ورقةٌ بيضاءُ ناصعةُ التحدي

ناصر ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4772 - 2015 / 4 / 9 - 23:12
المحور: الادب والفن
    

ورقةٌ بيضاءُ ناصعةُ التحدي
نص ناصر ثابت

أحياناً أكتبُ في الظلام
لا أرى شيئاً حوليَ، حتى مواضعَ أصابعي والتقاءَها مع الورقة.
أمشي على الحروف حرفاً حرفاً
بحثاً عن الألفاظ..
وكلما وجدتُ لفظةً، قلبتُ سهم المدينة من جديد
وانتقلتُ إلى رحم الفكرة
وتعلقتُ بشؤون المسافات الشائكة.

أحياناً أكتبُ في الظلام.
أغيِّر من تفاصيلي حتى لا تناسبَ العامة والمستضعفين
أرتدي البردَ، كأنه بذلتي الوحيدة
وأشتقُّ حضوريَ من جدلية الشك والايمان.
أواصلُ الدخولَ في الفراغ الندي
وأحترمُ قدرة الفجر على ايقاظي بلمسة خفيفة من الحُبِّ
أهزمُ النومَ، وأرتقي على لذة السرير
وأتجه إلى مكاني الحقيقي، أمام الورقةِ البيضاء الناصعة التحدي
أكررُ المحاولاتِ السابقة، وأسلكُ طريقاً جديداً
أجربُ السفرَ، وأهازيجَ الأفارقة
وضحكاتِ إناثِ الغيث
وزقزقة الأجساد الحريرية
وأجرِّبُ ألا أغضبَ وألا أفرحَ وألا أنتصرَ وألا أُهزَمَ وألا أضحكَ وألا أبكيَ
حتى يخرجَ الشعرُ كما ينبغي له
حراً، بعيداً عن الادعاء الحقيقي، ومعافى من الثورة الواضحة
لأن ثورة الذاتِ تفسدُ مبدأ الكلامِ وتجعلُه عرضةً لأهواء التجارة والحروب
أكتشفُ أنني لا أكتبُ، فحسب، إنما أجرِّبُ، واغازلُ شجرَ الهواء
أكتشفُ أنني أتدربُ على ملامسةِ السحاب الهارب بعصاً من النور
وأكتشفُ أنني أحاول أن أثقبَ جدارَ الغدِ، فحسب
وأنني أختبرُ قدرة القلمِ على الصمودِ في وجه محاولاتٍ جائعةٍ لكسره وكسري
وتحويلنا إلى فارسٍ وجوادٍ متناثريْنِ في ساحات معارك الصوت بلا حراكٍ

صحيح أنني أكتبُ لأجيالِ الزيزفونِ التي لم تولد بعدُ
وصحيحٌ أنني أنثر معانيَ باردةً في زجاجٍ ساخنٍ وأتركُ الرسائل الفارغة على حالها
وصحيح أنني أهزُّ شجرَ الخيالِ، وأصيدُ غزالةَ القهوة، وأقطفُ زهرة اللاشيء الماكرة
وصحيحٌ أنني أرفعُ من شبق النصوص، قليلاً، حتى أثقَ بأهازيج الذات المعذبة
صحيحٌ، ولكنني أعترفُ بأنني أفعل كل ذلك تحت تأثير مادة الفُجاءة
وتحت غطاءِ الذبولِ المتماسك
وفي المدى المتناثر على أجنحة الصخر العامة
كأنني صورة مشتقة من سورة حزينة
لا تقرؤها إلا رمالُ الحدائقِ الذائبة بماءِ الغناءِ
ولا تعترفُ بها أناملُ البدايات الضائعة في نهايتها
8-4-2015

#ناصر_ثابت (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل