أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - خواطر عابرة.. (3/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..














المزيد.....

خواطر عابرة.. (3/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 4723 - 2015 / 2 / 17 - 23:34
المحور: الادب والفن
    


أخذ العنف بين الطرفين الذي سيطر على الميدان منحا جديدا، لم يحسب له أبو احمد حساب، حيث كان يعتقد أنه جاء الى الميدان لهدفين: الأول هو نصرة تيار القوى الوطنية الذي يدعو لإقامة الدولة المدنية ، والثاني هو تجسيد أحد مشاهد الديمقراطية على الارض وممارستها فعلا من خلال التظاهر السلمي في الميدان بعيدا عن العنف والغاء الاخر..
وفيما كان منهمكا بحماس في ترديد الشعارات الداعية لإقامة الدولة المدنية والتداول السلمي على السلطة مع من تبقى من المتظاهرين السلميين الذين امتنعوا عن المشاركة في أعمال العنف الذي بدأ يسيطر على الميدان؛ فجأة لعلع صوت الرصاص، ظنه في بادئ الامر العابا نارية يطلقها البعض لإرهاب المتظاهرين، تحول الرمي الفردي الى زخات متتابعة من الرصاص صادرة من جهة السرايا الحمراء، سمع صوت القذائف تزن فوق رؤوس المتظاهرين المؤيدين للدولة المدنية، تأكد لديه ان التيار المناوئ قد لجأ الى آليته المتعارف عليها لفرض رأيه، تكرر الاطلاق، تفرق وتفتت الجمع الصغير مرعوبا، توجه المتظاهرون للاستنجاد برجال الشرطة الذين استقلوا سياراتهم وغادروا المكان، وانزوى من لم يستطع منهم اللحاق بالسيارات خلف عرصات شارع عمر المختار محتميا من ديمقراطية الرصاص، علا الصياح المحذر من الرصاص، وتحول الجمع للانزواء خلف ابواب المحلات وما توفر لهم من حواجز للاحتماء من الرصاص الطائش.. بعد أن تأكد له جدية هؤلاء القتلة في السعي لارتكاب جريمة ، اسرع للبحث عن زاوية تحميه من الرصاص، راقب المشهد من أمام مدخل مصرف الجمهورية، كان الصياح المحذر من الرصاص يعلو وجماعات من الملتحين تجوب الميدان لطرد اي شخص لا ينتمي لهم ، في الأثناء حضرت مجموعة سيارات مصفحة سوداء اللون تحمل شعارات الدروع، نزل منها رجال يرتودن قيافة مقاتلي القاعدة السوداء وبدأوا في مطاردة بقايا المتظاهرين الذين تفرقوا في الشوارع والازقة المجاورة للميدان..
تأكد ساعتها صاحبنا أن الجنين الخدج للديمقراطية الذي أنجبته انتفاضة 17 فبراير وراهن هو على إمكانية بعث الحياة فيه، قد فارق الحياة ال الابد، وأن ليبيا لن تحمل بهذا المخلوق في الزمن المنظور، إلا بعد تتشكل جيناته في خلايا كل الليبيين وهو ما لن يتحقق في جيله بشكل مطلق ولن يتحقق حتى في جيل ابنائه، وربما سيتحقق في جيل أحفاده.. طوى لافتته تحت ابطه وعاد أدراجه عبر شارع عمر المختار مخلفتا وراءه صدى معركة غير متكافئة يزيد من أوارها صوت رمايات رشاشات ثقيلة ارعبته ، كان يسير في الشارع تجره قدماه منكسر الخاطر، وهو يحلل ويستعرض الاحداث بصوت مسوع يشي بدخوله في حالة هذيان ، يبني ويهدم، يتفاءل ويتشاءم، الى ان وجد نفسه في سيارة النقل العام (آفكو) بجواره عدد من الركاب الذين لم يسمعوا حتى مجرد السماع بهذا الحراك، وكان بعضهم يتساءل :
سمعنا قبل قليل اطلاق نار من رشاشات ثقيلة (14.5 و 23) في جهة ميدان الشهداء وميدان الجزائر، ترى ماذا يجري هناك؟
كانت الردود متقاطعة: ربما معركة بين انصار مليشيات او مجرمين... نظر اليهم في صمت والألم يصعقه مما هم فيه من عدم مبالاة بما يجري في بلادهم من تدمير و وأد لآمال ضحى من أجلها زملاء لهم بارواحهم ، فيما هم لا يرغبون حتى في المشاركة في دفنها..
بعد أن تأكد أن جنين الديمقراطية قد دفن هناك في ميدان الشهداء، عاد ابو أحمد الي بيته رمى بتلك اللافتة الممزقة في زاوية غرفته دون أن يكلم أحد من أفراد اسرته الذين لاحظوا مظاهر الانكسار والاحباط على وجهه، اندس في فراشه متجنبا الضوء بمخدة وضعها على وجهه، يستعرض بألم وحسرة ما جرى قبل قليل في ميدان الشهداء، رافضا الرد حتى على مشاغابات ابنته القريبة الى نفسه التي تحاول إخراجه من هذا الواقع المرير بنزع المخدة منه وإشراكه في قصصها الطفولية وعراكها مع شقيقها الذي يكبرها بعامين.. سافر ابو أحمد في نوم متقطع يعج بالكوابيس السوداء التي لن يمر وقت طويل حتى تتحول الى واقع مرعب يعيشه بكل تفاصيله الدامية والمحزنة والتي لا زالت تسيطر على كل ربوع البلاد حتى اليوم..
انتهى



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر عابرة.. (2/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..
- خواطر عابرة.. (1/3) يوم دفَنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..
- خواطر عابرة (2) زنزانة الملل..
- وباء الجنرالات يستشري من جديد في ليبيا.
- خواطر عابرة.. (1) أشواق على مذبح العقل..
- بني الجبل انتبهوا.. مستقبلكم في خطر!!
- ألم أقل لكم إنها حرب بلا معنى!!
- أين تجذف إسرائيل
- ديفد هاينز قرباناً على مذبح الهيمنة..
- صناعة الفوضى.. داعش نموذجا..
- اتهام البنتاغون لمصر والامارات بالتدخل في الصراع بليبيا يمهد ...
- الاستثمار السيء لدماء العراقيين
- دعوة لتفادي حرائق الرجيع العربي
- -داعش- ضربة قاصمة للاسلام كدين للبشرية
- ليبيا تحترق.. رؤية للخروج من الازمة
- ما الذي يجري في ليبيا؟
- إجهاض الانتصار.. الخطف والقتل المتبادل في فلسطين المحتلة كحا ...
- النازحون الليبيون: هل يقضون رمضان في بيوتهم؟
- دعوة لصمت اعلامي في مواجهة الارهاب
- رؤية لتطوير مسار الثورة الليبية.. مقال مسترجع


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - خواطر عابرة.. (3/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..