أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - مقالات ومقولات في : وحدة الوجود. الخالق . الخلق. المعرفة .















المزيد.....



مقالات ومقولات في : وحدة الوجود. الخالق . الخلق. المعرفة .


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 10:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(1)
مقدمة:
إنها حقا مسألة تدوخ فاعذروني!
حين دخل النت عالمنا غمرتنا فرحة لا حدود لها . أقصد نحن الكتاب الذين كنا متمردين على الواقع العربي وحتى البشري، فرحنا نبحث عن المواقع العلمانية التي يمكنها أن تنشر ما تتمخض عنه أفكارنا . شرعنا في الكتابة وإن بحذر خوفا من رقابة ما تترصد ما نكتبه . وبعضنا التجأ إلى أسماء افتراضية . أنا شخصيا لم ألجأ إلى اسم افتراضي إلا في منتدى الملحدين العرب . حيث اتخذت من اسم الإله الكنعاني ( إيل ) اسما افتراضيا لي . ورحت أكتب يوميا إما مقولات مكثفة أو من عدة أسطر أو مقالات مطولة .وأول منتديين اشتركت فيهما هما الحوار المتمدن ومنتدى اللادينيين العرب . كان ذلك عام 1904. منع الأول في سوريا وتعرض الثاني لهجمات ارهابية وما يزال ، فيتغيب ويعود ليستأنف نشاطة . وآخر هجوم تعرض له هذا اليوم 13/7 وما يزال معطلا.
لجأت إلى عمان بعد المأساة السورية ، وفي لحظة ما تذكرت (الحوارالمتمدن ) فرحت أبحث عنه ، حين وجدت أن هامش الحرية في الأردن يتسع للجميع ، وأكثر بكثير من معظم البلدان العربية . ولم أفاجأ حين وجدت أنه مسموح ، فاستأنفت الكتابة فيه .
كنت أحتفظ بمقالاتي في شريط ومقولاتي في شريط آخر . ضاع الشريط الأول ولم يبق إلا الثاني . فقررت أن أضع كل شيء فيه .. لأفاجأ بأنه أصبح يعج بآلاف المقولات والمقالات ، وحين قررت فرز ما يحتويه لأصنفه في كتب ،وجدت نفسي أمام دويخة ليس لها أول من آخر . فحين أختار مقولة لا أعرف في أي مصنف أضعها . وحين راجعت المصنف الحالي قبل نشره رحت أراجع المصنف الذي نشرته قبله لأجد قرابة عشرة مقالات منشورة فيه فما بالكم بالمقولات ؟ . فعدت إلى التشطيب ، على أمل أن لا تبقى فيه مادة منشورة في كتاب آخر . وآمل يا أصدقائي إن وجتم مادة مكررة أن تسامحوني .. وما يزال أمامي الكثير لفرزه . وآمل أن أتمكن من ذلك وأن يتاح لي الوقت . وعوضي لم ولن يعوض عن المقالات التي ضاعت . وألف شكر لمؤسسة الحوار المتمدن التي أتاحت لي الإحتفاظ بالقدر الذي يمكنني الحصول عليه . ويا ليت لدي الوقت لأنضد رواياتي وكتبي التي سبقت النت .
م.ش.
(2)
وحدة وجود :
إلى روح اعظم مفكري التصوف على الإطلاق ، ومؤسس مذهب وحدة الوجود : أبو عبد الله محيي الدين محمد بن علي بن محمد بن العربي الحاتمي . الشهير بابن عربي. طيب الله ثراه .
وإلى كافة الأصدقاء والأحبة الذين يرون أن الفكر الإنساني العقائدي منه والفلسفي ، اجتهاد معرفي في فهم الخالق والخلق ، لم يصل إلى حقيقة مطلقة. وإلى كافة الأصدقاء الذين لا يعتقدون بذلك ايضا !
***
أحسست بدنو أجلي على أثر ورم في فمي ، لم يكن أكثر من التهاب حاد في اللثة مبعثه ألم في سن ، فقررت مواجهة المطلق الأزلي " الله " بكلماتي الأخيرة في حقه ، التي توصلت إليها عبر قرابة خمسين عاما من البحث عنه ، فكانت هذه القصيدة :
إما أنت أو لا أحد !!
أحسست بدنو الأمد
وأنا الوحيد دون أحد
هتفت باسمه من عمق الجراح
مثل لي بجلال مقتصد
همست: هل لي ببوح يعتمد؟!
قال : قل ما لم يسمعه أحد !
وأكمل رسالتك
فلن تعيش إلى الأبد .

قلت : أشهد أن لا إله إلا أنت
إنك " الواحد الأحد "
وإنك " الله الصمد "
وإنك " لم تولد ولم تلد "
" ولم يكن لك كفوا أحد "

قال: لقد قيل هذا من قبل !

أضفت : وأشهد أنك الطاقة
السارية في الخلق
فإما أنت أو لا أحد !
وأن الإنسانية حبيبتك
وإنها إليك تستند
وأنت عليها تعتمد !
عشق الأحبة متبادل
بنبض القلوب
وآهات الروح
ورعشة الجسد

لا يكتمل الحبيب إلا بالحبيب
فلا اكتمال بحب منفرد
سعي الخلائق إلى الكمال
بسعي الخالق يتحد
فإما كمال يعم الخليقة
وإما انتهاء إلى الأبد !!

قال: أحسنت إذ اجتهدت
فالإجتهاد حق معتمد
فانا في الهي والنحن والهم كنت
والهي والنحن والهم والكل
في أناي تتحد
فلا معزل لفرد عن كل
ولا معزل لكل عن فرد

تنزهت باسمي " الله "
ولا تنزيه غير ذلك يعتمد

انا في الهيولى البدئية كنت
دون أن يكونني أحد
أوجدت نفسي بنفسي لنفسي
دون أن أدري ما الغاية
وما القصد ؟!

وبقيت دهورا كامنا
لا أدري إن كنت أدري
ما اريد ، وما لم أرد
كجنين في رحم أم
غافل عما يستجد

إلى أن ضاق بي الكمون
وضقت به ، فانفجرت ،
محطما جدران الهيولى
التي عنها انبثقت
لأنتشر في كون شاسع
حدوده لا تحد

ولينبثق معي الخلق
كائنا من رحم المهد

فكل كائن كان في
وفي كل كائن كنت
فأنا الكينونة دون حد
وآفاقي لا تحد

فليس للحد مني حد
ولا حد حيث كنت
انا " الله " أل بلا حد
لا غنى للخليقة عني
ولا غنى لي عن الخليقة
فنحن الواحد في الكل
والكل في الواحد يتحد !

30/ 3/ 2012

(3)
وحدة الوجود في المفهوم الحديث المعاصر
حسب محمود شاهين ( أنا ) !!!!
مذهب وحدة الوجود الحديث مذهب صوفي مادي روحي ( المادية الروحية )
أقامه محمود شاهين ( هو ) !! على مذهب ابن عربي في وحدة الوجود منذ أكثر من عقدين ، حين كتب ملحمتيه الأدبيتين ( الملك لقمان ) و( غوايات شيطانية ) وحين أقام معرضه التشكيلي الأول في المركز الروسي في دمشق عام 1995 تحت عنوان ( المعرض التجريبي الأول لمدرسة الصوفية الحديثة ) . وقد طور شاهين ( نحن ) !! مفاهيم هذا المذهب إلى حد ألغت معظم مفاهيم ابن عربي وخاصة في ما يتعلق بمفاهيم الخلق والخالق والحساب والعقاب والعبادة والخلود والموت والحياة والقيامة والجنة والنار . ونشر شاهين ( هم ) !! أكثر من ألف مقال وخاطرة ومقولة على شبكة النت ، تتحدث عن فهمه وفلسفته ، تابعها واطلع عليها مئات الآلاف من محبي الفكر ..
ونورد هنا ملخصا لمفهوم هذا المذهب ، دون أن يغني ذلك عن معظم ما كتبه شاهين حوله :
1- الخالق : طاقة سارية في الخلق كله . لم ينزل تشريعات ولم يرسل أنبياء .
( تفهم الأنبياء على أنهم عرفوا دورهم في المجتمعات بأن يكونوا أنبياء ، فكانوا ، أي هم من قرروا أن يكونوا أنبياء وليس الطاقة الخالقة )
2- الطاقة طورت نفسها بنفسها عبر مليارات السنين من المادة التي وجدت فيها ،وما زالت تتطور لتصل إلى كمال ما غير معروف بالضبط . ولهذا فالخلق غير كامل حتى الآن .
3- الطاقة وجدت مع المادة الأولى منذ أن وجدت ( الهيولى البدئية ) لا قبل ولا بعد ، أي لم تأت من عدم ، إذ لم يكن هناك عدم ولن يكون .
4- الطاقة لا تنفصل عن المادة والمادة لا تنفصل عن الطاقة ، فكل مادة تتحول إلى طاقة إذا ما تحركت أو انطلقت أو تفاعلت بسرعة معينة ، والطاقة تتحول إلى مادة
كلما أبطأت من سرعتها .
5- الوجود مكون من مادة وطاقة ولا شيء غير ذلك .
6- المادة أبدية لا تفنى .
7- الوجود واحد وليس وجودين ( خالق ومخلوق ) طاقة ومادة ولا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى .فالوجود المادي تمظهر للطاقة ولا شيء غير ذلك .
8- الكائنات تخلق نفسها بنفسها بفعل الطاقة الناجمة عن العناصر المادية الأولية التي توفرت لها .
9- الطاقة الناجمة لم تنجم إلا بفعل الطاقة الكلية السارية في المادة .
10 – عملية الخلق بحد ذاتها هي غاية وكل ما ينجم عنها له غاية أيضا هي أن يكون خالقا بدوره.( أي أن الغاية من خلق البشر هي أن يكونوا خالقين )
11- عملية الخلق تكاملية بين الخالق والمخلوق ،( أي بين الطاقة والمادة )
فلا خالق دون خلق ولا خلق دون خالق فهما كل واحد لا يتجزأ .
12- الطاقة الخالقة هي الذات الكلية السارية في الكون والكائنات .
13- كل كائن يحمل بحد ذاته طاقته الخاصة ( ذاته) غير المنفصلة عن الذات الكلية ، دون أن يكون هو الذات الكلية . وليس من حق أي كائن أن يقول : أنا الذات الكلية ، أو أنا الطاقة الخالقة ، أو أنا الله . حسب ما كان يقول بعض المتصوفه .قد يجوز ذلك للوجود كله !!
14- مفردة الله مفردة لغوية أوجدها البشر باختراعهم اللغة ولم توجدها الطاقة الخالقة . وليس هناك أي مانع من إطلاقها على الطاقة الخالقة ، أو الذات الكلية ،
كونها مفردة شمولية تعبر عن الطاقة القائمة بالخلق والسارية فيه .
15- كل ما تفكر فيه الكائنات وفي مقدمتها الإنسان لا ينفصل عن العقل الكلي (الكوني) للذات الكلية ( الطاقة الخالقة ) الله إن شئتم . ولذلك لا يذهب كل فكر سدى
بموت الإنسان . فهو مخزن في العقل الكلي للإفادة منه وتوظيفه في الخلق القادم .
لتحافظ عملية الخلق على تطورها ولا تعود إلى الصفر في حال حدوث كوارث طبيعية أو غير طبيعية قد تدمر الحياة وخاصة على كوكب الأرض .
16- كل ما يصدر عن الكائنات مهما كان صغيرا لا يتم دون وجود الطاقة السارية
في الكائن .
17- الطاقة الخالقة الكلية ليس لديها جنة ونار ولا تحاسب ولا تعاقب ولم تنزل تشريعات وقوانين ولم تحلل ولم تحرم ، فالحساب والعقاب والتشريعات مسائل
تخص المجتمعات وهي من ينفذها ولا علاقة للطاقة الخالقة بها .
18- بما أن الخلق جميل فغايات الخلق ودون أي شك تنشد قيم الحق والخير والجمال ، ولا يمكن أن يكتمل الخلق دون أن تتحقق قيم الحق والخير والجمال
على وجهها الأكمل .
19- جهنم والحساب والعقاب ليست قيما ولا تتناسب مع اية قيم رحمانية جمالية .
20- الجنة هي الكوكب الذي نعيش عليه إما أن نحيله إلى قيم خير وحق وجمال
أو نحيله إلى جحيم كما يحدث الآن .
21- العبادة . مسألة تخص الإنسان بينه وبين نفسه وبينه وبين خالقه ولا يمكن تكريسها إلا بالعمل الصالح والتأمل العميق في الوجود .
22- الفكر الإنساني كله فكر اجتهادي لم يصل إلى حقيقة مطلقة بما فيه فكر محمود شاهين ( أنا الباحث عن الحقيقة ) !
. جزيل شكري لكل من يمر على هذا الكلام .
م. ش. 26- 9 - 2014

(4)
ألحياة والموت !
القدرة : المادة . الطاقة . الحقيقة . الروح . المطلق الأزلي . الخالق . الله.
الكون .الوجود. الغاية من الوجود ، وبشكل خاص وجود الإنسان .
أسئلة مقلقة تحاصر الإنسان منذ أن وجد قبل ملايين السنين وحتى اليوم .. دون أن يصل العقل البشري إلى إجابات قاطعة ، وحقائق مطلقة حولها ، فاستسلم معظم البشر إلى قناعات وإجابات
نسبية تشكلت لديهم حسب مفاهيم أسلافهم في عصور سابقة ، وأركنوا إليها.
أسئلة كثيرة قد تطرحها مفردات العنوان أعلاه ، مع أن معظمها يعبر عن مدلول واحد عبرت عنه البشرية بتعابير مختلفة ، كما أن معظمها يتداخل مع الآخر ويتقاطع معه ، فلا مادة دون طاقة ، ولا طاقة دون مادة ، ولا حياة دون موت ،ولا موت دون حياة ،ولا خلق دون خالق ، ولا خالق دون خلق ،ولا وجود دون غاية ، ولا غاية دون وجود .. لا أحد يمكنه أن يتصور خالقا دون خلق ، فلن يكون هناك إلا العدم ، والعدم ليس خالقا .فالخالق يتجلى بخلقه ، والخلق يتجلون بخالقهم . فإذا كان الوجود مكون من مادة وطاقة فإن الخالق يكمن في المادة والطاقة ،وقد يكون هو المادة والطاقة ولا شيء غير ذلك ، ولا تنسو أن تجلي الوجود بما فيه تجلي الكائنات الحية والبشر في مقدمتها هو تجل للمادة والطاقة . فوجودنا مادي وفعلنا طاقة . ما المقصود هنا بالفعل الطاقوي ، إنه الحياة السارية فينا ، أي الطاقة .
لندخل في الموت .
سبق وأن تحدثنا عن ضرورة الموت ، وعن الخالق والغاية من الخلق ، وأن عملية الخلق تكاملية بين الخالق والمخلوق ، وأن لا شيء منفصل عن الآخر . فالطاقة تسري في المادة
وتتفاعل معها ، والمادة تسري في الطاقة وتتفاعل معها . وسنخصص هذا المقال للموت ولماذا الموت وما يجري بعد الموت .
سبق وأن تساءلنا: ماذا لو لو لم يكن هناك موت ؟ أين ستعيش مليارات الكائنات بما فيهم البشر،
هل سيحيون فوق بعضهم بعضا ، ثم هل سيوجد غذاء يكفيهم ؟ ثم هل تظل الأرض خصبة وقادرة على انتاج غذاء للجميع . مستحيل ! إذن الموت ضرورة حتمية لكل الكائنات الحية .
ضرورة لتستمر الحياة في توازنها ، فدون هذا التوازن ستدمر الحياة .
والموت ضرورة للكائن الحي الأكبر، مبعث الحياة كلها : الأرض !! من الأرض جئنا ، وإلى الأرض نعود ، نعود إلى التراب المقدس ، نعود إلى المنشأ الذي جئنا منه . والأرض في حاجة إلى غذاء دائم لتظل قادرة على العطاء ،والغذاء هو أجسادنا وأجساد الكائنات . كما تحافظ الأرض على بقائها وتوازنها بأن تتنفس بالبراكين والينابيع والزلازل ، حتى لا تتفجر وتدمر الحياة ، تحتاج إلى غذاء لتستمرفي العطاء .وليس لها غذاء مادي يمنحها طاقة جديدة إلا أجساد الكائنات ، لتستمر دورة الحياة .
حين يموت الإنسان . نقول : طلعت روحه ! فاضت روحه ! مات ! ماذا يعني فاضت روحه أو طلعت روحه أو مات . يعني ببساطة أنه لم يعد فيه حياة . فالروح هي الحياة ، الطاقة ،القدرة على الفعل ،ولا شيء غير ذلك . الطاقة توقفت عن الفعل . وكي أسهل الفهم للإنسان العادي سأستعمل تعبير الحياة . توقفت الحياة في جسد الإنسان بالموت ، لكن الحياة موجودة في الكائنات الأخرى كلها، وفي الكون والفضاء المحيط بنا كطاقة . إن موت الحياة في الإنسان
مقارنة بالحياة في الوجود هي كمن يأخذ قطرة ماء من محيطات وأنهار الأرض ويرشها على الشاطىء.
هذا الإنسان الميت مستمر كمادة وطاقة في خلفه : أولاده . ومستمر كمادة بجسده في التراب .
جسده الذي سيكون مادة غنية لإثراء التربة القادرة على انتاج طاقة خلاقة . ومن الأفضل أن لا يوضع جسد الإنسان على التراب مباشرة لكي يتحلل في التربة ويختلط معها .. فالدود الذي ينشأ بعد فترة وجيزة في الجسد بتأثيرالطاقة الناجمة عن تفاعل مادة الجسد بمادة الأرض ، يساعد على نقل وتسرب المادة والطاقة في التربة . ولا يتخيلن أحد أن الطاقة السارية في الأرض منفصلة عن الطاقة السارية في الكون . المادة الكونية متصلة ،والطاقة الكونية متصلة ،حتى وإن تشكلت المادة من ذرات متناهية في الصغر.
وماذا عن هذا الإنسان الذي مات وتحول جسده إلى مجرد غذاء للتربة . فهل إذا كان عالما أو مفكرا يذهب فكره أدراج الرياح ؟! أبدا . لقد سبق وأن تحدثنا عن العقل الكوني الذي ترتبط به عقول البشرية كلها ، فإضافة إلى التوثيق البشري الذي يقوم به الناس هناك التوثيق الكوني الذي يقوم به الخالق ، أو الطاقة الخالقة إن شئتم . فإذا كان الإنسان عظيما فإن فكره سيخلد للإفادة منه في تطوير الخلق. وإذا كان حمارا فعوضه على الخالق ، يكفيه أنه عاش الحياة وربما كان ثريا وتنعم بها ..
أظن أنني أطلت .. وهناك مسائل كثيرة لم نتحدث عنها .. أهم شيء ينبغي أن يدركه الإنسان أن الإنسان الكامل والخلق الكامل لم يوجدا بعد ،وأن عملية الخلق وتطويره مستمرة إلى ما لا نهاية ، وقد يأتي إنسان في عصر ما له ثلاثة عيون ، وعقل أكبر من مليون عقل في زمننا !!
محبتي أصدقائي .. لا تنسوا أن فكري اجتهادي وليس حقائق مطلقه ، أي أنه يحتمل الخطأ والصواب .. فأنا كما يعلم الجميع لست نبيا لأقول أن كلامي حقيقة مطلقة !!

(5)
شاهينيات الفصل (70)
( 965) حقيقة إنها مسألة تجنن فلا تجنوا !
حلمت أنني فيلسوف في لقاء حشد من البشر اجتمع ليستمع إلى محاضرة لي عن الخلق والخالق والغاية من الخلق ، بعد أن قرأ معظم هؤلاء الناس مقولات ومقالات لي على شبكة الإنترنت وضعتهم في حيرة من أمرهم ، وجعلتهم يشكون في كل ما عرفوه خلال حياتهم من معرفة .
دعوت إلى الإجتماع على قمة هضبة فسيحة لكي ننعم بأشعة شمس ربيعية منعشة . فاجأت الجماهير بعدم وجود محاضرة . فما أن رحبت بالناس حتى استسمحتهم أن أطرح عليهم سؤالا .. تهامست أصوات :
( هل جمعنا هذا المجنون ليطرح علينا أسئلة أم ليحاضر فينا ؟)
وثمة أصوات ربما عرفت أن وراء سؤالي قد يكمن ما هو مريب فتعالت : اسأل اسأل .. فسألت :
" هل تعرفون الكهرباء ؟"
تعالت ضحكات وهمهمات وتذمرات وأصوات :
هل دعوتنا لتسألنا أسئلة سخيفة كهذه ،من منا لا يعرف الكهرباء التي لا يمكننا الحياة دونها ؟! فهي عصب كل شيئ في حياتنا من الإنارة إلى تشغيل أخر الأدوات والأجهزة والسيارات والطائرات والقطارات ..
أعلن الجميع أنهم يعرفون الكهرباء ، بل إن أحد الحاضرين نهض وتحدث بصوت عال معلنا أنه يعرف الطاقة الكهرومغناطيسية أيضا ، وكاد أن يشرع في محاضرة عنها ، لولا أنني أشرت إليه أن هذا ليس موضوعنا ..
شكرت الجمهور على حسن الإستجابة والإستماع وطرحت سؤالي الثاني :
" حسب رأيكم هل تعرف الكهرباء الضوء " ؟!
تعالت تأوهات وهمهمات وهمسات وتساؤلات ودبت فوضى من الهرج والمرج . وبدا واضحا أن أحدا لم يصل إلى إجابة حاسمة ، بل إن معظم المتهامسين كانوا يهمسون بأن الكهرباء لا تعرف ، وأن المعرفة ليست من شأنها .
رفعت يدي لإسكات الناس . ورحت أحرضهم على التفكير بأن قلت :
" من منكم لا يتخيل أن الكهرباء لا تستطيع أن ترى نفسها متجلية في تمظهرها في ثريات تزين سقوف الصالونات وقاعات المسارح والمساجد والكنائس وساحات وشورارع المدن "
وظل الجمهور ساكتا، وراغبا في أن أتابع أنا الكلام بعد أن وضعته أمام سؤال تصعب الإجابة القاطعة عنه ، فثمة إمكانية ولو ضئيلة في أن تكون الكهرباء لا تعرف الضوء وحسب بل تعرف كل ما تتمظهر فيه ، حتى أن أحد الحضور نهض وقال " أنا لا أستطيع أن أجزم أن الطاقة الكهربائية تتيح لنا أن نرى سيقان الجميلات على شاشة التلفاز بينما تحرم هي نفسها من هذه الرؤية ولا حتى تعرفها "
وقال آخر : هي ترى برؤيتنا نحن، نحن نرى عن الكهرباء فترى برؤيتنا !!
وبدا الجمهور في حيرة من أمره . وأدرك أنني جررته إلى مسألة معقدة ..
رفعت يدي وطلبت إليهم أن يفكروا في ما سأقوله لأنه موضوع محاضرة اليوم .
شعرت أن الجميع تحولوا إلى مجرد أذن تصيخ السمع :
هتفت بحماس انفعالي في محاولة خبيثة مني لأجعلهم يصفقون حتى دون أن يفكروا في ما سأقوله :
" إذن في مقدورنا القول أن الكهرباء لا تعرف الضوء لكن لا يمكن للضوء أن يتم دونها "
ولم أفاجأ حين هب الجميع وقوفا وشرعوا في التصفيق . ولو أن بعضهم عرفوا إلى أين سأقودهم لما نهضوا ولما صفقوا ولطالبوا بشنقي . وتنبه بعض المارة إلى ما يجري فتجمعوا من حول الحشد جلوسا ووقوفا ..
وما أن هدأ الجميع وعادوا إلى جلوسهم حتى أكملت .
كلنا نتفق على أن وراء الخلق خالق بغض النظر عن المفاهيم البشرية العقائدية والفلسفية للخالق التي قد لا نتفق على معظم ما جاء فيها . ومعظمنا يتفق على أن الخالق لا بد أن يملك قدره ، لكي يتمكن من عملية الخلق ، والقدرة هي الطاقة ، أي أن الخالق لا بد وأن يكون قدرة وطاقة ،كما هي الكهرباء قدرة وطاقة ، ومع ذلك لا تعرف الضوء ، وبناء عليه يمكننا القول :
" إن الطاقة الخالقة السارية في الكون لا تتكلم ولا تعرف لغات ومع ذلك لا يمكن أن يتم كلام دونها ، وأن يتم تأليف لغة دونها وأن يتم تأليف كتاب دونها وأن يتم غناء دونها، وقيسوا على ذلك "
قامت قيامة الجمهور . المؤيدون يصفقون بحرارة . والمعارضون شرعوا في الهتاف معا : ملحد . مرتد . سنعلق مشنقتك . بل واندفع بعض الملتحين من بين الجمهور وقد أشرعوا سكاكينهم .. ولحسن الحظ كان ثمة شرطة في المكان فأحاطوا بي ، فيما هرع بعضهم وألقوا القبض على مشهري السكاكين .
بعد قرابة ربع ساعة من الضوضاء توقف الناس عن الهرج والمرج وأنا ما زلت واقفا في انتظار أن أفجر قنبلة ثانية لا أعرف ما هي عواقبها . ولا أنكر أن أعصابي اهتزت ورحت أشعر بارتجاف يجتاح كياني ،ومع ذلك تمالكت أعصابي وأكملت بصوت مرعد تردد صداه من أرجاء المكان :
" الطاقة السارية في الخلق وإن شئتم أسموها ( الله ) لا يعرف ما هو الخلق ، ومع ذلك لا يمكن للخلق أن يتم دونه ، ولا يعرف ما هي قيم الحق والخير والجمال ،ومع ذلك لا يمكن لهذه القيم أن تتحقق دونه "
تعالت أصوات كأنها انفجارات : فاجر : ملحد : زنديق ! وثمة صوت هتف من بين الجمهور مدعيا أن فلسفتي مثالية وأن هؤلاء (يقصد المعارضين ) حمقى فليس خلف الوجود شيء لا طاقة ولا قدرة ولا إله ولا أي شيء !
وما أن هدأ الضجيج وتصفيق المؤيدين . حتى شكرت الجمهور على حضورهم واستماعهم،معلنا لهم أن كلامي فلسفي اجتهادي وليس حقائق مطلقة ، وأن الحقيقة المطلقة لم يعرفها العقل البشري بعد . لكن وقبل أن أنزل من مكاني الذي كان مرتفعا نسبيا .. أحسست برصاصات تخترق جسدي ، تبعهاأصوات طلقات أخرى اتجهت نحوي واخترقت جسدي وأنا أتداعى لأسقط على طولي ودمائي تخضب المكان .وبالكاد حتى شاهدت شبح حسناء بدت لي كأنها حورية .. تنحني علي وتولج يديها تحت جسدي وتحملني في محاولة لإسعافي ... وأنا الآن على سرير في مستشفى ما وأظن أنني ميت !!
(6)
شاهينيات الفصل (91) اعثر على الله في قلبك فقد تكون إلها وأنت لا تدري !
* ( 1026) حين لا يكون هناك إله فليس ثمة إلا الله !!
من يذكر حلمي في الفصل ( 70 ) ورقم (965) الذي حمل عنوان (حقا إنها مسألة تجنن فلا تجنوا) الذي حلمت فيه أنني فيلسوف يلقي محاضرة عن الله استهلها بسؤال عما إذا كانت الطاقة الكهربائية تعرف الضوء لينتهي إلى أن الله طاقة خالقة سارية في الكون والكائنات لا تعرف الخلق لكن لا يمكن للخلق أن يتم دونها ! والتي انتهت ( المحاضرة ) باغتيالي بإطلاق النار علي لأموت على سرير في مستشفى .
كان ذلك في الحلم ، وحين صحوت من الحلم وجدتني حيا بل ومع هذه الحسناء التي حلمت أنها حملتني وأسعفتني ،ولا أعرف فيما إذا دخل حلم جديد على حلمي الأول أم أنني في اليقظة ، الغريب أنني كنت على سرير فعلا لكن لا أعرف إن كان في مستشفى أم في جنة !، وكي أتأكد ضممت رأس الحسناء إلي وأخذت قبلة من رأس الخد أي مما يسمونه الوجنة ،وقبل أن أغرق في التمتع بطعم القبلة أدارت الحسناء وجنتها الثانية وضمت رأسي إليها لإطالة مدة القبلة ، وقبل أن أقرر أمرا ما آخرأبعدت وجنتها والتهمت شفتي بينما أنا في العادة أكون الملتَهِم وليس الملتَهَم .. لا أعرف كم طال الإلتهام فقد امتد لالتهام الألسن ودورانها حول بعضها في رقصة عسلية .. ونزولا إلى تبادل تقبيل العنقين وشم عبق عطرهما.. وحين أشرعت نهدا بحجم ظلف الرشا وألقمتنيه بدأت أشعر أنني دخلت في حالة من الفناء في ذاتها فيما ذابت هي كلها وحلت في ذاتي ، فلم أعرف هل أنا أنا أم هي ،وهل هي هي أم أنا .. لقد أصبحنا كلا واحدا لا يتجزأ غارقا في نشوة المطلق !
لا أعرف كم طالت الحالة .. لكن وحين فرغنا من التوحد وعدنا إلى التفرد أدركت أنني في حلم جديد . وأخبرتني حبيبة قلبي . أن ثمة جمهورا ينتظراللقاء بي وطمأنتني إلى أن هذا الجمهور كله من جمهوري ولن يطلق أحد النار علي كما في المرة السابقة ،كما لن تشرع سكاكين علي .
خرجنا من البناء الذي تبين لي أنه ليس مستشفى بل فيلا ضخمة .. سرنا في حديقة تتضوع برائحة الزهور وحبيبة قلبي الحسناء تمسك بيدي ،وتمنيت في سري أن لا ينتهي هذا الحلم فقد قرفت حياة الكرة الأرضية كلها ، وكي أتأكد من أنني لست في الكرة الأرضية حقا سألت حبيبتي منقذتي أين نحن ، فقالت أننا في قصرها وأنه ليس على الكرة الأرضية بل في السماء . لم يعد الكون قادرا على وسع فرحتي .اقتربنا من بناء ضخم قالت لي أنه اوبرا . أدخلتني إلى قاعة كبيرة جدا احتشد فيها بضعة آلاف من البشر . وما أن دخلنا حتى نهض الجميع وشرعوا في التصفيق .رحت وحبيبتي نحيي الجمهوربأيدينا دون أن ننحني . وما أن توقف التصفيق حتى قدمتني حبيبتي التي لا أعرف حتى الآن ما هي ، أقصد إنسية أم ملائكية ؟
قالت : أحبتي أبناء السماء . اترككم مع حبيبكم الذي حيركم بكتاباته لتسألوه ما تشاؤون .
يختلف حبيبكم عما ألفتموه من مفكرين وفلاسفة ومتصوفة بأن كل ما يقوله يدرك أنه اجتهاد
وليس حقائق مطلقة . وأن الحقيقة المطلقة لم يعرفها أحد بعد لا أبناء الأرض ولا أبناء السماء .
وتركت حبيبتي المنصة لي لتجلس على كرسي إلى جانبها . اعتليت المنصة ورحبت بالجمهور ،وحين ألقيت نظرة نحوحبيبتي لأطلب إليها إدارة الجلسة احترت ماذا أخاطبها ، ولا يمكن لأحد أن يتصور مدى دهشتي حين هتفت باسمها " نور السماء " إنها حبيبتي وزوجتي وملكتي في ملحمة "الملك لقمان " الممنوعة في بلاد العروبة ! وددت لو أترك المنصة لأهجم عليها وأعانقها من جديد . لكني تمالكت أعصابي . شرعت الملكة في إدارة الجلسة . رفع كثيرون أيديهم . اختارت الملكة فتاة . سألت : ماذا تقصد بقولك :
- يكون الله حيث لا يكون ، أو حين لا يكون هناك إله فليس ثمة إلا الله ، أو : وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك وجدت نفسي أمام نفسي ؟!!
* شكرا للسؤال الذي يحتاج ربما إلى مجلد للإجابة عليه ،ومع ذلك سأحاول قدر الإمكان . لو أنني صغت العبارة بشكل آخر وقلت لك : يكون الله حيث لا تظنين أنه يكون . هل ستفهمين شيئا ؟
- أجل هكذا سأفهم أنه موجود في أماكن كثيرة وليس في السماء فحسب .
* أجل يا عزيزتي الله موجود في قلبك وفي كل خلية من جسدك وأنت بدورك موجودة في قلب الله !
- وهل لله قلب ؟
* قلب الله هو المصدر الذي تصدر عنه قلوب الكائنات كلها مع أنه ليس قلبا كالقلوب إنه الطاقة التي تبدع القلوب والخلق كله .
*العبارة الثانية يقصد بها من يعتقدون أنه لا يوجد خالق أو إله ، فهم حين يصلون إلى هذا الإعتقاد ألذي يعتبره الناس إلحادا، يكونون قد وصلوا إلى مكونات الكون وهما المادة والطاقة ،وما الله إلا طاقة نتجت عن مادة ومادة نتجت عن طاقة . لقد بلغوا الإيمان المطلق لكنهم لا يدركون ذلك . لهذا من الجائز االقول إن الله ليس الطاقة السارية في الكون فحسب بل مادة الكون أيضا أي الوجود . ومن هنا جاء مذهب وحدة الوجود.
*أما العبارة الثالثة فهي تتعلق بي بعد أن أمضيت العمر بحثا عن الله . وفي لحظة من التأمل العميق والفناء في المطلق تجلى الله لي في شخصي فلم أر إلا نفسي ،ومنذ ذلك اليوم وأنا أدرك أن الله في نفسي وفي قلبي كما هو في قلب ونفس كل إنسان . ولهذا قلت : ابحث عن الله في قلبك وفي نفسك فإن لم تعثر عليه لن تعثر عليه على الإطلاق . وأضيف اليوم وربما أضفت ونسيت : لن تعثر عليه حتى لو أمضيت عمرك تصلي مائة مرة في اليوم . فالله لا يوجد بالصلوات ولا بالمعابد ولا بالكنائس ولا بالمساجد ولا بالتدين بل بالمحبة والعمل وتحقيق قيم الخير والعدل والجمال . وإياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تفكروا أن الله يعذب ولديه جهنم وجنة .. الله يسمو فوق العذاب فلا تسيئوا إليه . الله محبة وخير وعدل وجمال وخلق وإبداع . ولا أي شيئ يتناقض مع هذه القيم .
* المحبة كنز الألوهة فأين هي في عالم اليوم الأرضي ؟
* اطعام فقير خير من ألف صلاة . وإنقاذ غريق عبادة عمر . وإسعاف جريح ينزف عبادة دهر .
* إن آلمك ألم الآخرين وأمضيت عمرك في عمل الخير والمحبة والعطاء والعمل المثمر والإبداع الخلاق ، فأنت حزت على حصتك من الألوهة وأصبحت شريكا فيها .
ونهض شاب وسأل :
- هل وجود الله حقيقة مطلقة خاصة وأن سيادتك لا تعترف بحقيقة مطلقة ؟!
* إذا افترضنا أن الله حقيقة مطلقة انطلاقا من وجود خلق موجود تشهده البشرية فإننا لا نستطيع حتى أن نفترض أن العقل البشري توصل إلى معرفة جوهر هذه الحقيقة كحقيقة مطلقة .. وأنه ما زال يحبو..
- وماذا عن مذهب وحدة الوجود كما تفهمونه، هل هو حقيقة مطلقة ؟
* مذهب وحدة الوجود الحديث ،أو الصوفية الحديثة ، أو المادية الروحية ، مذهب فلسفي صوفي لا يسعى إلى اثبات وجود الله أو نفي وجوده بقدر ما يسعى إلى وجود قدرة أو طاقة قائمة بالخلق الواحد والوجود الواحد ، أي ليس هناك وجودان ، خالق ومخلوق ، فالجميع خالقون والجميع مخلوقون ، هذا هو المبدأ الأساس ، لكن إن أراد أحد من الوجوديين أن يعتبر أن الوجود هو الله أو تمظهرلطاقة الخلق ، فليس في المذهب ما يمنع ذلك ،والأمر نفسه ينطبق على الطاقة الخالقة بين من يعتبرها إلها ، أو يعتبرها مجرد طاقة سارية محايدة وليست إلها ، لكن لا يمكن للخلق أن يتم دونها . وهذه الفلسفة لا تدعي الحقيقة المطلقة لكنها تعتبر نفسها اجتهادا متقدما ومعاصرا للفكر الإنساني ، بل ومطورا لمذهب وحدة الوجود من ابن عربي إلى سبينوزا وغيرهما من المتصوفة الذين آمنوا بهذا المذهب .
ونهضت حبيبة قلبي الملكة نور السماء واقترحت انهاء الجلسة على أن يتبعها جلسات أخرى , وهكذا فضت الجلسة بتصفيق حارلم أشهده من قبل .
كنت في شوق للقاء حبيبتي التي ظهرت لي في شخصية جديدة في غاية الجمال بعد أن فارقتها لأكثر من عشرين عاما .. وتركتها سجينة صفحات ملحمة " الملك لقمان " التي حرم الشعب العربي من قراءتها إلا من مئات النسخ وزعت في سوريا ولا أعرف إن دخلت إلى بلدان أخرى ، كما هي الحال مع زميلتها "غوايات شيطانية "
ما أن جلسنا على أريكة حتى راحت تعانقني وتعاتبني على هذا الفراق المديد . رحت أعانقها وأعتذر منها واعدا إياها أنني لن أفارقها بعد اليوم !
*******
(7)
(92) في الخالق والخلق !
* ( 1027) تكامل الخلق بين الخالق والمخلوق !
رأتني الملكة نور السماء جالسا على الأريكة مطرقا بصمت شديد . دنت مني وقبلت صلعتي ، ثم احتوتني إلى حضنها وهمست :
" كأنك متخوف من محاضرة الليلة يا مليكي الحبيب "؟!
أدركت أن الملكة بمخاطبتي " مليكي الحبيب" أعادتني إلى شخص"الملك لقمان" الذي تخيلته من قبل :
" أجل حبيبتي متخوف من ألقي محاضرة عن الله في مليون انسان من أبناء السماء ، ستنقلها المحطات السماوية وربما الأرضية كلها "
" حبيبي هؤلاء أصحاب عقول منفتحة لا تنغلق على ما فيها ثم إنهم لا يشهرون سكاكين ولا يطلقون نارا ، ولا يملكون أسلحة ، والسكاكين لا يستخدمونها إلا في المطابخ .. وشعارهم في الحياة هو : محبة . عمل . ابداع . خير . جمال . عدل ، إنها القيم التي تؤمن بها أنت وكل انسان نبيل سواء من أبناء الأرض أو أبناء السماء فلا تخف حتى لو كانت محاضرتك ليست على المستوى المطلوب "
نمت شفتاي عن ابتسامة طفيفة وضممت رأسها إلي وقبلتها على خدها لأمنح نفسي شيئا من الطاقة .
" هيا اذن "
خرجنا . قادتني إلى بناء ضخم فائق الجمال .
دخلنا إلى صالة دائرية فسيحة جدا مؤلفة من عدة طوابق كل طابق علوي ينحسر عن الآخر بضعة أمتار وكلها تعج بالبشر . بدت لي كعشرات مدرجات لملعب كرة قدم يعلو أحدها الآخر . وأدركت أنه ينبغي علي وأنا أحاضر أن ألتفت إلى كل الإتجاهات وأن أنظر حتى إلى أعلى .
هب الجميع وقوفا وشرعوا في التصفيق .
وقفنا أنا والملكة بضع ثوان إلى أن توقف التصفيق .
قدمتني الملكة بما صعقني وأخرجني تماما من شخصيتي الشاهينية :
أقدم لكم حبيبكم حبيب الله جلالة الملك لقمان في محاضرته الجديدة : تكامل الخلق بين الخالق والمخلوق .
وتمنيت لو أن الملكة أبقتني على شخصيتي الواقعية ولم تحلق بي في أحلام ماتت من عشرين عاما !
أعاد الجمهور التصفيق فيما رحت ألوح بيدي وأستدير إلى كل الإتجاهات ، فيما انحدرت الملكة عن المنصة وجلست في الصف الأمامي المستدير .
توقفت عن التلويح بيدي . توقف الجمهور عن التصفيق . كان هناك مئات الميكروفونات ومئات الكاميرات المحيطة بخشبة المنصة ، والتي تلتقط صوتي وصورتي وتبثهما إلى المدرجات وإلى الكون .
رحبت بالجمهور بأربع كلمات فقط :
" أهلا ومرحبا بكم أحبتي "
ثم أطبقت بكفي على بعضهما وأسندتهما إلى فمي وأنفي للحظات متفكرا وصمت مطبق يلف المدرجات كلها . وما لبثت أن شرعت في الكلام بكل هدوء وثقة في نفسي :
تذكرون كلامي القائل " يكون الله حيث لا يكون " أي أن يكون في أي مكان لا يتوقع المرء أن يكون موجودا فيه ، وتذكرون كلامي القائل " حين لا يكون هناك إله فليس ثمة إلا الله " ورفعت يدي ولوحت بها في الفراغ في حركة دائرية . وقلت : ربما يرى بعضكم أنه لا يمكن أن يوجد إله في هذا الفراغ ، ثم أنزلت يدي وأدخلتها في جيبي ، كما أنه لا يمكن أن يتصور أحد منكم أن يكون الله الآن موجودا في جيبي ! لكني أقول لكم إن الله موجود في هذا الفراغ المحيط بنا وموجود في جيبي أيضا ! لأن الله ليس إلا طاقة سارية في الكون والكائنات . طاقة شاملة متصلة لا تترك مليمترا واحدا في الوجود دون أن تسري فيه . فهي موجودة حتى في كل خلية في أجسادنا . فحسب قول ابن عربي بما معناه" لا يسري في الكون من أعلاه إلى أدناه إلا الحقيقة الإلهية " والحقيقة الإلهية في مفهوم زمننا هي الطاقة . وقال النبي محمد في حديثه عن الله وعلى لسانه : " ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن " ورغم أنني أعترض على تعبير( عبد ) إلا أنني أدرك أن محمدا لو كان بيننا اليوم لاستبدلها
بعبارة خلقي أو حبيبي . وقد اختار النبي محمد القلب دون السماء والأرض ليجعل الإنسان
شريكا في عملية الخلق ، فمن يكون الله في قلبه يكون قادرا على الإبداع والخلق لأن الله ليس إلا طاقة الخلق الكامنة في قلب الإنسان وفي جسده ،والتي دونها لا يمكنه فعل شيء . ولو أننا ذهبنا إلى الهند لوجدنا أن حكماء الهند قالوا في الأوبانيشاد عن الله ( براهمان ) " هو رب اليوم و رب الغد و لكن القلب الذى بحجم إصبع الإبهام مقر له و مكان " فما هو هذا الإله الذي مكانه قلب صغير إن لم يكن طاقة خالقة ؟! ولو أننا ذهبنا إلى المسيح لوجدناه يقول " أبانا الذي في السموات " لم يقل أبي الذي في السموات ، أراد أن يقول إن البشرية قاطبة هي بمثابة الأبناء بالنسبة إلى الله ،وليس هو وحده، وأن البشرية قاطبة هي الله وأن كل إنسان يحمل في دخيلته إلها وأنه يتوجب عليه أن يكون خالقا ومبدعا كما الله طالما أن الله بطاقته موجود في دخيلته وفي قلبه .
كنت قد انفعلت وراح صوتي يرتفع شيئا فشيئا إلى أن بلغ الذروة في الخاتمة. ضج مليون انسان من أبناء السماء بالتصفيق الحاد .
وما أن توقفوا حتى تابعت بهدوء :
ومن هنا قد نفهم قول بعض المتصوفة وشعورهم بالتوحد والحلول في الذات الإلهية كقصيدة الحلاج الشهيرة:
أنا مَن أهوى ومَن أهوى أنا نحن روحان ِحَلَلْـنا بدنا
فـإذا أبصرتـَني أبصرتـَهُ وإذا أبصرتـَهُ أبصرتـَنـا
أيها السائل عن قصتنا لو ترانا لن تفرق بيننا
نحن مذ كنا على عهد الهوى تضرب الأمثال للناس بنا
روحه روحي وروحي روحه من رأي روحين حلت بدنا

