أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي - محمود جلبوط - الديموقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي















المزيد.....


الديموقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1348 - 2005 / 10 / 15 - 11:07
المحور: ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
    


مشاركة لملف الديموقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي لموقع الحوار المتمدن

ما فتأت كلمة الديموقراطية تمارس ,منذ انهيار المنظومة السوفياتية الذي توج بانهيار جدار برلين,أثر السحر على عقول وألسنة العامة في عالمنا العربي, وراحت تنساب مدادا من أقلام الكتاب والمفكرين والصحفيين شرحا وتأصيلا لها, وبرامج متعددة ومتنوعة في محطاتنا الفضائية وإذاعاتنا عنها وحولها ولقائات مع منظريها , لدرجة تحولت معها هذه الكلمة في كتابات المهتمين بها وبرامج بعض الاحزاب المتجددة بها من معناها كطريقة للحكم السياسي وكونها وسيلة للحوار بين فرقاء لبنيات مختلفة ومتباينة في مجتمع ما او بين مجتمعات مختلفة, إلى مفهوم مستقل بذاته لدى البعض بل مفهوم التهم كل المفاهيم الأخرى حتى راح يخال للمرء أن الديموقراطية ستفسر لنا كل الظواهر , وسنحدد بها ومن خلال التنضد حولها انتمائاتنا الإجتماعية والحضارية والفكرية وولائاتنا الطبقية والسياسية.
الديموقراطية المفهوم الذي سعى منظري الامبريالية بربطها العضوي بالراسمالية وأسسوا بها لنهاية التاريخ.
فمنذ نهاية القرن الماضي ومطلع الحالي والحديث جاري من قبل منظري الامبراطورية الامريكية عن المشاريع الديموقراطية ولزوم تعميمها عالميا أو عولميا حتى باتت المبرر الاخلاقي الوحيد للغزو الامريكي العسكري هنا وهناك , بعد ان انهارت كل المبررات الاخرى.
الديموقراطية تلك الكلمة الشعار اليافطة الذي غلفت به البربرية الامريكية ممارساتها لتعميم قيم العالم الحر على شرق متوسطنا الكبير حتى باتت تأخذ في المهرجانات التي يعقدها الرئيس جورج بوش عبر فترتي رئاسته شكل الكرنفال, أو سوق الهال.
فما هي الحقيقة في ظل الكرنفال الامريكي هذا؟؟
إن دراسة تحليلية لتطور النظام الديموقراطي الغربي, والمفاهيم الإجتماعية والنظريات التي انطلق وينطلق منها حول التصورات عن طبيعة الديموقراطية وأشكالها ومساقات مؤسساتها, و دراسة العلاقة التاريخية بين اللبرالية والديموقراطية وحق المواطنة في مجتمع مدني تطور في اوربا ويسودها, و العدالة الإجتماعية والمساواة والحقوق الإقتصادية عبر أنظمة مختلفة من تطور البنية الرأسمالية الغربية, وبإلقاء نظرة لتجليات ممارسة الأنظمة الديموقراطية الغربية في العصر الحالي واستخدام شعار الديموقراطية كأداة للسياسة الخارجية لهذه الدول ورصد عدم المساواة من خلال التبادل الغير متكافيء بين هذه الدول في المركز ودول الأطراف يدعونا هذا إلى تمهيد قبل الإجابة على أسئلة الحوار المتمدن.

