أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد مهدي - عودة المسيح إلى روسيا .. (2)















المزيد.....

عودة المسيح إلى روسيا .. (2)


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 4863 - 2015 / 7 / 11 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دعتني الحاجة في هذا الموضوع الى التجرد كثيراً عن المتبنى الماركسي في غير موضع فيه ، حاولت القراءة بعين شاملة للوقائع على الارض بين سطور الخطاب الاعلامي والرسمي للدولة الروسية طيلة العام المنصرم الذي قضيته في روسيا ..

القراءة الكلاسيكية المعتادة تنطلق من بديهيات مسبقة لا تسعف في ان تنبئنا بوقائع آتية خارج الحسابات ..

وكل ما يجري حولنا في عالم اليوم هو خارج حسابات " البديهيات " التي تعودنا على اجترارها ، ولا ادري لماذا يتمسك بها جل الكتاب ؟

ربما هي طبيعة غرائزية فينا تنحو بنا نحو " القطيع " بتداول ما هو سائد ورائج حتى لو تبين لنا بوضوح ان لا نفع في استدراك وقائع كبرى بات العالم يترنح تحت وطأتها باستعمال مفاهيمٍ ومصطلحات روجتها دعاية انجلوسكسونية غربية تجاه اعدائها ..

فغريزة القطيع تجعلنا نشعر بالأمان ونبتعد عن القلق .. حين نجتر مفهوم " العصابة " التي تحكم روسيا ، دون ادنى معرفة بحقيقة الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في روسيا والى اين تمضي ، وهل فعلاً ، بان رجلاً مثل " بوتن " انقذ امته من الضياع والانهيار في آخر لحظة يمكن ان يتسمى بزعيم " عصابة " كما تطبل وتزمر ماكينة الدعاية الغربية ... ؟؟

او ان نصور الحكومة الامريكية مثالية ديمقراطية انموذجية وهي تحارب فقط من اجل " مصالحها " ...!!

غالباً ما اشعر بصعقة ، حين اسمع احد الكتاب اللامعين يبرر للغرب الدفاع عن مصالحه بإهراق دماء الامم ، فيما يعتبر كل ما عداه في الشرق مظلماً قادما من غياهب التاريخ حين ينبري في الدفاع عن وجوده وهويته ...

يردد كالببغاء ، مسحوباً بغريزة القطيع كلمة " مصلحة " بدلاً من مسماها الحقيقي :

العدوان ..

اتمنى ممن يقرأون موضوع اليوم " التجرد " من البديهيات الكلاسيكية في احكامٍ جاهزة مسبقة عن الشعوب والحكومات ، وان تكون لديهم الشجاعة الكافية لتسمية الاشياء بمسمياتها والابتعاد عن لغة التبرير لطرف والتجريم للآخر بمجرد الانطلاق من هويته المذهبية او طبيعة نظامه السياسي غير المطابق للمواصفات الانجلوسكسونية ...!!

تفكك الاتحاد السوفييتي ، وحصل ما حصل ، فإلى اين تمضي روسيا ، وكيف يمكن تجاوز البديهيات المعتادة عبر استقراء مسار منطقي تسير نحوه روسيا وهي تقاوم الشر المستطير الذي اطلقته اميركا ضدها ومس عصب حياتها الاقتصادية .. ؟؟

سأكمل في موضوع اليوم ما بدأناه في الموضوع السابق ..


حرب الاساطير

الاساطير التي نقصدها هنا هي بنى اساسية في المخيال الجمعي للشعوب تناظر " المفاهيم " التي يتم تسويقها ضمن آليات الضخ الاعلامي للتأثير على جماهيرية الخصم وانتاج جماهيرية وروح شعبية مضادة له و لسلطته ..
البعض من هذه الاساطير معاصر كما هي " حقوق الانسان " التي اُشعلَ بها ربيع اوربا الشرقية وثوراتها البرتقالية والملونة الاخرى بدايات العقد الاول من القرن الحالي ..

والبعض منها ماضوي تاريخي كأساطير الوعد الالهي وعودة المسيح وظهور المهدي المنتظر والتي بها اسست دولة اسرائيل والنظام الاسلامي في ايران و دمرت بها العراق و سوريا وليبيا وزلزلت بها مصر ..
اميركا منذ تأسيسها وهي تستعمل الرمزية الاسطورية و الدينية في كواليس خطابها ، لكن بصورة مبطنة لا تستفز النخب الثقافية ..

