أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - محمود جلبوط - المرأة في سورية والإعتقال والقهر السياسي















المزيد.....

المرأة في سورية والإعتقال والقهر السياسي


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 08:31
المحور: ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
    


أرتأيت إكراما للمرأة السورية في يوم المرأة, أن أرصد ما عانته من آثار الإعتقال السياسي في سورية, إن كان معاناتها مباشرة من خلال إعتقالها هي والزج بها في أقبية الجلادين, أو من خلال إعتقال و زج من يخصها من رجال الوطن كزوج كان أم إبنا , أخا, أبا, وذلك في ظل سياسة الإعتقال السياسي المعمم التي عمت سورية في حقبة أواخر السبعينات ومازالت ممتدة بشكل أو بآخر إلى يومنا هذا...ولا أتصور في مقالي هذا أنني أحتاج اللجوء إلى استعمال التعابير الأيديولوجية أو الفلسفية لوصف ما حدث أو لاستعمال فزلكات لغوية أو فكرية كبيرة للتعبير عن القصد, فأنا كل ما سأقوم به هو سرد للتجربة إن كانت جمعية أو فردية كشاهد, لا أهتم من خلاله للأخطاء النحوية التي سترد فيه أحيانا فأستميح صديقي أبو خليل عذرا, فلقد فكرت مرارا أنه من الأفضل استخدام اللغة العامية المحلية لوصف ما جرى لكونها أكثر حميمية في نقل حوارية وصور المعاناة التي لا أجد طريقة أقدر لنقلها سوى اللغة المسرحية أو السينمائية, فلغة كتابة المقالة عاجزة في هذا المقام لنقل الحقيقة كاملة, ومقصرة في وصف الزخم الإحساسي التي تحويه التجربة من عواطف ومعاناة تلك النساء.
إن رصد قائمة المظالم التي تتعرض لها المرأة في بلاد شرق متوسطنا العظيم لا تحتاج إلى جهد لملاحقتها, فهي معروضة تقريبا في كل ركن من زوايانا الإجتماعية, في كل بيت من بيوتنا, في كل سلوك من سلوكنا اليومي...ومن نافل القول أيضا تبيان ضرورة دور المرأة لحياتنا السياسية والثقافية والإقتصادية, وعن دورها في حياتنا العائلية, ولا يحتاج المرء لكثير عناء للإعتراف بأهمية وجودها في حياة كل منا حاجتنا الهواء والماء و الطعام, فهي في كل نبض في عروقنا, أما, أختا, حبيبة, زوجة, صديقة, رفيقة, ولا أدري إن كان من الحكمة أو من حقي أن أحدد كرجل شكل الدور المنوط بها للمشاركة بكل هذا, والكيفية في استنباط المبادرات التي ترتئيها لممارسة هذا الدور, إن كان في التصدي لممارسات اضطهادها وحرمانها حقوقها من خلال التشريعات الإجتماعية والدينية والقانونية السائدة, أو في مشاركتها المشتركة مع كل أبناء الوطن في التغيير الإجتماعي الإقتصادي السياسي كمقدمة ضرورية لإقامة المجتمع المدني الذي أرى فيه الضمان الوحيد الذي يحفظ لكل أعضاء المجتمع حقوقهم في تفتق أبعاد فرديتهم وتبلور دورهم الإجتماعي من خلال المشاركة في صياغة العقد الإجتماعي المتفق عليه, سمته العلمانية وضمانه قانونا وضعيا مدنيا لا دينيا, أجده مدخلا ضروريا لإزالة الحيف عنها وعن كل فرد من أفراد المجتمع, ويطلق العنان للمبادرات الجماعية والفردية لكل أعضاءه.
