أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب علي - لحظة تمرد















المزيد.....

لحظة تمرد


زينب علي

الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 00:43
المحور: الادب والفن
    


لحظة تمرد
ارتفعت اصوات الزغاريد وتبادل التبريكات الاتية من صالة الاستقبال. تم حسم الامر بينهم من غير ان يكون لها اي شيء غير الجلوس بقرب باب الاستقبال لتستمع لاتفاقهم وعقد الصفقة بينهم. كانوا يضحكون فرحين وكانت تبكي بألم.
_ اين العروس نريد ان نراها.
ضحك وكلام وتعليقات متبادلة. تبعها صوت والدها:
_ اين هي ليلى, ناديها لتسلم على اهلها الجدد وخطيبها.
هربت لغرفتها ورميت بجثتها على سريرها وراحت تنتحب وتندب حظها.
_الهي هل طلبت منك يوما ان ترزقني بزوج. انا كل ما اطلبه منك هو ان انجح. يا الهي لماذا تأتي الامور معاكسة لما اريد.
اندفع باب غرفتها ووقفت امها وقد تحولت ابتسامتها لغضب عارم وهي ترى عينيها متورمتين ومحمرتين من كثرة البكاء.
اقترب منها وقالت بنبرة غاضبة:
لا تتسببي بإحراجي امام الناس. هل تريدين ان تضعي راس اباك في الأرض حين يسمع الناس انك ترفضين العريس وتقفين بوجه ارادة اباك وأمك. كوني عاقلة وفكري بسمعتنا وسمعتك ومستقبلك.
اقتربت ليلى منها وهي تنتحب ودموعها تتبعثر على وجنتها, حضنتها وراحت تتوسل:
_ ارجوك يا امي انا لا اريد ان اتزوج, ارجوك. اريد ان اكمل دراستي وان ادخل الكلية كباقي البنات, ارجوك لاتحرميني من حلم حياتي. اذا كنتي فعلا تحبينني وتريدين سعادتي ومستقبلي, فأن سعادتي ومستقبلي هي ان لا اتزوج وان اكمل تعليمي.
راحت تقبلها وتتوسل إليها لكن والدتها وقفت كالحجر الجامد امامها. تخلت عن جميع مشاعر الامومة وأصبحت كند لها. كشخص يبارزها وينوي هزيمتها فأما ارادة ليلى واما اردتها. دفعتها للوراء بقوة وصاحت بها:
_قومي وغيري ملابسك واهتمي بنفسك. الجميع بانتظارك في الاستقبال. ولا تجلبي العار لنا فيقول الناس عنا بان اهلها لم يربوها جيدا وتجعلين سمعتنا في التراب.
_ لن افعل. ولا اريد ان اتزوج.
راحت تبكي وتتشبث بسريرها وكأنه المكان الوحيد الذي سينقذها من شدتها. وأخذت والدتها بشدها للوراء كي تقوم معها.
_ اتركيني, قلت لك لا اريد الزواج. هل ستغصبيني عليه.
صفعتها على وجهها. وسحبتها من شعرها بقوة ثم اخذت هي الاخرى تضرب وجهها وتتاوه .
_ اه ستسببين لي ارتفاع السكر وسيلحقنا العار بسببك.
لم تستطع ليلى تحمل الضرب وتظاهر والدتها بأنها ستموت بسببها. نهضت وارتدت الفستان الذي احضرته لها. جلست وسرحت شعرها بينما اخذت عيناها تمطر حزنا على تعاسة قدرها.
_ امسحي دموعك وانزلي. كفاك بكاءا, واحدة غيرك كانت ستكون اسعد انسانة وترقص طربا. ستتزوجين ابن عائلة محترمة.
_ وماذا عساي ان احصد من العائلة؟ هل ساتزوج العائلة؟ لا اريد ان اتزوج اي احد الان. اريد ان ادرس.
_ لا تتسببين بموتي. هل الدراسة اهم من الزواج. ها انا امامك اعيش افضل من المتعلمة التي تعمل طوال النهار وتعود لبيتها متعبة. اطفالها دائما في ظمأ لها. وبيتها مهمل. اتركي عنك هذه التفاهات واهتمي بنفسك. الا ترين ان سارا تزوجت وتركت دراستها. وهيفاء الان لديها طفلين. بينما انتي تفوتين عليك فرصة العمر. سيمر بك قطار العمر مشغولة بدراستك وستتفاجئين بانك وصلت لعمر لا يرغب بك احد بعد التخرج. هل تعتقدين ان الشباب يرغب بفتاة عمرها 24؟ انتي على خطأ. الرجال يحبون ان يتزوجوا الصغيرات كعمرك واصغر منك. كي يراك دائما صغيرة في عينه.