بدءاً من عهود " الآباء " المؤسسين من البنائين الاحرار ( الماسون ) كفرانكلين وواشنطن وتجيير " الدولار " باسم الرب وتحويل عبارة " نحن نثق بالله " الى شعار قومي للامة الامريكية ، مروراً بتأسيس " اسرائيل " وليس نهاية بادعاء بوش ان الله امره باحتلال العراق ، الولايات المتحدة تستخدم " الاساطير " كجيش سادس ( يضاف للإعلام كجيش رابع و الطابور الخامس ) ، رغم انها ممهورة بدستورها الفيدرالي كأقدم دولة علمانية نافذة الدستور في العالم ...
فمنذ الحرب العالمية الثانية ، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا مرحلة جديدة لمواجهة الشيوعية في الشرق الاوسط والعالم عبر دعم الحركات القومية و الاصولية بصورة مباشرة او غير مباشرة ، لدرجة ان الاكاديمي والمفكر المعروف ليفي شتراوس اعلنها بوضوح مطلع الستينيات من القرن الماضي بــ " اننا يجب ان نحارب الشيوعية بسلاح الدين وقيم الروحانية " ..

وحسب معادلات التاريخ الماركسي ، وقوانين الصراع الطبقي ، الرجعية الدينية تتماهى مع سلطة النظام الرأسمالي ، وما طرحه شتراوس تحصيل حاصل لا جديد فيه ..
علاقة دول المركز الرأسمالي بالحركات الاصولية هي علاقة طبيعية في سياق الديالكتيك وليست مجرد تخمينات سوقتها نظرية المؤامرة ، شواهد نشوء اسرائيل والعربية السعودية خير دليل على هذه العلاقة " الحتمية " بين دول المركز الامبريالي ومراكز " الاصولية " في الشرق الاوسط ..
العقائد ، رغم اعتبارها ذات قيمة عددية ضئيلة بعد الفارزة في حسابات الاقتصاد والقدرة العسكرية ، إلا انها من امضى الاسلحة التي تجيد واشنطن تحويلها بــ " نعومة " الى اعاصير كبرى تطيح بالأنظمة والحكومات كما فعلت وتفعل في الربيع العربي ، وسبق وفصلنا في العام الماضي مفهوم القوة الناعمة بوجهة النظر الاميركية .
(( انظر مقالنا في العام الماضي : الحرب الاميركية الناعمة .. الغاية والمصير
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=435791 ))


ان " روسيا " هي الاسطورة الوحيدة حالياً التي يواجه بها الشعب الروسي حرب الاساطير الاميركية التي اشعلت الكوكب وشطرته الى شطرين ، من بحر البلطيق الى البحر العربي ، روسيا بما هي تاريخ وثقافة عظيمة هي الذخيرة الكبيرة التي يتزود بها الروس للصمود امام هذه الحروب الكونية المتنقلة ..

لكن ، هل يمكن لروسيا ان تتلبس اسطورة " اكبر " قادرة على لف الكوكب كما فعلت الاسطورة الشيوعية الحمراء ؟؟

فالصراع اليوم بات في داخل بنية النظام الرأسمالي نفسه ، دول المركز الامبريالي تقودها اميركا ، فيما دول اخرى تمثل حضارات تاريخية كبرى تقاوم المشروع الغربي ممثلة بروسيا والصين والهند والبرازيل ...
دول المركز الامبريالي ترتبط بها حكومات دول مراكز الاشعاع " الاصولي " في الشرق الاوسط ممثلة بالعربية السعودية واسرائيل و الازهر في مصر ، اما الرأسمالية المتمردة بقيادة بريكس ، والتي تحاول خلق نظام عالمي جديد لم تتبد ملامحه بعد ، فتتبعها دولة الاصولية الشيعية ممثلة بولاية الفقيه الايرانية ..

هل يمكن لروسيا ارتداء ثوبٍ اسطوري جديد يمكنها من مد اجنحتها ثقافياً بعموم الكوكب ؟؟


حلفاء روسيا : الصين و ايران

على الرغم من قدرة الصين الاقتصادية والعسكرية ، لكنها هي الاخرى تشابه روسيا في كونها لا تمتلك القدرة الكونية على ادارة الحروب الثقافية الناعمة عبر العالم ، فكل رصيدها الدفاعي هو الموروث الصيني ومركزية لغتها في المنظومة الشرقية الاسيوية ..
والتزام قيادتها بالعقيدة الشيوعية كعقيدة مركزية للسلطة ربما هو الذي وسع من هذه الفجوة بينها وبين الحياة الروحية الدينية فيها ، خلافها التاريخي مع سلطة الدي لاي لاما في التيبت والمسلمين في تركستان الشرقية خير مثال ، مع ان صين اليوم تعتز بثقافتها الكونفوشية وتراثها الروحي الطاوي ، لكن عودتها للكونفوشية ليست كعودة روسيا للأرثوذوكسية ، وليست كولادة ايران من رحم عقيدتها الروحية الامامية الاسلامية ممثلة بولاية الفقيه ..
الوضع مختلف تماماً مع إيران ...