غير أن فلسفتنا لا تتفق مع الحلول والإتحاد فالله حسب الفكر الإسلامي وحسب فكرنا ليس كمثله شيء أي أنه طاقة سارية يتجسد بها الخلق ويتجلى ولا يمكن لأحد بعينه أن يدعي أنه الله إلا في حالات مجازية محددة جدا ، شريطة أن لا تتعدى الفهم المجازي . فالله موجود في كل إنسان وفي كل مكان والوحيد الذي يمكنه أن يعتبر نفسه إلها هو الوجود بكامله وكل ما فيه من كون وخلق وطاقة ، كتجل للذات الإلهية الخالقة أو الطاقة الخالقة .
أقول ذلك رغم أن الإبداع في الفن والعلم والأدب والعمل والفضيلة خلق ، وفي مقدور المبدع أن يعتبر نفسه خالقا أو مبدعا لكن ليس إلها ، لأنه ليس الطاقة الخالقة ،هو وظف طاقة الخلق الكامنة في دخيلته ، وبمعنى آخر وظف الألوهة نفسها ليكون خالقا مبدعا . فجوهر الألوهة
هو الطاقة . وكي يكون الإنسان خالقا ليقوم بالدور المناط به من قبل الخالق ،عليه أن يدرك أن طاقة الخلق والخالق يكمنان فيه وعليه أن يوظفهما ليرقى إلى مستوى الغاية من وجوده !أي أن يكون خالقا ،ولو أن أسلافنا الذين فكروا في الوجود يعودون إلى الحياة اليوم ليعيشوا بيننا لوافقونا على اجتهادنا الفكري ،وقد يأتي النبي محمد على رأس هؤلاء ويستنكر وجود جهنم وغيرها ويدعو إلى إله المحبة والخير والعدل والجمال وينزه الذات الإلهية عن كل ما هو غير انساني . والأمر نفسه ينطبق على المسيح الذي اعتبر الجنس دنسا وغير ذلك . والأمر نفسه ينطبق على موسى ومشاكله التي لا نهاية لها مع يهوه، وحكماء الصين والهند وفلاسفة العالم كله . في فلسفتنا لم ننزه الذات الإلهية عن الوجود إلا بكلمة مجردة هي الله ، اخترعناها نحن البشر العرب ، واخترع آخرون مفردات تعطي المعنى نفسه.
يقول الله في قصيدتنا " إما أنت أو لا أحد " :
" تنزهت باسمي الله / ولا تنزيه غير ذلك يعتمد "
وأدخلت يدي في جيبي ليس لأتحسس وجود الله فيه بل لأخرج خلقا منه ، لم يكن إلا فلاشة كومبيوتر بحجم اصبع صغير أخزن فيها بعض الكتب والمعلومات . رفعتها أمام الجمهور وقلت :
كلكم تعرفون هذه الفلاشة وما تحويه . قد تحوي مكتبة ضخمة بحمل شاحنة كبيرة . العقل الذي أبدع هذه الفلاشة وأبدع جهاز الكومبيوتر وابدع شبكة النت وأبدع البث التلفزيوني هو عقل بشري وظف طاقة الخلق . وظف المادة والطاقة . فلولا هذا الجهاز المادي الذي يغلف هذه الفلاشة لما استطاع القرص الليزري الصغيرفي داخله أن يختزن هذا الكم الهائل من المعرفة ، مع أن الجهاز وما فيه لا يعرفان أنهما مؤلفان من مادة وطاقة وأن فعلهما هو فعل طاقوي ينتج عنه مادة نستطيع أن نراها بأعيننا . فهذا الجهاز هو خلق وإبداع كما هي الحال مع الكومبيوتر ومع شبكة النت المادة الطاقوية التي تخزن المعرفة البشرية كلها لتصبح جزءا من العقل الكوني والذاكرة الكونية . إن الذي اخترع هذه المعجزات العلمية هو الإنسان بتوظيفه طاقة الخلق السارية فيه ، إذن فالإنسان هو خالق قام بدوره في عملية الخلق مع الله فأصبح بهذا خالقا . وتساءلت بصوت عال : ماذا أصبح ؟ فرددت المدرجات بصوت مزلزل : خالقا ! إذن فالإنسان وجد ليكون خالقا لا عبدا ! فالله ليس في حاجة إلى عبيد بل إلى خالقين ومبدعين يصنعون الخلق معه ويحققون قيم الخير والحق والعدل والجمال .
جن أبناء السماء بالتصفيق . كانت فرصة لأستريح قليلا .. ثم رحت أردد مقطعا من قصيدتي في وحدة الوجود والمحبة الإلهية :
عشق الأحبة متبادل / بنبض القلوب / وآهات الروح / ورعشة الجسد / لا يكتمل الحبيب / إلا بالحبيب / فلا اكتمال بحب منفرد / سعي الخلائق إلى الكمال / بسعي الخالق يتحد / فإما كمال يعم الخليقة / وإما انتهاء إلى الأبد !!
وكان تصفيق آخرمنحني فرصة أخرى للإستراحة . وأحسست بجبيني ينضح عرقا ، فرحت أمسح العرق عن جبيني بأصابعي ،وإذا بعشرات الحوريات يهرعن ليمسحن عرقي ، غير أن الملكة أشارت لهن بالتراجع وهي تسبقهن لتمسح عرقي بمنديل حريري تضوع منه عطر زكي فواح . وتمنيت لشغفي بالحوريات لو أن الملكة أتاحت لهن جميعا أن يمسحن عرقي . غير أنها سامحها الله تغار ، فماذا أفعل ؟!
أخذت الملكة مجلسا على مقربة مني . حين أدركت أنني لم أنته من المحاضرة بعد . ولتمسح عرقي كلما نضح ..
تابعت المحاضرة :
الإنسان عقل إن لم يزود بالمعرفة ويدرك طاقة الخلق الكامنة في دخيلته ،والله الكامن في قلبه والمتجلي فيه ، يكون أجوفا كالطبل والله لا يريد طبولا ..
شرع أبناء السماء في التصفيق فطلبت إليهم أن لا يصفقوا إلا حين أنهي فكرتي .
الإنسان عقل ينتج عن دماغ وأعصاب وطاقة سارية في الجسد ومحيطة به . الدماغ والأعصاب مادة . العقل منتج الفكر غير مادي ، إنه طاقة تصدرعن الدماغ والأعصاب . والفكر غير مادي . ولا يمكنه أن يتجسد ماديا إلا إن نطق أو كتب أو اخترع لينتقل عبر الطاقة المحيطة بالإنسان، فيتحول بدوره إلى مادة تنتج طاقة تتحول بدورها إلى ماده ، كما رأينا في الفلاشة . فكما هو العقل طاقة تنتج عن مادة هو العقل الإلهي الكوني طاقة نتجت عن مادة هي مادة الوجود التي أنتجت الخلق عبر مليارات السنين . ولا يمكن لأي كائن إنساني مهما بلغ من العبقرية أن يتوصل إلى معرفة الآلية التي تمت بها عملية الخلق خلال أربعة عشر مليارا من السنين . خاصة وأن أكثر العباقرة في العالم لم يوظفوا أكثر من 10% من قدراتهم العقلية !ويقال أن آينشتاين لم يوظف أكثر من 6% من قدراته العقلية . لماذا يا ترى لا يستطيع الإنسان توظيف معظم قدراته العقلية أو نصفها أو ربعها على الأقل ، لأنه لا يعتقد أن الألوهة موجودة في دخيلته ، وحين يدرك ذلك تمام الإدراك سيتغير سلوك الإنسان بالمطلق ويسعى لأن يكون على قدر الألوهة التي يختزنها في دخيلته . وقد يتمكن من اختراق الحاجز الذي اصطدمت به قوانين الفيزياء .
إذا كان عمر الكون أربعة عشر مليارا من الأعوام وعمر كوكب الأرض لا يتجاوز أربعة مليارات عام ، فمن يقدر على تصور التفاعلات التي جرت بين المادة والطاقة خلال عشرة مليارات من الأعوم لتنتج كوكب الأرض ؟ وإذا كان وجود الإنسان البدائي جدا أي انسان ما قبل قبل القرد لا يتجاوز ثلاثة ملايين عام ، فمن في مقدوره أن يعرف التفاعلات التي تمت خلال أربعة مليارات عام لإنتاج أول خلية حية ؟!
أقول ذلك لتدركوا كم تعب الله في عملية الخلق . وكم أجهد نفسه حتى خلق الإنسان لا ليتفرج عليه ويصلي له ، بل ليساعده في عملية الخلق التي لم تكتمل ولن تكتمل إلا بالإنسان الكامل والخالق الكامل ، إنسان الفضيلة . إنسان قيم الحق والعدل والخير والمحبة والجمال . فإياكم أن يظن أحدكم أنه إنسان كامل وأن الخالق كامل رغم عظمته، وأن عملية الخلق قد اكتملت والسلام عليكم .. هذا فكر بدائي لا علاقة له بالحقيقة وبالمنطق . وكل الفلاسفة والأنبياء الذين قالوا ذلك ،كانوا على خطأ ، لأنهم فكروا واعتقدوا حسب مكتسبات ثقافة عصرهم . لكن ثقافة عصرنا تقول أننا ما زلنا نحبوا .. وأن الإنسان يحتاج إلى ثمانية عشر عاما ليكتمل نموه ويحتاج إلى عمر ليلم بالحد الأدنى من ثقافة البشرية ، بل ويموت كثيرون دون أن يدركوا أبعد من أنوفهم ، ويعيشون على فكرسلفي باد معظمه إن لم يكن كله, فيعيشون حميرا ويموتون حميرا . لن يكتمل خلق الإنسان شبه الكامل إلا حين يولد وقد ألم بكل ثقافة أبويه . أي أن يولد يتكلم لغة أو لغات أبويه ويدرك ثقافتهم ويبلغ خلال أقل قدر من السنين ،كأن يكون سن البلوغ ثلاث سنين !! أما الإنسان الكامل بالمطلق والخالق الكامل بالمطلق فلا يقدر أحد مجرد تصورهما كيف سيكونان ،وما الذي يقدران عليه . هل سيذهب الإنسان إلى عمله طائرا دون طائرة مثلا ؟ّ! ممكن !
سنعود إلى هذا الإنسان العظيم الذي اخترع كل منجزات الحضارة الحديثة من علوم وفنون وآداب ماذا يمكننا أن نقول عنه ؟ ومددت يدي نحو الجمهور ليهتف : خالق !
أجل إنه خالق وإن لم يخلق الخلق الكامل بعد . وهذا يتطلب دهورا مديدة .
وعم التصفيق ...
أحبتي وأصدقائي . إذا اتفقنا على أن الخالق طاقة سارية في الخلق لم تحقق كل غاياتها خلال أربعة عشر مليارا ونيف من الأعوام ،( ثمة من قدر عمر الكون بحوالي عشرين مليار سنة )
فهل سنتفق على فكر بدائي يقول لنا أن الخالق خلق الوجود في ستة أيام واستوى على العرش في اليوم السابع وانتهى الأمر . وأنه كان قادرا على كل شيء ، وإذا أراد شيئا قال له كن فكان . بالتأكيد لا ، لن نتفق ولا بأي شكل . وقد يتساءل أحدنا :
طالما كان في مقدوره ذلك فهل هو في حاجة إلى رسل وأنبياء يشقون أعواما وينشؤون أحزابا ويشنون حروبا ليحققوا الحد الأدنى من فهمهم للألوهة ، ثم لماذا لم يبن مدنا ويشق طرقا ويبني جسورا طالما في مقدوره أن يفعل ذلك بمجرد كلمه .. لن نطالبه بصنع طائرات ولا بتمديدات كهربائية وصحية !! السؤال أحبتي : هل كان الله قادرا على ذلك ولم يفعل . بماذا تجيبون :
رددت أصوات : لم يكن قادرا .
إذن فالله خلق الإنسان ليبني المدن ويشق الطرق ويبني الجسور ويصنع الحضارة الإنسانية الإلهية ويعمق ويوسع آفاق المعرفة ليكون عونا له ، أي ليكون خالقا يساعده في عملية الخلق ، لا ليصلي له لأنه ليس في حاجة إلى صلوات . إذن في مقدورنا القول إن الإنسان الذي يساهم في صنع الحضارة هو خالق بينما الإنسان الذي هو عبء على الحضارة فلا حاجة للخالق به ، وإنه لأمر مؤسف أن تسري طاقة الخلق في جسده .. فالله في حاجة إلى مخلوقه الإنسان بقدر ما هو الإنسان في حاجة إليه . ولن ننسى أن خلق الإنسان نفسه وتطوره قد تم بفعل رغبته في ما هو أجمل وأرقى ،وبتفاعل الطاقة الناجمة عن المادة المخلوق منها بطاقة الخلق السارية فيه ، أي بطاقة الألوهة .
يقول الله بعد انبعاثه من الهيولى البدئية ( المادة الأولى ) التي كان كامنا فيها كجنين في رحم أمه :
" فحطمت جدران الهيولى /التي عنها انبثقت / لأنتشر في كون شاسع / حدوده لا تحد/ ولينبثق معي الخلق/ كائنا من رحم المهد / فكل كائن كان فيّ / وفي كل كائن كنت / فأنا الكينونة دون حد / وآفاقي لا تحد / فليس للحد مني حد / ولا حد حيث كنت / أنا الله أل بلا حد / لا غنى للخليقة عني / ولا غنى لي عن الخليقة / فنحن الواحد في الكل / والكل في الواحد يتحد ! "
أشكر لكم حسن استماعكم أحبتي أبناء السماء . وإلى اللقاء في المحاضرة القادمة .
م.ش. 6-7/3/015
******
(8)
ماركوس أوريليوس والفلسفة الرواقية ومذهبي في وحدة الوجود !!
شاهينيات الفصل ( 123) موضوع ( 1069)
أثار موضوعي " إلى صديقاتي وأصدقائي الأعزاء الذين يرغبون في صداقتي " بعض الردود ، وكان من أهمها رد السيد صالح البغدادي الذي تطرق للفلسفة الرواقية وتساءل عن مدى
تقارب مذهب وحدة الوجود معها قائلا: (يجري الله في كل الموجودات سريان العسل في قرص العسل) هذا ماتقوله الفلسفه الرواقيه،لذلك هو موجود في داخل كل منا،ومنها فهمت لماذا يقول المسيح انا ابن الله،لاادري هل هذه الفلسفه تقترب ام تبتعد عن ابن عربي وكتاب (التآملات) لمركوس اوريليوس )أحسن من قدم لنا هذه الفلسفه الغارقه في الانسانيه....وتحية لكم استاذ محمود)
ورغم أنني اطلعت على الفلسفة الرواقية إلا أنني لم أتعمق فيها ولا أذكر العبارة التي أوردها صالح .. رددت عليه باقتضاب مؤكدا وجود التقارب وبالتأكيد الإختلاف في بعض المسائل التي أختلف فيها مع كل أو معظم من اعتقد بوحدة الوجود دون أن يخرج عن الإطار العام للفهم المثالي الديني ..ف حتى ابن عربي مؤسس المذهب في الفكر الإسلامي لم يخرج عن هذا الإطار رغم تحليقه في أبعد حدود المطلق ، فقد اعتبر نفسه أحد أربعة يحملون العرش الإلهي
وخاتم الولاية المحمدية وأحد أركان الحجر الأسود ، هذا الحجر النيزكي العجيب المقدس !
في مفهومي ، أطلق اسم الله مجازا على الطاقة السارية في الخلق ، كتعبير لغوي مجرد اخترعه البشر حسب لغاتهم عن القدرة القائمة بالخلق. فالطاقة عندي ليست إلها حسب المفاهيم الدينية ،وليس لها عرش وليس عندها جنة ونار ولا تحاسب ولا تعاقب وهي طاقة محايدة لا يمكن للخلق أن يتم دونها ، وبناء عليه نحن المسؤولون عن أفعالنا سلبا أو أيجابا .
لن أعيد وأكرر شرح فهمي الفلسفي لأنني تطرقت إليه في مقالات كثيرة . ما يهمني هنا أنني أود الإشارة الموجزة إلى الفلسفة الرواقية التي اضطررت إلى العودة إليها لأعرف قرائي الذين لا يعرفونها بها ،وخاصة في أسمى تجلياتها كما ظهرت في تأملات الإمبراطور الروماني
ماركوس اوريليوس .
نشأتها وبعض مفاهيمها الأولى:
الرواقيون هم دعاة مدرسة فلسفية انتشرت في إطار الثقافة اليونانية في القرن الرابع قبل الميلاد، تحت تأثير الأفكار التي تدعو إلى المواطنة العالمية، وتحت تأثير الأفكار ذات النزعة الفردية، وتحت تأثير التطورات التقنية التي فرضها التوسع في المعرفة الرياضية، وكان زينون وكريسيبوس أكبر الدعاة البارزين للمدرسة في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد وقد تحدد دور العلوم لديهم على النحو التالي:
• المنطق هو السور، الفيزياء هي التربة الخصبة، الأخلاق هي ثمرتها.
والمهمة الرئيسية للفلسفة تخص الأخلاق، وليست المعرفة أكثر من وسيلة اكتساب الحكمة والمهارة في الحياة، ويذهب الرواقيون إلى أن الحياة يجب أن تعاش وفق الطبيعة، وتقوم السعادة في البلادة أو التحرر الانفعالي، وفي سلام العقل وفي رباطة الجأش، والقدر يحدد كل شيء في الحياة ومن يتقبل هذا يرضيه القدر، ومن يقاوم يرغمه القدر.
وكان الرواقيون ماديين في تصورهم للطبيعة، ويقولون بأن كل ما في العالم أجسام ذات كثافة مختلفة، والحقيقي يجب تمييزه من الحق، ولا شيء سوى الأجسام يوجد حقاًَ، والحقيقي من جهة أخرى غير متجسد ولا يوجد، والحقيقي ليس سوى عبارة.
وعند الرواقيين تتحد المادية بالمذهب الأسمى، والحواس تفهم الواقع على أنه أشياء جزئية، والعلم يسعى إلى فهم العام، غير أن هذا العام على هذا النحو لا يوجد في العالم، وقد سلم الرواقيون بوجود أربع مقولات وهي:
• القوام (الموجود)، الكيف، الحالة (أي «الكينونة»)، الحالة النسبية («الوجود إلى يمين شيء ما»)
والرواقيون، على عكس منطق المحمولات، ابدعوا منطقاً للقضايا لا يقوم على الأحكام القطعية بل على الأحكام النسبية، وأنشأ الرواقيون ضروباً من ارتباط الأحكام أشار إليها المنطق الحديث على أنها تضمين مادي.
وأبرز الرواقيون هم :
يعتبر زينون الرواقي (334 ق.م - 262 ق.م) مؤسس الفلسفة الرواقية.
ويليه كليانثس (330 ق.م - 30 ق.م) وخريسيبوس ( 279 ق.م - 206 ق.م) كروَّاد هذه الفلسفة الأوائل.
كتب خريسيبوس بغزارة أكثر من غيره، حيث الف ما يزيد عن 165 عملاً، لكن لم يبقَ من مؤلفاته إلا القليل.
أماالفلاسفة الرواقيين الذين وصلت إلينا أعمالهم الكاملة هم أولئك الذين عاشوا في الحقبة أزمنة الأمبراطورية كسنكا الأصغر (4 ق.م - 65 م)، أبكتاتوس ( 55 م - 135 م)، والإمبراطور ماركوس اوريليوس (121 م - 180 م
نقلا عن ويكيبيديا – الموسوعة الحرة ))
ماركوس أوريليوس، الملك الفيلسوف

"إذا شئت أن تملك السيطرة على الألم فافتح كتابه المبارك وأوغل فيه، ولسوف يتسنى لك بغدق فلسفته أن ترى كل المستقبل والحاضر والماضي، ولسوف تدرك أنَّ كلاً من الفرح والترح لا يعدو أن يكون دخاناً".

ربما كان الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس "الملك-الفيلسوف" الوحيد في تاريخ العالم، وقد لا يكون فيلسوفاً بالمعنى المنهجي للكلمة إلا أنَّ مجموعة التأمّلات التي أسرّها لنفسه قد شكلت أساساً لاعتقاده الرواقي بوحدة الوجود.

حكم ماركوس بين عامي 161 و180 للميلاد وقد عرف بعدله وصلاحه فكان متسامحاً مع أعداءه كارهاً لأساليب الحكم
الملتوية فحظر عمل المخبرين وقضى على الفساد، ولم يتوانى في تحرير العبيد كلما سنحت له الفرصة وعندما أراد تمويل حملاته الحربية في أوروبا الشرقية رفض زيادة الضرائب وبدلا من ذلك عقد مزاداً علنياً باع فيه مقتنياته وأثواب زوجته الحريرية، لقد أثبت ماركوس مرة واحدة وإلى الأبد مقولة أفلاطون الشهيرة "لا يصلح أمر هذه الأمٌة إلاٌ إذا حكم فلاسفتها أوتفلسف حكٌامها".

كتب ماركوس تأمّلاته يوماً بيوم وفي كل ظرفٍ حتى أثناء الحرب، وقد تبدو هذه التأملات استجابةً لسلطة أعلى من سلطة الإمبراطور، من الموت نفسه الذي كان يرهبه خصوصاً في أيام الحرب، ويبدو أن أشدّ ما أغفله ماركوس كان فرض مذهبه الرواقيّ كدينٍ رسميّ للدولة كما فعل ثيودوسيوس فيما بعد عند فرضه للديانة المسيحية، فلو فعل ذلك لتغير تاريخ العالم كله بشكل هائل وإلى الأبد.

في الواقع كانت الرواقية واحدة من الحركات الفلسفية الجديدة للفترة الهيلنستية، وقد تأسست في أثينا من قبل زينون الرواقي في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد، فأعلن روادها أنّ المشاعر النفسيّة الهدّامة تنتج عن أخطاء في الحكم، فالشخص الحكيم الذي بلغ الكمال الأخلاقيّ والفكري لن يعاني من مثل هذه المشاعر أبداً وهكذا نشأت الرواقيّة لتعين الإنسان في الشدائد والمحن ولكي تعلِّمه كيف يصمد في الخطوب ويثبت في الأزمات العنيفة التي اعترت المجتمع في العصر الهيلينستي، ونحن في مقامنا هذا لن نتوسع أكثر في الكلام النظري عن المذهب الرواقي عموماً بل سنوجز أهم نقاط الرواقيّة كما ظهرت في تأملات ماركوس أوريليوس والتي كتبها باللغة اليونانية "لغة الصفوة من مثقفي الرومان في ذلك الوقت"، ووسمها بعبارة
غامضة "شὰ-;- هἰ-;-ٍ ἑ-;-لُôüي، Ta eis heauton " وتعني "إلى نفسه"، أي إن الإمبراطور يخاطب نفسه فقط ولم يكتبها على الإطلاق ليقرأها أحد سواه.

1- وحدة الكون:
"ثمة ضوء واحد للشمس حتى إن تشتت على الجدران والجبال وما لا يحصى من الأشياء. ثمة مادة عامة واحدة وإن تكسرت إلى ما لا يحصى من الأجسام، لكل منها صورته وخصائصه. ثمة روح حيوانية واحدة وإن توزعت بين ما لا يحصى من الأنواع والأفراد، وروح عاقلة واحدة وإن بدت مقسمة".

"انظر دائماً إلى العالم على أنه كائن حي واحد، يتكون من مادة واحدة وروح واحدة، انظر كيف يذوب الكل في هذا الوعي الواحد، كيف تخضع كل أفعاله لنزوع واحد، كيف تتعاون الأشياء جميعاً فيما يحدث، انظر أيضاً الغزل الدائم لخيط الشبكة ونسيجها".
) إن الحديث هنا هوعن طاقة سارية في الكائنات وهو ما عبر عنه ابن عربي بالحقيقة الإلهية السارية في الكون من أعلاه إلى أدناه .. ففي زمن ماركوس وابن عربي فيما بعد لم يكن مفهوم الطاقة قد تبلور كما لم يفكر أحد في حينه بأن المادة ليست إلا طاقة مركزة أو مكثفة )
( لكني أجد في عبارة " تتعاون الأشياء جميعا فيما يحدث " تعبيري نفسه عن تكاملية الخلق
بين الخالق والمخلوق )

"جميع الأشياء متواشجة متشابكة، يربطها معاً رباطٌ مقدس، لا شيء غريب عن الأشياء الأخرى، فجميعها قد رتبت معاً لكي تتعاون على تحقيق النظام الواحد للعالم، ذلك أن العالم المؤلف من جميع الأشياء واحد والإله المنبث في كل الأشياء واحد، والمادة واحدة والقانون واحد والحقيقة واحدة، لأن الحقيقة هي كمال الموجودات العاقلة المشاركة في عقل واحد".

) فنحن الواحد في الكل والكل في الواحد يتحد) تعبيري في نهاية قصيدتي عن مذهبي في وحدة الوجود.
2- التغير:
"تستخدم الطبيعة مادة العالم مثلما يستخدم الشمع، فتارة تخلق منه كهيئة حصان وثم تصهره وتستخدم مادته لخلق شجرة ثم إنسان ثم شيء آخر، كل شيء من هذه الأشياء لا يدوم إلا قليلاً، ليس صعباً على الوعاء أن يتحطم، مثلما لم يكن صعباً عليه أن يستوي من قبل وعاءً".
( حديث يقارب تحولات وتفاعلات المادة والطاقة .(

"تأمل دائماً كل ما يأتي به التغير، وروض نفسك على فكرة أن الطبيعة " الكل" لا تولع بشيء قدر ولعها بتغير كل شكل من الوجود إلى شكل آخر جديد، وكل ما يوجد هو بمعنى ما بذرة لما يأتي بعده".
( نظرية التطور .. في فلسفتي لم تكتمل عملية الخلق بعد . فالإنسان الكامل لم يوجد بعد .. مثلا .. (

3- الحيوان الاجتماعي:
"لقد خلقنا للتعاون، شأننا شأن القدمين واليدين والجفنين وصفي الأسنان، التشاحن ضد الطبيعة، وضدها، ومن ثم العداوة والبغضاء".
( للخلق غاية هي تحقيق قيم الخير والحق والعدل والجمال وبالتالي الوصول إلى كمال ما ، غير أن الإنسان شذ عن ذلك فنتجت الصراعات ..)( من فلسفتي )

4- الانتماء إلى الكل:
"كم ذا تسوف هذا وترجئه، وكم ذا تمنحك الآلهة فرصة فتضيعها، ألم يأن لك أن تفهم هذا العالم الذي أنت جزء منه، وتفهم مدبر هذا العالم الذي أنت فيض منه؟ ألا تدرك أن هناك حداً لعمرك، فإذا لم تستغله لتبديد غيومك فسوف يذهب العمر وسوف تذهب ولن تعود الفرصة مرة أخرى".
( نظرية الفيض والتجلي عند ابن عربي.ولاحظ وجود الآلهة !(

"إنما تؤذي النفس نفسها، أول ما تؤذي، عندما تصبح -ما أمكنها ذلك- كياناً منفصلاً، أشبه بورم على جسد العالم، فالسخط على أي شيء تجري به الأقدار هوتمردٌ انفصاليّ عن الطبيعة التي تضم معاً الطبائع الجزئية لجميع الأشياء الأخرى".
(سلوك الإنسان ومزاجه المناقض للطبيعة الخيرانية مما يؤدي إلى وجوده كعالة على المجتمع البشري. الإختلاف هنا في ( الأقدار ) وما ترسمه وهو غير موجود عندي .(

"ولسوف تمنح عقلك انفراجاً إذا أديت كل فعل كما لوكان آخر شيء تؤديه في حياتك، نافضاً عنك روح الإهمال وانعدام الهدف، وكلَّ نفورٍ عنيف من أوامر العقل، وكل رياءٍ، وكل تبرّم من نصيبك المقسوم. أرأيت كم هي قليلة الأشياء التي تلزم المرء أن يعيش حياة هادئةً نقيّة؟ الآلهة نفسها لا تطلب من المرء أكثر من أن يراعي الأشياء".
( كما للوجود غاية ليس هناك حياة دون غاية (

5- التناغم مع الكون:
"ضع نصب عينيك دائماً هذه الأشياء: ما هي طبيعة "الكلّ"؟ ما هي طبيعتي الخاصة؟ ما علاقة هذه الطبيعة بتلك؟ أيّ صنفٍ من الجزء يتبع لأيّ صنفٍ من الكل؟ ليس بإمكان أحد أن يحول بينك وبين أن تقول ما تقول وتعمل ما تعمل وفقاً لتلك الطبيعة التي أنت جزء منها".
"أيها العالم.. كل شيء يلائمني إذا لاءمك، وكلّ ما هو في أوانه بالنسبة إليك فهوكذلك عندي، لا متقدم لديّ ولا متأخر. أيتها الطبيعة.. كل ما تجلبه مواسمك فهو ثمرةٌ لي، كل شيء منك يأتي وفيك يعيش وإليك يعود".

