أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق محمد عبدالكريم الدبش - الأم كائن ملائكي عظيم















المزيد.....


الأم كائن ملائكي عظيم


صادق محمد عبدالكريم الدبش

الحوار المتمدن-العدد: 4841 - 2015 / 6 / 18 - 22:06
المحور: الادب والفن
    


المرأة ...الأم والأخت والزوجة والصديقة والقريبة .
تمر اليوم 18/6/1992م الذكرى الثالثة والعشرون على رحيل والدتي الحاجة أمينة سيد عزيز سيد علي السامرائي ، وأنا بعيد عن أرض الوطن في المنفى والأغتراب نتيجة لعسف وظلم وارهاب النظام المقبور حيث غادرت الوطن في كانون الأول من عام 1978م ، وبعدها بسنتين غادرنا الوالد في 25/12/1994م ..وتركوا في نفسي جرحا عميقا لهذا الرحيل .
ووفائا لهم ولذكراهم تعودت ان أستعيد هذه الذكرى بشئ من التسامي على الجراح وما لهذه المناسبة من أثر بالغ في نفسي ، وحتى لا أشعر الأخرين بهول هذه الواقعة ، وحرصت أن لا تنعكس بشكلها الدرامي الحزين ، فأثرت أن يكون عزائي بذكراها أن أبرز دور الأم في بناء الأسرة والمجتمع ، ومكانتها الدينية والدنيوية وثقافة الأم وحجم تأثيرها في المنظومة القيمية والأخلاقية والثقافية ، كونها الأم ومحور وأساس كيان العائلة ، وكذلك هي الأخت والزوجة والصديقة والرفيقة والزميلة ، وهي توئم الرجل ورفيقة دربه وعظيدته ومربيته ومرشدته ومعينته في كل مفاصيل الحياة العامة والخاصة ، أذن فهي أساس حركة المجتمع ومحوره ومقوده وهداه .
وهنا عندما أستذكر والدتي !..فأني أستذكر كل الأمهات الراحلات وأدعوا لهن الذكر الطيب والرحمة ، وأدعوا أن يطول الله بأعمار الأمهات الذين على قيد الحياة ..وأدعوا لهن بالحياة السعيدة والرخية والأمنة ، وأتمنى أن تحضى هذه النسوة برعاية وأحترام وأجلال أبنائهن وبناتهن ، فالأم لا يمكن تعويض مكانتها في حال غيابها ، وبنفس الوقت أتمنى لنسائنا بشكل عام في العراق ومناطق الحرب في سوريا وليبيا والعراق واليمن ، أتمنى أن يتوقف مسلسل الموت والخراب والجوع والتشريد والتهجير للملايين من أبناء وبنات هذه الشعوب المقهورة .
محال ان تستمر الحياة وأن تقوم ، وتتشكل الأمم والأقوام والعائلة التي هي أساس كل مجتمع على وجه الأرض ، والمرأة هي العنصر الأساس في عملية استمرار الحياة البشرية ، وهي تتعرض الى الألغاء ومصادرة الحقوق وجعلها مخلوق من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة .
مازال هذا الكائن الملائكي والجميل والذي ينبض بالبشر والمحبة والجمال والحياة وكما يقول الجواهري في أحدى قصائده :
[اني ورب صاغهن كما اشتهى هيفا لطافا
وادقهن وما ونى، واجلهنَّ وما احافا
لارى الجنان اذا خلت منهن اولى ان تعافى ] .
مازالت المرأة ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ...مسلوبة الأرادة ومصادرة الحقوق وتابعة ومقودة من قبل الرجل وبالضد من ارادتها ، ومن نظامنا السياسي ، من خلال الممارسات والتجاوزات ...والسلوك اليومي والمشين وفي مختلف مفاصل ومؤسسات الدولة والمجتمع ، تستباح فيها الكرامات وتسلب الحقوق وتفرض المفاهيم والقيم البالية والمتخلفة والعنصرية وتمارس كل أنواع الأنتهاكات من الزواج القسري وزواج الفصل ( الفصل في المنازعات العشائرية ) وكثير من الممارسات المنافية لكل الاعراف والمواثيق ...وتحت ذريعة الدين والحرام والحلال وهو مخالف للدستور الذي صوت عليه أكثر من عشرة ملايين أنسان .