_ انتي تريدينني ان اعيش كما عشت انتي يا امي؟ هل انت سعيدة بحالك.
_ لا تتفلسفي كثيرا,, تعالي.
نزلت بوجه ملفوف بالحزن. تسير مع والدتها. دخلت الصالة وارتفعت الزغاريد والصفقات والتبريكات والصلوات. بينما كانت نيران قلبها ترتفع وتحرق كل شي بداخلها.
نظرت اليه نظرة متجهمة رافضة ترجمت كل ما في داخلها, ونظر اليها نظرة لا مبالية. استمر بابتسامته رغم وصول اشارات عينيها اليه بالرفض.
انقضت الليلة وذهب الضيوف. ورجع الوالدان مبتسمان. استقبلتهما بالدموع.
_ ارجوك يا ابي انا لا اريد ان اتزوج اريد ان ادرس. لا تحرمني من حلمي.
_. تزوجيه وأقنعيه بأن تستمري بدراستك. هذا امر سهل للغاية.
_ ولكنني لا ارغب بالزواج الان.
التفت الى والدتها وقال:
_ علمي ابنتك الادب ولا تدفن راسي بالتراب امام الناس.
تركوها وذهبوا وعيناهما تستشيظان غضبا. ناما ولم تنم.
مرت الايام. وهي حزينة. لم تعرف طعم الراحة ولم يروق لها بال. هجرت كتبها وانطوت على نفسها. وصار البكاء والتوسل كل ماتقضي به وقتها والضرب والتهديد مصيرها.
في احدى الليالي رن هاتفها.
_ الو, من؟
_ انا حسام. كيف حالك ليلى. انا مشتاق لك.
_ وهل عرفتني حتى تشتاق لي.
_ عرفتك يوم رأيتك. واشتقت لك.
_ انا لا اريد ان اتزوجك. ارجوك ساعدني. لا اريدك. لو كنت تملك ذرة غيرة وشهامة اتوسل اليك ان تتركني.
انهارت بالبكاء. واغلق نقاله وكأنه لم يسمع شيئا مستمرا في عناده ولا مبالاته.
في الصباح, نحو العاشرة صباحا. استيقضت على ضربة الباب القوية وصراخ ابيها واندفاعه باتجاهها وتلحق به والدتها التي تحاول تهدئته من جانب وتوبخها من جانب اخر. اقترب منها وسحبها من خصلات شعرها.
_ ماذا تريدين ان يقول الناس عني؟ لم اربيك جيدا ابنته لا تسمع كلامه؟
_ ماذا حصل يا أبي اتركني انت تؤلمني.
صاحت والدتها:
_تدعين انك لا تعرفين شيئا يا وقحة. جعلتي سيرتنا تمر على الالسن.
_ماذا حصل لم افعل شيئا.
_كفاك كذبا, البارحة اتصلتي به واخبرتيه بانك لا ترغبين بالزواج منه وتدعين بان شيء لم يحصل.
انهالوا عليها بالوعيد والإهانات التي لا تخلوا من القسوة الجسدية وتركوها اسيرة همومها وأحزانها.
استمروا بعقد صفقتهم واتفقوا على يوم العقد في المحكمة:
_لنسرع بعقد المحكمة حتى يصبح كل شيء قانونيا وتخضع للأمر الواقع.
اجاب الوالد:
_كلامك صحيح, يجب ان نجعل كل شي امامها واقعا لتتقبله وتتوقف عن فعل الحماقات.
اتصل بوالد العريس واخبره بان غدا سيكون عقد المحكمة. ونادتها والدتها:
_ليلى, غدا سيكون عقد زواجك على حسام في المحكمة. هيئي نفسك جيدا.
_ حسنا, ساهيا نفسي
ثم استدارت غير مبالية لنظرات والديها.
_ اليوم تبدو مقتنعة الا ترى ذلك؟
_ اعتقد بأنها تقبلت الامر خصوصا سيكون بينهما عقد موثق.
_ اه,, الحمد لله.. يا ربي زدها عقلا واجعلها ترى الامور بواقعية اكثر.
جاء يوم عقد الزواج في ألمحكمة
اجتمعت العائلتان في طريقهما للمحكمة. كانت تنظر اليه بتعالي واستهانة وكان ينظر اليها كأن شي لم يكن. بل ويتظاهر ان ما صدر منها شيء غير جدي, نزوة مؤقتة ثم ستغير كلامها وستحبه وسيكون فارس احلامها وحبيبها. انه عناد الفتيات وغرورهن لا اكثر. كان يطمئن نفسه بأن كل شي سيكون لجانبه.