لقد أوفى الأستاذ برهان غليون عبر عدة مقالات ومن خلال المداخلات التي تخللتها على صفحات الحوار المتمدن ومو قع الرأي موضوع التمييز بين اللبرالية والديموقراطية وانا أميل إلى رأيه فيما ذهب إليه وأضيف انطلاقا من مراجعة العلاقة الديالكتيكية بين آلية تطور اللبرالية والديموقراطية في عملية صيرورتهما أن كثيرا من الأوقات وخاصة في الفترات الأخيرة من تاريخ تطور الثورة البرجوازية انقلبت البورجوازية على إنجازات الثورة في مجال الحريات الفردية والعامة عبر مراحل تطورها عندما كانت تتعارض مع مبدأ الربح الهدف الوحيد الذي كان وراء السعي الحثيث للراسمالية بل أن الدولة البورجوازية قد سعت في المرحلة الثالثة من تطور اللبرالية في الغرب أن تحول مبدأ الحرية الذي يعتبر من المكونات الأساسية للمجتمع المدني الذي تبلور عبر صيرورة معقدة وطويلة في ظل الوصول إلى الإتفاق على العقد الإجتماعي المبرم,حولته إلى نهج للإضطهاد للطبقة العاملة في مرحلة إدارتها للسوق وأصبح شعارها:(دعه يعمل دعه يمر) والذي كان تعبيرا عن مبدأ عدم التدخل وحق الإختلاف والمنافسة والمزاحمة الراسمالية المتسق مع متطلبات سيطرة الطبقة الرأسمالية وسيلة لسحق الأغلبية في المجتمع التي كانت نظريا تتمتع بكل الحقوق القانونية من ترشيح وانتخاب ولكن صيرورة التطور للمجتمع في ظل سيادة البورجوازيين على السوق من سلع ومال واضطرار الأغلبية المسحوقة إلى بيع قوة عملها التي لا تملك إلاها قد حولها إلى مجرد قطيع لا حول له ولا قوة في لهاثها وراء لقمة العيش بسبب الإستغلال الكبير للبورجوازيين وبسبب المزيد من الظلم والتفاوت الإجتماعي, وصارت الحرية في يد أصحاب المصانع والبنوك والعقارات الكبيرة, وأصبحت ذريعة لتدخل الدولة في صياغة الرأي العام لمشاركة هذا المجتمع المدني في الإنتخابات البرلمانية لانتخاب الممثلين, وقصرت مفهوم الحرية والممارسة الديموقراطية إلى صندوق اقتراع ونسبة أصوات, والتعويض على العمال و عوائلهم لإعادة إنتاج قوتهم في ظل الفائض الكبير لقوة العمل المطروحة بالسوق نتيجة لسياسة الأتمتة, لطرحها بالسوق لحين الحاجة إليها, هذه السياسة نفسها وهذا النهج هو الذي أدى في مرحلة تاريخية ما إلى صعود القوى المتطرفة من الراسمالية ذات الدعاوى الايديولوجية للبرالية إلى سدة الدولة وراحت تسوم الأغلبية من المجتمع الذين يعيشون من بيع قوة عملهم شتى أنواع الاستغلال والعذاب لاحسة كل الوعود في بناء المجتمع المدني بقدر أكبر من الديموقراطية والحرية,وعملت عبر ايديولوجيتها اللبرالية على تقوية دولتها بانتهاج سياسة اقتصادية راسمالية متوحشة وفي بيروقراطيتها الإدارية,ليس عبر تقوية دعائم أسس المجتمع المدني بل بالانقضاض قدر ما تستطيع على الديموقراطية, التي هي اعتراف بالفرد ككائن مستقل وبالواقع , واعتراف بالشعوب مهما اختلفت عن بعضها في حضاراتها ورؤيتها للحياة, الديموقراطية التي تعترف بالجماهير, بالكتل الكبيرة التي أهملت على مر التاريخ وعلينا أن نسعى أن تتحول إلى ذات