أن عدم الأحتكام الى الدستور وركنه عرض الحائط والقفز على كل القوانين والاعراف الدولية، وفرض المفاهيم السلفية والدينية والتي لا تنسجم مع هذه الأعراف والقوانين ...بل تتعارض تماما معها ، فهذا يعني أننا نسير بالأتجاه الخاطئ والذي يلغي الحقوق والحريات للمرأة وبالتالي فهو يتعارض مع بناء دولة العدل والحق والقانون ( الدولة المدنية الديمقراطية ) والتي يتساوى فيه الجميع وعلى وجه الخصوص النساء .
والقرأن الكريم قد أنصف المرأة بعض الشئ...وفي كثير من سوره وأياته ، وسأتناول بعض من هذه الأحكام والوصايا ، وبعض مما مرت بها البشرية عبر التأريخ ، وموقف هذه المجتمعات من المرأة .
مكانة المرأة في الحضارات القديمة:
ربما كانت الحضارة المصرية القديمة هي الحضارة الوحيدة التى خولت المرأة "مركزا شرعيا" تعترف به الدولة والأمة، وتنال به حقوقا في الأسرة والمجتمع، تشبه حقوق الرجل فيها. أما الحضارات الاخرى فكل مانالته المرأة فيها من مكانة مرضية، فإنما كانت تناله بباعث من بواعث العاطفة على حاليها من حميد وذميم. وربما نالت المرأة حظا من الإهتمام بها في عصور الترف والبذخ، التى تنتهي إليها الحضارات الكبرى. وتناله لأنه مطلب من مطالب المتعة والوجاهة الإجتماعية، وقد نالت هذا الإهتمام في أوج الحضارة الرومانية مع بقائها قانونا وعرفا في منزلة تقارب منزلة الرقيق من وجهة الحقوق الشرعية والنظرة الأدبية.
في حضارة مانو بالهند لم تكن تعرف للمرأة حقا مستقلا عن حق أبيها أو زوجها أو ولدها في حالة وفاة الأب والزوج، فإذا انقطع هؤلاء جميعا وجب أن تنتمي إلى رجل من أقارب زوجها في النسب ولن تستقل بنفسها في أي حال من الأحوال، ومقضي عليها أن تموت يوم موت زوجها وأن تحرق معه على موقد واحد وقد دامت هذه العادة حتى القرن السابع عشر، وبطلت بعد ذلك على كره من أصحاب الشعائر الدينية. ومذهب الرومان القدماء كذلك يشبه الهنود القدماء في الحكم على المرأة بالقصورحيث كانت لها علاقة بالآباء أو الأزواج أو الأبناء، وشعارهم الذي تداولوه إبان حضارتهم أن قيد المرأة لاينزع، ونيرها لايخلع. على عكس الحضارة المصرية بإكرام المرأة وتخويلها حقوق شرعية قريبة من حقوق الرجل، فكان لها أن تملك وأن ترث وأن تتولى امر اسرتها في غياب من يعولها.
القرأن الكريم والمرأة :
القرآن الكريم يصف المرأة بأنّها أحد شطري البنية الإنسانية ويقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ الأية 17...فالأُنثى مثل الذكر يشكلان أساس المجتمع دون فرق بينهما. ويأبى القرآن للمسلم أن يتبرم بذرية البنات وأن يتلقى ولادتهن بالعبوس والانقباض: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ... الأية58 ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُون....الأية 59 سورة النحل ، وتتساوى رعاية الإنسان لأبيه وأمه، كما تتساوى رعايته لبنيه وبناته، وقد تخص الأمهات بالتنويه في هذا المقام، فإذا وجب الإحسان للوالدين معا فالواحدة هى التي تعاني من آلام الحمل والوضع ما لا يعانيه الآباء: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ.السورة / الأحقاف / الأية 15 .
فكيلا تتعرض الحياة الزوجية للكراهية والانحلال اعترف الإسلام للمرأة البالغة الرشيدة بحريتها في إختيار الزوج وبحقها الكامل في قبوله أو عدم قبوله دون إكراه في ذلك. فالآيات القرآنية تنسب فعل النكاح للمرأة، والنكاح في الآيات المذكورة يقصد به الزواج أو كما يقول ابن آثير عن ابن جريح عن مجاهد: "النكاح الحلال الطيب". كما تمنحهن الحق في التصرف في أنفسهن أو في جسمهن بحرية في إطار الحلال -المعروف- عبارة "فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف" التي وردت في الآية 234 والآية 240 "فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج".
