أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - محمود جلبوط - لماذا يردني أهلي أن أبدو جيدا أمام الآخرين















المزيد.....

لماذا يردني أهلي أن أبدو جيدا أمام الآخرين


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1211 - 2005 / 5 / 28 - 14:49
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


لماذا يريدونني أهلي أن أبدو للآخرين جيدا وأتصرف أمامهم جيدا ؟؟

إن التربية الجيدة لا تعني أبدا أن ننقل منظومتنا الأخلاقية بشكل أوتوماتيكي إلى أولادنا وعليهم الإلتزام بها حصرا لاغين سنّة الحياة في التطور, و التكوينات الشخصية والميول لأطفالنا,ليست التربية الجيدة والأخلاق الحميدة أن ندعو أطفالنا بتسلط وإجبار لاحترام القواعد الأخلاقية السائدة في عصرنا ببلاهة بل من المهم والمستحسن دائماَ أن نتناقش معهم لفهم المعنى العميق لتصرف ما ودفعهم بحرية للموافقة عليه. فكم منا نحن الكبار أنفسنا نتألم من تكرار بعض القواعد الإجتماعية ونضطر لاحترام البعض الآخر منها على الرغم من معرفتنا أنها فارغة ولا معنى لها . فلنحاول ألا نطلب من أطفالنا بالإجبار احترام بعض القواعد من المنظومة الأخلاقية السائدة فقط لمسايرة وضعنا الإجتماعي نحن الكبار وللتمظهر بهذا فقط , بل العكس , علينا أن ندعوهم أن يكونوا على ما هم عليه وأن يحترموا أمثالهم عميق الإحترام وعند ذلك سيجدون بأنفسهم , في كثير من الأحيان , السلوك المناسب واللازم لهم وللموقف الذي يجدون أنفسهم في مواجهته . فالطفل يحتاج العفوية في سلوكه وحركته, أما التنظير عليه والدروس الذهنية والمثالية في السلوك قبل أن يبدأ في تذوقها فهي ثقيلة ومملة . فهناك الكثير من قواعد السلوك يتعلمها ويكتشفها بحسه , فقط علينا إعطائه الحرية في حركته ورأيه لا أن نسجنه بقواعدنا مبكرا فنخسره كإنسان حر هكذا أيضا مبكرا , علينا أن نساعده على فهم الأشياء المحيطة كلما قابل منها , ونجيبه على أسئلته, ونشجع ما يمارس خارجنا. فعلينا ألا نكون سببا في مرض أطفالنا من قلة الحركة وكثرة الأوامر , ولا نجعلهم يتألمون من سجننا لهم, ونجعلهم يموتون من كثرة التثقيف , وإلا سيعانون من الملل والإنزعاج وستشلهم الطاقة التي لم يصرفوها , فلا تقلقوا من لعب أطفالكم الكثير, ولا تقلقوا من رغبتهم الشديدة بأن يكونوا بعيدين عنكم وقتا أحيانا تشعرون بأنه كان طويلا, فاللعب والحركة هي المعلم وليس محاضراتنا المملة والثقيلة والتي لا تنتهي , وإن قلقت الأم خصوصا على أطفالها بأنهم يبتعدون عن المنزل وقتا طويلا وبالتالي ربما يجوعون فاتركي يا عزيزتي أطفالك في قضية الطعام لوحدهم فلن يموتوا جوعا .

لماذا يريد مني أهلي أن لا أحدث ضجة ؟؟؟

إن الضجة التي يحدثها الطفل غالبا ما تكون بالنسبة له وسيلة إثبات وجود وإسماع صوت و: إنني هنا..إذا كانت ظروفنا المحيطة وأوضاعنا الإجتماعية تضطرنا لإسكات طفلنا كثيرا ولا نوفر له فرصا كافية لإظهار مشاعره , فإنه ينتهي بالتخلي عن إظهارها فيكبتها , وبعد ذلك إن استمر الوضع هكذا, ينطوي على نفسه ولا يعود يتكلم ولا يضحك وينزلق في منحدر العزلة ويصبح في آخر المطاف انطوائيا . إن الطفل يصرخ ويضرب ويعنف عندما يكون عالمه المحيط فارغاَ وميتا , وهو يصغي ويتلذذ عندما تكون الحياة من حوله مليئة وغنية بمشاركة الأهل.

لماذا يريد مني أهلي أن أتعلم الدفاع عن نفسي ؟؟

َكلنا دون استثناء نتألم عندما نرى بعض الندوب أو الجروح في بعض أنحاء من جسم طفلنا بعد عودته إلى المنزل ,على إثر شجار بين الأطفال , وعلينا الحذر الحذر , فالذي ضرب طفلنا ليس عدواَ له ولا أهله أعداءاَ لنا , وعلينا ألا نسعى لرعاية النزعة العدوانية داخل طفلنا , بل علينا تعليمه الدفاع عن النفس كحق أخلاقي ومشروع, والذي لا يتجاوز تعلم تفادي الضربات وتجنبها, ورد طاقة الطفل الصديق إلى ذاته كما يرد الجدار كرة ضربت به , وعلينا ألا نحاصر طفلنا أثناء تعليمه كيفية الدفاع عن نفسه بقلقنا وقلقه, بل أن نترك لديه الإبداعية والثقة الضروريتان ليفكر دائما بأن هناك حلاَ وطريقة للخروج من المأزق .

