أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ريما كتانة نزال - تصحري يزداد اتساعا















المزيد.....

تصحري يزداد اتساعا


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1073 - 2005 / 1 / 9 - 10:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذيان في بداية العام الجديد
تمر أيامي أمامي دونما إحساس بالدهشة ، اطوي أيامي وعوالمي ويغيب الاحساس بالحياة ، تسكنني لغة العالم ووجعه بينما هو لا يكترث بي، عالم ضالع بخيانته لقيم الانسانية وعالم آخر شجاع ينتهي الى مأساة محدقة... مشهد سريالي ينقل عبر شاشات اعلامية عملاقة تضعنا امام تمرد قعر المحيطات ,آخذا في طريقه الأخضر واليابس بلامبالاة مثالية لا تفوقها الا مشاهد القتل اليومي المحترف في العراق وفلسطين ,مشاهد تقود المشاهدين الى الملل الرتيب,لذا يتم تناول وجبة إعلانية رطبة لبعض النساء الكاسيت أو العاريات يروجن لمساحيق الغسيل وزيوت القلي ، وأتابع مشاهد الموت الآسيوي الحزين الغارق في المد المائي القادم من أساطير التكوين الأولى , لأهرب منه وأتبعثر بين قتلى المدَ والجزر السياسي في الشرق الأوسط... المشاهد في الفضائيات العربية تخلصني من ملل الموت المتكرر لمنخوري الايدز, وبقليل من الطرب الذي لم أعد أميز ما بين الراقي أو الهابط منه في ظل سيطرة قيم الاستعمال الذئبية.. أعود مرة أخرى الى ما أسكن اليه, الى صمت قلبي وتصحر دنياي, فأنا لا شيء يدور بفلكي سوى الوحدة المحببة لأهرب منها وإليها.. ليس لي من محور أدور حوله ، هنا يتجذر صمتي ليصبح أهم مني، صمتي أعذب صراخ الجأ إليه ، صمتي هو محرابي ومحترفي وحبي.. أصلي للغة الصمت، وألفًَ نفسي بخيوط شرنقته حيث يدفئ حطب موقدي وينير ظلمة أوردتي، يذهب عام ويأتي عام وأعتاد أن لا شيء يعنيني.. لا هواية أمارسها سوى مشاهدة مشاهد الغضب والإعلانات التسويقية للحروب والاتفاقات واستنساخ الحيوانات والعطور والزيوت والسيارات والصابون، فأضيع في خضم وحدتي التي لا نوافذ لها ، فأغوص بأحلامي وجنوني...
أطفالنا أكبادنا تقتل على الأرض
ماذا لو كانت الطفلة الغزاوية " إيمان الهمص" إسرائيلية، ماذا سيفعل العالم لمقتلها وهي في طريقها الى المدرسة على يد قائد احتلالي ساوره الشك بشأن نواياها وحقيبتها المدرسية المعلقة على ظهرها.. هذا "القائد المخلص" اليقظ ولقطع شكه باليقين زرع في جسدها الصغير عشرون رصاصة حولته الى منخل ينزّ نسغ الحياة.. السؤال هل سيصادق العالم على قرار المحكمة الفلسطينية لو كانت" إيمان" إسرائيلية.. كما صادق على قرار المحكمة الاسرائيلية التي بررت لجوء الجندي لقتل "إيمان" بسبب تعرضه للخطر الداهم الذي هدد على يد الطفلة..؟ ولحذره وإخلاصه قام بإفراغ مخزن بندقيته في لحمها لتأكيد موتها ولاعفائها من عذاب الألم.. هل سيصادق على قرار المحكمة الذي قضى بسجن القائد لمدة ستة شهور في ثكنة حيث يمارس عمله..؟ وهل سيدين الام الإسرائيلية التي أجازت لابنتها الذهاب للمدرسة ,ويحمَلها الآن مسؤولية تعطيل العدالة لرفضها تشريح جثة ابنتها لمنع اقتحام الجسد مرتين, وتحمد الام القانطة الله بأن الجنود لم يقفوا لالتقاط الصور التذكارية مع الجثة كما جرت العادة ليتفاخروا ببطولاتهم أمام صديقاتهم ...
وماذا يعوض والد الصبي " ايهاب شتات" الذي قتل في بيت حانون لخروجه من بيته ذات صباح لشراء بعض الحاجات الضرورية لأمه بسبع شواكل,لكن ايهابا الذي لم يكن يعرف ما ينتظره, قطع الشارع بسرعة الشوارد غير عابئ "بالقناص" الذي ينتظره ليمارس هوايته.. فعاجله برصاصات اخترقت القلب استحق على دقتها الثناء والحسد ، ايهاب النازف بقي قابضا على نقوده بحرص يفوق حرصه على حياته .. فأمه تنتظر رجوعه بالحاجيات, لكن يد "ايهاب" ارتخت وسقطت القطع الثلاث وأحدها من فئة الخمسة مع دمعة ساخنة ، أم ايهاب رفضت استعادة النقود وأصرت على إغلاق يد ابنها على النقود إلى الأبد,لكنها وبعناد الحنان اتجهت إلى الجلاد رافعة قضية ضد القاتل, أضيفت القضية الى مائتي قضية أخرى رفعها فلسطينيون على جيش الاحتلال الذي نفذ عشرون ألف عملية قتالية اشكالية ضد النساء والاطفال والامنين حسب منظمات حقوق الانسان, لكنها جميعا وضعت بالدروج.. الأم تؤمن أن قضيتها لن تتقادم وستبقى مسجلة على ذمة جيش الاحتلال, وسيستمر السؤال معلقا حول ما تفعله الأمهات الفلسطينيات لحماية أطفالهن أكبادهن وهم يقتلون على الأرض ..

