أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف العاني - عبدالله العزاوي...والكلمة المتأخرة














المزيد.....

عبدالله العزاوي...والكلمة المتأخرة


يوسف العاني

الحوار المتمدن-العدد: 4805 - 2015 / 5 / 13 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


كانت المسألة بالنسبة لي شيئا خاصا ، أن اسجل حوارا في برنامج للاذاعة .. من أنا ؟ ماذا قدمت للمسرح والسينما ، مالذي اتمناه للفن العراقي .. الى آخره هذه الاسئلة الجاهزة والاجوبة (الحاضرة) .. التي تستطيع ان تقولها بكل بساطة وعفوية ... في برنامج " هويتك الشخصية " .. وفجأة دخل صديق علي مقطب الجبين .. وقال لي :
- هل عرفت ؟
- ماذا؟
- هل عرفت ما جرى لعبدالله العزاوي؟
- لقد فصل من وظيفته .
- لا .. شيء آخر .
- ماذا ؟
- انه يرقد في المستشفى منذ أيام ..
- مريض؟
- لقد بتروا ساقه .. !
- ماذا؟
- بتروا ساقه ..
- لماذا؟
- لا أدري .. سوى ان الاطباء قرروا ذلك حفاظا على حياته .
- وكيف هو الان ؟
- بحالة بائسة .. يرقد في غرفة ضيقة ، انه يعيش مأساة " الفنان " العراقي .
لقد توفر عبدالله العزاوي على فنه وحده ، مارسه باستمرار واصرار ولم تساعده الظروف ليصل الى مركز وظيفي مرموق ، ظل يعمل " كالداينامو" عشرات السنين ، عمل في الاذاعة منذ ان اصبحت في العراق اذاعة . وكان قبل عمله في الاذاعة رائدا من رواد مسرحنا العراقي ، وممثلا طالما رسم الابتسامة على وجوه المشاهدين ، وانتزع الضحكة من قلوبهم .. بكل ثقة وجدارة ، هذا الانسان الفنان يرقد اليوم في المستشفى بلا رعاية ولا اهتمام .. دخل المستشفى بلا ضجة لم يسمع بذلك احد ، فهو قعيد البيت منذ أشهر . بعد ام فصل من وظيفته ، وحرم من عمل كان يربطه من قريب او بعيد بالمسرح الذي تألق عليه عبدالله العزاوي ، قعد في بيته مريضا .. بعيدا عن الناس ولم يكلف زملاءه واصدقائه انفسهم ويسألوا عنه ... يسألوا فقط .. وبلا ضجة ، رقد عبدالله في سرير متواضع باحدى المستشفيات .. ثم .. بترت ساقه انتزعت منه .. الساق التي كانت له " عكازة " حياتية تؤكد وقوفه على خشبة المسرح .. يحركها كيفما يريد ، وربما استعملها كجزء من تعبير عضلي بكل رشاقة ونعومة .. بالرغم من ثقل وزنه .
كان عبدالله العزاوي يصعد السلالم ويهبط .. بساقين صحيحتين .. وهو يحمل على صدره عشرات " الاشرطة " والتمثيليات بعد ان اخرجها :
- عبدالله العزاوي .
وعبدالله العزاوي الانسان الطيب والفنان المرح .. والرجل الذي لم يعرف الكآبة والعبوس ، والذي كان يعيش يومه بلا تعقيد وبلا افتعال ، ويقضي لياليه مع اصدقائه والتي لا تميزها غير ضحكات هؤلاء الاصدقاء ومرحهم ، وابتساماتهم المتحدية ..
عبدالله اليوم لا يستطيع الا البكاء .. انه يدين مجتمعه .. انه يرسم علامة سوداء مؤلمة ومريرة لمصير الفنان العراقي .. ما تدور بمخيلة عبدالله اليوم من ذكريات ؟ انها تتحول فجأة الى حزم من الظلمة واشباح مخيفة تهددنا جميعا .. تهدد كل فنان يعيش بلا ضمان ، وبلا رعاية وبلا تقدير !
المسألة يا ســـادة يا كــــــــرام اعمــــــــــــق من مأساة فنــــان واحـــــــــــدا واشمل مـــــــن مــــــوقف افـــــــــــراد تجــاه هــــــــــــذا الفــنان !
ان من يزور عبدالله العزاوي في المستشفى لا يستطيع الا البكاء المر الصامت .. فعبدالله لا يستطيع ان يفعل شيئا غير التفرس في وجوه زائريه ... يحاول ان يتعرف على هذه الوجوه ! من هي ؟ ماذا تريد ان تقول له ..؟ ماذا تفعل له ؟ وعبدالله يتفرس في الوجوه والغيبوبة تلفه بدوارها .. وكلماته تخرج من قلبه متقطعة اليمة حادة كالسكاكين !
- ليش ..!
يرددها عبدالله وكأنه يديننا جميعا .. لماذا اصبح مقعدا ؟ولماذا لم نحتضنه كلنا ؟ .. الاصدقاء والمسؤولون ..! وان يوضع بمكان يليق به كفنان اعطى الكثير ولم يأخذ الا القليل .. كان يجب ان يعالج بأرقى المستشفيات ، وان توفر له العناية الفائقة ونبذل المستحيل لتعود الحياة الطبيعية اليه ..
ولكن عبدالله اليوم يتساءل :
- "ليش" ..!
عبدالله يرقد في المستشفى وعبدالله اليوم يرسم مأساة الفنان العراقي .. وعبدالله يصرخ في وجوهنا جميعا :
- ليش ..! ليش ..!
ولا نستطيع نحن الا ان نصرخ ايضا .. ونسجل صرختنا بكلمات على الورق .. فهي تعبير عن احساسنا بمأساة عبدالله وامثال عبدالله ، وقد تكون تعبيرا عن مأساتنا جميعا . ان لم يوضع الفنان بمكانه الذي خلق له .. وهو مكان رفيع وعال !
وبعد .. فقد مات عبدالله العزاوي بعد ساعات من كتابة كلمتنا هذه .
لقد مات الفنان عبدالله العزاوي .. وقبل موته بأيام ماتت على فمه ، وفي روحه ، ضحكته الكبيرة – مع الاسف الشديد – رحم الله الفنان عبدالله العزاوي واسكنه واسع جناته .




#يوسف_العاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...الحلقة الثامنة
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...الحلقة السادسة
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...الحلقة الخامسة
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...الحلقة الرابعة
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب... الحلقة الثالثة
- لم يستأذن منا ورحل !
- زاهر الفهد ايها الطيب .. وداعا
- بهنام ميخائيل ... وفنان المسرح الذي يجب ان يكون ...!
- عبدالجبار عباس ...غادرنا بهدوء كأنه الصمت
- خليل شوقي.. والتلفزيون
- الواقع والحداثة في مسرح الخمسينات
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...(الملا عبود الكرخي)
- عوني كرومي ...... رحلة مسرحية مبدعة لم تنته بعد
- يحيا العراق ومسرح العراق
- إلى من يهمهم الأمر.. تذكروا فنان المسرح فاضل جاسم..!
- تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...
- زينب..!
- قبل رفع الستار ..... مع النخلة والجيران
- السيرة الذاتية للفنانة القديرة خيرية المنصور
- مخرجون عملت معهم في المسرح ....... سامي عبد الحميد


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف العاني - عبدالله العزاوي...والكلمة المتأخرة