أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - من تاريخية الانتلجنسيا العراقية















المزيد.....


من تاريخية الانتلجنسيا العراقية


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4858 - 2015 / 7 / 6 - 14:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من تاريخية الانتلجنسيا العراقية 1:

لقد لعبت الانتلجنسيا 2 العراقية الدور الكبير في تاريخية العراق المعاصر.. منذ تكويناتها الجنينية في نهاية النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حتى وسمت ذاتها بذاتها في حراكها الاجتماسياسي والفكري.. وقد لعبت الدور الأراس منذ ثورة 14 تموز حيث فتحت الابواب على مصراعها أمام حراكها الدؤوب. لقد رصدت عدة ظواهر ي تطورها الارتقائي هي:
من الظواهر الأولى التي يوضحها تاريخ الانتلجنسيا العراقية المعاصرة وبالتحديد منذ مطلع القرن المنصرم، وبصورة خاصة، ما له علاقة بالحركة التقدمية واللبرالية الديمقراطية وبالأخص ذات المنحى اليساري، أنها عاشت منذ أن خطت سنوات فتوتها، في صراع مستديم مع :
- واقعها ومحيطها الاجتماعي المتخلف بكل الابعاد 3؛
- ومع ذاتها الطامحة لبلوغ اهدافها، رغم طابعها ذات المنزع الاستعجالي والمقترن بالامنية التفاؤلية؛
- تصميمها على تغيير ذلك الواقع بما يتلائم مع تطور القوى المنتجة وتعددية أنماطها الاقتصادية وبنائها الفوقي؛
- مع قوى الاحتلال الأول (1914- 1932) والسلطة التابعة له والمنَصّبة من قبله وقاعدتها الاجتماعية و المدينة لها ولمشروعهما لمستقبل العراق 4؛
- مع اشراك الفئات والطبقات الجديدة التي بدأت بحراكها الجماهيري العفوي كالعمال والأجراء والطلبة.
بمعنى آخر أنهم ربطوا نضالهم "... بالبعد السياسي/الاجتماعي في العراق، وقد تمَثل بعض هذه الملامح في استبداد النخبة الحاكمة، وفي التدخل البريطاني المستمر في البلد، والصراع بين أجنحة الحكم، والممانعة الثقافية ضدّ تقبّل القيم الحديثة أو امتصاصها، وتقبل مفهوم الوطنية ... 5 ".
وتأسيسا على ذلك فقد ترتب على هذا الصراع عواقب جمة صاغت من الكثير منهم ما يمكن أن نطلق عليهم (الانتلجينسيا Intelligentsia - مثقفيين عضويين، حسب مفهوم غرامشي) ربطوا بين مهماتهم الحياتية وغائية التغيير الاجتماعي الجذري التي نظروا إليها كصيرورة اجتماعية سياسية، وبالتالي وسموا الثقافة العامة بطابعها الاجتماعي ذات المنحى اليساري العام وبنزعته التقدمية التي تبلورت بكل ابعادها في تجليات الوعي الاجتماعي. هذا النزوع يمكن رصده في مختلف مراحل التطور التاريخي لسيرورة الظاهرة العراقية المعاصرة، رغم ما اصبها من نكوص مؤقت، حتى كانت تعاود السير بذات الاتجاه رغم نسبية العجالة.
كما يمكننا رصد ظاهرة ثانية قرينة بالأولى وارتبطت بهذه الصيرورة، مفادها أن كل عقد زمني قد أفرز مجموعة من القوى المثقفة عضوياً انجزت بعض من مهامها الأراسية، وربما الكثير منها ما أمكن وحسب الظرف المتاح، وبعضها الآخر كان ذو منزع استعجالي يحاول مصارعة الواقع بأدوات تغييرية غير ملائمة ومتكافئة مع ذات المهام الجسام التي أخذات على ذاتها تحقيقها، كما لو أنهم يصارعون السماء بأيديهم العارية.. يدفعهم ويحفزهم إلى ذلك ايمانهم بعدالة غائية التغيير وضروراته لواقع دينامكية التطور المرغوب وأهميته من جهة، كما انهم يريدون استعجال التخلص من حلقات الفقر المزمن المقترن بالاستغلال والاستلاب من واقعهم الطبقي وذاتهم الفردية والجمعية. كما أن بعضهم استمرت تأثيراته لفترات طويلة تجاوزت زمنيته.. في حين أن بعضها الآخر ادى دوره وخبا نوره التأثيري.