تاريخية وسياسية فاعلة. إن اللبرالية كحركة سياسية واجتماعي اقتصادية , والتي تطورت في اوربا تاريخيا كحركة لطبقة وسطى ميسورة بنهج النخبة , سريعا ما تتحول إلى فاشية وخصوصا في فترة الأزمات . من هذا نستنتج أنه ليس من الضروري وليس تحصيل حاصل أن تتطور اللبرالية إلى الديموقراطية, بل أنه بعض الأحيان يكون بينهما تناسبا عكسيا , ونحن نرى أنه لا يمكن تحقيق الديموقراطية في دولة ما أو مجتمع دون تحقق العدالة الإجتماعية , لكننا نعترف هنا أن اللبرالية هي التي توفر فرص وضع الديموقراطية موضع التنفيذ ولكن الديموقراطية وحدها القادرة على تحقيق النموذج اللبرالي الأمثل.
إن هذه العلاقة المشبوهة بين الديموقراطية واللبرالية وانقلاب البورجوازيين الدائم عليها وعلى مباديء الحرية هو الذي جعلها رذيلة من وجهة نظر الماركسيين الأوائل عبر صيرورة تطور المجتمع والدولة في أحيان كثيرة , وهو الذي دفع منظري الماركسية الأوائل حول التفكير بديموقراطية بديلة أسموها بالديموقراطية الشعبية التي حاولوا من خلال اسمها جعلها أكثر تعبيرا عن مصالح المضطهدين, وإن فشل التجربة السوفياتية ومعسكرها المطبقة لهذا الشعار وتحوله لديها عبر تطورها إلى شكل من أشكال الإستبداد لا ينفي حسن النية عند الداعين الأوائل إليها.
وبإلقاء نظرة تاريخية لتطور النظم الديموقراطية في اوربا منذ أيام اليونان, مرورا بالنظم السياسية فيها في القرنين السابع عشر والثامن عشر كبريطانيا مثلا والصراع بين الملكيات والقوى البرجوازية , والثورة الفرنسية والأمريكية,وصولا للعصر الحديث ودول المركز والأطراف, وبعد أن تبلورت لدى هذا الغرب فكرة الربط بين مفهومي الثقافة والديموقراطية , وتنال هذا القدر الوافر من الإعتراف, أخذ هذا العالم الغربي يتقدم على كل الجبهات العالمية من خلال الحروب الكولونيالية ظافرا وواثقا ومقدما نفسه على أنه الوحيد الذي ينفرد بامتلاك ثقافة كونية راقية وحقيقية وأن الثقافات العالمية الأخرى متخلفة أو بدائية متوحشة تعيش خارج التاريخ وعلى الغرب إعادتها إليه وتحضيرها وتخليصها من بداوتها , وتمكن الغرب من بسط نفوذه وهيمنته وثقافته على سائر الثقافات البشرية الأخرى عبر الحروب وتدمير أو تشويه الثقافات الأخرى وأصحابها في أفريقا وآسيا وأمريكا عبر المرحلة الامبريالية من تطور الراسمالية مما أدى في مرحلة لاحقة إلى نشوء الأفكار الثورية ومؤيديها لنصرة المظلومين وفي حق الثقافات الأخرى في العيش وأن البشرية قادرة أن تبني علاقات التكافؤ بينها بالرغم من الثقافات المختلفة التي تسودها , وبهذا تكون مبدأ التسليم بالتعددية الثقافية و طرأت تحولات هامة على مفهوم الثقافة باتجاه الديموقراطية.
إن في ظل النظام الدولي الحالي وفي ظل التناقضات القائمة بين دول المركز الراسمالي ودول الجنوب وفي ظل العلاقات الدولية القائمة والتبادل الغير ديموقراطي والغير متكافيء الذي يتم على حساب الدول الفقيرة يبقى التناقض قائما بين اللبرالية والديموقراطية وتبقى العلاقة عدائية.

