أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب علي - بائع السجائر














المزيد.....

بائع السجائر


زينب علي

الحوار المتمدن-العدد: 4804 - 2015 / 5 / 12 - 22:51
المحور: الادب والفن
    


بائع السجائر
_ارجوك يا عم , اشتري علبة سجائر, لم احصل هذا اليوم على شيء يسد رمق عائلتي.
نظر السائق الغارق بالتفكير منتظرا انطلاق اشارة المرور الى الصبي الواقف امام نافذة السيارة وهو يتوسل به ليساعده بقوت يوميه بشراء علبة, ثم ادار وجهه لا مبالي.
بعد ان الح الصبي كثيرا واقتنع بان السائق لايشتري شيئا توجه لسيارة اخرى واقفة خلف الاولى.
_ارجوك اشتري علبة سجائر واحدة فلم احصل اليوم على شي.
لم يلتف السائق ابدا وكان مشغول بسماع اغنية اخذ يدندن كلماتها هو الاخر.
التفت الطفل يمينا ويسارا فراى سيارة بالاتجاه الاخر تقودها امراة. سار بين السيارات الواقفة غير ابه فيما اذا تغيرت الاشارة وسارت السيارات فكل مايشغل باله الان هو كيف يبيع علب السجائر التي يحملها منذ الصباح.
كان حافي القدمين يرتدي سروالا ممزقا من الجانب الايمن و قميصا قديما كان قد بهت لونه الازرق وتساقطت الازرار الثلاثة الاولى منه.
_ارجوك يا خالتي هلا اشتريتي مني علبة سجائر واحدة فلم ابع شيئا هذا اليوم ولا يوجد لدي مااعود به لعائلتي.
التفتت اليه المراة وهي مشغولة بمكالمة مع احداهن او احدهم وقالت:
انا لا ادخن, اذهب بعيدا.
عاد الطفل الذي احرقت وجهه اشعة الشمس الساخنة وانتقل الى الرصيف المجاور وجلس على مصطبة مثبتة هناك واخذ ينظر الى السيارات واصحابها بعينين حزينتين.
_كيف ساعود اليوم؟ الى الان لم يشتري احدا مني ولا علبة واحدة.
قلبه الصغير يحمل هما كبيرا جدا اكبر من عمره بكثير.
سالت دمعة على خده. مسحها وقام مجددا.
كانت قد تغيرت الاشارة. انتظر حتى تتغير مرة اخرى وسيلتحق ببحثه عن شخص يشتري علبة سجائر.
ها هي السيارات تقف مرة اخرى.
_ اتوسل اليك يا عم ان تشتري علبة السجائر, فأنا لم اتناول شيئا منذ الصباح.
_الله يعطيك يا ابني ولكنني لا ادخن.

خيبة امل اخرى,التفت الى السيارة التي تليها فراى شخصا يدخن. شعر بامل وسعادة. تقدم نحوه عسى ان يشتري علبة منه.
_ اشتر علبة سجائر وساعدني لاشتري شيئا لعائلتي فهم بأنتظاري ولم احصل على شيء هذا اليوم.
_ اسف فانا لا ادخن هذا النوع. هل لديك مارلوبورو؟
_ كلا, ولكن هذه النوعية جيدة فهي خفيفة ولا تسبب ضرر.
ضحك السائق وانطلق حيث ان الاشارة اعلنت السير.
ظل الصغير ينظر لسجائره الموضوعة في صحن من الورق المقوى مربع الشكل صنعه بنفسه بعد ان قام بقص علبة كبيرة محولا اياها لاناء يحمل سجائره ومربوط الى رقبته بحبل من قطع القماش.
عاد للرصيف حيث المصطبة التي تشاركه المسرات والاحزان كل يوم. هطلت دموعه كالمطر. كان يشعر بالجوع ولكن مايشغل تفكيره اخوته الاصغر سنا وكيف سيعود اليهم خالي اليدين.
سمع صوتا ينادي:
تعال, بكم تبيع علبة السجائر.
رفع راسه وراى رجلا واقفا هناك على الرصيف. مسح دموعه وركض باتجاه الرجل.
_ بكم العلبة ؟
_ العلبة بدينار.
_وكم علبة لديك؟
هم الرجل بشراء جميع علب السجائر بعد ان راى الطفل يتوسل بالمارة ولا احد يعيره اي اهتمام وهزته دموعه البريئة.
_ 24 علبة.
ناولة الرجل عملة ورقية فئة خمس وعشرين.
_ ساشتريها جميعا
_فرح الطفل واخذ النقود ومد يده في جيبه ليبحث عن باقي ليعيده اليه.
كان الرجل منتظرا العلبة وفرحا كونه ادخل السعادة على قلب هذا الطفل الوديع.
_ تغيرت ملامح الطفل لشيء من الحزن خوفا من ان يغير الرجل رايه, فبالنسبة له ما حصل اليوم هو صفقة عمر لايمكن ان يضيعها.
_ اسف يا عم لا يوجد لدي نقود لاعيد لك ماتبقى لك.
تبسم الرجل ومسح راسه :
_ لا عليك انها لك.
نزع الطفل العلبة واعطاها للرجل. واخذ يركض باتجاه الرصيف الاخر بينما ظل الرجل واقفا ممسكا بالعلبة ودموع سعادة تتساقط من عينيه.
صوت تصادم قوي وتحطم زجاج, اصوات مختلفة. مر كل شيء بسرعة البرق حتى ظهرت جثة الطفل بجانب سيارة ودماءه تسيل مخضبة الشارع بلونها الاحمر وكانت هناك ورقة نقدية فئة 25 تسبح في وسط الدماء, كانت قد افلتتها يده الصغيرة.



#زينب_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعدتك يا امي
- ليس هو
- نداء ايزيدية مسبية( لاتحزني)
- ابن حرام
- جمعة الغضب لاتشمل اليزيديات
- انا امراة,, اذا انا قادرة
- حوار مع احداهن
- برمجة المراة
- مواجهة مع رجل صالح
- قصة قصيرة (بسمة)
- في يوم المرأة.. كيف نحتفل ونحن سبايا
- إسرائيل و-شرعنة- انتهاك القانون الدولي الإنساني


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب علي - بائع السجائر