6- القناعة في الحياة:
"إذا ما انصرفت إلى المهمّة التي بين يديك، متبعاً العقل الصحيح بكلّ عزمٍ وجدّ وخلوص نيّة، دون أن تسمح لأي شيء أن يشتتك، محافظاً على الجانب الإلهي فيك نقياً ثابتاً كما لوكان مقدراً عليك أن تقبض حالاً، إذا تمسكت بذلك غير طامع في شيء ولا متوجسٍ من شيء، بل راضياً بما تفعله الآن وفقاً للطبيعة وبصدق بطوليّ في كل ما تقول وتقصد، فلسوف تعيش سعيداً، ولن يملك أيّ إنسان أن يصدك عن ذلك".

7- مواجهة الموت:
"شفى أبقراط ما لا يحصى من الأمراض ثم مرض هو نفسه ومات. تنبأ المنجمون الكلدانيون بموت الكثير من الناس ثم لم يلبث كلّ منهم أن وافته المنيّة. الإسكندر، وبومبي، ويوليوس قيصر، أفنوا مدناً بأكملها يوماً بعد يوم وذبحوا عشرات الآلاف من الفرسان والرجال في ميادين المعارك. طويلاً ما تأمل هيراقليطس في الحريق النهائي للعالم، غير أن ماء الاستسقاء ملأ بطنه ومات مكسواً بكمادة من روث البقر، مات ديمقريطس بالقمّل، وقتلت سقراط حشرات من صنف آخر. ماذا يعني كل هذا؟ لقد صعدت السفينة، أقلعت، رست. فارحل الآن. فإذا كان لحياةٍ أخرى فلن يخلو حتى هذا الشاطئ من الآلهة، وإذا لم يكن هناك أي حياة أو حسّ فلن تعاني من الآلام واللذّات، ولن تكون مستعبداً لوعاءٍ جسديّ هو سيدٌ بالغ الدناءة بقدر ما عبدُه بالغ الرفعة، فهذا عقل وروح، وذاك مجرد تراب ودم ".

"لقد وُجدتَ كجزءٍ من الكلّ. ولسوف تتلاشى في ذلك الذي أتى بك، أوبالأحرى سوف تُستردّ مرّةً ثانية بالتحول العنصريّ، إلى المبدأ المولد للعالم".
(تحلل الجسد بعد الموت وعودته إلى الأصل المطلق ( مادة التراب وما تحويه من عناصر مادية مختلفة ، ستتحول بدورها لخلق حياة جديدة لتستمر الحياة ) يمكن مراجعة مقالاتنا عن الحياة بعد الموت , أو الموت والحياة .

"اذكر دائماً كم من الأطباء ماتوا بعد أن عقدوا الحاجبين فوق مرضاهم، كم من المنجمين ماتوا بعد أن تنبؤوا بموت غيرهم بخيلاء عظيمة، وكم من الفلاسفة ماتوا بعد نقاشاتٍ طويلة لها عن الموت أو الخلود، وكم من الطغاة ماتوا بعد أن تسلطوا على حياة الناس بغطرسةٍ وحشيّة كما لوكانوا هم أنفسهم مخلدين في الأرض. عليك إذن أن تقضي هذه الكسرة الضئيلة من الزمان في انسجام مع الطبيعة. غادرها راضياً، مثلما تسقط زيتونة حين تبلغ النضج، مباركةً الأرض التي حملتها، وشاكرةً للشجرة التي منحتها النماء".
( الحياة جديرة بأن تحيا والموت ضرورة لتجديدها ، فلو لم تمت الكائنات لنضبت مادة الأرض ولما وجد الناس ما يأكلونه ولما وجدوا مكانا يتسع لهم ) راجع مقالاتنا . يمكن البحث على النت تحت عناوين مختلفه ( الخالق والخلق في فهم محمود شاهين ) ( وحدة الوجود حسب فهم محمود شاهين ) ( الخلق غير الكامل ،الخالق غير الكامل ) وغير ذلك من مواضيع ترتبط بالموضوع . ويمكن ربط اسمي معها لتخصيص البحث ) وضع اسمي وحده يظهر آلاف يسمون محمود شاهين .
"مكوّنٌ أنا من صورة ومادّة، ولن تفنى أيّ منهما وتصير إلى عدم، كما أن أياً منهما لم تأت من عدم. إذن كلُّ جزءٍ مني سوف يقيض له مكانه الجديد في جزء ما من العالم، وهذا الجزء سوف يتغير بدوره إلى جزء آخر من العالم، وهكذا إلى غير نهاية".
(فكر مادي صرف . أشك في أن المترجمين أفادوا من أفكار مادية حديثة ربما أضافوها إلى النصوص الأصلية )
* ( كل ما هو بين قوسين كبيرين لي )
*نقلا عن موقع (باحثون سوريون )
* الموسوعة الحرة .
لم اورد مراجع فكري فهي كثيرة .

(9)

شاهينيات ( فصل96) في الخلق والخالق !
1031- لا يمكن تصور جمال الخالق دون تصور جمال خلقه ، كما لا يمكن تصور جمال الفنان دون تصور جمال فنه .
1032- أللغة أرقى ما أبدعه الإنسان للتفاهم بين البشر وإدارة شؤون حياتهم .
1033- يحوي الدماغ البشري خلاصة نتاج تفاعلات الطبيعة (المادة – الطاقة ) في مليارات السنين . وهذا ماعبر عنه شلنج ثم هيغل . ولا أحد يعرف كم مليارا من السنين سيحتاج الدماغ البشري لأن يقارب حدود المطلق ليكون خارقا وذا قدرات فائقة !
1034- لو عرف الحمار أنه حمار وأننا نطلق اسمه على بعض البشر كدلالة على الغباء لكان تصرفه معنا مختلفا !!
1035- الإنسان قيم نفسه كإنسان ليميز نفسه عن الكائنات الأخرى بإنسانيته في الوقت الذي تبدو فيه جميع الكائنات الأخرى أكثر إنسانية منه ، كونها لا تقتل من أجل القتل ولا تشن حروبا ، عدا عن مسالمة بعضها كالنباتات والأشجار !
1036- يمكن اعتبار طاقة الخلق ، الطاقة الجامعة التي تحوي الطاقات كلها ، أي أنها مكونة من مجموعة الطاقات ،ولهذا يعجز العقل البشري حتى اليوم عن معرفة جوهرها .
1037- إذا كانت الطاقة الكهربائية لا تعرف الضوء ،ولا تعرف المواد التي تتمظهر فيها ، فهذا يعني أنها لا تعرف نفسها أيضا ، رغم قدرتها الهائلة على الفعل !
1038- إذا كان الإنسان يوظف الطاقة الكهربائية لأعمال الإبداع والخير والحركة ، وفي الوقت نفسه يوظفها لتعذيب المعتقلين في السجون ، فهل هذا الإجرام مسؤولية الطاقة أم مسؤولية الإنسان ؟! لهذامن الخطأ أن نعزوأعمال الخير والشر إلى الطاقة الخالقة ، بل وإلى من يوظفها في الإتجاهين !
1039- إذا كانت غاية الطاقة الخالقة من خلق البشر هي أن يكونوا خالقين ليحققوا قيم الخير والحق والجمال، حسب ما أسلفنا في مقولات سابقة فمتى وجدت هذه الغاية وكيف ؟ إنه السؤال الأصعب والأعقد الذي طرحته على نفسي لأن في الإجابة عليه توالد لأسئلة أخرى تحتاج إلى إجابات تستدعي أسئلة أخرى إلى ما لا نهاية .. إلى أن نصل إلى ما يمكننا أن نسميه المعرفة اللامحدودة في عدم المعرفة ، أي وكأننا نقول إن الطاقة الكهربائية التي لا تعرف الضوء ولا تعرف المواد التي تتمظهر فيها وبالتالي لا تعرف نفسها ، هي تعرف كل شيء دون أن تعرف أنها تعرف كل شيء وهنا يكمن سر قوتها !
1040- حسب قولنا : إن المادة الأولى كانت تحمل في ذاتها غاية مجردة ،وكأنها تقول لنفسها أنها اوجدت نفسها لتكون شيئا ما دون أن تدرك ما هو هذا الشيئ . هذه الغاية راحت تتطور عبر مليارات السنين إلى أن توصلت إلى خلق الإنسان الذي راح يفكربدوره في الغاية من وجوده دون أن يدرك هو بدوره أن تفكيره في الغاية من وجوده هو تفكير للمادة نفسها التي جاء منها ، وأن تفكيره لا ينفصل عن تفكيرها ، الفرق الأهم هو أن خلق ما قبل الإنسان ، أي ما يسمى الطبيعة الصامتة ، هو خلق جميل ومتوازن ويبدو لنا أنه في غاية الجمال والتوازن والإنسجام ، ولو كان عشوائيا وفوضويا لا تحكمه قوانين بعينها، لدمر الكون ، وهو ما لم يتوصل إليه الإنسان حتى الآن ليكون خيرا مطلقا وجمالا مطلقا ومحبة مطلقة وتوازنا مطلقا .
1041- يقدر العلماء عمر الإنسان العاقل بحوالي 160 ألف سنة ! أنا شخصيا أعتقد أن الإنسان العاقل بالمطلق ، الإنساني بالمطلق ، أي انسان الفضيلة ، لم يوجد بعد . فالإنسان العاقل الموجود حاليا هو الذي تتمثل فيه قيم الخير والحق والجمال بحدودها الدنيا ، وهذا لا يتوفر إلا في قلة شبه نادرة في المجتمع البشري . فكفانا كذبا على أنفسنا !
*****
(10)
ألله يا صديقي كن بعون بشريتك وانقذها من جهلها !
" هل تريد أن تعرف الله .. الله يريد أن تكون بينك وبينه علاقة شخصية فريدة "
العبارة بين قوسين أعلاه هي دعاية مسيحية لمعرفة الله وإقامة علاقة شخصية معه . وأنا شخصيا لأنني صادقت الله من زمان وعرفته على طريقتي وحسب فهمي ، بغض النظر إن كان الله هو الرب أو يسوع المسيح ،أو الأب والإبن والروح القدس أو الله حسب المفهوم الإسلامي أو يهوة أو ألوهيم هسب المفهوم اليهودي أو كبير الآلهة الكنعانية إيل حسب المفهوم الكنعاني ، أو كبير الآلهة البابلية مردوخ حسب المفهوم البابلي ،أو كبير الآلهة السومرية انكي حسب المفهوم السومري أو الربة عشتار حسب المفاهيم الشرق أوسطية الأقدم أو أهورامازدا حسب الفرس أو براهمان حسب الهندوس أو التاو حسب الصينيين أو الشنتو حسب اليابانيين ،أو السيد المستنير بوذا حسب البوذيين أو مايا حسب الأمريكيين الجنوبيين أو غيرهم من الآلهة والإلهات ، أي بغض النظر عن كل هؤلاء ، فأنا لم أتبع السهم الذي يشير إليه الإعلان لأعرف ما هو الله وكيف يمكنني أن أقيم علاقة معه ، لأنني تعرفت على الله تمام المعرفة خلال بحثي عنه لما يقرب من خمسين عاما ، بحيث لم أكد أترك مكانا إلا وبحثت عنه فيه ،ولم أكد أترك كتابا إلا وقلبت صفحاته بحثا عنه دون أن أعثر عليه ، وحين يئست من البحث ، هاتفني هاتف من قلبي قائلا : (أيها الشقي يامن شقيت وأنت تبحث عني أنا هنا في قلبك ، لا تبحث عني بعيدا ، أنا الطاقة السارية في جسدك . أنا حبيبك . أنا الذي قدر بحثك المضني والجاد عني طوال عمرك فقررت أن أخاطبك ) كانت فرحتي بالعثور على الله في قلبي أكبر من أي كلام ، وأكبر من كل اللغات ،ولم أجد إلا أن أكتب عبارات من وحي الله الكامن في قلبي ، على بعض لوحاتي ليعلقها ألاف البشر في بيوتهم وبلغاتهم ( ابحث عن الله في قلبك فإن لم تعثر عليه لن تعثر عليه على الإطلاق !) ( وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك وجدت نفسي أمام نفسي ! ) ( لا يمكن لكل لغات العالم أن تعبر عن شعوري يا إلهي حين أخبرتني أن لا جهنم لديك ) ( حين لا يكون هناك إله فليس ثمة إلا الله ) ( الله خير مطلق ومحبة مطلقة وخلق مطلق ) ( الله يسموبخلقه وخلقه يسمو به ) ( عملية الخلق تكاملية بين الخالق والمخلوق ، فلا خلق دون خالق ولا خالق دون خلق ) ( الله ليس في حاجة إلى عبيد بل إلى مبدعين يصنعون الحضارة ) ( الله لا يحاسب ولا يراقب ويحب الحب والعشاق والمحبين ) ( كل كلام إن كان منطوقا أو مكتوبا هو كلام الله لأنه لا يتم دون طاقة الله السارية في الجسد لكن الله ليس مسؤولا عنه) (وكل فعل إن كان خيرأ أوكان شرا هو فعل الله لأنه ناتج عن طاقته، لكنه ليس مسؤولاعنه ) ( كل نقطة دم تسفك هي من دم الله ) ( كل إنسان يموت هو موت لجزء من الذات الإلهية ، والأمر نفسه ينطبق على الكائنات كلها ) ( فناء الخلق فناء للخالق ،وفناء الخالق فناء للخلق ) ( رفعة الأمم رفعة للخالق وانحطاط الأمم انحطاط للخالق وأكبرإساءة إليه ) أعرف أن هذه المقولة ستصدمكم أكثر من غيرها رغم أنها الحقيقة الممكنة التي تقارب الحقيقة !
فيأ أيها البشر اسعوا إلى المحبة ، ورفعة الحضارة ، ووحدوا بين الأمم ، وانبذوا الفقر والحروب والجهل والتخلف ، وأنفقوا ما تنفقونه على معابدكم وكنائسكم على الفقراء ومشاريع العمل ، ولا تضيعوا أوقاتكم بالصلوات بل بالعمل ، فالله في حاجة إلى عملكم وليس إلى صلواتكم ، فأنتم حين تصلون لا تدرون أنكم تصلون لأنفسكم لأن الله في قلوبكم وفي أجسادكم . اعملوا أيها البشر لسعادة البشرية ليسمو بكم الله ويفتخر ويسعد ويرضى .
حققوا قيم الخير والحق والعدل والجمال بين الشعوب ليفرح الله بكم ويملأ نفوسكم غبطة وسرورا :
وأشهد أنك الحقيقة ( الطاقة ) السارية في الخلق
فإما أنت أو لا أحد
وأن الإنسانية حبيبتك
وأنها إليك تستند
وأنت عليها تعتمد
عشق الأحبة متبادل
بنبض القلوب
وآهات الروح
ورعشة الجسد
لا يكتمل الحبيب إلا بالحبيب
فلا اكتمال بحب منفرد
سعي الخلائق إلى الكمال
بسعي الخالق يتحد
فإما كمال يعم الخليقة
وإما انتهاء إلى الأبد !
*****
( يمكن استبدال مفردة انتهاء بانحطاط ، ليصبح الشطر الأخير :
وإما انحطاط إلى الأبد !! وللأسف الأمم تسير نحو الإنحطاط أكثر مما تسير نحوالكمال والمحبة وقيم العدل والجمال والخير . وما تزال أمم التخلف تبحث عن إله لا يحب الجنس والعشق ويراهما د نسا ويحب الصلوات ويقتل ويعذب ويبيد من لا يعبدونه ! إنه الإنحطاط عينه !
(11)
شاهينيات ج
721- كما لم يتوقف الخالق عن تجديد الخلق وتطويره ، لن يتوقف المخلوق ( الإنسان )عن تجديد الإبداع وتطويره .
722- قد يتوقف تطوير الخلق بتحقيق الغاية المثلى من الخلق ، أي إيجاد انسان الفضيلة .
723- إنسان الفضيلة : إنسان لا يغمر قلبه إلا المحبة . إنسان يكتمل الوجود في ذاته ولا يكتمل (الوجود) إلا به ! إنسان تتمثل فيه صفات الألوهة ،ولا تكتمل الألوهة إلا به . سيكون مسيح العصر القادم الذي لن يكون فيه أمثالنا !!
724- ثقافات البشرية تؤثر وتتأثر وتتفاعل نحو تكامل معرفي يرقى بالإنسان في سلم الحضارة .
725- الكون في حاضر مطلق ليس فيه ماض ولا مستقبل إلا من منظور العقل البشري .
726- لن ينقص المسلمون من محبة الله ورسوله لو أنهم أقصروا صلواتهم على مرة واحدة في الأسبوع ، وانصرفوا في باقي أوقات الصلاة إلى طلب العلم وعمل الخير ونشر المحبة بين الأمم ومساعدة الفقراء والمظلومين ، بدلا من تكفير الناس صعودا ونزولا وإقامة الحدود عليهم ، والجهاد بالقتل وسفك الدماء والنكاح وزرع الفتن ، لعلهم بذلك ينشرون رسالة الإسلام على حقيقتها بين الأمم كرحمة للعالمين .( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ( الأنبياء 107)
(12)
ثمة مشكلة مستعصية على الحل في العقل البشري السياسي !
رغم ادعاء مثقفي البشرية من سياسيين وكتاب وغيرهم أنهم مع حرية التعبير إلا أنهم يقفون عاجزين أمام ما يسمى ( معاداة السامية ) والمقصود هنا معاداة الحركة الصهيونية وإسرائيل ، حتى أن بلدا ديمقراطيا متحضرا مثل فرنسا يحكم على فيلسوف فرنسي هو روجيه جارودي بالسجن لأنه شكك في الهولوكست النازي ، بينما لا يسأل أي صحافي فرنسي عن شتمه لشخصية نبي بحجم النبي محمد ، ولو لمجرد السؤال ، انطلاقا من حرية التعبيرالمزعومة .. ومن عجائب الزمن أن يشارك أكبر ارهابي معاصر هو الصهيوني نتنياهو في مسيرة باريس المناهضة للإرهاب !
العقل البشري الثقافي يريد لرجل قام بثورة غيرت مجرى التاريخ قبل 1400 عام ونيف أن لا يقتل من يعارضه حينذاك في الوقت الذي لا يرى فيه أن الثورات المعاصرة كلها ، سواء أكانت الفرنسية أو الروسية أو الصينية أو الأمريكية إن شئتم وغيرها ، أزهقت أرواح الملايين من البشر حتى انتصرت ، وفي الوقت الذي رأينا ونرى فيه أنظمة التحضر المعاصرة تشن الحروب وتقتل الملايين لغايات عنصرية عرقية ومئات الآلاف لغايات مصلحية وتحتل بلاد الآخرين باسم الأوطان وتقتل عشرات الآلاف وتضطهد شعوبا باسم الأمن أو باسم السلم العالمي وغير ذلك من التسميات ، ولو أخذنا اسرائيل كنموذج لأبشع أنواع الإحتلال والعدوان والإرهاب ، فإننا نجد العالم عاجزا أمامها ،وأكثر ما يفعله هو إدانة خجولة لجريمة ما .
أتحدى أي صحافي في العالم أن يهاجم النبي موسى أو اسرائيل ولا يتعرض للمساءلة ، وآمل أن أكون مخطئا .. راحت على المسيح المسكين الذي طاله بعض التجديف أحيانا ..
بالتأكيد لسنا مع الإسلام الأعمى ولسنا مع الإرهاب بكافة أشكاله ومسمياته وحتى لسنا مع الحروب كافة .. والحق مع الرئيس الفرنسي حين يبرئ الإسلام كدين من الإرهاب وأن هؤلاء القتلة لا علاقة لهم بالإسلام ، وعلى الأغلب لم يتخذ اولاند هذا الموقف محاباة للإسلام ، بل انطلاقا من فهم تاريخي للديانات والعقائد البشرية .
ويبقى فهم الدين بعقل معاصر بل وإعادة النظر في نصوصه التي تحض على القتل وغيره مما لا يتوافق مع العصر ، والتي يستغلها البسطاء من الناس ليتحولوا إلى قتلة ومجرمين ، اعتقادا منهم أنهم يدافعون عن الإسلام وأنهم سيذهبون إلى الجنة ليتنعموا بحور العين والغلمان المخلدين وأنهار الخمر ، مطلبا ملحا لكل مهتم بمستقبل هذه الأمة.
وها هو رئيس عربي يستيقظ بعد أن وقعت الفأس في الرأس ،ويطالب أعلى مؤسسة دينية في الإسلام بثورة في الدين ! إن المطلوب من الدول الإسلامية أن تعيد النظر في نوعية الأشخاص الذين يتولون المنابر في المساجد وأجهزة الإعلام وغيرها ، لان يكونوا أشخاصا ذوي ثقافة رفيعة ، يقودون المجتمعات إلى التحرر والإنعتاق لا إلى الإنغلاق والتعصب والجريمة .
(13)
شاهينيات 1081. تفاعلات المادة والطاقة لم تبق عبثية !
*الإلحاد إيمان لإدراكه أن الوجود مكون من مادة وطاقة .
من زمان لم أكتب في شاهينيات لأنني غرقت في قراءة التوراة والإنجيل والعقل العربي . وثمة من لا يعرفون أنني حين أتحدث عن الله أو ألوهة أتحدث عن مادة وطاقة وليس عن إله يعبد وعنده جهنم وجنة . وأن مفردات مثل الله وألوهة اخترعها البشر وليس إله. وأنني أطلقها مجازا على الطاقة القائمة بالخلق . وثمة من يعتقدون أنني حين أتحدث عن أبطال التوراة والإنجيل بما فيهم يسوع المسيح لا يدركون أنني أعرف أنها شخصيات لم يثبت لها أي وجود تاريخي حتى اليوم،وأن الكتاب المقدس بجزأيه القديم والجديد هو كتاب غير تاريخي باعتراف علماء كثيرين ومنهم يهود ومسيحيين ، وعلى الأغلب أعرف هذه المعلومات قبل أن يولد معظمهم ، فيسارعون لتذكيري بذلك ونقدي ، لأنهم لم يطلعوا إلا على اليسير مما أكتب .. وثمة من لا يدركون كيف أتعامل مع أحداث التوراة وشخصياتها طالما أنني لا أعتقد بوجودها .. أقول أنني أتعامل معها كنص متخيل لا يخلومن أدب ومعرفة بدائية شكلت خطوة في تطور العقل البشري البدائي .. وكثيرون من متابعي لا يعرفون إن كان فهمي لوحدة الوجود ايمانا أم أنه إلحاد ؟ ولم يقرأوا مقولتي ( ذروة الإلحاد ايمان ) فالملحد يؤمن أن الوجود مكون من مادة وطاقة لذلك هو مؤمن لأن وجوده نفسه مكون من مادة وطاقة ، وهذا هو مفهومي لوحدة الوجود . وإذا كان ثمة اختلاف بيني وبين الملحد فهو تطور الطاقة .. ففي فهمي لم تبق تفاعلات المادة عبثية وصدفية حتى اليوم . فلا بد أنها وصلت إلى قوانين طاقوية عبر تفاعلها لمليارات السنين ، وما زالت تتفاعل وتتطورلتبلغ كمالا ما ، وهذا الكمال النسبي لن يتم بمعزل عن الإنسان الذي يبني ويصنع الحضارة . لقد تطرقت إلى ذلك في أكثر من مقال . من يقدر أن يقول لي أن تفاعلات الحيوان المنوي مع بويضة الأنثى في رحم المرأة هي تفاعلات عبثية وغير مدروسة ولا تخضع لقوانين معقدة وصارمة . أنتجت إنسانا ! رغم أن هذا الإنسان ناقص حسب فهمي . لحاجته إلى المعرفة والنمو حتى يكتمل .وإذا كان نموه قد يكتمل خلال 18 عاما ، فإن المعرفة تحتاج إلى عقود ،وثمة من يحيون ويموتون على معرفة بائسة .
تطرقت إلى هذه المسائل كثيرا . وأحتاج دائما للتطرق إليها .
ويبق الأهم الذي أكرره كثيرا أن فكري اجتهادي كما هو الفكر البشري كله اجتهادي ولم يبلغ إلا حقائق نسبية وليس مطلقة , إن كان هناك حقيقة مطلقة لأن أحدا لا يعرف ما هي الحقيقة المطلقة وكيف سيكون الخلق عليها . لكن في الإمكان القول أن الحقيقة النسبية قد تكون مطلقة في ذاتها لكنها نسبية فيما يتعلق بحقيقة الحقائق : الوجود !
(14)
شاهينيات الفصل ( 62)
في الخلق والخالق والوجود والغاية منه !
944- الألوهة مفردة لغوية أو جدها البشر وهي ليست ذكرا وليست أنثى ، بل طاقة سارية في الخلق ليست مسؤولة عن أفعالنا ، ودونها لا نستطيع أن نفعل شيئا !
945- إذا كان الدماغ المادي ينتج عقلا ، والعقل ينتج وعيا وعلما ومعرفة ، فكيف يمكن أن يكون هناك علم أزلي قبل وجود المادة ؟!
946- العلم الأزلي المزعوم وجوده قبل الماده اجتهاد أنتجه العقل البشري وهو في الغالب اجتهاد خطأ ، أقول ذلك لأتجنب الحكم الإطلاقي ! فلو كان الأمر كذلك لما احتاجت عملية الخلق إلى أربعة عشر مليار سنة دون أن تبلغ كمالا يحقق قيم الحق والخير والجمال على وجهها الأمثل .
947- يلتقي الفكر البشري في سعيه الفلسفي والديني حول حقيقة واحدة ، هي معرفة الوجود والغاية منه ،وهو ما لم يبلغ حقيقة مطلقة حتى اليوم ، أو حتى مجرد حقيقة نسبية يتفق عليها البشر جميعا !
948- بلوغ الكمال المطلق يعني بلوغ الذروة في تحقيق قيم الحق والخير والجمال والخلق والغاية من الخلق ، بحيث لا يعود هناك كمال منشود بعد ذلك !
وهذه مسألة مستحيلة بالتأكيد ، فلا يحلمن أحد بذلك !
949- ماذا لو اكتشف الإنسان بالعلم والفلسفة أن الله لم يوجد بعد وأنه ما يزال في طور التكوين ، أو اكتشف العكس ، أن الطاقة القائمة خلف الوجود لا تفكر في المسألة اطلاقا ؟!! أي لا تفكر في انتاج آلهة !
950- العقل الكلي طاقة سارية في الوجود لا يحدها مكان وزمان ، لا تتجسد في كائن دون غيره بل في الوجود كله .
951- آن للعقل البشري الفلسفي أن يعي أن الألوهة الذكورية نتجت عن وعي خطأ وصراع خطأ في العقل البشري بين الأنوثة والذكورة انتصر فيه العقل الذكوري على العقل الأنثوي ليخلق آلهة ذكورية !
952- حين اكتشف الذكر أن حمل المرأة لا يتم دون مضاجعته راح يزهو بنفسه ، غير أنه ظل يصطدم بتكون الخلق في الرحم ومن ثم الولادة، فحاول أن يحبل فلم ينجح ، إلى أن تفتق وعيه المخادع عن قدرته على خلق كل شيء حتى الإنسان دون مضاجعة ودون حمل ! أي بمجرد تشكيله من طين ونفخ الحياة فيه ، فاستلب بذلك الألوهة من سيدة الكون الأنثى وما يزال !
953- إذا كانت الطاقة تحمل عقلا ووعيا ، فإن العقل البشري لن يتمكن من معرفة ما اكتنزته من معرفة وقدرة خلال مليارات السنين حتى توصلت إلى عملية الخلق .
954- أن يكون للإنسان مبدأ حتى لو كان غير واقعي أفضل من أن يعيش حياته دون مبدأ . وهذا لا يعني أن ندعوه لأن يكون قاطع طريق مثلا !
955- القول أنه لا يوجد غاية للوجود هراء ! فكل ما نراه ونلمسه ونحسه ونعيشه ، يشير إلى غاية ، وحسب فلسفتنا فإن هذه الغاية لن تكون سوى تحقيق قيم الحق والخير والجمال ! أي أن نكون خالقين ! فهذه قيم لا يحققها في الوجود إلا العظماء ، أبناء الوجود نفسه ،والطاقة السارية فيه ! وأنه لأمر مؤسف جدا أن يفشل العقل البشري في الإتفاق على مبدأ لتحقيقها !
956- الحياة على الأمل حتى لوكان ضئيلا ، أفضل من الحياة على اليأس ، فابحثوا دائما عن أمل ما ولو في الظلام !
957- فيما لو نظرنا إلى شخصية مريم العذراء من وجهة نظر انسانية منطقية ، يمكننا القول ، أن امرأة استطاعت أن تجعل من حبها حبا مقدسا ( بدلا من أن تتهم بالزنى أو الدعارة ) وأن تجعل من ابنها إلها ، لهي امرأة عظيمة بحق ، وتستحق أن تكون أعظم امرأة في تاريخ البشرية ، رغم أن ايزيس المصرية سبقتها في هذا الشأن بأن أنجبت حورس من إله دون زواج ،كما سبقتها إلهات أخريات مثل
عشتار . فمرحى يا مريم يا سيدة الكون !
(15)
شاهينيات . الفصل : (85)
*في الخلق والطاقة الخالقة ( الخالق ) ! والجنس والعقل والحماقة والغباء !
1009- رجل لا عمل له إلا اكتناز الأموال، باستغلال الناس وغشهم وخداعهم وبأي وسيلة كانت ، بحجة أن التجارة شطارة ! عقل فارغ إلا من استغلال الناس وسلب جهدهم وأموالهم وقوت يومهم ، وحين يفتح أحدهم موضوع الدين ، يتحول إلى إمام ولا الشافعي ، ينبذ حياة الدنيا الفانية ، ولا يفكر إلا بالحياة الخالدة في الجنة ، في رحاب الله ، وبين أحضان حور العين . ترى لو كان هناك جنة وحور عين فعلا ، فمن هي الحورية الحمقاء التي ستتقبل الإبتلاء بهذه المصيبة ، وما هي الفائدة التي سيجنيها الله من وجود هذا العالة في جنته ؟!
1010- قد يمر زمن طويل على البشرية قبل أن تدرك أن الحياة المديدة (فما بالكم بالخالدة ؟) لن تتحقق إلا على أيديها وفي الحياة الدنيا وحدها ، وأن الغاية من وجودها هي أن تكون خالقة ، وأن عملية الخلق لن تتكامل إلا بإقدامها على توظيف طاقة الخلق السارية فيها على أكمل وجه !
1011- اكتمال تمظهر طاقة الخلق ( أو اكتمال تمظهر الوجود الإلهي إن شئتم ) لا يتم بمعزل عن عمل المخلوق ، وبشكل خاص الإنسان ! مشكلة هذا الإنسان أنه كان وما يزال غبيا ولم يدرك أن ثمة إلها يكمن في دخيلته ويحتاج إليه !!
1012- لو كانت طاقة الخلق( أو الله ) تستجيب إلى الأماني لتحققت أماني البشرية كلها !
1013- قد لايكون هناك حاجة إلى البشرية لأن تخلق بشرا إلا إذا كانوا متفوقين جدا ، لكن هناك حاجة ضرورية وملحة وهي أن تعمل البشرية بأقصى ما تستطيع لتحقيق قيم الخير والحق والعدل والجمال .. ودون ذلك لتذهب هذه البشرية إلى الجحيم ! ولن يكون الله حزينا إذا ما رأى الملايين ينقرضون بالموت والحروب والأمراض والكوارث الطبيعية .
1014- قلنا مئات المرات : الخالق طاقة سارية في الكون والكائنات . ليس له عينان وأذنان ورأس وفم ولسان وأنف ويدان ورجلان ، لكن يمكن اعتبار كل العيون عيونه وكل الألسن لسانه .. وقس على ذلك ...
1015- وقلنا أيضا : الخالق لا يتكلم ولا يعرف لغات ولم يؤلف كتبا ولم يرسل أنبياء ، لكن يمكن اعتبار كل كلام كلامه ،وكل لغة لغته ،وكل كتاب كتابه ، وكل إنسان نبي ومرسل له . فدونه أيها الناس لا يمكن أن يتم شيئ مهما كان . آن لكم أن تفهموا الله على حقيقته ، وأن تفهموا أنكم جميعا رسل له ، وأن تفهموا أن قدرته من قدرتكم رغم أن قدرته لا حدود لها ،وأنها لم تتحقق كلها ، وأن قدرتكم من قدرته ، وآن لكم أن تعرفوا أيضا أن قدرتكم هي أكثر مما تتخيلون ، فأنتم لغبائكم وكسلكم لا توظفون إلا أقل القليل من أدمغتكم والحد الأدنى من طاقة الخلق السارية في أجسادكم .
1016- أحب الخالق كما تتمنى أن يكون : العادل . المحب . الجميل . العاشق . المنزه عن الحساب والعقاب والعذاب . المتسامي .الساعي إلى تحقيق قيم الحق والخيروالعدل والمحبة والجمال والكمال . الذي في حاجة إليك بقدر ما أنت في حاجة إليه . وتذكر دائما أنه الطاقة السارية في جسدك ، والمحيطة بك . والسارية في الكون كله ! والتي دونها لا يمكن أن يتم شيء ، ودونك لا يمكن أن تتم أشياء كثيرة أيضا .. !! !!
1017- الجنة هي الدنيا فإما أن يحيلها البشر إلى نعيم وإما أن يحيلوها إلى جحيم كما هي عليه اليوم . وحور العين بيننا ولسن في السماوات ، إنهن بناتنا وأخواتنا وأمهاتنا ولا حورعين غيرهن .
1018- ونكرر أيضا : الوجود ليس في حاجة إلى مليارات من الحمقى والذين يعيشون عالة على البشرية وعلى المجتمعات الإنسانية . الوجود في حاجة إلى خالقين ومبدعين ومجتهدين وإنسانيين ، يعملون لإسعاد البشرية ونموها وتطويرها وليس إلى استغلالها وقتلها .
1019- الجنس في مفهومه الإنسانوي ، إن كان ضمن حياة زوجية سعيدة ، أو ضمن عشق ، أو ضمن حب ، أو ضمن قبول ورضا واستلطاف وإعجاب وحالة وله وغرام ، حق لكل إنسان ، وحق للجسد على الإنسان ، به تسمو الروح وترمم نسيجها ، وتطمئن النفس ، ويسمو الخلق ، ويتألق العقل ،ويتحقق توازن الجسد .
1020- اجتهد أجدادنا الأوائل في فهم الوجود والغاية منه ، رغم ثقافتهم البدائية ، فكانوا أنبياء وفلاسفة وحكماء ، فاستكنا إلى ثقافتهم وأقفلنا عقولنا ، عكس ما أراده الخالق ، وعكس ما أرادوه هم .. متى تدرك البشرية أننا ما نزال في الخطوة الأولى نحو الألف ! وأن الطريق أمامنا طويل جدا .
(16)
شاهينيات ( 96) في الخلق والخالق !
1031- لا يمكن تصور جمال الخالق دون تصور جمال خلقه ، كما لا يمكن تصور جمال الفنان دون تصور جمال فنه .
1032- أللغة أرقى ما أبدعه الإنسان للتفاهم بين البشر وإدارة شؤون حياتهم .
1033- يحوي الدماغ البشري خلاصة نتاج تفاعلات الطبيعة (المادة – الطاقة ) في مليارات السنين . وهذا ماعبر عنه شلنج ثم هيغل . ولا أحد يعرف كم مليارا من السنين سيحتاج الدماغ البشري لأن يقارب حدود المطلق ليكون خارقا وذا قدرات فائقة !
1034- لو عرف الحمار أنه حمار وأننا نطلق اسمه على بعض البشر كدلالة على الغباء لكان تصرفه معنا مختلفا !!
1035- الإنسان قيم نفسه كإنسان ليميز نفسه عن الكائنات الأخرى بإنسانيته في الوقت الذي تبدو فيه جميع الكائنات الأخرى أكثر إنسانية منه ، كونها لا تقتل من أجل القتل ولا تشن حروبا ، عدا عن مسالمة بعضها كالنباتات والأشجار !
1036- يمكن اعتبار طاقة الخلق ، الطاقة الجامعة التي تحوي الطاقات كلها ، أي أنها مكونة من مجموعة الطاقات ،ولهذا يعجز العقل البشري حتى اليوم عن معرفة جوهرها .
1037- إذا كانت الطاقة الكهربائية لا تعرف الضوء ،ولا تعرف المواد التي تتمظهر فيها ، فهذا يعني أنها لا تعرف نفسها أيضا ، رغم قدرتها الهائلة على الفعل !
1038- إذا كان الإنسان يوظف الطاقة الكهربائية لأعمال الإبداع والخير والحركة ، وفي الوقت نفسه يوظفها لتعذيب المعتقلين في السجون ، فهل هذا الإجرام مسؤولية الطاقة أم مسؤولية الإنسان ؟! لهذامن الخطأ أن نعزوأعمال الخير والشر إلى الطاقة الخالقة ، بل إلى من يوظفها في الإتجاهين !
1039- إذا كانت غاية الطاقة الخالقة من خلق البشر هي أن يكونوا خالقين ليحققوا قيم الخير والحق والجمال، حسب ما أسلفنا في مقولات سابقة فمتى وجدت هذه الغاية وكيف ؟ إنه السؤال الأصعب والأعقد الذي طرحته على نفسي لأن في الإجابة عليه توالد لأسئلة أخرى تحتاج إلى إجابات تستدعي أسئلة أخرى إلى ما لا نهاية .. إلى أن نصل إلى ما يمكننا أن نسميه المعرفة اللامحدودة في عدم المعرفة ، أي وكأننا نقول إن الطاقة الكهربائية التي لا تعرف الضوء ولا تعرف المواد التي تتمظهر فيها وبالتالي لا تعرف نفسها ، هي تعرف كل شيء دون أن تعرف أنها تعرف كل شيء وهنا يكمن سر قوتها !
1040- حسب قولنا : إن المادة الأولى كانت تحمل في ذاتها غاية مجردة ،وكأنها تقول لنفسها أنها اوجدت نفسها لتكون شيئا ما دون أن تدرك ما هو هذا الشيئ . هذه الغاية راحت تتطور عبر مليارات السنين إلى أن توصلت إلى خلق الإنسان الذي راح يفكربدوره في الغاية من وجوده دون أن يدرك هو بدوره أن تفكيره في الغاية من وجوده هو تفكير للمادة نفسها التي جاء منها ، وأن تفكيره لا ينفصل عن تفكيرها ، الفرق الأهم هو أن خلق ما قبل الإنسان ، أي ما يسمى الطبيعة الصامتة ، هو خلق جميل ومتوازن ويبدو لنا أنه في غاية الجمال والتوازن والإنسجام ، ولو كان عشوائيا وفوضويا لا تحكمه قوانين بعينها، لدمر الكون ، وهو ما لم يتوصل إليه الإنسان حتى الآن ليكون خيرا مطلقا وجمالا مطلقا ومحبة مطلقة وتوازنا مطلقا .
1041- يقدر العلماء عمر الإنسان العاقل بحوالي 160 ألف سنة ! أنا شخصيا أعتقد أن الإنسان العاقل بالمطلق ، الإنساني بالمطلق ، أي انسان الفضيلة ، لم يوجد بعد . فالإنسان العاقل الموجود حاليا هو الذي تتمثل فيه قيم الخير والحق والجمال بحدودها الدنيا ، وهذا لا يتوفر إلا في قلة شبه نادرة في المجتمع البشري . فكفانا كذبا على أنفسنا !
*****
(17)
شاهينيات (71)
(966)
لو أن قوانين الفيزياء لم تصطدم بموانع وحواجز صعب عليها اختراقها حين أوقفتنا مثلا عند كون هولوغرامي وهمي مختزل في صورة ليزرية مصغرة ، يصعب على العقل البشري تصورها ، أي لو أنها استطاعت اختراق هذا الحاجز ووضعتنا أمام قوانين ونظريات يمكن للعقل أن يستوعبها ويتقبلها ، لما وصلنا إلى الحال التي نحن فيها من الحيرة والجهل بوجودنا والغاية منه .. ومما زاد الأمر غموضا وتعقيدا جديدي الفلسفي بالأمس الذي ظللت أتجاهله دون الخوض فيه حين اعتمدت النظررية الفيزيائية بأن الوجود مكون من مادة وطاقة ، ولا شيء غير ذلك ، وما عقد الأمر هو جديد الأمس الذي اعتبرت فيه أن الطاقة لا تعي ولا تعرف ومع ذلك لا يمكن أن يخلق شيء دونها .. ففي هذه الحال كيف سأعالج ما قلته من قبل من أن " عملية الخلق تكاملية بين الطاقة والمادة " أو بين الخالق والمخلوق إذا ما استعرنا تعبيرا دينيا ..والأهم كيف سأعالج موضوع الغاية من الخلق وهي أن يكون الخلق خالقا بدوره ،والخالق هنا لا يقصد به المفهوم الديني أي أن يكون إلها ، فالمقصود به هو بناء الحضارة الإنسانية وتحقيق قيم الحق والخير والجمال .
لم تخبرنا الفيزياء ما إذا كانت الطاقة تعي أو لا تعي ، غير أنها أخبرتنا عن تجاذب بين جزيئات المادة والطاقة دون أن تعتبر الأمر وعيا .. ثم هناك مشكلة العقل الكلي أو الكوني الذي افترضته عدا العقل البشري والعقل الفردي الشخصي . وعدا الذات الكلية والذات البشرية والذات الشخصية ، فأين سأضع هذه المكونات حسب اجتهادي الإفتراضي الأخير بأن الطاقة لا تعرف ولا تعي ولا تعقل ! ثمة ما يقارب أفكاري بالأمس في الفلسفة التاوية الصينية ، غير أن الأخرى لم تدخل في موضوع وعي أو لا وعي الطاقة . بحثت عن مقولات محددة في الفلسفة التاوية لكني لم أعثر عليها على النت رغم وجود الكثير من أفكارها ..
********
(18)
حين نكح الفيل الحمار ؟!
الجنس ! مسألة شغلت الإنسان والحيوان منذ بدء الخليقة . وكم حاولت العقائد البشرية ايجاد تشريعات لها بأن تحدد لها سلوكا وممارسة معينتين دون جدوى .. فليس هناك كائن حي لا يمارس الجنس حتى النباتات ، غير أن تلقيح نبات من آخر عبر الريح أو عبر الحشرات أو غير ذلك لا يعتبر شذوذا ، بينما أي ممارسة للإنسان أو الحيوان غير مألوفة أصطلح على تسميتها شذوذا لتحد أو تمنع حرية الإنسان في جسده وأن يمارس غريزته ويمتع نفسه بالطريقة التي تناسبه طالما أنه لا يسيء إلى أحد.
لفت انتباهي هذا المساء موضوع في الحوار المتمدن عن ( الشذوذ الجنسي في الجاهلية والإسلام ) بقلم داوود الكعبي .. لم أفاجأ بكل ما جاء في المقال . من نكح الذكور أو نكح النساء من دبر أو نكح الحمير والجمال والمعز والنعاج أو مفاخذة الأطفال والسحاق وغير ذلك من المتع الغريزية .. المفاجىء هو أن الإنسان ما يزال يفكر في المسألة الجنسية ويوليها أهمية كبيرة قد تفوق تفكيره في أن يكون انسانا حرا كريما . هذا الأمر قادني إلى البحث عن الشذوذ الحنسي عند الحيوانات لأجد ما لم أتصوره ، فلم أفكر يوما في أن أرى صورة لفيل ينكح حمارا ،أو غزالا ينكح لبؤة أو مجموعة قرود تمارس جنسا جماعيا بشكل طريف ومضحك جدا .. شاهدت صورا كثيرة أضحكتني كثيرا .. الملاحظ أن هذه الحيوانات تمارس غرائزها دون إكراه بل وتتمتع ،وربما يجد الحمار متعة مع الفيل لا توفره له الأتان أو العكس . أقصد الأتان مع الفيل .
الممارسة الأنثوية مع الحيوانات معروفة ومشهورة ، كالكلاب والقرود والحمير والبغال والحصن ومن دبر وأمام. سأورد مقال الحوار المتمدن . كما سأورد مقالا عن الموسوعة الحرة . أما عن الصور فمن يريد أن يرى فيمكنه أن يبحث على النت عن ( الشذوذ الحنسي عند الحيوانات ) وسيضحك كثيرا !لن يصدق المرء أن أسدا يغتصب غزالة ولا تبدو الغزالة منزعجة ولا نعرف ما إذا غارت اللبؤة .. وهل سيفترس الأسد الغزالة بعد أن يغتصبها ؟ من يصدق أن هناك 1500 فصيلة حيوانية تمارس الجنس المثلي .. مسكين الإنسان لم يعرف شيئا بعد عن حقيقة الوجود والخلق .والأسوأ أن تجد بشرا يخوضون حروبا من أجل فرض دين معين أو نظام معين !
الموسوعة الحرة
يشير اصطلاح الممارسة الجنسية المثلية في الحيوان إلى أي دليل موثق لنشاط جنسي مثلي، أو مثلي ازدواجي لدى الفصائل الأخرى من الكائنات غير الإنسان، ويتسع الاصطلاح ليشمل النشاط الجنسي المثلي, بكافة درجاته كالمداعبة الحسية والمرافقة والممارسة الجنسية الكاملة بين حيوانين من نفس النوع (ذكرين أو أنثيين). الدوافع والآثار المترتبة على هذا السلوك لا تزال غير مفهومة تماما.
ففي عام 1999 ذكر تقرير أعده بروس بيجميل أن السلوك الجنسي المثلي لوحظت في قرابة 1500 فصيلة حيوانية تتدرج من الرئيسيات إلى الديدان منها 500 فصيلة موثقة توثيقا تفصيليا.[1][2][3]
و من المفهوم أن النشاط الجنسي في الحيوان يتخذ أشكالا متعددة ومختلفة في بعض الأحيان عن الإنسان، كما أن الدوافع الجنسية لدى الحيوان وانعكاساتها على السلوك تختلف عنها في الإنسان وما زالت في معظم الحيوانات قيد الدراسة.
و وفقا لبيجميل "تمتلك المملكة الحيوانية تعددا جنسيا (يشتمل على علاقات جنسية مثلية وعلاقات جنسية ازدواجية وعلاقات جنسية لأغراض أخرى غير التناسل) وذلك على خلاف ما اعتقدته العلماء والمجتمع بأسره في السابق".[4] وهو ما تشير إليه الأبحاث الحديثة حول الموضوع فقد أشار تقرير أعد عام 2009 حول بحث علمي قديم في هذا الشأن أن السلوك الجنسي المثلي يمكن اعتباره سلوكا عاما مميزا للملكة الحيوانية ككل.[5]
و يشير أيضا الباحث وعالم الجينات الدكتور سايمون ليفي (en) في بحث أجراه عام 1996 "أنه ورغم شيوع السلوك الجنسي المثلي في عالم الحيوانات، إلا أنه من غير الشائع على الإطلاق أن تطول علاقة أفراد من أي فصيل لدرجة تغلي السلوك الجنسي المغاير ولذا فإن السلوك الجنسي المثلي -إن صحت التسمية للحيوانات- يبدو نادرا".[6]، فبناء على تجربة تم إجراؤها تم عزل بعض فصائل الحيوانات لفترات طويلة ذكور معا وإناث معا ولم تظهر هذه الفصائل أي بوادر لنشاط جنسي مثلي، بينما تبدي فصائل أخرى استعداد أكبر لنشاط جنسي مثلي كبعض فصائل الخراف التي تمارس ذكورها الجنس المثلي حتى مع توافر الإناث [7]، وهو ما يؤكد أن الميل للسلوك الجنسي المثلي ليس مرتبطا بالمنع والإتاحة، وأنه خاصية مميزة لفصائل دون أخرى.
تستخدم ملاحظة الجنس المثلي في الحيوانات دليلا مع وضد قبول الجنس المثلي للإنسان في آن واحد ولا سيما فيما يتعلق ب"مخالفته الفطرة". فعلى سبيل المثال، ذُكرت مسألة الجنس المثلي في الحيوانات ضمن قرار المحكمة العليا للولايات المتحدة في أحد القضايا المتعلقة بالمثلية الجنسية وهو ما أطاح بقوانين منع المثلية الجنسية في 14 ولاية أمريكية.[8] لكن الخلاف حول تأثير العادات الجنسية الحيوانية أخلاقيا ومنطقيا على العادات الجنسية البشرية لا يزال قائما.[9][10][11]
* للأسف ضاعت المراجع ومعظمها عن النت . لمن يريد اتأكد يمكن وضع جملة من نص منقول ويضعها في جوجل .

