أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الشرطي عريف 14 ج2














المزيد.....

الشرطي عريف 14 ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4771 - 2015 / 4 / 8 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


أحست أم علي وهي تسير في الطرقات الضيقة حتى تصل دارها أن أحدا ما يراقبها أو يتتبع خطواتها ,صارت تسرع مرة حين تكون في الظلام وتمشي أهدأ في الأماكن المستنيرة حتى وصلت الدار وأقفلت عليها بقوة لتستريح من مشوار الطريق ,ليس بعيدا ولكنه أنهكها القلق من حدوث شيء ما ,جمعت بعض الأغراض ولملمت بعض ما تحتاجه ووضعته في صرة بسرعة لتعود لبيت عريف ولكن هذه المرة سيكون طريقها عبر شارع السوق بأتجاه المركز لتعود من جديد للدار .
فتحت الباب لتخرج كان واقفا كالجدار أمامها وقد أخفى وجهه لولا أن المصباح كان بوجهه لم تتعرف على ملامحه ,إنه صاحب العيون الملونه حاول أن يكتم أنفاسها بيديه وقد أمسك بالباب الخشبي ليمنعها من الخروج ,أستطاعت أن تصرخ وتدفعه للخلف وتنزلق رجله من دكة الباب العالية ,ترنح للخلف وأطلقت صرخات متعددة كافية لإيقاظ الجميع من الجيران وخروجهم سراعا ليقع بالقبضة وبالجرم المشهود .
تعالت الأصوات في الأزقة مع سكون الليل وهي تأسر إبريهي لتسلمه للشرطة وقد تجمع الكثير من الناس صغارا وكبار ومن النساء اللاتي أحطن بها من كل جانب ,كان الحاجة أم علي أم وأخت وخالة وعمة كل من في المدينة إنها الأطهر والأنقى بين السيدات لم تغضب أحد ولم تغضب من أحد ,ترعى الحق والعدل وتتلمس كل طرق الخير في خدمة الناس ,تجمهرت الجموع أمام المركز وهي تنتظر حضور الضابط من مسكنه وإبريهي موقف في النظارة .
وصل الخبر لعريف من خلال الجيران وخرج مسرعا بعد أن أرتدى الزي الرسمي ليكون مع عمته في ما جرى ,كما أن الطلق بدأ قويا على زوجته وما من أحد معها غير أمها وأم كريم ,دخل المركز وقبل يدها وأستفهم عما جرى ,حضر الضابط ومعه مأمور المركز وبدأ بتدوين أقوال الشهود وأم علي وطلب منهم الإنصراف والعودة صباحا ,فيما أستمهل في تدوين إفادة المتهم لدراسة البواعث التي دفعته لذلك .
عاد عريف وعمته للدار وما زال الخوف مسيطرا عليها إلا أن موقف الناس في المدينة أراحها وأدخل السرور عليها ,لم أكن أحب أن أتسبب بإذاءه ولكنه كان متعمدا أن يقتلني خنقا ,كان بيده ما يشبه المنديل الكبير أو قطعة قماش الكبيرة ,كتب الله لي عمرا جديدا وإلا كنت الآن إلى جوار والدتك في مقبرة السلام نجأر إلى الرب ظلمنا ومن ظلمنا .
ترك النساء في الدار يتولين زوجته وعاد للمركز ليكون بجوار الضابط الذي ما زال منشغلا في التحقيق مع إبريهي ,طرق الباب واستأذنه للخروج قليلا ليكلمه بخصوص أمر هام ,خرج الإثنان وترك المتهم في الغرفة يأكله الغيض والندم ,عرف تماما ما يريد أن يقوله عريف ,ولم يخبره أنه كان يسير في هذا الأتجاه وأن الفريسة ستقع في النهاية في شباك الصياد الماهر.
كان يتردد بالذهاب والمجئ بين البيت والمركز ينتظر خبرا من هنا وخبرا من هناك ,تعسرت عليه حالة الصبر والتصبر كما تعسرت ولادة القادم وهذا الذي لاذ بالصمت دون أن يفصح عما في جعبته من دوافع وراء محاولة أغتيال عمته ,القلق تسرب لكل خلية في جسمه لا يمكنه الجلوس أو الوقوف ,محتار بين أن يبقى هنا أو ينتظر هناك حيث العم غانم مفترشا الدكة أمام داره بأنتظار ما سينجلي .
... في ليلة ما قبل الحادث وكنت عرفت من السائق الذي نقل عريف للقضاء أنه سيذهب بمأمورية لعدة أيام ,كنت ما زلت غير ثمل من أثر الخمرة التي بدأت بأحتسائها في السيارة ,سألته كيف عرفت قال لي كان عريف متذمرا منها ,لا يعرف تماما كيف بصل وكيف سيكون بإمكانه قضاء الوقت المطلوب في بغداد ,لقد كانت المهمة أن يذهب بها شخص أخر لولا تدخل المدير في أخر لحظة ,إنه أراده هو بالتحديد أن يقوم بهذه المهمة وهو يعرف أنه لا خبرة له فيها .
هكذا أبتدأت أعترافات إبريهي بعدما واجهه بالأدلة التي تثبت مشاركته بالحادث ومنه حقده الدائم عليها من يوم ما سكبت الزيت الحار على يده ,هذا الدافع كان وراء محاولة قتل أم علي ولم ينكر ,البيت الذي استأجره إكريم يعود لشخص مدين لأخي مسافر وقد تنازل عنه مقابل الدين ومنذ سنتين وهو يستلم الإيجار من المستأجر بعنوان وكيلا عن المالك حتى لا يثير أحدا ضده .
بين بيتي والدار المهجورة حوالي خمسة بيوت من الجهة المقابلة لم يكن أحد في الشارع وأنا مخمور جدا وتذكرت ما قاله السائق لي من أن حسنه وحدها في الدار ,دخلت وصعدت السطح ومنه لسطح أخر وأشرفت عليها من على سطحها ,كانت ما زالت جالسة وشيء غريب قد لاحظته لأول مرة في حياتي وقد زجرني الموقف ,كانت جالسة تصلي ,نعم أول مرة أعرف أن حسنه تعرف الله وتصلي له , عدت من حيث أتيت وخرجت لبيتي مذهولا .
لو يسمع عريف هذه الأخبار أظن أنه سيصاب بالهلوسة لأن لا أحد قد فكر أن يكون بريهي هو من فعل ذلك ولا أدنى أحتمال ,لم يكن في القائمة الطويلة من المشتبهين بهم ,لم يحاول أن يظهر في مسرح الجريمة أو يتأثر فيما يجري ,لم يشاهد إبريهي قريبا من مكان التحقيق لا في مقهى إكريم ولا في الجوار القريب ,يبدو أنه كان يعالج كل ذلك بقوة أعصابه وبالخمرة الذي يحتسيها يوميا ,إنه البشارة التي تريح حسنه في قبرها وعريف في حياته .
صمت كثيرا وكأنه يسترجع لحظات الجريمة وكيف تمت وما زال المحقق ينتظر منه المزيد ليسدل الستار على جريمة أطاحت بكل النظريات التي درسها في علم التحقيق وعلم نفس المجرم , لحظات تحطم الأعصاب وأنت تتابع خيوط متفرقة لتجمعها في نسيج واحد لتخرج أخيرا وبيدك كامل الصورة محبوكة ومتقنة بمعرفة عارف وخبير .
رن جرس الضابط فز عريف من غفلته التي أخذته بعيدا ليستعيد وعيه على مفاجأة من العيار الثقيل ,إبريهي لم يكن هو قاتل المرحوة ولو أنه حاول أن يفعل ذلك عندما عاد مرة أخرى لينفذ الجريمة شاهد رجلا أخر كان ملثما أيضا يجهز عليها بالخنق بمخدة وهي نائمة ,اجهز عليها وعندما تأكد تماما من موتها جلس قرب الحائط ينتظر الفجر ,سمع الأذان فتح الباب وخرج من الدار دون أن يتمكن أحدا من أن يراه .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروف بطعم الإنسان
- تراتيل أعظمية
- الشرطي عريف 13 ج1
- الشرطي عريف 13 ج2
- الشرطي عريف 12 ج1
- الشرطي عريف 12 ج2
- الشرطي عريف 11ج1
- الشرطي عريف 11 ج2
- الشرطي عريف 10 ج1
- الشرطي عريف10ج2
- نصوص صوفية بطعم الحرية
- الشرطي عريف 9 ج2
- الشرطي عريف 9 ج1
- الأدب والفن وعلم الأجتماع
- الشرطي عريف 8 ج1
- الشرطي عريف 8ج2
- ظاهرة التجدد الأجتماعي ومشكلة القيم.
- الشرطي عريف 7 ج1
- الشرطي عريف 7 ج2
- الشرطي عريف 6 ج1


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الشرطي عريف 14 ج2