على الرغم من ضآلة حجمها أمام روسيا والصين ، لكنها باتت تعتبر بنظر الروس والصينيين شريكا وحليفاً لا يمكن الاستغناء عن دوره في الشرق الاوسط كون الحروب " الاسطورية " التي تخوضها الجمهورية الاسلامية هي خط الدفاع الاول لكل من روسيا والصين ...
فإيران الاسلامية ، هي نظير اسرائيل التلمودية ، كليهما دولة مؤسسة على اسطورة " قوية " وراسخة في المخيال الجمعي لشعوب تسكن في الشرق الاوسط والعالم ...
الخزين الاسطوري الكبير لدى الشيعة في ايران و العراق ولبنان هو السبب في ايقاف المشروع الاميركي في الشرق الاوسط المندفع منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ، وهو نفس مشروع " القرن الاميركي " الذي تحدث عنه جورج بوش الاب عقب انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991 ، نفس المشروع اندفع باثر الثورات الملونة في اوربا الشرقية وحاولت وتحاول روسيا صد اندفاعه الذي يهدد الامن القومي لروسيا كما اسلفنا في المقالين السابقين ...

( الالة الاعلامية الغربية تشيطن كل من روسيا وايران وتظهرهما بمظهر الدول المتمددة امبراطوريا على حساب الشعوب المسكينة التي " تبكي " عليها اميركا ... في حين وقائع ما يجري تبين ان اميركا لديها " حلم " القرن الاميركي وبداته منذ 2001 لكنه اصطدم بيقظة روسيا وايران حيث تحولت هذه الدول من موقف الدفاع الى الدفاع الهجومي بتوسعة دائرة النفوذ عبر تمدد نفوذ ايران في العراق واليمن ، واستيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم ومد نفوذها العسكري في شرق اوكرانيا وتدمير القدرة العسكرية للجيش الجورجي في 2008 .. فايران لم تحتل العراق ، بل اميركا من احتلته ، وهي لم تحتل اليمن ، بل حلفائها شغلوا الفراغ السياسي والامني للدولة بعد انهيارها ، وكذلك اوكرانيا لم تحتلها روسيا ، بل اقدمت اميركا على احداث انقلاب فيها ما استدعى لروسيا التحرك لدفع الخطر القادم اليها عبر الحدود ...)
الروس بما لديهم من اجهزة دولة ومراكز بحثية باتوا يدركون اليوم اكثر من اي وقت مضى ان ايران بتزعمها محور المقاومة والممانعة كانت ستصبح الاقوى والاقدر على قيادة العالم الاسلامي عبر " الاسطورة الاسلامية " في صدامها مع الغرب ، لولا الشرخ المذهبي الذي تسبب فيه خريف الثورات العربي والذي انتهى بإيران وحلفائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن الى العزلة في مواجهة تحالف عربي اسرائيلي مبطن مع اميركا والغرب ضد روسيا وايران ..

لهذا السبب ، يحاول " بوتين " عبثاً استمالة " مصر " ويبذل شتى الوسائل لجرها الى المسار الذي كانت عليه ايام عبد الناصر عسى ولعلها تصبح " النواة " التي سيدور عليها فلك العالم الاسلامي واساطيره الجمعية ...
لكن جهوده على ما يبدو تذهب ادراج الرياح ، لان هيكلية وبنية السلطة العسكرية في مصر هي هيكلية اميركية ، ولائها بالمطلق للحليف الامريكي منذ وصول انور السادات للسلطة وخلفائه مبارك ومرسي والسيسي ، رغم القنابل الاعلامية الدخانية التي تثار هناك وهناك لتظهر النظام في مصر وكانه يجانب السياسة الاميركية في بعض الاحيان ، لكن ، بنية السلطة العسكرية في مصر مرتهنة باتفاقية كامب ديفيد وتلويح العصا الاميركية بالتدخل في حالة انزلاق مصر على غير سكة هذه الاتفاقية .
الروس يحاولون جاهدين اختراق هيكلية الجيشين المصري والتركي بشتى الطرق ، ومحاولة بناء تحالفات اقتصادية متينة مع مصر وتركيا لانهما المرشحتين لقيادة العالم الاسلامي ضمن تحالف كبير ستدعمه روسيا والصين مستقبلاً ..