لكن الصعوبة التي واجهتها هي في إبراز قائمة أسماء نسائية متظللة بقائمة طويلة من أسماء رجال عانوا من اضطهاد النظام القمعي في سوريا على مدار أكثر من ثلاثين سنة من القهر السياسي, قائمة متنوعة الأشكال من المعاناة: إن كانت معتقلين, شهداء, مفقودين, ملاحقين, منفيين, محرومين من حقوقهم المدنية وما يترتب عن هذا من حرمان من العمل أ والمضايقة فيه, قائمة لم يرد فيها سوى أسماء رجالية ولكنها في الحقيقة قائمة مظللة لقائمة طويلة نسائية تتوازعها أم و زوجة وابنة وأخت وحبيبة , تحملت هي العبء الأكبر في المعاناة لا يدري المرء من أين يبدأ بها ولا أين ينتهي , ولا ما هي المفاصل الأكثر أهمية لذكرها, ولا ما هي الأشكال الأشد قهرا واضطهادا التي مورست عليها من خلال هذه السياسة التي اتبعها النظام خلال تلك الحقبة..هل أبدأ بقائمة اللواتي عانين من الإعتقال المباشر فيحضرني أسم الرفيقة حسيبة عبد الرحمن, و زوجة الرفيق رياض الترك, واللواتي كن في سجن النساء عندما كنا نحن في سجن الرجال , كانت إحداهن قد ولدت طفلة في السجن بقيت معها شهورا فسميناه كأصغر سجينة في العالم,انتصار التي التقيتها في فرع أمن الدولة في الحلبوني , ابتسام التي شاركتنا الإقامة في زنازين كفر سوسة, سهام التي صعقت عندما نادت زميلاتها اسمها فظننت انها زوجتي في فرع التحقيق العسكري, الرهينات الكثيرات التي اعتقلهم النظام رهائن عن الزوج أو الأب أو الأخ أو الإبن..كثيرات لم نسمع بهن اللواتي حفرن أسمائهن على جدران الزنازين التي مررنا عليها فكانت هذه الأسماء أنسا لنا بأنوثتها و تسلية بتكرار قراءتها آلاف المرات لتقضية الوقت القاتل آنذاك, ماذا يمكنني أن أروي عن النساء اللواتي كنا نسمع صرخاتهن ونحن في الزنازين والجلادون ينهالون عليهن ضربا بأكبالهم الغليظة بعد ان وضعوهن في الدواليب للتعذيب وكأنهم يستمنون عليهن بشكل مقزز, ولا نعرف أسمائهن...ماذا عن اللواتي كن يستدعين إلى فروع المخابرات للتحقيق معهن وإرهابهن وأحيانا ابتزازهن جنسيا....وإذا انتقلنا إلى القائمة الثانية من النساء التي تعود لمتعلقات المعتقلين فالقائمة طويلة والمعاناة فظيعة أخذت أشكالا متعددة من القهر السياسي والإجتماعي والإقتصادي, كن هن المسؤولات عن إعالتنا وإعالة العائلة وتربية الأولاد في غياب الأب, وكن هن اللواتي يتحملن الإهانات في طرق أبواب فروع المخابرات وأبواب مراكز التوقيف , إلى جانب كل الجهد المبذول في التنقل و حمل حاجيات المساجين , منهن كنا نستمد معنوياتنا ومقومات صمودنا وتحمل قهر الحصر والحرمان والإضطهاد اليومي, كثيرة هي الأشياء التي تصدين لتحمل عبئها...كيف أنسى زوجتي الحبيبة والعظيمة أم الورد كم تجثمت عنائي وعناء طفلتي وسلبية المحيط , وكم قدمت للوطن من جهد وتضحية, كيف أنسى أم هيثم, أم هيثم مناع, التي تكفلت بمسؤولية عائلتها بعد اعتقال زوجها يوسف العودات في 1969وحكم في البداية إعدام ثم خفف لمؤبد ثم أطلق سراحه بعد أن أمضى ما يقارب 20 سنة في الإعتقال, مهمة اضطلعت بها بكل نجاح, أم هيثم التي كانت زيارتها لزوجها تمثل نصف زيارة لي وللشهيد رضا حداد لأنها كانت تجلب لنا معها صور لعائلتنا وأطفالنا و أغراض من زوجاتنا وأحيانا تقوم بتهريب رسائل لنا منهن لأنه في حينه كنا محرومون من الزيارة, وقد دام هذا ثلاث سنوات, أم هيثم العظيمة والجريئة التي جلبت ابنتي وردة لي بزيارتها تهريب لكي أتعرف عليها من وراء القضبان لا أنسى كيف تحايلنا مع أبو هيثم على السجان لأتمكن من احتضانها و ألبسها عقدا من الخرز كان قد شغله بيده هدية لها, لا أنسى أم علي شهابي التي