أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - خواطر عابرة (2) زنزانة الملل..














المزيد.....

خواطر عابرة (2) زنزانة الملل..


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 4716 - 2015 / 2 / 10 - 14:03
المحور: الادب والفن
    


بعد مطاردة طويلة وفاشلة مع نوم مصطنع لتبديد الوقت، أجد نفسي جالسا في الفراش بدون أي هدف.. يقابلني باب الشقة البني الغامق الذي يزيد من قتامة جو الشقة.. ارمقه بشزر، وأسأل نفسي :
- لماذا أنا وراء هذا الباب؟ ماذا أفعل هنا؟
تجتاحني رغبة ملحة في الخروج من وراء هذا الباب والجري بعيدا حيث لا ابواب ولا حيطان.. لكنني أسال نفسي الى أين؟ فالخارج مثل الداخل, نفس المشاهد محاطة بحيطان لا نهاية لها، مللت تكرارها بعد أن شدتني لوقت قصير في اكتشافها وتفكيك بعض اسرارها.. حفظت كل المقاهي والشوارع و الطرق تقريبا بهذه المدينة الصغيرة التي تتكئ على شاطئ جميل يضفي عليها جمالا آسرا يغطي بعض عيوبها، رسمت خريطة لمعظم حواريها وطرقها في ذاكرتي، حتى الحفر والانكسارات في الرصيف -الذي أدمنت على ارتياده بعد غروب شمس غالب الأيام لتزجية الوقت والتريض- أصبحت أحفظها عن ظهر قلب وأعبر الارصفة دون أن التفت إليها لأنها مرسومة بدقة في ذاكرتي.. يقطع انسجامي ويبعث الفزع في خلال هذا المسير في بعض الأحيان شاب نزق يقود سيارته بسرعة قاتلة متخذا من هذا الرصيف طريقا لاختصار المسافة، وكأن الوقت لديه من ذهب! وهو الآخر بكل تأكيد يعاني من فراغ قاتل..
مللت أصوات الطلقات والألعاب النارية في المناسبات التي تزدحم بها المدينة خاصة خلال فترة الصيف، كما مللت مشاهد طلقات الخرطوش الفارغة التي تكاد تشكل في بعض الشوارع التي توجد بها متاجر بيع الخرطوش والالعاب النارية طبقة تغطي الطريق..
مللت تحدي سائقي السيارات في هذه المدينة التي يغلب على سائقين فيها عدم احترام المشاة عند عبورهم الطرق، بل إن بعضهم يزيد من سرعة سيارته عندما يدرك أنك تنوي عبور الطريق وكأنه يشرع في محاولة قتل عمد، ويبعث فيك الحنق التفاتته اليك بنظرة تحدي ترفع من حالة التوتر لديك ..
مللت نفس المقاهي والمطاعم التي هي نسخ متكررة في نوعية الوجبات والمشروبات التي تقدمها، كما في مستوى خدماتها التي تسيطر عليها العمالة المصرية.. وكم كنت أحاول تجاهل بعض المشاهد المنفرة لمطاعم ومقاهي كنت ارتادها لسد رمقي بوجبة تطفئ جوعي، وأغادر بعد تجرع لقيمات تاركا وجبتي معاهدا نفسي بعدم الرجوع الى هذا المطعم، فأكتشف أن كل هذه المحلات متشابهة.
مللت تلك الضوضاء التي تضج بها عديد المساجد قبيل وبعد أداء الصلاة في حوارات بين مصلين عادة ما يكونون من كبار السن الذين لا يفرقون بين وجودهم في المسجد او المقهى عندما تسيطر عليهم رغبة الفضفضة واختلاق حوارات حول القضايا الساخنة التي تسيطر على الراي العام في المدينة..
حتى المكتبة العامة الوحيدة بالمدينة التي هي في الواقع لا تزيد عن كونها مخزن لكتب قديمة تفتقر للترتيب والتنسيق تم رصها في الرفوف كما اتفق، و التي يمكن أن تكون ملجأ لضحايا الفراغ والملل، كثيرا ما يقرر العاملون فيها مقاطعة الرواد الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة ويتركونهم وانا منهم ضحية للملل..
مللت الانتظار وانعدام اي فرصة لممارسة مهنتي التي اعتقدت أنني من خلالها يمكن أن أسهم في إخراج بلادي من ازمتها، فإذا بي مرمي على الرصيف كقطعة أثاث مهملة لا قيمة لها يدوسها كل عابر او عامل في المؤسسسة التي تبدوا غارقة في بيروقراطية مقيتة تشلها عن الحركة وتحولها الى خلية من الأزمات ..
أشعر أنني في زنزانة بحجم مدينة، لا يعينني على البقاء فيها إلا ثلة صغيرة من الاصدقاء الكرماء الذين يكسرون من حين لآخر روتين حياتي باستضافتهم الكريمة لي ورفاقي، أو الكرم الفطري الذي يقابلك به كل من تقف عليه من أهل المدينة في خدمة، و هذا ما يعزز صمودي الممل والذي قد يتحول كما يبدو لي- إذا لم أتمرد عليه- الى عادة أخشى أن تلازمني و ألا أتخلص منها في وقت قريب..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وباء الجنرالات يستشري من جديد في ليبيا.
- خواطر عابرة.. (1) أشواق على مذبح العقل..
- بني الجبل انتبهوا.. مستقبلكم في خطر!!
- ألم أقل لكم إنها حرب بلا معنى!!
- أين تجذف إسرائيل
- ديفد هاينز قرباناً على مذبح الهيمنة..
- صناعة الفوضى.. داعش نموذجا..
- اتهام البنتاغون لمصر والامارات بالتدخل في الصراع بليبيا يمهد ...
- الاستثمار السيء لدماء العراقيين
- دعوة لتفادي حرائق الرجيع العربي
- -داعش- ضربة قاصمة للاسلام كدين للبشرية
- ليبيا تحترق.. رؤية للخروج من الازمة
- ما الذي يجري في ليبيا؟
- إجهاض الانتصار.. الخطف والقتل المتبادل في فلسطين المحتلة كحا ...
- النازحون الليبيون: هل يقضون رمضان في بيوتهم؟
- دعوة لصمت اعلامي في مواجهة الارهاب
- رؤية لتطوير مسار الثورة الليبية.. مقال مسترجع
- المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الانسان يرسم صور سيئة لحق ...
- صنَّاع الظلام
- التدخل العسكري المباشر في ليبيا طعنة في ظهر ثورة الشعب


المزيد.....




- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - خواطر عابرة (2) زنزانة الملل..