أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبعوب - (34808) ماذا يعني هذا الرقم؟؟















المزيد.....

(34808) ماذا يعني هذا الرقم؟؟


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 4887 - 2015 / 8 / 4 - 15:54
المحور: كتابات ساخرة
    


رقم يبدو لمن لا يعرفه كأي رقم، ممكن أن يكون رقم بطاقة شخصية أو لوحة سيارة أو رقم معاملة إدارية أو رقم وطني الخ من الارقام التي قد تتطابق مع هذا الرصف لخمسة من الأعداد الأولية التي تعلمناها في اليوم الأول لدخولنا إلى مدارس التعليم العام، لكنه يعني الكثير للذين عاصروه وجربوا رعبه.
(34808) هذا الرقم الرهيب، كم أرعبنا و كم سال لرنينه بول رجال تنتفخ أوداجهم بشجاعة وهمية تتبدد مع أول رنة له، وكم هدمت عن طريقه حياة أشخاص أو غير مسارها، بل كم كان لهذا الرقم من دور في تضليل الرأي العام وقولبة تفكير المواطن بل شل أي قدرة على التفكير لديه..
(34808) هذا الرقم الذي لا زل منقوشا في ذاكرتي وذاكرة عشرات من زملاء المهنة، ذهب بالعديد من الصحفيين الليبيين إلى غياهب السجون، وعن طريقه تغير المسار الوظيفي لزرافات منهم (أي مجموعات) ليجدوا أنفسهم مخبرين في جهاز الأمن الداخلي، ومنهم من استطاب هذه النقلة وانغمس فيها وتحول من صانع للرأي العام – وإن بطريقة مشوهة وموظفة لخدمة دكتاتورية- إلى مراقب وقامع لهذه الصناعة ، ومنهم من ظل على الهامش - مثل شخصي- واستطاع الإفلات من هذا الفخ في أول فرصة كانت فيها القائد الاممي مشغولا بقضايا أخطر واستطاع المدراء التصرف من وراء ظهره في بعض القضايا التافهة مثل قضية نقل موظف من وظيفة إلى أخرى التي كان للقائد أو عيونه المنتشرة في مفاصل الدولة دورا في إتمامها أو وقفها.
(34808) هذا الرقم اللعين ذهب بعشرات المدراء في لحظات إلى زوايا النسيان، مثلما أتى بهم قبل رحيلهم، كما أودع عدد منهم في زنازين سجن بوسليم أو معتقلات باب العزيزية المرفهة نوعا ما.. هذا الرقم كان مصدرا لقرارات سارة لبعضهم، كما سيكون المصدر لقرارات مدمرة لأحلام آخرين.. كان بعضها سريعا ومفاجئا لم يتمكن المعني بها حتى من أن يستطعم لذة الخازوق الذي وضع فوقه، ليجد نفسه على الهامش يحلم بالعودة إلى أي خازوق آخر قد يختاره له القائد الأممي..
(34808) كان إلى أواخر ثمانينات القرن الماضي كابوسا للموظف المناوب في تلك المؤسسة الإعلامية بالدولة الليبية التي كانت تعمل برتم يحاكي في انضباطه وسرعة استجابته ودقة عمله انضباطية ودقة وسرعة استجابة الدائرة الأولى المحيطة بالقائد الأممي.. بالرنة المميزة لهذا الرقم والتي لم تفارق أذني رغم أنني لم أعمل بالقسم الموجود به هذا الرقم إلا لفترات وجيزة ومتقطعة ، ولم يصادف أن تلقيت عن طريقه أيا من تلك الصواعق التي حطمت حياة زملاء كثر، برنته يرتفع ضغط الموظف المناوب، وترتعش يده قبل أن يرفع السماعة، ويعد نفسه لتلقي سيل من الاهانات وفي أحسن الحالات التعليمات المشددة مع فرقعة قفل الخط تدوي في أذنه، يغيب بعدها هذا الموظف المسكين خائر القوى ويستجمع ما تبقى في ذاكرته من تعليمات كثيرا ما كانت مبهمة وغامضة تضع هذا الموظف والمدير في ورطة يضطرون في كثير من الأحيان لعقد جلسات لتفسيرها وتنفيذها وحالة من الرعب تسيطر عليهم مخافة أن يكونوا قد أخطئوا في فهم تلك الأحاجي والمطلسمة.. وكانت اخطر وأكثر اللحظات رعبا عندما يرن هذا الرقم خلال بث نشرة 9.5 مساء المرئية أو بعد انتهائها مباشرة، إذ أن رنته في هذه اللحظات تعني إما صاعقة ماحقة تسوق بعضنا إلى التوقيف أو تطيح بالمدير المسكين الذي لا يطيق العيش خارج صهيد و وهج القائد الأممي، وفي أحسن الحالات تكون لتوجيه المزيد من التعليمات في إدارة المعركة الإعلامية، والتي يستلمها الموظف والمدير بمعنويات عالية وحبور لنجاتهم من صواعق الـ (34808) .