(19)
التحالف بين يهوه والشيطان !!
في سفر أيوب التوراتي يمثل أبناء الله بما فيهم الشيطان أمام الرب :
1 :6 و كان ذات يوم انه جاء بنو الله ليمثلوا امام الرب و جاء الشيطان ايضا في وسطهم.
ويجري الحوار التالي بين الرب والشيطان :
1 :7 فقال الرب للشيطان من اين جئت فاجاب الشيطان الرب و قال من الجولان في الارض و من التمشي فيها
1 :8 فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي ايوب لانه ليس مثله في الارض رجل كامل و مستقيم يتقي الله و يحيد عن الشر
1 :9 فاجاب الشيطان الرب و قال هل مجانا يتقي ايوب الله
1 :10 اليس انك سيجت حوله و حول بيته و حول كل ما له من كل ناحية باركت اعمال يديه فانتشرت مواشيه في الارض
1 :11 و لكن ابسط يدك الان و مس كل ما له فانه في وجهك يجدف عليك
1 :12 فقال الرب للشيطان هوذا كل ما له في يدك و انما اليه لا تمد يدك ثم خرج الشيطان من امام وجه الرب
يظهر الله في النص باسمه الإلهي ( الله ) (والرب ) وبأسماء أخرى في اللاحق من النص ،ويفترض أن الله هنا هو الإله اليهودي التوراتي يهوه ، الذي يطلق عليه في التوراة أسماء مختلفة .
لا نعرف من النص من هم أبناء الله هل هم من البشر أم من الملائكة . تفاسير الكنيسة تقول أنهم من الملائكة ،ومن المعروف أن الشيطان ملاك جميل كان مكرما عند الله . وكذلك لا نعرف الحال التي ظهر فيها الله ، لكن مثول بنيه أمامه يوحي أنه جالس على العرش !
يتضح من النص العلاقة الحميمة بين الشيطان والله ، فهو ( الله ) يعتبره من بنيه ، ولم يتحدث إلا معه دون الآخرين ، وهذه مكرمة من الله أن لا يتحدث إلا معه، ولو لم يكن كذلك لطرده من بين الملائكة الآخرين ،ولما تحدث إليه بهذه الحميمية ، سائلا إياه من أين جاء ( أي عن أخباره مما يوحي بالإطمئنان عليه ) وإجابة الشيطان بأنه كان يتجول ويتمشى في الأرض ، يوحي بالحرية المتاحة له في الأرض بأن يتجول ويذهب أينما شاء ، بل ويفعل ما يقدر عليه ، فها هو الله يسأله
ويطلب إليه بل ويوصيه بعبده أيوب بأن يجعل قلبه عليه .
نفهم من هذا الكلام أن الشيطان عطوف وصاحب قلب كبير يمكن أن يوظفه في محبة الآخرين ورعايتهم ، حتى أن الله يطلب منه ذلك . غير أن الشيطان يبدو
عارفا بأسرار القلوب حين يجيب بأن الأمر ليس مجانيا عند أيوب كما يعتقد الله ،
فالمسألة تتعلق برعاية الله له ومباركة أعماله ، وإذا ما توقف عن ذلك فإن أيوب سيشتمه علانية ! وبدلا من أن يجيب الله الشيطان بأنه أدرى بعبده منه ، نراه
يتخلى عن أيوب ويطلق يدي الشيطان في ماله وعياله ، في محاولة منه لمعرفة مدى ايمان أيوب به . وهنا يتضح أن قدرة الله على المعرفة ليست مطلقة ، وإلا لعرف مدى إيمان أيوب دون تعريضه لهذا الإختبار الفظيع ، وخاصة حين يصبر
أيوب على ذهاب ماله وعياله قائلا :
1 :21 و قال عريانا خرجت من بطن امي و عريانا اعود الى هناك الرب اعطى و الرب اخذ فليكن اسم الرب مباركا
وبدلا من أن يقتنع الله بعظمة إيمان أيوب حسب هذا الكلام العظيم فعلا ، نراه يذعن للشيطان ويمعن في إطلاق يده لتعذيب أيوب في جسده بعد ماله وعياله .
يقول الشيطان :
2 :5 و لكن ابسط الان يدك و مس عظمه و لحمه فانه في وجهك يجدف عليك
ويقول الله :
2 :6 فقال الرب للشيطان ها هو في يدك و لكن احفظ نفسه
نرى في رد الله هنا أن الشيطان قادر على الموت والحياة أيضا ، فالله يطلق يد الشيطان في جسد أيوب شريطة أن لا يميته (و لكن احفظ نفسه ) فكيف يعرف الشيطان الضربة التي لا تميت أيوب من الضربة التي يمكن أن تميته . ومن المعروف أن أيوب أصبح مجرد جلد على عظم دون أن يموت .
باقي القصة معروف وقد تطرقنا إليه في مقالات مطولة سابقة ،وأجرينا مقارنة بين سفر أيوب وفاوست غوته ، لنبين الفارق الإنساني الكبير بين نص التوراة ونص غوته . ففي سفر أيوب يضطر أيوب ليس إلى التجديف على الله فحسب بل إلى الكفر به ، مما يدفع الآخر إلى التهديد والوعيد ، ليتراجع أيوب أمام جبروته ،ويتوب ..
ويبقى سفر أيوب هو أول ملحمة أدبية تراجيدية في الأدب البشري
تطرح أسئلة وجودية عميقة لم يطرقها الأدب البشري قبلها ، بلغة غاية في الرفعة والسمو . كما أسلفنا في مقالات سابقة .
وها هو يهوه ( الله ) يطلق أيدي شياطينه في اسرائيل ليبيدوا الفلسطينيين الصابرين على بلواهم ! كما يطلق أيدي شياطين آخرين في بلدان أخرى ليبيدوا الشعوب المغلوب على أمرها !!!!
(20)
تحولات الألوهة من الأنوثة إلى الذكورة
محمود شاهين
(1) مدخل تاريخي
ما أن فتح الإنسان عينيه على الحياة حتى غمرته دهشة الوجود واحتار أمام وجوده فيه فراح يفكر ويتأمل .. مر تأمله بأطوار كثيرة ، ونظرا لأن حمل المرأة وولادتها كانا أكثر أعجوبة تثير دهشته فقد راح يتخيل أن القدرة الكامنة خلف الوجود لا بد أن تكون أنثى ، وأن الكون لم يتشكل إلا من مضاجعة السماء للأرض أو من مضاجعة القمر للشمس لتنجبا الزهرة ، وغير ذلك الكثير من التخيلات التي قاده إليها تأمله ، لتبدع أروع الملاحم الأدبية الباحثة عن سر الخلق : الإينوما إيلتش .ملحمة جلجامش . الأوبينيشاد . الفيدا . ملاحم الإغريق . التكوين التوراتي ، وغيرها من ملاحم الخلق .التي كانت تتأثر بما سبقها من ملاحم بل وتأخذ منها كما أخذ ت ملحمة الخلق التوراتية من ملحمة الخلق البابلية ومن تراتيل أخناتون وأسطورة إيزيس واوزيريس ومن التراث الكنعاني واليمني والحجازي وقد أشرنا إلى ذلك أو بعضه في حينه .
وكانت هذه الملاحم تؤثر بدورها في قصص الخلق اللاحقة لها كما كانت المسيحية والمانوية
والصابئية امتدادا لملحمة الخلق التوراتية ومكملة لها ، كما قام الإسسلام في أسسه على ملحمة الخلق التوراتية وإن كان مطورا لها في الكثير من جوانبه .
وقد مرت مرحلة غير قليلة من عمر البشرية كانت الألوهة تعزى للأنثى لأنها هي التي كانت تهب الحياة بحملها وولادتها ،وكانت قيادة المجتمعات المشاعية لها .. فظهرت في تاريخ البشرية مئات النساء الإلهات: عشتار . إنانا . مايا . عناة . عشتروت . إيزيس . افروديت . أثينا . اللات . مناة . العزى . إلى أن تغير الزمن بفعل هيمنة الرجل التدريجية على مقاليد الحكم وقيادة القبائل والمجتمعات ، فأخذت الألوهة تعزى للرجل خاصة بعد أن تأكد من دوره الرئيس
في مسألة التكاثر ( الحمل ) فلولا قيامه بالمضاجعة لما كان هناك حمل . ثم إن قدرته على العمل كانت أقوى من قدرة المرأة .. ثم كان عليه أن يعرف أبناءه ، ليورثهم ما جمعه واستحوذ عليه في حياته .. مجموعة عوامل أدت إلى هيمنة الذكر ، والتفكير في الألوهة المذكرة لتنقرض إلى غير رجعة ألوهة الأنثى .. حتى أن مجتمعاتنا الحالية تنعت بالمجتمعات الذكورية لهيمنة الرجل على معظم مقاليد الحياة فيها .فظهر في تاريخ البشرية الكثير من الآلهة الذكور . وكانت آخر إلهة أنثى هي إيزيس المصرية التي استمرت عبادتها حتى أواسط القرن الخامس الميلادي وامتدت عبادتها لتطال أجزاء من أوروبا وافريقيا وآسيا إلى ان اندثرت أمام المسيحية بعد أن اعتنقتها روما .وإن كان هناك إلهات أخريات باقيات فلم تكن عبادتهن ذات شأن هام وعلى نطاق واسع .
تاريخ البشرية المدون وشبه المدون والذي عرف بشكل مقبول في بعض الأقطار ، لا يتجاوز ثمانية آلاف عام في أحسن أحواله . والمعروف بشكل جيد لا يتجاوز خمسة آلاف عام . وهذا الزمن رغم كل عقائده ودياناته وفلسفاته لم يضع حدا لدهشة وحيرة الإنسان أمام الوجود ، فكل ما قدمه العقل البشري لم يرق إلى حقيقة مطلقة للطاقة الكامنة خلف الوجود ، يمكن أن يقتنع بها الإنسان ويتبعها ، فما تزال مئات الأديان قائمة في العالم ، وأسوأ ما في الشعوب والطوائف التي تتبع هذه الديانات ، أن كل فئة تجزم أن معتقدها هو الصحيح والمعتقدات الأخرى خطأ ، ومن لا يتبع المعتقد فهو إما كافر أو ملحد .حتى الذي يؤمن بوجود طاقة ما خلف الخلق ، كوجود خالق ، يعتبر في نظر البعض ملحداً وفي نظر آخرين كافرأً .
هذه الدهشة أمام الوجود والإستغراق في التأمل ، قادت الإنسان إلى أمر آخر غير الدين التقليدي هو التصوف. والتصوف في حالته المثلى هو ما يقود الإنسان إلى الإتحاد بالوجود ، وعند المؤمن إلى الإتحاد بالذات الإلهية .
الإتحاد بالوجود : الإعتقاد أن الوجود هو وجود واحد وليس وجودين ، أي خالق وخلق ، فإذا كان هناك خالق فهو المتجلي في هذا الوجود ولا شيء غيره وأن وجود أي كائن لا ينفصل عن هذا الوجود ولا عن أي شيء فيه . وقد تمثل هذا الفهم في بعض العقائد بشكل ما ، وخير عقيدة تمثله هي عقيدة الشنتو اليابانية ، وكذلك البوذية إلى حد ما ، وثمة عقائد أخرى في الهند ، وجماعات من الشباب في أوروبا وأمريكا يتبعون هذا الفكر دون أن يكونوا متدينين . فهم يعيشون حياة عصرية بكل معنى الكلمة .
وحدة الوجود هذه في منطقتنا أسسها ورسخ قواعدها المتصوف الإسلامي الكبير محي الدين ابن عربي قبل حوالي 800 عام ، وجعلها متسعة للفكر الإنساني كله مهما كان سلبيا ومهما كان إيجابيا ، فأنت إن كفرت مؤمن ، وإن آمنت بأي معتقد فأنت مؤمن أيضا ، حتى وإن ألحدت أنت مؤمن ، لأنك واحد من وجود واحد هو الله وتجلياته !! فالخالق عند ابن عربي هو الحقيقة السارية في الكون من أعلاه إلى أدناه ، ودونها لا يمكن أن يتم شيء مهما كان صغيرا أو كبيرا . وإذا كانت بعض الديانات تقوم على ثالوث اقنومي كالمسيحية ،( الآب والإبن ،والروح القدس ) فإن وحدة وجود ابن عربي تقوم على أقنوم واحد هوالوجود كله وكل شيئ فيه ، فكل شيء( ولو مجازيا ) جزء من الذات الإلهية لأنه ليس في الأصل إلا تجل من تجلياتها . وليس غريبا أن يسبح لله كل ما في السماوات وما في الأرض . لأن كل شيء من الله ولله فالوجود له وحده .
*******************
(21)
* عصور الأمومة :
لم تشهد عصور الأمومة وسيادة الأنثى الإلهة التي يقدرها المؤرخون من ثلاثين إلى خمسين ألف سنة أية حروب مدمرة كما لم تشهد إقامة جيوش جرارة غايتها شن الحروب والتوسع في الأرض وسبي النساء والإستيلاء على أراضي الآخرين ، كما لم تشهد صنع أدوات حربية ، فقد كان الإنسان يهتم بقوته ، ويؤسس للزراعة ، ويصنع أدوات للصيد ولمكافحة الوحوش المفترسة ، ولتناول الطعام ، وحفر الكهوف للإقامة ، وفيما بعد بناء البيوت الطينية ... ويمكن القول إن إنسان عصر الأمومة كان يؤسس لحضارة إنسانية ، بينما راح عصر الذكورة اللاحق - والقائم حتى يومنا - يؤسس لإقامة حضارة عدوانية تقوم على جيوش جرارة غايتها التوسع والهيمنة والسلب والحفاظ على السلطة وأنظمة الحكم .ونشر الفكر الذكوري وفرضه على الأمم . ولم يكن لدى إنسان عصور الأمومة مشاكل جنسية وربما على الإطلاق ، لأن الجنس كان متاحا له بيسر ، فلم يكن في حاجة إلى آلاف السبايا من العذراوات وغير العذراوات ليشبع غرائزه ونهمه إلى الجنس . ولم تكن الأرض ملكا لأحد بل كانت ملكا للبشر جميعا .
كانت نساء الجماعة البشرية البدائية ، للرجال جميعا ورجال الجماعة للنساء جميعهن وكان الأبناء يعرفون بأمهاتهم وليس بآبائهم ،وكان من الطبيعي أن تكون المرأة الأم عماد الأسرة فيما بعد، ومن هنا جاء اعتقاد الإلهة الأنثى بأسمائها الأنثوية لاحقا . حتى أن تحول بعض الجماعات إلى قبائل في عصور لا حقة كان ينسب إلى أنثى وظل كذلك عند بعضها إلى يومنا كما هو عند بعض القبائل العربية .
قدرة الأنثى على الحمل والإنجاب وتجدد دمها ( أحد أهم أسرار الحياة ) بفعل الطمث الشهري وحيض الولادة جعل الإنسان القديم يعتقد أنها الطاقة الكامنة وراء الخلق ، فألهها وقدس المرأة بشكل عام كما قدس دمها وقدس الممارسة الجنسية لما تبعثه من متعة للجسد .
في الأساطير السومرية يتم خلق الكون من جسد الأنثى حين يقوم الإله مردوخ حفيد الأم الأولى تعامة بشق جسدها إلى نصفين ليقيم منهما السماء والأرض.

بعد أن كانت الربة العذراء عشتارمعبودة تقدم لها القرابين وتقام طقوس الجنس المقدس في معابدها وتهب العذراوات المقدسات عذريتهن أضحية لها لأول عابر طريق ، بدأ الإنقلاب الذكوري الأقدم الذي وصل إلينا مكتوبا في ملحمة جلجامش ، حين أبى جلجامش الزواج من الربة العذراء عشتار بعد أن هامت به حبا :
تعال يا جلجامش وكن حبيبي
هبني ثمارك هدية
كن لي زوجا وأكون زوجة لك .
غير أن جلجامش يأبى الزواج من الربة ملصقا بها الصفات غير
الحميدة ،معددا مثالبها وأفعالها :
وأي حبيب أخلصت له الحب إلى الأبد ؟
وأي راع لك افلح معك على مر الأزمان ؟
تعالي أفضح لك حكايا عشاقك :
تموز زوجك الشاب ضحيت به ثم بكيته !
طائر الشقراق الملون أحببته
ثم ضربته فكسرت له الجناح
وأحببت الأسد الكامل القوة
ثم حفرت له مصائد سبعا
وأحببت الحصان السباق في المعارك
ثم قدرت عليه السوط والمهماز والاحزمة
وأحببت راعي القطيع
ثم ضربته فمسخته ذئبا
وأحببت أيشولاتو بستاني نخيل أبيك
ثم ضربته فمسخته خلدا
فإن أحببتني ألا يكون نصيبي منك كهؤلاء ؟
****
)22)
قدرة المرأة الأنثى على الحمل والإنجاب دفعت الذكر الرجل إلى منافستها في هذه القدرة ، فكبير الآلهة اليونانية زيوس يأخذ الجنين من بطن أمه ويشق فخذه ويضعه فيه ليكتمل نموه !! وهكذا يولد بروميثيوس من فخذ أبيه ! وتنبثق الربة أثينا ( ربة الحكمة والحرب ) من جسد زيوس نفسه بعد أن ابتلع أمها وهي حامل ! !
تحمل الربة الفرعونية العذراء إيزيس بحورس دون ذكر إله غير أن حورس يستلب الألوهة من أمه للتتراجع مكانتها الألوهية ، وهو ما سنراه في المسيحية حين تسود ألوهة المسيح وتغيب قداسة مريم العذراء من الأناجيل .
الضربة القاضية لألوهية الأنثى جاءت على يد كتبة التوراة اليهودية الذين أحالوا المرأة
إلى شيطان في جسد أفعى تغوي حواء في أكل ثمرة من شجرة المعرفة ، ولتتحول الأنثى الربة
إلى انثى ملعونة ماكرة شيطانة دنسة ، بعد أن كان دمها مقدسا ، وحملها مقدسا ، ومواقعتها مقدسة .. وقد تجلى ذلك في الديانات اللاحقة بنسب متفاوتة . علما أن قصة الشجرة والمرأة والأفعى ، تظهر في المدونات والرسومات السومرية المتأخرة ، كما أن الشجرة النبتة والأفعى
تظهران في ملحمة جلجامش قبل ذلك. وقد جاءت التوراة بإله ذكوري ( يهوه ) يحمل كل الصفات السلبية التي يمكن أن يحملها إله ، من المزاجية والأنانية والعنصرية إلى القتل والتدمير والإنتقام بكافة أشكاله .
****************
بعد أن كانت الأنوثة هي مصدر الخلق حتى خلق الآلهة كما فعلت الأم تعامة في الأساطير السومرية والبابلية تحولت إلى مجرد مخلوق من ضلع الذكرالذي خلقه يهوه على صورته، كما أورد كتبة التوراة في سفر التكوين ، ليصبح نصف الخلق الإنساني ( الأنثى ) مخلوقا من ضلع ذكري .
وكمن يقلب الوجود رأسا على عقب أنزل العقل الذكوري الأنثى الإلهة من عليائها السماوية الألوهية وقدسيتها في المرأة إلى أدنى المراتب الإنسانية الدنيوية وأدنسها ، وجعل الذكر سيدا عليها ، ومن أتعاب الحمل وآلام الولادة عقابا لها ، ورفع ذكورية الرجل من المراتب الدنيوية إلى المراتب السماوية والألوهية ، لتغدو الألوهة ذكورية بالمطلق لا وجود للأنوثة فيها أية مكانة على الإطلاق ، وتحولت القاب الألوهة ومسمياتها إلى ذكورية بالمطلق بما فيها الرب الأب الوالد ، مع أنه لا يلد !
(23)
في حقوق الكاتب العربي !
( برسم اتحادات الكتاب ووزارات الثقافة في الوطن العربي )
في الثاني عشر من أيلول الماضي وتحت عنوان " لو أن المثقف راقصة " كتبت مقالا مطولا نشرته على صفحات الحوار المتمدن والعديد من المواقع الألكترونية والإجتماعيه ولم تنشره أي صحيفة عربية حسب معرفتي ، رغم أنني أرسلته لأكثر من صحيفة ، فالمقال يطال الصحافة أيضا لتقصيرها في حقوق الكاتب . وقد قارنت فيه بين حقوق الكتاب والراقصات والمغنيات في الوطن العربي ، لأجد أن الفارق هائل ، وتمنيت لو أنه في مقدور الكاتب أن يكون راقصة ! وتطرقت فيه إلى الظروف التي أعيشها حاليا بعد خروجي من دمشق على أثر الحروب السريالية الطاحنة التي تدور في سوريا ، وما تركته خلفي من بيت ومتحف يشكلان تعب عمري ، وأنني أفكر في الإنتحار إن لم أجد من يبعد شبح المسدس عني ، وتطرقت إلى رسائل مني للرئيس الفلسطيني لم تسفر عن شيء حتى حينه .
أليوم أتمنى لو أن المثقف عامل تمديدات صحية ، فقد حلقت بعيدا في الخيال حين تمنيت أن يكون راقصة ، فأسوأ عامل تمديدات صحية يستطيع أن يجني في شهر أو حتى بضعة أيام أكثر مما يجنيه كاتب نشط في عام ! فلم تسفر حملتي التي دعمها العديد من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين إلا عن 300 دولار شهريا كمكافأة لخمسة كتاب أحدهم أنا .(حدث هذا بعد أن حمل رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين مراد سوداني معاناتنا إلى مكتب الرئيس ليتمخض عن هذا الدعم المحدود الذي لا يكفي لأجرة بيت مقبول في هذا الزمن . والمؤسي أن أحدنا فارق الحياة قبل أن يقبض قرشا من هذا الدعم ، هو الكاتب نواف أبو الهيجاء) ( أنا قبضت خلال ما يقرب من ثلاثة أشهر حقوقي عن شهرين : كانون الثاني وشباط من هذا العام )
هذه الحال المؤسية دفعتني إلى التفكير في مشروع لحقوق الكتاب في الوطن العربي تتبناه اتحادات الكتاب وتفرضه على كل الجهات المعنية في الوطن العربي من صحافة وإعلام ووزارات ثقافة وكل من يعنيهم الأمر للإلتزام به .
1- صندوق دعم الكاتب .
أ- إنشاء صندوق في كل اتحاد لدعم الكتاب المتفرغين للكتابة والذين ليس لديهم أي دخل مادي آخر غير الكتابة . أو الذين لديهم دخل ، لكنه لا يكفي لمعيشتهم ، فيتم استكمال دخلهم من الصندوق ، ليصبح في حدود تعادل1500 -$- شهريا كحد أدنى ، و 3000 -$- كحد أعلى ( حسب ظروف الأسرة التي يعيلها الكاتب ، وعدد أفرادها ،إن كان متزوجا )
ب- يتم جمع أموال هذا الصندوق من الدولة التي يتوجب عليها المساهمة فيه بالجزء الأكبر ،ومن البنوك والشركات والجمعيات الخيرية وتبرعات المواطنين واشتراكات العضوية في الإتحاد.
ج- تقوم الدولة بفرض مبلغ محدد على البنوك والشركات الكبيرة وغيرها ..

