاختيار من يمتلكن الفرصة للفوز بغض النظر عن مسمى إطارها، هو الطريق الاسلم في هذه اللحظة والذي يساعد في حوارات بنّاءة باتجاه الوحدة، أما الاستمرار بذات النهج المستخدم في انتخابات المرحلتين الأوائل .. فلن يحصد سوى الهواء...
خطاب واضح للأطر الديمقراطية:
على الاطر الديمقراطية أن تتمسك بحقوق المرأة الكاملة بالمساواة دون مواربة او مجاملة على حساب الحق، والاقلاع عن اللغة الوسطية المتغيرة والمترددة ولنا في وثيقة الاستقلال خير مرجعية كرست المساواة التامة، وهي النقطة التي يجب أن تلتقي عليها الإرادات، ودون الهروب أيضا من مواجهة الاستحقاق الخاص "بالدستور"، حيث ’يلمس تراجعا وانخفاضا لسقف حقوق المرأة في مقتضياته.
ينبغي التمسك بالموقف والرؤية انفة الذكر في مرجعيات الدستور ونصوصه، كما ينبغي أن لا تمس مكتسبات وثيقة الاستقلال، فمن على قاعدة الدستور تشتق جميع القوانين، فالأساس في التشكيلات النسائية تنبع من قضية الحق بالمساواة والكرامة الانسانية، وللدفاع عن حقوق المرأة ومصالحها وهمومها المعيشية وعدم السماح بان تكون اداة مساومة سياسية بين الاحزاب، فالاطر ليست الحديقة الخلفية للاحزاب..وهي ليست درجة تمهيدية لاكتساب العضوية الحزبية كهدف منشود، انما لتحقيق المصلحة الوطنية والنسوية، ومصلحة الحزب السياسي تتحقق بالعمل السياسي المباشر وغير المباشر، وفي النهاية فكل عمل عام هو عمل سياسي..
* لم تطور تنظيمات اليسار تاريخيا علاقاتها مع الإطار الجماهيري الخارجي، عبرالتنظيمات الجماهيرية من منظمات نقابية واجتماعية ومهنية، لتطوير انخراط منظماتها في تطوير العمل المطلبي والنقابي، وبما يعزز حضورها وفعاليتها وقيادتها للمنظمات الجماهيرية، ولم تدفع كوادرها النسائية الى العمل في المنظمات الجماهيرية المتنوعة باستثناء زجهن في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية دون وضع أهداف أخرى في الانخراط في تجارب نسوية أخرى هامة وفاعلة ذات تخصصات متنوعة مما أبعدها عن قطاعات وشرائح نسائية هامة، مما يستدعي التوقف أمام جدوى وأهمية الانخراط في المنظمات النسائية المتعددة التخصصات، لتلبية وتعويض خلل الانتشار القطاعي في أوساط النساء .
* أن تدفع الاطر النسائية أحزابها إلى تبني مواقف اجتماعية واضحة إزاء قضايا حقوق المرأة، وعلى الرغم من التطور الحاصل في الموقف العملي لهذه الاحزاب في الفترة الاخيرة لدى نقاش الكوتا في قوانين الانتخابات، قياسا بالموقف المتردد في الفترة التي شهدت المواجهة الأصولية والرجعية مع" البرلمان الفلسطيني الصوري"، أو الموقف المتفرج على الزوبعة التي أثيرت لدى طرح قانون العقوبات، أو الموقف الملتبس في القرى إزاء ترشح النساء للإنتخابات المحلية، أن تنزل إلى قواعدها في الحوار والتثقيف حول حقوق المرأة ومساواتها، حيث يلاحظ ضعف في العلاقةبين القاعدة الحزبية للأحزاب اليسارية بالموقف المعلن لقياداتهم بهذة القضية، فموقف قواعد القوى الديمقراطية هي مواقف عفوية متأثرة بمواقف القوى الأقوى في الساحة، وهنا تكمن المشكلة وأحد الأسباب التي تقف خلف تراجع قيم العدالة والكرامة والمساواة للمرأة، وأحد الأسباب التي أدّت الى تراجع قيم الإنفتاح والتقدم والسير باتجاه العصرنة والتقدم والحداثة، فقواعد أحزاب اليسار التي لها تماس مباشر مع الجمهور والتي كان يتوقع منها الدفاع عن قيم العدالة الاجتماعية باعتبارها الأكثر تنورا، تقف حائرة وسلبية لأن القضية غير محسومة بالنسبة لها داخل تنظيمها ولم يطرقها بابها الفصيل ولم يتطرق لها ومتروكة للقناعة الشخصية للأفراد.
إن قضية المرأة وتقدمها ومساواتها التامة بحاجة الى مناخ عام مهتم بإرساء نظام ديمقراطي ،تأخذ به المرأة مكانها الطبيعي فيه كمواطنة، فقضية المرأة تتأثر بالجو الثقافي العام وبمدى التبني الجمعي لقيم الحداثة والحرية والكرامة الإنسانية، وقد اثر ضعف الاتجاه الديمقراطي بانحدار الثقافة العامة للمجتمع، لانه لم يدافع عن مشروعه التنويري، ولم يقم بأي رد فعل هام لردع العابثين الذين يريدون قسرا أن يصبغوا المجتمع بهوية فكرية خاصة بهم، وعطلوا كل ما من شأنه استنهاض المشروع الثقافي الفلسطيني وحمايته، وما قامت به بلدية قلقيلية بمنع إعطاء الملعب البلدي لإقامة حفل مهرجان فلسطين الثقافي الدولي، وتخريب ذات الفعالية في نابلس ..لقضية تستحق التأمل بكيفية تعامل الاتجاه الديمقراطي وفي مقدمته الفصائل الديمقراطية في المحافظتين مع الانتهاكات المشار لها التي توحدت بالصمت، فلم تنبس الفصائل في نابلس وقلقيلية ببنت شفه ولم تبد رأيها فيما حصل بجوارها وفي محيط مشاركتها المسؤولية السياسية والمجتمعية، واتكلت على موقف مؤسسات المجتمع المدني في رام الله، الأمرالذي يؤكد أن عجز الفصائل الديمقراطية هو أحد الأسباب التي تقف خلف تراجع ثقافة احترام التعددية..