(( خصوصاً وان كلا الجيشين المصري والتركي يواجهان تحديات داخلية كبرى ممثلة في الارهاب الذي يضرب مصر من سيناء ، والدويلات الكردية التي تهدد وحدة تركيا ...))

في الحقيقة ، امام هذا المشهد الجيو سياسي المتسارع في احداثه الدراماتيكية ، لا استطيع تحديد الوقت الذي سييأس فيه الروس من المحاولة .. ليصبحوا على يقين تام بان الوقت قد مر بسرعة ، ولم يعد هناك كفاية من " عقود " من الزمن لبناء انظمة دول اسلامية حليفة لمنظمتي شنغهاي و البريكس ويمكنها الدخول في تحالف عسكري شرقي كبير ..
حلف النيتو يحتشد بكثافة مع مرور الايام على طول حدود روسيا الشرقية في مولدافيا واستونيا وليتوانيا واوكرانيا و بلغاريا وكذلك وجوده العسكري في جورجيا واذربيجان وبقية مناطق آسيا الوسطى ، والبحرية الاميركية تعيد تمركزها وتقوي تحالفاتها في بحر الصين الجنوبي و البحر الاصفر ، والراديكاليين الاسلاميين المدعومين من الغرب سراً وعلانية دمروا سوريا والعراق ويحاولون الاقتراب من الحدود الايرانية ، بوادر دويلات كردية حليفة للغرب باتت اليوم اكثر وضوحاً بسبب الحروب التي تجتاح المنطقة ...
الروس لم يعد بإمكانهم إلا الاستسلام لخريطة التحالفات الحالية في الشرق الاوسط ، التفكير المادي البرجماتي لم يعد وحده كافياً لمواجهة الامبراطوريات الاعلامية الضخمة التي يمتلكها الغرب والقادرة على تجيير كل " اساطير " العالم لصالحها ...
روسيا بحاجة الى دخول " واقعي " في حرب الاساطير ، روسيا تحتاج بناء اسطورتها الدينية الكبرى بطريقة اصعب واعقد بكثير من بناء غواصاتها النووية ..
كيف يمكن لروسيا التحول الى " ايقونة " ثقافية اخرى مركزية في التاريخ كما كان الاتحاد السوفييتي .. ؟


المسيح يعود الى روسيا

لعل الحرب في اوكرانيا هي اكثر ما كشف امام القيادة في روسيا حقيقة الدور الذي يمكن ان تلعبه المسيحية الروحية في مستقبل روسيا ..

اذ ظهر الرئيس الروسي قبل عامين بفيلم تلفزيوني يتحدث عن الكنيسة اذ قال :

» في أصعب الأوقات التي مر بها تاريخنا ، عاد شعبنا الى جذوره ، الى الديانة المسيحية وإلى القيم الروحية ......... الكنيسة الارثوذوكسية شريك طبيعي للسلطة السياسية ... «

تجربة المواجهة الايرانية مع الغرب وتسلحها بالروحانية الشيعية رغم ضعف امكانياتها بداية تأسيسها ، واتساع نفوذها في المنطقة بعد حرب طاحنة وقف فيها الغرب مع العراق ضدها ، ووصولها الى ما وصلت اليه اليوم من قدرة على المواجهة على اكثر من جبهة واكثر من صعيد سياسي واقتصادي وامني وثقافي بفضل امكانياتها المعنوية بالمقام الاول والمادية بالمقام الثاني ، وكذلك تجربة الحرب الشيشانية واخيرا الحرب الاوكرانية ، جعلت من الرئيس الروسي موقناً بحتمية " الشراكة " بين الكنيسة والدولة في حكم البلاد ازاء ما يواجهها من تحديات تتطلب بناءاً روحياً للدولة الروسية ...

المقاومة الشعبية في جمهوريتي دانيتسك و لوغانسك ، التي تخوض حرباً ضد سلطة كييف المركزية الموالية للغرب ، او ما يعرف بحرب الدونباس
( نسبة الى منطقة دونباس التي يسكنها الاوكرانيين ذوي الاصول الروسية او شعب دونباس )

، هذه الحرب قد ارست دعائم الحرب الارثوذوكسية المسيحية المقدسة ضد الغرب ، لكن مفاهيمها لدى الاعلام الروسي لم تنضج كفاية بعد ..