و قدعرفت أن رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين قد بادر لإنشاء هذا الصندوق .
2- فيما يتعلق بحقوق الكاتب من دور النشر ، وعدد الكتب التي يتوجب نشرها .
أ- منع دور النشروالجهات الناشرة من تقاضي ثمن نشر كتاب أو جزء منه ، من المؤلف وإرغامها على دفع حقوق للمؤلف تتراوح بين 10 و25% من سعر الغلاف . (حسب أهمية الكاتب ).
ب- ارغام كل دار نشر على نشر عدد محدد من الكتب كحد أدنى وعدد كحد أعلى ليتسنى لجميع الكتاب نشر مؤلفاتهم . فلا يعقل أن تنشر دار نشر عشرات الكتب في العام ولا تنشر أخرى أكثر من أربعة كتب مثلا .
3- فيما يتعلق بالنشر في الصحافة المطبوعة والألكترونية والإعلامية (المذاعة والمتلفزة )
أ- يتقاضى الكاتب من أي جهة من هذه الجهات مبلغ يعادل 200 -$- عن أي مقالة أو قصة أو خاطرة أو قصيدة تنشر ،ولا يزيد عدد كلماتها عن 400 كلمة . وقد يقل عن ذلك إلى النصف أو أكثر كما هو في القصيدة أو القصة القصيرة .
ب- يتقاضى الكاتب مبلغ 400 -$- عن أي مقالة من المشار إليها أعلاه ، لا يتجاوز عدد كلماتها 750 كلمة .( يشترط أن تكون المقالة أو المقال أكثر من 550 كلمة أو في حدود 750 كلمة )
ت- يتقاضى الكاتب مبلغ 700 -$- عن أي مقالة لا يتجاوز عدد كلماتها 1500 كلمة ( يشترط أن تكون المقالة أكثر من 1200 كلمة )
ث- يتقاضى الكاتب مبلغ 1500 -$- عن كل مقالة في حدود 3000 كلمة .
ج- يتقاضى الكاتب 2000 -$- عن كل مقالة في حدود 5000 كلمة .
ح- يحق للكاتب أن ينشر مقاله في أكثر من صحيفة ومجلة شريطة أن تكون الصحيفة أو المجلة من بلد مختلف . وعلى كل صحيفة ومجلة أن تدفع للكاتب الحقوق نفسها مهما تعددت الصحف والمجلات ، ويتوجب على كل صحيفة أو مجلة تنقل المقال أن تدفع للكاتب حقوقه كاملة . حتى لو نشر المقال في 22 دولة و22 صحيفة ومجلة . فالراقصة والمغنية ليستا أهم من الكاتب والفنان رساما كان أو نحاتا أو غير ذلك . وعلى اتحادات الفنانين أن تسعى في الإتجاه نفسه لنيل حقوق الفنان .
خ- تستثنى المواقع والمنتديات المجانية من الأمر شريطة أن تأخذ موافقة الكاتب قبل النقل ، أو إذا تم برغبة من المؤلف سواء بالنشر أو النقل .
4- في هامش الحرية الممنوحة للكاتب .
أ- توسيع هامش الحرية للكاتب بحيث يشمل كل ما يتعلق بحياة المواطن العربي وبشكل خاص العقائد والديانات والمذاهب والعادات والتقاليد والطقوس شريطة الموضوعية في التناول والنقد ، دون اللجوء إلى التجريح أو بذاءة الطرح أو شتم الأنبياء والرسل والمفكرين الذين ينبغي احترامهم والتعامل معهم حسب ثقافة زمنهم ،وأن ما قدموه يخضع لهذه الثقافة ، وينبغي احترامه دون تقديسه . أي كما نحترم شرائع حمورابي حتى اليوم دون أن نقدسه أو نأخذ بشرائعة .. مع أن بعض الدول ما تزال تعاقب جريمة القتل بالإعدام ، وهي شريعة حمورابية !
ب- يصنف كاتبا كل من أصدر كتابين على الأقل غير الرسائل الجامعية . ويصنف كاتبا جيدا كل من أصدر خمسة كتب فما فوق بقليل . ويصنف كاتبا ممتازا أو من الدرجة الاولى كل من ألف عشرة كتب فما فوق .
في الختام نقول . إن الكتاب هم عقل الأمة ، أية أمة ، ومن يتوجب عليهم استشراف الأفق الذي يمهد لنهضة الأمم ويرقى بوعيها وثقافتها ويبني مقومات شخصيتها ،وينبغي احترامهم ووضعهم في المكانة الإجتماعية التي تليق بهم . وهم كأدباء ومفكرين إلى جانب الفنانين بكافة فئاتهم يشكلون ضمير الأمم ونسيج أرواحها الذي لا غنى لهم عنه .
هذا المشروع قابل للنقاش والتطوير من قبل الجهات المعنية .
معا وسويا من أجل نهضة الأمة ومن أجل كاتب حر يحترمه الجميع ومن أجل العيش بكرامة وحرية في أوطان حرة ترسم مستقبلا زاهرا لأبنائها .
م. ش.
(24)
الأدب العربي إلى أين ؟
قرابة قرن من الزمن أي منذ زينب هيكل أوائل القرن الماضي مرورا بنجيب محفوظ وانتهاء بما تريدون من أعمال حديثة ، دأب الكاتب العربي على كتابة أدب واقعي تاريخي ، يتطرق فيه إلى وقائع حدثت أو يمكن أن تحدث في واقع بلده ، رغم أن الجميع يعرفون الواقع وخاصة في زمن التلفاز والنت الحديثين حيث أصبح العالم قرية واحدة كما يقال ، فهل نكتب أدبا يعيد انتاج
واقعنا لنرى القتلى والقتلة ولنعش مآسينا على صفحات الكتب بعد أن عايشناها في الواقع المرير الذي فرض علينا ؟! أو نعود لنبش ما هو مشرق في تراثنا العربي لنقدم أدبا تاريخيا تراثيا يبتهج له الأوروبيون . لا بأس ! لكن ، هل سيحتل الأدب مكان التأريخ ليتحول الأدباء إلى مؤرخين ؟! كلنا نحلم بحياة أفضل وأجمل وأرقى وأكثر عدالة وإنسانية ، وبأوطان مواطنة وأنسنة لا أوطان طوائف أو عصابات أو شلة من العسكر تدوس حقوقنا ببساطيرها الثقيلة ، وتزج بنا في ظلمات سجونها ، وتطلق النار على صدورنا لمجرد مطالبتنا بالحدود الدنيا من حريتنا المستلبة . أما إن تجرأنا أكثروتمردنا أو ثرنا فمصيرنا السحق حتى بالمبيدات الكيمائية إن تطلب الأمر . كلنا نحلم ومع ذلك لا نجد أدبا يصور هذا الحلم ويجسده في أعمال أدبية . أقصد معايشة الحلم والدخول فيه وتصويرة كحالة انسانية مشروعة وحق من حقوق الإنسان . وأظن أن شعوبنا هي أكثر الأمم قدرة على التخيل والحلم ، وربما يدرك المثقفون منا أن كل حياتنا الراهنة هي نتاج ثقافة متخيلة ، أو حلم متخيل ، أي حلم يقظة ، فنحن ما شاء الله صعدنا إلى السماء السابعة وقابلنا الله ، ولم يسبقنا أحد إلى ذلك ! ونحن من جعل العذراوات يلدن آلهة ينطقون في المهد ،ونحن من جعل نساءنا يخن حتى الجن مع مئات الرجال ، رغم أنهن سجينات في صناديق جنية ! بل ويضاجعن الرجال في غفلة من الجن النائمين إلى جوارهن ! يبدو أن نوم الجن ثقيل ، فلا يسمعون الرصع والرهز والغنج على مقربة منهم .
الحديث عن خيالنا وأحلامنا قد يطول ، ومنذ أن جعلنا من الماء خالقا ، إلى أن جردنا مفهوم الخالق إلى أبعد حدود المطلق ، وجعلناه موجودا في كل زمان ومكان ،و ليس في مقدور أحد أن ينكر أن قرابة ثلث العالم وربما أكثر ، يعيش حياته الروحية بخيالنا ونتاج أحلامنا !!!! فما بال أدبائنا لا يتنبهون لأحلامنا ، ولا يسعون إلى كتابة ما يدور في مخيلاتنا ؟!
لا أذكر أنني قرأت رواية عربية تصور أحلام إنسان عربي ، وإذا وجدت فليعذرني كاتبها . وآمل من الأدباء الكرام أن لا يظنوا أنني أكتب هذا الكلام لأروج لروايتي ( الملك لقمان )
و( غوايات شيطانية ) لأنهما روايتا أحلام يقظة ! فليطمئنوا لأنهما ممنوعتان في معظم الدول العربية إن لم يكن جميعها . وما طبع منهما قد لا يبلغ الألف نسخة . وأشك في أن يعاد نشرهما ، كما أشك في إمكانية نشر روايتي الحالية " رحيل معلن إلى رحاب المطلق الأزلي " وشكرا للعقل البشري الذي أوجد الإنترنت وأتاح للأدب المحظور أن يرى النور ويصل إلى الألاف من الناس . وأحمد إلهي لوجود قراء بعشرات الآلاف لأدبي على النت .
لقد نهضت أوروبا الإنسانية على أكتاف ثربانتس وشكسبيرودانتي وهيجو وغوته ونيتشه وغيرهم كثر، وكان هناك مئات الروايات الدونكيشوتية التي تبعت أثر دونكيشوت ثربانتس
وتحلم بعدالة إنسانية . فأين دونكيشوت العربي . وأين الكوميديا الإلهية العربية ، وأين فاوست العربي ؟ أين ذهب هذا العقل العربي الذي أغنى الخيال البشري ، بينما تعطل هو !!! هل نام الأدب العربي على رسالة الغفران وحي بن يقظان ؟!
عذرا من أصدقائي الأدباء إذا ما مست كلمتي كتاباتهم !
******
(25)

مقدمة لا بد منها
التوراة غير التاريخية
أجمع العديد من الباحثين الأثريين والمؤرخين العلمانيين( بما فيهم بعض اليهود ) على أن كتاب التوراة ( العهد القديم ) ليس كتابا تاريخيا على الإطلاق وأن معظم ما يرد فيه لا يمت بأية صلة للحقائق التاريخية ، ويشمل هذا الرأي العهد الجديد لدى بعض الباحثين . وكان من أشهر هؤلاء العلماء الباحث الأمريكي توماس طومبسون في كتابيه ( التوراة والتاريخ ) و( اسطورة المسيح ) وثمة عنوان فرعي آخر للكتاب الثاني ترجمته ( الجذور الشرقية التقريبية لأسطورة المسيح وداود ) ولا أعرف إن ترجم هذا الكتاب إلى العربية ،والنسخة التي أرسلها المؤلف لي ظلت في دمشق .
توماس طومبسون عالم كبير عمل في الآثار في فلسطين ، وحورب
في أمريكا من قبل الحركة الصهيونية ولم تقبل أية جامعة بتوظيفة ، فهاجر إلى الدانمارك وأسس فيها جماعة العلماء العلمانيين تحت اسم ( مجموعة كوبنهاجن )
وسأقتطف فيما يلي بعض الفقرات من مقالة عثرت عليها على النت في موقع الجزيرة السعودي يعود تاريخها إلى 7 نوفمبر 2001 :
( وللدكتور طومسون آراء جريئة في تاريخ اليهود ودولة اسرائيل، ورغبة في تعريف القارئ بهذا الباحث العلمي المتميز، الذي اشتهر بجرأته على المستوى العالمي، فقد أعد الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، تعريفاً بهذا الباحث، والمدرسة التي ينتمي إليها، التي تهدف إلى كشف تزوير تاريخ اسرائيل القديم.
البروفسور توماس تومسون، هو باحث غربي، مادته: العهد القديم. والعهد القديم المحرف والموجود بين أيدينا يستعمل من قبل الصهاينة واليهود لمحو تاريخ، واختلاق تاريخ جديد لليهود وللمنطقة بأسرها.
وفي هذا الجو يناقش تومسون قيمة العهد القديم كمصدر تاريخي قديم، يتغلغل في أعماق التاريخ لأربعين قرناً تقريباً.
وعلينا في ضوء هذه المقدمة أن ننظر في أدلة تومسون لإنكاره وجود دولة اسرائيل المبكرة، وتاريخ المملكة الموحدة، ومملكة يهودا، ومملكة اسرائيل في عهدها المبكر، وكذلك النظر في أدلة مخالفيه في اثبات وجود تاريخ اسرائيل القديم، ووجود المملكة الموحدة، ثم انشقاقها إلى دولتين: اسرائيل ويهودا..)
(في أثناء القرن التاسع عشر الميلادي بدأ بعض الباحثين الغربيين يحللون النصوص المقدسة، فقد جاء «فلها وزن» اليهودي بفرضية وجود أربعة مصادر للتوراة، وأنها أي التوراة عبارة عن مجموعة من كتابات لأربع فئات أو أشخاص على الأقل، قامت الأجيال التالية بجمعها وتنقيحها، مع حذف بعض المواد واضافتها حسب الحاجة. واختلف الباحثون حول عملية التنقيح وتاريخ حدوثها، فبعض الباحثين اعتبر أن حدوثها قد حصل قبل سبي اليهود واخراجهم إلى بابل. والبعض الآخر اعتبر أن عملية التنقيح حدثت بعد عودة اليهود من بابل، ثم تتابعت عملية التنقيح والحذف والاضافة في نصوص العهد القديم حتى القرن الأول الميلادي، ويرى كاتب هذه المقالة الأعظمي أن عملية التنقيح قد استمرت حتى القرن العاشر الميلادي، كما شهد نهاية القرن التاسع عشر نقد نصوص العهد القديم، تواصلت عملية النقد هذه خلال القرن العشرين، مما أدى إلى حدوث تراكم معرفي نقدي، وظهور نظريات تناقض السائد من نظريات حول تاريخ اسرائيل ومدى مصداقية الاعتماد على نصوص العهد القديم مصدر لذلك التاريخ. فبرزت في هذا الجانب مدارس فكرية جديدة تقدم رؤى تختلف عما قدمته وتقدمه مدرسة اولبرايت وغيرها. ولعل أهم وأشهر هذه المدارس مدرسة كوبنهاجن وشفيلد لدراسات العهد القديم، تمحورت رؤى هذه المدرسة حول الأعمال والكتابات العلمية لجماعة من الباحثين الغربيين الذين من أهمهم المؤرخ الأمريكي توماس تومسون..)
مساهماته في تفكيك التاريخ القديم لإسرائيل
يعد البروفسور توماس تومسون من أبرز الباحثين الغربيين في مجال دراسات العهد القديم، وهو أمريكي من مواليد سنة 1939م.
بدأ تومسون مسيرته العلمية في مجال دراسات العهد القديم، بكتابة رسالته للدكتوراه في جامعة توبنغن بالمانيا عام 1967م، وأكملها في سنة 1971م. وفي بداية كتابته لرسالة الدكتوراه كان اتجاهه العلمي منسجماً إلى حد بعيد مع ما كان سائداً من الأفكار والنظريات المتعلقة بتاريخ اسرائيل والعهد القديم. وكان سببه أن حضارة نوزي، وقوانينها الاجتماعية والعادات والتقاليد الموجودة في تلك البيئة وجدت أشياء مماثلة في العهد القديم ترجع في تاريخها إلى تلك الحقبة من حضارة نوزي. ولذلك نظر الباحثون إلى أنه من الممكن جداً من الناحية الحضارية أن المنطقتين، يعني فلسطين ونوزي شهدا تطوراً مماثلاً في العادات والتقاليد، والقوانين. لكن تومسون تبين له فيما بعد أن النصوص المكتشفة في حضارة نوزي قد قرئت خطأ، وفسرت تفسيراً خاطئاً عمداً، لايجاد تشابه بين نصوص العهد القديم ونوزي. وبعد اكتشاف هذه الحقيقة تغيرت نظرة تومسون إلى الموضوع، وبدأ يدرس العهد القديم من جديد، وفي ضوء تلك الدراسات انهارت النظريات العديدة المتعلقة بالعهد القديم.)
(
وفي هذه الفترة أي عام 1975م نشر باحث كندي اسمه جون فان ستر بحثاً عنوانه ابراهيم في التاريخ والأعراف والتقاليد John Van Seter, Abraham in History and Tradition . ونتائج أبحاثه أيدت ما كان يذهب إليه تومسون، بأن قصص العهد القديم ترجع في أصلها إلى القرن السادس قبل الميلاد، أو حتى متأخرة عن هذه الفترة، ثم ظهر كتاب آخر، اشترك في تأليفه عدد من الباحثين، وكانت النتيجة التي توصلوا إليها بأنه لا يمكن الاعتماد على العهد القديم كمصدر تاريخي، ووافقت ما قاله تومسون، وعلى هذا فقد انهارت الاسطورة بأن العهد القديم يشتمل على الحقائق التاريخية.
وفي عام 1975م رجع تومسون من ألمانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ونظراً للمعارضة الشديدة لآرائه في الأوساط العلمية الأمريكية، حرم من التدريس في الجامعات الأمريكية، وهو يتحدث عن نفسه في جريدة الحياة فيقول: تقدمت بأكثر من 200 طلب توظيف خلال 12 عاماًَ من 19741986م، لكن لم تسنح لي الفرصة خلالها إلا لمقابلة جدية واحدة. ولكسب العيش فقد تحول إلى عامل للدهان في بيوت الناس، وعامل يدوي يشتغل حيثما يوجد العمل، وعلى الرغم من ذلك لم ينقطع عن البحث، فقد كان ينفق وقته في المساء، وكذلك. عطلة نهاية الأسبوع في دراسة العهد القديم، ولقد استمر الوضع هكذا لمدة عشر سنوات، حتى عين أستاذاً مساعداً في المدرسة اللاهوتية بالقدس عام 1985م، واستمر في هذه الوظيفة قرابة سنة، وفي هذه الفترة اشترك في البحث مع غونسالفيز الذي كان يعمل استاذاً هناك أيضاً عن أسماء المواقع الفلسطينية، حيث بدآ سوياً في عمل تمهيدي عن التغيير في أسماء المواقع الجغرافية منذ عام 1948م، ووصلا إلى نتيجة مفادها وجود برهان على عمل مبرمج ودؤوب لتجريد كافة أنحاء فلسطين من أسماء المواقع العربية. ومن ثم فقد استغني عن خدماته، ورجع تومسون مرة أخرى إلى صبغ البيوت والأعمال اليدوية الصغيرة، ثم حصل على منحة للبحث من الوقف القومي في عام 1987م، ونشر دراسته كاملة عن العهد القديم في سنة 1992م بعنوان The Early History of Israelite People وقد سبب هذا الكتاب رد فعل أعنف من سابقه.)
(
كما اشتغل في جامعة ماركويت وجامعة لورنس، وهما جامعتان كاثوليكيتان، وخاضعتان للجهات التبشيرية، وبما أن أبحاثه وتوجهاته كانتا في سمت مخالف للجامعة الكاثوليكية، فالجامعة قررت الاستغناء عن خدماته، وحسب القول رب ضارة نافعة، عين تومسون أستاذاً لتدريس العهد القديم في جامعة كوبنهاجن بالدانمارك، وكان ذلك في عام 1993م وهو لا يزال في منصبه هناك حتى الآن.)
(ولقد أنشئت مدينة ليكش وتم تسويرها في حدود 900 قبل المسيح، ولم تصبح يوروشليم مدينة رئيسية إلا بعد خراب ليكش في سنة 701 ق.م. ولم تكن هناك كثافة سكانية في تلك الحقبة من الزمن في المنطقة التي يسميها الناس دولة يهودا. ومعلوم أنها سميت حسب رواية العهد القديم دولة يهودا، بعد ما انشطرت الملكية الموحدة بعد وفاة سليمان إلى دولة إسرائيل ودولة يهودا.
وبما أن الروايات تذكر يوروشليم عاصمة الملكية الموحدة التي كان على عرشها داود وسليمان«عليهما السلام»، وبما أن يوروشليم لم تحتل مكانة مرموقة إلا بعد خراب ليكش في سنة 701 ق.م. فإذن لا يمكن أن تكون يوروشليم عاصمة للمملكة الموحدة في القرن العاشر قبل الميلاد.
ولقد ذكر الباحث الإسرائيلي اسيكشن، ووافق عليه فينكلشتائن أيضاً بأنه لا يوجد في الحفريات البقايا من الأواني الفخارية من القرن العاشر قبل الميلاد، أي من عصر داود وسليمان ، ولذلك استنتج ليمش أن داود الملك المذكور في العهد القديم لا يمكن إثباته تاريخياً.)

(26)
الخيال التوراتي الأسطوري
تطرقنا إلى القليل مما أثبته العلماء من أن كتاب التوراة ليس كتابا تاريخيا ولا يمت إلى الحقيقة التاريخية بصلة ، فماذا عن الخيال غير الواقعي الذي تضمه صفحات
التوراة والذي لا ينسجم ولو بالحد الأدنى مع المنطق ، بدءا بتصوير الإله يهوه بطبيعته المزاجية التدميرية وانتهاء بمساعدة الإله نفسه بني اسرائيل بتدمير ثلاثين مملكة كنعانية وإبادة سكانها ، ليحقق وعده إلى ابراهيم وإسحق ويعقوب ( اسرائيل ) بمنحهم الأرض التي وعدهم بها .
فحين رفض فرعون مصر السماح لبني اسرائيل مغادرة مصر بقيادة موسى وهارون راح يهوه يصب جام غضبه على المصريين فحول مياه النهر إلى دم بضربة من عصا موسى ،ومن ثم جعل النهر يفيض بالضفادع لتملأ أرض المصريين وبيوتهم ،ومن ثم أرسل البعوض والذباب ،وأمات المواشي ، وذر الرماد
في الجو ونشر الأمراض بأن أصاب الأجساد بالدمامل والبثور ،وأمطر بردا مخيفا على الأرض ،وألهب الفضاء بالنار ،ومن ثم أتى بزحف الجراد ،وأمات جميع الأبكارمن أبناء البشر والحيوانات والمواشي ،فلم يبق بيت مصري لم يوجد فيه ميت !ودب الصراخ والعويل في كل أرض مصر .
وحين أرغم الفرعون على الإفراج عن بني اسرائيل جعلهم يهوه يسلبون ذهبهم وفضتهم وما يحصلون عليه من متاعهم ليتقدمهم ( يهوه ) في عمود من سحاب
نهارا ، وعمود من نار ليلا ، ويشق لهم البحر ليجتازوه ، وحين يلحق المصريون بقيادة الفرعون وجيشه بهم يجعل مياه البحر تطبق عليهم ليغرقوا جميعا .. ولا نعرف كيف عاد المصريون إلى الحياة بعد كل هذه الكوارث ،وكيف تجاهل التاريخ المصري الذي لم يترك شيئا إلا ودونه هذه المصائب ، ما لم تكن من صنع خيال
يبحث عن وجود اسطوري مزيف لجماعة من الناس .
( راجع خروج 7-8 ومابعد )
أفعال هذا الإله التدميرية كثيرة جدا وحتى بنواسرائيل أنفسهم لم يسلموا من شره
حين يقرر الإنتقام ، وبنواسرائيل أنفسهم كانوا ضائعين معه ، فهو تارة إيل ( الإله الكنعاني ) وتارة يهوه ،وتارات : رب الجنود ، الله . الرب . وغير هذه الأسماء كثير .. حتى أن سليمان نفسه ترك عبادته واتبع عبادة آلهة الشعوب الأخرى :
"واحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موأبيات وعمونيات وادوميات وصيدونيات وحثيات 2 من الامم الذين قال عنهم الرب لبني اسرائيل لا تدخلون اليهم ولا هم يدخلون اليكم لانهم يميلون قلوبكم وراء الهتهم. فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة3 وكان له مائة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه 4 وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء الهة اخري ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه5 فذهب سليمان وراء عشتروت الهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين 6 وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماما كداود ابيه "
(الملوك الأول 11 )
أما آخر هذه الكوارث فكانت كارثة الطوفان التي شملت البشرية كلها ، مع أن يهوه
كان إلها لبني اسرائيل وحدهم فالأمم الأخرى كان لديها آلهتها .. وقد سبق وأن تطرقنا في مقال مطول لقصة الطوفان غير الواقعية والتي لا يمكن حدوثها ، لاستحالة بناء سفينة تتسع لهذا الكم الهائل من الحيوانات وتوفير غذاء لها لمدة تقارب العام ولاستحالة جمعها قبل كل شيء ، وربما لاستحالة حدوث طوفان بهذا الحجم يغطي الكرة الأرضية كلها ليعلو فوق أعلى قمم الجبال .
وقد يتساءل المرء : ما علاقة هذه المقدمات بألوهية يسوع المسيح ؟ نقول : إن هذا الإله هو نفسه الذي سيغدو أبا ليسوع المسيح ، ليشكل مع المسيح وروح القدس الأقنوم الذي تتشكل منه الألوهة في الدين المسيحي . وكل من رفض ذلك من المسيحيين حورب واعتبر مهرطقا .. وهذا أهم سبب قاد إلى نزاعات وحروب في المسيحية أودت بحياة الملايين ،إضافة إلى مسائل أخرى طرحت حول طبيعة المسيح .
وهذا ما سنأتي عليه لاحقا .
******************
(27)
طفولة المسيح وألوهيته
تطرقنا في المقدمات السابقة إلى الأوضاع التي آلت إليها أحوال بني اسرائيل مع الإله يهوه ، الذي أصبح يميز بهذا الإسم عن مجموع الآلهة الوثنية الموجودة لدى شعوب المنطقة ،والتي كان يهوه يعترف بوجودها ، حتى أنه حين يتجسد في شخص إنسان ويصارع يعقوب ليلا بكامله دون أن يعرف من هو يقرر أن يطلق عليه اسم اسرائيل ، اي خادم الإله إيل ( الإله الكنعاني المعروف تاريخيا أن شعوب المنطقة عبدته ، إضافة إلى بعل ،وعناة ،وعشتاروت ،وغيرها من الآلهة )
وهناك من المؤرخين والباحثين الذين يفسرون كلمة اسرائيل ، ب جندي الله ،وعبد الله ، والأهم غالب الله لأنه صارع الله طوال الليل وكسر حق فخذه .
راجع تكوين 32/24)
ويبدو أن يهوه أو كتبة التوراة يريدون بهذه التسمية أن يجعلوا من يهوه جامعا للآلهة كلها في طبيعته ، كما يفعل الإسرائليون اليوم ويعزون تراث المناطق العربية التي عاشوا فيها تراثا يهوديا ، من قرص الفلافل مرورا بالأكلة المغربية الجزائرية ( الكسكسي) وانتهاء بالأزياء الشعبية إلى حد أن مضيفات الطيران الإسرائيلي رحن يلبسن الزي الشعبي الفلسطيني على أنه زي اسرائيلي . والأدهى من ذلك ان يعزو بيغن بناء الأهرامات حين زار مصر إلى أجداده من بني اسرائيل !!
نحن في مجال عرض أحوال اليهود الذين أصبحوا في حاجة إلى إله بمفاهيم مناقضة لطبيعة يهوه العدوانية التدميرية المزاجية ، ولقد مررنا على مأساة أيوب ورأينا شكواه المفجعة من يهوه بعد أن أنزل المصائب بماله وعياله وجسده ، إلى حد راح أيوب ينعته بالظالم ويطلب إليه أن يرفع عصاه عن رأسه .ومأساة أيوب لا تشكل شيئا يذكرمقارنة بالمآسي التي أنزلها يهوه ببني اسرائيل والبشرية .
إذن كانت المنطقة مهيأة لظهور إله جديد بمفاهيم جديدة وخاصة بعد أن ظهر كثيرون يدعون أنهم المسيح المنتظر،وقتلوا أو صلبوا . وهكذا ظهر المسيح بمفاهيمه الإنسانية التي سادت لدى الملايين من البشر، وهي (المفاهيم ) التي كانت البشرية في حاجة إليها ، والتي أدت إلى هذا القبول وليس المسيح بشخصه كونه ابنا ليهوه أو إيل أو حتى كونه إلها أو ابن إله ، وهذا ما جعل الدين( المسيحي ) يرتبط باسمه وليس بالألوهة وهذا ( انسانية المفاهيم ) في رأينا ما جعل المسيحية تنتشر في العالم رغم الصراعات التي عاشها المسيحيون فيما بينهم حول طبيعة المسيح وهذا ما سنأت عليه لا حقا .( التعاليم والمفاهيم الإنسانية هي التي رفعت مقام المسيح إلى مرتبة الألوهة )
لم تقدم لنا الأناجيل الأربعة شيئا يذكر عن طفولة المسيح ونشأته ، فكل حياته في مصر كانت مجهولة وحياته في فلسطين قبل الألوهة ( سن الثلاثين ) مجهولة أيضا, ما عدا واقعة زيارته للقدس في يوم الفصح وهو في سن الثانية عشرة .
أرفق هذه الإجابة المسيحية عن طفولة المسيح كما أخذتها عن موقع الموسوعة الحرة:
السؤال: ماذا حدث أثناء طفولة الرب يسوع؟

الجواب: فيما عدا ما جاء في لوقا 2: 41-52 لا يخبرنا الكتاب المقدس شيئاً عن حداثة يسوع. من هذه القصة يمكننا أن نعرف أشياء معينة عن طفولة يسوع. أولاً، كان إبناً لأبوين ملتزمين بممارسة الشعائر الدينية. فقد قام يوسف ومريم بالرحلة إلى أورشليم في وقت عيد الفصح من كل عام بحسب متطلبات ديانتهم. بالإضافة لهذا، أتوا معهم بإبنهم ذي الإثني عشرة عاماً ليحتفل معهم بحضوره أول عيد إستعداداً للإحتفال بعيد بلوغه الثالثة عشر حيث يحتفي الصبيان اليهود بوصولهم لسن الرجولة. هنا نرى صبي عادي في عائلة عادية بالنسبة لذاك الوقت.

نرى أيضاً في هذه القصة أن بقاء يسوع في الهيكل لم يكن عصياناً أو تمرداً بل كان نتيجة طبيعية لمعرفته أنه يجب أن يكون في ما لأبيه. تشهد قدرته على إدهاش معلمي الهيكل بحكمته ومعرفته عن قدرته غير العادية، بينما يظهر إنصاته للشيوخ وطرحه الأسئلة عليهم إحترامه الكامل لهم، فدور التلميذ كان مناسباً لطفل في عمره.

من وقت هذه الحادثة وحتى معموديته في عمر الثلاثين، فإن كل ما نعرفه عن شباب يسوع هو أنه ترك أورشليم وعاد إلى الناصرة مع أبويه وكان "مطيعاً لهما" (لوقا 2: 51). لقد قام بواجبه نحو والديه الأرضيين في طاعة للوصية الخامسة الضرورية لحفظ وصايا موسى وهو الدور الذي قام به بدلاً عنا. غير هذا فإن كل ما نعرفه هو أن "يَسُوعُ كَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ" (لوقا 2: 52).

