عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4781 - 2015 / 4 / 18 - 00:53
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الوعي والبناء الأجتماعي
السؤال هنا يتمركز حول قابلية هذا المجتمع على الثبات والنمو ,فهل يخضع في ذلك لنفس العلة أم يتخذ له أسباب وعلل أخرى ,بمعنى أن الإنسان عندما كون المجتمع الأول من "ذكر وأنثى" وأصبح أول مكون أجتماعي حقيقي هل أستمر في البناء الأجتماعي كتراكم لنفس الفكرة أو لأنه وجد أسبابا وعلل أخرى تدفعه لذلك.
بالعودة للنفس الإنسانية ومركبها الخاص الذات وجوهرها فكرة الأنا نجد الإنسان ميال طبيعي لموضوعين مختلفين هما غريزة التملك وغريزة التجمع ومنهما تظهر نتيجة تفاعلاتهما المشتركة ما يسمى حب التسلط أو الميل الربوبي القائم على قاعدة الدفاع الأناوي, فهو ينشيء السلطة على ما يملك من أمر ثم يواجه خوف من التزاحم والمزاحمة فينشيء نظام دفاعي عن هذه الربوبية وبحاول أن يحيط هذا التنظيم بمجموعة من الضوابط الحدية التي تتحول مع الأيام إلى قاعدة قوانين وعرف أجتماعي.
إذن منشأ التراكم الكمي في تطوير شكلية المجتمع ينبع من فكرة نفسية ذاتية عند الإنسان وهذه الحذور ما زالت تتحكم بنا لليوم ,الزوج يتصرف مع الزوجة لأنه مالك لها والزوجه تفعل ذلك لأنها تعتمد وبالوعي العميق على ذات الفكرة ,وكل ما ينشأ من هذه العلاقة يخضع لنفس القاعدة فترى الأب والأم يمارسون فوق الميل الطبيعي للأمومة والأبوة شكل من أشكال فكرة التملك والدفاع عنها ,وحتى هذه الفكرة هي طبيعية فطرية ليس عند الإنسان فحسب بل حتى في المجموعة الحيوانية أيضا.
إذن تصرف الإنسان حين يجد أن مجتمعه الأساسي المكون من شخصين قد تضخم وتكاثر وأصبح أكبر فهو يتصرف معه من خلال نقطتين مهمتين ".
• الأولى فطرية ثابته.
• الثانية حسية ذاتية غير مطلقة .
هذا التفاوت في النقطة الثانية يرجع بطبيعته وأسبابه للتفاوت في الكيف الإنساني النفسي المتفاوت أيضا في المؤديات , لذلك نشأ نظام التابع والمتبوع والرب والمربوب داخل الكيان الأجتماعي الأول حسب ما يمكن للحس الأناوي أن يواجه به الأخر أو يتعامل به مع الروابط والحدود.
من هذه النقطة تبلور النظام الأجتماعي طبيعيا أيضا وبالصورة التي وصلتنا أيضا من حيث جوهرها وما زلنا ,ومع التراكم الثقافي والمعرفي والحضاري نتقيد بالصورة الأولى مع تطور كل النظم الأجتماعية وخلق تصورات ورؤى أكثر جدية في تحررها ومحاولة الخروج من النسق البدائي المتغلغل بالمجتمع إلا أنها لم تنجح بأن تطرح نموذج متكامل ومستوعب للعوامل النفسية الكمينة في الذات البشرية.
إن التحولات الأجتماعية الحقيقية يجب أن تدور في فلك الجذور البعيدة وفي حدود الوعي العميق للذاكرة الأجتماعية المتمثله بقواعد الخلق الأولى, وأن لا تخالف أو تناقض النظام التكويني الأصلي لأنها بالنتيجة ستبدو وكأنها لا تستقيم معه بالنظرة التأملية وبالواقع المتعاط به, وبالتالي وإن تم فرضها قهرا بصورة أو أخرى أو تم تعميمها بوسائل تقنية لن تجد فرصة النجاح الدائم وستتحور مع الزمان لتلتقي مرة أخرى مع القاعدة الأصلية .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