تغطية على الطريقة الاميركية
تحدثني ابنتي الشابة عن التغطية الإعلامية لجنازة الرئيس عرفات في إحدى محطات التلفزة الاميركية ، تحدثني عن النفس العنصري والتحريض على إبادة وقتل الفلسطينيين الذين رافقا التغطية ، حيث قال أحد المعلقين ويدعى " دون ايموس" وهو ينظر الى الناس الذين تدافعوا الى مقر المقاطعة لوداع رئيسهم" لقد خضعوا لعملية غسيل دماغ إنهم أغبياء، إنهم حيوانات قذرة, يجب ان نسقط القنابل لقتلهم جميعا في هذه اللحظة "، ويرد عليه مدير "البرنامج" ولكن لدينا مراسلة هناك حيث يجري التشييع، هناك " أندريه ميتشل" ولا نريد ان يصيبها مكروه"..!
لقطة سريعة لشكل الإعلام الأمريكي ونظرته للشعب الفلسطيني وللشعوب العربية, وهنا الحديث لا يدور في السياسة والرؤى الاميركية لهذا الشعب ومستقبله ، انما يتم عن شعب يودَع رئيسه الذي لم يعرف غيره في لحظات لا شيء يشبهها سوى نفسها، وداع على الطريقة الفلسطينية لا تتكرر ولا تقلد، انها لحظة يتوحد بها الموت مع الحياة .. لحظة فلسطينية لا يمكن لبرود الموت والحياة الأمريكية ان يلتقطانها ، ولا تستطيع معاييرهم "الحضارية" ان تجد لها مقاربات إنسانية، ولا يمكن لحواسيبهم ان تدخل معلوماتها ونتائجها .. وعندما تعجز الآلة عن فهم تدفق المشاعر وحنوها يكون القرار ابادة الشعب العصي على الفهم ، هذا هو الحل الأمريكي السهل ، بسهولة الوجبات السريعة والمشروبات الغازية..
نعم لم نستطع ان ننقل رئيسنا الشهيد على عربة مدفع, ولم نستطع أصلا ان نفرد له سجادا قانيا يخطو عليه، وكذلك لم يكن بالامكان عزف نشيد الوداع الأخير، ولم تطلق بنادقنا الطلقات الإحدى والعشرون,بل إننا لم نتمكن بسبب الحب الفائض أن نلقي النظرة الاخيرة عليه.. كل هذا يخرج عن المألوف.. ولكنه مشهد فلسطيني محض ولا نستحق ان نقتل بجريمة الحب.