لا نشك في أن هذا الرقم الذي تطور فيما بعد إلى رقم داخلي في شبكة خاصة تربط كل مؤسسات الدولة الحساسة بالقائد الاممي وحاشيته، وأصبح اسمه الخط الساخن الذي تحول إلى مكتب المدير العام وارتاح الموظفون من الاصطدام المباشر بصواعقه، لا نشك في أنه قد أسال بول عديد المدراء في سراويلهم، وجعلهم يسارعون مباشرة إلى دورة المياه الخاصة بهم بعد كل رنين لهذا الخط يكونوا قد تلقوا خلاله سيلا من التهديدات الاهانات وفرقعة قفل الخط في وجوههم، وتسبب لهم في إحراج أمام سكرتيراتهم ومدراء مكاتبهم الذين كانوا يتندرون بسرد هذه المواقف المحرجة ويسربونها إلى بقية الموظفين الذين منهم من يتداولها بتشفي ومنهم من يرددها بلا مبالاة ، وقد افلح أحد هؤلاء المدراء الذين كانوا يتناوبون على كرسي إدارة هذه المؤسسة الذي كان يتم برتم يضاهي في سرعته تناوب الزبائن على كرسي الحلاق، افلح في معالجة هذه المشكلة بطريقة تحفظ له ماء وجهه وتوفر له فرصة أحسن لإشباع نزواته، وذلك عندما قام هذا المدير باستحداث حمام عصري متكامل مع دوش للاستحمام وسرير ووو الخ من مستلزمات تفريغ النزوات داخل مكتبه، حارما بذلك مدير المكتب من متعة التشفي مراقبة خلواته الشبقية!!..
وعلى وقع مصطلح الشبقية هذا تحضرني هنا قصة مدير مبكر من مدراء هذه المؤسسة الذي كان وبكل واقعية وإنصاف من أحسن المدراء الذين تداولوا على إدارتها من الناحية المهنية والإدارية، فقد دخل هذا المدير قاعة مكتبنا بعد ظهيرة أحد الأيام وهو يلوك سيجاره الكوبي الفاخر بين أسنانه، وقال بدون أي مقدمات : "يقولون أن المدير يمارس الحب مع سكرتيرته في المكتب.. وتنسج قصص غريبة حول هذا الموضوع.. أنا لا أخشى أي أحد منكم إذا كنت أرغب في ذلك، ويستحسن بكم أن تهتموا بعملكم بدل تقييد الأحوال" !! وغادر المكتب لنجده بعد يوم قد وضع مصباحا أحمر على واجهة مكتبه معمما تعليماته بأن لا يدخل عليه أحد إذا كان المصباح مشتعلا! وذلك في تحد سافر لمتابعي حياته الخاصة وكأنه يقول لهم بذلك لا تدخلوا المكتب فأنا مشغول مع السكرتيرة!!!
(34808) أيها السادة لم يزد عن كونه رقم خط هاتفي كان يربط مؤسسة إعلامية بمكتب القائد الأممي قبل إطاحته، ولكن هذا الخط كما أسلفت لكم كان الوسيلة أو الأداة التي غيرت حياة الكثيرين منا في هذه المؤسسة ، فمنا من نقله هذا الخط إلى ظلام السجون، ومنا من وضعه على هامش الحياة و منا من أخذه إلى مرابع أوروبا لسنوات ذاق فيها طعم هناء الحياة ولذتها، كما عن طريقه أدار هذا القائد الأممي معاركه الإعلامية وما أكثرها وأندرها يضيق المجال هنا بسردها.. ولكن أيها السادة قد يكون هذا الرقم تغير ، بل تغير فعلا ليكون ضمن شبكة خاصة ظلت تعمل حتى سقوط القائد وإمبراطوريته ولا أدري ماذا حل به منذ أن غادرت هذه المؤسسة منتصف تسعينات القرن الماضي، ولكن ما أنا متأكد منه هو أن هذه الآلية الهدامة والتي تجاوزها الزمن في صناعة الرأي لا زالت تعمل حتى هذا اليوم بعد هبة 17 فبراير و بطريقة تفوق في سوئها و ترديها ما كان سائدا في ذلك العصر الذي سردت لكم بعض وقائعه، وأرجو أن لا تكون قد خانتني ذاكرتي في دقة تفاصيلها .. وأرجو أن يعتبر كل زميل -عاصر هذه الفترة- هذه السطور مفتاحا له لسرد ما تحتفظ به ذاكرته من طرائف ومرارات تكون قد مرت به عبر هذا الخط الهاتفي، على القراء ، إسهاما في التأريخ لهذه الحقبة من تاريخ ليبيا..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دون كيخوتا نائبا في البرلمان الليبي!!
- سطوة السرد في إصدار عوض الشاعري الأخير
- -اسرائيل- واقع مقيت لا يرقى الى الحق..
- التفكير الجانبي*!!
- العشق من أول نظرة.. قصة عاشق الكتاب
- -الديموكتاتورية- كأسلوب للانتحار الجماعي..
- الديمقراصهيونية المخادعة..
- خواطر عابرة (5) قوة الفوضى..
- خواطر عابرة (4) الواقع يخذل العقل!!
- رهاب الضياع يحاصر ذاكرة حسين نصيب
- المحطة السابعة التي لم يطرحها المفكر طرابيشي.
- خواطر عابرة.. (3/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..
- خواطر عابرة.. (2/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..
- خواطر عابرة.. (1/3) يوم دفَنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..
- خواطر عابرة (2) زنزانة الملل..
- وباء الجنرالات يستشري من جديد في ليبيا.
- خواطر عابرة.. (1) أشواق على مذبح العقل..
- بني الجبل انتبهوا.. مستقبلكم في خطر!!
- ألم أقل لكم إنها حرب بلا معنى!!
- أين تجذف إسرائيل


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبعوب - (34808) ماذا يعني هذا الرقم؟؟