مباشرة المرأة عقد زواجها بنفسها : قال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير ( سورة البقرة الأية 234) ، هذه الآيات الكريمة تجيز للمرأة أن تباشر عقد زواجها بنفسها .
ولكن السؤال هنا هل القائمين على الأمور الشرعية هل يخشون الله في نسائهم ويمنحونهم حقوقهم ؟...الجواب أبدا لا ! .
النساء : يرد لفظ النساء في القرآن الكريم بهذه الصيغة، وبصيغة المفرد: (امرأة)، والمثنى: (امرأتان)، والجمع: (نسوة)، خمسة وثمانين مرة. وبنظرة أولية إلى موارد هذه الألفاظ، يلاحظ: أن لفظ (نساء) يأتي ذكره في القرآن المدني أكثر، ولفظ (امرأة) يأتي في القرآن المكي أكثر. إذ كثر استعمال الأول في سياق التشريعات الأسرية والاجتماعية، بينما غلب على الثاني استعماله في سياق القصص القرآني.
الأم والوالدة، عُبر عن مفهوم الأمومة في القرآن الكريم تارة بلفظ "الأم" وهو الأكثر حيث ورد ثمانا وعشرين مرة، وتارة بلفظ "الوالدة" وهو قليل حيث ورد خمس مرات فقط، واللافت للنظر هو أن لفظ الأم بصيغتي المفرد والجمع (أم وأمهات) لا يرد في القرآن إلا مضافا: (أمي، أمه، أمهاتكم، أمهاتهم...). ولأن لفظ "الأم" أعم من لفظ "الوالدة" كان الأكثر استعمالا في القرآن الكريم حيث ذكر في سياقات مختلفة: منها قصة موسى وقصة عيسى عليهما السلام، كما ورد ذكره في حديث القرآن عن مراحل خلق الإنسان، وفي حديثه عن حمل الأم ومشقته ومدته، وذلك في سياق الحث على خلق الإحسان إلى الوالدين، ثم في حديثه عن طبيعة العلاقة بين الإنسان وأمه وسائر أفراد أسرته يوم القيامة.
الزوج، ورد في القرآن الكريم لفظ ""الزوج"" مفردا والمثنى منه ""الزوجين"" والجمع ""الأزواج"" إحدى وثمانين مرة. وفي أكثر من نصف هذه الموارد، أي تسع وأربعين مرة ، يأتي للدلالة على المرأة المتزوجة، ويأتي أحيانا للدلالة على الرجل والمرأة معا وذلك بصيغة الجمع (أزواج) وقد جاء ذلك ست مرات، بينما لم يرد للدلالة على الرجل إلا ثلاث مرات. وأود أن أشير هنا إلى أن القرآن الكريم لم يستعمل قط لفظ الزوجة المستعمل عادة للدلالة على المرأة المتزوجة، بل هو يستعمل لفظ ""الزوج"" للدلالة على المرأة والرجل معا وهو الأفصح والأصح في اللغة. وفي مقابل هذه المعاني يأتي لفظ الزوج بصيغه المختلفة بمعنى الصنف والنوع واللون سواء تعلق الأمر بنوع الإنسان: الذكر والأنثى، أو بنوع النبات والحيوان. أما الصيغ الفعلية من فعل (زوّج) فقد وردت خمس مرات، وجاء فعل التزويج في جلها منسوبا إلى الله عز وجل.
ولحكمة بالغة جعل الله عز وجل ""الدين"" عنصرا متغيرا في بناء الأسرة، قد يكون من تجلياتها: إجراء سنة التدافع التي لولاها لفسدت الأرض. ولعل في قصص بعض الأنبياء التي وردت في القرآن الكريم وورد فيها لفظ ""الأهل"" ما يؤكد هذا الأمر، كقصة نوح مع ابنه.
ولهذا كان المجال الذي ورد فيه لفظ الأهل بمعنى الأسرة في القرآن الكريم، في الغالب، مجال قصص الأنبياء، ونجد هذه الآيات في السور التي ساقت هذه القصص: كسورة يوسف، وهود، والنمل والأنبياء والقصص والصافات وطه والشعراء. (1)
وعن منزلة الوالين في القرأن :
بِرُّ الوالدين أقصى درجات الإحسان إليهما ، البِرُّ لغةً:- بِرُّ :- الخير .الجمع ، أبرار: بِرُّ الوالدين (طاعة) الوالدين .