* المرأة في قيادة الأحزاب:على الرغم من أن الفصائل الديمقراطية كانت سباقة إلى تمثيل المرأة في هيئاتها القيادية، وكانت هذه السياسة مصدر فخر واعتزاز لكل من الفصيل والمرأة، إلاّ أن هذا التمثيل لم يكن سلوكا أصيلا لدى الجميع، بل عبّر عن اجرءات إدارية مفصولة عن التخطيط المسبق للتأهيل القيادي، مما جعل سياسة المشاركة في الهيئات القيادية للحزب غير ثابتة وشكلية.
إن تمثيل الكوادر النسائية وعلى الرغم من فائدته المتحققة على صعيد المشاركة السياسية، وعلى صعيد دمج المرأة في المسؤوليات المتنوعة للحزب، إلاّ أنه إذا تم بمعزل عن التأهيل القيادي والانخراط بالمسؤولية سيجعل من النساء في القيادة الحزبية مستمعات، لذلك فإن الخطوات التي اتخذتها بعض هذه الاحزاب كاستخدام الكوتا كآلية لفرز الكوادر في حزب الشعب الفلسطيني في مؤتمره الأخير، أو التوجيه القيادي بانتخاب كل المرشحات لعضوية الهيئات القيادية الذي اعتمدته الجبهة الشعبية في مؤتمرها الأخير، أو ترك الأمور لإرادة التنظيم لانتخاب المرأة للقيادة باعتبار وجود وعي واقرار بأهمية مشاركتها وفقا لوظائف محددة دون تدابير كما تعتمد الجبهة الديمقراطية. كل هذه الاجراءات والتدابير هامة وإيجابية لفرز المرأة في الأحزاب للقيادة، إلا أن وجود خط ومنهج وسياسة معروفة متبعة لتمثيل المرأة على الصعيد القيادي لا يحمي وجودها فقط وانما يعبر عن ثقافة تحترم وتحمي التوجه وتراقب تنفيذه، وخاصة في ظل الوضع الثقافي القاعدي الشعبوي في الاحزاب اليسارية التي لا تختلف بالممارسة العملية عن ممارسات التيار التقليدي .
اما الوجه الآخرلعضوية المرأة في قيادة الحزب السياس، فهو برسم المرأة ذاتها، بأن تعمل بإيجابية اتجاه نفسها وعضويتها، بأن ’تكسب موقعها الصلاحيات والقوة اللازمين، لكي لا يصبح الوجود القيادي للمرأة غاية مقصودة للتسجيل الرقمي التفاخري التنافسي بمعزل عن وظيفته، بل ليخدم مهام الموقع القيادي والقضية النسوية عن طريق التعامل معه بالجدية الكافية، والعمل على اكتساب المعرفة والدراية الضروريان للمنصب.







#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات المجالس المحلية في المحلة الثالثة والمرأة
- قراءة ثانية لمسودة قانون حقوق أسر الشهداء
- المرأة الفلسطينية في قانون الإنتخابات العامة
- الذكرى التاسعة عشرة لخالد نزال
- عنف سياسي ضد المرشحات
- المرأة على أبواب المرحلة الثانية لانتخابات الهيئات المحلية
- قتل على خلفية الشرف أم سفاح القربى ؟؟!
- قراءة نسوية لنتائج الانتخابات المحلية
- ليس بشطب -كوتا- المرأة تورد الإبل يا تشريعي
- تصحري يزداد اتساعا
- ملاحظات على مسودة قانون صندوق الشهداء
- اشكاليات صورة المرأة الفلسطينية في الاعلام انعكاس لاشكالية ث ...
- الكوتا لا تمس جوهر المساواة ولا تظلم الرجال
- جدل الكوتا ما زال مستمرا
- عن شهيدات الانتفاضة
- المشهد الأخير للشهيد هاني العقاد
- إقرار -كوتا- نسائية في الهيئات المحلية : مبروك ولكن
- أحلام- عائشة عودة” بالحرية
- عندما بكت نابلس شبابها دماً
- كلمات الى الشهيد خالد نزال في ذكراه الثامنة عشرة


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- الديمقراطية وألأصلاح ألسياسي في العالم العربي / علي عبد الواحد محمد
- -الديمقراطية بين الادعاءات والوقائع / منصور حكمت
- الديموقراطية و الإصلاح السياسي في العالم العربي / محمد الحنفي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي - ريما كتانة نزال - انعكاس أزمة اليسار الفلسطيني على الأطر النسائية الديمقراطية ودورها