وثالثة الظواهر.. أن الكثير من هؤلاء دعاة التغيير الاجتماعي، على مختلف مناحيهم الفكرية، قد نذروا أنفسهم لهذه الغائية التي هي بمعايير:الاخلاق فكرة سامية؛ وبالجمال ايثار سمفوني؛ وبالسياسة غائية مستهدفة؛ وبالتطور ضرورة موضوعية متطابق مع قوانين الارتقاء وسننه. لقد تحملت هذه الانتلجنسيا شتى صنوف العذاب و الحرمان، بل حتى أن الكثير منهم كانوا قرباناٌ لهذه الضرورات ولذات الصيرورة الغائية بقدر ما كانوا من ماهيات معالم الذات الانسانية في تجلياتها الجمالية. أنهم يمثلون بُناة حجر الاساس لتاريخ جديد للظاهرة العراقية. وهم بهذا الموقف يتماثلون في بعض الحالات مع زملائهم الأوربيون في عصر النهضة، حيث رفعوا راية التمرد العقلاني ضد الشعوذة الدينية ومنهجه الماورائي وطغيان النفوذ الروحي والاجتماعي لرجال الدين وبالأساس ضد تفسيراتهم اللا علمية للظواهر الاجتماطبيعية.
ورابعة الظواهر.. مثلت القوى الاجتماعية الضعيفة والمسحوقة كالمرأة وطبقة الفلاحين والعبيد والفئات الكادحة والفقيرة في المدينة، أحد اهم محاور النضال السلمي الذي أخذت الانتلجنسيا العضوية على عاتقها تحقيق صيرورة مساوتها بالآخرين والارتقاء بها منذ مطلع القرن المنصرم.. وبخاصة بعدما قام الرواد الأوائل للفكر التقدمي منذ بداية العشرينيات، وقبل ذلك دفع مطالبة الشاعر جميل صدقي الزهاوي بالحقوق المتساوية، منذ عام 1908، لكلا الجنسين، وضرورة منح المرأة حق المشاركة في الانتخابات وفي تسنم المسؤولية في مؤسسات الدولة. كما كانت موضوعة الارتقاء بالقوى الاجتماعية الفقيرة وذوي الدخل المحدود، سواءً في المدينة أو الريف، وما يشتق منها من موضوعات، قد مثلت الخيط المركزي لنضال هذه الانتلجنسيا وبخاصة العضوية منها، طيلة المرحلة الملكية وما بعدها.
وخامسة الظواهر.. انهم توزعوا على مدارس فكرية متعددة استهدفت جميعها بعث الروح الوطنية في الهوية العراقية.. فكان هناك الاتجاه المحافظ الذي يدور في الظرف الساكن ضمن نطاق الحراك الفكري والغائية المستقبلية المستند إلى الماضي حسب، وذلك اللبرالي الطامح في وسطيته وتردده وتذبذبه، والراديكالي المتجذر في رؤيته والرابط بجدلية العلاقة بين حلقات الزمن الثلاث: الماضي والحاضر والمستقبل. كما أنهم اختلفوا في الكثير من المنطلقات منها: الابعاد الاجتصادية والسياسية الثقافية ؛ وسعة الطبقات والفئات المستهدفة من هذه الغائية ؛ ماهية التوجه الاقتصادي المبتغى ؛ التوزيع العادل النسبي للثروة الوطنية ؛ والأهم من ذلك ماهية الهوية الوطنية العراقية.
إن الأمعان في هذه العوالم المتغيرة، فكرية كانت أم سياسية، وتلك المسالك السياسية البالغة الصعوبة كلها وغيرها من العوامل في أكثر البلدان صعوبةً في إدارته.. ستشخص الابصار نحو تلك (الخميرة الطيبة) من الرواد الأوائل الذين ساهموا في صيرورة بناء عراق جديد وبالتالي رسمت له ابعاد تاريخية جديدة من خلال حرث تربة التغيير، منذ مطلع القرن المنصرم، حيث رواد الفكر اللبرالي ومنهم (انستاس ماري الكرملي وجميل صدقي الزهاوي ونظيمة صدقي الزهاوي والطبيب حنا الخياط والصحفي ميخائيل تيسي وغيرهم 6) ؛ والذيين رُفِدوا في العشرينيات برواد الفكر المساواتي الاجتماعي ذو النزعة التقدمية ونظرتهم المادية للظواهر المقترنة بالمفهوم العلمي وببعدها التاريخي (جماعة حسين الرحال) ومنهم من تأثر بالفكر الاشتراكي 7، من خلال النوادي الثقافية ( نادي التضامن مثلاً) والحراك الاجتصادي للأجراء وأصحاب المهن؛ كذلك الذين وضعوا اللبناة الأولى للفكر اللبرالي ذات المنحى العراقوي( الحزب الوطني العراقي- جماعة ابو التمن ) ؛ وثلاثينيات الفكر التقدمي والديمقراطي المنادي بالتداول السلمي للسلطة عبر البرلمانية الانتخابية (جماعة الأهالي ومن ثم الحزب الوطني الديمقراطي لاحقاً) وايضاً نشوء وتبلور النزعة الراديكالية المتجذرة (في البدء الحلقات الماركسية ومن ثم جمعية مكافحة الاستعمار والاستثمار وأخيرا الحزب الشيوعي) ؛ واربعينيات التبلور النقابي على طراز جدبد والحراك العمالي المقترن بها، ومنظمات المجتمع المدني (اتحاد الطلبة، عصبة مكافحة الصهيونية، النقابات المهنية والتحرك الفلاحي ذات المطلبية الاجتصادية) ، والأهم البدايات الأولى للتكتل الغائي للانتلجنسيا العسكرية (حركة الضباط الأحرار باجنحتها المتعددة) ؛ وخمسينيات المثقفين العضويين وتأثيراتهم المتصاعد ونمو الطبقة الوسطى وتململها الفكري والسياسي ومشاركتها في الصيرورة الحراكية من أجل التغيير 8، رغم ما تعرضت له من محاربة مادية ومعنوية. وتأسيسا على هذه التاريخية المتحركة وكل هذا الكم النوعي المتعدد الأوجه.. توج ذاته نسبياً في أطار مشروع رباعي الأبعاد، أغلب عناصره متكونة نسبياً من:
وضعي- عقلاني- علماني - علمي.
وضمن تفاعل الأهداف التنويرية المنطلقة من:
الفرد- العقل- الطبيعة - العلم 9.
تبلورت هذه العناصر وتجسدت في الارتقاء بالوعي الاجتماعي وتجلياته السياسية والحقوقية والاجتماعية والجمالية والدينية لدى القطاعات المتنورة ذات التأثير الكبير في الواقع والافراد حتى وسمت العقد الأخير من المرحلة الملكية بوضوح بارز، فنرى جملة من الانتفاضات في الريف والمدينة شملت طبقات وفئات عديدة كما حدث في الأعوام 48، 52، 1956، التي شملت مساحة جغرافية واسعة من العراق بالاضافة الى الانتفاضات الجزئية في هذه المنطقة او تلك.. كما تجلى الوعي الاجتماعي في تجلياته السياسية في انبثاق جبهة الاتحاد الوطني المتحالفة مع حركة الضباط الأحرار 10.. فكانت عاقبتها التحرك العسكري الأول المضاد للنظام السياسي الملكي.
أما على مستوى افراد الانتلجنسيا، بخاصة العضوية منها، فيصعب عدهم وتكاد الارقام لا تستوعبهم لكثرتهم وزخم تأثيرهم وتوزعهم على مختلف الاصعدة الفكرية والاجتماعية والسياسية، في االعلوم الاجتماعية والطبيعية. كما شملت جغرافية البلد برمته وأيضاً كل فئاته الاجتماعية والقومية والدينية.. وفي الوقت نفسه نتلمس وجودهم المعنوي، وبخاصة في زمن الجمهورية الأولى (14 تموز 1958- 9 شباط 1963)، من مأثرهم النضالية حيث ساهموا في عملية استحداث تاريخ جديد للعراق تمثل في تهيأت تربة التغيير، بل ان بعضهم ساهم في تمظهر هذا التغيير. كما يُسترشد بهم وبمواقفهم العملية وبتأثيرهم المادي على مجمل توجهات الحياة بابعادها الاجتصادية والسياسية، الفكرية والثقافية، ونتحسس غائيتهم ذات البعد الجمالي من افكارهم التي انصبت على العدالة الاجتماعية النسبية والهوية الوطنية التي ساهم البعض منهم في التأسيس المادي لها 11 .
الهوامش:
- الدراسة هي جزء من بحث مطول سينشر لاحقاً.
- مصطلح روسي الأصل، تطور مضمونه بالترافق مع التطور الحضاري، فقد أستخدم لأول مرة للدلالة على الفئة الاجتماعية ذات الثقافة الأوربية الغربية، ومن ثم أُطلق بعد النمو العاصف للعلاقات الرأسمالية وتعمق تقسيم العمل، على العاملين في الحقل الفكري. لكن يبقى للمصطلح عدة تعاريف وحسب رؤية من يستخدمه، رغم ذلك تتفق أغلب هذه التعاريف في الجوهر الذي معياره العام هو التحيل المعرفي/ العلمي، وتختلف في سعة الشمول للفئات المنضوية تحته. وسوف يستخدم هنا على العاملين في إنتاج المعرفة وإعادة انتاجها.
- تمثل هذا الصراع في أحد أوجهه، بكونه كان الايذان العملي لانعكاسات انتقال النزعة العالمية بما فيها المجتمع الشرق اوسطي"... من عالم الملل والنحل من أمبراطوريات الماضي على المؤسسة على الهوية الدينية العابرة للقبائل والاقوام إلى الدولة الحديثة القائمة على مبدأ القوميات (الأمم) وانتقالات الثقافة العربية من النظم الثقافية الميثيولوجية - الشفاهية والمقدسة- الأبجدية إلى النظام المعرفي الحديث القائمة على المعرفة الوضعية والكلمة المطبوعة...انضغطت هذه الانتقالات في اقل من قرن قياساً إلى أوربا (عدة قرون) فباتت النظم المعرفية المتعاقبة في الزمان ومتجاورة في المكان مولدة توترات وانشطارات وتشظيات متشعبة داخل البنية الاجتماعية - الثقافية تركتنا في حال نزاع مع النفس ..." د. فالح عبد الجيار من ملخص ورقة بحثه الثقافة والعولمة، مجلس الوطني للثقافة- الكويت.
- شخصت الكاتبة الأمريكية جيني سنغلتون هذه العلاقة بالقول: "...أن الألية التي اعتمدتها الادارة الإنكليزية منذ اليوم الأول لاحتلالها العراق، أبعدت المتعلمين من ابناء الطبقة الوسطى عن قرارات الحكومة وإلتجأت بالدرجة الأولى إلى العقل العسكري المتمثل يالضباط العراقيين الذين تدربوا في المؤسسات العسكرية العثمانية مثل ياسين الهاشمي وجعفر العسكري وتوري السعيد وجميل المدفعي وعلي جودت الايوبي وغيرهم . كما انها منحت شيوخ القبائل قدرات اقتصادية جديدة بتمليكهم المزيد من الأراضي ، ومقدرات سياسية بجعلهم نواباً في المجالس التشريعية ، وبذلك أبعدت أكثرية الطبقة المتعلمة عن قرارات الحكم ..."الحزب الوطني الديمقراطي العراقي في العهد الملكي،ت.مجموعة مترجمين، ص. 8، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت 1999. والأكثر من ذلك قد غيروا من واقع التوجه والملكية للارض" فكانت مراسيم الأرض الدموية التي صدرت سنة 1918 وقبلها ، ولعل أهمها المرسوم رقم 15 لسنة 1018 والمراسيم اللاحقة الأخرى التي غيرت نمط الحياة العراقية التي درجت عليها التقاليد الزراعية والعشائرية العراقية ، فكانت هذه المراسيم ... قد عجلت وسرعت في قيام ثورة العشرين لبتي كانت بداياتها بمنزلة ثورة الرفض للمستعمر وأساليبه في استلاب الشعوب ونهبها التي يمارسها المستعمرون...:. سالم عبيد النعمان،نصف قرن من تأريخ وطن، ص.7، دار المدى، بغداد 2012.
- عبد الرزاق فالح الحيص، القبيلة والديمقراطية: حالة العراق الملكي 1921-1958، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، الدوحة، مستل من الموقع الالكترونيdohainstitute.org http://www.
- للمزيد راجع د.عامر حسن فياض، جذور الفكر الديمقراطي في العراق الحديث 1914-1939، الشؤون الثقافية ، بغداد 2002 .
- راجع، عامر حسن فياض، جذور الفكر الاشتراكي والتقدمي في العراق،1920-1934، ابن رشد بيروت 1980. وحول بروز ظاهرة النوادي، يشير السياسي والكاتب سالم عبيد النعمان إلى أنه : "... شهدت العشرينات توقف الحزب الوطني بزعامة جعفر ابو التمن وبروز حركة النوادي والمنتديات الشعبية في المدن الكبرى كبغداد والبصرة والموصل وغيرها, استهدفت هذه النوادي النضال ضد معاهدة الاحتلال سنة 1922, ونشر المعرفة والوعي الاجتماعي, وقد استقرت هذه النوادي في بغداد وتجمعت في نادي التضامن الذي قاد الحركة الوطنية بمنهاجه المنفتح على ابناء الشعب العراقي كافة وفي تاسيس الحركة الرياضية في العراق، فصار هذا النادي قوة ارهبت الاستعمار وقاد هذا النادي في سنة 1927 مظاهرة كبرى احتجاجا على وفاة الشيخ ضاري المحمود رئيس عشائر زوبع واحد شخوص ثورة العشرين في السجن بصورة غامضة...". راجع كامل الجادرجي الديمقراطي الكبير، ملحق الذاكرة العراقية، جريدة المدى في 23/10/2011. (التوكيد منا- الناصري). وكان هدف النادي نشر الثقافة والمعرفة بين الشباب العراقي وتشجيع الصناعات الوطنية وبث المبادئ والأفكار التي تهدف إلى تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية,وكان للرحال الدور الرائد في تنظيم هذا النادي وقيادته . وقد لعب حسين الرحال دورا متميزا في تأسيس النادي. للمزيد راجع سالم عبيد النعمان، نصف قرن مصدر سابق. وللعلم أن الرحال ومجموعته لم يكونوا قد استوعبوا النظرية الماركسية بذلك العمق الذي يؤهلهم لتفسير الواقع المادي المتحرك للبلد وسبل تطوره اللاحق.. بمعنى آخر كانوا روادا للفكر المساواتي، كما اطلقتُ عليهم سابقاً، إذ انطلقوا من البعد الانساني ذو الملامح الطبقية للفكر الجدلي.
- "... لقد توسعت الطبقة الوسطى الحضرية المتعلمة توسعاً كبيراً أيضاً، حيث بلغت (740) ألف ( 28% من السكان في 1958. ومع ذلك فأن ربعهم فقط كانوا موظفين توظيفاً خاصاً... وقد انعكس نمو الطبقة الوسطى أيضاً في التغييرات الاقتصادية السريعة التي حدثت في العقد ونصف العقد الأخير من حياة النظام الملكي...". د. عديد دويشا، تاريخ العراق السياسي المعاصر، ترجمة، مصطفى نعمان أحمد، ص. 149،دار المرتضى، بغاد2012. ومع هذا النموالكمي والنوعي، إلا أن ولوج هذه الطبقة إلى النخبة السياسية الحاكمة قد أغلق بإحكام من قبل الرعيل الأول لنخبة السياسيين إذ " تمثل الأمر الأكثر ضرراً في الوتيرة البطيئة على نحو مفرط إلتي سيُسمح بموجبها للجيل الشاب من داخل مستويات الشريحة العليا نفسها بولوج الميدان الحصريعلى نحو جلي للنخبة العليا الصانعة للقرار...". ذات المصدر ، ص. 199. ومن رحم هذه الطبقة التي تشيعت أغلب فئاتها بالروح الثورية المناوئة للملكية وبالأخص في صفوف الانتلجنسيا العسكرية المتحكمة بأدوات التغيير المادي.
- وبصورة مكثفة جداً..لم تكن الساحة الفكرية خالية من نقيض هذا التوجه والمؤثر في جماعات سكانية واسعة، إذ عجت بالعديد من التوجهات الدينية السلفية أو/و تلك المتأثرة بالقبلية ومنظومتها الفكرية والقيمية، التي اقل ما يقال عنها، إنها كانت منغلقة على ذاتها وتستمد مقوماتها من (السلف) المقدس وتفسيراته القديمة، دون النظر إلى ما أفرزه ويفرزه الواقع الاجتماعي من تناقضات وتصورات، وما ينجزه العلم وتطوره العاصف من مكتشفات ، والثورة التقنية من منجزات ، وما يترتب عنها من تأثيرات وتناقضات نفسية واجتماعية على الفرد والجماعة وعلى وعييهما الاجتماعي. وبخاصة أن بعض هذه القوى القديمة لايزال يعيش في محيط المؤسسات الاجتماعية السابقة للدولة كالعشيرة والقبيلة، ويتحرك ضمن قيمها ومعايرها وسكونية التغيير فيها، دون الانفتاح على العالم الأرحب المتمثل بالمدنية الحديثة وما يرافقها من تنوع وتعدد في الانتماء وما تطرحه ضرورة الارتقاء. وكانت هذه القوى تتوحد، بحكم التناقض والمصالح، إزاء حراك القوى العلمانية والتقدمية التي هُزمت مرات متعددة وانتصرت في آخرى كثيرة، لكن بوصلة الواقع يسير نحو تحقيق ذاتها وإمتلاكها ناصية المستقبل، وإن كان بطيئاً في الوقت الحاضر.. وهذا مستنبط من واقع قوانين وسنن التطور الموضوعية والبعيدة فعاليتها عن الذاتوية والفردية.
- حول هذه العلاقة راجع للمؤلف: عبد الكريم قاسم - من ماهيات السيرة الذاتية، دار الحصاد، دمشق 2006.
- من الملاحظ أن الغلبة الغالبة من هذه الانتلجنسيا ( وبخاصة العضوية منها) كانت تعبر عن ذاتها التحررية من خلال رفضها للقيود الاجتماعية البالية ووقوفها بقوة معنوية ضد اعادة انتاجها وذلك من خلال رفضها القاطع لاستراتيجية الانظمة القمعية وتصورتها لواقع العراق، سواءً في المرحلة الملكية أو الجمهورية ، التي حكمت العراق. لهذا برزت كتل أو تجمعات من هذه الانتالجنسيا في الحقول السياسية أو/و العلوم الاجتماعية أو/و في ميادين الأدب والفن طيلة القرن المنصرم وهي تؤدي دورها التغييري، بكل الوسائل المتاحة والممكنة ، بل وحتى غير المسموح بها.


















#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوانب من تاريخية صراع الهوية في العراق :
- تموز ومعضلة قدوم العسكر للسلطة( 5-5) دفاعا عن تموز
- تموز ومعضلة قدوم العسكر للسلطة (4-5) دفاعاً عن تموز
- تموز ومعضلة قدوم العسكر للسلطة ( 3-5) دفاعاً عن تموز
- تموز ومعظلة قدوم العسكر للسلطة (2-5) دفاعاً عن تموز
- تموز ومعظلة قدوم العسكر للسلطة ( 1-5) دفاعا عن 14 تموز
- من ماهيات ثورة 14 تموز ( 6-6) مفاصل التغيير وملازماتها في ا ...
- من ماهيات ثورة 14 تموز ( 5-6) - مفاصل التغيير وملازماتها في ...
- من ماهيات ثورة 14 تموز ( 4-6)
- من ماهيات ثورة 14 تموز (3-6) مفاصل التغيير وملازماتها في الو ...
- من ماهيات ثورة 14 تموز: (2- 6) - مفاصل التغيير وملازماتها ف ...
- من ماهيات ثورة 14 تموز: (1-6)
- الساعات الأخيرة من معركة وزارة الدفاع :(2-2) ن ...
- الساعات الاخيرة من معركة وزارة الدفاع
- - ثورة 14 تموز ومسارات التدخل الغربي في عراق الجمهورية الأول ...
- ثورة 14 تموز ومسارات التدخل الغربي في عراق الجمهورية الأولى ...
- من رواد الفكر الديمقراطي **: هديب الحاج حمود وجدلية التغيير
- حوار حول الفكر السلفي
- بمناسبةالذكرى السادسة والخمسين لثورة 14 تموز: (3-3)
- مناسبةالذكرى السادسة والخمسين لثورة 14 تموز: (2-3) عبر الثور ...


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - من تاريخية الانتلجنسيا العراقية