في سورة الإسراء..وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا.الأية 23
في سورة النساء...وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا .
في سورة لقمان ...وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ الأية 14 .
في سورة الأحقاف... وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ الأية 15 .
في سورة العنكبوت... وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الأية 8 .
عقوق الوالدين :
والعق لغة: هو المخالفة، وضابطه عند العلماء أن يفعل مع والديه ما يتأذيان منه تأذياً ليس بالهيّن عُرفاً .
في المحلى لابن حزم وشرح مسلم للنووي: ( اتفق أهل العلم على أن بر الوالدين فرض، وعلى أن عقوقهما من الكبائر، وذلك بالإجماع ) وعن أبي بكر عن النبي قال: { كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الموت } رواه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك وصحيحاه].
فالمسلم يبر والديه في حياتهما، ويبرهما بعد موتهما؛ بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة، وينَفِّذَ عهدهما، ويكرمَ أصدقاءهما.
قال تعالى: في سورة إبراهيم...رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ الأية 41.
في سورة نوح...رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا الأية 28 .
إن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله : عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( أقبل رجل إلى النبي فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى، فقال : { هل من والديك أحد حي؟ } قال: نعم بل كلاهما. قال: { فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ } قال: نعم. قال: { فارجع فأحسن صحبتهما } ) [متفق عليه] وهذا لفظ مسلم وفي رواية لهما: { جاء رجل فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد }.
بر الوالدين كونه من أحب الأعمال إلى الله: عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعود قال: سألت النبي أي العمل أحب إلى الله؟ قال: { الصلاة على وقتها }. قلت: ثم أي؟ قال: { بر الوالدين }. قلت: ثم أي؟ قال: { الجهاد في سبيل الله } [متفق عليه]. (2) .
وهنا تبين لنا أن بر الوالدين والأحسان لهما ورعايتهما هو فرض عين على كل أنسان .
وسنتناول بعض من فيض ما جاء به بعض الفقهاء والبلغاء والشعراء والكتاب ، لتبيان منزلة الأم في ثقافتنا العربية والأسلامية :
أروع ما قيل عن الأم؟ :
الشافـعـي
وَاخْضَعْ لأُمِّكَ وأرضها
فَعُقُوقُهَا إِحْدَى الكِبَـرْ
حافظ إبراهيم
الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَـاأَعْدَدْتَ شَعْباً طَيِّبَ الأَعْرَاقِ .
أبو العلاء المعري
العَيْشُ مَاضٍ فَأَكْرِمْ وَالِدَيْكَ بِـهِوالأُمُّ أَوْلَى بِإِكْـرَامٍ وَإِحْسَـانِ
وَحَسْبُهَا الحَمْلُ وَالإِرْضَاعُ تُدْمِنُهُأَمْرَانِ بِالفَضْلِ نَالاَ كُلَّ إِنْسَـانِ
المتنبي
أَحِنُّ إِلَى الكَأْسِ التِي شَرِبَتْ بِهَا وأَهْوَى لِمَثْوَاهَا التُّرَابَ وَمَا ضَمَّا .
جـمـيـل الــزهــاوي
لَيْسَ يَرْقَى الأَبْنَاءُ فِي أُمَّةٍ مَا ...لَمْ تَكُنْ قَدْ تَرَقَّـتْ الأُمَّهَـاتُ .
مــــــاري هـوبــكــنــز
الأُمُومَه أعظمُ هِبَةٍ خَصَّ الله بها النساء .
شـــكـــســـبـــيــــر
ليس في العالم وِسَادَةٌ أنعم من حضن الأم .
مـحــمــود درويـــــش
لن أسميكِ امرأة سأسميك كل شيء .
إســـلام شـمــس الـديــن
حينمـا أنحنـي لأقـبـل يـديـكِ
وأسكب دموع ضعفي فوق صـدرك
و استجدي نظرات الرضا من عينيكِ .
حينها فقط أشعر باكتمال رجولتـي .