ما علاقة كل ما قدمنا بتاريخنا العربي المعاصر والراهن وبالواقع العربي والقضايا الشعبية ؟ إذا ألقينا نظرة سريعة على محاولات النهضة العربية الأولى بداية القرن العشرين في حقبة محمد علي , وعلى الفكر العربي المعاصر له والمطل على التجربة الغربية ورصد التحولات الديموقراطية المبكرة مرورا بتجارب ما بين الحربين العالمييتين والتجربة الناصرية,وإذا ألقينا نظرة على الفكر العربي المعاصر حول الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والعلمانية والحداثة والخصوصية الثقافية والدين ورصدنا الواقع العربي ماذا نرى؟؟
لقد بات واضحا للجميع أسباب فشل محاولة النهضة العربية الأولى من خلال ما جرى من حصار لتجربة محمد علي ومحاولاته للتوسع إلى بلاد الشام على حساب الدولة العثمانية المتهالكة من قبل الامبرياليتين الفرنسية والبريطانية والإعاقة التي بذلتاها لتأخير تطور البنية الطبيعي عبر النزعة الإمبريالية في بحثها عن الأسواق ونهب الثروات وإقامة علاقة التبعية وترسيخها, و بعد حصول الأقطار العربية تباعا على الإستقلال أصبحت مسرحا لانقلابات عسكرية طوال عقدي الخمسينات والستينات , و انقسم العالم العربي لنوعين من الملكيات : ملكيات الأسر البدوية الحاكمة وملكيات العسكرالتي اتفق على تسميتها جمهوريات وتم إضفاء الشرعية على الإنقلابيين من خلال إجراء الإستفتائات وتفصيل الدساتير الخاصة للإستفتاء والمستفتى له عبر العمل بقانون الطواريء ومحاكم التفتيش وأمن الدولة والعسكرية والميدانية وغيرها وتحول الجيش إلى جانب الأجهزة الأمنية الضامن لاستمرار الحكم وبات جيشا للدفاع عن النظام وليس عن الحدود من خلال تدريبات وتشكيلات خاصة. فصودرت الحريات وأنشئت في معظم الملكيات جبهات من الأحزاب كراكوزات لزوم الديكور, ومنعت أو قتلت السياسة وزج بكل المعارضين إلى السجون ونزل من وفرته يد البطش تحت الأرض كما يقولون وغابت بهذا العلنية فتبادل السجين والسجان الأدوار في لعبة الإقصاء وأصبحوا رهيني الدائرة المغلقة التي لا مخرج منها سوى بالعلنية التي بادرت بطرحها بعض أطراف المعارضة , إذ لا يمكن العمل بالسياسة تحت الأرض, فهي تختنق هناك , و لا ينتعش تحت الأرض سوى الظلام وقوى الظلام والعنف , وعندما تجبر السلطة القمعية المعارضة على النزول تحت الأرض تكون بهذا قد فرضت عليها اللعب بشروطها التي تفضي بها إلى التماهي بها فيما يخص فسحة الحرية لديها..ثم سادت أيضا السياسات القطرية على حساب السياسات القومية الجامعة وتم الفصل التعسفي بين الشأن القومي والشأن القطري من خلال سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل منهما , ومنع و أعيق أي نشاط شعبي يتجاوز الحدود المتعسفة, وفي ظل غياب محاولات بناء مؤسسات مجتمع مدني تحولت المؤسسة الأمنية والعسكرية إلى أهم قطاع في الدولة وأكبر مستهلك للثروة القومية والموازنات رشوة لضمان ولائها ولحماية الإنقلابيين وتأبيدهم في السلطة لدرجة فقدان الأمل بتغييرهم إلا عبر الموت أو القوى الخارجية حديثا بالإستناد إلى النموذج العراقي.