وقفوا امام القاضي:
_ ليلى حسن هل تقبلين ب حسام محمد زوج لك.
_ صمتت
_ ان كنتي موافقة قولي نعم, وان كنتي رافضة قولي لا.
.هما حرفان,, يفصلانها عن الجحيم الخالد
ان لم تنطقهما سيكون الويل مكانها, والجهل حياتها ولربما ستكون منبوذة باسم (مطلقة) او ممثلة بلهاء باسم ( زوجة مطيعة)..
حرفان ما اصغرهما وما اكبر مفعولهما,,
سيبنيان عمرا من سنين بايامه وساعاته ولحظاته..
سيجعلان منها كائن مملوء بالحياة المغلفة بالسعادة او كائن فارغ من محتواه غير ارضاء رغبات رجل غريب لا يمت لها بصلة الا بتوقيع قلم على ورق وعشيرة تصفق لاقتناص ضحيتها ومجتمع ينظر لها ان تستر عورتها..
_قولي يا ابنتي هل انتي موافقة ام لا؟؟
انها فرصتي الاخيرة التي لا مفر لها. فأن قلت نعم سأرمي بنفسي في هاوية مظلمة وبعيدة لا انجوا منها ابدا ولا استطيع العودة الى حيث كنت.. ساترك مدرستي, صديقاتي , حياتي وملابسي ألمفضلة مكتبتي الصغيرة وحتى سماع الاغاني التي احبها..
سأكون اداة للاستخدام طوال أليوم سينالني التعب والارهاق ومع هذا يجب ان اكون له امرأة بكامل زينتها و طيب مزاجها اخر الليل.
سأعطي و لا اخذ شيئا, وان اعطاني سيكون متفضلا علي ان يعطي امراة مسؤوليتها الاهتمام ببيتها وزوجها وأطفالها.
سأكون المذنبة ان كان مزاجه سيء و لا ذنب له لتعكر مزاجي للمسؤولية التي القيت على عاتقي وبعثرت احلامي وأفقدتني الكثير..
سأتظاهر بالضحك رغم حزني التي يستقر في قلبي وينهش جسدي, حتى لا اكون ناشز وسأكون وقحة ومتمردة ان طالبت بحقي, فحقي برأيه هو ما انا عليه لا كثر.
لم لا اكون الان متمردة؟ وانا واقفة على ابواب الجحيم,, الان سُمح لي بأن اقول رأيي.
لم لا اغتنم فرصتي الوحيدة المتاحة لي واطبق باب الجحيم في وجوههم
نعم سيكون هناك ثمن, لكنه لا يشبه ثمن القول (نعم انا موافقة)..
ساُضرب وسأُهان وسأسمع ما لا يسرني ولكنني سأستعيد حريتي وسعادتي التي سرقت منذ اشهر وساكون انا ليلى من جديد..
شعر القاضي بحيرتها واستغرب صمتها, أعاد القاضي سؤاله:
_ ابنتي هل انتي موافقة؟ لا تترددي بقول رأيك ولا تخافي ان كنتي مترددة.
_ لا
_ لايصح الزواج.
وسط ذهول العائلتين وقفت بينهم شامخة مطمئنة بان القاضي سيكون لجانبها رغم علمها بانها ستعاقب عقابا كبيرا لما فعله, لكنها كانت جادة جدا. انسحب الشاب ووالداه غاضبين وهم يتفوهون عن قلة حياءها وأدبها. وبقي الوالدان مصدومان لما فعلته ابنتهما.
ليلى فشلت ذلك العام في دراستها بسبب ما مر بها في الاشهر الاخيرة من السنة الدراسية من ضغط كبير وحزن شتت كل اهتماماتها بما فيها دراستها. لكنها عوضتها في السنة المقبلة وهي الان في المرحلة الاولى قانون.



#زينب_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنة فرخندة
- حب تحت شجرة
- بائع السجائر
- وعدتك يا امي
- ليس هو
- نداء ايزيدية مسبية( لاتحزني)
- ابن حرام
- جمعة الغضب لاتشمل اليزيديات
- انا امراة,, اذا انا قادرة
- حوار مع احداهن
- برمجة المراة
- مواجهة مع رجل صالح
- قصة قصيرة (بسمة)
- في يوم المرأة.. كيف نحتفل ونحن سبايا
- إسرائيل و-شرعنة- انتهاك القانون الدولي الإنساني


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب علي - لحظة تمرد