ذكر الشاعر ابن الرومي الأم بعدد من قصائده منها قوله عنها:
فإنّي وإياكم كذي الأم أرهنت *** لهُ ماء عينها تفدي وتحمل .
وإن الذي تسترحم الأم ابنها *** بها وبهِ لاشك أرحم راحمِ
وما الأمُ إلاّ أمة في حياتها *** وأمٌ إذا فادت وما الأم بالأممِ
هي الأمُ يا للنّاسِ جرعت ثكلها ** ومَن يَبْكِ أمّاً لم تذم قطُ لايذمِ .
أبو العلاء المعري في الأم :
بئست الأم للأنام هي الدنيا *** وبئس البنون للأمِ نحنُ .
قول الشاعر أبي القاسم الشابي:
الأمُ تلثم طفلها وتضمه *** حرمٌ سماويّ الجمال مُقدس.
ويقول كذلك :
وأمّتني الى الأجداث أمٌّ
يعزُّعليَّ أنْ سارت أمامي .
ويقول ..
أشاعت قيلها وبكت أخاها
فأضحت وهي خنساء الحمام ....الحمامة في هذه المرثية هي أم المعري بعينها .
أما الشاعر أحمد شوقي فقال في حق الأم:
وَصُن لغة يحق لها الصِيان *** فخير مظاهر الأم البيان .
ويقول كذلك :
ثم قال الشاعر معروف الرصافي:
إن خدمنا فلا تريد جزاء *** ومِن الأمِ هل يُرادُ جزاء .
وقوله عنها:
فحضن الأمِ مدرسة تسّامت *** بتربية البنين والبناتِ .
ثم قوله:
المالُ يُفرِّقُ بين الأم والولد فذاك *** أدنى نسيب عند كلِ يـد .
وقوله أيضاً:
هي الأم التي ضمّت بَنِيها *** إلى أحشائِها ترجو الثوابا .
وأخيراً قوله عنها وهو:
يا أيّها الأم الحزينة أجملي صبراً *** فإنّ الصّبر خير طبيب . (3 )
أجمل ما قال نزار قباني عن الأم كلام رائع :
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟ ... (4)
أُمّي - جبران خليل جبران :
أوصى جبران ان تكتب هذه الكلمات على قبره بعد وفاته :
انا حي مثلك، وأنا واقف الآن إلى جانبك؛ فاغمض عينيك والتفت؛ تراني أمامك .
من كلماته وما قاله في الأم :
إِنَّ أَعْذَبَ ما تُحدِّثُهُ الشِّفاهُ الْبَشَرِيّةُ هو لَفْظَةُ "الْأُم". وَأَجْمَلُ مُناداةٍ هِيَ: يا أُمّي. كَلِمَةٌ صَغيرَةٌ مَمْلوءَةٌ بِالْأَمَلِ وَالْحُبِّ وَالْعَطْفِ، وَكُلِّ ما في الْقَلْبِ الْبَشرِيِّ مِنَ الرِّقَةِ وَالْحَلاوَةِ وَالْعُذوبَةِ.
الْأُمُّ هِيَ كُلُّ شَيءٍ في هذِهِ الْحَياةِ، هِيَ التَّعزيَةُ في الْحُزنِ، والرَّجاءُ في الْيَأْسِ، وَالْقُوَّةُ في الضَّعْفِ، هِيَ يُنْبوعُ الْحُنُوِّ وَالرَّأْفَةِ وَالشَّفَقَةِ وَالْغُفْرانِ، فَالّذي يَفْقِدُ أُمَّهُ يَفْقِدُ صَدْرًا يَسْنِدُ إِلَيْهِ رَأسَهُ، وَيَدًا تُبارِكُهُ، وَعَيْنًا تَحْرِسُهُ.