انتخابات
من حيث لا ندري وجدنا انفسنا في فضاء الانتخابات ، مات الرئيس ولا بد ان يكون لدينا رئيس آخر,نحن أمام مشهد سريالي,أصبحنا كسائر خلق الله شعب ينتخب وقيادات تترشح , وننظم حملات انتخابية لرئيس من المفترض أنه رئيس سلطة او كيان وربما نسميه رئيس دولة كما نشاء ونرغب .. وسيكون له ان يصادق على القوانين كما يريد، وسنمد أمامه السجاد الأحمر, ونعزف النشيد الوطني وننظم له المواكب الرئاسية الفخمة وكل الابهة التي يريد،وسيكون له ما يريد حاشية وبطانة خير وسوء حسب البروتوكولات والتقاليد المرعية, ولكن رئيسنا في الجانب الآخر سيتوقف امام الحواجز وعليه أن يحصل على تصارح تنقل كلما أراد التنقل والسفر, وسيفكر مرات ومرات قبل ان يقرر بشأن السياسة الداخلية والخارجية, واكثر من مرة لدى انشاء مزرعة ومصنع أو شق طريق وحفر بئر، ولكننا مع ذلك سنخوض الانتخابات ،ونعمل لمرشحينا الصور الكبيرة والصغيرة حسب حجم محافظهم, من صور بحجم عملاقي وأخرى بحجم المرشح نفسه، ومقابلات تلفزيونية وإذاعية وأغنيات وبرامج انتخابية على مقاس دولة وأخرى بمقاس كيان وأخرى لا تفهم لماذا يريد صاحبها ان يكون الرئيس، وفي البرامج يجد اناس ما يريدون من الثوابت الوطنية خطابيا ، ووعود وردية جميلة تصل الى احضار القمر إلى الأرض ، وتنافس شديد على الطريقة الامريكية وتبادل الاتهامات والتشهير,وسيأتي مراقبون دوليون وعرب بأعداد ضخمة لمشاهدة العرس الديمقراطي لضمان الشفافية والنزاهة ولوضع الملاحظات على مخالفات البعض غير الموائمة للمعايير الحضارية ,ولكن في خلفية المشهد سيكون الجميع عاجزا عن التدخل ووضع اشارات المرور أمام التدخل الاجرامي الاسرائيلي في الانتخابات, وستشيح وفود المراقبة الدولية بوجهها عن أعراس الشهداء وعن الاعتقالات والحصارات والاجتياحات الاحتلالية..



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات على مسودة قانون صندوق الشهداء
- اشكاليات صورة المرأة الفلسطينية في الاعلام انعكاس لاشكالية ث ...
- الكوتا لا تمس جوهر المساواة ولا تظلم الرجال
- جدل الكوتا ما زال مستمرا
- عن شهيدات الانتفاضة
- المشهد الأخير للشهيد هاني العقاد
- إقرار -كوتا- نسائية في الهيئات المحلية : مبروك ولكن
- أحلام- عائشة عودة” بالحرية
- عندما بكت نابلس شبابها دماً
- كلمات الى الشهيد خالد نزال في ذكراه الثامنة عشرة
- المرأة الفلسطينية بين المشاركة السياسية الحقيقية والإشراك ال ...
- المرأة الفلسطينية والسلام والنزاعات المسلحة
- هل ستجرى الانتخابات في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية
- نحو النهوض بوضع المرأة الفلسطينية في الأنتخابات القادمة
- عن الإصلاح في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية
- المرأة الفلسطينية: أي إصلاح وأي تغيير؟؟
- في يوم الشهيد الفلسطيني -أطلب شباب يا وطن وتمنى
- وزارة المرأة : جدل التغيير
- إلى اللقاء …. فدوى طوقان
- الجدل الدائر حول قانون العقوبات


المزيد.....




- فيديو: أهالي الرهائن الإسرائيليين يتهمون نتنياهو بتقويض الات ...
- صادق خان يفوز بفترة ثالثة قياسية كعمدة للندن
- جيرونا يهدي الريال لقب الدوري الإسباني برباعية أمام برشلونة ...
- النيابة المصرية تكشف عن هوية أبو حمزة تاجر الأعضاء البشرية ب ...
- الطوائف الشرقية تحتفل بسبت النور
- محلل سابق في CIA يتوقع انتهاء العملية العسكرية بسيطرة روسيا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية أيمن زعرب أحد قادة -لواء رفح- جن ...
- قيادي بارز في حماس: الحركة لن تسلم ردها للوسطاء هذه الليلة
- تواصل المظاهرات عبر العالم تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غز ...
- حزب الله يقصف 4 مواقع للاحتلال وغارات إسرائيلية على جنوب لبن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ريما كتانة نزال - تصحري يزداد اتساعا