كانت تدور علينا أثناء الزيارة من خلف الشبك وتقوي معنوياتنا قائلة: لا تهكلوا همنا برة إحنا بألف خير بس إنتو أصمدوا وخليكم رجال, وتسألنا ماذا نريد أن تطبخ لنا في الزيارة القادمة من أكلة نشتهيها, أطال الله في عمرك يا أم علي, كيف ننسى سنديانة نيقولا الزهر, كيف ننسى أمهات الشباب من السويداء والسلمية اللواتي كن يدرنا علينا ليرفعوا من معنوياتنا, كيف ننسى زوجة يوشع الخطيب أم شفيع التي إختارت أن تنتظر زوجها عروسا 15 سنة وتحرم من أن تكون أما كباقي الأمهات, أم عبدو قشاش الكبيرة السن التي هد حيلها الجلاد فماتت قهرا, طويلة هي قائمة الأمهات اللواتي متن قهرا على أبنائهن شوقا إليهم والجلاد لا يرف له جفن, كيف ننسى الإبنات اللواتي كبرنا قهرا على أبائهن وكيف أنسى ابنتي وردة التي كلفها سجني صحتها النفسية والعقلية فأصبحت معاقة, كيف ننسى دورهن اللواتي حاولن في أكثر من مناسبة كسر جدار الخوف والمشاركة في مظاهرات إحتجاج لإطلاق سراحنا, لن ننسى كل نساء وأمهات وبنات وأخوات رفاقنا وكل مساجين الرأي في سوريا....ثم زوجات وأمهات وبنات الملاحقين اللواتي اضطلعنا على معاناتهن بعد أن تم الإفراج عنا, زوجة أبو عمر(مازن عدي) زوجة عادل محفوض, أم عمر أم صديقي وحبيبي عبد الكريم شيخ الشباب أبو الفهد وأخواته اللواتي أحتضنوا زوجتي وطفلتي وردة طوال وجودي في الإعتقال, أم عمر هذه المسنة الدمشقية التي اتخذت زوجتي وابنتي بنات لها واعتبرتهن جزءأ من عائلتها, أم ماهر مسوتي الحلبية المناضلة, غادة أم زينا زوجة شقيق زوجتي العزيزة.. قائمة طويلة من النساء المناضلات ....ثم إذا انتقلنا أخيرا إلى قائمة تعرفنا على بعضها في بلاد المنفى والغربة عندما انضممنا اليهم هنا في أوربا, زوجات المنفيين, الأخت فلورنس غزلان زوجة الرفيق سلطان أبا زيد, أم وائل زوجة الرفيق السقال من حزب العمل الشيوعي , الصديقة افتخار وزهرتها نوار, وغيرهن لم تسعفني الذاكرة في تذكرهن أو لم أتشرف في التعرف إليهن...قوائم بأسماء كثيرة من معتقلات كناشطات أو رهينات , وأمهات وزوجات وابنات وأخوات لا أدري إن كان مجلدا كبيرا يتسع لذكر أسمائهن و مآثرهن فكيف يستطيع مقال متواضع كمقالي أن يفي بالغرض, فهل يا عالم الرجال إن ذكرناهن تغضب؟؟



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأي حول خطاب الرئيس السوري أمام ما يسمى مجلس الشعب
- رسالة تضامن مع المتحدث الرسمي لحزب الحداثة والديموقراطية لسو ...
- معلمتي الصغيرة ...دعاء الفلسطينية
- كابوس......
- قصة قصيرة جدا.......
- من ذاكرة معتقل سابق20
- يا يا يا سيزيف
- قصة قصيرة جدا..........
- قصيدة نثرية........ حبيبتي الصغيرة
- قصة قصيرة جدا.............عهر
- من ذاكرة معتقل سابق 19
- قسم
- خاطرة .. حزن
- من ذاكرة معتقل سابق 18
- قصيدة نثرية ... حب
- من ذاكرة معتقل سابق 17
- محاولة حب
- خاطرة
- من ذاكرة معتقل سابق 16
- رأي في الإنتخابات العراقية


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- المشاركة السياسية للمرأة في سورية / مية الرحبي
- الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء / الاممية الرابعة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - محمود جلبوط - المرأة في سورية والإعتقال والقهر السياسي