أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصر ثابت - المدينة هي الزمان، والصباح هو المكان














المزيد.....

المدينة هي الزمان، والصباح هو المكان


ناصر ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4865 - 2015 / 7 / 13 - 22:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المدينة هي الزمان، والصباح هو المكان
نص ناصر ثابت

أقف على ناصيةِ الشارع لا أنظر خلفي
أتأملُ صمتَ المدينة
ونهوضَها التدريجي من نومها
كنتُ أفعل ذلك في رام الله
والآن أفعلُه في "ثاوزاند أوكس"
أول مرة أكتشفُ أن كلَّ مدينة أسكنُها تحمل اسماً من مقطعين!
أتأمل الهدوءَ العادي المتناثر بين الأشياء
بين قطراتِ الندى الصباحي، وعلى وجوه الناس الذين بدأوا يقتحمون ضوءَ النهار شيئاً فشيئاً
بين الأرصفةِ الفارغة، والشوارع المملوءة بالضباب
وبين الأشجار المتناثرة في كل مكان في "ثاوزاند أوكس" وفي أماكن نادرة في رام الله
يسحرني اللون الأخضر
ويثير انتباهيَ بعضُ الجرافيتي
هنالك موسيقى ما ترافق تصاعد الحياة في عروق المدينة
موسيقى هادئة، وثلاثية الأبعاد. تكرر نفسها لكنها ليست مملة
أبادلُ الأشياء التحايا
أبوابَ البقالاتِ المغلقة
السياراتِ المتروكة ليلاً في مكانها، فريسة للندى والعتمة
العصافيرَ التي قضت ليلها في العراء
المنازلَ الجاثمة على سطور الأيام، بشكل مثير للانتباه
الجسورَ التي تتعالى على الشارع
المساحاتِ التي كانت تقبِّل الغيمَ في غبش الهدوء الليلي، وتركته وشأنه الآن لكي تعدَّ نفسَها للانطلاق
الأشياءَ المعقدة الطرية الفاخرة
واحياناً، عندما أخرجُ في جولة صباحية ما، أتبادل التحية مع الذئبِ القيوط
هذا ما يحدث لي في الزمان المسمى رام الله أو"ثاوزاند أوكس"
وفي المكان المسمى صباحاً
المدينة هي الزمن
والصباح هو المكان
والفكرة أن الحياة تدور في مفهومين لا ثالث لهما
وأن هذين المفهومين، لا يناسبان فكرة الخلود الأنانية
إذ أن الإنسان إذا مات، خرج منهما سليماً معافى
وظل المفهوم الرطب للأحلام ملازماً له
وانتصر على ذاته، وبقي في خلودٍ خفيفٍ لا بداية له ولا نهاية
يدخله، فتكون سنوات العمر لا شيء
ينسى أن يحسبَها، فتقل أهمية المكان والزمان في قلوبنا
يصبح الوطن فكرة هلامية لا نعرف تفسيرها
تتعالى على نظرية المكان الذي كنا فيها أو الذي سنرقد فيه في نهاية المطاف
الوطن هو الحب
الحب وطننا الخصوصي، ولا نحتاج إلا إليه لكي نقضي الوقت الذي يسبق الأبد
أما فيما عدا ذلك من تعريفات، فهي عملية تصغير مضحكة للكون
مثير للسخرية أن يصبح الكون قطعة نقد نضعُها في جيوبنا ونصرفها عند أول بقالة تفتح أبوابها في الصباح
ومثير للسخرية أيضاً أن يصبح الكون فكرة مستهلكة، يمضغُها الخطباء كالعلكة الرديئة
أو أن يصبح منطقاً لذبح الإنسانية، بسكين المعتقدات المليئة بالحكمة المزعومة
أو أن نستمتع بفكرة العصبية، والعرقية والعماء كأننا نعشقُ أدوات الحرب التاريخية التي قتلت الملايين بحجة نشر الخير في الأرض
يصبح الوطن كرةً، نلقيها على صفحة الماء، ونتركُ للتيار أن يحدد اتجاهها
أما نحن فنشترك مع الآخرين في الخطايا اليومية للبشر
***
فيما عدا ذلك،
لا ينبعي لنا الآن، في حدود هذه القصيدة الحزينة
إلا ان نتحدث عن تسلق المدينة لدرجات النهار الندية
شيئاً فشيئاً،
حتى يصل النور إلى نهايته
ويصل الشارع إلى قمة الجبل التي لا نعرف ماذا تخبئ لنا
عند المنحدر القادم!

28-6-2015



#ناصر_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قهوة خفيفة السُّكَّر
- أحبكِ، وهذا كلُّ شيءٍ
- عن تفجيرات الكويت، وجولة سريعة مع الانتحاري القاتل!
- صباحاً، يفضُّ الإلهُ المظاريفَ
- اقبال
- ورقةٌ بيضاءُ ناصعةُ التحدي
- البندول
- غيمة الغلو
- ضد الحرب.. ولكن!
- الواقعُ يحلمُني أيضاً
- يومياتٌ على هامش المطر
- دونَ أن أنظرَ إلى الخلف
- أملٌ زائفٌ، ألمٌ حقيقيٌّ
- ألم في الذائقة
- لم يحدث هذا معي
- أهي العصبية القبلية أم ماذا؟
- قصيدتان عن النوم
- لفظتان متعانقتان
- من سيرة الرجل الذي خذل المدينة
- ارتباك


المزيد.....




- ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟ إليك أهم نصائح الخبراء
- هاريس تهنئ المسلمين في عيد الأضحى: عددكم في إدارتنا أكبر من ...
- الحجاج يواصلون رمي الجمرات في مشعر منى
- حدث استثنائي... ولادة توأم فيلة في حالة نادرة في تايلاند
- باحثون من جامعة هارفارد يفترضون وجود كائنات فضائية بين البشر ...
- معهد سيبري يُحذر من تعاظم دور الأسلحة النووية في التوترات ا ...
- -روستيخ- تعلن عن تسليم الدفاع الروسية دفعة دورية من قاذفات - ...
- حصاد مؤتمر سويسرا حول أوكرانيا، مخيّب للآمال
- الولايات المتحدة تمنح أوكرانيا ضمانات وهمية
- ما خطوة روسيا التالية بعد اقتراح بوتين السلام؟


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصر ثابت - المدينة هي الزمان، والصباح هو المكان