عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4873 - 2015 / 7 / 21 - 16:15
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ننطلق في هذا الموضوع من قضية مهمة تفسر نوعية العلاقة التي تربط الدين والدولة مع الإنسان ,أولا هناك مفهوم النسبية في العلاقة بينهما من جهة الدين أو جهة الدولة بأعتبار ما يترتب على الإنسان من نتائج أرتباط أو قبول وثانيا أن كلا المحددين مرتبطين أساسا بوجود الإنسان من عدمه, الدين كما في تكليفاته الأساسيةله شكل علاقة فردية ذاتية بينه وبين الإنسان كهدف ووسيلة وغاية وإن كانت النتيجة الحتمية تتعلق وتصب في تنظيم وجوده مع الأخر ومع المجموع وبالنظر لكون شكل العلاقة أصلا إرشادي وليس مولوي في هذه الجهة ,فالنتيجة تكون دائرة بين الأختيار والخيار والقبول دون أن يترتب على ذلك جزاء مادي بين يحاسب عليه في الوجود الحي .
الدولة في المقابل فكرة تنطلق من حقيقة مرتكزها الجمعي المرتبط والملاصق لفكرة الإلجاء القهري والمحاسبة على الخضوع لقوانينها جبرا, فالعلاقة هنا مع الإنسان ليست علاقة فردية ذاتية أبدا وليس لها مجال في طواعية القبول والرفض لفكرة الدولة ,إنها أفتراض لزمي متحقق بوجود الإنسان المنظم أصلا طالما أن يريد أن يحافظ على وجوده الذاتي ضمن مجموعة يتبادل معها الأثر والتأثر والخضوع والحرية, فهو ليس له حق الأعتراض كما ليس له حق الخروج من العقدية الرابطة بينه وبين الدولة دون جزاء مقابل, أذن المسألة تتبين من خلال تأشير التباعد الحقيقي الذي يستحيل معه الربط بين الدين والدولة على سطح واحد في زمن واحد ومكان واحد إلا إذا تحولت فكرة الدين إلى الخيار الأوحد الملجئ وهذا لا يتم إلا عندما يستنفذ الإنسان كل العلائق والروابط الجمعية ويفشل في توظيفها ولم يبقى أمامه حل إلا أن يكون الدين بديلا عن دستور الدولة وتنزع هيكلية الدولة كمؤسسة لتلبس محلها جبة الدين .
أختلاف المقدمات التكوينية للدين عن نفس المكونات الأساسية للدولة تجعل من الإنسان في محل جمع وعدم تناقض كما يزعم البعض من أن يكون دينيا في دولة ولا أجد بأسا أن يكون حتى قائد الدولة دينيا وحتى من يسطر للدولة دستورها طالما أنه لا يقحم قيمه الذاتية الخاصة في مسألة عامة , كما لا يجوز لصاحب الدولة أو منشيء قوانينها أن يتعامل مع الدين من منطق ومنهج علاقة الدولة بالإنسان ,أي لا يلجأ للوسائل الضبطية والقهرية والنظامية والجزائية ليحول الدين من مشروع عقلي يقيني حر إلى مشروع تجبري سلطوي خارج عن خيار الحرية والقبول الرضائي به ,بل ليس على الدولة أن تشعر بتضايق من وجود الدين طالما أنهما يسيران على سكة متوازية ولهدف واحد هو أن يعيش الإنسان حياته كافضل ما موجود من فرص وخيارات .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