أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - خواطر عابرة (5) قوة الفوضى..














المزيد.....

خواطر عابرة (5) قوة الفوضى..


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 4742 - 2015 / 3 / 8 - 23:15
المحور: الادب والفن
    


في طريقي لتسوية مشكل إداري يتعلق بمعاش أسرتي الذي حولته البيروقراطية والفوضى المقيتة في الإدارة الليبية المترهلة، الى سباق شاق ، خاصة لمن لا يملك سيارة، ركبت سيارة نقل عمومي تابعة للقطاع الخاص التي يقودها في الغالب شباب متهورون لا زالوا يعتقدون أنهم هم من أطاحوا القذافي وأنجزوا ما يعرف بثورة 17 فبراير!!.
بعد انتظار ممل بالمحطة للحصول على العدد الكامل من الركاب، قرر الشاب سائق السيارة وتحت ضغط الركاب الانطلاق في رحلته على أمل استكمال العدد الباقي من الطريق.. وفي واحدة من التقاطعات -التي تحولت في غياب شرطي مرور ملم وحازم و في ظل انعدام ثقافة احترام القوانين لدي السائقين، الى مختنقات مأزومة- حاول السائق مخاتلة دورية الشرطة المتواجدة بالتقاطع والتسلل بشكل مخالف، إلا أن أحد أفراد الدورية لاحقه وطلب منه أن يركن السيارة على جانب الطريق ويحضر وثائقها.. رد السائق عليه بأنه لم يرتكب أي خطأ يستوجب توقيفه.. رد الشرطي الملتحي والذي يتكلم من مشرب بندقيته الكلاشن ، بلغة حاسمة : "درِّس وجيب الأوراق ما تكثرش الكلام"!!.. علا صوت السائق أمام هكذا لغة متسلطة ، ورد بلهجة توحي بالثقة في النفس والقدرة على التحدي قائلا بلسان متمهل: "خيرك يا راجل، احنا كلنا ثوار.. كانك لابس بدلة شرطة تعرقلني، ما عنديش أوراق خليتهم في البيت"!!
هنا تدخل الركاب الواقعين تحت ضغط وقتهم الذي تبدده المواصلات الرديئة والفوضوية في طرابلس، مستجدين الشرطي بان يصفح عن أي خطا قد يكون ارتكبه السائق وأن لا يعطلهم عن مصالحهم.. وتدخل السائق من جديد نافيا ان يكون قد ارتكب أي خطأ يستوجب مخالفته.. رد الشرطي من مشرب بندقيته المشحونة بفرص قتل جاهزة قائلا : "أنا شفتك تحاول الاجتياز بطريقة خاطئة وتجاهلت الأمر، لكن شبحتلي شبحة (نظرت الي نظرة) فيها تحدي وهذه لن أفوتها لك.. جيب الأوراق أو نزل الركاب وبنحجز السيارة"!! على صوت الركاب مطالبين الشرطي الموتور بقوة الكلاشن و البذلة الرسمية الموسومة بعبارة "شرطة " ، بان يتجاوز عن هذا الخطأ ويترك السائق يكمل الرحلة لملاحقة مشاغلهم.. أصر الشرطي على موقفه ، وانظم إليه اثنان من زملائه.. أوقف السائق السيارة يمين الطريق، تكدس الركاب عند الباب بين المستجدي والساخط ، سيدة أربعينية حاولت أن تطيب خاطر هذا الشرطي وتفهمه أن دوره هو تسهيل حركة المرور وليس عرقلتها.. اندفع رجل ستيني من الركاب مستجديا الشرطي، الذي يبدو ان استجداء الركاب زاد من غروره، بان يتجاوز عن هذه المخالفة، وان يترك السائق يكمل المشوار ولا يضيع وقت الناس.. كل ذلك لم يفلح في إيقاظ الإنسان في هذا الشرطي، وزاد من تصلبه، وعلت أصوات الركاب بين المستنكر والمستجدي والساخط.. علت الجلبة والصياح.. حضر شرطي رابع أخذ بطاقة السائق وطلب منه الحضور إلى الدورية بعد أن ينجز رحلته.. اقنع الركاب السائق بالهدوء.. على صوت السيدة الأربعينية وقامت من مقعدها لمواجهة ثلة الشرطة متهمة إياهم بعرقلة مشاغل الناس والتخلي عن واجبهم الحقيقي كمسهلين لحركة المرور والعمل على عرقلتها.. واستمر السجال بين الدورية والركاب، وجلس السائق صامتا، فقد تولى الركاب مهمة الدفاع عنه.
بعد أن أفرغ الطرفان -الدورية والركاب- شحناتهم من تضخم الأنا لدى أفراد الدورية والشعور بالقهر لدى الركاب، اقفل السائق الباب وانطلق في رحلته.. تواصلت تبعات المعركة في السيارة بين الركاب المنقسمين إلى فريقين، فريق يلوم السائق على عدم احترامه للدورية، وفريق يلوم الشرطة على نزقها وتسلطها وعرقلتها لمصالح العباد.. مشاهد ومواقف تكشف مدى ما وصلنا له من ترد وتدهور وفوضى على مستوى التفكير ومستوى التعامل، سببه غياب دولة المؤسسات وأجهزة حازمة ومؤهلة لإنفاذ القوانين تمتلك كوادر بشرية متدربة وملمة بالقوانين وطرق التعامل مع الناس.. وهذا لن يتأتى في ظل حكم المليشيات والأحزاب المسلحة التي تدير طرابلس وتغرقها بالمشاكل منذ إطاحة النظام السابق وحتى اليوم..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر عابرة (4) الواقع يخذل العقل!!
- رهاب الضياع يحاصر ذاكرة حسين نصيب
- المحطة السابعة التي لم يطرحها المفكر طرابيشي.
- خواطر عابرة.. (3/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..
- خواطر عابرة.. (2/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..
- خواطر عابرة.. (1/3) يوم دفَنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..
- خواطر عابرة (2) زنزانة الملل..
- وباء الجنرالات يستشري من جديد في ليبيا.
- خواطر عابرة.. (1) أشواق على مذبح العقل..
- بني الجبل انتبهوا.. مستقبلكم في خطر!!
- ألم أقل لكم إنها حرب بلا معنى!!
- أين تجذف إسرائيل
- ديفد هاينز قرباناً على مذبح الهيمنة..
- صناعة الفوضى.. داعش نموذجا..
- اتهام البنتاغون لمصر والامارات بالتدخل في الصراع بليبيا يمهد ...
- الاستثمار السيء لدماء العراقيين
- دعوة لتفادي حرائق الرجيع العربي
- -داعش- ضربة قاصمة للاسلام كدين للبشرية
- ليبيا تحترق.. رؤية للخروج من الازمة
- ما الذي يجري في ليبيا؟


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - خواطر عابرة (5) قوة الفوضى..