والآن نأتي إلى السؤال الأول :هل أن الضغوط الخارجية(الأمريكية بشكل خاص) قادرة(أو راغبة)على إقامة أنظمة ديموقراطية في العالم العربي؟؟
فلو جلنا سريعا في تاريخ تشكل الإمبراطوريات القديمة جدا منها والمتوسطة منذ الاسكندر الأكبر وعلاقته بالمنطقة ,مرورا بالامبراطورية الرومانية وتاريخ علاقاتها مع مصر وزنوبيا وبترا في المنطقة, إلى الامبراطوريات الاسلامية,لوجدنا أن أهم مقوماتها هو الميل نحو توحيد العالم, وأن السمة الاساسية التي قام عليها مبدأ التوحيد هذا هو مبدأ المساواة بين سكان أراضي هذه الامبراطورية فكان يمكن أن يكون القيصر من رجال المناطق الأخرى, وكانت تقوم العلاقات البينية على أساس التعدد و الإختلاف والفروق, فأين أمريكا آخر الامبراطوريات من هذا و من القانون الذي ساد تشكل الامبراطوريات في ظل عصر العولمة المتوحش؟؟؟
لقد تشكلت الولايات المتحدة كدولة ومجتمع حديث التشكل عبر ذبح السكان الأصليين وعبر الاستبعاد والاستقصاء والعنصرية, تشكلت امة عنصرية قوامها الأنكلوسكسون عرقا وبروتستانت دينا , ولا يدخل هذا العمارة إلا من يقبل ثقافتها, فعلى الهنود الحمر أن يتخلوا عن هنديتهم والسود عن سحنتهم السوداء لكي يقبلون كمواطنين متساوي الحقوق في هذه الدولة, ولقد حوت حدود هذه الدولة أعتى أنواع قوانين الفصل العنصري قبل أن يلغى على إثر حركة نضال عريضة قادها مارتن لوثر باسم السود ضد الفصل العنصري. وعندما فكرت هذه الدولة الحديثة العهد التمدد خارج حدودها في المحيط القريب منها إلى أمريكا الجنوبية و اللاتينية لوراثة الامبراطوريات القديمة ارتكبت المجازر وأنشأت جزر الموز, وأخيرا ومنذ مطلع القرن العشرين ولغاية آخر محاولاتاتها في فنزويلا مؤخرا كان لها تاريخ طويل من دعم الانقلابات العسكرية وإقامة أعتى أنواع الديكتاتوريات المنقلبة على التجارب الديموقراطية في جميع أصقاع العالم, هكذا تحاول الامبراطورية الامريكية بسط نفوذها في العالم , علاقات استراتيجية مع كل الدول التي تعتمد التمييز كايديولوجيا, والانظمة الدكتاتورية والعنصريات في العالم, وعلاقات توتر واستغلال مع الشعوب الفقيرة والدول المارقة التي تجد من الضروري الدفاع عن مصالحها ومصالح شعوبها, وهكذا كانت سياسة الاستبعاد والتمييز والعنصرية هي سمة نشوء وتطور وتوسع هذه الامة الامريكية, واستنادا على ذلك نسأل هل يمكن أن تنقل أمريكا أو تساعد في نقل البلاد العربية من الأنظمة القمعية صنيعتها وحليفتها على مدار نصف قرن من الزمن إلى الأنظمة الديموقراطية ؟ يجيب الكثير من المفكرين والكتاب باستحالة هذا, ليس فقط للحيثيات التي ذكرها الأستاذ ياسين الحاج صالح وإنما لتناقض جوهري في طبيعة القوى المسيطرة على مقاليد الإدارة الأمريكية مع كل نهج يؤدي إلى ممارسة ديموقراطية داخليا ودوليا, ففي ظل قيادة هذه الإدارة للعالم الحر كما تدعي فإن العالم اليوم وعبر سوقه المتوحشة يعاني من تطور لا متكافيء في إطار تبادل غير متكافيء لا مثيل له بالتاريخ يزداد في ظله فقر الفقراء وتبعية الدول الفقيرة تبعية من خلال الانخراط والانصياع لعلاقات السوق العولمية المتسقة بالشعارات اليمينية لايديولوجيا المحافظين الجدد في امريكا, فالامبراطورية الأمريكية تسعى للسيطرة والإخضاع وليس للحرية, وما استخفافها بالشرعية الدولية , ودعمها للممارسات العدوانية والعنصرية للكيان الصهيوني العنصري الذي يحتل الارض العربية وتاكيدها الدائم لدعم سياسات شارون العنصرية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل إلا من أجساده, وما اقترفته وتقترفه في العراق من قصف المدن وفضائح أبو غريب أو غوانتنامو ,وحصارها لكل التجارب الديموقراطية في أمريكا الجنوبية واللاتينية المناهضة والمعارضة لسياسة الاستغلال الفظيعة التي تتبعها , إلا دليلا على عنصريتها وعدائها الشديد للديموقراطية ولمباديء الحرية للأفراد والشعوب, وحقوق الإنسان.إن خطاب الديموقراطية ومحاولات الدفع للاصلاح من قبل الادارة الامريكية يتناقض جذريا مع استراتيجيتها وسياستها الممارسة في المنطقة , إن افتقار المصداقية للسياسة الأمريكية في العالم عموما وفي المنطقة خصوصا لا يساعد على بناء الديموقراطية في المنطقة ولا يدفع للثقة في طرحها. إن تطبيق مبدأ المساواة هو شرطي ضروري في العلاقات الدولية وبناء التحالفات فيما بينها.

