أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - والله وبكّيت فاطنة يا عبدُ الرُحمن














المزيد.....

والله وبكّيت فاطنة يا عبدُ الرُحمن


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 10:20
المحور: الادب والفن
    


مشيت يا خال؟ مين بعدك يتغزّل في مصر؟ مين بعدك هايقولي: والله وبكيّت فاطنة يا عبد الرحمن!
موقفان لي مع عبد الرحمن الأبنودي لا أنساهما ما حييت. أحدُهما في الثمانينيات الماضية وأنا بعدُ طالبةٌ بالفرقة الأولى بكلية الهندسة. والآخر قبل سنوات. كانت اللجنةُ الثقافية بكلية الهندسة جامعة عين شمس قد دعت الأبنودي لإحياء أمسية شعرية استجابةً للطلاب. ولأنه جميلٌ فقد لبّى. كنتُ في سنة أولى عمارة، ولا أنسى ابتسامته الرائقة ونحن نقاطعه ليعيد ونردد معه "جوابات حراجي القط" التي نحفظها عن ظهر قلب. صوتٌ عملاق قُوامه مئات الطلبة في نَفَس واحد يقولون: "وانشالله يا حراجي ما يوريني فيك يوم/ وانشالله تكون تعلمت ترد قوام/ ومادام احنا راسيين ع العنوان/ والله ما حنبطل بعتان/ مفهوم أسوان/ زوجي الغالي/ لاوسطى حراجي القط / العامل في السد العالي."
ولأنه جميلٌ أيضا فقد رحّب بسماع "المواهب الشابة" من طلاب الكلية. كان ذلك في مدرج "فلسطين" المهيب الذي يحتلُّ مكانًا بارزًا في واجهة المبني العريق. كنتُ خجلةاً، لكن أصدقاء أشرارًا ممن يعرفون محاولاتي الشعرية وشوا بي ودفعوني دفعًا لألقي قصيدة في حضرة الأبنودي. وكان امتحانًا أعسر من امتحانات الكلية العسرة. على أنني بعد بعض تردد وتلعثم ألقيتُ ما ألقيت. وحين تقدمتُ لمصافحته أتعثّرُ في حيائي، كان نثارُ كلمات مما يشبه الاعتذار يتدفق من شفتي. فما كان إلا أن احتضنني وقال بلكنته الجنوبية الحلوة: "انتي شاعرة يا بت، اوعاكي تسيبي الشعر!". وكانت شهادةً كبرى أمام ألف طالب، أخذتُها على محمل التشجيع من شاعر كبير لصبية تجرّبُ الشعر، ولم أنشر حرفًا إلا بعد هذه الواقعة التاريخية بعقدين كاملي. لكنّ تلك الشهادة ظلّت تميمتي السرية. أُخرجها في خُلوتي لأقوى كلما انهزمت، وأستحضرُها فوق طاولتي كلما راودني الشعرُ وحاولت الفرار منه مهابةَ تلويث الورق بالحبر؛ كما يقول نزار قباني.
الموقف الثاني كان في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. كان الأبنودي يُلقي قصيدة "يامنة". وحرصتُ على اقتناص مقعد في الصف الأول، في مواجهة الشاعر، وكان إلقاؤه كالعادة ساحرًا، وملامحه تقول الشعرَ مع صوته، وكانت القصيدة ماسّة حارقةً، فبكيتُ حين قال: "ولسه يامنة هاتعيش وهاتلبس/ لمّا جايب لي قطيفة وكستور؟/ كنت اديتهومني فلوس/ اشتري للركبة دهان/ آ..با..ي ما مجلّع قوي يا عبد الرحمان/ طب ده انا ليّا ستّ سنين مزروعة في ظهر الباب/ لم طلّوا علينا أحبة ولا أغراب./خليهم/ ينفعوا/ أعملهم أكفان.!/ كرمش وشي/ فاكر يامنة وفاكر الوش؟/إوعى تصدقها الدنيا غش ف غش! /مش كنت جميلة يا واد؟/ مش كنت وكنت/ وجَدَعَة تخاف مني الرجال؟/ لكن فين شفتوني؟/ كنتوا عيال!/ حاتيجي العيد الجاي؟/ واذا جيت/ حاتجيني لجاي؟/ وحتشرب مع يامنة الشاي؟/ حاجي يا عمة وجيت/ لا لقيت يامنة ولا البيت!". بكيتُ. فما كان منه إلا إن انتزع منديلا ورقيًّا وابتسم قائلا : (والله يا عبدُ الرُحمان بكّيت "فاطنة" الحلوة!) وها أنت أبكيتني مجددا يا عبد الرحمن!
عقدانِ بين هذين الحدثين الفاعلين في حياتي. وبين العقدين مئات من قراءة الأبندوي وكثير من دموع تغسل الروح كما التطهر الأرسطي. أيها الجميل يا مخبي في عينيك السحراوي تملي حاجات، ارقد في سلام ولا تنسنا!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سَحَرةُ الكُرة … وفرسانُها
- النسخةُ الأجمل منك... في المرآة
- المايسترو صالح سليم
- لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا
- هل جئتَ في الزمن الخطأ؟
- أصول داعش في جذور مصر
- هاني شاكر، الطائر الحزين
- غدًا تتحرر سيناء
- الراقدةُ في غفوتِه
- العروس
- هل أنت واحد أم كثير؟!
- أيام الإرهاب الوسطي الجميل
- هل تذكرون راتشيل كوري؟
- الذهبُ الزائفُ على قمم التلال
- درسُ الثراء للصغار
- نحنُ أبناءُ الحياة
- نحن العدوّ الخطأ، أيها الأشاوس
- الزبون دائما على حق
- قدِّموا الأطفالَ للمحاكمة
- آن أنْ أكتبَ عن العصفور


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - والله وبكّيت فاطنة يا عبدُ الرُحمن