أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - بُوْظَة وشَّاي














المزيد.....

بُوْظَة وشَّاي


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4911 - 2015 / 8 / 31 - 16:08
المحور: الادب والفن
    


جلسنا حول مائدة الطعام في منزلي، صديقتي الطبيبة القادمة من مدينة ليون الفرنسية لزيارتي وأنا، جاءتنا موسيقى خجولة بعيدة من الشارع الذي يفصلنا عنه نهر كينتزيغ وشجرات عاليات، تتسائل الصديقة: من أين تأتي رائحة هذه العذوبة؟... أجيبها دون أن أدري: إنها تشبه الرائحة الآتية من عربة سرحان...

سرحان هو بائع البُوْظَة، هو الرجل الذي بَرْنّزته أشعة شمس اللاذقية في تجوالاته الدائمة في شوارع بسنادا وبين القرى المجاورة، تلتقي سرحان ببذلته البنية الفاتحة في كل مكان، تلتقيه بجسده النحيل وساقيه القصيرتين، يحمل بيده ترمس البُوْظَة وباليد الأخرى القبابيع التي بطعم البسكويت، عندما راح يربح بعض الليرات أخذ يوفرها ليشتري ما يحلم به، عندما توفر المال الكافي اشترى لنفسه عربة خشبية بثلاثة دواليب وأربعة أعمدة قصيرة، عربة تتسع لشهوات الأطفال ولترمس بوظة أكبر مما اعتاد حمله، تتسع لطعام غداءه، لترمس شايه، لجهاز راديو ومكرفون... كان كلما مرّ من أمام منزلنا في الضيعة وقت تناول طعام الظهيرة نشم رائحة تلك العذوبة في اللحن... بُوْظَة .. بُوْظَة .. نتتدافع إليه ونشتري بفرنكانتا بُوْظَة سرحان...

تناولنا طعامنا من الرز والسلطة، سألتها: بماذا ترغبين بعد هذه الوجبة؟... قبوع من البُوْظَة المُجَلّدة؟ أم كأس شاي أسود؟... أجابتني: لعلّ الشاي في هذا الطقس الحار أرحم من البُوْظَة...

طبخت لها الشاي وخرجنا إلى البالكون لنشربها، بعد أن برد الكأس الساخن قليلاً، أخذت صديقتي منه رشفة وقالت: يا إلهي كم هو ثقيل!... يؤسفني أني لا أستطيع شرب هذا الشاي .. لم يعد باستطاعتي .. تعودت في الغربة على الشاي الخفيف .. شاي الزهور والنباتات...

أمسكتُ كأسها بين أصابعي ونظرتُ إلى لونه وباليد الأخرى ودون أن أدري أمسكتُ كأسي محاولاً تقدير وزنهما، هززت رأسي مستغرباً ما تدعيه الطبيبة... خاطبت نفسي: ليس ثقيلاً كما قالتْ .. وابتسمتُ...

عندما زار العريس الشاب الموعود ابن المدينة منزل أم محمود للتعرف على إحدى بناتها، قدمتْ له كأساً من الشاي الأسود وعلبة السكر، وضع العريس ملعقتين صغيرتين من السكر في كأسه وشرب منه، لم يستسيغه، أضاف للشاي المزيد من السكر، شرب منه ولم يقدر على المتابعة، اعتذر بلطف من السيد أبو محمود قائلاً: الشاي ثقيل جداً...
ضحك أبو محمود وأجاب بفخر: إنه الشاي المفضّل بالنسبة لي... وخاصة بعد بطحة العرق .. ثم طلب من أم محمود أن تستبدل كأس الشاي الثقيل بواحد خفيف...

نهضتْ الزوجة حائرة وكأنها بدأت تشك بقدرات العريس العقلية، وضعت كأس الشاي على صينية ودخلت إلى المطبخ، لحقتها أختها لتجدها وقد أمسكت بالكأس مخاطبة نفسها: "والله ما تقيل"!...
تضعه على الطاولة ثم تحمله من جديد .. وكأنها تزنه بين أصابعها وتتمتم: "والله ما تقيل"!... إذا كان العريس لا يقدر على حمله فكيف له أن يحمل ابنتي النحيلة إلى فراشها...



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مذكرات ضابط
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -39-
- موسيقا المفرقعات
- خبرات جنسية قرغيزية بسندلية
- مسامير الرئيس
- الطالب الألماني الأحمر
- معلمة الكيمياء
- نصية عرق بسندلية
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -38-
- فول مالح .. مالح يا فول
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -37-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -36-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -35-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -34-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -33-
- غري إكسيت و غري إمبو
- الغَضَارَة البسندلية
- جنزير من ذهب
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -32-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -31-


المزيد.....




- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - بُوْظَة وشَّاي