ويقول أيضا :
إِنَّ لَفْظَةَ الْأُمِّ تَخْتَبِئُ في قُلوبِنا مِثْلَما تَخْتَبئُ النّواةُ في قَلْبِ الْأَرْضِ، وَتَنْبَثِقُ مِنْ بَيْنِ شِفاهِنا في ساعاتِ الْحُزْنِ وَالْفَرَحِ، كَما يَتَصاعَدُ الْعِطْرُ مِنْ قَلْبِ الْوَرْدَةِ في الْفَضاءِ الصّافي والْمُمْطِرِ. (5)
ناظم حكمت الشاعر التركي العظيم المولود في عام 1902 م والمتوفى في عام 1963م في موسكو ووري الثرى هناك :
في عام 1902 شهدت مدينة سالونيك ولادة أعظم الشعراء في تاريخ الأدب التركي، وواحد من ابرز شعراء العالم في القرن العشرين الشاعر المبدع والفنان والكاتب المسرحي والقاص والروائي والمترجم والرسام (ناظم حكمت) والذي نشأ وسط تأثيرات الجو الثقافي والفني حيث كان والده حكمت باي يعمل موظفاً، أما أمه جليلة خانم، فكانت مغرمة بالرسم وتمارسه ، ولها ولع بالشعر، خصوصا الفرنسي، وكان لها تأثير كبير على ابنها في بدايات مسيرته الشعرية.
ومن أشعاره عن الأم : وهو يحاكي ابنه محمد ...
أمك..ستبقى جميلة،حتى حين تصبح جدة
فكأنها،يومئذ،هي هي التي التقيتها أول مرة :
على ضفاف البسفور، وهي في السابعة عشرة
ضوء القمر،ضوء النهار،سمرة الخوخة قبيل نضجها
بل أجمل ما تكون المرأة في دنيانا
أمك ..
لقد افترقنا ذات صباح على رجاء الملتقى
و لكن هيهات..لم يتحقق الرجاء
لم نتمكن من اللقاء..!
أمك.. أذكى الأمهات، و أطيب الأمهات
لتعش مئة سنة إن شاء الله
ابني ..!
أنا لا أخاف الموت
و لكني، أحيانا، أنتفض فجأة و أنا أعمل
و حين أكون وحدي، على سريري قبيل الغفو
يهتف بي خاطر
من الصعب أن يحزر الإنسان،ما قد يعيش،بعد،من أيام
و لكن هل نشبع من الحياة ؟
لا يمكن،يا محمد أن نشبع
ابني
لا تعش في الدنيا مستأجراً
كمن جاء ليصطاف ..
عش دنياك كأنها بيت أبيك
ثق بحبة القمح
ثق بالأرض
ثق بالبحر
ولكن ثق، أكثر من ذلك ،بالإنسان ( 6 )
1 -المصدر : منقول عن المرأة في القرآن / من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة .
2 - المصدر بر الوالدين / من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة .
3 - المصدر : صيد الموائد / صورة الأم في ذاكرة الشعراء / محمد رجب السامرائي/ أبـو ظبـي .
4 - المصدر : منتديات سيدتي النسائي / عالم المرأة العصرية والفتاة العربية .
5 - المصدر : يوم الأم / أمي / جبران خليل جبران .
6 - المصدر : جمّول.نت / ناظم حكمت .
صادق محمد عبد الكريم الدبش
18/6/2015م



#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تصوم أرض الرافدين فترتوي من دماء شعبنا ؟
- مقال وأستذكار لكاتبه الراحل / أكرم قدوري الحاج أبراهيم .
- النازحون ..علامة سوداء في جبين المجتمع الدولي ونظامنا السياس ...
- الحق بالحياة لكل الكائنات ...وأولها الأنسان .
- اليك رفيقي ...عبد الواحد كرم ...أبو حسام
- الخامس من حزيران ...يوم حزين
- طلبت وصفا لها ؟
- كلمات مهدات الى الحزب من خلال قصيدة المبدع الأديب ..خلدون جا ...
- ليس ردا على من يدعي ؟
- أطلت علينا بفضاء سرها المكنون !
- لماذا نينوى !..وتدمر !..وأمتداداتهم الأنبار ؟ الجزء الثالث و ...
- لماذا نينوى ...! ..وتدمر ..!..وأمتداداتهم ...الأنبار ؟ .
- لماذا نينوى !...زتدمر ...! وأمتداداتهم ...الأنبار ؟...تقع بي ...
- مقدمة في علم المقامات .
- كيف نبعده عن مسيرتنا ؟ ..من يحكمنا بأسم الله !
- المشهد العراقي الى اين ؟
- سألني صديقي ...متى نرى المستقبل السعيد ؟
- الفاشية ...امتداداتها وفلسفتها .
- الفاشية والنازية ...والفاشية الجديدة ؟
- متى يستفيق نظامنا السياسي من سباته العميق ؟


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق محمد عبدالكريم الدبش - الأم كائن ملائكي عظيم