من الواضح أن هذا هو كل ما قصد الله أن نعرفه. توجد كتابات أخرى غير الكتاب المقدس كتبت في ذلك العصر تحتوي قصصاً عن شباب يسوع (مثل إنجيل توما). ولكن ما من سبيل لمعرفة صدق هذه الروايات من عدمه. لقد إختار الله ألا يقول لنا الكثير عن طفولة المسيح – لذلك علينا أن نثق أنه قد أمدنا بكل المعلومات التي نحتاج أن نعرفها.
وبحثت عن إنجيل توما لأرى ما ذا قال .
يوجد أكثر من انجيل منحول رفضته الكنيسة . وبعض هذه الأناجيل موجود على النت .
فيما يتعلق بإنجيل توما يتطرق إلى معجزات في طفولة مسيح وهو في سن الخامسة والسادسة ، كإحياء الموتى وتحلية الماء الآسن وخلق العصافير ، لكنه في المقابل يقوم بمعجزات لا تليق بإله كالقتل لأسباب واهية لا تدعو للقتل ، ولو أن الكنيسة اعترفت بها لشكلت عائقا آخر أمام انتشار المسيحية ، تذكرنا بيفاعة موسى حين وجد يهودي ومصري يقتتلان فقام بقتل المصري انتصارا لليهودي حتى دون أن يسأل عن المشكلة .. وفي انجيل توما نجد :
( 50/3ابن حنان الكاتب يفرق ماء البرك، فيلعنه المسيح ويجف ويموت:
ومر صبي هو ابن حنان الكاتب وكان يحمل فرع صفصاف، فشتت البرك وتدفق منها المياه. فالتفت يسوع وقال له: "أيها الشرير الأحمق ماذا فعلت برك المياه إليك حتى تفرغها؟ هوذا منذ الآن تجف مثل شجرة لا تنتج أوراقًا أو جذورًا أو أثمارًا". وفي الحال جف الصبي تمامًا أما يسوع فمضى إلى منزل يوسف. فحمل الوالدان الطفل وندبا شبابه وأتيا به إلى يوسف وقالا له: "أنظر ما فعله أبنك بابننا".)
ونجد :
( 50/5 – يسوع يلعن طفل ويموت لأنه ضربه بالحجر:
وبعد عدة أيام كان يسوع سائرا في وسط المدينة، فألقى صبي بحجر عليه، فأصابه في كتفه. فقال له يسوع: "أنك لن تسير في طريقك “. فسقط في التو ومات أيضا، )

لم أتطرق لولادة يسوع وما أحاط بها من معجزات ، لأنها معروفة كمعجزة إلهية ..
لم نعرف شيئا عن طفولة يسوع في مصر ، ولا نعرف أين تعلم ودرس ومن أين جاءته الحكمة ،وهل يعقل أنه لم يطلع على الديانات المصرية المشهورة جدا بتثليث
الالوهة ، التي لم يكن تثليثها جديدا على الفكر المسيحي . فهل هي مجرد صدف أن يكون المسيح معجزة إلهية ولدت من مريم كما هو حورس معجزة إلهية ولدت من إيزيس ؟!لنصبح أمام ثالوث مقدس من : ايزيس حورس اوزيريس وفي المسيحية : الآب والابن والروح القدس !
في المصرية أوزيريس هو الأب والإله والأخ والزوج وإذا ما أضفنا إليه الوهية إيزيس تصبح الألوهة اعجازية في شخصه أكثر مما هي في يهوه والمسيح .. عدا مريم التي لم تحتل مكانة مقدسة مرموقة كما هي الحال مع ايزيس الإلهة الكبرى والأم الكبرى . جاء في الموسوعة الحرة :
كانت إيزيس أشهر الربات المصريات جميعا وكانت مثال الزوجة الوفية حتى بعد وفاة زوجها, والأم المخلصة لولدها. امتدت عبادة إيزيس في عهد البطالمة واليونان إلى ما بعد حدود مصر, وكان لها معابدها وكهنتها وأعيادها وأسرارها الدينية في كافة أنحاء العالم الروماني حيث صارت تمثل ربة الكون "أنا أم الطبيعة كلها, وسيدة جميع العناصر, ومنشأ الزمن وأصله, والربة العليا, أحكم ذرا السماء ونسمات البحر الخيرة وسكون الجحيم المقفر..."
وقد بجل المصريون القدماء إيزيس، واعتبروها الربة الحامية في كافة أنحاء مصر القديمة. ومثّلها الفنان المصري القديم في صورة الأم الحنون التي تحمل طفلها على حجرها وترضعه وتهتم به، ويعتقد بعض المؤرخين أن تماثيل إيزيس وهي ترضع حورس استوحاها الفنانون المسيحيون لتصوير العذراء مريم وابنها يسوع.
مفاهيم التثليث في الألوهة قديمة جدا قدم العقائد والديانات وكان بعض العرب الأولين يعبدون الشمس والقمر والزهرة ( الأم والأب والإبن )
ظهرت ألوهة المسيح وهو في سن الثلاثين . وخلال ثلاث سنوات نشر رسالته الإلهية ، وصلب وهو في سن الثالثة والثلاثين .
هناك مصادر تشيرإلى أنه صلب وهو في سن السابعة والثلاثين وجاء برسالته وهو في الرابعة والثلاثين . لم نأخذ بها .
كتبت الأناجيل كما أشرنا بعد رحيل المسيح بعقود وبعضها بقرون ولا يمكن اعتمادها كوثائق تاريخية صحيحة مائة في المائة . وكذلك لا يمكن التأكد من شخصية يسوع المسيح نفسه على ضوئها حسب الإحتمالات التالية :
1- بما أن مسيحين كثر قد ظهروا قبل المسيح وبعده ، وصلبوا أو قتلوا وكان لبعضهم جمهور كبير كذاك الذي كان معه ثلاثون ألفا وتطرقنا إليه .فهل المسيح هو أحد هؤلاء أم أنه شخصية مختلفة عنهم ؟!
2- ألا يمكن أن تكون شخصية يسوع المسيح شخصية بلورها الخيال الشعبي من مجموع الشخصيات المسيحية التي ظهرت ثم قام حكماء ممن عاصروا المرحلة
باستلهام هذا الفكروتطويره ونسبه إلى شخصية متخيلة اسمها يسوع المسيح . فالمهم هنا هو المفاهيم وليس الشخصية بحد ذاتها .
3- تظل إمكانية أن يكون يسوع المسيح هو ابن السيدة مريم ويوسف النجار ، إمكانية ممكنة أيضا وهي ما يمكن الجزم بها أكثر من غيرها من الإحتمالات
دون الأخذ بالمعجزة الإلهية إلا من باب الأسطورة ،كما سبقها من أساطير .
***
(28)
تعاليم المسيح
متى 4/10حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد
17 /4 من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول: توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات
23/4 وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم، ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب
24/4 فذاع خبره في جميع سورية. فأحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض وأوجاع مختلفة ، والمجانين والمصروعين والمفلوجين، فشفاهم
الفصل / الأصحاح الخامس

1 ولما رأى الجموع صعد إلى الجبل، فلما جلس تقدم إليه تلاميذه
2 ففتح فاه وعلمهم قائلا
3 طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات
4 طوبى للحزانى، لأنهم يتعزون
5 طوبى للودعاء، لأنهم يرثون الأرض
6 طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يشبعون
7 طوبى للرحماء، لأنهم يرحمون
8 طوبى للأنقياء القلب ، لأنهم يعاينون الله
9 طوبى لصانعي السلام ، لأنهم أبناء الله يدعون
10 طوبى للمطرودين من أجل البر، لأن لهم ملكوت السماوات
11 طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة، من أجلي، كاذبين
12 افرحوا وتهللوا، لأن أجركم عظيم في السماوات، فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم
13 أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟ لا يصلح بعد لشيء، إلا لأن يطرح خارجا ويداس من الناس
14 أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل
15 ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت
16 فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات
17 لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل
18 فإني الحق أقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل
19 فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات
20 فإني أقول لكم: إنكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات
21 قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تقتل، ومن قتل يكون مستوجب الحكم
22 وأما أنا فأقول لكم : إن كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم، ومن قال لأخيه : رقا، يكون مستوجب المجمع، ومن قال: يا أحمق، يكون مستوجب نار جهنم
23 فإن قدمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك
24 فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولا اصطلح مع أخيك، وحينئذ تعال وقدم قربانك
25 كن مراضيا لخصمك سريعا مادمت معه في الطريق، لئلا يسلمك الخصم إلى القاضي، ويسلمك القاضي إلى الشرطي، فتلقى في السجن
26 الحق أقول لك: لا تخرج من هناك حتى توفي الفلس الأخير
27 قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تزن
28 وأما أنا فأقول لكم : إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه
29 فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم
30 وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم
31 وقيل: من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق
32 وأما أنا فأقول لكم : إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني
33 أيضا سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تحنث، بل أوف للرب أقسامك
34 وأما أنا فأقول لكم : لا تحلفوا البتة، لا بالسماء لأنها كرسي الله
35 ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه، ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم
36 ولا تحلف برأسك، لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة بيضاء أو سوداء
37 بل ليكن كلامكم: نعم نعم، لا لا. وما زاد على ذلك فهو من الشرير
38 سمعتم أنه قيل: عين بعين وسن بسن
39 وأما أنا فأقول لكم : لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا
40 ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا
41 ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين
42 من سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده
43 سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك
44 وأما أنا فأقول لكم : أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم
45 لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين
46 لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم، فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك
47 وإن سلمتم على إخوتكم فقط، فأي فضل تصنعون؟ أليس العشارون أيضا يفعلون هكذا
48 فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل
الفصل / الأصحاح السادس

1 احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم، وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات
2 فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق، كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة، لكي يمجدوا من الناس. الحق أقول لكم: إنهم قد استوفوا أجرهم
3 وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك
4 لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية
5 ومتى صليت فلا تكن كالمرائين، فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع، لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم: إنهم قد استوفوا أجرهم
6 وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك، وصل إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية
7 وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم
8 فلا تتشبهوا بهم. لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه
9 فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السماوات، ليتقدس اسمك
10 ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض
11 خبزنا كفافنا أعطنا اليوم
12 واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا
13 ولا تدخلنا في تجربة ، لكن نجنا من الشرير. لأن لك الملك، والقوة، والمجد، إلى الأبد. آمين
14 فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي
15 وإن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم أيضا زلاتكم
16 ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم: إنهم قد استوفوا أجرهم
17 وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك
18 لكي لا تظهر للناس صائما، بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية
19 لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون
20 بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون
21 لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا
22 سراج الجسد هو العين ، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا
23 وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما، فإن كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون
24 لا يقدر أحد أن يخدم سيدين، لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال
25 لذلك أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لأجسادكم بما تلبسون . أليست الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس
26 انظروا إلى طيور السماء: إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها
27 ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة
28 ولماذا تهتمون باللباس؟ تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل
29 ولكن أقول لكم: إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها
30 فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور، يلبسه الله هكذا، أفليس بالحري جدا يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان
31 فلا تهتموا قائلين: ماذا نأكل؟ أو ماذا نشرب؟ أو ماذا نلبس
32 فإن هذه كلها تطلبها الأمم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها
33 لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لكم
34 فلا تهتموا للغد، لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره
الفصل / الأصحاح السابع

1 لا تدينوا لكي لا تدانوا
2 لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم
3 ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها
4 أم كيف تقول لأخيك: دعني أخرج القذى من عينك، وها الخشبة في عينك
5 يا مرائي، أخرج أولا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك
6 لا تعطوا القدس للكلاب، ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير، لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم
7 اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يفتح لكم
8 لأن كل من يسأل يأخذ ، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يفتح له
9 أم أي إنسان منكم إذا سأله ابنه خبزا، يعطيه حجرا
10 وإن سأله سمكة، يعطيه حية
11 فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات، يهب خيرات للذين يسألونه
12 فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضا بهم، لأن هذا هو الناموس والأنبياء
13 ادخلوا من الباب الضيق، لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه
14 ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة، وقليلون هم الذين يجدونه
15 احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة
16 من ثمارهم تعرفونهم . هل يجتنون من الشوك عنبا، أو من الحسك تينا
17 هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيدة، وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارا ردية
18 لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارا ردية، ولا شجرة ردية أن تصنع أثمارا جيدة
19 كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار
20 فإذا من ثمارهم تعرفونهم
21 ليس كل من يقول لي: يا رب، يا رب يدخل ملكوت السماوات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات
22 كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب، يا رب أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة
23 فحينئذ أصرح لهم: إني لم أعرفكم قط اذهبوا عني يا فاعلي الإثم
24 فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها، أشبهه برجل عاقل، بنى بيته على الصخر
25 فنزل المطر، وجاءت الأنهار، وهبت الرياح، ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط، لأنه كان مؤسسا على الصخر
26 وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها، يشبه برجل جاهل، بنى بيته على الرمل
27 فنزل المطر، وجاءت الأنهار، وهبت الرياح، وصدمت ذلك البيت فسقط، وكان سقوطه عظيما
28 فلما أكمل يسوع هذه الأقوال بهتت الجموع من تعليمه
29 لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة

لفصل / الأصحاح العاشر

1 ثم دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها، ويشفوا كل مرض وكل ضعف
2 وأما أسماء الاثني عشر رسولا فهي هذه: الأول سمعان الذي يقال له: بطرس، وأندراوس أخوه. يعقوب بن زبدي، ويوحنا أخوه
3 فيلبس، وبرثولماوس . توما، ومتى العشار. يعقوب بن حلفى، ولباوس الملقب تداوس
4 سمعان القانوي، ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه
5 هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا: إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا
6 بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة
7 وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين: إنه قد اقترب ملكوت السماوات
8 اشفوا مرضى. طهروا برصا. أقيموا موتى. أخرجوا شياطين. مجانا أخذتم، مجانا أعطوا
9 لا تقتنوا ذهبا ولا فضة ولا نحاسا في مناطقكم
10 ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا، لأن الفاعل مستحق طعامه
11 وأية مدينة أو قرية دخلتموها فافحصوا من فيها مستحق، وأقيموا هناك حتى تخرجوا
12 وحين تدخلون البيت سلموا عليه
13 فإن كان البيت مستحقا فليأت سلامكم عليه، ولكن إن لم يكن مستحقا فليرجع سلامكم إليكم
14 ومن لا يقبلكم ولا يسمع كلامكم فاخرجوا خارجا من ذلك البيت أو من تلك المدينة، وانفضوا غبار أرجلكم
15 الحق أقول لكم: ستكون لأرض سدوم وعمورة يوم الدين حالة أكثر احتمالا مما لتلك المدينة
16 ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام
17 ولكن احذروا من الناس، لأنهم سيسلمونكم إلى مجالس، وفي مجامعهم يجلدونكم
18 وتساقون أمام ولاة وملوك من أجلي شهادة لهم وللأمم
19 فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون، لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به
20 لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم
21 وسيسلم الأخ أخاه إلى الموت، والأب ولده، ويقوم الأولاد على والديهم ويقتلونهم
22 وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص
23 ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى. فإني الحق أقول لكم: لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان
24 ليس التلميذ أفضل من المعلم، ولا العبد أفضل من سيده
25 يكفي التلميذ أن يكون كمعلمه، والعبد كسيده. إن كانوا قد لقبوا رب البيت بعلزبول ، فكم بالحري أهل بيته
26 فلا تخافوهم. لأن ليس مكتوم لن يستعلن، ولا خفي لن يعرف
27 الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور، والذي تسمعونه في الأذن نادوا به على السطوح
28 ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها، بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم
29 أليس عصفوران يباعان بفلس؟ وواحد منهما لا يسقط على الأرض بدون أبيكم
30 وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة
31 فلا تخافوا أنتم أفضل من عصافير كثيرة
32 فكل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضا به قدام أبي الذي في السماوات
33 ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضا قدام أبي الذي في السماوات
34 لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض. ما جئت لألقي سلاما بل سيفا
35 فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنة ضد حماتها
36 وأعداء الإنسان أهل بيته
37 من أحب أبا أو أما أكثر مني فلا يستحقني، ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني
38 ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني
39 من وجد حياته يضيعها ، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها
40 من يقبلكم يقبلني، ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني
41 من يقبل نبيا باسم نبي فأجر نبي يأخذ، ومن يقبل بارا باسم بار فأجر بار يأخذ
42 ومن سقى أحد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ، فالحق أقول لكم: إنه لا يضيع أجره

الفصل / الأصحاح الحادي عشر

1 ولما أكمل يسوع أمره لتلاميذه الاثني عشر، انصرف من هناك ليعلم ويكرز في مدنهم
2 أما يوحنا فلما سمع في السجن بأعمال المسيح، أرسل اثنين من تلاميذه
3 وقال له: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر
4 فأجاب يسوع وقال لهما: اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران
5 العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصم يسمعون، والموتى يقومون، والمساكين يبشرون
6 وطوبى لمن لا يعثر في
7 وبينما ذهب هذان ابتدأ يسوع يقول للجموع عن يوحنا: ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا ؟ أقصبة تحركها الريح
8 لكن ماذا خرجتم لتنظروا؟ أإنسانا لابسا ثيابا ناعمة؟ هوذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في بيوت الملوك
9 لكن ماذا خرجتم لتنظروا؟ أنبيا؟ نعم، أقول لكم، وأفضل من نبي
10 فإن هذا هو الذي كتب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك
11 الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه
12 ومن أيام يوحنا المعمدان إلى الآن ملكوت السماوات يغصب، والغاصبون يختطفونه
13 لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا
14 وإن أردتم أن تقبلوا ، فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي
15 من له أذنان للسمع فليسمع
16 وبمن أشبه هذا الجيل ؟ يشبه أولادا جالسين في الأسواق ينادون إلى أصحابهم
17 ويقولون: زمرنا لكم فلم ترقصوا نحنا لكم فلم تلطموا
18 لأنه جاء يوحنا لا يأكل ولا يشرب، فيقولون: فيه شيطان
19 جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب، فيقولون: هوذا إنسان أكول وشريب خمر، محب للعشارين والخطاة. والحكمة تبررت من بنيها
20 حينئذ ابتدأ يوبخ المدن التي صنعت فيها أكثر قواته لأنها لم تتب
21 ويل لك يا كورزين ويل لك يا بيت صيدا لأنه لو صنعت في صور وصيداء القوات المصنوعة فيكما، لتابتا قديما في المسوح والرماد
22 ولكن أقول لكم: إن صور وصيداء تكون لهما حالة أكثر احتمالا يوم الدين مما لكما
23 وأنت يا كفرناحوم المرتفعة إلى السماء ستهبطين إلى الهاوية. لأنه لو صنعت في سدوم القوات المصنوعة فيك لبقيت إلى اليوم
24 ولكن أقول لكم: إن أرض سدوم تكون لها حالة أكثر احتمالا يوم الدين مما لك
25 في ذلك الوقت أجاب يسوع وقال: أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض، لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال
26 نعم أيها الآب، لأن هكذا صارت المسرة أمامك
27 كل شيء قد دفع إلي من أبي، وليس أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له
28 تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم
29 احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم
30 لأن نيري هين وحملي خفيف