فالمتطوعون الارثوذوكس والقوميون السلافيون باتوا يقاتلون بوجه قوى " الشر " الفاشستية الموالية للغرب مشحونين بهذه المشاعر المختلطة بين الشعور القومي والديني لدرجة باتت تظهر في ساحات المعركة ايقونات المسيحية الارثوذوكسية بوضوح ..
مع هذا ، و لحداثة التجربة ، لا يزال الاعلام الروسي الرسمي ، المسحوب بخطاب القرن الشيوعي الماضي ، ملتزماً بأدب اللغة العام في السياسة الدولية ، يقول الكاتب الروسي المعروف الكسندر بروخانوف :
" الحرب في منطقة الدونباس هي الحرب من أجل حق البشر في نظام عالمي جديد"

الخطاب الروسي الارثوذوكسي لا يزال في مهده ، لكن و وراء الكواليس ، فكرة الارثوذوكسية الروسية الكبرى هي الفكرة المسيطرة على ذهن القيصر العظيم بوتن ... والعمل يجري على قدمٍ وساق لبناء منظومة كنسية و بطريركية سلافية قومية شاملة وواسعة ..
فالكنائس باتت تتلقى الدعم المباشر من السلطة ، وباتت مناسبات الكنيسة الدينية هي مناسبات رسمية للسلطة ، وحتى غبطة البطريرك كيريل زعيم الكنيسة الارثوذوكسية في سائر روسيا ، بات يلعب ادوارا موازية متناغمة مع سياسات الدولة الروسية وتجلى ذلك قبل سنوات في زياراته الى سوريا ولبنان وفلسطين واليونان ..

بل وصل الحال بإشادة بعض رجالات الكنيسة بالتزام المسلمين بتوجيهات دينهم واظهارهم لحبهم لدينهم بالسلوك والطقوس على النقيض من الارثوذوكس المسيحيين ..!!

قد لا نكون في زمان ولادة الدولة الارثوذكسية كسابق عهدها القيصري بحلة جديدة حداثية تواكب العصر ، لكنها لا محال آتية ، و ستفرزها الايام حسب واقع الزمان والمكان وطبيعة متغيرات السياسة الدولية ..
فكلما زاد الضغط على روسيا ، كلما اتكأت الدولة على الكنيسة اكثر ، ومن غير المستبعد ان نشهد خلال سنوات بروز شخصيات في الكنيسة الارثوذوكسية الروسية ترفع من نبرة الخطاب وتدعوا الى مواجهة الشيطان الانجلوسكسوني الذي عاث في الارض فسادا واهرق دماء الشعوب انهارا ، تمهيداً لبدء مرحلة جديدة في تاريخ روسيا .... بولادة :

الدولة المسيحية الارثوذوكسية الشرقية المحاربة للشر الانجلوسكسوني المستطير ..

- يتبع -



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا .. و عودة الحلم (1)
- الحرب الاميركية الناعمة : الغاية و المصير
- على متن السفينة (3)
- على متن السفينة (2)
- على متن السفينة (1)
- الثقافة .. و الحضارة .. و التأريخ ، المسيرة الانسانية نحو ال ...
- الثقافة الانتاجية : الطريق الى الدولة المدنية ، دولة الإنسان
- السياسة الخارجية الاميركية و آل سعود ، إلى اين ؟
- سقوط الحتمية
- كارما التأريخ
- بارادايم العقل البشري ، مقدمة في علم الحتمية
- إشكالات في النظرية الماركسية 2-2
- إشكالات في النظرية الماركسية 1-2
- مراجعات في الماركسية (2)
- مراجعات في الماركسية (1)
- الإمام المهدي والحرب العقائدية الامبريالية !!
- الوعي السياسي العربي بين قبول التسلط الاسرائيلي ورفض السلطة ...
- الوعي السياسي العربي بين قبول التسلط الاسرائيلي ورفض السلطة ...
- الكعبة , الرمز والدلالة
- شيء عن الحب


المزيد.....




- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل
- جهود عربية لوقف حرب إسرائيل على غزة
- -عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم- مر ...
- شاهد.. سيارة طائرة تنفذ أول رحلة ركاب لها
- -حماس-: لم نصدر أي تصريح لا باسمنا ولا منسوبٍ لمصادر في الحر ...
- متحف -مرآب المهام الخاصة- يعرض سيارات قادة روسيا في مختلف مر ...
- البيت الأبيض: رصيف غزة العائم سيكون جاهزا خلال 3 أسابيع
- مباحثات قطرية أميركية بشأن إنهاء حرب غزة وتعزيز استقرار أفغا ...
- قصف إسرائيلي يدمر منزلا شرقي رفح ويحيله إلى كومة ركام
- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد مهدي - عودة المسيح إلى روسيا .. (2)