لماذا تريد مني أمي أن أبقى نظيفا وأن تبقى غرفتي نظيفة ؟؟

لأن الأم في أغلب الأحيان هي التي تقوم بمعظم الأعمال المنزلية فهي تتمنى أن يحافظ على الترتيب والنظافة في منزل ربما يكون قد أنهكها العمل فيه طوال النهار,خصوصا إذا كانت العائلة متوسطة أو كبيرة , وهي أكثر الأحيان لا تميز لأطفالها الفرق بين عدم اللمس وبين المحافظة على الترتيب والنظافة ,فهي تعمل وترتب وتنظف وتنظر إلى تصرف الأطفال وتوسيخهم للبيت كضغط وعمل إضافي بالنسبة لها , وتنسى الفرق بين المحافظة على النظافة وعدم الحركة , إن الفائدة للطفل تكمن في الحركة وفي التغيير , لأن الأشياء الساكنة تصبح لا فائدة لها عند الطفل , فالأهل يقولون لطفلهم :هذه غرفتك , وسرعان ما يكتشف الطفل أنه ليس السيد في غرفته هذه, وأن السلطة للأهل حتى في أرضه هو, فما رأينا في بلد يستعمر بلدا آخر ثم يعطيه استقلاله ويقول له: هاكم الآن أنتم أحرارا مستقلون وأصحاب سيادة , غير أننا نحن الذين سندير بلدكم في الشؤون الداخلية والخارجية ونحن الذين نحدد ماذا تزرعون وماذا تصنعون وما تصدرون وما تستوردون.. وهذا ما يفعله بالضبط بعض الأهل مع أطفالهم. علينا أن نقبل بأن ما نسميه في تقييمنا عدم استقرار وفوضى ليس هو عند الأطفال إلاّ طريقة لتدريب امكانياتهم وقدراتهم, وقد يكون علينا تشجيع هذا التنويع وأن نعطي لأطفالنا أكبر عدد من الخيارات والإمكانيات والتجارب.

لماذا يقول أهلي شيئا ويفعلون شيئا آخر؟؟؟

إن الطفل قبل أن يتعلم الكذب منا يكون حساسا جدا اتجاهه , وهو أيضا شديد الحساسية اتجاه العدالة والحق والتمييز, شأنه في ذلك شأن الطبقة العاملة , أو أقلية عرقية مظلومة أو شعب مستعمر ومضطهد , فنحن أحيانا دون أن ندرك نتعامل مع الطفل ككينونة فاقدة الحق في القرار والتفكير والتقرير , وأسوأ ما في الأمر أن هذا الوضع من صنع أهل الطفل ذاته أي من صنع الذين يحبونه ولهم المصلحة القصوى أن ينمو طبيعيا ويرث مجدهم . فعلينا أن نشرح لأطفالنا مبررات سلوكنا , وأن لا نمنع عنهم شيئا دون شرح الأسباب , وأن نظهر لهم أن ما يقوله الكبير هو ما يريد أن يعمله أيضا .
إن طفلنا بحاجة لأن يشعر بالثبات والإستمرار . وهو بحاجة أيضا لأن يشعر بأن عمله مقدر ومثمن وينظر إليه نظرة طبيعية كي يتقدم ويتطور , وصحيح أن علينا إبعاد فكرة تقدير العواطف بالهدايا , ولكن لا ضير من حين لآخر مكافأته بهدية ما مجازاة أو تعبيرا عن حبنا واحترامنا له بهدية , وليس من الضروري أن تكون غالية الثمن , بل باقة من الزهور يمكن أن تحوي من المودة أكثر من سيارة فارهة , فعلينا إيجاد هدايا لا علاقة لها مباشرة بالمال .
إن الطفل بعد سن التاسعة قادر تماما على فهم مشاكلنا وعلى تفهم عدم تماسك الأهل إن وجد , وهو يتفهم أن نكون مرهقين أو مستائين من عملنا أو أن يكون مزاجنا سيئاَ من ظروفنا السياسية والإجتماعية , غير أنه لا يقبل قط أن يكون هو نفسه وحياته ثمنا لذلك..



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يتركون أهلي فرصة لمبادراتي...؟؟
- هل نصغي بما يكفي لأطفالنا ؟؟
- ما أشبه المشهد السوري بالمشهد العراقي
- قصة قصيرة جدا...
- شعر....وبالذاكرة نقاوم
- من ذاكرة معتقل سابق 21
- زمن العولمة........زمن الكوليرا
- رسالة إلى صديق..
- حول مصافحة الأسد الابن مع رئيس الكيان الصهيوني
- قصة قصيرة - شعور الغربة والوحدة
- حوارية
- قصة قصيرة
- سفر التغريبة في ظلال الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد
- المرأة في سورية والإعتقال والقهر السياسي
- رأي حول خطاب الرئيس السوري أمام ما يسمى مجلس الشعب
- رسالة تضامن مع المتحدث الرسمي لحزب الحداثة والديموقراطية لسو ...
- معلمتي الصغيرة ...دعاء الفلسطينية
- كابوس......
- قصة قصيرة جدا.......
- من ذاكرة معتقل سابق20


المزيد.....




- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا
- -طيور الخير- الإماراتية تُنفذ الإسقاط الـ36 لإغاثة سكان غزة ...
- إيران.. حكم بإعدام مغن أيد احتاجات -مهسا أميني-
- نداء من -الأونروا- لجمع 1.2 مليار دولار لغزة والضفة الغربية ...
- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...
- -العفو الدولية-: كيان الاحتلال ارتكب -جرائم حرب- في غزة بذخا ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - محمود جلبوط - لماذا يردني أهلي أن أبدو جيدا أمام الآخرين