(29)
إنسان ما بعد الإنسانية !!
(1) من (4)
+ مقدمة علمية وفلسفية .
يحار المرء أمام التطور الهائل والسريع في العلوم التكنولوجية أن يتصورالحال ستطرأ على حياة البشر بعد مائة عام على سبيل المثال ، فما بالكم بألف عام ؟ تساؤلات كثيرة خطرت لي خلال قراءتي لكتاب عن الدماغ البشري صادر عن دار دجلة في عمان ،لمؤلفه سامي أحمد الموصلي . من أهم هذه التساؤلات : هل سيكون الدماغ البشري المزود بشرائح ألكترونية قادرا على الإلمام بثقافة البشرية ؟ والأهم من ذلك ما الذي يمكن أن يبدعه عقل صادرعن هذا الدماغ ؟ فإذا أراد أن يرسم أو يكتب شعرا أو نثرا ، ما شكل الإبداع الذي سينتجه ؟ وماذا عن الحروب والقتل ، فإذا كانت الحروب والقتل بلا رحمة أو شفقة هي سمة عصرنا ، فما الذي ستكون عليه الحروب في العصور القادمة حين يصبح الإنسان بأعضاء معظمها صناعي ، هل سيكون قاتلا رحيما مثلا ، أو أنه سيفقد الحد الأدنى من اإنسانيته ويقتل دون أي إحساس بالقتل ؟ كل هذه التساؤلات وغيرها كثير خطرت لي خلال قراءتي للكتاب .
قسم الكاتب مؤلفه إلى أربعة فصول ، استهلها بمقدمة علمية وفلسفية عن الجهاز العصبي والدماغ كأعقد حلقة مادية في تكوين الإنسان ينتج عنها نشاط "لا مادي أو طاقة لهذه المادة الحيوية وهو العقل "
في المختبرات العالمية يجري الإعداد اليوم لصناعة " جميع أعضاء الجسم الحشوية الباطنية وأعضائه الخارجية وحواسه ، بعد أن تقدمت العلوم الطبية والألكترونية والتكنولوجية " ويشير المؤلف إلى عمليات زراعة القلوب والأطراف وصولا إلى الأذن الألكترونية والبنكرياس الإكتروني"
وعلى الرغم من التقدم الكبير في صناعة الآليات الألكترونية والعقول الألكترونية إلا أن الدماغ ظل عصيا على الصناعة كأن يحل عقل صناعي مكان الدماغ الحي . يقول الكاتب :
" لقد كانت أعقد مشكلة فكرية وفلسفية في التاريخ البشري هي في القول بأن الدماغ مادة أما نشاطه فلا مادي ، فكان التساؤل يدور كيف تنتج المادة – الدماغ – اللا مادة – العقل والفكر ."
" وحتى اليوم ورغم التقدم في علم الأعصاب وجراحة الأعصاب والفسلجة الكهربائية للدماغ نجد هناك اشكالا يطرحه العلماء والفلاسفة عن آلية عمل الدماغ العصبية التي تنتج الفكر والعقل كطاقة ونشاط ووظيفة "
´لقد توصل العلماء حينما تعمقوا في الجهاز العصبي للإنسان وكيفية عمله وتحقيق اتصالاته بين الدماغ والأطراف الحركية من أعضاء خارجية ، إلى وجود طاقة كهربائية ناقلة وحاملة للرسائل من الدماغ إلى العضو وبالعكس "
" والكهربائية نشاط لا يمكن القول أنه مادة ، لأنه حتى الآن تعددت نظريات تفسير الذبذبات الكهربائية بين كونها فوتونات – جسيمات – أو كونها موجات . فالفوتونات يمكن إطلاق كلمة مادة عليها ، مع بعض الإضافات الوصفية الخاصة ، في حين أن الموجات ليست إلا معطيات شكلية عقلية هندسية غير مادية ."
وبعد هذا التطرق لإشكالية الطاقة والمادة وازدواجية التفسير للضوء والطاقة الكهربائية يخلص إلى القول " إن الدماغ يقوم بنشاطه العصبي كاتصالات خارجية للأعضاء أو داخلية حشوية عن طريق هذه الكهرباء الحيوية ، بل تطور الأمر إلى البحث عن موجات كهربائية في كل عمل الدماغ الفكري والعقلي والإنفعالي ... ألخ دعيت موجات ألفا وبيتا ودلتا وثيتا . لقد تبين أن الدماغ كمادة يستخدم مواصلاته لإبلاغ أجزاء الجسم كلها عبر هذه الكهربائية التي يمكن تصويرها والإحساس بها وحساب فولتيتها وأطوال موجاتها " ( ص 10 +11)
بعد أن توصل العلماء إلى آلية عمل الدماغ شرعوا " في بناء العقول الألكترونية والكومبيوتر كمشابه ومقلد لعمل الدماغ ، ولما كانت الكهربائية في المادة اللاعضوية يمكن تحقيق تسارع كبير فيها ، فقد وجدنا كومبيوترات أو عقول ألكترونية تسابق الدماغ في عملها فتسبقه بآلاف المرات ضمن سياقات حسابية معينة " غير أن الدماغ الحي في الإنسان ظل متفوقا على كل هذه العقول لقدرته على الإبداع والتبصر ، فكل هذه العقول لا تستطيع أن تكتب ولو قصيدة واحدة من الشعر الذي يبدعه الدماغ الإنساني الحي ، ولا تستطيع أن تنتج قطعة موسيقية مهما كانت ساذجة .
في ختام مقدمته ، يتطرق المؤلف إلى ما يقوم به العلماء من تجارب على إمكانية زيادة الذكاء الإنساني بربطه بالذكاء الصناعي " حتى أن بعض العلماء أخذ يحذر من تفوق الذكاء الصناعي على ذكاء البشر فيما لو تمت عملية الربط بينهما " وقد يتم ذلك خلال فترة قصيرة يتبعها تطوير معالجات ألكترونية بسرعة الكومبيوتر لتزرع داخل الأدمغة البشرية لتحفيزها على معالجات حديثة ، وهاهم العلماء ينذرون العالم ( إن المستقبل قد ينذر بوصول البشرية إلى منعطف جديد في تاريخها ، بحيث تكون قادرة على إجراء برمجة ذاتية ) يقصد للإنسان . ويعتقد أن زمن تحقق ذلك سيكون بحلول عام 2029 " ( ص 14)
نحن ابتعدنا كثيرا حين طرحنا تصورا للحياة بعد مائة أو ألف عام ، وهاهم العلماء يختصرون
المدة في بضعة أعوام لا غير .
يتطرق المؤلف في ختام مقدمته أيضا إلى "علم النانوتكنولوجي الذي يتعامل مع جزيئات وذرات المادة المفردة ، ويحاول الربط بين المادة اللاعضوية والمادة العضوية ، وقد فاز العالمان الفرنسي ألبرت فير والألماني بيترغرونبغ بجائزة نوبل عام 2007 على ما يرتبط بهذا العلم وتطبيقاته في الأقراص الصلبة ، وهو أول تطبيق فعلي للعلوم النانوتكنولوجية . "
" هذا العلم يتعامل مع الأشياء على مستوى النانو الذي يتضمن جزءا من البليون . فالنانوثانية هي جزء من بليون من الثانية ، والنانومتر هو جزء من بليون من المليمتر وهكذا دواليك . أي أن هذه التكنولوجيا تعد بإعطاء الإنسان التحكم الأقصى بالمادة حيث استطاع البشر الإمساك بالذرات والجزيئات وهي اللبنات الأساسية التي تتألف منها الأشياء كلها ، بحيث يصبح في الإمكان صنع أي شيء من أي شيء ، وبأي حجم ، يمكن صنع مواد لا تخطر في البال مثل غواصة أو مركبة فضاء بحجم لا يزيد عن ظفر الإصبع ، أو صنع ورق أقوى من الحديد وهكذا " ( ص 16)
" إن كومبيوتر النانو المقبل يهتم بإدخال مواد بيولوجية من الكائنات الحية لتندمج الأسلاك وسائر أنواع الموصلات ما يجعل منها عناصر ذكية قادرة على التجاوب والتفاعل مع بقية الأجهزة التي يتألف منها الحاسوب . مثلا لنفكر بالإمكانيات الهائلة للحامض النووي للوراثة الذي يحمل بلايين المعلومات في حجم فائق الصغر في قلب الخلية "( 17)
" لقد خصصت اليابان هذا العقد من القرن الحادي والعشرين للدماغ دراسة وتخصصا وتعمقا على ضوء ما لديها من تقنيات ألكترونية ونانوتكنولوجية ، ولا زالت البحوث جارية على قدم وساق في كل أنحاء العالم على هذا الدماغ الذي تكمن فيه فرادة وتميز الإنسان ، وفيه أكبر معجزة خلقها الله ، هو العقل الناتج عنه " ( ص17)
+ الدماغ – العقل .
احتوى الفصل الأول ثلاثة مواضيع ، هي : الدماغ – العقل .الدماغ – الشخصية . الدماغ الكومبيوتر .
الدماغ – العقل :
يعرض المؤلف في هذا الموضوع ما قاله بعض العلماء والفلاسفة في الدماغ ، فبدأ بما كتبه ألكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب عام 1912 ، حيث قال :
" اوقف الفلاسفة العظام حياتهم في جميع الأزمان والبلدان على بحث معضلة العلاقة بين الدماغ والعقل ، وهل يرجع العقل إلى فسيولوجيا الدماغ أم أنه كائن لا مادي يتجاوز كل معطيات الكيمياء والفيزياء والفسيولوجيا ؟"
" ما هو الفكر ، ذلك الكائن العجيب الذي يعيش في أعماق ذاتنا دون أن يستهلك اي قدر قابل للقياس من النشاط الكيميائي ؟ هل يتصل بأشكال النشاط المعروفة ؟ هل يمكن أن يكون منظم الكون ؟ وأنه برغم تجاهل الأطباء له أهم من الضوء قطعا ؟ إن العقل مخبأ داخل مادة حية ، يهمله الفسيولوجيون والإقتصاديون إهمالا تاما ، كما لا يكاد الأطباء يلاحظونه ، ومع ذلك فإنه أعظم قوة في هذا العالم .. فهل هو نتاج الخلايا العقلية مثلما ينتج البنكرياس الأنسولين والكبد الصفراء ؟ ومن أي مواد يفرز ؟ هل يأتي من مواد كانت موجودة سلفا كما يأتي الجلوكوز من الجليوكوجين أو الفيبرين من الفيبريفوجين ؟ وهل يحتوي على نوع من النشاط يختلف عن ذلك الذي يدرسه الأطباء ويعبر عن نفسه بقوانين أخرى وتولده خلايا الغشاء المخي ؟ هل يجب اعتباره كائنا غير مادي يوجد خارج الفراغ والزمن ، خارج أبعاد العالم الكوني ، ويدخل نفسه في مخنا بطريقة مجهولة لنا "؟ّ ( ص21+22)
ويتابع المؤلف قائلا "
" إن هذه التساؤلات لعالم تجريبي وطبيب تضع المقاربة بين العقل والدماغ وضعا صحيحا كما كانت معلومات العلماء في النصف الأول من القرن العشرين ، ولعلنا إذا تتبعنا هذه المقاربة ، سنجدها تمتد زمنيا على طول القرن العشرين ، مع التقدم الكبير في علوم الدماغ والأعصاب والطب النفسي والعصبي، حيث نجد أن أحد أطباء النفس وهو يدرس عمليات غسل الدماغ ، يفرز فرزا واضحا بين الدماغ والعقل ، بين المخ والفكر ، فيقول " يجب أن لا يغرب عن البال دوما أن المخ شيء والفكر شيء آخر ، فالمخ أو الدماغ إطار أو معمل أو ماكنة فسلجية مؤلفة من الخلايا والألياف العصبية ، أما الفكر فهو عالم غريب مجهول معقد الرموز لا نعرف كيف يصنعه المخ وسر علاقته بنشاطه " (ص 22)
ويتابع المؤلف عرضه لمفاهيم العلماء والفلاسفة إلى أن يصل إلى الفهم القائل " إن المخ هو عضو العقل كما تكون العين عضو البصر على فرق بينهما فالعلاقة بين فسيولوجيا العين والبصر واضحة ، على حين ان المطابقة بين فسيولوجيا المخ ووظيفة العقل ليست واضحة
تماما ولا تزال فسيولوجيا المخ في حاجة إلى كثير من الدرس " (ص 30)
غير أن دخول عالم الالكترونيات أدى إلى اجتهاد أكثر تطورا في فهم هذه الآلية بين الدماغ والعقل . " يقول صاحب هذا الرأي " بما أن انقسام الخلية منظم تنظيما لا يمكن تصوره على أساس فيزيائي أو كيميائي ، وإنما يمكن تصوره على أنه ألكتروني ، كذلك القوة العقلية التي يستطيعها المخ ، إنما يستطيعها بقوة شبيهة غاية الشبه بالقوة الألكترونية " ( 31)
ويخلص أصحاب هذا الرأي إلى أن " المخ بخواصه الألكترونية والكيميائية والفيزيائية والحيوية ، جماع كل قوانين الكون ، وهي مركزة فيه تركيزا شديدا ، وهو سبب تجاوب المخ مع قوانين الكون ، فالمخ هو جماع القوانين الكونية كلها في صورة مصغرة ، لا يعدو أن يكون عضوا نظامه أقرب ما يكون إلى نظام الكون ، وكل حدث في الكون أو كل قانون من قوانينه يجد في المخ تجاوبا معه ، وتوافق النغم بين الإثنين أمر محتمل جدا " ( ص32) *1
لقد استفاض الكاتب في بحثه هذا عن الدماغ – العقل ، إلى ان خلص إلى نتيجة لم تحسم بعد
انتهى إليها بعض العلماء ومنهم الروس وهي :
" افتراض وجود طاقة خامسة غير معروفة فيزيائيا في العقل، فالفيزياء المعاصرة اعترفت بأربعة أنماط من القوى ، هي القوة الشديدة والقوى الكهرومغناطيسية والقوى الضعيفة وقوى الجذب الكتلي ، وكلها تخضع لقوانين خاصة بها ، لكن ليس هناك استحالة مقررة سلفا تمنعنا من افتراض نظام آخر أو نمط آخر من التفاعل ، بل إننا بانتظار مزيد من البحوث المكثفة "
" ويلتقي هذا الطرح مع ما يتحدث عنه العلماء الروس الذين بحثوا غوامض الطاقة الباراسيكولوجية بحثا دقيقا وتحدثوا عن ما يسمونه الطاقة الحيوية " ( ص40+41)
+ الدماغ – الشخصية
"تحدث الأطباء منذ أبقراط وحتى القرن العشرين عن طبيعة الدماغ ،وقالوا أن خلايا الإنسان تتغير ، تموت ويولد بدلا منها خلايا أخرى ، إلا خلايا الدماغ ، لأن خبرة الإنسان وشخصيته مبنية على وحدة معلوماتية تبنى في ذاكرته " غير أن العلم الحديث أثبت في نهاية القرن العشرين أن خلايا الدماغ تموت وينمو بدلا منها خلايا جديدة .فطريقة عمل الدماغ معلوماتيا هي طريقة هولوغرافية ، فما أن يعطل جزء من الخلايا حتى تقوم خلايا بديلة بنفس نشاطها وكأنها هي ، وهذه أحدث نظريات تحليل المعلومات والذاكرة طبيا . فالذاكرة ليس لديها موقع واحد في الدماغ كما أثبتت دراسات بنفيلد، بل إن الدماغ كله يتوزع المعلومات والذاكرة مما يحافظ على وحدة شخصية الإنسان مهما تلف من بعض أجزاء دماغه " ( ص 42)
" يقول علماء النفس الفسيولوجي ( إن لجسدنا وحدة عضوية لأن الجملة العصبية تنظم انطباعاته وتجمعها ، وهذه الوحدة العضوية هي الأساس الذي تبنى عليه وحدة الشخصية ، إذا فقد المجموع العصبي وحدته عند بعض الأنواع الحية , فقدت الشعور الواضح لشخصيتها، ولذلك كانت وحدة الشخصية تابعة لمركزية الجملة العصبية "( ص 42+43)
" غير أن التقدم العلمي في البيولوجية الجزيئية واكتشاف مفردات الخريطة للجينوم البشري ، قد دفع بالدراسات المتعلقة بالسلوك والشخصية عبر الدماغ والتركيب الجيني له إلى أمام ، وبشكل أكثر عملية وتجريبية من الدراسات الإنسانية السابقة " ( ص 43)
يسهب الكاتب في ايراد نظريات العلماء حول الجينات الوراثية وعمل الدماغ والأعصاب ليخلص في هذا الجزء إلى تساؤلات العلماء حول امكانية نقل ما يحتويه مخ إلى مخ آخر في المستقبل ، وليؤكد أن شخصية الإنسان هي وليدة ذاكرته وذاكرته وليدة دماغه ومن هنا نفهم طبيعة العلاقة والمقاربة بين الدماغ والشخصية .
+ الدماغ الكومبيوتر .
أدى ظهور علم السيبرناطيقا ( المجال الكامل لنظرية التحكم والإتصال في الآلة والحيوان على السواء) إلى دراسة التشابه بين عمل الجهاز العصبي والحاسبات ، وقد لخص الباحث الفرنسي لويس لوفينيال ذلك بقوله :
" بنية الجهاز العصبي عند الإنسان ، وذاكرات بعض الآلات الحاسبة هي بشكل حلقات مقفلة ، ليستنتج من ذلك أن حلقات الجهاز العصبي هي مركز الذاكرة "
" بنية قاع البطين الرابع في الدماغ تشبه بنية آلة معقدة للتعرف على شكل الأحرف الطباعية أيا كان بروزها وأيا كانت أحجامها لاستنمتاج طريقة تكون مفهوم الشكل في الدماغ "
" حالات الشفاء التي تمت بالصدمة الكهربائية وإصلاح آلات حاسبة عن طريق تحريضات ترسل كيفما اتفق ليستنتج منها وجه الشبه بين حلقات الآلات الحاسبة وحلقات الدماغ "
" وقد أشير في مؤتمر السيبرناطيقا عام 1951إلى أوجه شبه أخرى بين آليات ألكترونية وبنيات دماغية حول الآلات الحاسبة والفكر البشري "
" وقد توصلت مؤتمرات السيبرناطيقا الدولية في بداياتها إلى التشابهات عموما بين العمل داخل الجسم البشري عبر المخ وبين إدارة الأعمال الآلية عموما لأي مشروع أو مصنع ، حيث أكدت هذه المعلومات أن الجسم الإنساني يتلقى فيه المخيخ من الدماغ تعيين الحركة التي يجب القيام بها " ( ص 56+57)
يطيل الكاتب الكلام حول العلاقة بين الدماغ والكومبيوتر وما وصل إليه الفكر العلمي في هذا المجال . ويتطرق إلى قدرة الدماغ على الحفظ في ذاكرة المخ " فالحقائق والظواهر لا يمكن حفظها في الذاكرة منفردة ، بل في علاقة مع بعضها البعض ، وتحافظ ذاكرتنا لا على ذكرى لون البحر فحسب ، بل على برودته أيضا وطعم رذاذ الملح والشمس وهي تتلاعب فوق أمواج يوم حار ، والممر الفضي لضوء القمر وهو يمتد بعيدا في الأفق عندما يأتي في المساء ، ويتم حفظ كثير من الحقائق في علاقتها بسياق الكلام " ( ص61)
وينهي الكاتب بحثه في هذا القسم عن علاقة الكومبيوتر بالإنسان ودماغه ،بقول للفيلسوف البريطاني جون لويس "
" إن حقيقة أن الناس ليسوا كالمكائن يمكن اثباتها بحقيقتين فقط ، الماكنة الإنسانية تستطيع أن تقرر ، وأحيانا تقرر أن لا تستمر في الحركة ، بل تدمر نفسها عمدا ، كما أن حزنا عميقا يمكن أن يجرها في بطء إلى التوقف ، والعلوم الطبية تعرف هذا اليوم ، وقد جرت العادة بأنها تحس أنها تموت كمدا ، وهذا ما لا يحدث في الكومبيوتر ، ثم إن الأخير لا ينتحر " ( ص 73)
وكذلك يتطرق إلى قول لسيجموند كوخ حول الإنسان الآلي :" وإذا صنعنا إنسانا آليا ناجحا تماما، استطعنا أن نتنبأ في ثقة بأنه سيشمئز من أي ادعاء بأنه ماكنة ، وبأنه سيخلق نظرية ليبرهن بها على أنه كان انسانا بكل ما في الكلمة من معنى ) 0ص73)
هامش *1
هذا الفهم يشير إلى عقل كلي للوجود يتصل به ليس عقل الإنسان وحده بل عقول الكائنات كلها وتطرقت إليه اجتهادا في بحث لي عن الوجود ، حيث قسمت العقل إلى ثلاثة أقسام ترتبط كلها بالعقل الكوني الكلي ، بدءا بعقل الفرد فالعقل البشري (العالمي ) فالعقل الكلي الكوني .والتقسيم نفسه ينطبق على عقول الكائنات الأخرى .
م. ش.
(30)
انسان ما بعد الإنسانية !!
(2) من (4)
في الفصل الثاني من كتابه يبحث سامي الموصلي فسلجة الدماغ كهربائيا و وزن الدماغ انثربولوجيا و ذاكرة الدماغ هولوغرافيا .
+ فسلجة الدماغ كهربائيا :
يركز الباحث في هذا الجانب على تشكل الكون من مادة وطاقة .فحينما ننطلق من بديهيات الفيزياء المعاصرة لننظر إلى الطبيعة بكل مكوناتها بما فيها "الطاقات الكهربائية والمغناطيسية
والحرارية والراديوية والصوتية والأشعة المنظورة وغير المنظورة وغيرها ، نجد أن هذا التركيب والمجموعة من المسميات تميل إلى أن تعبر عن نفسها بأنها إما طاقة وإما مادة ، أي أن الموجودات كلها والوجود نفسه يظهر من خلال هذين الوصفين ، وحين ننطلق من بديهيات الفيزياء المعاصرة وخاصة فيزياء الجسيمات الدقيقة ، نجد أن المادة والطاقة إنما هما شكلان لهوية واحدة وذاتية واحدة ، فالمادة تتحول من شكلها المادي إلى شكلها الطاقوي - الطاقة –
إذا ما كانت تتحرك بسرعة الضوء . والطاقة إذا ما أبطأت عن سرعة الضوء ، تتحول إلى مادة . إذن فهذان الشكلان يتبادلان المواقع في الوجود، حسب درجة الإهتزاز والذبذبة والسرعة الضوئية التي تظهر بها . وعلى عملية التغير هذه والتفاعل بين كينونة الطاقة وكينونة المادة تقوم كل الصناعات التكنولوجية والألكترونية التي نبدعها في إحداث تفاعل وتأثير معين على شيء معين ، باستغلال السياقات القانونية العلمية التي تتحرك بها الأشياء بداهة . فإذا ما أردنا البحث عن فيزيائية الجسم الإنساني والقوانين التي تحكمه ، والقوانين التي نستطيع من خلالها إحداث تغيير معين عليه ، فعلينا بدءا أن نتفحص قوانين الطاقة التي تنتظم هذا الجسم ، وبالتالي الطاقة التي يمكننا أن نوظفها لإحداث هذا التأثير، بما لا يحدث أي خلل أو فساد أو ضرر للطبيعة الخاصة المميزة للإنسان وجسده الحي ودماغه الرخو " (ص 77)
" لو حاولنا فهم الحقيقة الفيزيأوية لجسم الإنسان عبر تحليله إلى مكوناته الذرية ، لوجدنا أنه يتكون من 65% أكسجين و18% كربون و10% هيدروجين و3% آزوت و2% كالسيوم و1% فوسفور . كما يتكون من كميات محدودة من البوتاسيوم والكبريت والصوديوم والكلور والمغنيسيوم والحديد ن وكمية من اليود والسليكون والفضة والذهب . ولا شك أن حركة الألكترونات في كل ذرة من هذه الذرات لهاطاقة كهربائية سالبة مقابل شحنة موجبة للبروتونات التي تقع في نواة كل ذرة . هذه الطاقة الأولى في الجسم هي أرضية كل الطاقات اللاحقة . ويجب أن نشير أيضا إلى وجود مواد مشعة بشكل طبيعي أيضا في الجسم البشري ، حيث تبين
أن آثارا صغيرة من المواد المشعة توجد بشكل اعتيادي في الجسم البشري . ويرجع السبب في هذا إلى وجود مواد مشعة بكميات ضئيلة في المواد الغذائية التي نتناولها " (ص78)
وحسب بديهيات الفيزياء فإن كل جسم في الطبيعة يصدر اشعاعا كهربائيا مغناطيسيا ، أي ضوءا " لكن هذا الضوء يظل غير مرئي ما دامت حرارة الجسم الذي يصدره منخفضة "
ويتحدث الكاتب بشكل مفصل عن تركيب الخلية في الجسم وكيفية عملها ، فهي مكونة من " سايتوبلازم ونواة وغشاء ، وجميع العمليات فيها تتم بجهد كهربائي"
والكهربائية هذه لا تقوم بفعلها داخل جسم الإنسان فحسب ، بل بمحيطه أيضا " أما بالنسبة للحقول والمجالات الكهربائية الخارجية للجسم الحي ، فقد ثبت أن كل مادة حية بدءا من الحبة وصولا إلى الإنسان تحيط بها وتؤثر عليها حقول كهربائية – ديناميكية ، ومن الممكن أن تعتبر غلافا للطاقة التي تحيط بالجسم البشري وضربا من قالب ألكتروني ، وكلما تجددت خلايا الجسم سعى حقل القوة إلى أخذ أنسجته الجديدة القالب المناسب " ( ص 82)
" لا شك أن أعظم نظام للتحكم والتنظيم الذاتي – السيبرناطيقي – هو الجسم الإنساني الذ يقول العلماء أنه يحتوي على مائة مليون خلية ، في كل خلية نظام سيبرناطيقي متكامل يستجيب وينظم ويؤثر ويتعامل مع آلاف المتغيرات الحيوية في الجسم ، كما أن هذا الجسم فيه جهاز عصبي أو دماغ وخلايا عصبية يتجاوز عددها 12 ألف مليون خلية ، مع تشابكات عصبية يتجاوز عددها الخيال الإنساني . هذا الجهاز المعقد جدا يتعامل بلغة واحدة مع كافة المتغيرات التي يتعرض لها ، كما يقوم بنشاطه الإعتيادي والإستثنائي بنفس هذه اللغة . هذه اللغة هي النبضة العصبية والتي تساوي فيزيائيا النبضة الكهربائية " ( ص86)
ينتهي الكاتب في هذا القسم إلى الحديث عن فسلجة الدماغ :
" لقد كان على الفسيولوجيين أن يدرسوا جغرافية الدماغ دراسة كهربائية دقيقة لرسم خريطة واضحة لها ، ولما كان الدماغ يحتوي على آلاف الملايين من الخلايا العصبية مع ملايين الملايين من الشبكات والوصلات بين هذه الخلايا وأطرافها ، لذا كانت ولا زالت معرفة جميع هذه المراكز المسؤولة عن السلوك الإنساني خارجيا وعن صحة حيوية الجسم داخليا شبه مستحيلة ، سواء للمساحة الكبيرة التي يحتاجها لعمل هذه الأجهزة الدقيقة جدا أو للدقة الخرافية التي تتشابك بها الألياف العصبية أو الشبكات العصبية بعضها ببعض ." ( ص 90)
أدت دراسة العلماء لكهربائية الدماغ وعلاقتها بالسلوك الإنساني " أنه في حال تنبيه جزء معين من المنطقة الحركية بالنبضة الكهربائية فإن الجسم يحرك طرفا معينا من الجهة المعاكسة للجسم ، وعند تنبيه المنطقة الحسية ، يحس الفرد باللمس والتنميل أو الخدر في جزء من جسمه
رغم أنه لم يلمس شيئا ، وكذلك عند تنبيه اللحاء السمعي ، يسمع الأفراد أصواتا كالصليل أو الرنين أو الحفيف ، وعند تنبيه المنطقة البصرية يرى الإنسان أضواء تتلألاْ أو أضواء زرقاء او أشعة حمراء .. ألأخ " ( ص 90)
" وقد استطاع أحد العلماء التحكم في خزين الذاكرة الإنسانية بعد أن حدد موقعها جغرافيا في خريطة المخ ، حيث بإثارة هذا الموقع يسترجع الإنسان التسجيلات الصوتية والبصرية بشكل حي وكأنه يعيشه الآن . أي أن الإثارة الكهربائية أن تسحب ذاكرة الماضي إلى الحاضر وكأنها تعيشها من جديد . وبهذا أمكن التأثير على ذاكرة الشخص ومسحها أو مسح جزء منها أحيانا ، وهذا ما يحدث عبر الصدمات الكهربائية للمخ .كما أمكن الحديث عن زرع ذكريات كهربائية مصنوعة في مخ الإنسان واستدعائها وكأنه قد عاشها فعلا ويعيشها لحظة الإستدعاء حية ، بل فكر العلماء بنقل ذاكرة شخص إلى شخص آخر كهربائيا "
" أما الإمكانات المفتوحة لكهربائية الدماغ فقد قادت العلماء إلى أنه يمكن زرع أقطاب كهربائية في أدمغة الناس في مراكز العقاب لديهم وتحريكهم مركزيا عبر بث أشبه بالراديوي والتلفزيوني، بل ويمكن زرع هذا القطب لدى الأطفال قبل بلوغهم والتحكم في تسييرهم ألكترونيا ومركزيا وبالتالي جعلهم يتصرفون وكأنهم مبرمجون وليس لهم حرية اختيار خارج هذه الإثارات الكهربائية " ( ص 91)
+ وزن الدماغ انثربولوجيا :
" لا شك أن جهازنا العصبي موروث وآلية جارية على أنماطها المرسومة لها ، وكما قال أحد الدارسين ( هو الجهاز الذي كان يعمل في أبطال وشخوص هوميروس وهو الذي يعمل الآن في شخوص وأفراد القرن العشرين ، والذي تبدل فيه عاداته وتمدينه ، أما استجاباته فهي هي : الشدائد أو العقاقير أو الممارسات العنيفة والطقوس الصاخبة التي تودي به إلى القلق والإكتئاب ، التهيج أو الوسوسة ، الهستيريا أو الإرتياب أو الغضب أو الإعتداء ، فالأنماط السلوكية الأساسية للبشر منذ أقدم العصور وحتى الآن هي صفحات فسلجية راقدة في جهازنا العصبي .)
( ص 92)
ويتحدث الكاتب عن " تميز الإنسان عن الحيوان بسلوكه وقدرة دماغه على التبصر والتفكير .كما ان دماغ الإنسان يبلغ حوالي ثلاثة أضعاف حجم دماغ الغوريلا ، رغم أن الغوريلا يزن حوالي ثلاثة أضعاف وزن الإنسان . غير أن كبر الدماغ وحده ليس معيارا يعتمد عليه في قياس القدرة العقلية . فمثلا بين الأدمغة التي فحصت كان أكبرها وزنا هو دماغ إيفان تورجنيف الكاتب الروسي الذي عاش في القرن التاسع عشر إذ بلغ وزن دماغه أربعة أرطال وسبع اوقيات ، وبالمقابل كان أقلها وزنا دماغ أناتولي فرانس وهو مثل تورجنيف كاتب مشهور ، حيث كان وزن دماغه حوالي رطلين وأربع اوقيات فقط ".( ص 93 )
"على أن وزن الدماغ لدى معظم بني الإنسان البالغين يبلغ حوالي ثلاثة أرطال .والأهم من حجم الدماغ هو تركيبه وشبكة الممرات الداخلية فيه ، فالإنسان الذي يصنف كأبله نتيجة صغر حجم جمجمته يكون له دماغ في وزن دماغ الغوريلا ، ومع ذلك يكون سلوكه كسلوك الإنسان لا الغوريلا ، فبوسعه الكلام وفهم اللغة ، وعلى ذلك فإنه لا يجوز الإعتماد على مقياس الجمجمة في الحفريات المتحجرة للإستدلال على ما كانت عليه قدرة صاحبها العقلية " ( ص 94)
وعن تميز الإنسان عن الحيوان من حيث التطور يورد الكاتب نص أحد العلماء " إن ما هو مؤكد تماما أن الإنسان الحديث لا ينتسب انتسابا وثيقا إلى أي نوع من الرئيسيات الباقية على قيد الحياة ، والسلف المشترك الأقرب للإنسان والقرود ربما كان قد مات قبل حوالي ثلاثين مليون سنة ، ولذلك فإن الإنسان الحديث والقرد الحديث يفصل بينهما حوالي ستين مليون سنة من التغير الإرتقائي . إننا لسنا محض قرود في أجسادنا ، ومن المؤكد أننا لسنا محض قرود في عقولنا " ( ص 96 )
ويتحدث الكاتب مطولا عن نمو وتطور الدماغ إلى أن يصل إلى نتيجة أن الإنسان بحد ذاته
ما زال في حال التطور إلى ما لا نهاية : " إن طبيعة الشروط الفيزيولوجية العصبية للدماغ التي أكدت أن الإنسان غير منته وغير متكامل لا بسبب أن دماغه لا يكون تام النمو عند الولادة فحسب ن بل إن حالة اختلال التوازن التي يجد نفسه فيها تتركه عملية مفتوحة النهاية ليس لها حد نهائي " ( ص 101 )
+ ذاكرة الدماغ هولوغرافيا .
" إن كل ما يحدث في الحياة الواعية لدى أي شخص لا يمحى أبدا ، فكل ما يعيشه الشخص يسجل من قبل هذا الجهاز أيا كانت أهمية الحدث ، وعندما قام الفسيولوجي بنفليد بوضع الكترود دقيق جدا في القشرة الدماغية ، ونتيجة حث كهربائي ، حدث انبعاث لمشاهد معاشة منسية تماما ، ولا يقصد بالأمر إحدى الذكريات المرتبكة بل على الاصح كل حلم يقظة ، فعندما قام المنشط الكهربائي ببعث الماضي ، اطلع المريض على أشياء كان يعيها خلال تلك الفترة من حياته دون أن يفقد مفهوم الحاضر ، أي خاصيته الحالية "
" يخزن الدماغ خزنا حيويا كل ما يمر به أثناء ادراكه وحياته بكل تفاصيلها ، ورغم أن هناك أماكن معينة استعادها الإلكترود كذاكرة حية إلا أن مسألة تحديد موقع الذاكرة في مكان محدد غير صادق تماما " ( ص 103 )
ثم يتطرق الكاتب إلى الآلية التي يتم بها تخزين المعلومات في المخ ، فهل هي آلية كهربائية أم كيميائية ، ويستعرض الأبحا ث البشرية في هذا المجال :
" لقد كانت النظرية الشائعة تقول ( إن المخ آلة كهربائية ، فكان هناك شبه اجماع على أن طبيعة تخزين المعلومات في المخ كهربائية ، وقد شجع هذا الرأي بعد التطور السريع في صناعة العقول الإلكترونية ، لكن مع تطور البيولوجية الجزيئية ومع اكتشاف أماكن تخزين المعلومات في سلسلة من الجزيئات ، اكتسبت فكرة تخزين المعلومات كيميائيا تأييدا كبيرا . على أن هناك شبه اتفاق على أن الذكريات القريبة يتم تخزينها بطريقة كهربائية ، أما القديمة فيتم تخزينها على طريقة جزيئات مادة ال- د ن ا – التي في المخ ، وبنفس الطريقة التي تحتفظ بها جزيئات مادة – د ن ا – بالخصائص الوراثية للإنسان ." ( ص 105-106 )
ويتطرق الكاتب إلى ارقام خيالية للخلايا العصبية للقشرة الدماغية بحيث تتجاوز كثيرا أية أرقام سبق أن افترضها الفلكيون في قياس المسافات بين النجوم " إن عدد الوصلات الخلوية الداخلية الموجودة تشريحيا والمتاحة للإستخدام في سلسلة قصيرة من الخلايا العصبية القشرية الدماغية للمنطقة البصرية التي تثيرها الصورة المرتبطة بشبكة العين .. سوف تتجاوز كثيرا العدد 102783000 الذي سبق أن ذكرنا ، أنه عدد الإتحادات الممكنة نظريا في مجموعات الخليتين فقط ، إن مقارنة هذا بعدد الذرات في الكون تبدو مخيفة والتي تبلغ ستة وستين أس عشرة ذرة "
" فإذا أضفنا لكل هذا أن المستعمل من قدرة الدماغ للعباقرة لا يتجاوز 10% من خلايا الدماغ ، فإن الفجوة تتسع أكثر لمعرفة القدرة الخرافية لخزن المعلومات في الخلايا العصبية ، مما طرح على العلماء البحث عن طريق حفظ الدماغ لهذه المعلومات الفلكية في مساحة لا تتجاوز 1200 سنتمتر مربع المتمثل بدماغ الإنسان العاقل شديد الذكاء " ( ص 108 )
(31)
انسان ما بعد الإنسانية
(3) من (4)
في الفصل الثالث من كتابه ( الدماغ البشري ) يتطرق سامي الموصلي إلى أمراض الدماغ : الأمراض العقلية والنفسية . الأمراض الكهربائية والأمراض السايكوسوماتية .
+ الأمراض العقلية والنفسية :
قالت دراسة هولندية على ضوء صور الرنين المغناطيسي أنه اتضح أن 13% من البالغين الأصحاء لديهم خلل في المخ لم يشخص ، ولكنه غير مؤذ.
"أجري البحث على نحو ألفي متطوع فوق سن الأربعين عاما ، حيث يمكن للرنين المغناطيسي أن يقدم صورة لتركيبة المخ ، وأظهر أكثر من 7% وجود أدلة على جلطات في المخ . ولكن الجلطات كانت صغيرة للغاية بحيث لم تسبب ظهور أي أعراض ، وكانت شائعة في ما يبدو مع تقدم العمر . وكان 2% مصابين بتضخم الأوعية الدموية في المخ والذي يمكن أن يسبب انفجار تلك الأوعية إذا كان كبيرا للغاية ، مما يؤدي إلى سكتة دماغية . غير أن 32 من 35 حالة تضخم في الأوعية الدموية كانت صغيرة للغاية ، ولم يوص الباحثون بمتابعة هذه الحالات لعلاجها ." ص 115 .
" إذن فإن أمراض الدماغ لها هذه السعة والإنتشار حتى أن واحدا من كل ثمانية أشخاص هو مصاب بخلل في المخ ، ومع هذا ليس الجميع يحتاجون إلى علاج" .
" وفي دراسة حديثة أيضا كشفت أن الأشخاص الأكثر عرضة لحالات الإكتئاب والحزن الشديد بشكل مستمر يكونون أكثر الناس عرضة لتلف وموت خلايا الدماغ ."
"كذلك خلصت دراسة أمريكية حديثة إلى أن اختلالا في نشاط كهربائية المخ يمكن أن يكون السبب في الإصابة بمرض الإكتئاب ، حيث تبين للعلماء بعد استخدامهم تقنية تصوير الدماغ أن الآليات المختلفة للإكتئاب ووسائل العلاج تمر في النهاية من خلال دائرة كهربائية واحدة ، ويبدو كما يقول العلماء أن تغييرات في طريقة مرور النبضات الكهربائية في هذه الدائرة هي السبب في حالات الإصابة بالإكتئاب " ( ص 116)
" على أن من أحدث العلوم التي ظهرت في نهاية القرن العشرين هي ما سمي بعلم النفس العصبي، وهو العلم الذي يقوم على دراسة العلاقة بين السلوك والمخ أو دراسة وظائف المخ من ناحية والسلوك من ناحية أخرى ، وحتى عام 1980 لم يكن علم النفس العصبي أحد التخصصات ، حتى قامت الجمعية الأمريكية لعلم النفس في أواخر الثمانينات بتحديده في القسم الأربعين منها ."
" إن أحدث الوسائل التي توصل إليها العلماء بدراسة الدماغ عبر تصويره بجهاز البوزترون بعد أن تجاوز مسألة موجات الدماغ وتصويره وحتى الرنين النووي المغناطيسي، هذا الجهاز يقوم بإطلاق البوزترون بالتصوير بأشعة اكس وهي أداة اوتوماتيكية لتجسيد وتصوير كيمياء الدماغ . وعمله يقوم على ملا حظة كمية الكلوكوز المستهلكة وبالتالي تحديد ميكانيكية بايلوجيا الأعصاب في جذور العملية العجيبة عند الإنسان "
" إن أمراض المخ المخ أو الدماغ أو الجهاز العصبي عموما تشعبت وتفرعت ، فمنها الأمراض العقلية سواء كانت عضوية او لا عضوية ، ومنها الأمراض النفسية بمختلف توجهات العلماء فيها ، سواء عبر فسيولوجية الأعضاء أو التحليل النفسي. وقد ظهرت هناك أمراض يمكن وصفها بالكهربائية نتيجة التعرض لتشابكات أو أحداث ذات طابع ألكتروني في التاثير على الدماغ ، كما ظهرت بشكل واسع الأمراض السايكوسوماتية النفسجسمية ، فكيف يمكن تحديد بعض هذه الأمراض ، استنادا إلى مادة الدماغ الحية العضوية وعلى نشاطه الفسيولوجي اللا عضوي ؟"
" لقد قسم العلماءالأمراض العقلية إلى قسمين : أمراض عقلية نشأت بسبب آفات وعلل عضوية ظاهرة في الجسم ، وأمراض عقلية لا تعرف لها أسباب عضوية "على أن هناك تداخلا بين الأمراض العقلية والأمراض النفسية ، بل إن بعض الإختصاصيين يعتبرون الأمراض العقلية - نوعيا – كالأمراض النفسية ، وإن الإختلاف بينهما هو اختلاف درجة لا اختلاف نوع " ص 119 )
ويخلص الكاتب إلى الإشارة إلى أن الطب لم يتوصل بعد إلى تعيين الأسباب المادية لمعظم الأمراض العقلية ، أو إلى تعيين مركز الإضطراب في الدماغ "
واعتبر الجنون قمة الأمراض العقلية . وهذ يعني أن الدماغ لا يعمل بشكل سليم ، سواء كخلايا عصبية أو اتصالات كهربائية أو كيميائية أو افرازات هرمونية أو كل ذلك .
+ الأمراض الكهربائية .
" يتركز النشاط الكهربائي بشكل أكبرفي الخلايا العصبية ، في الجهاز العصبي المركزي ، إضافة إلى الغدد والأنزيمات التي تعكس في الصور هالات كهربائية مختلفة .ومن المعروف أن نشاط الخلايا العصبية يقوم أساسا على هذه الكهربائية التي تسري في الأعصاب ،وأي قطع في أي عصب يقطع وصول هذه الطاقة يتحول العضو فيها إلى الشلل التام "
" لقد أكد العلماء اليوم أن الجسم البشري له قدرة كبيرة على امتصاص الموجات الكهرومغناطيسية أ وأن لهذه الموجات قدرة كبيرة على النفاد إلى الأجسام الحية ، وعند دخولها تحدث تغييرات بيولوجية في الجسم بشكل يحدث خللا في عمل الاجهزة المختلفة كالجهاز الدوري والجهاز التناسلي والمخ والأعصاب . وهذا بدوره يؤدي إلى إصابة الإنسان ببعض الأمراض ، بل إن بعض الدراسات أكدت أن العمل بالقرب من الأسلاك الكهربائية قد يزيد من احتمال إصابة الإنسان بسرطان المخ ، كما أكدت دراسات أخرى على احتمال إصابة الأطفال الذين يعيشون بالقرب من التوصيلات الكهربائية ذات التيار العالي باللوكيميا والورم اللمفاوي وأورام الجهاز العصبي ن وكذلك أكدت دراسات أخرى أن العاملين في محطات البث الإذاعي والتلفزيوني يتعرضون إلى موجات كهرومغناطيسية تزيد عن الحد المأمون . وفي ولاية كاليفورنيا أكد العلماء أن الإكثار من استخدام الهاتف له أضرار بالغة على الصحة ، تبدأ المتاعب في الجهاز العصبي والقلب والدورة الدموية وتصل إلى حد عدم القدرة على الإنجاب " ( ص 124 )
" إن الموجات اللاسلكية تدخل الدماغ وتؤثر الذبذبات العالية على التفاعلات الكيماوية التي تدور في الخلايا الحية وتتداخل مع المجالات الكهربائية الطبيعية لأغشية الخلايا مما يؤدي إلى الإصابة بالسرطان . وهكذا نجد أن هناك علاقة بين الكهرباء وأمراض الإنسان التي قد تصل إلى السرطان . على أن الكهرباء لعبت دورا في تشخيص الأمراض
نفسها وخاصة بعد اكتشاف الموجات الدماغيىة المعروفة التي استخدمت للتشخيص ، كما استخدم النشاط الكهربائي للمخ وتصويره في تشخيص وعلاج داء الصرع والشقيقة وغيرها إضافة إلى العلاج بالصدمة الكهربائية . بل لقد وجد العلماء أن النشاط الكهربائي للدماغ ، يتأثر حتى بتناول حبة أسبرين واحدة ، وهذا يعني أن كهربائية الإنسان والدماغ خاصة تتفاعل عموما مع أي تركيب كيماوي صحة ومرضا " ( ص 125 )
ويخلص الباحث في هذا القسم إلى أن مضار النانو تكنولوجيا على جسم الإنسان عموما وعلى الدماغ خصوصا مضار خطيرة للغاية وخاصة حين يفكر العلماء "بربط مخ الإنسان بجهاز كومبيوتر أو زرع رقائق في دماغ الإنسان محملة بذاكرة إضافية أو أنها تعمل على بلوغ أماكن مستعصية في مخ الإنسان ، حيث يفكر العلماء بالقضاء على بعض الأمراض العصبية كالزهايمر وصولا إلى الإنسان الذي نصفه آلة ونصفه بايلوجيا ؟ إنها ولا شك تولد أمراضا لا تخطر علي بال أحد " ( ص 129 )
+ الأمراض السايكوسوماتية .
" يعرف بعض المختصين الإضطرابات السايكوسوماتية بأنها تكون ناتجة عن التوترات االإنفعالية المحظورة ، فمن المعروف أن الإنسان يصارع الحياة من أجل البقاء وأن التغييرات الفسيولوجية التي تظهر في حالة الإنفعال تنتهي بعد زوال الموقف ، لكن في بعض الأحيان تستمر المواقف المنتجة للإنفعال ولا تذهب بسهولة "
" وهذا ما ينتج عنه أمراض مثل النبض السريع وضغط الدم المرتفع المتضمن اجابة دائمة للطوارئ وإلى تلف الأنسجة الذي ينتج مثل قرحة المعدة " ( ص 130)
" وثمة تعريف آخر يقول " هذه المجموعة من الأمراض عبارة عن أعراض جسدية لمشاكل نفسية وتسمى سايكوسوماتية ، ويطلق عليها أمراض العصر للعلاقة الوثيقة بين الضغوط النفسية والتوتر الداخلي ، لأن أي نوع من الإنفعالات يصاحبها تغيرات بدنية خارجية وتغيرات فسيولوجية داخلية "
وقد اعتمد التنويم المغناطيسي في علاج هذه الأمراض ، ويرى الكاتب أن العالم الروسي بافلوف هو أبرز من برع في هذا النوع من العلاج " عن طريق دراسة الإرتكاسات – ردود الفعل الجسدية أمام المثيرات الخارجية – "
" على أن بعض مدارس السايكوسوماتك العلاجية ومن خلال تركيزها على التنويم المغناطيسي قد أكدت حقيقة قدرة الجهاز العصبي على العلاج ، وقد وصفت حالة التنويم المغناطيسي بأنها حالة استنفار للجهاز العصبي بحيث يمارس هذا الجهاز شكلا واقيا من أشكال وظيفيته "
ويتطرق الكاتب إلى دور الإيحاء في هذا العلاج حيث " نجد أن الدماغ حينما يتسلم معطيات عقلية معينة عبر الإيحاء يستطيع أن يحقق علاجات شافية بمجرد تغييرات فسيولوجية داخل الجسم تتعامل مع هذه المعطيات ، بل إن الكلمة نفسها كما ذكر بافلوف من حيث كونها منبه شرطي إشاري هي في الوقت ذاته شيء مادي محسوس بالنسبة للشخص الذي ينطق بها أو يسمعها او يقرأها ويكتبها ، بإمكانها في جميع الأحوال أن تحدث تحولات في السلوك . معنى ذلك أنه متى توافرت شروط مادية فسلجية واجتماعية خاصة فإن الكلمة تقوم بوظيفتها المشار إليها " ( ص 138 )
ويتطرق الكاتب إلى أناس انتشوا قدم لهم ماء بدلا من الكحول وهم في حالة تنويم جزئي ، وامرأة شعرت بالإنتعاش
والإنشراح قيل لها أنها تشم رائحة عطر زكي يتضوع أريجه في حين ان المادة التي بالقرب من أنفها كانت غاز الأمونيا الكريه الرائحة ! " وتناول بعضهم مادة مرة المذاق على أنها سكر " ( ص 139 )
ويختتم الكاتب هذا القسم بالقول " إن كل ما تقدم من أمراض وعلاجات إنما تدل على أن الدماغ يمكنه أن يمرض الإنسان بالإيحاء ويشفيه بالإيحاء وذلك بتغيير آليات الفعل الفسلجي للخلايا العصبية لتقوم بعملها "