للجواب على السؤال الثاني : كيف تنظر قوى اليسار إلى ادعائات الديموقراطية والاصلاح السياسي ...إلخ.

سنجتر الوقت والتاريخ إذا سردنا علاقة اليسار العربي بمسميات الديموقراطية واللبرالية التي كانت بالإجمال تتبنى التفسير السوفياتي للمفهومين, ولكن هذا الاعتراف لا يمنع من الاعتراف أنه قد توفر على الرغم من ذلك بعض المفكرين الماركسيين الذين حاولوا إنتاجا فكريا جديدا كسمير أمين والياس مرقص وياسين الحافظ والذين اتفقوا على أن الديموقراطية الحقيقية هي التخطي الجدلي للبرالية, وأن الديموقراطية في ترابط عكسي مع اللبرالية, وأنه لا يمكن تحقيق الديموقراطية إلا في دولة تحققت العدالة الاجتماعية فيها وتخلت عن نموذج الدولة اللبرالية.
إن ما طرحه المفكر الياس مرقص مبكرا على المفكرين والمثقفين العرب في البحث عن اسباب التخلف العربي عن الركب العالمي و الولوج إلى النظام الديموقراطي, ونقد الفقه والوعي الماركسي السائد واعتماده الديالكتيك كمنهج متعارض مع المنهج الوضعي لسابقة لليسار العربي في فهم التعارض بين اللبرالية والديموقراطية و علاقتهما بالتاريخ العربي الحاضر وبواقعه وقضاياه, وادعى أنه لا يمكننا فهم تاريخنا المعاصر بدون الديالكتيك بوصفه نتاج المعرفة البشرية عبر صيرورة تطور الأفكار العالمية , وهذا يقتضي التخلص والتحرر من المنهج الوضعي.ومع هذا تصر اللبرالية الامريكية ومناصريها في العالم ومنطقتنا على نهاية الايديولوجيا و التاريخ وتصر على تعويم علاقات السوق عولميا بآليات التوسع الامبريالي والتبادل الغير متكافيء عبر خطاب لبرالي معادي للعلاقات الديموقراطية على مستوى العلاقات الدولية و احترام حقوق الانسان وحرية الشعوب وبذل الجهود لحماية كوكبنا من ثقب الأوزون والسلاح النووي.
وفي ظل العلاقة بين الديموقراطية والمجتمع المدني فمنذ نهاية الحرب الباردة والوصول لاحتلال العراق بدأت القوى والشخصيات التي استطاعت الهروب من بطش الاستبداد تسوق الاتجاه العام لديها ولدى العامة من الناس إلى التنظير للاحتكام لصندوق الاقتراع كتعبير عن ديموقراطية تمثيلية خاضت الحوار المتبادل فيما بينها على اختلاف مشاربهم على اساسها تحت تاثير المحاولة لتأهيليهما داخليا حتى لا تبقى العلاقة معهما برانية.
اننا نرى أن على قوى اليسار الديموقراطي العربي وغير العربي في المنطقة إذا أرادت تخطي المأزق الذي تحاول الامبراطورية الامريكية خنقنا فيه من خلال تعويم ايديولوجيتها اللبرالية الجديدة القائمة على مبدأ الفرد فقط وتجاهل الجماعة , والقائمة على مبدأ النفعية الآنية ضد التقدم , للسيطرة على مقدرات المنطقة ونهب ثرواتها, الكشف عن الروابط المنطقية بين الديموقراطية والمجتمع المدني من أجل وضع الديموقراطية في سياق مشروع نهضوي عربي ذا أبعاد اشتراكية.
إن الفرق الاساسي بين الطرح الديموقراطي لقوى اليسار الديموقراطي النهضوي , وبين الطرح للبرالية الجديدة أو طرح الإصلاح من قبل الأنظمة العربية المأزومة, هو هذا الطرح الثوري الذي يضع الديموقراطية تحت تأثير الفاعلية السياسية اجتماعيا لتنتج حياة مجتمعية سياسية عامة وممارسة يومية على منهج ديالكتيكي ومنطق الصيرورة و عقل الواقع.






#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية العرب الأولى ..قضية فلسطين
- العالم قرية صغيرة
- مصلحة الشعب الفلسطيني
- غزة … المنعطف المجهول
- شعر..لصديقة من الوطن
- أحداث غزة واتفاق القاهرة …
- اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة …
- رأي في العمل السياسي
- مشاركة من يساري ديموقراطي يسكن مجاورا للعراق استجابة لنداء ا ...
- قصة قصيرة................موعد
- لنجد أشيائا مشتركة نقوم بعملها مع أولادنا لنا ولهم
- لماذا يردني أهلي أن أبدو جيدا أمام الآخرين
- لماذا لا يتركون أهلي فرصة لمبادراتي...؟؟
- هل نصغي بما يكفي لأطفالنا ؟؟
- ما أشبه المشهد السوري بالمشهد العراقي
- قصة قصيرة جدا...
- شعر....وبالذاكرة نقاوم
- من ذاكرة معتقل سابق 21
- زمن العولمة........زمن الكوليرا
- رسالة إلى صديق..


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- الديمقراطية وألأصلاح ألسياسي في العالم العربي / علي عبد الواحد محمد
- -الديمقراطية بين الادعاءات والوقائع / منصور حكمت
- الديموقراطية و الإصلاح السياسي في العالم العربي / محمد الحنفي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي - محمود جلبوط - الديموقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي