أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - دمج البنوك.. وتفكيك الأحزاب!















المزيد.....

دمج البنوك.. وتفكيك الأحزاب!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1340 - 2005 / 10 / 7 - 11:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


رأت الحكومة - فجأة - ضرورة دمج بنك القاهرة في بنك مصر، وبرر البنك المركزي هذا القرار بأنه يهدف إلي إيجاد كيان مصرفي قوي قادر علي منافسة البنوك العالمية التي اقتحمت السوق المصرية.
وليس هدفنا في هذا المقال الخوض في تفاصيل هذا الدمج، أو في الطريقة المباغتة التي تم بها، خاصة وأن اقتحام البنوك الأجنبية للسوق المصرية لم يتم فجأة أو يحدث أمس فقط.
هدفنا - بالأحري - هو محاولة إلقاء الضوء علي تناقضاتنا الذاتية، فالحكومة تتعامل مع قضايا الاقتصاد بمنهج، وتتعامل مع قضايا السياسية بمنهج مناقض علي طول الخط كما لو كانت مصابة بمرض الشيزوفرينيا أو ازدواج الشخصية والعياذ بالله، فهي تتصرف هنا بشخصية »الدكتور جيكل« وهناك بشخصية »الدكتور هايد«.
وأحد تجليات هذا التناقض الذاتي هو أن نفس الحكومة التي تشجع دمج البنوك استنادا إلي جدواها الاقتصادية الواضحة، تشجع علي تفكيك الأحزاب السياسية المعارضة، وتساند بعض العناصر الانتهازية الموجودة داخل هذه الأحزاب في إثارة المشاكل وشتي أنواع الشغب التي تؤدي في الأغلب إلي الانشقاق.
وعندما لا تكون الحكومة ضالعة في عمليات الفك والتركيب للأحزاب المعارضة، فإنها تنتشي بالسعادة، وتضحك في عبها، وتعتبر ذلك انتصارا لها.
وهذه سياسة قصيرة النظر وضيقة الأفق، لأن ضعف أحزاب المعارضة مرض معد تنتقل عدواه إلي الحزب الحاكم، وضعف المعارضة والموالاة نتيجة لهذه الانقسامات الحزبية يؤدي إلي قتل السياسة أو علي الأقل إفسادها وتحويلها من علم وفن إلي ألاعيب تآمرية صغيرة ودسائس وصفقات انتهازية رخيصة وتعيسة، تمنع المواطن العادي والمحترم من الاقتراب من هذه الألعاب القذرة، وتبعده عن المشاركة، وتكون النتيجة هي تعميق حالة اللامبالاة الجماعية علي النحو الذي نري مؤشراته في الضعف الشديد في الإقبال علي الانضمام إلي الأحزاب السياسية، والأنيميا الحادة في نسب الاقبال علي صناديق الاقتراع.
وآخر تجليات ذلك أن 23% فقط ممن يتمتعون بحق الانتخاب هم الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية يوم 7 سبتمبر الماضي. بما يعني أن 77% من أصحاب هذا الحق أحجموا عن استخدامه!
ومع ذلك.. ورغم أن الحكومة نفسها فعلت المستحيل لاغراء الناس بالمشاركة في انتخابات السابع من سبتمبر، فإنها سرعان ما عادت إلي عادتها القديمة فور إغلاق صناديق الاقتراع بالشمع الأحمر.
وبدأت »اللغوصة« في حزب الغد، أو علي الأقل إبداء الشماتة في رئيسه الدكتور أيمن نور، الذي يخرج من حفرة ليقع في بئر، ويظن بعض قصار النظر في الحكومة أو الحزب الحاكم أن هذا في مصلحتهم.. وهو ليس كذلك بكل تأكيد.
وليست »اللغوصة« في حزب الغد هي الواقعة الواحدة، بل إن حزب الغد نفسه نشأ بنفس الطريقة أي بتشجيع حكومي مباشر وغير مباشر لانشقاق بعض قادته ومؤسسيه عن حزب الوفد.
وتعرض حزب »التجمع« لوضع مماثل عندما انشق عنه التيار الناصري أو جزء منه في فترة من الفترات.
ولم ينج الحزب الناصري بدوره من هذا المصير، الذي انشق عنه تيار »الكرامة« بزعامة حمدين صباحي.
صحيح أن أصابع الحكومة لم تكن موجودة دائما خلف كل من هذه الانقسامات.. لكنها كانت سعيدة بها دائماً، وتستخدمها إما لدق الأسافين وتعميق الخلافات واللعب علي التناقضات، وإما لـ »معايرة« المعارضة بهذه »النيران الصديقة«.
وساعد علي ذلك مناخ القيود المفروضة علي نشأة الأحزاب أصلاً، ثم الحواجز الموضوعة أمام حركة الأحزاب التي »تتكرم« لجنة الأحزاب بالموافقة علي قيامها، والتي تجعل هذه الأحزاب حبيسة جدران مقارها لا تستطيع أن تغدرها للالتحام بالناس من خلال عمل جماهيري حقيقي.
ولعل هذا المناخ الذي ظل يعاني من شح أوكسجين الحرية لفترات وعقود طويلة هو الذي أدي إلي اصابة الاحزاب المحجوب عنها الشرعية بنفس هذا المرض، حتي أصبح مرضا مصريا بامتياز.
فربما كان هذا المناخ البوليسي هو أحد أسباب إصابة الحركة الشيوعية المصرية بداء الانقسامات المتتالية التي نافست انقسام الأميبا.
وهو نفس الداء الذي أصاب حركة الأخوان المسلمين، التي انشق عليها الكثيرون الذين أسسوا الجماعات الإسلامية الأكثر تشدداً حتي استحقوا لقب »المكفراتية« نظراً لتكفيرهم للبلاد والعباد، حتي هذه الجماعات الإسلامية التي انشقت عن جماعة الأخوان المسلمين الأم، عانت هي نفسها من انشقاقات داخلية، لدرجة أنك كنت تستمع في معتقل طرة السياسي إلي خليط غريب من الأصوات عند رفع الأذان للصلاة، لأن كل جماعة لا تصلي إلا خلف أميرها ولكل منها أذانها الخاص، فكنت تسمع إلي جانب أذان الحكومة أذان الأخوان المسلمين ثم أذان جماعة شكري مصطفي، ثم أذان جماعة عبد الله السماوي ثم أذان جماعة الدكتور عصمت، حتي هذا الأخير الذي انشق علي الجميع أسس جماعة لا تضم معه سوي شخص واحد، والطريف أن هذا الشخص سرعان ما انشق بدوره عن الدكتور عصمت أستاذ كلية الصيدلة وشكل تنظيما »نوويا« يتألف منه وحده!
وكانت الحكومة تضحك في عبها وهي تري هذه الانقسامات ولم تكن تدري أن هذه الانقسامات تحمل في طياتها بذور الإرهاب الذي سيطفح بعد ذلك علي جسد الأمة ويدفع الوطن كله ثمنه غاليا.
وهذه السياسة الحكومية المتسمة بالغفلة وسوء التقدير تأتي علي النقيض من السياسة التي انتهجتها الحكومات الغربية التي ظهر الإرهاب فيها من قبل، واتخذ اشكالا مختلفة مثل جماعة العمل المباشر وبادر ماينهوف وغيرهما.
فقد أدركت تلك الحكومات أن تفتت هذه الجماعات تنظيميا يزيد خطورتها، سواء لأسباب المنافسة بينها علي من يقوم بنشاط إرهابي أكبر، أو سواء لأسباب تتعلق بزيادة صعوبة الاختراق الأمني لهذه المجموعات الأصغار حجماً.
وكانت المحصلة أن تلك الجماعات الأوروبية التي لجأت إلي العنف قد اختفت.. بينما جماعاتنا مازالت حية ترزق.
وبالطبع فان هناك أسباباً أخري.. لكن الدرس الأساسي الذي يبدو أن حكومتنا لم تستوعبه بعد أن تفكيك أحزاب المعارضة - علي اختلاف أنواعها وأشكالها - ليس من مصلحتها، والأهم أنه ليس في مصلحة العملية الديمقراطية.. فضلا عن أنه من قبيل التناقض تشجيع دمج البنوك التجارية وفي نفس الوقت تشجيع تفسيخ الأحزاب السياسية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المطالبة بتعديل المادة الثانية من الدستور .. حرام؟
- إطلاق سراح السياسة فى المؤسسة الجامعية .. متى؟
- مثقفون.. ملكيون اكثر من الملك فاروق -الثانى-
- كرامات الوزير المعجزة: 9 و10 يونيه في عز سبتمبر!
- لا مكان للمعارضة.. في الدولة الدينية
- !هيا بنا نلعب .. ونتعلم
- انتبهوا أيها السادة : النار مازالت تحت الرماد
- توابع هولوكوست بنى سويف
- بلاط صاحبة الجلالة فى انتظار الفارس الجديد
- ! البقية في حياتكم
- لغز وزير الثقافة وأنصاره
- لماذا حصل -الاستبداد- على تأشيرة -إقامة- في أرض الكنانة؟
- محرقة بنى سويف: الجريمة والعقاب
- الدين والسياسة: سؤال قديم وإجابات معاصرة
- من هنا نبدأ
- بعد انقشاع غبار الانتخابات : صورتنا بدون رتوش
- محور الشر.. كاترينا وبوش
- بناء الثقة .. اليوم وليس غداً
- -الجمهورية- تستعيد ذاكرتها.. ودورها التنويرى
- قطار الديمقراطية الذي تلكأ كثيرًا قبل دخول محطة مصر


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - دمج البنوك.. وتفكيك الأحزاب!