(32)
إنسان ما بعد الإنسانية
(4) من (4)
في الفصل الرابع من كتابه ( الدماغ البشري ) يتحدث سامي الموصلي عن البحوث المستقبلية التي تجري حول الدماغ متطرقا إلى إمكانية زرع الدماغ – جراحيا . والحرب على الدماغ ، وأخيرا الدماغ بين البايوألكترونكس والنانوتكنولوجيا .
+ زراعة الدماغ - جراحيا .
يعرض الكاتب الآراء المختلفة السابقة حول إمكانية ذلك في المستقبل ، وعدمها ..فهناك من فكر في انسان المستقبل (السوبرمان) لاستشراف آفاق المستقبل البشري ، غيرأن معظم هؤلاء المفكرين لم يكونواعلماء فأطلقوا العنان لخيالهم ، أما العلماء الذين يميلون إلى التنبؤ بالمستقبل فهم يلتزمون بما تمليه عليهم آداب المهنة فلا يذهبون بعيدا في الشطح .
وهكذا ظلت فكرة زرع الدماغ بعيدة عن أي تصور إلى أن ظهرت كتابات تتحدث عن زرع ذاكرة وذكريات في مخ الإنسان ، بل وتحدثت ( عن تصنيع الذكريات وتسجيلها وتغذية المخ بها سواء كهربائيا أو كيميائيا " وبهذا يستطيع الإنسان " أن يختار عالم الأحلام الذي ينبغي أن يعيش فيه "
وبعد الإسهاب في هذا العرض وإمكانية الإحتفاظ بالدماغ لألف عام للإفادة مما يحتويه ، يطرح
السؤال الأهم ( هل يمكن زراعة دماغ رجل في جسم شاب تعرض لموت الدماغ ، سواء كان فيزيائيا عبقريا مثل آينشتاين أو مصلحا اجتماعيا مثل غاندي ؟!) وإذا ما تم ذلك فهل يكون الرأس رأس الإنسان القديم أم رأس الإنسان الجديد ؟
ويخلص الكاتب إلى القول :
" لم تتحقق مسألة زراعة الدماغ حتى اليوم ، لكن تحقق زرع أجزاء منه تعطلت بسبب حادث اصطدام أو انسداد شريان أثر نوبة قلبية أو بسبب تورم خبيث ، ,انه يمكن معالجة مرض باركنسون- صعوبة في الحركة والكلام – ومرض الزهايمر- صعوبة تذكر الحوادث – وأمراض مشابهة ."
" على أن تصحيح الخلل في الدماغ سيحصل عام 2020 وهنا يتساءل أحد الكتاب وماذا بعد ذلك ؟ فيجيب : يحلم بعض العلماء الآن بإدخال كومبيوتر صغير إلى دماغ الإنسان ليساعده بخزن المعلومات . إن تقنية الإنسان تتزايد بسرعة هائلة ، فكل سنة من أوائل القرن الحادي والعشرين ، تساوي عشر سنين من أوائل القرن العشرين في االتقدم العلمي ، والسرعة قد تتزايد "
( ص 152-153 )
+ الحرب على الدماغ !
يتطرق الكاتب إلى إحصائيات علماء النفس التي تشير إلى " أن نسبة 1% من حوادث الموت في العالم تتم انتحارا ، والموت هنا بالمفهوم السيكولوجي مدفوعا عبر المرض النفسي بتعدداته من الخوف والقلق والإكتئاب وأي دافع نفسي آخر للإنتحار"
" وحينما يتحدث علماء الباراسيكولوجيا عن إمكانية قتل الإنسان عن بعد ، يتحدثون عن التنويم المغناطيسي وطبيعة الشخص ضعيف الشخصية الذي يتقبل إيحاءات المنوم المغناطيسي للقيام بأعمال تؤدي إلى قتل نفسه لسبب غير مبرر عقليا "
" واليوم حين يتحدث علماء الأعصاب وكهربائية الدماغ والفسيولوجية الكهربائية ومن يعملون بالآلات الحيوية أو البايو الكترونكس ، فإنهم يؤكدون علميا أنه بالإمكان زرع ألكترودات بالدماغ والتحكم بها عن بعد ، فيتصرف الإنسان بموجب الإثارة الكهربائية لمراكز معينة في الدماغ تخلق عنده هستيريا شديدة تصيبه بآلام شديدة تدفعه إلى قتل نفسه "
" أما حين يتحدث المؤمنون العقائديون المتدينون عن سبب قيام إنسان بتفجير نفسه لهدف أكبر قيمة من حياته ، فإنهم يتحدثون عن الإيمان والعقيدة التي تحول الإنسان – مهما كان مضمونها – إلى قنبلة ، فيكون سلوكه محكوما بمعطيات فكرية معنوية تدفعه لهذا السلوك دفعا " ( ص 154)
" إن العقل الإنساني يمكن التحكم به عن طريق الدماغ ، ويمكن التحكم بالدماغ باعتباره مادة خلوية أو طاقة كهربائية عبر التأثير على غرائز الإنسان الطبيعية باستثارة مركز هذه الغرائز في الدماغ ، حتى بالإمكان جعله يشعر بالجوع وهو ليس بجائع ، ويشعر بالشبع وهو يكاد يموت جوعا "
" كما يمكن استثارة أي انفعال مطلوب أو أي حركة عضوية مطلوبة عبر ذبذبة كهربائية صناعية توجه لمركز ذلك الإنفعال أو الحركة العضوية . كما يمكن استثارة أي انفعال سلبي أو إيجابي عبر زرع إيحاءات نفسية معينة عبر التنويم المغناطيسي في اللاشعور ، وتوقيت حدوث الإنفعال بسماع كلمة معينة أو صوت موسيقي أو أي شيء آخر ، فنرى الشخص موضوع التأثير يتصرف وفق معطيات الإيحاء السابق بدقة " (ص 155)
" من كل ما تقدم نستطيع أن نبني فرضية تقول أنه من الممكن التحكم بالسلوك الإنساني عبر أي ممارسة من هذه الممارسات ،وصولا إلى إمكانية التحكم عن بعد بهذا السلوك الإنساني عبر ذبذبة كهربائية بالريموت كنترول أو عبر تنويم مغناطيسي عن بعد وببرمجة السلوك وفق المتطلبات والحاجات " ط (ص 156)
وينتقل الكاتب إلى الحديث عن حروب الدماغ في محاولة للسيطرة عليه وبالتالي السيطرة على الإرادة الإنسانية ، فيمكن لدكتاتور على سبيل المثال أن يزرع الكترودات في أدمغة الأطفال عند ولادتهم أو بعد ذلك بقليل ليكون سلطانه على رعاياه شاملا ومذهلا !!
وتدرس الدول الكبرى مثل أمريكا وروسيا "إمكانية السيطرة على الأفراد والجماعات دون زرع ألكترودات في الأدمغة ، حيث أمكن اليوم أن يلبس الإنسان طاقية فيتحكم بدماغه حسب إرادته بل بمجرد إرادته وهمته تتحرك الأشياء التي يريد تحريكها ، وهذا ما ما طرحته الأجهزة التكنولوجية المتقدمة اليوم " ( ص 162 )
" إن النتيجة التي يسعى إليها السياسيون والقادة الأمنيون الذين يمارسون هذا العمل ( هو اختراق حواجز اسرار تركيبة الدماغ البشري للسيطرة على عقل الإنسان وإرادته والتمكن من تحويل جمجمة الإنسان إلى ورشة عمل يمكن تفكيك وتركيب القطع المركزية والحساسة فيها وبالتالي تحويل الإنسان إلى مجرد آلة حديدية إنسانية توجه لخدمة مصالح الفئة المتفوقة في المجتمع " ( ص166 )
+ مستقبل الدماغ بين البايوألكترونكس والنانو تكنولوجي .
يستعرض الكاتب ما وصلت إليه علوم التكنولوجيا بتصميم " نماذج صنعية بمقدورها انجاز التحولات الطاقية التي تقوم بها الكائنات الحية ، وتستطيع هذه الجزيئات المرنة التقلص والتمدد مستجيبة لإشارات كيميائية أو كهربية "
" إن السير في هذا الطريق ولد علوما جديدة سمي بعضها الألكترونيات الحيوية ، تتناول استخدام المواد الجزيئية في التطبيقات الألكترونية ، وهناك توقعات أن تتحول من عصر الألكترونيات المجهرية إلى عصر الألكترونيات الجزيئية ، وعلم آخر جديد ظهر باسم علم الأحياء الجزئي بناء على تطور علمي الكيمياء والفيزياء وامتدادهما نحو علم الأحياء .
من كل ما تقدم ظهر علم ما يسمى الإحيائيات الألكترونية أو الألكترونات الإحيائية التي تعمل
على واجهتين مشتركتين ،واجهة المادة الجامدة باسم الألكترونيك وواجهة المادة الحية باسم البايو ، وهكذا ولد مصطلح البايوالكترونكس للدلالة على هذا النوع من العلوم " ( ص 170- 171)
" إن المحور الأساسي للبايو ألكترونكس اليوم يقف عند التعامل بين زراعة كمبيوتر صغير في الدماغ أو رقيقة سيليكونية تحمل المعلومات وتضيف إلى الدماغ خزينا بآلاف الأصناف بحيث تتعشق المعلومات الصنعية في الرقيقة مع ذاكرة الإنسان الحيوية في الدماغ "
ونتج عن هذا العلم علم النانوتكنولوجي ، فمعطيات هذا العلم فيها إمكانيات أكبر إذا ما تعاملت مع ربط الدماغ البشري بالكومبيوتر . فالعلماء يحلمون فعلا بإدخال كومبيوتر صغير إلى دماغ الإنسان ليساعده في تخزين المعلومات .. وتتحدث المعلومات التنبؤية عن كمبيوتر بحجم حبة العدس يزرع تحت جلد الرقبة ويصل بالدماغ مباشرة أو عن طريق العمود الفقري وتساوي قدرته على حفظ المعلومات قدرة ألف دماغ وتصل ربما إلى مليون دماغ ،وهو يحفظ أرقام الهواتف وأسماء الناس ووجوههم والمواعيد والعناوين والأماكن الجغرافية في العالم والتواريخ والأشعار والنكات والحوادث وغير ذلك ، وفي حال كهذه ماذا عن التعلم والتعليم والدراسة ، هل توضع المعلومات الدراسية داخل الكمبيوتر مسبقا وتدمج في الدماغ ؟ حينئذ لن يكون هناك تعليم ولا من يتعلمون "!! ( ص 176 )
" إن النانو تكنولوجي ستتمكن من تحويل الإنسان إلى نصف آلة يقرر حاضره ومستقبله وشكله ومظهره ، وتفكر في خلق الإنسان البيولوجي – الألكتروني أو الكائن الموجه ، بربط دماغه ومجمل أعضائه بحاسوب ذكي يوجه نشاطه بالحصول على كل المعلومات الضرورية ، وبالتالي خلق أرقى جنس بشري "
" كهنة العلم الحديث ورسله ، يعدوننا بمستقبل زاهر : حب حسب الطلب . علم بلا حدود . قوة خارقة . تسيير عن بعد . إنها تقنيات لو وقعت بأيدي شريرة تفوق في خطورتها الأسلحة النووية ، فيمكن لهذه التقنيات أن تساهم في حرب جرثومية عن بعد وأن تخضع مجموعات بشرية كاملة وتهدئ من روع البعض وربما تسخير جزء هام من البشر لأغراض الخبراء "
إن هذا التطور قد لا يبشر بالخير بقدر ما يبشر بالشر الذي يمكن أن يدمر الحياة . يقول أحد الكتاب في تعريفه لإنسان عصر النانو" هو انسان يحمل بطاقة تعريف نانوية ، مراقب عن بعد ، يحمل جسمه آلات متعددة ، واحدة تحت السن للقيام بالإتصالات التلفونية . وأخرى تلتقط المعلومات عن اضطرابات القلب والأوعية ،وأخرى داخل الجسم تلتقط المعلومات حول إمكانية الإصابة ببعض الأمراض ، وأخرى تدعم ذاكرته وتكيف إحساسه ، وأخرى تقوي عضلاته . سيعج جسمه بالرقائق والأنابيب الكربونية . هو إنسان آلي فاقد للإرادة والإحساس المستقل ، هو إنسان فائق القدرات محور جينيا وقع فرزه في المخابر والأنابيب ، وخضع لتكنولوجيا النانو . هو إنسان يحمل جين الخلود ، يأكل من خليط كاربوني وأزوطي ، إنه انسان بعد الإنسانية ، فاقد للإنسانية ، إنه فعلا تقزيم الإنسانية بفضل الآلات القزومية النانوتكنولوجية "( ص 183 )
إن ما أوردناه من عرض لهذا الكتاب ليس إلا جزءا لا يكاد يذكر مما يحتويه ، وهذا بالتأكيد لا يغني عن اقتنائه وقراءته . وفي الإمكان القول إنه أهم كتاب علمي قرأته في حياتي .
م.ش.
****************************
(33)
على هامش الحوار بيني وبين صديقي المؤمن .
" قوّة المعرفة وقوّة القوّة " !!
855- في الحوارالمنشور بيني وبين صديقي المؤمن ( قريبي ) حول برمجة عقله على الدين والأفكار التي نشأ عليها في أسرته وبيئته ، نجده يحاول التهرب من الإجابة حين سألته عن إمكانية تحوله إلى الإسلام لو ولد في أسرة يهودية أو مسيحية أو هندوسية ، بقوله " ألله أعلم ما بقدر أجاوبك على شيء في علم الغيب " لكنه يستدرك قائلا أنه " لو تهيأت له الفرصة ليفهم الإسلام وتعاليمه كما يفهمها الآن لأسلم "
في هذه الإجابة إنكار لأية تعاليم انسانية في دينه المفترض السابق ، لذلك سيتخلى عنه لأنه سيجد في الإسلام وتعاليمه ما هو انساني ورباني مقنع ، بما في ذلك قطع يد السارق وجلد الزاني ، وإقامة حد القتل على الخارج والمرتد عن الدين ،وقتل الكافر من أي دين آخر ، وغير ذلك .
وحين سألته تمشيا وانسجاما مع إجابته ، أنه لو عرض عليه أي دين آخر ووجد أنه مقنع وأفضل من الإسلام فإنه سيتبعه ويترك الإسلام ، تهرب أيضا بقوله " أنا أجبتك بالنسبة
إلى الإسلام فقط ،والحمد لله على نعمة الإسلام "
من الملاحظ هنا انه يرفض التفكير في أي دين آخر طالما هو مسلم ، بينما لو كان يتبع أي دين آخر لافترض أن الإسلام سيعرض عليه وسيتبعه بعد أن يعرف تعاليمه .
وهكذا يريد قريبي المؤمن الجامعي أن يقنعني بهذه العقلية وهذا التفكير أن عقله غير مبرمج على ما نشأ وشب عليه في أسرته وبيئته .
وحين حاولت التمادي معه في جره إلى ما يغني معرفتي ،بأن سألته :
" - لماذا تجيز لنفسك اعتناق الإسلام لو كنت من دين آخر بينما لا تجيز لها إن كنت مسلما
هل تخاف من إقامة الحد عليك ؟ تعرف أن الخروج على الإسلام يستوجب القتل !"
أجاب :
" لا ولا مرة . الإسلام هو دين شامل كامل متكامل ، يصلح لكل زمان ومكان "
نراه يهرب من الإجابة أيضا عن الشطر الأول من السؤال ويجيب عن الشطر الثاني فقط
متذرعا بأن الإسلام دين شامل كامل وهذا الأمر بالتأكيد غير متوفر في الديانات الأخرى حسب ما يرى قريبي المؤمن . الذي لا يعرف بالتأكيد أن في العالم أكثر من عشرة آلاف دين وأن معظمها
قد يكون متقدما في مفاهيمه على الإسلام إن لم يكن متقدما بالفعل . فليس هناك دين يجيز القتل كما يجيزه الإسلام . والقتل حسب الإسلام وحسب فهم قريبي صالح لكل زمان ومكان !
( أية نعمة هذه أغدقها علينا الإسلام ) ؟!
ولا يكتفي قريبي بهذا الأمر ، فلا بد له من إكمال دينه بما هو غير ميسر له ، بإقامة الحد علي ، قائلا :
" ولو كان الأمر بيدي ، كنت سأقيم الحد عليك "
هذا هو العقل المبرمج على ما نشأ عليه . وليس هناك قوة في الأرض يمكنها أن تغير هذا الفهم ، ما لم تواجه بقوة المعرفة أوقوة القوة ، ونقصد قوة الجماعة سواء بعسكرة المجتمع أو غير ذلك ، فلم يدخل الوثنيون الإسلام أفواجا إلا بعد أن شاهدوا رايات الإسلام تخفق في سماء مكة ، وعلى سطح الكعبة ، والمجد المحمدي يطاول عنان السماء .. هكذا تنتصر الأفكار وتسود بين الأمم حتى لو كانت تنطوي على القتل وسفك الدماء وقطع أيدي السارقين و... الغباء والجهل !! وما نأمله لمستقبل البشرية أن تسود قوة المعرفة وقيم الحق والخيروالعدل والجمال والمحبة بين بني البشر دون اللجوء إلى قوة القوة ، أو القوة العسكرية .
*****
(34)
شاهينيات : في الخلق والخالق والمعرفة (15)
856-الحياة في الموت ، والموت في الحياة !!
تطرقنا في مقالات وخواطر سابقة إلى ضرورة الموت ،فدون الموت لن تجد الكائنات مكانا تعيش فيه ، كما لن يجد كوكب الأرض غذاء يمنحه طاقة متجددة تنتج غذاء جيدا ومفيدا يفيد دورة الحياة المتجددة . فالموت إذن ليس هو ما نعرفه من أن الحياة انتهت . لا ، الموت هو الخطوة الأولى في انبعاث حياة ثانية جديدة . وإذا كان الفكر الديني أو بعضه على الأقل يعد بحياة ثانية
في جنة أو عذاب في نار ، فإن فكرنا لا يعد بأي من هذه التصورات ، بل ولا يعتقد بها . وأما عن الفكر الديني القائل بالتناسخ والتقمص وحلول الروح في كائنات أخرى أو مواليد آخرين ، فقد نؤيد فيه فكرة تجدد الحياة دون أن نوافق على الصيرورة التي يتم بها الإنتقال والحلول ، ودون أن نوافق على المنتقل إليه روحيا والحال فيه تناسخيا . ثم إننا لا نوافق على الفكرة الهندوسية
بحد ذاتها المنطلقة من فكرة العقاب أيضا ، بأن الله - وهو هنا براهمان- يحيل الروح إلى كائنات أرقى أو أدنى حسب سلوكها في الحياة بما يتعلق منه بالخير والشر . فالطاقة القائمة وراء الخلق في مذهبنا لا تحاسب ولا تعاقب وغاياتها خيرانية وإن كانت لا تتحكم بعملية الخلق بشكل مطلق حتى الآن ، دون أن تتوقف عن السعي إلى ذلك . غير أننا لا ننكر وجود حالات خارقة للطبيعة
كأن يولد كائن لديه قدرات خارقة كحاسة الشم عند الكلب مثلا ، أو خلق انسان يجيد لغة دون أن يتعلمها ، أو خلق انسان يفعل ما لا يستطيع أي انسان آخر فعله . وهذا الأمر ينتج في الغالب عن تفاعلات نسبية في عناصر مادية لم تحدث من قبل . وقد يشير هذا إلى أن التفاعلات الصدفية أو التجريبية إن شئتم التي كانت تقوم بها الطاقة في بداية عملية الخلق ما تزال قائمة في جانب منها
إلى جانب تفاعلات مدروسة تم التأكد منها وربما وضعت تحت رموز ما تشير إليها . وفي الإمكان القول حسب هذا التصور أن التفاعلات تنقسم إلى قسمين . تفاعلات مدروسة ومعروفة ، وتفاعلات تجريبية . ومن التفاعلات المدروسة في الطبيعة هي ما ينتج عند الثدييات من بويضة انثى وحيوان منوي ذكري ، فتفاعلهما مدروسا فيما يتعلق بخلق الإنسان والكائن الثديي . وقس على ذلك عملية الخلق في الكائنات الأخرى غير الثديية التي تتكاثر بتفاعلاتها الخاصة المختلفة
بين عناصر مادية مختلفة .
سنعود في هذه المقالة إلى التوسع بعض الشيء في الموت والحياة وتجددهما المستمر والدائم .
" لو حاولنا فهم الحقيقة الفيزيأوية لجسم الإنسان عبر تحليله إلى مكوناته الذرية ، لوجدنا أنه يتكون من 65% أكسجين و18% كربون و10% هيدروجين و3% آزوت و2% كالسيوم و1% فوسفور . كما يتكون من كميات محدودة من البوتاسيوم والكبريت والصوديوم والكلور والمغنيسيوم والحديد ن وكمية من اليود والسليكون والفضة والذهب . ولا شك أن حركة الألكترونات في كل ذرة من هذه الذرات لهاطاقة كهربائية سالبة مقابل شحنة موجبة للبروتونات التي تقع في نواة كل ذرة . هذه الطاقة الأولى في الجسم هي أرضية كل الطاقات اللاحقة . ويجب أن نشير أيضا إلى وجود مواد مشعة بشكل طبيعي أيضا في الجسم البشري ، حيث تبين أن آثارا صغيرة من المواد المشعة توجد بشكل اعتيادي في الجسم البشري . ويرجع السبب في هذا إلى وجود مواد مشعة بكميات ضئيلة في المواد الغذائية التي نتناولها " (1)
وثمة تحليل أكثر تفصيلا سنورده أيضا : لو أرجعنا الإنسان إلى عناصره الأولية ، لوجدناه أشبه بمنجم صغير ، يشترك في تركيبه حوالي ( 23) عنصراً ، تتوزع بشكل رئيسي على :1ـ أكسجين (O) ـ هيدروجين ( H) شكل ماء بنسبة 65% ـ 70% من وزن الجسم ـ كربون (C) ، و هيدروجين ( H) و أكسجين (O) و تشكل أساس المركبات العضوية من سكريات و دسم ،و بروتينات و فيتامينات ، و هرمونات أو خمائر .3 ـ مواد جافة يمكن تقسيمها إلى: آ ـ سبع مواد هي : الكلور ( CL) ، الكبريت (S) ، الفسفور (P) ، و المنغنزيوم (MG) و البوتسيوم (K) ، و الصوديوم (Na) ، و هي تشكل 60 ـ 80 % من المواد الجافة .ب ـسبع مواد بنسبة أقل هي : الحديد (Fe) ، و النحاس (Cu) و اليود (I) و المنغنزيوم (MN) و الكوبالت ( Co)، و التوتياء ( Zn) و المولبيديوم (Mo ) .جـ ـ ستة عناصر بشكل زهيد هي : الفلور ( F) ، و الألمنيوم (AL ) ، و البور ( ، و السيلينيوم ( 2) ( Se) ، الكادميوم ( Cd) و الكروم ( Cr) .
ما يعنينا من كل هذه العناصر هو أنها كلها موجودة في تراب الأرض أو في باطنها الذي يحوي أكثر من مائة نوع من العناصرالمادية . وهذا يعني أن ثمة عناصر مادية في تربة الأرض لم تستغل حتى الآن ليس لأنه لا حاجة لها في عملية الخلق بل لأن توظيفها أو توظيف معظمها
في الكائنات الحية لم يتم التوصل إليه حتى الآن أو لا حاجة له أو لبعضه ، لكنه يقوم بدوره في عملية الخلق ضمن باطن الأرض ذاته .
قد لا يبدو التطرق إلى هذه العناصر مهما لما نبحث عنه وهو الحياة والموت وتجدد دورتهما
في حياتنا . تعالوا لنتخيل حالا ليس فيها موت للكائنات . ماذا سيحدث :
في البدء لا بد من القول إن هذا التخيل شبه مستحيل بالمطلق . لأن الكائن الحي وبشكل خاص الإنسان والحيوان اللاحمين لا يمكنهما البقاء إلا بالقضاء على حياة حيوانات أخرى أضعف منهما ، إلا إذا قررا التحول إلى النبات ، وهذا أمر مستحيل .
لن ندخل مطولا في أبعاد هذا التخيل . ولنبق على تخيل عدم الموت وبشكل خاص للإنسان والحيوان الأقوى والنبات الذي يعمر طويلا جدا . ما الذي سيحدث في هذه الحال ؟
لن تجد الكائنات مكانا يتسع لوجودها . فلو افترضنا أن البشرية تزداد مليارا كل قرن ، فسيكون
لدينا عشرة مليارات في ألف عام فقط ، ومائة مليار في عشرة آلاف عام فقط . أي بزيادة مقدارها ثلاثة وتسعين مليارا عن عدد سكان البشرية اليوم .
لا يتخيل أحد انه لو تم ذلك لكان الآن يعيش مع جلجامش ومع الربة إنانا أو مع الإله مردوخ ، أو مع أثينا وهرقل ، لأن ذلك مستحيل وهو ما لم يتم ولن يتم .
هذا على صعيد الإنسان فقط وفي حدود عشرة آلاف عام فقط ، ومن يريد أن يمعن في الخيال ويتصور الحال مع الكائنات الأخرى وعبر زمن يمتد إلى مئات آلاف الأعوام ، فليمعن ليجد نفسه
في ما لا يمكن تصوره .. ليصل إلى نتيجة تفيد بأن الموت ضرورة حتمية ، لكي تستمر الحياة .
هذا فيما يتعلق بالكائنات الحية وافتراض أنها لن تموت ، فماذا عن كوكب الأرض الذي لا يعتبره
أحد كائنا حيا ، رغم أن الحياة تنشأمنه !
بالتأكيد سيفقد كوكب الأرض معظم عناصره الهامة التي يتكون منها . فقد يقل إن لم ينضب منسوب الحديد والنحاس والصوديوم والبوتاسيوم والمنغنيز .... إلى آخر المواد التي تتكون
منها عناصر أجسام الكائنات الحية .. إلى حد قد تصبح معدته خاوية وجسمه ذابلا ، وإني لأتخيله
لحظتئذ يفتح فما مهولا ليبتلع كل ما هو كائن عليه ، وقد ينطق بلغة ويشرع في شتم الكائنات
التي سلبته قوته وغذاءه !
دخلنا في حالة أدبية وثمة قراء كثيرون لا يستهويهم الأدب ، وقد يكون الحق معهم ، فنحن الآن في عصر العلم الذي يحتم علينا أن نعرف من نحن ولماذا وجدنا ومن أوجدنا ،كما حاول أجدادنا أن يعرفوا بدورهم حسب ثقافة زمنهم .
(1) سامي الموصلي . دماغ الإنسان (ص 78)
(2) عن موقع اسلامي على النت . صفحة مكافحة الإلحاد !
(35) شاهينيات :
857-الحياة في الجنة كما صورها العقل الإسلامي .. أكل وشرب خمرولبن وعسل ونكاح حور عين .. وبعدين ؟! ألن يمل الإنسان من حياة كهذه ،حين يفقد مبررات وجوده والغاية منها ،وهي أن يعمل ويساهم في صنع الحضارة الإنسانية ، ولن نتحدث عن دوره في عملية الخلق بحد ذاتها ، فالتكاثرفي الجنة سيتوقف ،والنكاح سيكون للمتعة فقط ، فلم نسمع عن تكاثر وتناسل في الجنة ؟!

858-الحرق في النار( جهنم ) يسيء إلى الأرض أيضا ، فمخزون جسم الإنسان من العناصر المعدنية الكثيرة وغيرها يعود إلى الأرض لتتغذى به بموت الإنسان والكائنات لتستمر دورة الحياة .. أما الحرق فهو يعيد الأجسام إلى رماد أي إلى عنصر غير فعال بشكل مقبول في تغذية الأرض ، ثم إن تربة الأرض قد تصبح فقيرة بالعناصر المغذية التي تنتج ثمرا يانعا ناضجا مغذيا للمؤمنين . وعدم موت المؤمنين بدوره سيؤدي إلى الأمر نفسه . أي إلى أن تفقد الأرض تربتها المغذية ، أو قدرا كبيرا منها .
ولو كان ذلك صحيحا ( أي وجود جنة ونار) لفقد الوجود مبرر وجوده !!!

859- الأرض من اليوم تضيق بما عليها من بشر فما بالكم بآلاف السنين ؟ فنسبة الموت أقل من نسبة الحياة وربما بكثير كما يبدو .. وفي هذه الحال قد تجد البشرية نفسها يوما دون ما يكفيها من غذاء ،وكذلك تجد الطبيعة خللا في توازنها جراء فقدان الكثير من موادها المغذية للعناصر الضرورية للبقاء ، لذلك تأخذ الطبيعة حذرها بشكل دائم فتنتج الفيروسات القاتلة والمبيدة لتفتك بكم ما من البشر والكائنات لتحافظ على توازنها وعلى توازن البيئة الخارجية الكائنة على سطحها ، في الوقت نفسه .

860- الحياة .. خلق متجدد . صراع متجدد . حضارة متجددة . تطور متجدد . المدنية الفاضلة
المثالية ، أحلام فلسفية لم ولن تتحقق في المدى المنظور وغير المنظور . وحتى لو تحققت يوما ، فسيظل الصراع قائما على الأرقى والأجمل والأفضل . إنها النفس الإنسانية كما صورها
العظماء من أمثال غوته ، كلما حققت طموحا ما سعت إلى ما هو أجمل منه . وكلما حققت متعة ما دمرتها لتبحث عن متعة أجمل . لذلك يندر أن نجد انسانا يقبل بالمطلق بحياته الزوجية ، أو يقبل بالمطلق بأنثى واحدة في حياته. هو قد يتقبل واقعه ويتعايش معه شبه مرغم ويقتل طموحه وتطلعاته نتيجة عوامل اجتماعية وإنسانية .والأمر نفسه ينطبق على المرأة بالتأكيد ، التي تواجه ظروفا أصعب وأكثر تعقيدا في مجتمع ذكوري ظالم . وإني لأتخيل كل امرأة تنظر إلى زوجها لتقول في نفسها " يا لهذا القدر الذي لم يجمعني من بين الرجال إلا بك " ؟! والحال نفسها بالنسبة إلى الرجل . غير أن فرص الأخير لتدمير الحالة والسعي إلى غيرها أفضل . ويظل الوصول إلى اللحظة الأجمل أو الحالة الأسمى والأمتع والتوقف عندها والتمسك بها على غرار ما فعل فاوست بعد أن هرم وشاخ متأخرا جدا ، أي حين يشعر الإنسان بدنو أجله ، حينها قد يجد الرجل نفسه يفتح ذراعيه لرفيقة عمره ليحتضنها ، وكذلك تفعل المرأة ، لكنها قد تزيد على الرجل بأن تحتضنه بعاطفة جياشة أكثر وربما تبكي بحرقة .
إنها الحياة . أو معركة الحياة متعددة الوجوه والإشكالات .

(36)

تابع : الحياة في الموت . والموت في الحياة .
والدخول في المطلق الأزلي !!

861- شبه التعبير في العنوان أعلاه القول : الطاقة في المادة ،والمادة في الطاقة . فلا مادة دون طاقة تنتج عنها ، ولا طاقة دون مادة تتحول إليها . فالأرض في حاجة دائمة لتدوير مادتها وطاقتها . وما الموت إلا أحد أشكال تدوير هذه الطاقة لتظل سارية في طاقة الكون الكلية .
لقد سبق وأن تحدثنا عن حبة القمح التي نسحقها ( نطحنها ) أي نقتلها . ومن ثم نعجنها
كطحين . ومن ثم نقتلها ثانية بتعريضها للحرارة العالية ( نخبزها ) ومن ثم نأكلها ، رغم أننا قتلناها ، لنجد بعد ذلك أنها لم تمت بل منحت أجسادنا مادة وطاقة . إنها إحدى مراحل الدخول في المطلق الأزلي الدائم ،أو أحد أشكاله إن شئتم . وبموت الإنسان تذهب حبة القمح معه إلى القبر مع المواد الأخرى التي تتفاعل مع المواد المختلفة في التراب وتتابع دورتها في المطلق
لتنتج حياة جديدة في نمو نبته أو نضوج ثمرة أو خلق كائن ما حسب نوع المواد التي تفاعلت معها . ومآل أي مادة إن كانت نبته أو ثمرة أو كائن حي إلى الموت لتعود إلى التراب من جديد
لتتابع دورتها ووجودها وتؤدي دورها في صنع الحياة . جاءت حبة القمح من التراب ومرت بجسد الإنسان وعادت معه( بموته) إلى التراب وتابعت دورها بالمشاركة في خلق حياة جديدة وربما بحبة قمح مختلفة ، أو مساهمة في تغذية أبناء جنسها من القمح والحبوب أو النباتات .
ماذا لو عدنا إلى الشكل الأبسط لديمومة حبة القمح في المطلق . وذلك بزرعها وإخصابها لتنتج
لنا سنبلة من ستين حبة أو أكثر أو أقل ، لتتابع الحبات أشكال دورات حياتها إما بالتكاثر بزرعها ، أو بأكلها لتمنحنا طاقة وتتابع دورتها في المطلق مع المادة .
وهكذا نرى أن حبة القمح لا تختلف بوجودها عن الإنسان من حيث ديمومة وجودها في دورة الحياة . فلو لم نقتلها ونميتها بأكلها لظلت على قيد الحياة ، وفي هذه الحال لن تتسع الكرة الأرضية للقمح ، أوأنها ستشغل حيزا كبيرا من المكان على الكرة الأرضية يشكل عبئا على
الكائنات الاخرى .. إذن فموت حبة القمح ضرورة كما موت كل كائن ضرورة لبقاء الحياة واستمرارها . إنه الموت في الحياة ،والحياة في الموت ،ولا يمكن عزل أي منهما عن الآخر .
ولذلك يمكن القول إن كل كائن حي يحمل موته في داخله ، ويحمل حياته في موته !!
لنعد إلى الإنسان الذي مات وأصبح يحمل حياته في موته . ولنعد إلى الأرض . الأرض .
الأرض التي لا تموت ! التي لا تموت !! ( هذا التكرار مقصود ليتنبه القارئ إلى ما ينقض
الأفكار السابقة عن الموت ) فالقاعدة التي أطلقناها لا تنطبق على الأرض ولو من حيث موتها . فهي دائمة الحياة .
نعم الأرض لا تموت . فلو ماتت الأرض لفنيت الحياة ،ولم يبق للوجود أي معنى . لذلك تحرص الأرض على المحافظة على توازنها حتى لو اضطرت إلى انتاج فيروسات قاتلة تفتك ببعض البشر والكائنات ، أو بإحداث زلازل وبراكين ..
مات الإنسان وعاد إلى حضن أمه الأرض . كما نعرف يحمل جسم الإنسان العديد من العناصر المادية التي تحتاج إليها الأرض بشكل دائم حتى لا تنضب منها ،والأهم حتى لا تموت الحياة ولا تموت الأرض نفسها أو تذوي .. تبدأ مواد جسم الإنسان بالتفاعل مع المواد . لتبدأ دورة جديدة في حياة الإنسان . دورة الدخول في المطلق الأزلي الذي لا يموت .. فتفاعل مواد جسده مع المواد الكامنة في الطبيعة سينتج عنه طاقة أو طاقات إن شئتم . طاقة تغذي أو تنتج نباتات وكائنات . وطاقة تغذي الأرض . وطاقة أهم تذهب في الطاقة الخالقة الكلية الطاقة المحيطة بالكون كله وبكل خلية فيه ،الطاقة الحية التي لا تموت . الطاقة التي تحوي دورة الخليقة من الهيولى البدئية ( بداية التكوين ) إلى يومنا الحالي .. الطاقة لا يشبهها أية طاقة أخرى . الطاقة التي عجزت قوانين الفيزياء أمامها ووقفت حائرة ولو إلى حين . الطاقة الموجودة في كل إنسان وكل نبات وكل حيوان . وكل وجود مهما كان .. وإن شئتم سموها الله وبالتأكيد الله العظيم !!!!
(37)
شاهينيات:
866- ليس هناك عقل بشري بستطيع أن يثبت علميا وجود خالق ينبغي أن نصلي له يوميا أو نتعبد له بطقوس مختلفة ، كما لا يوجد في الوقت نفسه عقل بشري يستطيع أن يثبت علميا
عدم وجود خالق بالمطلق ،وطالما أن هذه هي حال العقل البشري، فما عليه إلا الإستمرار في الإجتهاد ، لعله يصل يوما إلى فهم قاطع أو نسبي مقبول للوجود والغاية منه . وسأكون سعيدا جدا إذا ما توصل العقل البشري يوما إلى اعتقادي بأن الغاية من وجودنا هي أن نكون خالقين ولو في بناء حضارة راقية وقيم خير وعدل وجمال أفضل .. وأن عملية الخلق تكاملية بين الخالق والمخلوق ، مهما كانت طبيعة وجوهر الخالق . سواء إن كان الطبيعة أو الطاقة أو المادة أو ما هو غير ذلك .
867- صديق عاقل ذو عقل منفتح خير من ألف صديق جاهل ، يغلق عقله على ما فيه .
868- لو أن كل انسان بما في ذلك الأنبياء والفلاسفة ،اعتبر فكره اجتهادا معرفيا لما أزهقت الصراعات الدينية أرواح الملايين من البشر .
869- يعرف سقراط بأنه أنزل الفكر الفلسفي من السماء إلى الأرض ، أي بدلا من التفكير في الوجود وخلق الكون ، التفكير في الإنسان ومشاكله وحياته ومستقبله ،وانه لأمر مؤسف للغاية أنه بعد أكثر من ألفين وأربعمائة عام على قتل سقراط بالسم ،ما زال العقل البشري يرزح تحت نير فلسفة السماء !! لقد قال سقراط ما يشبه قولي في الزمن الحالي : الحضارة لا تبنى بالصلوات بل بالمعرفة وتحقيق قيم الخير والعدل والجمال !
******
(38)
شاهينيات (20)
في الدين والأخلاق والأنظمة والأمم .
870- ألحياة قيمة عليا عند الإنسان ، وحين تتناقض القيم مع واقع الحياة لا بد من إعادة النظر فيها أو التخلي عنها ، والبحث عما هو أفضل منها . نحن نعيش في عصر أصبحت فيه بعض القيم الدينية كما الأنظمة الدكتاتورية ، عبئا على الحياة ، ولا بد من التخلص منها .
871- الأنظمة الدكتاتورية تحافظ على الواقع السائد بما فيه من قيم بالية ونظم سياسية وإجتماعية قمعية ، لأن في ذلك مصلحتها في البقاء على رأس السلطة .
872- في تنازع المجتمعات حول واقع الحياة ، يكمن سر التطور الإنساني . فالركود والثبوت
يؤديان إلى التخلف ،والتنازع للتحول نحو الأفضل ،يؤدي إلى التقدم . فمجتمع لا نزاعات فيه
، لا حياة تفاعلية فيه . إنه أقرب إلى الجثة !
873- صحيح أن المسيح لم يحمل سيفا لتحقيق رسالته ،لكنها لم تكن لتتحقق لولا سيوف الآخرين فيما بعد .
874- تحقيق العدل دون السيف مسألة مستحيلة ، فلا بد للعدل من سيف يحميه .
875- كانت القبائل البدوية قبل الإسلام تغزو بعضها بعضا ، وما فعله الإسلام هو أنه وحدها
وجعلها تغزو الآخرين تحت رسالة الإسلام لتنعم بثروتهم . وهذا الوضع لا يختلف كثيرا عن غزوات الأمم الأخرى السابقة واللاحقة وحتى يومنا ، إلا بكون الإسلام كان حاملا لرسالة
انسانية اجتماعية دينية إلى جانب السيف .
876- نجحت رسالة الإسلام نسبيا لأنها حملت قيما انسانية ، ولو أنها خلت من الغنائم وسبي النساء والاموال لسادت في بلدان أكثر من البلدان التي سادت فيها ،ولو أن القادة المسلمين لم ينزعوا نحو البذخ وبناء القصور واقتناء الجواري واضطهاد الشعوب الموالية لما انتهوا إلى ما انتهوا إليه . لقد تحطم اسلام أبي بكر وعمر وعلي على أسنة حراب الأمويين ونصال سيوفهم ، فتحول من اسلام دين إلى اسلام سطو وسلطة وهيمنة، ولم تعد مسألة الدخول في الدين مسألة ذات أهمية قصوى ، مما دفع بعض الشعوب المستضعفة إلى البكاء والعويل والصراخ هاتفة " وا محمداه " كلما تعرضت لظلم !
877- تروي بعض الكتب التراثية أن سبعين فارسا قرشيا تناوبوا على الإمساك بخطام جمل عائشة في معركة الجمل ، قتلوا جميعا ! وتتحدث المرويات عن ثلاثين ألفا وبعضها عن أكثر
من ذلك بكثير قتلوا في معارك المسلمين المسلمين وخاصة في الجمل وصفين . إنه بداية الإسلام الأموي الذي بدأ بمقتل عثمان ودهاء معاوية !
878- أفضل أنظمة الحكم الإجتماعية والسياسية والإقتصادية هو ما لم يأت بعد ! وأفضل العقائد ما زال يتكون في رحم التاريخ مستلهما المنطق والعلم والفلسفة وواقع الحياة البشرية ، وحقوق الإنسان .
879- حين تبلغ العقائد أوج وثنيتها تبدأ بالإنهيار ، والبشرية دون شك تمر في هذه المرحلة الآن ، ونأمل ان لا يطول زمن الإنهيار ، وأن تتبلور مفاهيم إنسانية عميقة ومتطورة .
880- عبادة وثن على الأرض لم يأت بشرائع تقطع الأيدي وتجلد بالعصي وترجم بالحجارة وتحرق بالنار ، أفضل من عبادة إله سماوي يطبق هذه الشرائع ويتنكر لحقوق الإنسان .
*****
نهاية



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتل الله في الحسكة !!
- أقوال ومقالات في الخلق والخالق والمعرفة
- ردود على حوارات فلسفية حول الخلق والخالق !
- ألله يا صديقي كن بعون بشريتك وانقذها من جهلها !
- مقالات في الرواية . الجزء الأول.
- رحيل معلن إلى رحاب المطلق الأزلي ! رواية . الجزء الأول
- أسفار التوراة (6) قراءة نقد وتعليق . أمثال .الجامعة. نشيد ال ...
- * رجل مسيء خير من امرأة محسنة ارتكبت خطأ !
- * الرعب والهلاك ينبغي انزالهما بالأمم لتعرف أن لا إله إلا ال ...
- * عينا الرب أضوأ من الشمس عشرة آلاف ضعف ! وداعا أيتها الشمس ...
- سفر يشوع بن سيراخ 26/2/ فصل 151:يفترض أن الرب قاس الأرض بالم ...
- سفر يشوع بن سيراخ 26/1 فصل (150) شطارة الرب في إحصاء رمال ال ...
- تألق الخطاب الملحمي بين الشاعرية والتاريخ في - زمن الخيول ال ...
- أسفار التوراة (5) قراءة نقد وتعليق . يهوديت .أستير . مزامير
- أسفار التوراة (4) قراءة نقد وتعليق. ملوك ثاني. أخبار أيام أو ...
- سفر الحكمة 25/4/ فصل : 144: إله يتمتع برؤية الدم يملأ كل مكا ...
- - ترانيم الغواية - في مدينة السماء : موطن الآلهة ومقام الأمم ...
- سفر الحكمة 25/3/ فصل 143: اختلاط الحابل بالنابل ويهوة بالمسي ...
- سفر الحكمة 25/2/ فصل 142. أكبر خطأ ارتكبته الكنيسة هو دمجها ...
- سفر الحكمة 25 /1 / فصل / 141. الشيطان اللئيم لعنه الله هو من ...


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - مقالات ومقولات في : وحدة الوجود. الخالق . الخلق. المعرفة .